عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-20, 10:52 PM   #773

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد ساعة
كانت ترتجف بشدة .
بل تنتفض .. فكل ما بنته قد هدم ..كل ما اجتازته للأمام بضربة واحدة عادت لنقطة الصفر .. لا بل لنقطة اللا عودة.
أخذت فاطمة تربت عليها في جلستها في إحدى الغرف بالدور الأرضي من البيت وهي تقول بذعر شديد" ماذا حدث يا بسمة ؟ لماذا عدت من العمل وما بك؟؟؟ "
حضنت بسمة نفسها بقوة .. تشعر بشعور مرعب بالخوف .. تشعر بأنها وحدها .. وحدها تماما وتنتظر تنفيذ الحكم عليها بالإعدام حتى أنها لم تصعد لغرفتها لتحتمي بها .. هي من الاساس لا تملك أحدا تحتمي به ..
تعرف بأنها ستساق إلى المقصلة قريبا .. الحكم قد صدر منذ قليل وسيأتون ليسوقوها لتنفيذه .. رغم أنها لا تعرف ماذا فعلت وبم أخطأت .. لكن وفي وضعها الراهن وبما تعرفه عن البلدة … تدرك جيدا أن اسئلة وجودية كهذه ضربا من الرفاهية التي لا تملك أن تسألها.
دخلت مهجة وهي تقلب كوبا من الماء والسكر وتقول "اشربي يا بسمة اشربي"
طالعتها بسمة بعينين ذاهلتين قبل أن تجبرها الأخيرة على الشرب بعد أن قربت الكوب من فمها بينما دخلت إحدى الجارات تقول "يا خالة فاطنة أين أنتم والدنيا مقلوبة بالخارج"
هتفت فاطمة بجزع وهي تخرج إليها "لماذا؟؟"
ردت المرأة باستنكار" الناس تتحدث عن شجار بدير العسال بسبب الباشمهندسة بسمة "
نظرت مهجة لبسمة التي لم تقل شيء .. كانت تحضن نفسها بارتجاف وعيناها متسمرتان على الفراغ فتركت مهجة الكوب لتلحق بحماتها بينما سألتها فاطمة "ماذا حدث؟"
قالت المرأة "سمعت أن بدير العسال يقول أن ذلك الشاب الغريب المستأجر لبيت الجد صالح قد ضربه من أجل الباشمهندسة بسمة .. ووليد حاليا قد اشتبك هو وعدد من شباب الودايدة مع بعض الذين كانوا يتحدثون بهذا الكلام بل إنه قد ذهب مع أولاد عمومته للبحث عن بدير "
ضربت فاطمة على صدرها بينما سقط قلب مهجة في قدميها لتضيف المرأة "المعركة ستكبر لأن اثنين من الجماعة الذين كانوا يدورون في البلدة يخبرون الجميع بما حدث قد اعترفا بعد إمساك وليد والشباب بهما بأن بدير العسال هو من أخبرهم بذلك فتوعدوا لبدير"
حاولت مهجة الخروج فأمسكت بها فاطمة تقول بجزع "إياك والخروج ستكبر المسألة"
دخل سليمان مكفهر الوجه فارتعبت الجارة وقالت بسرعة وهي تهرول خارجة" أنا ذاهبة يا أم وليد"
هدر سليمان غاضبا وهو يصعد السلم" أين بسمة؟"
قالت فاطمة مهدئة" انتظر يا سليمان وأخبرني ماذا يحدث "
صاح بعصبية" أين بسمة لم أجدها بالمشروع؟؟"
"أنا هنا"
قالتها بسمة بجمود من الغرفة الأخرى فنزل سليمان ثم أبعد زوجته غاضبا ليدخل على بسمة التي استقامت واقفة وهي متقبضة إلى جانبيها بقوة تطالع والدها بجمود ..فانقض عليها الأخير يمسك بذراعها قائلا بلهجة خطرة" ما الذي حدث صباح اليوم ؟"
صرخت فاطمة وهتفت "بالله عليك يا سليمان اسمع منها أولا "
بينما قالت مهجة مرعوبة " خالي استحلفك بالله"
أدار سليمان رأسه يصيح فيهما "اخرسا (ثم عاد لبسمة قائلا) انطقي ماذا حدث؟؟؟! "
قالت بتماسك تمنع نفسها من البكاء وتداري ارتجافها" بدير العسال أتى لساحة المشروع وتواقح وتجاوز معي كثيرا.. فصرخت ولم ينجدني غير كامل .. وتعاركا فكذب بدير وقلب الوضع مدعيا كلاما لم يحدث"
بكفه الغليظ لطمها سليمان على وجهها هاتفا "أنت فضحتني يا بنت ال**** … سيرتي على كل لسان الآن .. قلنا أن هذا العمل سيجلب علينا المصائب لم تصدقيني"
تقبضت بسمة بقوة تتلقى الضربة بثبات وجمود رغم ذلك الألم الشديد في خدها وأذنها .. وهي تشعر بأن كرامتها تحرقها والاحساس بالقهر كالضباب الاسود يغيم فوقها لكنها لم ترغب في أن تكون مثيرة للشفقة أمام أحد .
دخل مفرح من الباب جزعا يقول" السلام عليكم"
اسرعت مهجة إليه تهتف باستنجاد" مفرح"
تحرك مفرح يتجاوزها ويدخل الغرفة يتطلع في بسمة وخاله الذي استدار إليه قائلا بسخرية" هل جئت لتطمئن على خيبتنا الثقيلة ! .. لترى نتيجة تشجيعك لها على العمل والخروج من البيت .. ( ورفع سبابته في وجهه قائلا ) أتعرف .. أنا أحملك جزءا من مسئولية ما حدث يا ابن الزيني"
قال مفرح مؤكدا " ما حدث كان بسبب ذلك الوقح بدير العسال وعلينا بتربيته "
ضرب سليمان قبضة في باطن الأخرى يقول متوعدا " بدير هذا سأجعله يندم على ما فعل ( ونظر لبسمة هادرا ) و هذا المشروع سيغلق فورا "
هتفت بسمة بعصبية " وما دخل عملي بالأمر .. بدير العسال …"
قاطعها سليمان قائلا "بدير العسال لم يفعل ما فعل إلا بسببك "
هتفت باستنكار غير مصدقة " بسببي أنا!!!"
أوضح سليمان بغيظ "أجل فلو كنت احترمت نفسك وجلست في البيت وقبلت بزوج ممن تقدموا لك لما تجرأ هو وذهب إليك"
قالت بسمة باستنكار "هكذا ببساطة أنا المخطئة!!"
قال سليمان بعصبية " بقائك مطلقة بدون زوج جعله يتهور .. صحيح هذا التهور لن اسكت عليه وسأريه مقامه لكنك من شجعته على ذلك"
بذهول قالت متسعة العينان "أنا شجعته!!"
من بين أسنانه قال " أجل بقائك بدون رجل وأنت مطلقة جعله يستغل الأمر ضدك هل نسيت تفكير أهل البلد "
قال مفرح مهدئا " انتظر يا خال لنفهم ما حدث بالضبط لنكون على بينة (ثم سألها ) احكي لنا يا بسمة ما حدث لنفهم"
قالت بسمة بقهر تمنع تدفق الدموع من عينيها " قلت بدير جاءني وتواقح وتعدى حدوده وقاومته فتدخل كامل وضربه فقال ما قال أمامك وهذه ليست أول مرة يتخطى بدير حدوده معي "
"ما معنى بأنها ليست أول مرة؟"
قالها وليد صائحا بعصبية وهو يدخل من الباب .. فصرخت أمه ومهجة حينما رأوه بملابس ممزقة تدل على شراسة المعركة التي كان يخوضها بينما جبهته تنزف دما
فأسرعت أمه تمسك بيده تقول" ماذا حدث لرأسك؟"
نفض وليد يد أمه بخشونة ولم ينظر حتى إليها بل ظلت أنظاره مسلطة على بسمة التي صاحت تجيبه" كان يرسل لي رسائل من أرقام غريبة"
قال مفرح باستنكار " رسائل !!.. أية رسائل أريني إياها"
ردت بسمة موضحة "حذفتها .. كلما جاءتني كنت أحذفها واحظر الرقم "
اندفع وليد قائلا وهو يمسك بمرفقها "ولماذا لم تخبريني!"
ناظرته بسمة متألمة ونظرت لمرفقها في يده .. نفس الذراع .. نفس الطريقة التي امسكها بها بدير منذ قليل ونفس التعدي عليها واهانتها.
نظر مفرح لخاله الذي يمسك برأسه مغمضا عينيه يفكر في المصيبة التي حلت فوق رأسه ثم تدخل هادرا" تحكم في نفسك يا وليد فكل منا لا يفكر إلا في ارتكاب جرائم هذه اللحظة لكن علينا ضبط النفس "
ظل وليد يحدق في بسمة وهو يطحن ضروسه بينما هي تناظره بكبرياء مجروح .. فتدخلت مهجة تسحبه من ذراعه تقول باستنكار" وليد ما الذي تفعله؟!!"
خلص وليد يده منها هي الاخرى بخشونة دون أن يلتفت إليها بينما صرخ سليمان بعصبية " ليس لدينا وقت للنقاش الآن نحن في مصيبة بسبب بنت الـ *** هذه "
ترك وليد ذراع بسمة وهو يحاول أن يتحكم فيما يشعر به من فوران في رأسه بينما قال مفرح " اهدأ يا خالي"
انفجر فيه سليمان قائلا " أنت تسكت ولا تتدخل ..يكفي ما جاءنا من تحت رأسك ..مرة تشجعها على العمل ومرة تأتينا بأصحابك"
هتف مفرح باستنكار" الآن اصحابي أصبحا المشكلة!!"
قطع حديثه حينما ضرب وليد منضدة صغيرة بجوار بسمة بقدمه هادرا بجنون أجفل الأخيرة رغم ادعائها التماسك "أرأيت ما الذي أوصلنا إليه عنادك!!"
تحرك مفرح يمسك به قائلا بلهجة مستنكرة" ماذا تفعل.. احترم نفسك نحن واقفون"
هتف وليد فيه "لا تتدخل أنت"
قال مفرح بلهجة خطرة وهو يدفعه في كتفه "ماذا تعني"
صاحت مهجة غير مصدقة "وليد !!"
التفت إليها والجنون يعميه صائحا "لا تتدخلي"
صاح مفرح محذرا وهو يمسكه من ياقة قميصه "لا تصرخ في وجهها"
صرخ سليمان ينفض عباءته المعلقة فوق كتفيه بعصبية قائلا " اتركونا من ذلك الهراء ودعونا نفكر في المصيبة التي حلت فوق رؤوسنا .. "
استدار وليد يقول متوعدا "بدير العسال حين سأجده سيلقى مني الجزاء على فعله "
قال سليمان بلهجة مستخفة " لكن تهورك يا فالح واشتباكك الذي حدث منذ قليل مع أولاد العسال سيحول الأمر لكارثة والعائلتان ستشتبكان والدماء ستكون حتى الركب "
صاح وليد باستنكار حتى نفرت عروقه من عنقه " وهل كنت سأتركه ليلوك في سمعتنا يا أبي !!"
قال مفرح من بين أسنانه " يا غبي افهم أنت بهذا ستضخم المشكلة وبدير سيلجأ للشرطة وسيدرج اسم بسمة في محاضر الشرطة هذا بالإضافة للفضيحة"
قالها وصمت يفكر في وضع كامل الذي لا يعلم كيف سيتم التعامل معه إن وصل الموضوع للشرطة كونه مقيما وليس مواطنا.
دمدم سليمان بقنوط "أي أننا سنخسر حتى أعمالنا بسببك يا بنت ***"
قبل أن يندفع نحوها وقف مفرح أمامه يمنعه متماسكا حتى لا يتحول الوضع لمعركة أسرية وقال مهدئا "يا خالي بالله عليك لدينا مصائب بالخارج الآن"
قال سليمان لبسمة من فوق كتف مفرح "من هذه اللحظة قدمك لن تخطو عتبة الباب وإلا أنا من سيفرغ فيك الرصاص هل فهمت؟! "
قالها وتحرك مغادرا فهتفت بسمة باستنكار "ما معنى هذا الكلام ؟…وعملي!"
ناظرها مفرح بأن تصمت مؤقتا بينما استدار سليمان يقول من عند الباب "عملك هذا سيغلق فورا وستنسين هذا الموضوع تماما ولن تتحركي من هنا إلا كزوجة لأحدهم وهذا سيكون قريبا جدا إن شاء الله لأني سأقبل بأول شخص سيتقدم لك بعد أن ننتهي من هذه المصيبة دون حتى الرجوع إليك "
قالت غير مصدقة "ماذا تقول يا أبي !!"
رد سليمان بقرف " أقول بأنني قد انفضحت .. وسيرتك اصبحت على كل لسان وبالطبع هناك من سيستخدمها للترويج لعلاقة مشبوهة بينك وبين أحد الرجلين يا ست هانم وهناك من سيضيف عليها من خيالاته المريضة .. لذا فالحل الوحيد هو أن أزوجك فورا لأي شخص سيتقدم للزواج منك لنقطع الالسنة ونثبت للعالم بأنك تزوجت ولا تشوب سمعتك شائبة "
اتسعت عيناها بقوة وهتفت بغير استيعاب " ما هذا الهراء! ..وهل سأجبر على الزواج من أي شخص يطلبني حتى يكون ذلك برهانا على أني شريفة ؟!!..أنا لا أقبل بهذا أبدا .. أنا لست بهيمة تساق دون رغبتها لمن سيقرر أن يشتريها "
أشفق مفرح على بسمة ورغم معرفته بعقلية خاله وعقلية أهل البلدة لكنه لم يستطع منع نفسه من القول "إن ما تقوله يا خالي أمر محزن بشدة"
قال سليمان هادرا "قلت لا تتدخل أنت"
تكلم مفرح بإصرار "سأتدخل .. إنها ابنة خالي وعليّ أن ادافع عنها وما تقوله مهين "
قال سليمان بلهجة عصبية " إن كانت تهمك فتزوجها أنت ..على الأقل حين تتزوجها وأنت ابن العمدة سيكون هذا أكبر رد اعتبار لها"
شهقت كلا من بسمة ومهجة وفاطمة بينما اتسعت عيني مفرح يقول باستهجان " ما الذي تقوله يا خالي !!"
رد سليمان ينفض جانبي عباءته صائحا "خالك تعب وكره العيشة .. البلد ستحترق وبدير العسال لن يهدأ إنه يريدها باستماتة وبالتأكيد سيقلب الأمر لصالحه ويساومني .. أتفهمون ما أقول؟! .. بدلا من أجلس واتشرط سيساومني "
هتف وليد متوعدا "لن تتاح له الفرصة لأني أنوي أن اقتله عندما أجده"
قالت مهجة مستنكرة "ماذا تقول يا وليد؟!"
تدخل مفرح موبخا " هل جننت الامور لا تحل بهذه الطريقة !!"
قال وليد منفعلا " كل شباب الودايدة سيكونون هنا بعد قليل لنذهب للبحث عن بدير "
هتف سليمان من بين أسنانه" لماذا ..لماذا أنحن في حمل المزيد من الفضائح "
صاح وليد " الفضائح سببها ابنتك يا ابي ونحن من نجني الآن "
زمت بسمة شفتيها تتطلع بكرامة مجروحة في أخيها الأصغر بينما راقب مفرح وجه مهجة المصدوم ثم قال" يا وليد حاول التحكم في اعصابك أنت بهذا الشكل تفسد لا تصلح.. هل تظن بأنك وحدك من يشعر برغبة في الذبح والقتل انتقاما !"
هدر سليمان في ابنه باستهجان " أنت يا غبي (نقول ثور تقول احلبوه !) إذا حدثت مشاجرة بين العائلتين لن يكون هذا في صالحنا لأنه لو تأذى شخص ما ستبقى هذه الفضيحة معلقة في الأذهان مدى الحياة علينا أن نخرج منها بسلام ..( ولملم عباءته يضيف) سأذهب لأحاول تهدئة الوضع قبل أن تتكتل المصائب فوق رؤوسنا "
تحرك مفرح يلحق به خارج البيت قائلا "انتظر يا خالي أفهمني علام تنوي حتى لا يعمل كل واحد منا على حدة"
قال سليمان "علينا أن نمنع بدير من أن يتواصل مع الشرطة حتى استطيع جره لجلسة عرفية لحقن الدماء بين العائلتين .. الشباب الصغيرة أنا سأقدر على تلجيم الودايدة منهم لكني لا آمن لجانب أولاد العسال خاصة بعد المناوشات التي حدثت من وليد وأولاد أخوالك معهم .. الحل الوحيد هو جلسة الصلح التي ستلزم الطرفين .. أنت تعرف بأنه لو حدثت اصابات أو وفيات مهما اثبتنا أن ابنتنا شريفة ستظل الفضيحة عالقة بالأذهان لذا علينا حل الأمر بهدوء"
قال مفرح متفهما " أعلم يا خالي .. أعلم كل ما تقوله أنا من جانبي سأسعى للوصول لبدير لإقناعه "
قال سليمان وهو يغادر بوابة البيت "وأنا سأرسل من يبحث عن ابن*** هذا المختفي ..بالتأكيد هو في أحد المستشفيات يتعالج ويحاول الحصول على تقرير طبي بحالته حتى يقدمه للشرطة "
بمجرد أن خرج خاله وقف مفرح يفكر قليلا أمام البيت فيما سيفعل قبل أن يأتيه صوت مهجة تصرخ فاسرع إلى الداخل.
قبل دقائق
في الغرفة الداخلية وقفت بسمة تشعر بالظلم الشديد من ضياع أحلامها التي انهارت فجأة بدون أي ذنب .. وانتابتها حالة هستيرية مما يحدث وكأن العالم كله قد إنهار من حولها .. فكل ما بنته بشقاء وتعب ودموع الفترة الماضية بكلمتين من والدها وكلمتين أخريين من أهل البلدة إنهار .. كانت تعتقد بأنها قد أصبحت اثقل وزنا على الأرض لتقف ثابتة في وجه مالا تريد لكنها اكتشفت بأنها لا تزال بخفة ورقة تتحكم فيها الريح هنا وهناك ..
لا يمكن أن تسكت على هذا الكم من الإهانات..
لا يمكن أن تسكت على امتهان كرامتها .. فهتفت بقهر وقد تجمعت الدموع في عينيها تنظر للباب الذى غادر منه والدها للتو " أنا لن أقبل بكل هذا .. أنا لم أفعل شيء لأعاقب بهذا الشكل المهين "
اندفع وليد يقول بغيظ " تقبلي أو لا تقبلي هذا لن يغير من الأمر شيء فمنذ هذه اللحظة ما ستقرره العائلة ستنفذيه دون نقاش "
هتفت مهجة وهي مصدومة من طريقته "وليد اهدأ من فضلك أنت تزيد من الأمر سوءا وتجرحها بما تفعل .. ( وسحبته من يده تضيف ) تعال لأعقم لك الجرح "
ناظرها صائحا "اسكتي أنت ولا تتدخلي"
انفجرت بسمة فيه غير قادرة على تحمل المزيد" كف عن التحدث معي بهذه الطريقة"
عاد ينظر إليها قائلا بغضب مجنون "أنا سأتحدث معك بالطريقة التي أراها مناسبة .. يكفي ما فعلتيه .. يكفي الدماء التي قد تسيل بسببك .. يكفي انك دمرت كل شيء"
صاحت بسمة باستنكار " أنا!! .. أنا السبب!!"
سألها بانفعال وعيناه الزرقاوين جاحظتين "لماذا لم تخبرينا بما يفعل بدير هذا؟؟"
ردت بعصبية " لم أرغب في التسبب فيما يحدث الآن لم أثق في حكمتك في التصرف.. فلازلت تتصرف بحمق وصبيانية "
لطمها وليد على وجهها فشهقت أمه وصرخت مهجة مصدومة "وليد إنها اختك الكبيرة !!"
لطمته سحقت البقية الباقية من كرامة بسمة ..شقت قلبها إلى نصفين .. لكنها تماسكت بقوة حتى لا تنهار وصاحت ترفع إليه عينيها المغرغرتين بالدموع "أتحسب نفسك رجلا !"
أمسكها وليد من ذراعها ودفعها للخلف فارتطمت بالحائط لتصرخ أمه بينما تسرع مهجة لإبعاده عن بسمة وقد استشعرت بأنه في حالة من انفلات الاعصاب فقالت بعصبية هي الأخرى " ابتعد يا وليد واتركها ما هذه الهمجية؟!!"
صاح في زوجته "قلت لا تتدخلي"
وقفت أمامه مهجة بقامتها القصيرة تقول "سأتدخل هل ستضربني أنا أيضا .. أهذه طريقة تعاملك مع الأمر ..أتعتقد بأن العصبية والصوت العالي رجولة .. انظر لمفرح كيف يحاول التعامل مع غضبه دون… "
قاطعها هادرا " هذا هو أنا … بهذه العصبية بهذه الصبيانية وعليك التعود"
اشاحت بيدها أمامه تقول " وأنا لا أقبل بأن اعيش مع شخص بهذه الهمجية "
رفع قبضته أمامها يقبضها بقوة محاولا التحكم في رغبة في ضربها هي الأخرى وهو يقول " اتقي شري يا مهجة"
قالت فاطمة التي تبكي منذ مدة وهي ترى ما آل إليه حالهما "اهدئي يا بنيتي فلا يصح أن تعاندي زوجك وقت غضبه "
ظلت عينا مهجة معلقة بعيني وليد الذي ناظرها والجنون يتطاير من عينيه فقالت بحسرة وحزن شديد " يا لخيبة أملي بك .. حقا يا لخيبة أملي بك .. أنا لن ابق في هذا البيت لحظة واحدة "
قال باستنكار "ما معنى هذا الكلام!!"
تطلعت بسمة فيما يحدث وقد اشتدت صدمتها بينما هتفت أمه" اهتديا بالله يا أولاد ..ما الذي تقوليه يا مهجة ؟!!"
قال وليد بعناد متوعدا " جربي أن تخرجي من هذا البيت "
عقدت مهجة ذراعيها وردت بكبرياء "ماذا ستفعل ؟.. هل ستضربني؟!.. وهل تعتقدني سأسمح لك بذلك "
وكأن عبارتها قد ضربت بسمة في مقتل فوقفت تتطلع فيها كيف هي شامخة مرفوعة الرأس لا تسمح لأحد بأن يتطاول عليها .
أما وليد فشعر بالخوف .. بالخوف من تهديدها .. كان يعلم بأنه قد تمادى .. وبأن مهجة قادرة على تنفيذ ما تقول .. لكن خوفه هذا زاد من عصبيته التي دفعته للمزيد من الحماقات ليثبت لنفسه سيطرته على الأمر فدفعها من ذراعها قائلا "اصعدي لشقتك "
هتفت بلهجة حاسمة " ليست شقتي من هذه اللحظة فلم أعد احتمل .. هذا كثير "
ضربت أمه على صدرها بينما شعرت بسمة بالذنب وبأن كل ما يحدث منذ الصباح بسببها هي رغم أنها لم تفعل أي شيء خاطئ.
قال وليد معاندا والخوف بداخله يزداد "قلت اصعدي ولا تجعليني افقد اعصابي معك"
صرخت مهجة في وجهه "طلقني يا وليد"
اتسعت عيني بسمة مصدومة وازداد شعورها بالذنب بينما شحب وجه وليد وقال بحشرجة " هل أنت مجنونة؟"
قالت مهجة بتماسك " كنت مجنونة وغبية .. والآن فقط افقت واستوعبت بأن الناس لا يتغيرون"
اسرع بالإمساك بذراعها يقول بفحيح مرعب " جربي أن تخرجي من هذا البيت "
صرخت معاندة " قلت سأخرج يا وليد ولن أعود مجددا"
"وليد!! "
قالها مفرح هادرا لكن الأخير لم يستدر بل ظل ممسكا بذراع زوجته يناظرها بغضب فأسرع مفرح بإبعاده عنها بخشونة قائلا "ماذا يحدث؟!!"
ظل وليد ومهجة يناظران بعضهما وكأن هناك حربا كلامية بين عينيهما قبل أن تقول مهجة بتصميم وعيناها المتحديتان لم تحيدها عن عيني وليد "أنا ذاهبة معك يا مفرح لبيت أبي "
تفاجأ مفرح بينما قال وليد معاندا "لن تتحركي إلى أي مكان"
بحثت مهجة حولها ثم التقطت وشاح بسمة الملقى على أحد المقاعد واسرعت بلفه حول رأسها ومفرح يحاول استقراء ما يدور في عقل أخته .
تحركت مهجة فشعر وليد بأن روحه تخرج من جسده مع خطواتها المبتعدة فاندفع بعناد ذكوري يمسك بذراعها قائلا" لن اسمح لك أبدا"
تدخل مفرح يقف بينهما في وجه وليد قائلا بلهجة خطرة "إياك والتصرف بهمجية معها"
هتف الأخير بعصبية "لا تتدخل أنت إنها زوجتي وأنا حر "
صاحت مهجة من خلف أخيها "أنا زوجتك ولست جاريتك !"
هجم وليد عليها من خلف مفرح ليمسك بها صائحا " اصعدي للشقة " فدفعه الأخير بقوة ليرتطم بالحائط وسط شهقات فاطمة ومهجة بينما ظلت بسمة تشاهد ما يحدث ومقلتاها يتراقص فيهما الذهول ..
إنها السبب في كل ما يحدث .. أو سيحملونها كلهم السبب.
قبض مفرح على رقبة وليد يلصقه في الحائط وعيناه تطلقان قذائف من الشرر قائلا بفحيح مرعب " أنت لم تحترم وجودي ..ولم تحترم كبيرا منذ أن دخلت .. وأنا لن اقبل أبدا بأن تهان أختي .. سأحرقك حيا يا وليد لو حدث ذلك .. "
قال وليد بحشرجة "لوكنت لا احترم الكبير لكان تصرفي الآن معك وفي هذه اللحظة مختلفا"
سأل مفرح مهجة الواقفة بذهول خلفه تغطي فمها بيديها "ماذا قررت يا مهجة .. وأنا اعرف بأنك تدركين تابعات قرارك جيدا"
هتف وليد بعناد واصرار يداري رعبه "لن تخرج "
وقفت مهجة لثوان تحدق في المشهد ..وأصابها الارتباك بعد أن كانت مصرة حينما خذلها وليد وأكد لها سوء اختيارها .. لكنها الآن تشفق عليه وهو بهذا الشكل مع مفرح وتلك الرعشة في مقلتيه التي يناظرها بها رغم جمود وجهه أوجعت قلبها فقالت لتحافظ على كرامة زوجها "سأبقى حتى تهدأ الاجواء وأطمئن على بسمة بعدها .."
قاطعتها فاطمة تقول بتوسل "حلفتك بالله كفى يا مفرح لا توجع قلبي أكثر مما هو موجوع "
تركه مفرح بسرعة شفقة بزوجة خاله ثم قال لوليد "أعلم بأنك زوجها وبأن كلمتك هي الأحق عليها .. لكن هذه الأحقية ستكون لك طالما هي تريد أن ترضخ لها .. وإن قالت ابنتنا يوما لا تريد فلن يجبرها أحد .. ولست أنا .. مفرح الزيني الذي سيخشى من العادات والتقاليد أمام رغبة أختي ضع هذا في رأسك جيدا وكن صاحب حكمة لا صاحب صوت عال"
واستدار لأخته يقول بخفوت متحشرج "إذا احتجتني فقط اضغطي على زر الاتصال وسأكون عندك فورا"
ما حدث بين مفرح وأخته زاد الحسرة في قلب بسمة وقارنت رغما عنها بينهما وبين الوضع المخزي الذي تتعرض له منذ الصباح.
دخلت مليكة من باب البيت تقول" السلام عليكم"
فناظرها مفرح متفاجئا ..لتقترب منه تقول بخفوت "اتصلت بك أكثر من مرة ولم تجب .. وكنت أريد أن أطمئن على بسمة "
لمس مفرح ذراعها لمسة سريعة وتحرك مغادرا فأشفقت عليه بشدة فقد كان باديا عليه الارهاق والضيق الشديد وأدركت بعدما حكت لها أم هاشم على الهاتف ما حدث صباح اليوم بأنه هو بالذات بين شقي الرحى.
تطلعت في وليد ومهجة اللذان يقفان على باب الغرفة الداخلية يحدقان في بعضهما .. واقتربت تقول" السلام عليكم "
اندفع وليد خارجا حتى كاد أن يصطدم بها بينما وقفت مهجة تشيعه بعينين دامعتين وخيبة أمل كبيرة واعترفت لنفسها بأنها قد أخطأت من الأساس في موافقتها على الزواج منه .. كانت ساذجة حينما تصورت بأنها ستستطيع تغييره لكن اليوم وفي أزمة كهذه وضح كل شيء ووضح سوء اختيارها.
قالت مليكة لمهجة "هل أنت بخير؟"
غمغمت بحشرجة "سأكون بخير إن شاء الله "
قالتها وتحركت لتصعد لشقتها فتابعتها مليكة بأنظارها ثم دخلت الغرفة لتجد الحاجة فاطمة تجلس على الأريكة تغطي وجهها بطرف وشاحها وتبكي فقالت مشجعة "لا تبكي يا خالتي سيمر الأمر بخير إن شاء الله"
ثم نظرت لبسمة التي تطرق برأسها أرضا في جلسة متجمدة ونادتها "بسمة "
ببطء رفعت إليها بسمة أنظارها وهال مليكة ما رأته على وجهها من ألم وعذاب رغم أنها لم تكن تبكي .. ويا ليتها تستطيع البكاء !.
××××
بعد قليل
قال مفرح وهو يقود سيارته "المشكلة أني بين شقي الرحى أريد أن أسحب مسدسي وأفرغه في بدير هذا وفي الوقت نفسه اؤيد ما قاله خالي بأن المشكلة لو كبرت وأصبح فيها اصابات أو وفيات لا سمح الله الفضيحة ستظل عالقة في الأذهان .. ومهما أثبتنا أن بسمة اشرف من الشرف نفسه ستظل الفضيحة تطاردها"
قال مصطفى مؤيدا" وهذا رأيي أنا الأخر كما أن علينا أن نحقن دماء أهل البلدة لا أن نشعل النار فيها"
قال مفرح يفكر بصوت عالي " لهذا علينا السيطرة في اتجاهين الأول أن نمنع بدير العسال من اخبار الشرطة فبعيدا عن كون الأمر سيزيد من الفضيحة وسيدخل الشرطة بيننا فكامل كما تعلم مقيم وليس مواطنا ومهما كانت علاقات والده أخشى من أن تتعرض له الشرطة بشكل أو بآخر ويقلقني جدا ما نسمعه في الصحف هذه الأيام من بعض مثيري الفتنة بشأن الوافدين من بلده ومحاولة اثارة المشاكل حولهم أخشى أن يطال كامل في حالة الاستنفار الأمني هذا ما يسيء له .. والاتجاه الثاني وليد الوديدي .. إنه ينفعل إلى حد التهور والحماقة أيضا واخشى أن يتسبب في اشعال النزاع "
قال مصطفى "سمعت بأنه قد احتك بخشونة مع أولاد العسال "
زفر مفرح ورد " أجل .. ذهب للبحث عن بدير وحين لم يجده تشاجر مع أولاد العسال وأخشى أن يتمادى في حماقاته وتشتعل الامور "
سحب مصطفى نفسا عميقا ثم قال "سأحاول أنا الوصول لبدير قبل أن يذهب للشرطة وأنت عليك بتحجيم اندفاع وليد"
رد مفرح "حسنا وسأحاول من ناحيتي إيجاد بدير أنا الآخر"
غمغم مصطفى بوجوم " اتفقنا من يصل إليه أولا يبلغ الثاني "
قالها وودع مفرح ثم اغلق الخط يجز على أسنانه يتوعد بدير قبل أن يرفع الهاتف ويطلب رقما ثم يقول" جابر .. كيف حالك .. أريد منك خدمة عاجلة "
أما في سيارة مفرح فتلقى اتصالا وأسرع بالرد "نعم أبي "
سأله العمدة " هل لازلت في بيت خالك؟"
أجابه مفرح " لا أنا تركت بيت الوديدي منذ قليل وسأذهب لكامل ثم.."
قاطعه العمدة بانفعال" عد إلى هناك فالأمر قد تفاقم ..أخبروني أن أولاد العسال بزعامة عماد وابن أخيه علاء في طريقهم لبيت الوديدي بالشوم والعصي ردا على احتكاك وليد وشباب الودايدة بهم .. اذهب بسرعة قبل أن تسيل الدماء بين العائلتين"
لاح الخطر على وجه مفرح واسرع بتحويل مسار السيارة عائدا لبيت خاله وهو يقول حسنا يا أبي أنا ذاهب فورا "
أغلق مفرح الخط ثم اتصل بمليكة يقول "أريدك أن تسيطري على الأمر عندك فلا تسمحي لنساء البيت بالخروج منه مهما حصل .."
سألته مليكة بجزع "ماذا هناك يا مفرح؟"
قال هادرا "نفذي بدون اسئلة يا مليكة .. لا بسمة ولا زوجة خالي ولا مهجة وأي من نساء البيت عندك تخرج مهما حدث سلام "
أغلق الخط واتصل بكامل الذي كان يتحرك كأسد حبيس في البيت يخشى أن يتدخل في الخلاف الذي لا يعلم إلى أي مدى قد وصل حتى لا يزيد من تفاقم الوضع ..ويلوم نفسه بأن كان عليه أن يتحكم في أعصابه أكثر من ذلك فكان يكفي أن يخرج بدير من المكان لا أن يتصرف بهذا الانفلات العصبي ويترك لغيرته أن تغيب عقله..
حين رن هاتفه أسرع بالتقاطه يقول بلهفة "مفرح طمئني "
قال مفرح بلهجة صارمة أقلقته" اسمع يا كامل .. الوضع حاليا سمعت بأنه قد تفاقم وهناك انذار بحدوث مشاجرة كبيرة بين عائلتي العسال و الوديدي ..وبدير الزفت هذا نبحث عنه قبل أن يخبر الشرطة "
قال كامل باستنكار " هل سيصعد الأمر للشرطة؟"
رد مفرح مؤكدا "أجل كلنا أكيدون بأنه سيحاول إيصاله لذلك .. المهم أنا أريدك أن تبقى مكانك وسأخبرك بتطور الوضع .. أهم شيء لا تحاول الاقتراب من بيت الوديدي حاليا"
قال كامل باستنكار" لماذا كل هذا لا أفهم!!"
صاح مفرح منفعلا "بدير ألقى ببضع كلمات تفيد بأنه هو من دخل عليكما في ساحة المشروع ثم أرسل بعضا من تابعيه لينشر الأمر في القرية والناس بدأوا يتناقلونه بشكل يشوه من سمعة بسمة .. ولهذا أي ظهور غير مدروس لك أثناء المشكلة قد يشكل خطورة على حياتك لأني لا آمن جانب أولاد العسال إن ذممت أنت في بدير ولا أضمن رد فعل الودايدة بعد انتشار الهمس في البلد ابق مكانك حتى اتصل بك يا كامل ولا تتهور أكثر من ذلك "
سأله كامل " وبسمة كيف حالها؟"
رد مفرح بحسرة " بسمة .. يكفي أن أخبرك بأنها قد خسرت كل شيء.. سمعتها وعملها الذي تعذبت حتى أقامته "
سأل كامل يحاول الفهم "وما دخل عملها ؟"
رد مفرح "دخله أن والدها كان معارضا له من البداية والآن اقسم بأنها لن تخرج من باب البيت وسيزوجها غصبا حتى يثبت للناس بأنه لم يطل سمعتها شيء هل فهمت"
تمتم كامل مذهولا " ما هذا التخريف في أي عصر نحن!"
ضرب مفرح على المقود بعصبية قائلا "أرأيت حجم المصيبة التي أوقعتنا بها بعدم تحكمك في غضبك ..عموما حسابي معك سيكون فيما بعد سلام "
قالها وأغلق الخط يلقي بالهاتف على المقعد المجاور ثم يضغط على البنزين أكثر وهو يضرب على المقود بقوة عدة مرات بعصبية قبل أن يهتف بقنوط "سترك يا رب"
×××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس