عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-20, 08:10 PM   #2

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,021
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الأول


"فخ النفس..... أكثر فخ يقع في مصيدته البشر في هذه الحياة ..
تتشاغل عن نفسك بمن سواك معتقدا أنك تعرف كل تفصيلة عنها....كل تعقيداتها...ثغراتها ....تناقضاتها.. ... فتفاجئك عند كل موقف جديد بتصرف غريب(محبط) لم تتخيل يوما أنك قد تقدم عليه....
وهنا يكمن الفرق بين البشر...فمنهم من لا يثق أبدا بما تخفيه نفسه فيعتبرها عدوه الأول فيكرّس حياته ( لما خلق أصلا لأجله) ...يجاهدها في كل صغيرة و كبيرة ....فيرتاح و يريح من حوله..... ومنهم من يتحالف معها ظنا منه انه و إياها كيان واحد فتتوالى الصدمات و تكثر الزلات دون أن يتمكن من تمييز المصدر الحقيقي لشقائه........
و يمضي العمر لا هو استراح أو أراح......"


قرية (الجبل الأسود)...أراضي الحاج عبد العليم


يسرع الخطى نحو شجرة البلوط الواقعة وسط أراض شاسعة توارثها أسلافه أبا عن جد ...تكاد ضربات قلبه تصم أذنيه بصخبها ترقبا و إثارة كيف لا و قد أمضى نهاره متحفزا يناظر هاتفه منتظرا بصبر نافذ مكالمتها المرتقبة و حين كاد يفقد الأمل كما حدث اليومين الماضيين ,قبيل المغرب صدح هاتفه برنة خصصها لها وحدها هزت كيانه كله فلم يملك سوى أن يترك ما بيده و يلبّي نداءا طال انتظاره ....لمحها واقفة هناك في مكانهم المعتاد وقد بدأ الظلام يرخي أستاره فيخفي معالم وجهها عن عينيه التائقتين ....احتضن هذا المكان حبهما لسنين طويلة حيث التقيا مئات المرات لكن هذه المرة مختلفة....متفرّدة ....ربما لهذا يداه كانتا ترتعشان بينما يمدهما نحو كتفيها ليسحبها نحو صدره....يلمسها...يتجاوز حدود أرض يطؤها معها لأول مرة
استسلمت لطوق ذراعيه بينما ترتجف بدورها و قد تسارعت أنفاسها دون أن تنبس ببنت شفة , همس قرب شفتيها بانفجار عاطفي زافرا أنفاسا حارقة "أخيرا ....أخيرا يا صفية....زوجتي و حلالي ....أخيرا وحدنا"
لم ينتظر ردها و لم يأبه لسكونها المريب فنار الشوق أعمت عينيه و غيّبت عقله إذ اقتنص ثغرها يروي ظمأ السنين.... لم يكن ليستطيع التوقف ربما لو لم تخالط ملوحة الدموع حلاوة شفتيها فكانت كلسعة أيقظته من ثمالة الهوى
حاوط وجهها بيديه بينما يمسح بأصابعه الحانية دموعها ليسألها بتقطّع أجش و صدره مازال يعلو و يهبط بأنفاس متلاحقة :لما....البكاء يا ....ابنة خالي ...أبعد أن منّ الله علينا ....بفضله و جمعنا في الحلال !!؟ و كأنما كان كلامه القطرة التي أفاضت الكأس إذ إنخرطت في نحيب مرير هستيري أفزع قلبه و أنبأ حواسه أخيرا بوجود خطب ما خطير....خطير جدا .
سحبها يجرها خلفه نحو البيت الصغير القريب حيث يسكن الراعي محمد قريبا من حظيرة مواشيهم ....كان لا يزال مواجها لباب الغرفة الذي أغلقه عليهما للتو بينما بكاؤها المخيف مستمر ...يحفر حفرا في قلبه الذي انقبض دون سبب معلوم فقط شعور خانق هاجم حواسه فلم يجرؤ حتى على الاستدارة نحوها و رؤية وجهها بوضوح على ضوء الغرفة الشاحب ...و كأن مجرد حركة سهلة و بسيطة كهذه ستغير حياتيهما إلى الأبد ....زفر عميقا مستغفرا الله و.....تغير كل شيء رغما عنهما .....
حطّم كل ما طالته يداه و قد اعتراه غضب عارم فلم يعد يعي ما يفعله أو ما يهذي به من كلمات متقطعة غير مفهومة ....راقبت صفية جنونه المتوقّع بنظرات زائغة ....وكأن ماردا تلبسّه...وهل بيدها لومه أو ردعه أو حتى مواساته! ....يجب على أحدهما أن يثبت أن يتعقّل ....أحكمت قبضتها حول ثوبها بقوة.....نعم ستتجلّد لأجله و تخرجه من هذه المصيبة ....و كأنه تذكر وجودها معه أخيرا استدار نحوها يلهث بقوة و قد إحمرّت عيناه فبدتا مرعبتين بحق لتكتمل الصورة المعبرة تماما عن حاله بوجهه المحتقن بشدة....فهمت من نظراته في الحال ما يفكّر فيه بعد أن خفّ جنونه قليلا و بقوة لم تعلم من أين إستجمعتها رمت نفسها عليه في نفس الوقت الذي تحرك هو فيه نحو الباب و صرخت بزاهرة التي كانت تناظر الباب المغلق عليهما برعب خالص ترتجف كالورقة و تضم ابنها أوس ذو الأربع سنوات إلى صدرها بشدة "أرجوك يا زاهرة أقفلي علينا الباب بالمفتاح ....أتوسّل إليك لا تستدع أحدا....ثقي بي أرجوك"
نفضها عنه بقوة أوقعتها أرضا ليصرخ بقوة هائجا كالمجنون بينما يضرب الباب بكلتا قبضتيه "إفتحي الباب اللّعين ...سأقتله أقسم أنّي سأزهق روحه بقبضتي العاريتين"
استدار نحوها بعنف حين أيقن أن زاهرة لن تفتح له الباب مهما هدّدها أو توعّدها... يناظرها من علو بينما تجلس عند قدميه و قد نفذت طاقتها تماما فلم تعد تقوى على الوقوف حتى , ردّد بصوت مبحوح من كثرة الصراخ بينما يضرب صدره بكلتا يديه "فيما تفكرين...كيف تمنعينني من البحث عنه"....يا رب السماوات...إنه عرضي أنا ...عرضي انا الذي تمّ انتهاكه ؟؟"
(طلّقني فاتح) ...همد تماما مشدوها حائرا وكأنها ضغطت على زر الهدوء السحري حين تلفظت فقط هاتين الكلمتين ....كانا يلهثان بشدة و كأنهما في حلبة مصارعة ...عيناه مجروحتان مجنونتان غاضبتان مقابل عينيها الفارغتين...المهتزتين...لوى شفتيه مبتسما بعذاب أدمى قلبها بينما إلتمعت في عينبه دموع أبت رجولته أن يذرفها ليهسهس بفحيح خطر: أطلّقك !...أطلّقك!....لم يمض على عقد قراننا يومان كاملان بعد و زفافنا بعد عشرة أيام ....أطلقك! تحاملت على نفسها ووقفت لتواجهه بعد ان هدأ أخيرا ...سيستمع إليها ...يجب أن يستمع إليها ....قليلا بعد ...ستصمد قليلا بعد و ينتهي كل شيء دون أن يصيب سمعة حبيب قلبها و لو خدش واحد غير مرئي....تجاهلت خيبة الأمل التي غلبت نظراته لتستطرد بصوت عافرت ليخرج ثابتا "لن تقول شيئا قبل أن انهي كلامي .....أنت غاضب الآن و لن تتصرف برويّة ....حدث ما حدث و لن يفيدك العثور عليه في....شيء....ثم إنك لو حاولت البحث عنه لن يجدي بحثك لوحدك ...و أنت تعلم هذا في قرارة نفسك.... سيتعين عليك الاستعانة بالكثيرين...ستخرج الأمور عن السيطرة ثم... سيلوك حينها الجميع شرفك المهدور.... أنسب حل هو أن....أن تطلقني ...ثم تعيدني إلى أهلي...قررت إخبارهم الحقيقة ..." ضيق عينيه مرتابا بينما يقاطعها هاتفا بحدة " وماذا بعد أن أعيدك ؟"هزت كتفيها ببساطة فيما تقول "سيقتلونني لا ريب .. أنت تعرف خالك جيدا على كل حال ...لكن لا بأس...ستخرج أنت سالما من هذه المصيبة و يمحى عاري أنا...أنا ....أنا ...واثقة أن أبي و إخوتي سيعثرون على قصة ما جيدة بما فيه الكفاية لتغطي ما حدث" .....
كانت تتكلم بسرعة ناظرة إلى نقطة ما في صدره ....لم تجرؤ على رفع عينيها إلى وجهه حين أنهت كلامها لكنها استشعرت غضبه الذي تفاقم أكثر وصوت أنفاسه كثور هائج يعلو أكثر فأكثر ....أطبقت جفنيها حين غرز أصابعه في لحمها هازا ذراعيها بقوة وقد فقد أعصابه أكثر" أهذا ما جادت به بنات أفكارك....ألهذه الدرجة تريدين الموت ....تتركينني !.....تموتين و تتركينني ....بينما يعيث الفاسق حرا طليقا في الأرض فسادا! و رب العزة لن أرحمه أبدا حين أعثر عليه و لن أهتم بفضيحة أو غيرها" ....
إلى هنا و كفى ...لا مجال للتحمل أكثر.....أخذت تختض حرفيا بين يديه و قد بلغ صبرها أقصاه...حررت نفسها بقوة و أخذت تلطم خديها بهستيرية و قد انفلتت صدمتها المتأخرة بعد أن تشققت قشرة التعقّل التي كابدت لتطوّق بها نارا كانت تحرق دواخلها حرقا ...ألجمته الدهشة للحظات بينما يستمع لصوتها المشروخ الذي حاد تماما عن نبرته الناعمة المعتادة" لا يهمك سوى إنتقامك البائس...وهل سأعود كما كنت ....لن أعود كما كنت ....لن أعود أبدا ...أريد أن أموت ....أريد أن أموت لأرتاح ....لا أريد العيش مع هذا العار ...لا أريد ....لا أريد"...
رمش عدة مرات متجمدا في وقفته و قد انقشع الضباب عن الحقيقية ....كيف انقلب الوضع هكذا! كيف تبخر غضبه ! ...كيف وصلت به الأنانية ليفكر في نفسه فقط.... ليحصر تفكيره في الانتقام لعرضه المدنس !!...كيف لم يفكر في حال حبيبته التي كسر شيء في روحها قبل جسدها إلى الأبد....كيف نسي خاله و أبناءه !....هو أدرى بما سيفعلونه بها لو علموا بما حدث ولن يهتموا أبدا إن وقف في وجوههم و أخبرهم أنها الآن تنتمي إليه و لا حق لهم فيها ...سيقتلونها بدم بارد لا ريب ....حبيبته...زوجته و حلاله...في خضم ما ألمّ بها لم تفكر سوى في أمر واحد ...سمعته هو .... مرر كفه عبر شعره يشده بقلة حيلة ...إغرورقت عيناه بالدموع و إندفع نحوها يقيّد يديها يوقفها عن إيذاء نفسها يضمها إليه يكاد يزرعها بين ضلوعه و قد سالت دموعه مبللة وشاحها بينما بقيت تبكي و تشهق بعنف مرتعشة في حضنه ...تمتم بصوت متحجرش متألّم "أنا السبب.....لو لم أطلب منك أن نلتقي قبل الزفاف لما حدث ما حدث ...أنا السبب"

يتبـــــــــــــع




ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس