عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-20, 10:46 PM   #132

ahlem ahlem
 
الصورة الرمزية ahlem ahlem

? العضوٌ??? » 408506
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,021
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ahlem ahlem is on a distinguished road
¬» مشروبك   danao
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



كان جالسا ينجز بعض الأعمال على حاسوبه المحمول حين سمع دوران المفتاح في قفل الباب ثم صوت ليث الذي كان ينهي مكالمة هاتفية مع أمه ..
وقف مستندا إلى إطار الباب ليدردش معه كعادته بضع دقائق قبل أن يتوجه إلى غرفته فكان غسان يبادره بالسؤال قائلا "كيف حالهم ؟"
فيجيبه ليث باقتضاب "الحمد لله على كل حال ...بخير على العموم... " ثم
يبتسم ابتسامة عريضة شقت فمه من الأذن إلى الأذن و يقول رافعا حاجبه الأشقر بمكر " بلغني أنك تنوي خطبة إحداهن "
فيطالعه غسان لولهة وقد تغضن جبينه حائرا ثم ما لبث أن انفجر ضاحكا حين جمع اثنين مع اثنين فيهتف بنبرة ذاهلة "غير معقول..تتناقل الأخبار بين النساء بسرعة الضوء حرفيا ...آه يا أمي .."
"ويحك يا أخي وضعتنا في موقف محرج ...استنطقتني أمي حرفيا حول المحظوظة ...لو أني سايرتها قليلا لطلبت أن ألتقط صورة لها " قالها ضاحكا بنبرة شكوى فيسأله غسان مباشرة "وماذا قلت لها ؟"
فيرفع ليث كفيه في وضعية الاستسلام ويدمدم مندهشا "وماذا عساني أقول ...كدت أسألها أي واحدة منهما ينوي أن يتقدم لها ...لا تنظر إلي هكذا ...دوّختنا والله ...تقول أنك تعشق هذه لنراك تحدث تلك ...ما تلك العاهة ؟"
فيبتسم غسان ويهمس بهدوء وقد أظلمت عيناه "أعتقد أني في ورطة يا بطل "
يضرب ليث كفا بكف و يوافقه متبرما "وهل تشك في هذا ؟...تركض خلفها فتركض خلفك صديقتها و الله وحده يعلم من يركض خلف هذه الأخيرة ..لا أدري كيف يتحمل عقلك هذه الدوامة لو كنتُ مكانكَ لصرعتُ كلتيهما و أرحتُ نفسي "
لا يتجاوب معه بل يشرد مفكرا لبرهة ثم يقول بنبرة ذات مغزى كمن فوّت العديد من التفاصيل المهمة ثم اكتشفها متأخرا مع الأسف وقد وقع ما قد يعقد الوضع أكثر "لم أحسب حسابها كما ينبغي"
"وخالتي زينب من جهة أخرى زادت الطينة بلة " يقر ليث متأسفا على ما آلت إليه الأمور فيطمئنه غسان بثقة "مسألة أمي ليست بالأمر الجلل...تغضب قليلا وتعاند لفترة تشتكي لكل من تصادفه ثم تتنازل ...أعرفها لا يمكنها أن تفرض علي ما لا أريده خاصة و أن أبي يدعمني "
فيسأله بفضول مترقبا الإجابة "و ما الحل إذاً؟"
إلا أن غسان لم يكن مستعدا بعد لإشباع فضوله فيتمتم وعيناه هائمتان بشرود على شاشة حاسبه"لا أدري بعد ...لا أدري كيف سأتصرف معها...حدسي ينبئني أن تصرفاتها ليست عفوية أبدا كما تبدو بل محسوبة بدقة ..هل يمكن للمظاهر أن تكون خدّاعة إلى هذا الحد؟...أم أنها تعاني من اختلال ما؟ "

تأمله ليث في شروده وفكر أن الغموض يحاوطه من كل جانب ...ربما لا يعلم بدقة ماذا يحدث مع ابن خالته إلا أنه أحس بصعوبة و تعقيد الموقف الذي وجد نفسه غارقا فيه ...

........................

"لقد سئمت حقا من تكرار نفس الكلام ...أنا لا أشعر بأي شيء ..لا أدري لماذا أسمح لك بفحصي في كل مرة " هتف معتصم بنزق في وجه الطبيب الذي لم تبدو عليه أمارات الانزعاج إطلاقا و قد اعتاد على وقاحة المرضى و غلظتهم خاصة من هم على شاكلة معتصم ...كان يتفهم نزقه و جفاءه كما كان يلحظ خيبة الأمل التي تظلم بها عيناه ما إن يسفر الفحص الدوري لأعصاب ساقيه عن نفس النتيجة السلبية...حتى وإن كابر و ادعى يأسه وعدم اكتراثه بحالته الصحية كان في قرارة نفسه يأمل أن يتغير الوضع يوما ما لكنه لم يكن يملك من الصبر ما يكفي ليقوى على انتظار ذاك اليوم الذي يبدو لعينيه بعيدا بعد السماء عن الأرض...

ينسحب الطبيب بهدوء بعد أن ألقى بضعة كلمات مطمئنة لم تلق ردا في المقابل ويقف في الرواق يحدث نادين التي لوّن البؤس و الإحباط ملامحها ككل مرة
" كما سبق و أخبرتك من حسن حظ معتصم أن إصابته كانت على مستوى الفقرة (t-12) لذا فقد أصيبت عضلات الرجلين والأمعاء والمثانة بالشلل الجزئي أو التام إذ ما زال من المبكر حسم الأمور بينما لم لا تتأثر عضلات البطن والصدر والذراعين واليدين ...يتحتم عليه البقاء على وضعه ذاك مستلقيا على ظهره دون حراك لوقت أطول قليلا ...أعلم أن الأمر محبط فالمريض يستعجل المرور إلى المرحلة العلاجية التالية إلا أنه في حالة الإصابة بالشلل نتيجة حادث فيجب إمهال العظام المكسورة وقتاً كافياً للشفاء والالتحام في أحسن وضعية ممكنة ويمنع خلال هذه الفترة الجلوس على السرير أو مغادرته خوفا من أن تتسبب العظام التي لم تلتحم بعد ضررا إضافيا في الحبل الشوكي ...لاحظت أن ممرضه الخاص يتغير كل مرة وهذا ليس جيدا وهذا يعني شيئا واحدا ...أنه يرفض التجاوب مع المساعدة التي يجب أن يتلقاها حتى وإن كان الأمر صعبا عليه ...أتمنى أن تشرفي على العملية شخصيا مثلا تفقديه كل ساعتين أو ثلاثة ساعات وتأكدي أنه سمح للمريض بتغيير وضعية استلقائه ..فالجلد قد يصاب بمضاعفات تزيد الأمر سوءًا إذا ما تعرض للضغط المستمر ...الإحباط شعور طبيعي في مثل هذه الحالات لذا لا تضغطي على نفسك كثيرا ...ركزي في الوقت الحالي على تنفيذ كل تعليماتي و تابعي عمل الممرض أولا بأول ..وحاولي دعمه بكل ما تستطيعين حتى و إن لم تلقى جهودك صدى لديه "

كانت نادين على وشك الإغماء من فرط الإرهاق وقد أتعبها معتصم كعادته حين استقال ممرض آخر ...القائمة تطول وعدد الممرضين المعروفين بكفاءتهم يتناقص تدريجيا مما يعني بذل مجهود أكبر في البحث الذي يبدو أنه لن يستقر إلى نهاية حاسمة أبدا ...
أما عن صراخه عليها و تقليل الأدب معها أمام الطبيب فحدث ولا حرج ...فيبدو أن الطبيب بدوره قد اعتاد على نوبات جنونه وقد اكتسب مناعة أمام كلماته الوقحة المخزية التي يمطرها عليها في وجوده بعد أن كان يحمر خجلا في زياراته الأولى متحرجا من قسوته التي تظل مبالغا فيها حتى في حالته المعذورة...

استمعت إلى كلامه بصبر دون رغبة فعلية في ذلك بما أن الوضع باق على حاله فلا فائدة من الشروحات المستفيضة في رأيها وحين انصرف كانت تتوجه عقبا نحو غرفة ابنتها المنفردة بنفسها ليل نهار في سجنها الاختياري كعادتها ...
طرقت الباب ثم كانت تطل برأسها قائلة ببسمة دبلوماسية فاترة "هل أنت متفرغة ؟"
الغرفة مظلمة إلا من نور المساء الشحيح المتسلل عبر الستائر الوردية الناعمة وقد بدأ الظلام يرخي أستاره تدريجيا ...تيجان المستلقية على بطنها تدفن وجهها في شاشة هاتفها مركزة تماما معزولة عن العالم الخارجي رفعت وجهها بصعوبة بعد لحظات وكأن مغناطيسا يجذبها إلى ما كانت تمعن النظر إليه وقالت مندهشة لوجود أمها في غرفتها في لفتة غير مسبوقة وكأنها لم تفهم ما قصدته من جملتها العادية الواضحة "عفوا ؟"

نادين التي ازدادت ابتسامتها الباردة اتساعا تفهمت الآن لماذا لم تخرج كعادتها ...فحين يكون الطبيب هنا لفحص أخيها تربض أمام الباب بالمرصاد ترهف السمع لما يدور في الداخل فتسد طريقه حالما يخرج من غرفة معتصم وترفع ضغطه بأسئلتها المتكررة التي لا تنتهي حول حالته مع أمل و لهفة لشفاء قريب و كأنه يملك خاتم سيدنا سليمان بدل أن لا يعدو عن كونه بشرا عاديا لا يختلف عنها في شيء باستثناء معرفته العلمية و خبرته الطبية ...
ثم كانت تدلف إلى الغرفة التي أمرت بتصميمها بنفسها دون أن تلقي عليها و لو نظرة خاطفة و تستقر جالسة قربها على السرير تتفحصها مفكرة ...لم تلاحظ متى استحالت نفسيتها من الاكتئاب و البكاء الشديد الذي لازمها لأسابيع طويلة إلى النشاط و الحيوية إلاّ حين أخبرتها الخادمة أنها لمحتها بالأمس تتحدث إلى كاظم في الشرفة فكانت اليوم تراقبها على خلاف عادتها لتندهش بهذا التغير الكبير...

"إذا ..كيف حال ابنتي ؟"
اعتدلت تيجان جالسة تقاطع ساقيها بينما مازال الهاتف بين يديها تضغط عليه بقوة وكأنها تتمسك به ثم أجابت همسا باقتضاب فاتر وقد تعلقت عيناها الحائرتان بعيني أمها مطولا وكأنها تراها للمرة الأولى
"بخير "
تتجاهل نادين ارتباكها و تهمس بأريحية أم اعتادت الدردشة مع ابنتها
"لا يمكنك أن تتخيلي كم أسعدني تواصلك مع أخيك أخيرا بعد طول انقطاع"
مازالت عيناها في عيني نادين ترنو بنظراتها وكأنها تسعى لسبر أغوارها علّها تنحي عنها هذا الشعور بالحيرة و الغرابة ...وكأنها تبحث دون وعي منها عن ألفة من المفترض أن تكون موجودة بين الأم و ابنتها فتتوه أكثر دون أن تدرك ما يحدث معها وبدل أن تتجاوب مع مديح تسمعه ربما لأول مرة من نادين كانت تسألها ما شغلها طويلا ...ما حاولت أن تسألها عنه من قبل عدة مرات فكانت في كل مرة تصرِفها متعللة بتعب ...أو بصداع...بعمل ...أو حتى تصرخ في وجهها حين يكون مزاجها سوداويا "ماما ...لماذا معتصم غاضب منك ؟"
فتجيبها نادين فورا بثقة دون أن تغفل ولو للحظة عن بسمتها الأنيقة المدروسة "ليس غاضبا مني بشكل خاص ..إنه ..فقط ..ناقم على وضعه ..ومكتئب ...من المنطقي أن يفرغ كل شحناته في أمه دون أخته الصغيرة ...لن يحب أن يكسرك حبيبتي فهو يعلم أنك لن تتحملي جفاءه "
فتتنفس تيجان الصعداء و تبتسم براحة "حقا...كنت قلقة للغاية لكني لم أتجرأ على سؤاله .." ثم تواصل سائلة وقد تنحى عنها بعض من توترها المبهم" هل تعرفين صديقه ذاك ...ما كان اسمه ..كاظم ؟"
تبتسم نادين بغموض وتهمس "نعم ..لماذا تسألين ؟"
فتستطرد تيجان قائلة براحة شاعرة بالاطمئنان على أخيها "لم أكن أعلم أن معتصم يملك صديقا رائعا مثله "
ترفع نادين حاجبيها بدهشة و تستدرجها بفضول نحو الكشف عن المزيد من دواخلها "رائع؟"
فترد تيجان بعفوية وثقة "أجل ...هو الوحيد الذي وقف إلى جانبه بعد أن تخلى عنه جميع أصدقائه ...تعرفت إليه بالأمس .. قد يبدو شخصا باردا و مملا لكنه يملك قلبا طيبا "
فتكتفي بهز رأسها في موافقة صامتة و تراقبها كيف سارعت تتفقد الإشعارات حين سمعت الرنة المميزة وقد برقت عيناها بشوق يستحيل أن تفوته نادين ثم سرعان ما كان البريق يختفي لتحل محله الخيبة حين لم يحصل ما كان ببالها فتحيد بنظراتها إلى الهاتف و تسألها مدعية اللامبالاة "هل من مشكلة "
فتهز تيجان رأسها نفيا دون أن ترفع وجهها المنحني وقد غطت ملامحها ستارة شعرها المسدلة على الجانبين "لا..لاشيء"

..........................
يضغط على الهاتف بيده حتى ابيضت سلاميات أصابعه ..يقدح من عينيه شررا متطايرا يتصفح حسابها فيلاحظ أنها تشارك أي منشور مع أحد أصدقائها ...وصادف أن كان صديقها رجل يعرفه منذ أيام الجامعة ...
كانوا سبعة منشورات في ساعة واحدة فقط آخرها كان منذ دقائق فقط ... فيفكر أن مشاركته كل هذا الكم في ظرف قياسي يعني أمرا واحدا فقط ...
يرفع رأسه ويتأمل النور المنبعث من غرفتها ...تقبع الآن هناك في الأعلى على بعد عدة أمتار منه .. فيتخيلها تبتسم بحالمية تحتضن هاتفها بينما تتواصل مع فارس أحلامها ...
مع رجل آخر سواه ...
تحركت عضلة فكه وكان يرمي هاتفه ليرتطم بالمقعد الجلدي قربه وقد حسم أمره ..
لن يزور معتصم اليوم فلن يضمن ألا ينحرف نحو غرفتها ويفعل بها ما لا يحمد عقباه ...لكنه في المقابل يعلم تماما إلى أين عليه أن يذهب ...
وكان صرير سيارته يعلو بينما ينطلق نحو وجهة حددها ولا مجال للتراجع أبدا
................
يفتح ليث الباب مفكرا من قد يزورهم في هذا الوقت فيواجهه شاب فارع الطول ذو حضور قوي محترم الهيأة ...ملامحه مستكينة بخلاف عينيه المتقدتين وقد اشتعلت رماديتهما غضبا؟؟

"هل غسان هنا ؟...أخبره أن كاظم يريد رؤيته "

انتهى الفصل العاشر


ahlem ahlem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس