عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-20, 07:11 PM   #3

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي البدايات الجديدة - الفصل الثانى

الفصل الثانى
**************

كانت سلمى في أحدى الاجتماعات بالشركة التي تعمل بها .. ولذلك كان الموبايل على الصامت حين اتصلت بها اجلال بها أكثر من عشرين مرة ولكن دون رد..
لم تكن اجلال تعلم سوى رقم هاتفى سلمى ومصطفى .. الذى بدوره قد لم ان ينظر الى تليفونه المغلق لنفاذ الشحن..
وعند انتهاء الاجتماع .. تحركت من غرفة الاجتماعات الى الممر المؤدى لمكتبها.. ارادت سلمى أن تتصل للاطمئنان على زوجها مصطفى فوجدت هذا الكم الهائل من الاتصال من قبل اجلال .. فأحست بقلق وتوتر شديدين على مصطفى .. فأسرعت[طلب رقم مصطفى .. فوجدته مغلق على غير عادته .. فهى كل يوم تتصل به عدة مرات لتطمئن عليه أو لتؤنس وحدته .. فازدادت خوفا وهلعا.. فاسرعت بالاتصال باجلال التي ردت بعد المحاولة الرابعة فهى .. في هذه الاثناء كانت لا تزال في حرب .. ليس مع زوجها فقط .. بل مع الجيش الذى تعيش معه ..
سلمى بلهفة : اجلال .. فيه ايه ؟ انت اتصلتى بى أكثر من عشرون مرة .. وتليفون مصطفى مغلق ..طمنينى .. مصطفى بخير..
ردت اجلال بتلعثم : اهدى يامدام سلمى .. الباشمهندس بخير .. أنا بس اضطريت انى اسيبه وأروح .. غصب عنى والله .. سامحينى ..
كان نصف كلام اجلال غير مسموع أو مفهوم بالنسبة لسلمى .. فأصوات كثيرة كانت تتكلم بصوت عالى كأنه شجار
وبصعوبة مع علو الأصوات بمنزل اجلال .. فهمت سلمى أنها تركت مصطفى رغما عنها .. وانها قد أبلغت النجدة للاطمئنان على مصطفى الذى تركته مع رجل غريب لا تعرفه.. وهذا ما هداها اليه عقلها عندما لم ترد هي أو مصطفى على اتصالاتها ..
وعلى الفور اسرعت سلمى الى مكتبها فاخذت شنطتها وسلسلة المفاتيح من على المكتب بحركة عصبية و اتجهت كى تخرج من الشركة لتركب سيارتها.. وفى هذه الاثناء نادى عليها مديرها أحمد : على فين يا سلمى احنا لازم نقعد نتكلم عن ...... ثممين .. أنا لازم أمشى دلوقتى..
رد أحمد : طيب فيه حاجة أقدر اساعدك بيها .. ولكنه لم يتلقى منها ردا .. فقد مضت مسرعة لتستقل سيارتها من أمام مبنى الشركة وتنطلق بسرعة .. كسرعة شاب في مقتبل العمر .. ولكنه محترف قيادة سيارات...

---------------------------------------------------------------------------------

عندما همت أمينة لتقترب من غرفة أشرف لتتأكد مما يحدث ومن صوت البكاء الصادر من الغرفة نهرها خالد بحزم وهو يفتح عينيه على اشدها محذرا .. ولكن بصوت منخفض : امينة .. بتعملى ايه.. ابعدى عن الباب فو.... نهرها كأنه ينهر طفلة صغيرة ترتكب خطئا ما ..
أمينة وقد تفاجأت من رد فعله : مفيش حاجة يا خالد .. أنا بس عايزة أطمن..
خالد بنفس طبقة الصوت والنهر.. دعيهم ومشاكلهم يحلوها مع نفسهم .. أظن احنا متفقين على كده .. مندخلش في حياة حد .. حتى لو كانوا أولادنا .. الا لما يطلبوا الرأي أو النصيحة أو المساعدة.. بلاش التطفل على حياتهم دول مش صغيريين ..
نظرت له أمينة بدهشة وانكسار .. فأطال خالد النظر الى عينيها والتي حاولت أن تخفيها عنه فعلم ان هناك خصاما وجفاءا من ناحيتها سوف يستمر حتى يعتذر ويضمها الى صدره .. علم ان وجهها لن يبتسم له كعادتها وكم كان هذا يشعره بالضيق .. ليس فقط من هجرها له .. ولكن أيضا من احساسه بطفولتها التي كثيرا ما تكن في غير موضعها ..
هي كذلك أمينة .. الفتاة المدللة والتي دائما تحلم به يعاملها برقة متناهية كما عودها أبويها.. دائما تنتظر منه كلمات .. حبيبتى .. أحبك .. ياعمرى .. ياروحى وعينى وقلبى وحياتى.. تنتظر وتتمنى وتعلم أن هذا لن يحدث ما بقى لها من حياتهما معا.. هو ذاك خالد وهذا هو طبعه.. لم تحلم معه أبدا بمال أو ذهب ومجوهرات وأفخر الملابس والأحذية والشنط.. أبدا لم يكن أي من هذه الأشياء اهتمامها .. لم لا وهى تربت وكل امانيها وأحلامها مجابة حتى من قبل أن تتمناها.. نعم هي الآن في العقد الخامس من عمرها ولكنها تشعر أنها لازالت الفتاة المراهقة الجميلة التي تحلم بفتى احلامها.. وحتى أنها من آن لآخر تتذكر يوم زفافها من خالد.. فتتذكر أنه بالرغم من أنها قد عقد قرانها على فتى احلامها منذ أيام قليلة .. الا انها حين نظرت الى المرآة وشعرت بمدى جمال وجهها وشعرها وجسدها .. نعم قد كانت في هذا اليوم كالملكة المتوجة وكلوحة رسمت بيد أبرع فنان سوف تبهر كل من يراها وأولهم خالد.. كانت تعلم قدرها جيدا فقالت لنفسها في المرآة .. والله أنت محظوظ يا خالد..
كانت أمينة ترتدى في يوم زفافها ذاك الفستان من الستان الأبيض عارى الصدر والكتفين وممسك على نصفها الأعلى حتى الوسط الذى بدا رائعا خاصة عند انسدال الفستان من منتصف الوسط واسعا بذيل طويل نسبيا وليس مبالغا في طوله.. ويغطى صدرها العالى جاكيت قصير من الدانتيل ذو الوردات الصغيرة ذو ياقة واقفة تغطى جزء بسيط من رقبتها الطويلة .. والتي زاد طولها بسبب شعرها بنى اللون المرفوع والملفوف حول نفسه في تناسق رائع .. وتنتهى الأكمام بشكل مثلث في نهايته سلسلة من فصوص الألماس الصغير .. وتبدأ طرحة الزفاف من منتصف رأسها بسيطة ولكنها طويلة تنتهى من طرفيها عند ركبتيها من الخلف ..أما وسطها فينساب ليقبع فوق زبل فستانها .. وكان الحذاء مصنوع من نفس قماش الجاكيت ونفس الوردات الصغيرة وغير مرتفع عن الأرض حتى تظهر أقصر من خالد بكثير .. فهكذا كانت دائما تتمنى فارس الأحلام.. ولم تبالغ في زينة وجهها ولا عينيها العسليتين ذوات الكحل الطبيعي .. وتركت لحمرة خجلها العنان لتمس خديها الأبيض المكتنز فتزيد وجهها جمالا.. مع وضع أحمر شفاه بسيط يكاد ان يكون شفاف فوق شفتيها الغليظتين والمحمرتين بطبعهما.. حقا كانت سندريلا في هذا اليوم.. فمن عداها من النساء والفتيات لم يستطع أن يغطى ولو على جزء من جمالها وطلتها البسيطة الرقيقة ووالدها ياسين ينزل بها سلم قاعة الزفاف في تأنى واضح ليسلمها لخالد فتى احلامها في نهاية السلم .. على دفوف الزفاف و زغاريد النساء .. لتنفجر القاعة بصفيق وصافرات الكبار والشباب الحاضرين للزفاف..
كان خالد ينتظر في أسفل سلم قاعة الزفاف .. وسيما بطوله الذى يبلغ حوالى المائة وخمسة وثمانون سنتيمتر .. والذى يزيد عن طولها بأربعة عشر سنتيمتر .. كان ممشوق القوام بسبب رياضة الجمباز التي يهواها ويمارسها منذ صغره فنحتت جسده بشكل يحسده عليه الكثير من الشباب .. علاوة على انه أصبح مصدر جذب معظم النساء والفتيات.. وكان شعره المجعد قليلا والمنسق حديثا هذا الصباح مع صلعتيه الخفيفتين جدا على جانبي رأسه من جهة الأمام و الشارب شديد السواد على بشرته الخمرية والمرسوم فوق شفتيه الرفيعتين نسبيا من الأمام .. يرتدى حلة الزفاف السوداء وقميصه الأبيض وربطة عنقه (البابيون) من الستان الأبيض وحذاؤه الأسود شديد اللمعان.. كان مبتسما و ممسكا بباقة ورد من البنفسج والأبيض وقليلا من الفروع الخضراء .. و للحظة جاءه طيف سلمى فتخيلها عروسه وتوترت ملامحه محاولا ابعاد هذا الطيف عن مخيلته .. قائلا لنفسه .. على الأقل .. ليس اليوم .. فعاد للواقع واذا به يبدو عليه الانبهار حين اقتربت منه أمينة في يد ابيها فأخذت كل انتباهه غصبا عنه بجمالها وطلتها الرائعة .. فصعد درجات قليلة من السلم دون أن يدرى وقلبه ينبض بشدة .. وكان المفروض أن يظل مكانه الى أن تصل أمينة ووالدها اليه كما طلبت منه أمينة عند التحضير للزفاف..
مر حفل الزفاف جميلا رائعا كما تمنت أمينة وخططت له .. فكانت سعادتها لا توصف كلما تذكرت احداث هذا اليوم وخاصة عندما رقصا معا على الموسيقى أغنية ضمينى وانسى الدنيا .. ضمينى وانسى الناس .. وبالفعل كانا يضمانبعضهما البعض ؟؟ وغمرها هو في نهاية الرقصة بضمها الى صدره في حنان .. كاد أن يذيبها أمام الجميع .. مضت الأيام وحب خالد يزداد كل يوم في قلبها عن ذي قبل.. فهو كان يعاملها برقة وحنان شديدين خاصة في ليلة الزفاف والتي كانت هي في رعب شديد مما سيحدث لها فيها.. وتمنت أن لا يأخذها خالد عنوة أو بقوة كما كانت تسمع عما يحدث من بعض الرجال في هذا اليوم .. ولا يعلمون كيف يتعاملون مع زوجاتهم بأسلوب يجعلها كفتاة تستسلم لزوجها طواعية وبكامل رغبتها.. كان خالد ماهرا في هذا ألأمر..
لم يكن ينغص على أمينة حياتها منذ أن تزوجت الى الآن سوى بخل خالد الشديد في مغازلتها أثناء التعامل العادى .. فهو لم يلفظ لها يوما بأى من كلمات الحب والغزل كما تتمنى كل أمرأة من الرجل الذى تحبه.. لم يكن خالد يلفظ بأى من هذه الكلمات سوى عند اللقاء الحميمى .. فقد كان في هذا الأمر .. بمقدماته وأثناؤه وبعده فارسا لا يشق له غبار... ولذلك على قدر ماكانت تعشق هذا الوقت كى تسمع كلمات الحب والغزل المحرومة منها في الحياة العادية والتعاملات اليومية .. على قدر ماكانت تشعر أنه لا يرغب فيها سوى لهذا الأمر..

__________________________________

خرج أشرف وهو مكفهر الوجه من حجرته وأغلق الباب خلفه بقوة .. فسمع للباب صوت عالى .. كان يرتدى بنطال الخروج الجينس .. يخرج منه جزء من الفانلة الداخلية .. وعلى كتفه الأيمن قميصه الأزرق ويرتدى فردة الشراب الأيمن التي دخل فيها جزء من البنطال وفردة الشراب الأخرى في يده اليسرى ...
كان أشرف شديد الشبه بأبيه ولكنه كان اكثر طولا منه بحوالي ستة سنتيمترات .. ولكنه لم يكن رياضيا مثله.. فخالد كان ممشوق القوام مشدود البطن منذ شبابه وحتى اليوم .. في حين أن أشرف مترهل البطن قليلا ويملك كرش متوسط الحال .. ربما لأنه لم يمضى على زواجه بضعة شهور كحال الرجال المصريين بعد الزواج.. ولكنه ورث عن أمينة شعرها الناعم الذى نسى أيضا أن يسرحه فغطى جزء من عينيه يزيحه بيده من وقت لآخر.. خرج من الحجرة كمن يهرب من وحش كاد أن يفترسه داخلها..
جلس أشرف على احدى المقاعد ليرتدى الفردة الأخرى من الشراب في عصبية ملحوظة وهو يلعن الزواج ويلعن من سيتزوج أو من يفكر في الزواج قائلا بصوت مسموع : أنا ايه اللى خبطنى في مخى وخلانى اتجوز.. ماكنت قاعد في حالى متهنى بحياتى .. ومفيش حد قاعد لى على الواحدة .. ولا راكب فوق ودانى ليل ونهار ..
نظرت اليه أمينة بعينيها وهى تعض على شفتها السفلى كأنها تعاتبه وتطلب منه أن يسكت أو حتى يخفض صوته حتى لا تسمع زوجته رنيم ما يقول..
لم يرتدع أشرف وكأنه قد فقد السيطرة على نفسه.. أيوه كنت ملك زمانى بعمل اللى أنا عايزه وقت ما أنا عايزه من غير ما حد يقعد لى على الواحدة..
طيب بالله عليكى يا أمى انتى كنتى بتعملى في بابا كده.. ؟ لم ترد عليه أمينة لعله يسكت واكتفت بأن أرسلت نصف نظرة مملوءة بالحزن والعتاب لأبيه .. وكأنها أرادت أن تبعث له برسالة أنها غير فضولية كما نعتها منذ قليل..
فأعاد أشرف السؤال وهو ينظر الى أمه كى يجبرها على أن تجيبه .. جاوبينى يا أمى .. انتى كنتى بتعملى مع والدى كده؟ لم تجد أمينه بدا من ان ترد عليه : اللى هو ايه ده بالظبط علشان أعرف أرد عليك..
تلعثم أشرف من ردها .. فقال بتوتر .. يعنى كنتى بتقعدى له على الواحدة وعملاله محكمة وسين وجيم ورايح فين ومع مين وحترجع امتى.. طيب خليك معايا النهاردة... وكان صوت أشرف يعلوا شيئا فشيئا كلما استرسل في الكلام..
نظرت له أمينة بنفس النظرة وهى تعيد عض شفتها السفلى لعله يسكت .. ولكنها فوجئت بباب الغرفة يفتح وتخرج منه رنيم لتنظر الى أشرف في صمت........
نظر أمين الشرطة الى عم خميس الذى وقف مندهشا مرعوبا.. وأحس بأن قلبه كاد أن يتجاوز حلقه .. فلم يستطيع أن ينطق بكلمة فى وجود من رآه على الباب .. وكأن القطة قد ابتلعت لسانه .. هو كذلك عم أمين ... كان عنده شبه رهاب من الشرطة ورجالها.. فبالرغم من انه لم يتعرض يوما لاهانة أو ظلم احد رجال الشرطة .. الا أنه يخشاهم أشد خشية .. هو رجل بسيط للغاية يخشى أن يهينه أحد أيا كان .. فكرامته وشرفه عنده هي خط أحمر و أغلى ما يملك في هذا الوجود.. لذلك فهو يؤثر أن يمشى جنب الحيط .. وان طال فبداخلها .. حتى يتجنب الإهانة أو البطش .. ولما طال سكوت عم خميس ودهشته ورعبه الملحوظ لأمين الشرطة .. بادر أمين الشرطة بالكلام .. هي دى شقة المهندس مصطفى.. ؟؟
رد عم خميس بتلعثم .. أيوة يافندم .. حضرتك .. سيادتك .. بس هو ... وأخذ ينظر خلفه كأنه يستنجد بمصطفى .. ثم ينظر أمامه.. كأنه يقوم لأمين الشرطة.. أفهم بقى انا عايز أقول ايه... ثم عاد لينظر خلفه مرة أخرى حتى بدأ الشك يساور أمين الشرطة بأن هناك شيئ غامض في الأمر وبدا أنه غير مستريح لتصرفات عم خميس .. فبادر بالدخول الى الشقة دون استأذان حتى وصل الى منتصف الاستقبال..
حاول عم خميس استجماع بعض من شجاعته.. فسأل أمين الشرطة بصوت عالى نسبيا .. طيب سياتك نبلغه مين حضرتك.. هو نايم في سريره و...
قاطعه أمين الشرطة عندما لاحظ عودته للتلعثم والارتعاش مرة أخرى.. أنت سيادتك اللى مين؟ .. وبتعمل ايه في شقة الأخ مصطفى .. ايوة ايوه.. تكونش انت الراجل الغريب اللى صاحب البلاغ ذكره في التليفون.. ممكن أفهم انت مين و علاقتك ايه باصحاب الشقة دى .. وفين هو الأخ مصطفى اللى عايزينا نلحقة ..؟
كاد عم خميس أن يغمى عليه من شدة التوتر والخوف .. وأحس أن البداية التي ظل طوال حياته يتجنبها مع رجال الشرطة قد أتت .. ولكنها أتت على عكس ما توقع .. فقد أتت بسبب فعل الخير الذى بادر به مع أحد جيرانه...
رد عم خميس وهو يحاول ان يتماسك وان يتحكم في الرعشة التي سيطرت على مفاصله وفكيه وهو يحاول أن يخرج شيئ بتوتر من جيب بنطاله الخلفى .. يافندم أنا مش غريب ولا حاجة .. أنا اسمى خميس وساكن مع المهندس مصطفى في نفس العمارة .. وآدى بطاقتى سيادتك .. و...
سكت عم خميس عندما مد امين الشرطة يده ليأخذ منه البطاقة ليتفحصها وهو ينظر اليه تارة والى البطاقة أخرى ويردد... خميس متولى عبد الحق.. على المعاش.. وبدأت نبرة أمين الشرطة تلين نسبيا فبادر يسأل عم خميس.. ماشى يا حاج خميس ايه بقى الحكاية وفين الأخ مصطفى اللى مبلغين علشانه.. ؟
وما أن لاحظ عم خميس اللين في نبرة أمين الشرطة حتى هدأ قليلا واستعاد قدر من ريقه الذى كان قد جف حلقه منه وقال .. سيادتك المهندس مصطفى في حجرته جوه .. ثم أردف وهو يهز رأسه ويخفض صوته كأنه يوشوشه حتى لا يسمعه مصطفى فيجرحه.. أصله قعيد ومبيقدرش يتحرك.. وأنا كنت طالع لشقتى وبالصدفة سمعت شجار الممرضة اللى كانت معاه وجوزها اخذها ومشى ففضلت أنا معاه .. ما هو مكنش يصح اسيبه وهو في حالته دى لوحده.. ولا ايه سيادتك........
رد أمين الشرطة بعد لحظان صمت : يعن هو كويس محصلمش حاجة ؟
خميس بلهفة : أيوه سعادتك .. هو بخير .. أنا فضلت معاه بنفسى من ساعة الممرضة ما مشيت مع جوزهها الله يسامحه .. والله يابيه ده بهدلها .. بس هي للحق مكنتش راضية تسيب المهندس مصطفى .. بس الله يجازيه جوزها هددها انه حيطلقها لو ممشيتش معاه ..
أمين الشرطة بزهق من عم خميس : طيب ممكن أتكلم مع الأخ مصطفى علشان نقفل البلاغ ؟
جاوب عم خميس وهو يهز رأسه : طبعا طبعا يابيه.. أنا حدخل أبلغه أن سيادتك موجود وأشوف ان كان يقدر يطلع لك ولا سيادتك تتعب معانا شوية وتدخل بنفسك .. هو عموما في السرير في غرفة نومه.. ثانية واحدة.. ثانية واحدة...
ولم يترك عم خميس لأمين الفرصة لمزيد من الكلام والاسئلة و توجه الى غرفة نوم مصطفى وهو ينادى .. يا باشمهندس مصطفى .. حتى وصل اليه بجانب السرير فاخفض صوته ومال عليه .. فيه أمين شرطة بره عايز حضرتك ..
رد عليه مصطفى باستغراب وقد عقد حاجبيه : أمين شرطة.. وعايزنى أنا.. !!!!!!
سارع عم خميس في الكلام كى يطمئنه : لا لا ممفيش حاجة .. الموضوع بسيط .. هو جى يطمن عليك الظاهر فيه حد مقدم بلاغ انك لوحدك بعد ما الممرضة سابتك.. في الغالب هي الممرضة اللى بلغت علشان تخللى مسئوليتها.. وأحس عم خميس بالحرج من تطرقه لموضوع المسئولية فاردف بتوتر : وبرضه كتر خيرها اكيد كانت خايفه عليك وهى سيباك مع راجل متعرفهوش... عموما هو مش حياخد من وقتك كتير ومش حيضايقك .. أنا تقريبا شرحت له الموضوع وفهمته اللى حصل..
قاطعه مصطفى بضيق : طيب يا عم خميس من فضلك ناديه .. أنا ح استقبله هنا..
أسرع عم خميس ليدعو أمين الشرطة وهو يردد بصوت خفيض .. تمام .. تمام أحسن برضه من الشيل والحط .. ثم انتبه لنفسه وخشى أن يكون قد سمعه مصطفى فردد في نفسه .. ايه اللى انت بتقوله ده ياخميس .. وكان قد وصل عند أمين الشرطة الذى كان واقفا يدور حول نفسه يتطلع الى جمال الشقة التي يقف بها ووسعها وجمال ديكوراتها واثاثها غالى الثمن .. فعلم أن أصحابه ميسورى الحال..
وحين وصل اليه عم خميس كان مازال يحدث نفسه بصوت مسموع فظن أنه يتكلم اليه فبادر .. بتقول حاجة يا عم خميس ..
رد خميس بتوتر اعتاده أمين الشرطة : لا .. لا .. يابيه.. اتفضل هو بيترجى حضرتك تشرفه في أوضته أصلى يادوب لسة حاطه في سريره..
رد أمين الشرطة وهو يتبع عم خميس الى الحجرة مبتسما من طريقة كلامه وتعليقاته .. ماشى يا عم خميس ..
دخل أمين الشرطة الغرفة حتى وصل الى سرير مصطفى وعم خميس أمامه يردد ويشاور أمامه بكلتا يديه.. تفضل سيادتك .. تفضل جنايك..

أمين الشرطة بثبات : مساء الخير يا فندم .. حضرتك الباشمهندس مصطفى.. ؟؟

------------------------------------------------------------------

ظلت رنيم تنظر الى أشرف الذى كان يتصارع مع ملابسه وشعره وحذائه حتى يخرج من منزل والده دون أن يلاحظ انه بصرف النظر عن خلا فهما الا انه سيتركها مع والديه لمفردها وهى حديثة العهد بهما فأحست بحرج وظلم شديدين... بداخلها في هذه اللحظة مشاعر كثيرة متضاربة.. فهى تريد الصراخ في وجهه وأمام والديه .. أنا زهقت وتعبت منك.. وفى نفس الوقت تندم أنها اثارت معه نقاش منزلهما اليومى المعتاد وهما في بيت والديه فأصبحت تلومه وتلوم نفسها في نفس الوقت ..
تمالكت نفسها للحظة ووجهت له الكلام باقتضاب بدون أن تنظر اليه .. أنا ح اروح لماما بعد شوية .. لما تبقى تخلص اللى وراك عدى عليا هناك ...
نظر اليها بقرف واضح على ملامحه قائلا .. لا مش حينفع أنا حكون راجع من الجيم يعنى صعب أمر عليكى .. ابقى خدى تاكسى وروحى وقت ما انتى عايزة ..
أحست رنيم وكأن دشا باردا نزل فوق رأسها لترد عليه بنبرة غضب شديد.. وعلى ايه ما استنى هناك عندهم لغاية ما .. وللحظة أدركت وجود والدته معهم تقف أمام ترابيزة السفرة تضع أطباق الفطار فوقها .. فسكتت في خجل..
تدخلت أمينة لتنهى هذا الحوار بينهما حتى لا تتطور الأمور .. خاصة وان والده لا يزال بغرفة النوم يتجهز للسفر الى كفر الشيخ ... فقالت بحزم .. أفطر الأول قبل ما تنزل يا أشرف .. وأنتى كمان يارنيم أقعدى أفطرى ألأول وبعدين أنا عايزه أتكلم معاكى في موضوع قبل ما تروحى لماما.. وجهت كلامها لرنيم وهى تبتسم في وجهها ولكن رنيم لم تكن نمظر اليها في هذه الأثناء .. فعينيها وعقلها كانا لا يزالا مع أشرف يعاتبانه على تصرفاته .. أما هو فقدكان واقفا عند السفرة يأكل بسرعة من جميع الأطباق.. كانه تأخر على ميعاد مقابلة عمل انتظرها طويلا .. وكان خائفا أن يتأخر..
نهرته أمينة قائلة.. بطل أسلوبك وعادتك المستفزة ده وأقعد أفطر زى البىنى آدمين..
رد أشرف عليها .. وهو يضحك والأكل يمللأ فاه .. اديكى قلتى يا ست الكل.. عادة.. يعنى صعب انى أبطلها...ثم ارتشف بعض الشاي باللبن.. واردف .. الحمد لله.. ثم توجه بنظرة خاطفة الى رنيم .. حعدى عليكى عند مامتك بالليل .. استنينى هناك حنروح سوا ..
لم تعقب رنيم على كلامه ولم تنظر اليه وظلت واقفة تنظر الى البحر .. فاقتربت منها أمينة وأمسكت يدها لتجلسها على أحدى مقاعد السفرة ..
نظر أشرف لهما للحظة ثم لم توجه لباب الشقة ليغلقه وراءه بهدوء...
نظرت أمينة الى رنيم التي كانت لاتزال شاردة بالنظر الى البحر.. رنيم حبيبتى.. ياللا مدى اديكى وافطرى .. وأردفت وبعدين .. ايه رأيك بعد الفطار قبل ما تروحى لماما نروح مع بعض النادى .. بس نروح من غير عربية أو مواصلات .. أنا نفسى اتمشى على البحر .. الشمس النهارده رائعة والجو جميل بعد شتاء وبرد الأسبوع اللى فات.. عموما نادى اليخت مش بعيد .. هما يدوب أربعة كيلو متر.. وندردش وأحنا بنتمشى .. وفى النادى كمان .. وان شاء الله تنبسطى ويرتاح لالك قبل ما تزورى ماما..
ردت رنيم ببعض الحماس المشوب بالحزن والخجل .. اللى تشوفيه يا ماما..
وفى هذه الاثناء كانت أمينة تمد يدها الى رنيم بساندوتش حتى تشجعها على البدء في الإفطار....

----------------------------------------------------------------

خرج خالد من حجرته في ملابس الخروج .. بنطلون من الجنس الكحلى وقميص أبيض وفى يده بلوفر أزرق سماوى .. وعطره المعتاد قد مللأ الرسيبشن.. تبسم وهو ينظر ناحية رنيم وأمينة قائلا .. صباح الخير يا رنيم يا بنتى .. أتمنى انك تكونى نمتى كويس..
ردت رنيم بابتسامة صافية وهى تنظر اليه وكأن الحزن والغضب قد غادراها حين رأته .. وبالفعل هو كذلك .. فكلمات أمينة لها ومعاملتها الطيبة جعلاها تنسى ما مرت به مع أشرف ذلك الصباح...
ابتسمت أمينة الى زوجها وقالت .. لسه بدرى يا خالد .. أفطر قبل ما تزل يا حبيبى..
رد خالد .. وهم يتلعثم قليلا : لا مفيش وقت كفاية أصلنا حنسافر بعربية أمجد مش القطار .. هو على وصول وكمان ح نمر على توفيق... أصله هو كمان جاى معانا.. الأثنين بقى لهم مده مشافوش مصطفى .. ما انتى عارفة كانوا في الخليج...
ردت أمينة : طيب يا عمرى تروح وترجع بالسلامة..
خالد مبتسما لهم : الله يسلمكم .. لا اله الا الله..
أمينة ورنيم في صوت واحد : محمد رسول الله.. ثم زادت أمينة : ربنا يحفظك يا قلبى..
خرج خالد من ا
باب وهو يومئ لرنيم بابتسامة واشارة من يده بعد ان ضم أصابع يده اليمنى وكأنه يقول لها أجمدى و أصمدى..

---------------------------------------------------

حضرتك الباشمهندس مصطفى ..؟ قالها أمين الشرطة لمصطفى الذى كان مستلقيا بسرسره ...
رد مصطفى وهو ينظر لأمين الشرطة : أيوه أنا مصطفى.. هو ايه الحكاية سيادتك.. ؟
أمين الشرطة :أبدا يا فندم .. احنا من النجدة .. ووصلنا بلاغ من السيدة اجلال الممرضة بتاعة حضرتك انها لظوف اسرية أضطرت تتركك لوحدك في المنزل وشرحت لنا حالتك .. وانها حاولت تتصل بيك أو بزوجتك بس للأسف معرفتش توصل لحد منكم.. بس هي طلبت النجدة علشان تركتك في الظروف دى مع راجل غريب متعرفهوش .. بس الظاهر انها بالغت شوية .. أظن ان الراجل الغريب اللى هي خايفه عليك منه هو عم خميس .. وواضح أنه راجل طيب وخدوم وكمان طلع جاركم.. يعنى مكنش فيه داعى لقلقها من الأساس أو للبلاغ من أصله... ولا أنت رأيك ايه يا باشمهندس ..
رد مصطفى وعلى وجهه شبه ابتسامة مجاملة للحاضرين وامتنان لعم خميس :آه طبعا عندك حق .. الموضوع مش مستاهل كل الضجة اللى عملتها مدام اجلال.. معلهش احنا تعبناك معانا.. رد أمين الشرطة بأدب .. لا يا فندم ده واجبنا.. وبعدين هي برضه معذوره وكان لازم تعمل كده علشان تتطمن على سلامتك.. عموما حصل خير وألف سلامة يا باشمهندس .. تأمر بشيئ..
رد مصطفى بامتنان وابتسامة بسيطة : شكرا سيادتك.. جزاك الله خير ..
نظر أمين الشرطة لعم خميس وهو يقول له مداعبا : السلام عليكم يا راجل ياطيب .. على فكرة الشرطة مبتكلش المواطنين .. ثم ضحك ضحكة خفيفة وتركهم ليغادر .. ولم يلاحظ رد فعل عم خميس الذى لم يكن يفهم مغزى كلمته .. ولكنه فقط ابتسم ابتسامة لم يلاحظها أحد.. وقبل وصول أمين الشرطة لباب الشقة .. دخلت سلمى من باب الشقة المفتوح مسرعة وفجأة تسمرت مكانها حين تجاوزت باب الشقة بخطوات فقد نسيت ما أبلغته بها اجلال منذ دقائق.. ليقع قلبها في قدميها حين رأت أمين الشرطة مقبل عليها.. فمزقتها الظنون السيئة في اللحظات التي مر بها أمين الشرطة قائلا.. السلام عليكم يا مدام.. وتركها ومضى خارجا وحين همت أن تناديه سمعت صوتا يقترب منها قائلا.. حمد الله على سلامتك يا باشمهندسة.. نظرت للصوت .. للوهلة الأولى لم تدرك أو تتذكر هذا الرجل .. ولكنها شعرت أن هذا الوجه مألوف لها .. فقد انتبهت.. نعم .. هذا هو جارنا عم خميس ساكن شقة السطوح...
عند هذه اللحظة بدأت تأخذ نفسها بسهولة بعد أن أضطربت بشدة في اللحظات السابقة فاطمئن قلبها نسبيا .. فالرجل الذى كانت تخافه اجلال ليس سوى عم خميس جارهم.. فمن المؤكد أن مصطفى بخير ..
نظرت سلمى لعم خميس وهى تقول بتلعثم وخوف من اجابته : السلام عليكم ياعم خميس .. هو مصطفى فين ..
رد عليه عم خميس وهو مبتسم ابتسامة الفاتحين : أطمنى .. أطمنى يا باشمهندسة .. المهندس مصطفى بخير .. والله بخير وزى الفل .. أنا مسبتهوش لحظة من ساعة ما الراجل جوز الست الممرضة أخدها بالعافية .. تفضلى .. تفضلي من هنا في غرفة النوم .. أنا حطيته بنفسي على السرير.. أطمني عليه بنفسك ...وكان يوجهها لغرفة نومها وكانها غرفة نومه هو وليست غرفتها..
هو كذلك عم خميس رجل طيب وبسيط .. بل غاية في البساطة .. يحب الناس وخدوم بطبعه لدرجة الاستفزاز .. لا يكن لأحد شرا قط بل يتمنى للبشرية جميع الخير .. كان يعمل كموظف أرشيف بأحد المستشفيات الحكومية حيث كان متوسط التعليم بما كانوا يطلقون عليهم خريجي دبلوم تجارة .. و للذى لا يعرفها .. هي شهادة معادلة للثانوية العامة ولكنها أقل قليلا في المستوى العلمى .. حيث كان يستطيع حاملها أن يلتحق بالوظائف البسيطة كالكتابة على الألة الكاتبة في هذا الوقت .. قبل دخول الكمبيوتر الى مصر .. أو في مهمات الأرشيف..
جاء عم خميس في شبابه من صعيد مصر الى القاهرة للالتحاق بوظيفة الأرشيف .. والذى توسط له فيها أحد معارف والده الذى كان يعمل لديه كعامل بناء في مشاريعه منذ سنوات مضت .. كان مقاولا عصاميا معروفا بالإسكندرية .. ولكنه استقر مؤخرا بالقاهرة .. وقد وفر لخميس أيضا آنذاك السكن في نفس العمارة التي يقطنها الآن وهى عبارة عن حجرة صغيرة بحمام فوق سطوح الxxxx الذى كان في هذا الوقت من أفخم العمائر بحى المهندسين ، فظل خميس يسعى جاهدا طوال شبابه وبعد زواجه من ابنة خاله حسنة .. حتى استطاع ان يضم الحجرة المجاورة لحجرته .. بعد ان انجب ابنته بسمة بعامين .. ليتمكن من أن يطلق عليها شقة كباقي الشقق في الxxxx .. ولكن هيهات فجميع الشقق بالxxxx عدا حجرات السطح كانت بمثابة فيلات كل على حدة.. وظل خميس يعمل بتلك الوظيفة حتى خرج على المعاش .. ولكنه لم يكن له سوى حلم واحد في حياته هو و زوجته وهو أن تلتحق أبنته بكلية الطب لتصبح طبيبة مثل الأطباء الذين يعملون معه بالمشفى..
ما أن وقعت عيني سلمى على مصطفى .. الذى كان مستلقيا على ظهره في سريره ينظر كعادته الى السقف .. حتى أغمضت عينها انه بخير .. ثم تنهدت : الحمد لك يا ربى..
لم تكن سلمى تكن مشاعر حب كبير الى مصطفى .. ولم تكن لتتلهف وتخاف عليه كل ذلك الخوف وانما كانت لا تكن له أي مشاعر سوى أنه زوجها .. لكنها في النهاية تحولت هذه المشاعر الى شفقة .. وذلك منذ أن صار قعيدا بعد الحادث .. ولذلك لم تكن يوما راضية عن حياتها معه .. فمنذ أن عافاها خالد دون سابق انذار ودون تفسير .. ولم يعد يتقرب اليها كما كان يحاول دائما وهى في حيرة من أمره .. لما زهد فيها هكذا ودون سابق انذار وما الذى حدث بعد ما كان على وشك أن يطلب منها الزواج.. ؟!!!! ولكنها كتنت دائما تشعر ان لتوفيق يد في هذا التغيير الذى أصاب خالد تجاهها ..
لكنها سلمى التي كرامتها فوق كل اعتبار .. لن تكن لتقلل من نفسها يوما ولو بقدر بسيط وتسأله عن السبب .. فقد سألته يوما بطريقة غير مباشرة يوم أن فاتحها مصطفى في الارتباط بها .. فطلبت منه ان يدعها تفكر في الأمر لبضعة أيام .. وحين ذهبت الى خالد تطلب رأيه في أمر طلب مصطفى الزواج منها .. لم يعطيها جوابا شافيا .. وبالرغم أن عينيه قد قالت لها الكثير آنذاك الا انه رد عليها وعينيه كلها حب ولوم وعتاب وأيضا احتقار : هذا الأمر يرجع لك .. فكرى في الأمر مع نفسك وخذى قرارك.. هكذا كان رده الصادم لها.. فما كان منها سوى قبول طلب مصطفى .. لتعيش حياة الزوجية معه دون أن يعيش قلبها الحياة .. فقد تخلى عنها فارس احلامها الذى كان قلبها معه يحيا أجمل حياة .. راح الى غير رجعة فقد تزوجت من أقرب أصدقائه...
للحظة تساءلت سلمى لما كل هذا الخوف على مصطفى .. أهو الحب ؟!!.. لا هي على يقين أنها لم تحبه يوما ما .. بل أنه منذ أن صار قعيدا وهى تعانى كثيرا معه .. خاصة أنه أصبح عصبيا بشكل لا يحتمل لدرجة أنها أحيانا تتمنى لو أنه أختفى من حياتها .. أو تختفى هي من حياته ..
أقتربت سلمى من السرير وجلست على طرف لتمسك بيد مصطفى .. فبادر عم خميس في خجل وهو يبعد وجهه عنهما قائلا : طيب اسيبكم أنا دلوقتى يا باشمهندس .. حمد الله على سلامتك ..
رد عليه مصطفى وهو ينظر اليه ممتنا لوقفته معه .. شكرا يا عم خميس وجزاك الله خير على وقفتك معايا ..
نهضت سلمى من مكانها وهى أيضا تشكر عم خميس وتتبعه الى باب الشقة .. حيث استدار اليها عم خميس عند باب الشقة ليبتسم ويقول لها : اسمعى يا باشمهندسة .. أنا والله مش بتطفل على حياتكم .. بس أنا شايف الظروف اللى بتمروا بيها .. حضرتك في شغلك زى ما شفت النهاردة وولادكم الأثنين حسب ما سمعت انهم تقريبا متغربين بره .. حتى الممرضة جوزها جه واخدها من هنا غصب عنها .. وانا يا بنتى .. آسف أقصد يا باشمهندسة .. أنا راجل على المعاش .. لو تسمحى لى آجى كل يوم أقعد مع الباشمهندس مصطفى آخد بالى منه لحد ما حضرتك ترجعى من شغلك .. فانا معنديش أي مانع .. بل ح أكون سعيد بالمهمة دى ..
نظرت اليه سلمى باستغراب وهى تتساءل في نفسها .. هل هناك ما زال أناس طيبون لهذه الدرجة في هذه الحياة .. ثم قالت له بكل أدب : شكرا يا عم خميس .. كتر خيرك كفاية وقفتك معانا النهاردة ..احنا مش ح ننسى لك جميلك ده .. أنا حكلم الدكتور بتاعه يبعت لنا ممرضة تانية .. شكرا مرة تانية لحضرتك ..
رد عم خميس : عموما يا باشمهندسة أنا مش ح أضغط عليكم أكتر من كده .. بس أنا عرضى مفتوح .. في أي وقت تحتاجونى .. أرجوكى ما تتردديش في طلبى لمرافقة المهندس مصطفى .. والله .. يعلم ربنا أنا أد ايه حبيته .. ولو ما يضايقش حضرتك تسجلى رقم تليفونى .. أقصد رقم تليفون بنتى الدكتورة بسمة لو احتاجتينى .. أصلى أنا معنديش تليفون من اللى بيسموه موبايل ده .. قلت كفابة على بسمة اجيب لها واحد زى باقى أصحابها وكمان علشان تطمنا عليها أنا وامها وتتصل بينا على تليفون الشقة .. أصل بينى وبينك الميزانية ما تستحملش مصاريف تليفونين موبايل .. وضحك بصوت مسموع ..
ردت سلمى بابتسامة : ما شاء الله عند حضرتك بنت ودكتورة كمان .. ربنا يخليها لك ..
رد خميس : هي بصراحة لسة في سنة تالتة طب .. بس زى ما أنتى عارفة جرت العادة أن أول ما الواحد يدخل كلية الطب نناديه دكتور .. زى طالب الهندسة مبنقوله باشمهندس .. وضحك مرة أخرى بطيبة وبصوت مسموع .. ثم أخرج من جيب قميصه ورقة قديمة و قلم و كتب لها نمرة تليفون المحمول .. و أيضا تليفون بيته على نفس الورقة.. سكت للحظة ثم اردف .. ياللا معطلكيش .. علشان م تتأخريش على الباشمهندس .. ربنا ما يحرمكم من بعض .. ثم استدار ليمشى خطوات الى ان وصل الى باب الاسانسير فطلبه .. فأغلقت الباب بلطف واتجهت الى الغرفة حيث يقبع زوجها...

-----------------------------------------

بقلم : ممدوح السيد
الى اللقاء فى الفصل الثالث ....


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس