عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-20, 03:03 PM   #243

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

يقف في مكان متسع لايعرف هويته...
أضواء عالية تومض وتنطفيء..
أشخاص بلا ملامح واضحة يحومون حوله ....
وفجأة أنفصل عن جسده جسدا أخر...
يشبهه من ظهره كثيراً أما وجهه فلم يراه
نفس الهيئة ونفس الملابس ....
سأله بخوف :"من أنت؟"...لم يرد عليه صاحب هذا الجسد بل أسرع من أمامه بخطي عجولة ...
أستجمع همته وسار بخطوات سريعة خلفه.....
يُسرع ويُسرع هو خلفه حتي أصبحت خطواته أشبه بالهرولة فهرول خلفه بالمثل الي أن لحق به وأمسكه من طرف قميصه ...
وأخيراً ألتفت أليه صاحب هذا الجسد ليتفاجأ أنه ماهو ألا نسخة منه ....قال له بذهول:"من أنت؟؟"...قال له:"أنا عُمرك"....ظهر الهلع علي ملامح وجهه وقال له:"ولما أنت ذاهب؟"..... قال بملامح خاليه من أي تعبير:"ولما أبقي؟"...قال له بتوسل وملامح ممتقعة :"أنتظر قليلاً...أنتظر لنتفاهم"...
قال له بصوت شبه الي:"أنها دار عبور وليست دار خلود دار ضيافة وليست دار أقامة..مهما طالت سنرحل"...
قال بأسف :"وأنا لم أعشها بعد"...
حاول الشبح المغادرة ولكنه تمسك بطرف قميصه بقوة قائلاً بتوسل:"أنا لم أعشها بعد".....
أنتفض أبراهيم من نومه وهو يردد :"أنا لم أعشها ...لم أعشها..... نظر حوله وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وقال بقلب مقبوض ماهذا الحلم؟؟لالا أنه كابوس...."
حمد الله أنه أستفاق...وجلس علي سريره يلهث من فرط الأنفعال وأخذ يبحث حوله عن شربة ماء فلم يجد...
قام من سريره وأتجه الي المطبخ ملأ كوباً من الماء ووضعه علي شفتيه وشربه دفعة واحدة.....ثم خرج الي غرفة المعيشة الخالية ..
فجأة أصبح المنزل خالياً بعد أن كانت نسمة تزينه ...أبتسم أبتسامة حزينة وقال لنفسه بصوت مسموع:"أليس هذا ماكنت تتمناه؟..أن تطمئن عليها قبل أن تقابل وجه كريم"...تذكر أحداث الأمس ومافعلته كريمة وأستشاط غيظاً.... لقد حذرها من هذا الأمر حذرها من الحديث مع عبدالله ورغم ذلك ضربت بكلامه عرض الحائط ...تُري لماذا؟؟؟...
هل لأن من يأمن العقوبة يُسيء الأدب؟...
فتح نافذة الحجرة علي أخرها ليستنشق الهواء وجلس علي الأريكة المواجهة للنافذة وشرد بذهنه...لماذا يلومها وحدها علي أفساد حياته ألم يكن من الأحري أن يلوم نفسه علي أستمراره في زيجة فاشلة طوال هذه السنوات.. هكذا قال له عقله....أما قلبه فقال مُدافعاً:"وأبناءك هل كنت ستتركهم لها لتشكلهم كما يحلو لها؟"....
قال عقله:"أولم يحدث هذا بالفعل مع عمر ونشأ معها وتأثر بها حتي دمر حياته كلياً"..
رد قلبه بسرعة:"وكنت تريد أن يحدث لنسمة ماحدث لعمر علي الأقل وجودك معها جعلك تنجو بنسمة"...
أغلق عينيه بقوة ومرر أنامله علي خصلات شعره البيضاء الخفيفة يتذكر حين كان شاباً صغيراً يبحث عن عروس ورأت والدته رحمها الله كريمة حين كانت شابة جميلة صغيرة في السن وأعجبت بها ورشحتها له وماأن رأها هو الأخر حتي أنجذب اليها وبعد فترة خطبة قصيرة تزوجا وبدأت خصالها السيئة تظهر واحدة تلو الأخري .غيرة؛حقد؛نميمة؛دائمة النظر الي مافي يد غيرها ...حاول تقويمها كثيراً ولم تأتي جهوده ثمارها ........
لم يتعجل فاستمر معها ثلاثة أعوام ولحسن الحظ لم تكن أنجبت بعد فقرر أن يسرحها بأحسان حين يأس من أصلاحها وما أن أخذ قرار الأنفصال وقبل أن يواجهها حتي فاجأته هي بخبر حملها في عمر....
عاهد نفسه أن يستمر في محاولات الأصلاح حتي ينشأ مافي بطنها في بيئة سوية وبالفعل بدأت تستجيب هي وكانت شهور حملها فترة هدنة أنشغلت بالحمل ومتاعبه.....
الي أن قامت بوضع عمر وبعدها كان الحدث الذي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وهو تسببها في طلاق أخته الكبري بسبب تدخلها الغير مبرر في مشكلة بسيطة مع أخته و أهل زوجها نقلت هي فيها كلمات لا تصح وبسببها تم طلاق أخته نهائياً....
حينها شعر أنه لن يستطيع أن يُكمل حياته معها وبالفعل طلقها وسافر الي أحدي الدول العربية للعمل...
كان وقتها عمر عمره أشهر...وهذه كانت غلطته الثانية بعد غلطة زواجه بها وهي أن ترك لها ولده الصغير تربيه بطباعها وما أن أستدرك خطأه حتي أعادها الي عصمته بعد أربعة أعوام بعد عودته من السفر مُباشرة كان عمر مرتبط بها ومتأثر بها بحكم وجوده المستمر معها فأخذ وقتاً كبيراً حتي أستطاع أن يجعله يميل له ولكن هيهات فقد أصبح تأثره بها صعب السيطرة عليه بعدها مُباشرة حملت كريمة بنسمة فأبي الا يكرر نفس غلطته مع عمر وأخذ يتبع مع كريمة أسلوب اللين والحيلة لتغيير طباعها وفي نفس الوقت كان يتعمد أن تكون نسمة تحت رعايته حتي لاتتأثر بأمها وكان كلما شب عمر كلما أدرك أبراهيم أنه أصبح صورة طبق الأصل من أمه ولكنه في النهاية ولده قطعة من قلبه مهما فعل فهو أبنه .....
حتي عندما دمر حياته مع زوجته وشتت أبناؤه كان أبراهيم مُعارضاً له ولكنه لم يكن يملك عليه سلطة فالولد الصغير شب وكبُر وأصبح واجب والده عليه فقط النصيحة وأما قبلها وأما رفضها..
فتح عينيه وزفر بيأس حين وصل بذكرياته عند هذه النقطة وتذكر كيف كان قلبه يتمزق أثناء طلاق عمر وفريدة شعر وقتها أن تضحيته هو لجمع شمل أبناؤه لم يعُد لها قيمة لأن أحفاده سيعانون من نفس المصير الذي حارب هو حتي لايلقاه عمر ونسمة
ضحي هو بسعادته من أجلهم من أجل أن يأتي يوماً يجلس فيه وحوله أبناؤه وأحفاده فجاء عمر ليُدمر هذا الحُلم وبعد أن كان يقضي أبراهيم أجمل أوقاته بصحبة أحفاده الذين كانوا يهونون عليه كل شيء...ثارت فريدة بعد طلاقها وأقسمت أن تأخذ أبناءها وترحل من المنزل ومن الحي بأكمله ...
وكل ما أستطاع أن يفعله وقتها جبراً لكسر قلبها ولتكفير مافعله أبنه أن قَسَمَ مُكافئة نهاية خدمته بعد خروجه علي المعاش علي أبناؤه في حياته ولكن نصيب عمر أقتسمه وهو من أشتري لفريدة الشقة التي تقيم بها أكراماً لأحفاده ووقتها ألح عُمر عليه أن تكون في نفس المدينة التي يسكن بها حتي يستطيع رؤية أولاده بسهولة ...ونفذ له طلبه لأنه عاني من فراق أبنه وهو صغيراً ولم يحب أن يتذوق أحفاده مرارة هذا الفراق...
ولأن عمر مهما فعل فهو أبنه الوحيد... أبنه البكر الذي كان يتمني له مالم يحققه هو في حياته.....
دواااامة من الذكريات كلما دخل بها تستنزفه نفسياً.... ..
تناول هاتفه وأتصل بنسمة التي كانت تجلس في غرفتها الجديدة بمفردها فمنذ الصباح وعبدالله لم ينطق كلمتين علي بعضهما وكل منهما يجلس في غرفة منفصلة...
ما أن رن هاتفها حتي تناولته وابتسمت حين وجدته والدها فتحت الخط قائلة بشوق:"أهلا أبي أشتقت اليك"...قال أبراهيم بصوت جاهد حتي يكون طبيعياً:"أهلا حبيبتي كيف حالك؟"...
قالت له بنبرة صوت جاهدت هي الأخري حتي لايستشف منها أي شئ :"أنا بخير حال أبي"....
من الصعب أن تجاهد حتي لا تخبر عزيزاً عليك بالامك في نفس الوقت الذي يجاهد هو لأخفاء الامه عنك ...
أنت تكذب وهو يكذب وكلاكما يعلم أن الأخر يكذب ولايملك أن يسأل الأخر عن صدق شعوره حتي لايضطر الي الأفصاح هو الأخر عما يكن ...
كل منهما يحمل في صدره هماً....الفرق الوحيد أن هناك من يقف في منتصف الرواق يتشبث بمظلة ربيع العمر ويشعر أن هناك وقتاً يستطيع فيه الأصلاح ..
وهناك من يقف في أخر الرواق يتكيء علي عصا واهنة تسمي بخريف العمر ..وشتان مابين الاثنين
*************
أستند عبدالله بظهره علي ظهر السرير الصغير في هذه الغرفة الصغيرة المُخصصة للضيوف..يسترجع كل كلمة قالتها له كريمة ...
كانت كلماتها قاسية خاصة حين علم مقصدها بعد أن ضغط علي نسمة وجعلها تقص عليه كل شيء......
عقد حاجبيه حتي ألتصقا ببعضهما وأخذت الكلمات تتردد في ذهنه بقوة..."حال أبناءي ما
يزعجني...هل نصيب أبناءي أن يختاروا بأنفسهم أقدارهم؟..عمر أختار ونسمة أختارت....لماذا يختارون دائما ما يؤذيني يحرموني بملء أرادتهم من أن أري أحفادي حولي.. "
وضع يديه علي أذنيه وهو يشعر بطنين بهما ...
لم يكد ينتهي بعد من تأنيب الضمير تجاه مها والسنوات التي عاشتها معه محرومة من الأنجاب وما أن تزوجت غيره حتي أنجبت.....حتي يأتيه عذاب ضمير أخر بشأن نسمة...
هذا بخلاف لسان أمها الذي لن يسلم منه وهاهي كانت البداية بالأمس ...زفر زفرة حانقة وهو لايعلم مالمفترض أن يفعله....لو كان علم بذلك قبل عقد القران لم يكن ليتممه...قطع أفكاره طرقات خافتة علي باب الغرفة فقال وهو يعتدل ومازالت ملامحه مُمتقعة:"تفضلي"
دلفت نسمة الي الحجرة بخجل وقالت له:"أبي سيأتي بعد قليل..."
أستقام واقفاً وقال لها بهدوء:"أهلا به "....
نظر اليها وكانت ترتدي منامة قطنية عليها رسومات كارتونية وتعقص شعرها خلف رأسها ولا تضع أي مساحيق تجميل كما كانت تضع في الجامعة ......وبدت في هذه الهيئة أصغر عُمراً بكثير.... شعر وهو يراها أمامه هكذا أنها فتاة صغيرة لم يسبق لها الزواج من قبل كانت بشرتها صافية بيضاء تماماً علي النقيض من بشرته وكانت تعلو وجنتيها حمرة هادئة تبدو طبيعية ...راقت له كأنثي فقال في سره وهو يشيح بوجهه للجهة الأخري:"سامح الله من أفسد الزيجة من قبل أن تتم"...
أتجه جهة الباب وتجاوزها قائلاً بفتور:"سأدخل لأأخذ حماماً سريعاً قبل أن يحضر ...."
دخلت هي الي الغرفة لتبدل ملابسها فدخل خلفها وما أن رأته حتي أعادت غلق أزرار منامتها بسرعة فقال لها وهو يشيح بوجهه:"أنا فقط سأأخذ ملابسي من الخزينة"..
قالت له:"حسناً تفضل هي غرفتك في الأساس"...
أخذ ملابسه وتوجه الي الحمام الذي يقع بجوار الغرفة مُباشرة ....وما أن أنتهي وارتدي ملابسه حتي سمع صوت رنين جرس الباب ...
خرج ليستقبل أبراهيم ولكن نسمة سبقته وفتحت لوالدها الذي ما أن رأها حتي ضمها بقوة كأنه لم يراها منذ زمن ...دائما عندما كان يضم أبنته كان يشعر بحاجته هو لهذا الحضن أكثر منها ...تقدم منه عبدالله وقال ضاحكاً :"وأنا ليس لي نصيباً ياعمي أبراهيم..أتركا شيئاً لي"...
أبتعدت نسمة عن والدها فاقترب عبدالله منه فصافحه أبراهيم بمودة وقبله وربت علي كتفه ..
أغلق عبدالله الباب وقال لأبراهيم :"تفضل ياعمي أنرت البيت كله"...دلف أبراهيم وجلس في حجرة الصالون وجلست نسمة بجواره قائلة بتساؤل:"أين أمي لماذا لم تأتي معك؟"...
لم يحب أن يقص عليها ماحدث وهي مازالت عروس فقال لها ببرود:"ذهبت مع عمر بالأمس لتجلس عنده لفترة"...
تذكرت فجأة الحوار الذي دار بينهم الأسبوع الماضي واليمين الذي أقسم به والدها وتساءلت بينها وبين نفسها هل من الممكن أن يكون الوضع تطور الي ذلك الحد.؟......ضيقت نسمة عينيها وقالت بشك:"هل حدث شيء بينكما؟"..قال لها بوجه هادئ :"لا حبيبتي أطلاقاً..هي فقط أشتاقت الي رؤي وذهبت لتجلس معهم لفترة"....
هنا تأكدت أن هناك شيئاً حدث بينهما ولم تحب أن تضغط علي والدها فربما لايحب الحديث أمام عبدالله...
أخرج أبراهيم من جيب بنطاله ظرفاً به مبلغاً مالياً كبير ووضعه علي المنضدة قائلاً لهما بابتسامة باهتة:"لم أستطع أن أحضر لكما هدية أحضرا أنتما ماتريدان"...
قبلته نسمة وربتت علي يده ثم استأذنت منهم وقامت لتُضايف والدها...
دخلت الي المطبخ ووقفت تائهة تنظر حولها لاتعرف أماكن أي شئ...أجمل مافي المكان ومالاحظته منذ الأمس أن كل شئ في الشقة يبدو جديداً واضح أن عبدالله مُنظماً جداً فلا يوجد شيء ليس بموضعه ..
أستندت علي المنضدة الصغيرة وشردت بذهنها في ليلة أمس التي كانت ترسم لها ألف سيناريو سعيد ولم يخطر في بالها أن يحدث ماحدث وتنام هي في غرفة وهو في غرفة ...
زفرت بيأس ثم قالت لنفسها لتدعمها:"حسناً أنت تعرفين أن عبدالله حساس من تلك الجهة وأمك ضغطت مُباشرة علي جرحه والحل الأمثل للتعامل معه في هذه الفترة هو الطبطبة "..
قطع أفكارها دخول عبدالله الذي تفاجأ بها تستند علي الطاولة وتنظر في اللاشيء كانت ترتدي جلباب أنيق مُطرز بلون رمادي يظهرها بشكل أنيق ولاتضع أي مساحيق فيبدو وجهها طبيعيا وطفولياً وقال لنفسه بحنق:"لو لم تكن والدتها أدلت بدلوها بالأمس لكنت الأن عريساً بحق"...
أنتبهت الي وجوده فقالت له :"ماذا؟"...قال لها ما أن سمع صوتها :"ماذا؟...ثم أستدرك نفسه قائلاً:لقد تأخرتي فظننت أنك لاتعرفين أماكن أي شيء وتحتاجين لمُساعدة "...تعلقت عينيها بعينيه وقالت له بابتسامة باهتة:"نعم أنا حقاً أحتاج للمُساعدة"..
أشار لها علي أماكن الأكواب والكاسات والأطباق التي رتبتهم والدتها أثناء فرشها للشقة وفتح الثلاجة فأخرج العصائر والحلويات ووقف بجوارها يُساعدها ولكن ذهنه لم يكن معه وهي لاحظت وصمتت لاتعرف هل ذهنه مع ماقالته والدتها له بالأمس أم مع ساكنة الدار السابقة
***************
طرقات مُتقطعة عالية علي باب الشقة جعلت عبدالرحمن وأختيه يقفزون من أمام التلفاز ويتسابقون ليفتحو الباب وما أن فتحوه حتي دخل فادي يحمل عدة عُلب من البيتزا قائلاً لهم بمرح:"هاقد أتي بائع البيتزا"..
حملو عنه عُلب البيتزا ووضعوها علي منضدة السفرة في حين أتت فريدة من المطبخ قائلة له بحماسة:"هاقد أعددت السلطات لقد أتيت في موعدك تماماً"..
غمزلها بعينه وسألها:"أين فدوي؟"...
قالت له :"بالداخل كانت ترتاح قليلاً..."..
أسرعت سمر الي الداخل وقالت لفدوي التي ترقد في سرير فريدة وتغلق الأضواء :"خالتي لقد أتي خالو فادي وأحضر العشاء هيا "...
قامت فدوي بلا كلام وخرجت لهم وجلسو جميعا علي طاولة السفرة يتناولون العشاء....
الأولاد مُستمتعين بالتجمع والكبار كل منهم غارق في أفكاره يتناولون الطعام بشرود ففدوي كانت تفكر في سامر وكيف تساعده في تخطي أزمته هذه وتجعل لديه ثقة بنفسه وترتب الكلمات التي ستقولها له....
وفريدة لم تكن تشعر أنها تقف علي أرض صلبة بل كانت تشعر أن جسدها يطير من فرط السعادة لقد قررت أن تستمع الي تيمور وأن تعطي نفسها فرصة لتفرح بهذه اللحظة التي لن تتكرر.... تعلم أن الأمر مُعقد ولكنها لاتريد أن تغرق في هذه التعقيدات الان... تريد أن تعيش يومين فقط في هذا الحلم الوردي الرائع ألا يحق لها؟....
أما فادي فكان يُفكر بأي طريقة سيفتح معهم أمر زواجه ..يعرف أن هناك ثورة ستقوم ضده ولكن لابد من المواجهة ولابد من الأعلان كفاه ما مضي... يريد أن يعيش حياته في النور...نظر الي أختيه اللتان تتباين ملامح وجهيهما من النقيض للنقيض فهناك من تجلس علي يمينه بملاح جامدة مُمتقعة وهناك من تجلس علي يساره بوجه ينبض بالحياة وشتان ما بين الاثنتين...
قطع عليهم صمتهم وقال :"نحن علي موعدنا في زيارة الصباح اليس كذلك؟"...نزلت فريدة من علي السحابة الوردية التي كانت تُحلق علي متنها وقالت له بلهفة:"نعم لقد رتبنا أنفسنا لقد أشتقت اليهما حقاً"....
أما فدوي فردت بهدوء قائلة:"حسناً"..
قالت سهر:"أريد أن أذهب معكم"..
قال فادي بسرعة :"المرة القادمة حبيبتي فنحن سننزل مُبكراً ونأتي مُبكراً بأذن الله وانتم تكونو نائمون في هذا الوقت"....أنتهوا من الطعام فقال عبدالرحمن لفادي:"ما رأيك أن نلعب بلايستيشن"...
قال فادي بحماسة طفل صغير:"هيا "...دخلا معا الي حجرة عبدالرحمن وخلفهما البنتان ليشجعاهما في حين أخذت فريدة فدوي الي حجرتها لتقص عليها ماحدث اليوم...
أغلقت الغُرفة جيداً وجلست علي سريرها وأمامها فدوي وقصت عليها ماحدث.......أبتسمت فدوي ابتسامة حانية ما أن أنتهت فريدة من الحديث وقالت لها:"كنت أشعر أن هناك شيئاً من جهته هو الأخر ..
ثم أردفت وهي تمط شفتيها ..ولكن يافريدة...".
علمت فريدة ماستقوله من ملامح وجهها فقالت لها بتململ:"حسناً أعرف انك تؤيدين أن أعود الي عمر"...
قالت فدوي بسرعة:"ليس الامر كذلك أنا كنت أريدك أن تعودي بشروطك يافريدة وتشترطي عليه أن يطلقها قبل عودتك من أجل الاولاد فقط ....ليس جيداً هذا التشتت لهم"...
قالت فريدة بضيق:"هو لن يطلقها يافدوي...وأنا أقسم لك أنه حتي أن طلقها فلن أستطيع أيضا العودة له ثم أردفت بقلة حيلة:لم أعد أطيق النظر في وجهه وهذا من قبل أن أعرف تيمور صدقيني تيمور ليس السبب"...
قالت فدوي وهي تربت علي كتفها:"حسناً حبيبتي أصدقك ولكن الوضع كيف سيسير بعد أعترافكم هذا؟"...
قالت فريدة بترجي:"أرجوك يافدوي لاأريد أن أفكر في هذا الأمر علي الأطلاق حالياً أريد أن يكون ذهني صافياً عدة أيام قبل أن أفكر في أي شيء ..أريد أن يتوقف الزمن عند هذا الأعتراف ".....
أومأت فدوي برأسها أيجابا مُتفهمة حالة شقيقتها وقالت لها بابتسامة حنونة:"حسناً تستفيقين من حالتك هذه ثم نتحدث...تصبحين علي خير"...
ثم اعطتها ظهرها ونامت بجوارها علي السرير
اغلقت فريدة المصباح الجانبي المُضاء وألقت جسدها علي السرير وابتسامتها لاتفارق وجهها...
تلقت تنبيهاً باستلام رسالة واتساب ففتحتها لتزداد ابتسامتها عُمقا ما أن وجدته قد كتب لها:"ماذا تفعلين؟"..كتبت له:"أستعد للنوم"....كتب لها :"لما لم تحدثيني فور عودتك وأكتفيتي برسالة فقط؟"...
لا تعرف ماذا تقول له هل تقول له لأنها في قمة الأحراج منه ..
طال صمتها فكتب لها:"فريدة ..ألا أستحق أن أسمع الكلمة التي أتوق لسماعها منك واضحة وصريحة كما قلتها لك واضحة وصريحة؟"....
كتبت له:"أنت تستحق كل شيء جميل أنت نقطة الضوء التي ظهرت فجأة في حياتي ....أنت أمنية مستحيلة ودعوة صادقة دعوتها لنفسي ذات يوم...لقد دعوت الله أن يجعلني أتذوق حلاوة الحياة...تيمور أنت أحلي مافي الحياة..."
لم يصدق تيمور أن هذه الكلمات له فاستقام من علي الأريكة التي كان ينام عليها في غرفة والده بالمشفي وأغلق التطبيق وخرج خارج الغرفة واتجه مباشرة الي الشرفة التي كانا بها منذ ساعات قليلة واتصل بها مباشرة ..
لا تعرف لماذا يتصل وهما يتحدثان كتابة ولكنها أستجابت لاتصاله قائلة بصوت هامس حتي لاتزعج فدوي التي شعرت بانتظام أنفاسها بجوارها:"ماذا هناك؟ألم نكن نتحدث كتابة؟"...
قال لها بأنفعال:"فريدة لماذا لم تقولي لي هذا الكلام وجها لوجه؟لماذا تقوليه كتابة وأنت تثقين أنني أبيت مع والدي ولن أستطيع أن أأتي اليك؟"...
قالت باستنكار:"تأتي الي أين؟"..
قال لها بحنق طفولي :"بعد كلماتك هذه أن كانت الظروف طبيعية كنت سأأتي اليك فوراً..ألا أستحق يافريدة أن تقوليها لي وجها لوجه".. أبتلعت لعابها وقالت له بهمس:"تيمور لاتنسي أنني لست حُرة نفسي...أي كلمة أقولها لابد أن أحسب لها ألف حساب أنا أم في المقام الأول"..
قال لها بتنهيدة خافتة:"فريدة ألم أقل لك لاتفكري في أي مشكلات وتعقيدات ؟"...قالت له وهي تقنع نفسها بمايقوله:"حسناً:"...قال لها وهو يتجول في الشرفة:"هل تعرفين أين أنا الان؟"..
.قالت له :"أين "..قال بصوت دافئ:"في نفس الشرفة التي كنا فيها معا منذ قليل"..أستعادت كلماته التي لاتزال تتردد في ذهنها وابتسمت فقال لها أغلقي الان سأرسل لك أغنية علي الواتساب نسمعها سويا ثم نستكمل حديثنا"...
قالت له:"حسناً"...أغلقت فأرسل لها الأغنية فوضعت السماعات في أذنها واستقامت واتجهت الي نافذة حجرتها فتحتها ووقفت بها وهي لاتشعر ببرودة الجو فانساب صوت كاظم الساهر في أذنها بنعومة قائلاً:"أحبيني بلاعقد وضيعي في خطوط يدى أحبيني لأسبوع لأيام لساعات فلست أنا الذي يهتم بالابد...."
أبتسمت وكلمات الاغنية تمتزج بكلماته العاشقة التي يتردد صداها في أذنها
أما هو فأخذ يتحرك ذهاباً وعودة في الشرفة الخالية الا منه وتمني أن يعود به الزمن عدة ساعات للخلف ..
الكلمات ليست كلمات أغنية بل يشعر أنها تخرج من قلبه هو
"تعالي واسقطي مطرا علي عطشي وصحرائي وذوبي في فمي كالشمع وانعجني باجزائي .."
هو يحتاجها حقا لتروي عطشه وتروي جفاف أيامه
"أحبيني بطهري أو بأخطائي وغطيني أيا سقفا من الأزهار ياغابات حنائي..."
أحتضنت الهاتف وهي تنظر الي القمر المكتمل الذي يتوسط السماء
" انا رجل بلا قدر فكوني انتي لي قدري.. احبيني...احبيني"
ما أن أنتهت كلمات الأغنية حتي أتصل بها فردت عليه مٌباشرة قال لها:"هل أستمعتي اليها كاملة؟"...
قالت له بهمس:"نعم"...
قال بصوت رخيم:"أعتبري هذه الكلمات هي أحساسي تجاهك بل هي بالفعل أحساسي..أنا أحتاجك في حياتي بشدة"...تنهدت قائلة:"وأنا أيضا...ثم أردفت: حسناً...أنا أريد أن أنام بضعة ساعات لأننا سنذهب في الصباح الباكر لزيارة أبي وأمي سأرسل لك أغنية نسمعها معا قبل أن ننام واعتبرها الرد الذي تريد أن تسمعه"...
قال لها بحماس :"حسناً ..تصبحين علي كل السعادة التي خلقها الله علي وجه الارض"..
لم تعرف بماتجيبه فابتسمت وقالت له:"وأنت أيضا"
وضع الهاتف في جيب حلته الرياضية التي أرتداها منذ قليل بعد أن بدل ملابسه حتي يبيت مع والده ووضع السماعات في أذنه ووضع يديه في جيبي بنطاله وسار شارداً مُبتسماً في الرواق كان قد ترك والده نائماً فلم يشأ أن يدخل الحجرة ويُزعجه فقرر أن يتجول قليلاً حتي يأتيه النوم....وما أن سمع التنبيه باستلام الرسالة حتي فتح تطبيق الواتس اب وضغط زر التشغيل لتنساب الكلمات الي أذنه وقلبه معاً
" مين قال أن البُكا من الوجع بيكون....
مين قال أنه الدمع بأرض الحزن مدفون.....
القال ماجرب بعد تبكي فرح العيون....
القال ماجرب بعد حدك بيوم يكون ...."

أبتسم وهو يستمع الي الكلمات ويتخيلها تصدر من بين شفتيها وبصوتها الذي يعشقه....
"أنت ومعي عم تختلط كل المشاعر سوا.....
بضحك وببكي وبختنق أه من كتر الهوا...
أنت ومعي أنا بنكشف عم بعترف عم بكتشف حالي أنت ومعي..... "

أستلقت علي سريرها بجوار فدوي وأبتسمت وسالت من عينيها دمعة في نفس الوقت دائما هي عندما تفرح فرحا شديداً لابد أن تسيل دموعها
"مين قال أن الوفا مابينوصف ع أوراق....
مين قال أنه الغفا بيريح المشتاق
القال ماجرب بعد بس يلتقوا العشاق
القال ماجرب بعد لما القلب يشتاق"

كان قد وصل الي الاستقبال حيث تجلس الممرضات.... لم يلتفت لأي منهن ولم يشعر بوجودهن من الأساس بينما كُن يتهامسن هن عن الطبيب الوسيم أبن الطبيب الراقد في الغرفة التي في نهاية الرواق الذي يهيم في المشفي وأنفعالات وجهه تتحول مابين ثانية والأخري...
يبتسم ثم يذم شفتيه ثم يغمض عينيه ثم يعود ليبتسم مرة أخري
أنهي سماع الأغنية فأعادها مرة أخري وهو في طريقه للعودة الي غرفة والده وهو في هذه الحالة من الأنفصال عمن حوله وكان يريد أن يحدثها مرة أخري ولكنه تذكر أنها قالت له أنها تريد أن تنام فاكتفي بأعادة كلماتها المُهداة اليه وتخيلها بصوتها ...
أما هي فقد ذهبت في سُبات عميق وابتسامتها لم تفارق وجهها وأحداث اليوم تتمثل أمامها علي هيئة أحلام وردية.... بينما فدوي التي ظنتها نائمة كانت تفتح عينيها وتنظر الي السماء من النافذة المفتوحة المواجهة لها وتسأل نفسها سؤالاً واحداً..متي الخلاص ؟؟؟
****************
في الصباح الباكرأستيقظت فريدة من نومها وما أن فتحت عينيها حتي شعرت أن هناك شيئاً جوهرياً جد في حياتها شعاع الضوء الذي يتسرب من النافذة لونه أجمل....
نسمة هواء الصباح المُعتادة رائحتها عطرة عن كل يوم..نظرت الي طرف السرير فلم تجد فدوي بجوارها ...قامت لتبحث عنها ...خرجت من غرفتها فوجدتها في الشرفة تقف واجمة كما لاحظتها في الأيام السابقة وقفت بجوارها وقالت لها بقلق:"فدوي مابك ولاتقولي لي لاشئ كما كنت تقولين الأيام السابقة لأنه يوجد شيء "...
نظرت اليها فدوى فلمحت في عينيها دموع حبيسة فقالت لها تحثها علي الكلام:"أنا أختك حبيبتي ولا أخفي عنك أي شيء أحكي لي مايؤرقك يافدوي"....
لم تستطع فدوي الكتمان أكثر من ذلك فقصت عليها كل شيء حدث في الفترة الأخيرة...كانت فريدة تعرف سامر وأصدقاؤه كأصحاب المكان الذي تتدرب فيه فدوي ولم تكن تعرف أن الأمر وصل الي ما وصل اليه...
ما أن أنهت فدوي حديثها حتي قالت فريدة بتأنيب:"كل هذا يحدث ولا أعرفه يافدوي؟....
قالت فدوي بتنهيدة حارة:"أنت تعرفين أنني لاأحب الحديث ولا أحب أن أحملكم همي يكفي كل منكم مافيه"..ربتت فريدة علي كتفها وقالت لها:"فدوي الأمر بسيط بأذن الله كل مافي الأمر أنكما يجب عليكما الحديث معاً...ثم أردفت بثقة وهي تنظر لشعاع الشمس الضعيف الذي يشق طريقه للشروق :أنا أقدر مشاعر سامر وأحساسه.. الأنسان عندما يكون لديه صراعات نفسية ورواسب قديمة تؤثر عليه وعلي ردود أفعاله ..سامر كان يخاف الرفض كما حدث معه عدة مرات وكان يتمني القبول بحفاوة فتصرفك كان عكس توقعاته لاأكثر...الخطأ الذي أخطأه أنه قام بعمل أسقاط لأفعال الغير عليك أنت ..وأتوقع ما أن يهدأ حتي تستطيعين الحديث معه فكما قلتي أنك قلتي لراوية وهي أبلغته"...
أومأت لها فدوي برأسها أيجاباً ثم قالت لها:"كلامك كراوية تماماً نفس تحليلها لموقف سامر"...
قالت فريدة ساخرة وهي تنظر الي العصافير التي تصطف علي الأشجار حولها:"راوية من! ياابنتي أنا خبرة ثلاث سنوات عند الأطباء النفسيين أستطيع أن أعالج لك سامر هذا "...
ضحكت فدوي أخيراً فضمتها فريدة وربتت علي كتفها هي تعلم أن ماتمر به ليس سهلاً...فدوي حنونة وحساسة ....لو كانت تزوجت ورزقت بأطفال كانت ستكون أعظم وأجمل وأحن أم وليس أصعب علي فريدة من أن تري عدم توفيق شقيقتها عاطفياً...لو كانت تتمني شيء لتمنت أن تتزوج أختها الكبري أولاً وتنجب أولاً لو كان بيدها الأختيار لاختارت أن تحمل أبناء فدوي قبل أن تحمل أبناءها هي
**************
بعد ساعتين
عند المقابر جلس الثلاث أشقاء ينصتون الي تلاوة المُقريء بخشوع .....هنا حيث الصمت يعُم المكان بأكمله والهدوء يُخيم علي كل شيء....
هنا حيث يرتاحون جميعاً من صخب الحياة وكل منهم يشعر ما أن يأتي الي هنا أن همومه مهما عَظُمت صغرت ...
هنا حيث تنساب الدموع مع الذكريات ويختلطان بالضحكات والحنين الي الماضي
...أنهي المُقرئ ماتيسر من أيات الذكر الحكيم وأعطاه فادي مافيه النصيب وأنصرف...أخذ ينظر الي أختيه....من أين يبدأ معهن؟؟ لابد أن يقول لهن الحقيقة كاملة كفاه ذلك لابد من المواجهة فهي ستكون معهم في بيت واحد لابد أن يشرح لهم مبرراته كاملة ويقنعهم بها حتي لايعرضها لأي حرج....هي من الأساس ترفض الأعلان والظهور حتي لاتضع نفسها في هذا الموقف....
قال فادي وهو ينظر اليهن بتردد:"مادائم الا وجه الله"....
قالت فريدة بشرود:"ونعم بالله"...
قال وهو يربت بكفيه علي رُكبتيه:"الأنسان في لحظة سيكون مصيره هنا"...
قالت فدوي بحنان:"بعيد الشر عنك حبيبي بعد عُمر طويل أن شاء الله"....
أخذ يضرب ضربات مُنتظمة علي رُكبتيه وينظر اليهن بتحفز فقالت له فدوي وهي تُضيق عينيها:"ماذا تريد أن تقول؟".....
نظر اليها ورفع حاجباً واحداً وقال :"هل يبدو علي أنني أريد أن أقول شيئاً؟"...قالت له :"نعم"...
قال بمراوغة:"كيف تعرفين يافدوي دون أن أتكلم"...
قالت وهي تشك فيما يضمره في نفسه:"ألست أنا من قمت بتربيتك؟"...
قال بمرح مُصطنع:"هم خمسة سنوات وبضعة أشهر حبيبتي لاتُكبري نفسك"....
قالت فريدة بشك وقد ألتقطت طرف الخيط:"ما المُصيبة التي فعلتها يافادي أعترف..."
قال لها وهو يمط شفتيه:"من أدراك أنت الأخري هل قمتي بتربيتي معها؟"....صاحت فيه فريدة بانفعال:"نعم كلانا تعرفانك جيداً ونعرف أنك لا تتحدث بهذه الطريقة الا عندما تكون فعلت فعلة..أنطق يافادي"....
ما أن قالت له أنطق يافادي حتي نظر اليهن بترقب وقال كمن يلقي قنبلة:"لقد تزوجت"....

نهاية الفصل الحادي عشر



Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس