عرض مشاركة واحدة
قديم 06-02-20, 12:03 AM   #272

ظبية البان$

كنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 439964
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 503
?  نُقآطِيْ » ظبية البان$ is on a distinguished road
افتراضي



ابتسمت للفتاة سالي ابنة الجيران التي رفعت يدها ملوحة بمرح في تحية صباحية تلقي علي دائما عندما يصادف خروجي للشرفة في الوقت الذي تقف فيه هي امام بوابة منزلهم تنتظر حافلة مدرستها
كم مضى على وجودنا في برلين ؟!
ثلاثة اسابيع
واربع اسابيع منذ اكتشافي انني لست الوحيد الذي كان عليه الهرب لان دماء المازني تجري في عروقه
منذ اكتشفت انني لم اعرف شيئا عن ماضي ابي قبل تلك مآساة التي تسبب بها
منذ اكتشافي انني لست الوحيد الذي حمل على عاتقه ذنب والدي واسمه
منذ اكتشفت ان لي اخا .. اخا لي انا يكبرني بسنوات كان شاهدا على كل ما حدث قبل سنوات
كان موجودا هناك عندما عاد والده ملطخا بدماء صديقه وهو يخبره انه يجب ان يختفي كان شاهدا على جده وهو يقتل امرأة ارادت ان تثأر لزوجها من والد قاتله
كان شاهدا على مأساة آل الماجدي ومأساة قبيلة الجرم
قبل ان يضر للهرب هو الاخر لينقذ الشيء الوحيد الذي تبقى له
قلبه!

في الواقع انا احسد اخي على ذلك
فانا لم اعرف يوما الحقيقة كاملا
ولم اعرف شيئا عن ماضي والدي الا بعد وفاته واصراري على العودة لبلاده فلم يكن امام امي خيار الا اخباري بسبب هرب والدي
الا ان الحقيقة كانت ناقصة فهي لم تخبرني بعلاقة الماجدي بالقصة ولم تخبرني عن جدي وبالتاكيد لم تخبرني عن اخي.. هي لم تكن تعلم بكل هذا على الارجح ولكن ابي
لم لم يخبرني .. كان يعلم عن علاقتي بنبيل منذ اصبحنا اصدقاء فلم لم يحاول ابعاده عن طريقي لم لم يعارض صداقتنا وقتها
حسنا لنقل انه تأمل خيرا من وراء ذلك
ولكن لم اخفى حقيقة زواجه السابق عنا
لا يمكنني التصديق انه كان يخشى على علاقته بامي
ففي النهاية هما لم يكونا على وفاق يوما ومعرفة امي بزواج سابق لابي ما كان ليزيد الوضع سوءا بينهما
على حسب ما فهمته ان ابي كان متزوجا من ابنة عمه اليتيمة التي كانت تحت رعاية والده وكان شابا في مقتبل عمره وقتها وعلى الارجح اجبره والده على الزواج منها
تنهدت وانا اغادر الشرفة حاملا مع هاتفي الذي كانت على المنضدة وغادرت بعدها الغرفة التي خصصت لي اثناء وجودي في هنا
اتجهت مباشرة نحو الصالة حيث كانت تأتي منها الاصوات التلفاز
كما توقعت كانت السيدة ام شهاب ترتب مائدة الفطور كعادتها في الوقت الذي كان زوجها جالسا على رأس المائدة يحمل جريدة يقرأ فيها باهتمام وهو يجيب زوجته على سؤال سألته
على الارجح قبل دخولي
“ لا ادري ربما من الافضل ان تدعيها تقرر بنفسها ”
قلت بهدوء وانا اتقدم نحوهما
“ السلام عليكم ”
التفت الاثنين نحوي يردان السلام بابتسامة
اضافت اليها ام شهاب ببشاشة
“ جيد انك استيقظت يا فؤاد هيا تفضل لقد صنعت لك اليوم شيئا ستحبه كثيرا ”
كانت ام شهاب امرأ في الاربعينات الا ان من يراها يعطيها عمرا اقل بكثير
امرأة في غاية الجمال
طويلة القامة قمحية البشرة كانت محجبة
لديها شبه كبير بسناء وملامح من والدها محسن الماجدي
ببساطة زينب الماجدي امرأة لا مثيل لها
لا الوم اخي على حبه لها بهذا القدر بل انا احسده لانه امتلك من الجنون والشجاعة ليحارب الجميع للفوز بها
هل هي لعنة يا ترا
ان ينتهي بنا جميعا ابناء المازني في هوا بنات الماجدي السؤال هو هل سنستسلم للهوة التي تركها. والدي خلفه
ام سنحارب كما فعل اخي.
ابتسمت لزوجة اخي شاكرة في الوقت الذي قال فيه هو ضاحكا
“ صدقني لو طبخت لك علفا ستقول لك ذات الشيء”
قالت حينها رافعة حاجبيها
“ هل تقول يا عزيز ان طبخي ليس جيدا ”
قال ضاحكا بدفاع
“ بل اقول انك لو طبختي علفا سيكون رائعا يكفي ان اناملك من صنعتها ”
قالت متجهة ناحية المطبخ
“ لن تخدعني بكلامك المعسول هذه
ولن تاكل من طبقي اليوم”
رفع صوته ليصل اليها يقول
“ لن اهون عليك حبيبتي اعرف كم انت طيبة”
ابتسمت وانا اسحب احدى الكراسي لاجلس عليها وانا اسأله
“ لا ارى الفتيات ”
“ اه اجل جودي رافقت شذى الي الجامعة ارادت ان تستأذنك الا انك كنت نائما ولانها المرة الاولى التي تقرر فيها الخروج لم ارد لها تتراجع اقنعتها انني ساخبرك ولن تمانع ”
تنهدت براحة وقلت بابتسامة
“ من الجيد ان تخرج وترى العالم سيساعدها هذا على تجاوز ما حدث ”
هز راسه مؤيدا وهو يقول
“ ما مرت به ليس سهلا وخاصة لفتاة رقيقة مثلها ”
في الواقع جودي لم تكن رقيقة يوما ليس قبل الحادثة على الاقل .. وكانت لتتجاوز الامر بسهولة لو لم تكن متورطة عاطفيا بذلك الفتى وهو ما لا يمكنني تصديقه
كيف استطاع ابن الفاتح ان يؤثر على جودي بهذا الشكل لتنهار هكذا بسببه لمجرد التفكير انه تغلغل الي تلك المنطقة في قلبها وهيمن فيها بهذا الشكل يجعلني ارغب في محوه عن الوجود
ما يغضبني انني كنت بعيدا عنها غافلا عما يشغله وانني تسببت باذيتها
لقد دفعت هي الثمن في الوقت الذي بقيت فيه عاجزا وانا اراها تسقط امامي ..
رفعت راسي على صوت زوجة اخي من المطبخ تطلب مني ان ارى ان كان مستيقظا
غادرت الصالة بشرود وانا افكر في ما علي فعله الان
لا ازال حائرا .. امي تريد منا ان نعود الي باريس واخي يريدنا ان نبقى هنا في برلين
اما انا افكر في العودة الي البلاد والاستقرار فيها فلم يعد هناك جدوى من الاختباء
بالتاكيد خسرت عملي مع فراس الا انه يمكنني ان ابحث عن اخر ويمكنني تدبر شقة نسكن فيها انا وجودي هي ستلتحق بالجامعة وتكمل دراستها هناك

الا انني لا اعلم حتى الان عن رأيها ولا ادري ان كان صائبا ان تكون هناك حيث يوجد. ذاك العماد
طرقت غرقة طارق قبل ان ادفع ببابها لادخل بعد سماع صوته يأذن لي بالدخول
كانت غرفته تغوص في ظلمة عميقة في الوقت الذي كان يجلس فيه هو على حاسوبه يبدو مندمجا معها حتى انه لم يرفع راسه ناحيتي
“ جيد انك مستيقظ والدتك تناديك للفطور ”
واخيرا تجاوب معي رافعا حاجبيه وهمس وكأنه يحدث نفسه باستغراب ” فطور !!!”
ابعد الكرسي للخلف ثم وقف بعدها وقطع الغرفة حتى وقف امام تلك الستائر الداكنة وابعدها بغير تصديق وهو يشهق قائلا ” انه الصباح حقا ”
رائع !!
لقد ضاع ابن اخي العبقري مع برامجه مرة اخرى ولا بد وانه جلس على هذا الكرسي طوال الليل يكتب تلك الشفرات التي لا يفهمها غيره
طارق مختلف عن اخيه اللزج شهاب .. لا احد قد يخمن انهما تؤمان ابدا في الوقت الذي حمل شهاب كل ملامح والداته الارستقراطية .. طارق كان طفرة جينية لا تمد للعائلتين بصلة لو اننا قلنا انه شقيق جودي لكان اكثر اقناعا .. بشعره الاشقر وعيناه الخضراوان الناعستان .. طوله كان متوسطا وبنيته هزيلة مقارنة باخيه
قلت وانا اغادر
“ صل الفجر والحق بي يا طارق .ومن الافضل ان تضع لك منبها ليخرجك من عالمك الرقمي كلما ضعت فيها ”
عدت للصالة وانضممت لاخي وزوجته الذين كان يتناقشان بجدية ما سرعان ما عرفته فور ان قالت والدة شهاب بضيق
“ ولكنك تعرف عقل ابنتك ستضيع الفرصة من يدها بتعنتها والشاب لا يرد .. يكفي انه من اهل بلادنا.. وفوق هذا.خلوق ومثقف اكمل دراسته ولديه مشروعه الخاص هل يجب ان نسير خلف تطلعات ابنتك المدللة ”
قال اخي بضيق
“ شذى ليست مدللة يا زينب وهي تدرك ما تريد وليس علينا الا الوثوق بها .. انا لا اقول ان الشاب ليس جيدا ولكن دعي ابنتك تقرر من نفسها ولا تضغطي عليها
واتركي عنادك الماجدي هذا جانبا اعلم انك عندما تضعين شيئا في راسك لا ترتاحين حتى تنفذيها
ولكن شذى لا تزال صغيرة وامامها الكثير لتقرر ما تريد“
تمتمت بانزعاج قائلة
“ اي صغيرة هذه وقد بلغت الثانية والعشرين من عمرها
لقد انجبتها وانا في عمرها هذا استمر في مسايرتها وسترى كيف سيطير بها العمر ”
اطلق اخي ضحكة خافتة وبدا بتناول فطوره ففعلت المثل

بعد الافطار خرجت برفقة اخي .. مررنا على الفرعين من مقاهيه التي يديرها وذهبنا بعدها الي الفرع الرئيسي حيث مكتبه كنت قد تعرفت خلال زيارة سابقة على معظم العاملين لديه وكانوا اشخاصا لطفاء من مختلف الجنسيات وكأن هذا المقهى ملتقى للثقافات ومن اكثر ما شدني هو قهوة ذاك الشاب القادم من اليمن قهوة عربية اصيلة رائحتها وحدها كافية ليزيل عنك جميع هموم الدنيا .. اثناء وجودي هناك كنت اقدم المساعدة في العمل كنت اخذ الطلبات للزبائن الذين كانوا يرغبون دائما في الحديث معي وسؤالي عن اصولي وبم انني اجيد الفرنسية والانجليزية لم اجد صعوبة في التواصل مع معظمهم غير الالمان فانا في الالمانية كالاطرش في الزفة.
قضيت وقتا رائعا مع شاب لفت انتباهي ادواته المألوفة والتي كنا نستخدمها اثناء دراستنا فسالته ان كان يدرس هندسة المعمار فاجاب بنعم ولم يصدق نفسه عندما اخبرته انني مهندس ايضا وعندما اخبرني انه في السنة الاولى بدات احدثه عن افاق المهنة وكم هي جميلة فطلب مني ان لا امانع ان يطلب مساعدتي ان استعصى عليه شيء.
عدنا مساءا فسالت عن جودي فاخبرتني زوجة اخي انها عادت برفقة شذي وانها نائمة
ولانها تشارك شذى الغرفة فلم استطع الاطمئنان عليها فذهبت انا الاخر الي غرفتي والتي كانت سابقا لشهاب .
ارتميت على السرير واغمضت عيني افكر في حالي وعندما اقول حالي فانا اعنيها .
فما الذي يدور في خاطري سواها .
تذكرت زيارتها لي وانا في المشفى. وكانت قد تظاهرت انها ممرضة بمساعدة شهاب وطبيبة اخرى .
كانت تظنني نائما في البداية عندما اجهشت بالبكاء وهي تدعوني بالغباء والجبن .
وكم انني كنت انانيا معها. لم ارد مواجهتها وقتها الا انني لم استطع ان احرم نفسي من رؤيتها لاخر مرة وقد قررت وقتها ان اسافر برفقة اخي الذي ظهر من العدم ..
عندما فتحت عيني ورأيت مظهرها الباكي لم استطع ان امنع نفسي من الابتسام مما اثار غيظها فانهالت علي تضربني بقبضتها فما كان مني الا ان تأوهت بالم فبتعدت تقول بخوف
“ اسفة يا الهي ماذا فعلت هل انت بخير ”
سالتها وانا انظر اليها تجلس على الكرسي بجانب سريري
“ ماذا تفعلين هنا ”
قالت بضيق
“ اتيت لرؤيتك بالتأكيد هل ظننت انني ساهرب كالجبناء مثلك”
“ لم اهرب ”
“ بلا فعلت ، لن انسى ما فعلته بي يا فؤاد لقد تركتني اظن انك اهنتني وانك ذهبت الي تلك الشقراء بعد ان دست على كرامتي وعرضت عليك عرضا ما كانت اي فتاة لتفعلها.. وانت لم تخبرني انها اختك .. كيف فعلت بي هذا.. لقد بقيت لايام ادعوا عليكما في كل ليلة ... وانت السبب كان يجب ان تخبرني .. لن اسامحك ابدا يا فؤاد ”
وماذا كنت ساقول لها . انني لا استطيع الزواج بك فاهلك لن يزوجوك لي وقد قتل والدي جدك وجدي والدتك..؟ فاخسرك وقتها ام كان علي خداعك ايضا واخفي عنك الحقيقة فتكرهيني بعدها. فاخسرك ايضا
الا اجبتها في ذلك الوقت بجفاف
“ لن تسامحيني . وماذا بعد هل هذا ما اتيت تخبرينني به يا ازهار ”
صمتت منكسة راسها لوقت طويل ظننت انها لن تقول شيئا بعدها الا انها رفعت رأسها قائلة
“ بل اتيت لاخبرك ان عرضي لا يزال قائما...فؤاد انا لن استطيع العيش من دونك ... لا يهمني من والدك وماذا فعل .. ما يهمني هو انت .. تقدم لخطبتي من والدي واعدك انني ساقنعه بك ... ”
اغمضت عيني بالم وقتها احارب حاجة اجتاحتني وقتها للضمها الي واختفيها بها عن العالم وليذهب كل شيء الي الجحيم
“ لا استطيع ”
ربما كان صادما لها وانا تشعر الان بانني خذلتها ولكن ليس بيدي .. لا يمكنني ان اكون انانيا .. ادرك ان والدها لن يوافق واعرف جنون ازهار جيدا قد تفكر في مخالفة اهلها .
هل كان سينتهي بنا الامر مثل اخي وعمتها .. واذا حدث ذلك هل سينتي بها الامر لمقاطعة عائلتها وهل ستكون قادرة ذلك الن ياتي يوما وتشتاق فيه لعائلتها وتندم على كونها تخلت عن شيء لاجل اللا الشيء
عدا عن ذلك انا لن استطيع الزواج منها في الوقت الذي تعانيه فيه جودي بسبب خالها
رغما عني اجد نفسي افكر في شعوري ان تزوجت جودي من ذاك العماد .. ووقتها سافقد عقلي محال
دفنت رأسي في الوسادة واطلقت صرخة مكتومة اعبر بها عن المي ... ماذا فعلتي بي ابنة منير .. لقد احلتي حياتي الي سراب ..
بل هو ابي الذي احال حياتنا للجحيم


★★★★



ظبية البان$ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس