الموضوع
:
ظل في قلبه *مميزة ومكتملة *
عرض مشاركة واحدة
01-05-20, 03:16 AM
#
1493
نغم
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
?
العضوٌ???
»
394926
?
التسِجيلٌ
»
Mar 2017
?
مشَارَ?اتْي
»
2,982
?
الًجنِس
»
?
دولتي
»
?
نُقآطِيْ
»
¬»
******
هذه الأيام الأخيرة صار يعيش تمزقا مضاعفا ، يرى علاقته بإيثار بعد صبر منه و انتظار و تماسك و مرونة تفشل كل يوم أكثر ، لم يعودا قادرين على الوصول لبعضهما ، على صنع أي نقطة التقاء .
حتى العاطفة هجرت لقاءاتهما
كل هذا و أكثر يحصل معه بينما الأخرى الفاجرة بامتياز التي شوهت حياته تسير حياتها بكل سلاسة .
جالسا داخل سيارته ، أصابعه متقلصة فوق المقود دون وعي منه ، نظراته تلتهب غضبا و حقدا و هو ينظر إلى موكب زفافها يمر في الشارع الذي يوصل إلى حيه و حيها .
أسطول السيارات يواصل المرور مغلقا أمامه المجال للتقدم و السيارات وراءه أصحابها يطلقون نفيرهم بضيق يزيد من خنق أنفاسه .
هي تمر و تعرقل عليه طريقه ، هي تعيش و تعرقل عليه حياته .
- أستغفر الله العظيم يا رب
نطقها بين زفراته و هو يواصل حبسه الجبري داخل سيارته غاضبا حتى الجنون ، مستمرا في مشاهدة زفتها إلى الآخر الأبله .
أفسدت حياته ، دمرت نقاء قلبه ثم تنعم هي بمستقبل مغسول من خطاياها بينما هو يتقلب الآن في مستنقع شك و غيرة ، يحرك قدما فتعلق الأخرى .
و إيثار أتعبته ، ظنها ستكون لينة ، قادرة على الاحتواء لكنها متمردة ، مشروع أنثى متوقدة تتعب القلب و تنهك العقل .
و هو تعب عمرا قبلها و ظن أنها ستكون راحته و واحته لكنها بطريقة ما هي الأخرى خانته
خانت معظم توقعاته عنها و أتعبته
أرهقت صبره و أزهقت طولة باله
و في الوقت الذي اشتاقت أصابعه لليونة خصرها تعب رأسه من الاصطدام برأسها اليابس
احتار كيف يصل إليها ، كيف يَفهمها و كيف يُفهمها أن الزواج شراكة ليس انسحاق ذات تحت ذات
لكن عقلها مليء بتلك الضوضاء الملوثة
ب"دع لي مساحتي الخاصة ، اترك لي ركني الشخصي "
ترددها بغباء كببغاء ينطق ما لا يفهم
تجعله يشعر بأنهما لن يكونا زوجا و زوجة يتشاركان دفء الفراش بل سيكونان زميلي حياة ، مجبران على التعايش و ربما التكاثر
لكن الزواج ليس بهذا التصور العصري السيامي التكوين
الزواج تزاوج و التحام
احتواء و اقتحام
تكون هي بعضه حتى يكون كله لها
ليس انزواء
ليس دع لي مساحتي و مسافاتي و حدود محيطاتي .
أحيانا في لحظات الصفاء ما بين عناق و قبلة تكسو حمرة الهوى خديها و تزين حلاوة الغزل نظراتها تتعرى من تمردها فتبدو له كأنثى مثالية يرى فيها كل نساء العالم لكن ما إن يدخل الجد بينهما حتى تتلبسها روح شيطانية يسمونها كذبا المرأة المعاصرة .
زفر بحدة و هو يراقب آخر سيارات الأسطول تختفي من أمامه فأطلق نفيرا عاليا ينبه السيارة المتوقفة أمامه .
أدار المقود ليأخذ طريقا جانبيا أطول لكن أقل زحاما فهو لن يطيق اكتظاظا آخر يكفيه عجيج أفكاره . احتدت زوايا وجهه و هو يتذكر لقاءتهما الأخيرة .
عنوان للخيبة و الإحباط بالخط الأحمر العريض.
لم تعد هناك قبلات بدل ذلك صارا يجلسان يتبادلان الاتهامات .
تنهد و هو يتذكر موعدهما الأخير حين لم يشأ أن يتكلم معها في أي موضوع لأنه كان اشتاق جدا لنوم قلبه بين شفتيها .
و حين مال عليها و قبلها كانت كعروس من السكر ، حلوة جدا لكن باردة بلا روح .
وصل شقة أسرته فدخل مغلقا الباب خلفه بقوة كأنه يضعه بينه و بين سيل الذكريات ، نظر بجمود لأمه التي خرجت بنصف جسدها من المطبخ ترفع نحوه وجها متسائلا ثم ألقى عليها تحية مختصرة و دخل غرفته مقفلا أي باب للحوار .
خبط حقيبته على الفراش ثم دار قليلا داخل غرفته متوسطة الحجم يحوم وسط زوبعة أفكاره ، تعمق تقطيب جبينه و هو يحاول تذكر ما كان ينوي فعله ما إن يدخل غرفته .
وقع نظره على هاتفه فانقشع ضباب النسيان و مد يده إليه فورا يتصل بها .
رن الهاتف طويلا كما البارحة ليلا فأخذ قلبه يتململ بين قلق و غضب قبل أن تنهي هي تأرجح مشاعره و تفتح المكالمة فيزفر بقوة .
- أنت بخير ؟
- الحمد لله ، جاءه صوتها خافتا متعبا .
تراخت قسماته قليلا و هو يسير نحو النافذة لكن تذكر ليلة البارحة فعاد غضبه المستكين ليلمع داخل عينيه .
- لماذا لم تردي على مكالماتي لك البارحة ؟
ساد صمت بسيط ثم وصلته كلماتها الحائرة :
- أخبرتك هذا الصباح أني كنت عند نادية و لم يكن هاتفي معي .
أومأ برأسه بنفاذ صبر ثم قال بملل :
- أنا أقصد ليلا عندما عدت من عندها لماذا لم تعيدي الاتصال بي .
هذه المرة كان الصمت أطول و أشد عمقا حتى كاد يشعر به يغمره كله ، شيء من التوجس سكن فكره بينما موجة استيعاب متأخر تضرب عقله .
- إيثار ؟ همس بصوت خفيض يحمل تهديدا جليا ، لا تقولي أنك أمضيت الليلة في بيت أسرة صديقتك تلك ؟
- أنا ، أنا
قاطع تأتأها المرتبكة بغلظة :
- أمضيت الليلة خارج بيت أسرتك دون أن تستشريييييني ؟
استقبل سمعه أنفاسها المتهدجة فزاد لهيب أنفاسه مهاجما سماعة الهاتف ثم تكلمت بصوتها الذي رققه الاضطراب :
- أنا استشرت بابا و هو وافق و حاولت الاتصال بك كثيرا لكن هاتفك كان خارج الخدمة .
بحركة عنيفة فتح النافدة على مصراعيها و وقف لحظات صامتا عابسا تاركا وجهه الملتهب عرضة للنسمات الباردة ثم قال بخفوت منذر :
- و كلمة والدك كانت طبعا أعلى لديك من كلمتي عليك .
- أنا لا أفكر على هذا النحو .
- كيف تفكرين إذا ؟ فح من بين أسنانه و هدير غضبه يعلو و يتعالى .
- بالنسبة لي كلاكما لديه نفس السلطة علي و موافقة بابا أو موافقتك لها نفس القيمة عندي ، صمتت لحظة ثم أضافت بتردد ، ثم أن نادية و أمها صديقتان للأسرة منذ صغري .
- أليس لديها أخ صديقتك تلك ؟
طريقة نطقه لتلك و كم القرف الذي وضعه فيها نفخا روح التمرد داخل عروق إيثار .
كانت دائما تجعل فرق السن بينهما على طرف لسانها قبل أي كلام لكن مرة عن مرة أسلوبه يزداد استفزازا و هي بالتأكيد لن تسكت أكثر خاصة و هجومه تجاوزها ليطول شخص نادية كذلك .
- لديها أخ بالفعل ، قالت بمنتهى الهدوء .
- صديق للأسرة هو الآخر كما أتصور ؟ تمتم بتهكم لاسع .
- نوعا ما ، نعم .
- و كم يبلغ من العمر أخو صديقتك ؟ نظراته اسودت بشكل خطير على عكس نبراته التي حملت هدوءًا مقنّعا .
- في الحادية و الثلاثين ، أجابته بكل حيادية .
- يعني في نفس عمري ، هز رأسه ببطء ثم سأل مجددا ، و طبعا ستقولين أنك تعتبرينه كأخيك .
- أنا لا أعتبر كأخي سوى أخي نفسه ، صوتها صار كقالب ثلج .
- إذن كيف سيادتك تفكرين فيه ؟
- ككيان .
- كيان ، كررها ببطء ، كيان ، أعاد قولها باشمئزاز .
و بصوت التوت مخارجه تحقيرا عاد ليسألها :
- و ماذا عن والدها ترينه كيانا كذلك ؟
تكهربت إيثار في جلستها و معنى كلماته الأخيرة يصل سمعها و يصدم كل تصوراتها عنه .
- ماذا تقصد أكرم ؟ ضيقت عينيها بشدة ثم نطقت دون سيطرة على كلماتها ، أن تشك بوجود شيء بيني و بين نادر فهمناها لكن أن تشك بأني أنظر إلى السيد سليمان بتلك الطريقة ؟
- ما هذا التخلف ؟
أبعد أكرم الهاتف مذهولا ، مشلول القدرة على التصديق لما وصفته به لتوها ثم فورا و دون لجام لغضبه أخذ يترجم صعقة قلبه على شكل كلمات اندفعت عنيفة صارخة
- أنا متخلف ؟ !!
أتعرفين ما التخلف يا مستهترة ، يا متشردة ؟
التخلف الحقيقي هو التخلف عن الدين و الأخلاق ، هذا هو التخلف ، هذه هي الرجعية
متخلف لأني أطلب ممن تحمل اسمي أن تستشيرني قبل أن تبيت في بيت فيه رجلان غريبان عنها ؟
تفعلين ذلك متعمدة و أنت تعرفين ما الذي مررت به و تأثيره علي ؟
تصرفاتك كلها تستفز شكي و تحرض نيتي السيئة ثم تصفينني بالتخلف يا عديمة التربية .
- أنا لا ، أنا لم ، من الجهة الأخرى كانت إيثار تحاول أن تقول ، أن تبرر فتمزق صرخاته أطراف جملها .
كان يطرق الجدار بجوار النافذة عدة مرات و يواصل تعنيفها بخشونة صوته و كلماته .
- عديمة تربية ، عديمة أخلاق ، أنا متخلف ؟ أنا ؟
كإعصار اشتد أزره انتفضت إيثار دون سابق إنذار و بصراخ فاق صراخه أخذت تقول دون أن تمرر كلماتها على الفلتر المعتاد :
- و أنت معقد ، غير طبيعي و غير متزن .
لا أريدك أنت تجعلني تعيسة
طلقني طلقني طلقني
تقلصت أصابع أكرم على الهاتف و تصلب فكه بينما أنفاسه أخذت تنتفض داخل صدره .
- إيثار ، احترمي نفسك قبل أن أعلمك الاحترام ، قال و التحذير ينز بين نبراته .
لكنها واصلت بنفس الغضب المندفع :
- هذه هي حياتي ، هذه هي أنا ، من يريدني يقبلني كما أنا و لا يفرض علي أن أكون على مقاس أحلامه
- يقبلك بغبائك ، بتصرفاتك الغير موزونة
- نعم يقبلني حتى لو كنت مجنونة
سكت الكلام الصارخ فجأة و حل بدله صمت لاهث ، تنهد أكرم و أرسل عينيه إلى السماء العابسة الأفق ثم قال ببرود و نظره يتحول لانعكاسه على زجاج النافذة :
- إيثار هذه ثالث مرة تطلبين مني فيها الطلاق خلال الأسبوعين الأخيرين
و تعرفين ما يقال : الثالثة ثابتة
- إذن طبق المثل أكرم ، تحدته باستفزاز ،
أنا
لم
أعد
أريدك .
أغمض أكرم عينيه مخفيا نظرته الليلية المربدة ثم بصوت متخل قال :
- لك ما أردت آنسة إيثار
أنت
قبل أن يقتلها ببقية اليمين رمت إيثار الهاتف من يدها كأنه ثعبان سام .
*********
نغم
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نغم
البحث عن كل مشاركات نغم