الموضوع: عهدي أنا
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-20, 04:44 PM   #5

وداد ألبوران

? العضوٌ??? » 474563
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 87
?  نُقآطِيْ » وداد ألبوران is on a distinguished road
افتراضي عهدي انا الفصل الثاني

الفصل الثاني
كان شاهين متلهفا لرؤية جورية مرة اخرى و حمد الله ان ريحانة هي من طلبت منه ذلك فضميره لم يكن ليسمح له ان يسألها عنها كي لا تعتبره استغلالا لموقفها وضعفها واخيرا وصل الى قريته بجنح الظلام
دهش عابد عندما وتوقفت العربة امام منزل اشبه بالقصر بكبر حجمه وجماله
اهلا بك يا عابد هذا منزلي
-يا الهي لم اظن عائلتك بمثل هذا الثراء يا سيدي
ضحك شاهين بخفوت وقال بمرح
-هل تحسدنا يا عابد
اسرع عابد ليقول
-حاشا لله ادام الله نعمه عليكم يا سيدي
-امزح معك هيا لندخل
فتح الحارس الباب
-حمد الله على سلامتك وعودتك بخير يا سيدي
-شكرا يا وطبان هذا ضيفي عابد ادخله الى المضافة واحسنوا اكرامه
دخل الى المنزل الكبير وقبل ان يفتح تفاجأ بضحى زوجة اخيه تحمل مصاحا زيتيا وتفتح له الباب وتتحدث بخفوت
-اين كنت يا شاهين الشيخ ذو الفقار لم يترك مكانا لم يبحث عنك به
سالها بخفوت
-هل هو غاضب مني
اجابت وهي تلتفت وراءها
-كلمة غاضب لا تصف ذرة من حالته هيا ادخل والصباح رباح
-سأصعد الى جناحه عودي الى مخدعك قبل ان يراك المنذر
-ارجوك يا شاهين اجل المواجهة الى الصباح .
-لا تقلقي فهو الحاج ذو الفقار وانا شاهينه مهما غضب اعرف كيف اراضيه.

*****************
-مساء الخير يا ابا المنذر
قالها شاهين وعلى وجهه ابتسامة لم تقدر على اخفاء توتره بينما ظل الشيخ ذو الفقار موليه ظهره ناظرا امامه عبر النافذة ليقول بعد فترة من الصمت
-هل سمحت لك بالدخول ؟
تنحنح بحرج وقال بخفوت
-ما كنت لتسمح لي حتى الصباح
قال بنبرة حازمة
-اذا كان يجب ان تنتظر حتى الصباح
-لم استطع ان انام دون ان اراك يا ابا المنذر
ظل ينظر عبر النافذة صامتا قبل ان يقول
-تناديني ابا المنذر في كل مرة تعرف انك اقترفت خطأ فادحا
اقترب شاهين من والده حتى اصبح خلفه تماما وهمس
-ما كان علي ان اسافر قبل طلب الاذن منك يا والدي
نظر له من فوق كتفه وقال
-ليس هذا خطأك الوحيد يا شاهين ، تماديت كثيرا بتدخلك باحكام قرية اخرى و زدت على ذلك حمايتك لزانية فاجرة
ادرك ان من نقل الاخبار الى والده قد زيف الحقيقة ، وضع يده على كتف والده وهمس
-انت ادرى الناس بولدك يا ابا شاهين
قاطعه ذو الفقار و قد التفت اليه بالكامل
-ولاني ادرى الناس بك اعرف كم انك طائش اهوج
-لا والله لست لا طائشا ولا اهوج لكني ارفض ان ارى الظلم امامي و المنكر ولا اغيره ، المرأة لم تكن لا زانية ولا فاجرة وحتى ولو كانت الشرع يقول ان يقام عليه حد الله لا ان تنتهك و تهان بمثل تلك البشاعة لقد
قاطعه الشيخ ذو الفقار مرة اخرى قائلا
-سنتحدث غدا اريد ان انام الآن
يعرف ان والده لا يكرر كلامه مرتين لذلك استأذن وانصرف .
كان قد بقي اقل من ساعتين على اذان الفجر لذلك ذهب الى الاسطبل فقد اشتاق الى حصانه ، حتى سمع صوت الاذان ، صعد الى غرفته بسرعة توضأ وذهب الى المسجد وبعد اداء الصلاة عاد الى الاسطبل اخذ حصانه وانطلق بسرعة الى الوادي
رآها تحمل سلة من القصب تضع بها بعض الاعشاب ، رفعت راسها عندما سمعت صوت صهيل الحصان لتلتقي عيناها المندهشتين بعينيه المبتسمتين
ترجل عن حصانه و ربط لجامه بجذع شجرة وقال بابتسامة
-اسف ان أجفلتك
عقدت حاجبيها وهي تسأله
-هل وجودك هنا صدفة
ليس صدفة فانا احمل لك رسالة من ريحانة
سالته بلهفة
-هل هي بخير ، اوصلتها الى اهلها بسلام ؟
هز راسه ببطء مجيبا
-نعم الحمدلله ... وهي تطلب منك ان تخبري زوجها بحقيقة ما حصل عند عودته الى القرية.
اسرعت تقول بدون تردد
-بالطبع سأفعل ، لن اسمح ان يسمموا عقله اتجاه زوجته .
نظر لها مطولا نظرة اشعلت وجنتيها خجلا و اخفضت راسها وتكلمت بصوت خافت
-شكرا لك على معروفك مع ريحانة وشكرا على ايصالك الرسالة
لم يجبها بل ازدادت ابتسامته اتساعا و مد يده الى سلتها واخذ منها نبتة ثم
-جذور الكركم مفيدة للالتهابات كما انها تنقي الكبد من السموم
ارتفع حاجبيها و فغرت شفتيها وقالت مستغربة
-هل تفهم بطب الاعشاب
اعاد النبتة الى مكانها وقال
-ليس تماما لكني اقرأ كثيرا بهذا المجال ولدي العديد من الكتب عن الاعشاب استطيع ان اعيرك احدها
اخفضت راسها لتقول
-يبدوا انك نسيت ان الفتيات لا تقرأ ايها الغريب
اخذ نفسا عميقا وقال
-اسمي شاهين وليس الغريب ثم انني استطيع ان اعلمك القراءة لو احببت
رفعت راسها بسرعة لتساله و بعينيها بريق جميل
-حقا !! هل يمكنك هذا ؟
هز كتفيه ورد ببساطة
-ولما لا
وتابع بنبرة خافتة
-سيسرني ذلك اكثر مما يمكنك التخيل
شعرت جورية بحمرة الخجل وقالت وهي تتظاهر بالانشغال بترتيب اعشابها
-يبدوا انك تقرأ كثيرا
انحنى ليجلس على العشب الخضر وقال و عيناه تطالعان المكان
-القراءة والخيل كانا عشقي الاول
-قالت مستفهمة
-كانا ؟
رفع بصره الى عينيها الخضراوين وقال دون ان تفارقه ابتسامته
-نعم فأظن انني اصبحت اعشق لون الزمرد .
ارتبكت و زاد احمرار وجهها حتى ظنت انه قد ينفجر ولم تعرف ماذا تفعل او ماذا تقول فهتفت متلعثمة
-يجب...يجب ان اعود..الى...الى القرية

عادت الى قريتها وعاد هو الى قريته وحمد الله ان مواجهته لوالده قد مرت بسلام رغم التقريع والتوبيخ الذي ناله امام جميع سادة المجلس


مرت الايام وازداد انجذابه لجورية في كل مرة يلتقي بها بذريعة تعليمها الكتابة والقراءة وتحولت الدروس الى احاديث طويلة تشمل كل شيء ويوما بعد يوم ازدادت مكانته في قلبها ، كل شيء بها يأسره شخصيتها القريبة من شخصيته ، شجاعتها و طيبة قلبها وخجلها في كل مرة يتغزل بعيونها كل ما فيها يأسره .
.
وفي احد الليالي وكعادته مؤخرا بالجلوس بسطح منزل يقرأ احد الكتب ، لمح شخصا يحاول التسلل الى منزلهم ، وضع الكتاب جانبا والتقط خنجره ونزل دون جلبة ليتفقد الامر ، شيء ما منعه من مناداة الخفر و التصرف بمفرده ولحسن الحظ انه فعل فما ان وصل الى الجهة الخلفية من منزله وقفز بخفة على السور ليهاجم اللص من الخلف حتى صدم ان هذا اللص ما هو الا جورية .
جرها خلفه الى الاسطبل و طلب من عابد ان يمنع اي احد من الاقتراب من المكان
-بالله عليك توقفي عن البكاء واخبريني ماذا حصل لتأتي الى منزلي متسللة كاللصوص في هذا الوقت معرضة نفسك للخطر؟
همس بها شاهين بنبرة حانقة لجورية التي تدفن وجهها بين كفيها لترد بصوت مختنق
-غدا عرسي على سرمد ابن عمي....
بالله عليك توقفي عن البكاء واخبريني ماذا حصل لتأتي الى منزلي متسللة كاللصوص في هذا الوقت معرضة نفسك للخطر؟
همس بها شاهين بنبرة حانقة لجورية التي تدفن وجهها بين كفيها لترد بصوت مختنق
-غدا عرسي على سرمد ابن عمي
صاح غاضبا
-ماهذا الذي تقولين، سرمد ذلك الحقير الذي حاول الاعتداء على ريحانة ؟
هزت رأسها بنعم ، ازداد غضبه و امسك بكتفيها وهزها بقوة
-ولماذا لم تخبريني من قبل ، ماذا كنت تنتظرين؟ ان تصبحي زوجة ذلك الوغد.
جاء عابد راكضا
-سيدي شاهين ارجوك اخفض صوتك كي لا يسمعك احد الخفر
ترك شاهين جورية والتفت اليه محاولا كبت غضبه واردف بنزق
-حسنا عد الى مكانك و اذا اقترب احدهم من هنا اعطني اشارة دون ان تدخل علينا مجددا
بعد ان دلف عابد الى الخارج مجددا تهالكت جورية على الارض محاولة كتم شهقاتها وقالت بصوت مختنق
-كنت اظن اني استطيع اقناع والدي برفضي لسرمد خاصة انه لا يطيقه لكنه لم يستطع الوقوف بوجه اخيه ولو كنت اريده زوجا لما كنت فررت اليك
انحنى اليها وامسك بكتفيها برفق هذه المرة وساعدها على الوقوف وقال لها وقد عاد نبرته الحنونة التي تعودت عليها منه رغم النار التي تستعر بداخله
-اهدئي يا جورتي لن تكوني لسواي اعدك بذلك
رفعت عيناها الدامعتين اليه وقالت بانكسار
-كيف يا شاهين ؟ لابد ان اهلي اكتشفوا هربي واصبح دمي مهدور واهلك سيرفضون بالتأكيد زواجك من فتاة هاربة لقد اصبحت وصمة عار لن تسمح عشيرتك ان تتلطخ بها
اطرقت براسها ارضا وهي تشعر بالخزي في تلك اللحظة لعنت تهورها لكنها ما كانت ستتحمل الزواج بسرمد الموت اهون لها و كم تمنى شاهين ان يضمها الى صدره ويبثها الطمأنينة لكنه قال بابتسامته التي تنفذ الى روحها
-ومن قال انك هربت من اهلك يا حبيبتي ؟
نظرت اليه فاغرة فمها وسرعان ما ابتعدت عنه خطوتين الى الوراء لتقول غير مصدقة متلعثمة
-هل..هل تريدني ان اعود الى قريتي ....فرطت ...فرطت بدم
قاطعها واضعا يده امام فمها دون يلمسه وهمس بعصبية
-لا تكملي يا جورية ...كيف استطعت نطقها بل كيف استطعت التفكير انني سافرط بدمك ..افرط بروحي ولا اجعلهم يلمسون شعرة منك
شعرت انها تائهة وتوقف عقلها غير قادر على فهم اي شيء لتهمس بصوت بالكاد يسمع
-ماذا تقصد ؟ انا لم اعد افهم اي شيء ؟
ربت على كتفها بلطف وهمس
-العرف يقول ان الفتاة التي تهرب يهدر دمها لكن التي تخطف
صمت و على وجهه ابتسامة ماكرة اصابتها بالعدوى لتبتسم هي الاخرى وتقول بلهفة
-تقصد انك ستخبر عشيرتك انك اختطفتني
-بالضبط وحينها سيجبر والدك على تقبل زواجنا و لن يستطيع احد مسك بسوء بعدها .
اقتراحه سينقذها لكنه حتما سيجر عليه المشاكل من كل حدب وصوب ، خفتت ابتسامتها واعترضت
-لن اوافق يا شاهين على فكرتك ا...
فهم ما يدور في عقلها وما تريد ان تقول ودون ان يستمع اليها خرج متجها الى منزله ساحبا ايها خلفه، لن يتركها للافكار تعصف بها ، ما حصل قد حصل و ما يجب فعله الآن هو وضع الجميع امام الامر الواقع واولهم والده الذي كان مازال بمجلسه هو وولده المنذر وعمه درار كانوا يتباحثون امر احدى الاراضي ، التفت اليها وامسك طرف غطاء رأسها ليغطي به وجهها وقال كلمة واحدة قبل ان يطرق الباب
-ثقي بي
سمع صوت الشيخ ذو الفقار يأذن بالدخول ، اخذ نفسا عميقا ودلف الى المجلس دون ان يترك معصمها
-ماذا تريد يا شا..
توقفت الكلمات بحلقه وهو يراه واقفا امامه برفقة فتاة متشحة بالسواد لا يظهر منها سوى عيناها الزمرديتين، رمقها بتعالي ووجه كلامه لابنه
-من هذه الفتاة التي معك وماذا تفعل هنا بهذا الوقت
تبا لهذا الحظ من بين جميع اعمامه لم يتواجد سوى درار الذي من المفترض ان يتزوج ابنته الصغرى بعد ان تزوج اخيه من اختها الكبرى ضحى
كرر الشيخ ذو الفقار سؤاله لكن بنبرة اقوى
-هل اصابك الصمم ، من هذه الفتاة يا شاهين
لا مجال للتراجع هكذا فكر قبل ان يقول
-انها جورية اختطفتها من قريتها و ستكون زوجتي غدا يا والدي
ثلاثة ازواج من العيون اتسعت على اشدها مذهولة مما قيل و كان اول من شق الصمت بغضب و عصبية كان درار عندما قال
-ايها الولد العاق منذ متى كان اولاد الشيوخ والوجهاء يرتكبون افعال الرعاع كيف سمحت لنفسك
اوقفه الشيخ ذو القفار بصوته الهادر
-كفى يا درار
ليتدخل المنذر
-عمي محق يا والدي شاهين لا يتوقف عن تصرفاته اللا مسؤولة و افعاله الرعناء التي تحط من شأن عشيرتنا و الله اعلم من اين جاء بهذه الحثالة التي معه
لم يتحمل ما سمع من اخيه ليندفع بالكلام وهو بغاية الانفعال
-صن لسانك يا منذر جورية ستكون زوجتي و ابنة اصل انها ابنة اخ الشيخ ضرغام ولن اسمح لاحد بإهانتها .
اغمض الشيخ ذو الفقار عينيه بإبهامه وسبابته وعم الصمت قبل ان تشقه صفعة هوى بها هذا الاخير على وجنة ولده ، تبعتها شهقة جورية واضعة يدها على فمها في حين كانت ابتسامة خبيثة قد ظهرت على وجه المنذر وسرعان ما اخفاها
كانت هذه اول مرة يضرب ذو الفقار شاهين ، رغم كل اخطاءه وتجاوزاته التي كانت ضد اعرافهم واصولهم لم يكن الامر يتجاوز التقريع والتوبيخ انما هذه المرة فقد تخطى جميع الخطوط الحمراء
تكلم الشيخ بحزم دون ان ينزل بصره عن شاهين الذي اخفض راسه و صدره يعلو وينزل بسرعة
-درار عد الى منزلك وسنتحدث غدا
اعترض قائلا
-لن اذهب الى اي مكان قبل ان اعرف كيف ستتصرف مع هذا الولد العاق
نظر له بطرف عينه و همس بنبرة خطيرة
-لن اكرر كلامي مرتين
ابتلع ريقه فهو يعرف اخاه حق المعرفة خاصة وهو غاضب لذلك خرج من المجلس على الفور
-منذر خذ الفتاة الى زوجتك واطلب منها ان تهتم بها
تحرك المنذر باتجاه جورية قائلا
-اتبعيني يا فتاة
نظرت الى شاهين بعيون دامعة خائفة ، امسك يدها مربتا عليها وقال لها مطمئنا
-لا تخافي واذهبي معه .
سارت خلف المنذر منكسة راسها تدعو ان يكون القادم اهون

جلس الشيخ على كرسيه وقال بهدوء
-اغلق الباب
اغلق شاهين الباب ثم عاد ليقف امامه ، استجمع شجاعته وتحدث قائلا
-ابي ارجو ان تضع بحسبانك قبل اي قرار ستتخذه بحقي انني لن اتخلى عن الفتاة
امسك الشيخ بعصاه بكلتا يديه واسند راسه على مقدمتها يفكر في حل لهذه الورطة ، كون الفتاة من الاكابر و ابنة اخ احد الشيوخ سيجعل الحل الوحيد هو زواج ولده منها عدا ذلك ستلومه باقي العشائر و تضيع هبيته لكن من جهة اخرى فأبناء الشيوخ لا يتزوجون سوى بنات اعمامهم وهو قد اعطى كلمته لأخيه ان يكون عرس ابنته على شاهين عند نهاية موسم الحصاد .
جمع ذو الفقار سادة عشيرته بساحة المنزل عوض المجلس على غير العادة و تفاجأوا بشاهين عاري الصدر ومقيد الى النخلة ، تعالت الهمهمات بين الرجال ليسكتهم خروج الشيخ اليهم حاملا سوطه و قد تخلى عن عصاه و عباءته دون ان يتخلى عن هيبته
-كما علمتم جميعا فان ابني شاهين قد اقدم على اختطاف فتاة من عشيرة اخرى ، فتاة ابنة كرام و من اصل كريم وطالما الاعراف تبيح ما اقدم عليه ولدي فلا يليق بي ولا باسم عشيرتي الا اتباع الاعراف والعادات و الليلة عرس شاهين و جميعكم مدعوون
كان الجميع ينظرون اليه برهبة غير قادرين على النطق بحرف عندما شمر على ساعديه و اضاف
-لكن شاهين اخطأ ، في حقي و في حق عمه و عشيرته و حسابه سيكون امام من اخطأ في حقهم و بيدي
ودون ان يزيد انهال بسوطه على ظهر شاهين الذي رحب بهذا الحساب و الف حساب في سبيل جوريته
جلدة واثنتين و ثلاثون ، اي عريس يتلقى ثلاثين جلدة في يوم عرسه سوى شاهين الثائر المتمرد ، كل جلدة جلدها لولده الحبيب كانت تلسع قلبه هو قبل ظهر ولده لكن هو الشيخ ذو الفقار قبل كل شيء
رمى السوط ارضا و بنبرة صارمة قال لولده البكر
-استدعي الحكيم ليداوي جراح اخيك و لتبدأ التحضيرات للعرس.

قضى يومه بغرفته ممددا على بطنه و الحكيم يغير ضماداته بين الحين والاخر لكن سعادته بظفره بجورية فاقت اي الم و ابتسامته التي لم تغادر ثغره تشهد على ذلك .
جلس شاهين بجوار والده و والد زوجته الذي بدا انه راض كل الرضى عن تلك الزيجة فشاهين مهما كانت عيوبه حتما سيكون افضل من ذلك الغبي سرمد اما هذا الاخير فقد كان غائبا عن المشهد حتى الان
علت اصوات الاهازيج و الهتافات التي تطلب خروج العريس لأداء رقصة الخنجر و لبى شاهين النداء و خرج الى الساحة حاملا خنجره الفضي وقبل ان تدق الطبول لتعلن بداية الرقصة جاء صوت الكريه صائحا
-انا سرمد ابن الشيخ ضرغام اتحدى شاهين ابن ذو الفقار نزالا ينتهي بموت احدنا .
اراد الشيخ ضرغام التدخل لكن عصا ذو الفقار اوقفته دون كلامه لينظر اليه ويهمس متسائلا
-هل ستسمح لهما بالنزال ؟
جاء الجواب من شاهين الذي نزع عباءته و رماها الى عابد و قال بحزم
-هل تريده نزالا بالسيف ام بالعصا يا ابن ضرغام
نزع سرمد عباءته هو الاخر ليخرج سيفه من غمده و يشهره بوجه شاهين ، حينها اعطى ذو الفقار اشارته بعينيه لاحد الرجال ليرمي السيف الى شاهين و تبدأ المواجهة.
كان التفوق واضحا لشاهين رغم انه ليس في افضل حالاته فجراحه اضعفته ونالت شيئا من قوته لكنه رغم ذلك كان يكر بقوة الصخر و يفر بخفة الفهد ،
انحنى عمه على اذن والده ليهمس بإعجاب:
-يبدوا ان تدريباتك قد اتت اكلها يا اخي
لم يجب بل كانت عيونه تشع بفخر وزهو وهو يرى ابنه يصول ويجول بالساحة فارسا بل افضل من اي فارس و بلحظة مباغتة كان قد اطاح بسيف سرمد بعيدا واضعا سيفه على عنقه
-لن اقتلك يا سرمد فانا لا اريد لشيء ان يعكر صفو هذه الليلة ، فلتغادر و اياك ان تخطوا قدماك هذه القرية مجددا .
واستدار عنه ليخطوا باتجاه والده الذي هتف بفزع
-احذر يا شاهين
التفت شاهين خلفه بسرعة ليرى سرمد قاما اليه يريد طعنه من الخلف لكنه كان الاسرع و تلقى ضربته بسيفه قبل ان يدفعه ليسقط ارضا ، وضع قدمه على رقبته
-عفيت عنك مرة و ساعفوا عنك مرة اخرى لكن قسما بالله لن تكون هناك ثالثة .
وانتهى العرس وغادر سرمد ووالده بخزي في حين ظل باقي الضيوف بضيافة العدنانيين لثلاثة ايام .
دخل الى مخدعه حيث كانت تجلس جورية على طرف الفراش تضم كفيها المنقوشتين بالحناء بتوتر فوق حجرها ترتدي عباءة بيضاء مطرزة بخطوط ذهبية و راسها ووجهها مغطيان بثوب من نفس اللون يعلوه تاج ذهبي
اقترب منها ببطء وقلبه ينبض بسرعة ، جلس بجانبه فابتعدت عنه قليلا الى حافة الفراش ، التوى ثغره بابتسامة صغيرة واقترب منها اكثر ارادت الابتعاد ثانية لكنه امسكها من خصرها قبل ان يقول مازحا
-ستسقطين ارضا .
رفع الغطاء عن وجهها و عن شعرها الكستنائي الذي يراه لأول مرة ، تخلل بأصابعه خصلات شعرها الطويلة التي تعدت خصرها ليهمس بصوت خافت اجش
-وأخيرا يا جوية
كانت ترتجف حرفيا وازدادت رجفتها مع كل كلمة يهمس بها ، ظلت مطرقة بوجهها و سألها هامسا
-الن تنظري الي ؟
بقيت صامتة لا تنطق بحرف ، امسك بذقنها ورفع وجهها اليه ليقبل وجنتها برقة و همس بنفس الرقة
-انظر الي يا جورية ، اريد ان ارى حجري الزمرد
رفعت له عينين دامعتين ، احتضن وجهها بين كفيه و سألها بخفوت
-اشتقت لك
ضمها الى صدره و هو يقول
-كم تمنيت ان احتضنك مثلما افعل الان و كم حلمت بهذا لكن الواقع احلى من الف حلم
انفجرت حينها بالبكاء دون ان يعرف السبب ، ابعدها عن احضانه قليلا
-ما بك يا حبيبتي هل ضايقك احد هنا
اجابته بصوت مختنق
-انا خائفة
امسك بكفيها بين يديه ليسألها
-مما انت خائفة وكيف تخافين وانا معك
سحبت كفيها لتغطي وجهها لتقول من بين شهقاتها
-خائفة ان ياتي اليوم الذي تعيرني فيه بعاري كوني هربت وجئت اليك و خائفة من اليوم الذي ستتزوج فيه من فتاة تنتمي لعشيرتك تليق بك
اعادها الى صدره و شدها اليه اكثر و همس بلوم
-ما تعتبرينه عار انا اعتبره تضحية و التضحية هي اسمى درجات الحب، اطمىني يا حبيبتي فانا لن اكون لسواك مثلما انت لن تكوني لسواي
رفعت وجهها اليه لتهمس بصوت مبحوح
-اتعدني
ابتسم لها و قبل جبينها ليقول
-اعاهدك امام الله يا جورية ، حرمت علي جميع بنات حواء من بعدك يا زمردية العينين
ابتسمت له ابتسامة طال انتظارها وعادت لتفن وجهها بصدره واحست باصابعه تمتد لحل ربطات عباءتها ، ابتعدت عنه بسرعة و صرها يعلو ويهبط غير قادرة على تنظيم تنفسها ، مد يده لها دون كلام وانتظر ان تقترب ، انتظر دقيقة و اثنتين و ثلاثة حتى اقتربت تمسك بيده قالت بنبرة خائفة
-شاهين
همهم بخفوت
-قلب شاهين
ابتلعت ريقها و قالت بصوت بالكاد يسمع
-اريدك ان انام بين ذراعيك دون شيء فقط انام ، احتاج ان انام هذه الليلة بامان افتقدته طويلا
رفع راسه الى السقف يحبس شهيقا محرقا ثم زفره بصوت مسموع ، ماتطلبه صعب بل مهلك ، كيف يكون بكذا قرب و تطلب منه ان...ان تنام فقط
التفت الى الطاولة وحمل خنجره و جرح باطن كفه جرحا طفيفا ثم مسحه بالشرشف و رماه على الارض تحت نظراتها الذاهلة
-ما..ماذا..ماذا فعلت ؟
قالتها بتلعثم وهي توزع نظراتها بينه وبين الشرشف الملقى باهمال
جذبها من خصرها اليه و همس بصوت اجش
-الا تعرفين انهم ينتظرون دليل العفة والرجولة
احتقن وجهها باللون الاحمر و اختفت الكلمات من قاموسها ، كيف سترد ماذا ستقول ودون ان يترك لها المجال لتفكر اكثر
سحبها الى الفراش و ساعدها لتتمدد بجانبه بين ذراعيه
وقال بغيظ لم يستطع ان يكتمه
-نامي يا جورية تصبحين على خير .
وان كانت تحب شاهين قيراطا فبعد تلك الليلة اصبحت تحبه اربعة وعشرين قيراطا.



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-07-20 الساعة 04:59 PM
وداد ألبوران غير متواجد حالياً