عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-20, 10:37 PM   #771

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الخامس عشر




قبل ساعتين
نعم يا حبيبي نعم
أنا بين شفايفك نغم
وأيامي قبلك ندم
وأيامي بعدك عدم يا حبيبي
على صوت عبد الحليم الذي يصدح في سيارته دخل كامل القرية ولأول وهلة شعر بأنه قد عادت له الحياة .
لقد اتخذ قراره وحسم أمره .
فبعد أكثر من عشرة أيام من الفراق لم يقدر على الصمود فهو يتعذب ..
يعترف بأنه لم يجد حلا بعد بشأن غيرته الشديدة عليها من الماضي والمستقبل لكنه وصل لنقطة لم يجد لديه بعدها القدرة على الصمود ..
إنها قدره وعليه أن يتقبل هذا القدر ..
سيسعى إليها بشجاعة وليساعده الله على تخطي عقده النفسية والسيطرة على غيرته .
بالقرب من بيت الجد صالح أطفأ صوت الموسيقى ودخل الشارع بهدوء وشكر الله أن وجده خاليا من المارة فانعطف يمينا إلى ذلك الشارع الجانبي المجاور للبيت ليركن السيارة فلا يريد أن يعرف أحد من عمال المزرعة أو العاملات في المشروع بوجوده يريد أن يفاجئ بسمة .. ويتحرق شوقا ليرى وقع المفاجأة على وجهها .
ترجل من سيارته ومد رأسه يتأكد من خلو الشارع ثم تحرك بخفة ليدس المفتاح في البوابة ويدخل منها ببطء حريصا على ألا تصدر صوتا ثم اعاد اغلاق الباب وتركه سهل الفتح ثم تحرك ليدخل بيت الجد صالح .
تطلع حوله في أركان البيت الهادئ الباعث على الراحة واعترف لنفسه بأنه قد اشتاق إليه فأسرع يرتقي السلم بفرحة طفل صغير يختصر درجاته إلى تلك الغرفة التي كانت له قبل عشرة أيام .
بعد دقيقة كان يفتح باب الغرفة الهادئة وبسرعة اتجهت انظاره للمنضدة بجوار السرير ولم يجد الكتاب .. فتش في أرجاء المكان مبتسما ثم فكر متسائلا هل من الممكن أن تكون قد أخذته كما تمنى أم أنه يتوهم ؟
ترى أين ذهب الكتاب وما هو مصيره ؟.
اقترب من النافذة المغلقة ثم نظر في ساعته مقررا أن يبقى حتى موعد انصراف العاملات متمنيا أن تبقى بسمة قليلا بعد العمل كما تفعل دوما وتمنى أن تكون وحدها وليس معها صاحبتها السمراء .. فعاد إلى السرير وتمدد عليه وقلبه يضرب في صدره بقوة في انتظار لقاءها بشوق كبير .. شوق يؤكد له بأنه قد وقع في شباكها بلا رجعة ..
بعد ساعتين اتسعت ابتسامته وهو يرى عبر النافذة المواربة المطلة على ساحة المشروع أنها أضحت وحدها بعد أن غادرت صاحبتها وبمجرد أن أغلقت البوابة ودخلت .. أسرع بفتح النافذة وراقبها وهي تخرج بعد دقائق من الغرفة الداخلية وتصعد للسطح فشكر الأقدار التي تعمل لصالحه.. لكنه تذكر مفرح فجأة وتذكر بأنه لم يخبره بوجوده في القرية ولو أن شخصا قد لمحه وتعرف عليه فهذا سيغضب مفرح منه ..
فكر قليلا ثم أسرع إلى هاتفه وبدلا من أن يتصل به أرسل له رسالة نصية ليراها وقتما يلاحظها متمنيا ألا يراها فورا فكتب " أنا في قريتكم الآن .. أرني ماذا ستستطيع أن تفعل"
أرسل الرسالة ثم اسرع بتنفيذ خطته لاستدراجها وابتسامة صبيانية شريرة تتراقص على شفتيه .. فشغل أغنية معينة من هاتفه ووقف بجوار النافذة يرفع الصوت إلى أقصى حد وراقبها .
تقول إنسى
وأقول آهين لو أقدر ..
رغم طول النوى ..أنسى
تقول إقسى
وأقول اللي شرب من عينك الاحساس
ما يقسى
أحبك يا بعد هالقلب
أحبك أحبك أحبك
التفتت بسمة لمصدر الصوت ترفع أنظارها لأعلى وسقط قلبها بين قدميها وهي ترى النافذة مفتوحة وخيل إليها لوهلة بأنها تهلوس .. لكنها لم تستطع السيطرة على ضربات قلبها العالية ولا على التحكم في قدميها اللتين أسرعتا بالنزول على السلم هرولة .
شاهدها كامل تنزل فأسرع هو الأخر بالتقاط هاتفه ونزل بسرعة يطير على السلم ثم وضع هاتفه مفتوحا على المنضدة وضبطه لإعادة تشغيل الأغنية قبل أن يخرج بسرعة من باب البيت وينتحي جانبا إلى ممر ضيق جوار المبنى في آخر لحظة ووقف يراقبها وهي تدفع البوابة وتدخل فارتجف قلبه لرؤيتها وتقبض بقوة يمنع نفسه من العدو إليها .
ازدادت ضربات قلب بسمة وهي ترى باب البيت الداخلي مفتوحا .. فقطعت الساحة وهي تسمع كلمات الاغنية التي تزداد علوا ووضوحا كلما اقتربت.
تقول إنسى
وأقول آهين لو أقدر
رغم طول النوى أنسى
تقول إقسى
وأقول اللي شرب من عينك الاحساس
ما يقسى أحبك يا بعد هالقلب
أحبك أحبك أحبك
بأنفاس مخطوفة خطت بسمة بقدمها في داخل البيت تقول بتوجس" السلام عليكم من بالداخل؟"
لم تجد ما يرد عليها سوى صوت الأغنية التي بحثت عن مصدرها.
أبا أتأسف وأنا ماخْطِيت
لأني بالفعل حبيت
أنا سمعتني الأيام
يا ليتك تسمعي يا ليت
اقتربت ببطء من منضدة السفرة تتطلع بذهول في الهاتف الموضوع فوقها والمنبعث منه الأغنية التي أخذت تعزف على أوتار قلبها فوقفت تتلفت حولها ثم عادت تنظر للهاتف ومدت يدا مرتعشة تلتقطه وتتطلع فيه .
صعب أصبر على الحرمان
صعب أنسى ولو لحظة
لأني عاشق وإنسان
راقبها كامل وهو يقف خارج الباب يمنع نفسه بالقوة من الدخول وشاهدها تقلب الهاتف في يدها بذهول فتساءل إن كان سيأتي عليه يوم يستطيع فيه أن يدخل هذا البيت معها ويغلق الباب خلفه دون أن يخشى عليها من حديث الناس ..
انتبهت بسمة لمن يقف بالخارج ورأته باتساع عينيها الزرقاوين على بعد خطوتين من الباب يقف هناك يديه في جيبي بنطال كلاسيكي باللون الزيتي فوقه قميص عاجي اللون ويربط كمي سترة خفيفة ملونة فوق كتفيه العريضين .. وشعره الناعم يتطاير إلى جانبي وجهه ..
كان غامض الملامح وهو يقف يولي ظهره لشمس المغيب التي تلوح من فوق كتفه الأيسر بعيدة جدا ..
كـــ جمرة نار تدفئ ..
كـ طاقة نور تضيء..
كــ قلبه ..
تحركت بسمة تخطو ببطء على إيقاع الأغنية نحوه .
كفاية قسوة العالم
تعالي
أنا محتاج لك
دايم قبالي
تعالي من ورا حزني
تعالي من خيالي
خرجت بسمة من الباب ووقفت ترفع إليه عينين كقطعتين من سماء صافية في يوم مشمس براق .. وبعدم استيعاب لحقيقة وجوده جالت عيناها على ملامحه الخشنة الوسيمة وتلك الابتسامة الغامضة التي تستفزها على زاوية فمه الذي تحيطه لحية خفيفة عصرية .
تكلمت بصعوبة فخرج صوتها متحشرجا وهي تقول بذهول "ماذا ...تفعل هنا ؟"
لم يرد .. فقط خرج صوت كاظم من هاتفه في يدها..
أنا لفيت
حتى تعبت الدنيا من أسفاري
ولا لاقيت
في عز الشتا مثلك دفا وإحساس
يا ناري
كان يبذل مجهودا حتى يبقي يديه المتقبضتين في جيبيه ..
وكان يبذل مجهودا حتى لا يغرق في تلك الزرقة المبهرة أمام عينيه .
وكان يبذل مجهودا حتى لا يقتنص بقوة تلك الشفتين الشهيتين ويلثم طابع الحسن في ذقنها الذي يستفز أعصابه.. أو يحطم ضلوعها بحضن عنيف بين ذراعيه .
كان يبذل مجهودا حتى يتعقل ولا يتهور بالتفوه بلفظ (أحبك) .
فأجلى صوته وهو يتساءل في سره عما إذا كانت تلك اللهفة في عينيها حقيقية أم أنه يتوهم وقال بصوت هارب منه "ماذا تفعلين أنت هنا؟"
بذهول غمغمت" أنا.. .. "
ولم تجد ما تقوله فقال كاظم متدخلا .
نهاري والسهر إنتي
وأحلام العمر إنتي
ولو بان لي صوتك ..
عرفت السر بسكوتك
عادت بسمة تحاول الاستفاقة وغمغمت "أقصد أنت "
أنا عشقِك .. وأنا موتِك
وأنا داري
صمت كل شيء فجأة مع انتهاء الأغنية .. فانتبهت بسمة وانزلت نظراتها تحدق في الهاتف في يدها ليقول كامل وهو يسحبه من كفها "هل يعجبك هاتفي؟"
رفعت إليه أنظارها مجددا وانتفض قلبها الذي انتبهت للتو بأنه كان متوقفا للحظات .. لم ينتفض فقط بل أضحى مجنونا في صدرها يحيي بهسترة مجنونا أخر يشبهه في صدر كامل الذي قال مشاكسا ليخرج من تلك الحالة التي تغريه بتقبيلها مستشعرا رغم المسافة دفء جسدها " لازلتِ كما أنت تقتحمين الأماكن دون إنذار"
لماذا تشعر بمشاعر طفلة عاد والدها من السفر؟ .. أو مراهقة عاد حبيبها بعد فراق ؟
لماذا تشعر بنفسها تريد أن تبكي ؟
تراقصت ابتسامته التي تستفزها على شفتيه وهو يقبّل بعينيه كل انش في وجهها وشعرها الأسود الناعم الذي انزلق الوشاح عنه وسقط على كتفيها .
ابتسامته استفزتها واعترفت لنفسها بأنه الوحيد القادر على ذلك فقالت ببعض العصبية لتنفض عنها منظرها السخيف المرتبك "قلت ماذا تفعل هنا يا كامل؟ "
اتسعت ابتسامته فجأة فبدى أمام عينيها وسيما إلى حد مؤذٍ وتوقف قلبها من جديد ليرد كامل بحاجب مرفوع "وهل يسأل المرء ماذا يفعل في داره؟!!"
اتسعت عيناها بدورها وقالت باستنكار "داره! .. ألم تسلمني المفتاح لأنك ستهاجر؟!"
هز كتفيه ورد ببساطة "أجلت السفر وقررت أن أعود لبيتي ( وأكمل رغم شكه فيما يقول ) فلم تنتهي مدة العقد بعد "
قالت بلجلجة " لكن ..لكن أنت أخبرتني بتركك للبيت وانتهى الأمر "
تكلم كامل موضحا " لا لم ينتهي بعد باشمهندسة باسمة فأنا لازلت أمتلك نسخة من العقد أم أنك قد نسيت ؟.. إذن من حقي أن أعود مادام لا يزال في العقد مدة باقية"
تلك الطريقة التي ينطق بها اسمها عادت لتدغدغ أعصابها فقالت لتخرج من تلك الحالة "لكن كان عليك إخطاري يا استاذ كامل "
مال بجذعه نحوها يقول محدقا في عينيها "أدفع نصف عمري لأعرف كيف تفرقين بيني وبين توأمي؟ وكيف عرفتِ أني كامل ولست شامل؟!! "
ردت بتلقائية وبدون تفكير "شامل طيب ولطيف المعشر "
انتفض كامل للخلف معتدلا يمسك بصدره كمن تلقى رصاصة وقال بطريقة تمثيلية درامية وهو يرفع كفه الأخر في وجهها" كفى أرجوكِ.. سحبت السؤال "
رن هاتفه فأخرجه من جيبه ليجد مفرح وخشي أن يكون بالقرب ويجدهما يقفان في ساحة البيت فأسرع بالرد قائلا "نعم مفرح"
جاءه صوت مفرح يقول بلهجة خطرة "أين أنت الآن ؟"
رد وهو يتأملها أمامه " في بيت الجد صالح؟"
قال مفرح آمرا "تعال أنا في بيت العمدة"
تحرك يتجاوزها نحو باب البيت خلفها ليغلقه قائلا لمفرح بمناكفة "ولماذا لا تأتي أنت؟"
قال مفرح بحزم وجدية "تعال يا كامل فورا"
غمغم متهكما وهو ينظر نحوها " لا بأس سآتي فجهز نفسك لاستقبالي يا حبيبي"
أغلق الخط والتفت إليها بحركاته الاستعراضية المختالة بنفسه يقول بتلك الابتسامة التي تستفزها" آسف .. مضطر للذهاب لأبن عمتك .. وقد اغلقت الباب لأنه كما تعلمين هناك أناس و وز في قريتكم يقتحمون الاماكن بدون سابق انذار .. "
تحرك مجبرا ساقيه على الابتعاد شاكرا لمكالمة مفرح بعد أن اعترف لنفسه بأنه لم يعد قادرا على التحكم في مشاعره أكثر من ذلك ..
أنه مشتاق إليها بشدة ..والتحديق فيها عن قرب لم يعد كافيا بل بات معذبا .
شاهدته يتحرك بضخامته الرشيقة مبتعدا يغادر ساحة البيت نحو البوابة التي فتحها ثم استدار إليها يقول "أرجو أن تغلقي البوابة خلفك جيدا حتى لا اتفاجأ بوزة متوحشة تستقبلني حين أعود"
اختفى من أمامها فأسرعت خلفه هاتفه "كامل"
تجمد في مكانه وانفجرت دقات قلبه حتى كاد أن يتفتت لشظايا هذه المرة ..فأغمض عينيه لثوان قبل أن يستدير إليها بملامح متسائلة ليجدها تقف عند البوابة الخارجية تسأله عاقدة حاجبيها "من أين حصلت على المفتاح؟ .. ألم .. ألم تعطني .."
رد ببساطة وابتسامة ماكرة تتراقص على شفتيه "من شامل.. شامل كان لديه نسخة لكنه لم يسلمها لك (وغمز بعينه ثم أضاف ) والحمد لله أنك لم تغيري القفل "
اسرع يمشي مبتعدا حتى انعطف يسارا في الشارع الجانبي بجوار البيت ..فعقدت حاجبيها بفضول قبل أن تسمع صوت محرك وترى السيارة الضخمة تخرج من الشارع وتعود إليها.
راقبها كامل وهي لا تزال واقفة محنطة أمام البوابة .
كانت فاتنة في جلباب مغربي.. مطرز من عند الاكمام لونه من لون قميصه وطرف وشاحها الناعم يهفو من فوق كتفها كريشة مع النسيم تعزف على أوتار قلبه فغمغم في سره ما جاء إلى رأسه والسيارة تمر من أمامها.
بسمتي أنتِ
ووجعي ..
وجنوني..
والصاعقة التي شطرت قلبي إلى نصفين .
بُليت بعشقك..
فانصهرت ..
واحترقت..
وهزمني الموج الأزرق في عينيك مرتين.
فاقبليني قدرا ..
ووطنا ..
ومطرا ..
يُنبت نُوّار العشق في قلبين.
×××××
استقبل بدير في بيته ابن عمه المعلم بسطاويسي العسال بلهفة قائلا " ها ماذا فعلت؟ "
مط بسطاويسي شفتيه وقال وهو يجلس بجسده البدين على المقعد " حاولت أن أقنع الحاج سليمان بطلبك بالزواج من بسمة لكنه تعلل بأنها قد رفضت من قبل فقلت له أنك تتقدم بطلبك مرة أخرى وتلح لأنك تتمنى مصاهرته"
قال بدير بغيظ "أهذا كل ما فعلته يا شملول!"
أخرج بسطاويسي من جيبه علبة معدنية بها تبغ وورقة ثم أخذ يضع فيها التبغ ويلفها لتصبح سيجارة وهو يقول " وما بيدي لأفعل يا ابن عمي ..لقد جربت كل شيء بل إني ألمحت له ببعض الإغراءات المادية سواء ما تخص شحنات الأعلاف التي أورّدها أنا لمزرعة المواشي أو لاستعدادك للدخول كشريك معه إن أراد توسيع حجم المزرعة .. ولا أنكر بأن لعابه قد سال وبدا عليه الاهتمام لكنه أخبرني بأنه لن يستطيع الضغط عليها فهي ليست صغيرة وأخذ يعززها بأنها الآن لديها عملها الخاص وتدرس شهادة ذات اسم غريب لا أذكره والخ الخ وأن الكثيرين قد طلبوها منه ..المهم وعدني بأنه سيتحدث معها مجددا "
غمغم بدير بحزن "والحل يا بسطاويسي؟ "
انهمك الأخير في بل طرف ورقة التبغ بلسانه ليتمم على لفها فهدر فيه بدير بعصبية" أنا أتحدث معك يا بسطاويسي"
انتفض الأخير وترجرج كرشه أمامه وهو يقول بغيظ" قلت لك اصرف نظر عنها .. سنوات وأنا أطلب منك ذلك (واتسعت ابتسامته اللزجة وقال وهو يشعل السيجارة ويسحب منها نفسا ويطلقه في الهواء) طوال عمري أقول لك افعل مثلي فالنساء حولك كثيرات تزوج اثنين وثلاثة واربعة نساء ومتع نفسك الأمر ليس مقصورا عليها .. لا أنكر بأنها صاروخ من الجمال لكن .. "
هدر بدير فيه "بسطاويسي!! …"
قهقه الأخير بضحكة أكثر لزوجة من سابقتها وغمغم "حاضر يا عم الغيور .. ابق كما أنت واهدر عمرك خلفها ودعني أنا أتمتع مع نسائي الثلاث "
ناظر بدير صديق عمره الذي تجاوز الخمسين من العمر بغيظ .. فقال بسطاويسي وهو يتطلع في دخان سيجارته "بالمناسبة رأيت أحد التوأمين في القرية اليوم في تلك السيارة الضخمة الباهظة الثمن "
عقد بدير حاجبيه ثم غمغم "بالتأكيد هو صهر ذلك القللي .. فقد سمعت بأنه قد خطب ابنته (وصمت قليلا مفكرا ثم غمغم ) لابد أن أصل إليها بأي شكل لأقنعها .. لا بد"
في خارج الغرفة ابتعدت وجدان قبل أن يراها أحد وهي تتنصت على زوجها وابن عمه ثم أسرعت بالاتصال بكاميليا تقول باكية" بدير لم يكف بعد عن طلبها من والدها لقد أرسل إليه ابن عمك بسطاويسي "
غمغمت الأخيرة بغيظ " اتركيني الآن بالله عليك ولنتحدث في الصباح حينما آتيكم "
سألتها وجدان بفضول" ماذا بك؟"
ردت وهي تتفتت من الغيظ" سأموت منذ أن علمت بأن تلك الخرساء الهبلاء بنت القللي قد خطبت لواحد من التوأمين .. يا ربي من أين أتت بهذا الحظ!! .. صحيح كما يقول المثل (يضع سره في أضعف خلقه)"
قالت وجدان باستنكار" عجيب أمرك والله يا كاميليا ..فأنت متزوجة من رجل ينطبق عليه قول المثل الشعبي ( انسان يوضع فوق الجرح فيطيب ) ومع هذا تنظرين إلى فتاة مسكينة معاقة "
حركت كاميليا شفتيها الجميلتين يمينا ويسارا وقالت متهكمة "يوضع فوق الجرح فيطيب !! .. (وأضافت بضيق) اذهبي يا وجدان الآن فأنا لا أطيق حتى نفسي هذه اللحظة "
قالت وجدان بعتاب "أنا اتحدث معك بشأن بدير يا كاميليا"
صاحت الأخيرة بمزاج عكر" اذهبي يا وجدان فلست في مزاج يسمح بسماع شيء .. غدا نتحدث حينما أزوركم"
قالتها وأغلقت الهاتف تلقيه بغيظ على السرير وغمغمت وهي تقضم ظفر إبهامها "بنت المحظوظة المعاقة ستعيش مع الشاب الثري في العاصمة .. اووووووف "
×××××
"هل وصلتِ؟"
قرأتها ونس على الواتساب فكتبت بابتسامة عريضة "أجل فأنا أرى بيتنا الآن من نافذة سيارة الأجرة "
كتب شامل "كنت أتمنى أن أقلك أنا بسيارتي عند خروجك من المستشفى لكني لم استيقظ إلا منذ قليل ومشغول جدا اليوم فكامل في مشوار يخصه ( وجه حزين ) "
"لا بأس ( قلب أحمر )"
سألها شامل "هل تشعرين بالتحسن؟"
"أجل .. متى سأراك مجددا؟"
رد شامل "سأتصل بوالدك اليوم أو غدا لنحدد موعدا لزيارتكم بشكل رسمي وستأتي معنا أمي إن شاء الله "
نظرت ونس لبيتها الذي اقترب ثم كتبت وهي تضغط شفتيها ببعضهما "والدتك .."
وأرسلت رسالة أخرى " أنا اشعر بالارتباك .. لا أحب لقاء الأغراب لأني أخشى من نظراتهم لي .. ولهذا كنت لا أبالي بأحد .. كنت أسقط من رأسي الاهتمام بما سيقولونه عني فكنت أشعر حينها بالراحة والتحرر لكن هذه المرة لن استطيع أن أفعل ذلك لن استطيع ألا أبالي .. أن اسقط من رأسي ما ستقوله عني .. لأني أريدها أن تتقبلني وأن تفرح لك "
رد عليها شامل " لا تحملي هماً .. أمي سيدة لطيفة وتلقائية ودوما ما تفكر به تتفوه به لذا لو تكلمت بشيء ضايقك فلا تحزني ..هي بالفعل لا تقصد الأذى ولكنها تتحدث بكل ما تفكر فيه .. أما قلبها فرقيق جدا"
هتف عيد بغيظ وهو يفتح باب سيارة الاجرة بعد أن توقفت "أنا أتحدث معك يا ست هانم وأنت لا تنتبهين إلا لهذا الزفت في يدك"
زمت ونس شفتيها وترجلت وهي تمسك بالصندوق الكرتون وطرف البالون الوردية .. ثم حدجته بنظرات طفولية غاضبة وتحركت نحو باب البيت فهي تخاصمه منذ أن نفى لها شامل ما قاله عيد عن كونه قد تعرض للإفلاس .
أنقد عيد السائق ثم أخرج هاتفه من جيب جلبابه يرد بعصبية "لماذا تلحين في الاتصال يا نصرة قلت سأتصل بك حينما أصل .. ها أنا قد وصلت الآن .. هي بخير الحمد لله .. لا بأس يا نصرة أنا مقدر لظروفك كان الله في عونك "
اغلق الخط وتطلع حوله متوجسا من ذلك الهدوء الشديد حوله .. فمنذ ذلك اليوم لم يأتيه أحد .. ربما لأنه قضى معظم الوقت في المستشفى وربما لأن مصطفى الزيني قد كلف شخصا للمرور على بيته من وقت لآخر لتقصي أي شيء مريب كما أخبره ..
رفع عيد عينيه الغائمتين للسماء وهو يقبّل ظاهر يده وباطنها ويتمتم بالحمد والشكر .. ثم تحرك يدمدم بغيظ "لنذهب ونصالح بنت الكلب هذه التي تلوي فمها منذ الصباح .. (واضاف بقرف )لماذا أخبرها هذا الفتّان خطيبها قبل أن أعترف لها أنا بنفسي .. حسابه معي عسير.. (وناداها وهو يدخل من الباب) أنت يا ذات الفم الملوي .."
××××
ناولته مليكة القميص المكوي فارتداه ووقفت تتطلع فيه عبر المرآه قبل أن تسأله "أنا سمعتك تقول (تعال يا كامل) هل هذا يعني بأنه قد جاء للقرية ؟"
غمغم وهو يغلق الأزرار ويعدل من ملابسه "أجل وسأقابله الآن "
كان الفضول ينتابها لتسأله لماذا عاد لكنها تحفظت عن السؤال حتى لا يشك بشيء بينما قال مفرح وهو يلتقط هاتفه ومفاتيحه وحافظة نقوده" لا داعي لأن تنزلي فقد أخبرت أمي منذ بداية اليوم بأن لديك صداعا"
أومأت مليكة برأسها ورافقته إلى باب الشقة .. فمال عليها يطبع قبلة على رأسها ثم قال مشاكسا "هذه قبلة أخوية لا تثير الغرائز القذرة"
تطلعت فيه ببؤس متألمة فاقترب يضمها قائلا بخفوت جدي نادما عن جملته" كنت أشاكسك لا أكثر لست جديدا عليك "
مسدت على ظهره بيدها الطرية فقال متنحنحا وهو يبعدها عنه" لا لا بالله عليك .. هناك بعض الأماكن في جسدي سيحظر عليك من الآن فصاعدا لمسها ولو حتى بشكل عفوي"
احمرت وجنتاها أمام عينيه فبديتا شهيتين أكثر من ذي قبل وكأن الممنوع أضحى مرغوبا أكثر فقال مازحا وهو يخرج من الباب "سأذهب قبل أن تسيطر عليّ الغرائز القذرة سلام "
ابتسمت له مليكة بضعف تشيعه بنظراتها واغلقت الباب خلفه لا تعرف إن كان عليها أن تشعر بالمرارة والشفقة عليه أم تشعر بالامتنان له ..فهو لم يغادر الشقة اليوم .. واستيقظ في الصباح يغلق المنبه الذي لم تسمعه واشرف بنفسه على الولدين وعلى استعدادهما للذهاب للمدرسة ..لتتفاجأ بنفسها قد بقيت نائمة حتى الظهيرة وكأنها في غيبوبة مليئة بالكوابيس وازداد شعورها بالذنب حينما استيقظت لتجده جالسا وحده في الصالة غارقا بين كتبه ..
ابتسمت مليكة وهي تعود لغرفة النوم بعد أن تذكرت كيف تهكم عليه الولدان عند عودتهما من المدرسة خاصة وهما يصفان شكل السندويشات التي وصفاها بالمريعة والتي قام بإعدادها لهما في عجلة صباح اليوم..
لا تعرف إن كان عليها أن تشعر بالمرارة والفشل أم بالشفقة على مفرح أم يزداد شعورها بالذنب ..
كل ما هي أكيدة منه أن مفرح يكبر مقاما واحتراما أمام عينيها في كل يوم يمر عليها منذ أن عرفته ..
لم يخذلها يوما .. كان دوما ولا يزال رجلا بمقام توأم الروح ..فهو لم يعقب بأي شيء يخص ما حدث ليلة أمس رغم أنها تعلم بأنه كان حدثا مريعا .. عاملها وكأن شيئا لم يكن وهي كذلك حاولت التصرف بطبيعية طوال اليوم متجنبة العودة لأي نقطة مؤلمة مرت بهما .. ولا تعلم إن كان ما يفعلانه صائبا أم لا .. لكنهما دوما يصران على تخطي المواقف الصعبة التي تواجههما دون الخوض فيها أو مناقشتها ..
عادت للاستلقاء على السرير كالمخدرة تشعر بالإنهاك الشديد .. وكأنها قد عاشت اليومين الماضيين في معركة عصبية مجهدة .. ثم التقطت الهاتف تنوي الاتصال ببسمة لتخبرها بوجود كامل في القرية .
في الشرفة الأرضية في جانب بيت العمدة وقف مفرح يناظر كامل بامتعاض فبادله الأخر بنفس النظرة وكلاهما يداري محبة للأخر لم تستطع اللحظات الحمقاء أن تمحوها .
أشار مفرح على المقعد يقول" تفضل يا كامل بيك.. أهلا بك في قريتنا"
رد كامل وهو يجلس ويفتح ساقيه الطويلين قائلا بلهجة متهكمة "شكرا لك باشمهندس مفرح"
مال مفرح بجذعه للأمام مستندا بمرفقه على فخذيه وسأله مشبكا أصابعه أمامه "هل لي أن أعرف ما الذي أتى بك إلى هنا فحظونا بِطلّتك البهية هذه رغم تحذيري لك بعدم الاقتراب من بيت الجد صالح ؟"
رفع كامل حاجبا وقال بعنجهية وتحدي "بيتي وأنا حر فيه مادام العقد لا يزال ساريا يا باشمهندس.. فلا أنت ولا كل قريتك تستطيعون إخراجي منه"
هز مفرح رأسه وهو يمسد على لحيته عدة مرات ثم غمغم " سأتغاضى عن لسانك الطويل هذا وسأعتبرك ساذجا لا تعرف مع من تتكلم (وناظره بجدية يقول بلهجة قاطعة ) لكني انتظر منك تفسيرا لكل ما حدث يا كامل "
سقط عن كامل عنجهيته وتقبض يقول باستسلام "سأخبرك بكل شيء منذ البداية وبكل أمانة .. لكني أتمنى أن يكون المستمع هو مفرح صاحبي وليس مفرح قريب بسمة"
في شقة مفرح قالت مليكة لبسمة في الهاتف" لم أفهم ما معنى هذا ؟!!"
قالت بسمة بارتباك وهي جالسة على سريرها " وأنا أيضا لا أفهم يا مليكة فهذا ما حدث ..ومازلت في حالة ذهول وارتباك .. ولولا انك قد أكدت لي بأنه بالفعل موجود ويجلس مع مفرح الآن لقلت بأني كنت أخرف ..( واستقامت واقفة تتحرك في الغرفة وهي ترفع عن وجهها شعرها الأسود وتقول من بين أسنانها ) وأكثر ما يغيظني أني بدوت أمامه كبلهاء وأنا أتلعثم وارتعش من وقع المفاجأة (وأكملت بعذاب ) وكاد قلبي أن ينفجر يا مليكة وأنا أراه متجسدا أمامي "
ظلت مليكة صامتة لا تريد أن تقول تخمينا قد يعطي لبسمة أملا زائفا بينما أكملت بسمة "أشعر أن بداخلي كلاما لا أملك صيغة مناسبة للتعبير عنه.. وبداخلي شعوران متناقضان.. شعور بالسعادة الشديدة ..وأخر بالخوف الشديد .. فبعد ما واجهت نفسي بما أشعر به نحوه لا أعرف كيف من المفروض أن أتصرف الآن ..فمن المستبعد أن يراني كاملة دون نقصان وأنا مطلقة وأعرف بأنه حتى لو حدثت المعجزة وكان يكن لي أي شيء فالوضع في ظل معرفته بآل سماحة سيكون حساسا جدا"
قالت مليكة بحيرة "الحقيقة لا أعرف ماذا أقول"
أكملت بسمة استرسالها وكأنها تفكر بصوت عال "الأسوأ من ذلك أني حين عدت وجدت والدي في انتظاري وكان حادا جدا معي لأني أبلغت أمي صباح اليوم بأني لا أريد أن أتزوج أيا من العرسان المتقدمين لي "
زفرت مليكة وقالت شاعرة بالعجز حتى على اقتراح شييء قد يساعد صاحبتها " الوضع يزداد صعوبة بهذا الشكل"
ردت بسمة متنهدة " أجل ولا أعرف كيف أتصرف .. أشعر بضغط شديد.. ضغط مشاعري وحصار والدي والآن عودة كامل "
صمتت مليكة ولم تجد ما تقوله فسألتها بسمة وقد انتبهت لصوت صاحبتها المجهد " وهل أنت بخير اتصلت بك أكثر من مرة اليوم ولم تردي؟"
غمغمت مليكة بلهجة متألمة "الوضع يزداد سوءا يا بسمة وليلة أمس كانت من أصعب الليالي التي مرت عليّ"
في الطابق الأرضي حدق مفرح في كامل مصدوما وهو يمسد على لحيته مفكرا .. فقال كامل منهيا حديثه بعد أن قص عليه بتحفظ الخطوط العريضة من قصته مع بسمة "واقسم لك بأني لم اتجاوز يوما معها بأي شكل من الاشكال .. بل بذلت مجهودا جبارا لضبط النفس احتراما لك ولها "
تكلم مفرح بعد فترة من الصمت" ما حكيته للتو من أغرب القصص التي سمعتها في حياتي وهذا ما يجعلني استمع إليك هادئا الآن لأني اشعر بأن في القصة صدفة غريبة .. لكن السؤال المهم ..لماذا أتيت الآن؟ "
تكلم كامل بصوته الرخيم معترفا " أتيت لأني لم اعد احتمل .. أنا بالفعل أحمل مشاعر قوية لابنة خالك (وأضاف بحرج) و ارتباطها السابق بشخص أعرفه كان من الاشياء التي جعلتني أقاوم هذه المشاعر لكني استسلمت يا مفرح لم يعد أمامي سوى الاستسلام "
سأله مفرح مستوضحا "والمعنى؟"
أجاب كامل " المعنى أني قررت أن أمضي قدما في خطوة جدية معها ..ولهذا عدت ولا أعرف إن كانت ستقبل هي بي أم لا .. خاصة وأني قد التقطت من هنا وهناك خلال وجودي في القرية أنها عازفة عن الزواج .. ولا أعرف أيضا ما هو شعورها نحوي .. ( وزفر يقول بحنق ) أنا مرتبك جدا ولا أعرف من أين أبدأ .. وما هي الخطوة الأولى .. خاصة مع حساسية وضعها وحساسية عادات القرية و … ( وصمت قليلا لا يجد ما يعبر به فسأل مفرح) هل تفهمني؟"
ظل مفرح لثوان يتطلع فيه صامتا .. ثم انفجر فجأة ضاحكا يضرب كفا بكف متعجبا.
شرست ملامح كامل وهتف بلهجة خطرة "لماذا تضحك؟"
رد الأخر بعد أن هدأت نوبة الضحك " لأني مذهول .. قد لا أندهش لو قلت بأنك انجذبت لجمالها فأنا دوما أطلق عليها لقب فاتنة المجرة لأنها كانت دوما تجلب لي المشاكل ونحن صغار بسبب جمالها .. لكن أن يجلس أمامي كامل نخلة الملقب بالسيد المتعجرف مرتبكا لا يعرف أين رأسه وأين قدميه يخبرني بأنه قد سقط في هواها ولا يستطيع الفكاك …"
قاطعه كامل بزمجرة قائلا " مفرح سأهشم لك صف أسنانك فأنا لست هنا لتتهكم عليّ"
قال مفرح هازئا " تهشم ماذا وأنت في هذه الحالة البائسة المعذبة يا فلذة كبدي !.."
هتف كامل من بين أسنانه وهو يرفع قبضته أمامه "يا مفرح بالله عليك أنا اشعر بالضيق والغيظ "
سحب مفرح نفسا عميقا ثم قال بجدية "حسنا انتهى دور مفرح الصديق الآن وسيبدأ دور مفرح قريب بسمة .. ما المطلوب مني بعد هذا الاعتراف ؟"
رد كامل بقلة صبر " أن تخبرني ما هي الخطوات الرسمية .. وهل من الممكن أن أتحدث معها لأعرف رأيها بنفسي"
رد مفرح بلهجة خطرة " نعم يا روح الست الوالدة تفعل ماذا !.. أتريد أن أعيدك للعاصمة في تابوت!"
ناظره كامل بضيق وقال بلهجة ممتعضة "عد لوضع الصديق من فضلك حتى نتفاهم"
أكد له مفرح بحزم " لا يا حبيبي حتى وضع الصديق لن يسمح لك بذلك نحن هنا لسنا في العاصمة ..( وأشار له بيده ) عد إلى بيتك وأنا سأتصرف .. هيا قبل أن يشتد سواد الليل "
رفع كامل حاجبيه وقال مستهجنا "تقصد أعود للعاصمة الآن !!"
قال مفرح مغتاظا " وما الداعي لأن تبقى .. قلت لك أنا سأحاول جس نبض ابنة خالي"
جادله كامل متعجبا " ولماذا لا أبقى في بيت الجد صالح؟!"
قال مفرح بإصرار وحزم " بل ستتركه يا كامل .. لأن الوضع الآن أصبح غير لائق "
هتف كامل باستنكار " لماذا؟.. ألست مستأجرا للبيت"
أصر مفرح على موقفه يقول بلهجة خطرة "عد للعاصمة يا كامل هيا "
أحس كامل بجديته وإصراره فقال مستهبلا "الوقت قد تأخر والليل أظلم يا ابن الزيني.. وأنا لم أنم جيدا ليلة أمس كيف سأقود السيارة في هذه الحالة؟!"
ضيق مفرح عينيه يتأمله مفكرا ثم قال "حسنا سأتركك تبيت في البيت لكن قبل الثامنة صباحا أريدك في الطريق إلى العاصمة"
مط كامل شفتيه ممتعضا ليقول مفرح بلهجة متوعدة "هل تفهم.. الثامنة صباحا يا كامل .. ولا تعود لهذا البيت مجددا"
زفر الأخير بغيظ واستقام واقفا فسأله مفرح "إلى أين لم نتناول العشاء بعد "
قال كامل بقرف "أنا لا أريد عشاءا ولا اطيقك هذه اللحظة"
أمسك مفرح بساعد كامل وقال "اجلس يا بني اجلس هداك الله "
ناظره الأخير بجانب عينه ممتعضا ثم قال "أرجو ألا تخبرها بأي شيء عن الماضي .. أو عن مشاعري .. أنا أخبرتك لأنك صديقي ولأثبت لك حسن نيتي وسبب عدم اخباري لك بأني سبق ورأيتها ..أخبرها فقط برغبتي في الزواج منها ودع الباقي أخبرها به أنا في الوقت المناسب "
هز مفرح رأسه ثم أضاف وهو يشد ساعده لأسفل "اجلس لنتسامر قليلا فقد جئت في وقتك تماما "
سأله كامل بقلق "هل حدث شيء؟"
غمغم مفرح بمراوغة " لا لا مجرد هموم عادية .. أجلس وسآمرهم بتحضير العشاء "
جلس كامل مستسلما وأخذ يفكر بإحباط .. كيف يمكن أن يذهب للعاصمة دون أن يقابلها فهو لم يرها سوى لحظات!
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس