عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-20, 04:46 PM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,433
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




هلا والله بـ كل متابعين سهيل



هذا الفصل الثالث مثل ما وعدتكم قبل



قراءة ممتعة جميعاً

وهالله هالله بالتعليقات المربربة الحلوة



،,






(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)



،,



الفصل_الثالث




سيريلانكا – العاصمة كولمبو



ضحكت بخوف وهي تحذر خالها الصغير من القرد خلفه: فهد ...... السبال بيعفد عليك انتبه
(بيعفد = سيقفز)

فهد: ادريبه هههههه روزه فريلي موزة ثانيه

اعطته الموز وهي تقول: ها اندوك

اخذ منها كمية من الموز ...... وذهب ليطعم القرود الأخرى في الناحية المقابلة

روزة وهي تخفض عيناها للأسفل: هههههههه ...... حامد إندو...


شهقت عندما لم تجد صغيرها الذي كان منذ لحظات يقف قربها


: حاااامد


أخذت تتلفت بفزع باحثة عن الصغير الذي كان لثواني فقط عند قدميها
ووجدته اخيراً من بعيد

هرعت هلعة نحوه والذي كان يسير نحو الشارع المكتظ بالسيارات
وقبل أن تصل إليه ..... حمله بسرعة أحدهم "وكان شبه متلثماً" ......... وعاد للرصيف مرة أخرى

وضعه بين ذراعي روزه وهو يقول بصرامة تشوبها قسوة غريبة:
ياهل ها مب لعبة ..... جانكم بايعينه ودوه ميتم بيهتمون به أكثر عنكم

اتسعت عيناها على مصراعيهما مفجوعة من كلامه المسموم بالعنجهية والقسوة

ولم تتحكم بنظرة الاحتقار بعيناها وهي تشيحهما بحدة عنه ...... قبل ان تقول بصوت لاذع:
أخلاقي ما تسمحلي ارد على كلامك التافه بس ما بنسى اقولك شكرا لانك لحقت على ولديه قبل لا يستويبه شي ....... مشكور ويزاك الله خير

التفتت وعادت نحو خالها وهي تستشيط غضباً من وقاحة الرجل وقسوة لسانه ...... وعندما وصلت نحو خالها استدارت لتراه بطرف عيناها الحادتان

لكنها لم ترى سوى الهواء بدلاً عنه ................ اختفى وكأنه لم يكن !



،,



هذا اللقاء سيكون ثالث لقاء بينهما بعد الأول والثاني

الأول كان في احدى السنين الغابرة بمنزل والدها عندما أتت لتبرّ بالاخير وتعايده بالعيد رغم كرهه لها ولأمها ... ورغم إصراره الا يتواصل احد ابناءه معها

والثاني في اول يوم عزاء والدهما

والآن الثالث

لكن السؤال الذي ينهش قلبها

هل حقاً أتت مضطرة لأجل ذلك السبب ام انها وجدت الحجة المناسبة لتلتقي بأخاها الكبير مرة أخرى وتكحل تلابيب قلبها بوجهه الرجولي المهيب


لا تعرف !

الحيرة والخوف والشوق اجتمعوا كلهم عليها/على مقلتاها المرتعشتان

ليتها طلبت من ريسه ان تأتي معها وتساندها في هذا الموقف

على الأقل ريسه هي ابنة عم زوجته ....... والاثنان تقابلا عدة مرات في المناسبات العائلية والاعياد

هه
صديقتها "فعلياً" هي اقرب منها لأخيها الكبير

أهناك حرقة اشد من هذه !!

وقفت ما ان دخل مجلس الضيوف وألقى السلام بصوت الرجولي الغليظ: السلام عليكم

رغم حيرته من زيارتها المفاجئة ...... رغم قلقه من ان مكروهاً أصابها اجبرها على القدوم إليه ..... رغم عينا والده الغاضبة اللتان تلاحقانه بوحشية تلومانه لانه كسر كلمة الاخير والتقى بأخته حتى بعد وفاته !

الا انه لم يستطع إخفاء اللهفة بعيناه ................ والسعادة الجامحة !

قبّلت خده بخجل يشوبه الكثير من الارتباك/التخبط ........ لترتعش بأكملها ما ان احست بكفه تحوط ذراعها الضئيلة ........ وسمعته يقول باهتمام ...... وقلق ............. بنبرة تمنت وبشدة سماعها قبلاً من والدها رحمه الله: شي فيكم ختيه .... ريلج وعيالج فيهم شي ؟؟

اخفضت اهدابها تأثراً .... لتقول وهي تهز رأسها نافية: آ آ لا ... احم .... انا

عندما شعر بتوترها وارتباكها .... وقف وقال: صبري بخلي البشاكير اييبون الفوالة ..... ام غابش الله يهداها ما بغت تسير السوق الا الحينه

شعرت بحرجها يتصاعد .............. ان تفوهت بالحق .................... فهي من أتت فجأة وبتوقيت غير مناسب لـ اخيها وعائلته .............. حتى انها لم تتصل به مسبقاً لتعلم ما اذ كان متفرغاً لها

ويبدو من هيئته الرسمية وثوبه الأبيض وشماغه انه كان يهم بالخروج لولا قدومها المفاجئ

لذا قررت إلقاء ما في جعبتها والخروج في اسرع وقت

امسكت يده وقالت له بشجاعة .... ونبرة مباشرة: يعل عمرك طويل اخويه تسلم ... انا مب مشتهية شي ييت عسب اقولك اللي في خاطريه واروّح

رمقها باستغراب .... ليقترب منها بعفوية ويقول باهتمام: اسمعج ام حرابة

جلست على الاريكة مرة أخرى ....... ليجلس قربها

وبعد تردد منها .... وتجميع قواها الكاملة ............ قالت بنبرة مباشرة وهي ترمق عيناه:
اخويه ما قد طلبت منك شي في عمري .. ولا لعمري

رغم قوة نظرتها وجمودها الا انه تمكن من رؤية الجرح القديم بمقلتاها

ومن غير ان يشعر ...... تذكر ما حدث قبل سنوات طوال ....... ما فعله اباه عندما اتاهم خبر قرب عقد قران عفراء على ابن عم اخوتها من أمها ...... ليث

تذكر قسم والده على جميع أبناءه الا يحضروا عقد القران ولا الزفاف بسبب كرهه البالغ لأمها عائشة

لم ينسى ما فعلته به حتى مات
تسائل كثيراً ..... ما ذنب عفراء من هذا كله !

فعلة والده تلك جعلته يكره نفسه ...... عجزه وضعفه
فعلة والده جعلته يتعذب بـ حس الاخوة المقتول فيه !

ويعلم ان زيد شعر بذلك مثله وقتها ... لكن زيد يجيد مهارة قتل اي احساس يولد فيه ضد والده خلف بوالشريس
تحت مسمى "طاعة الوالدين واجبة"

اما اخوانه الثلاث من زوجة ابيه الثالثة "مبارك وسالم وهادف" .. فلم يبدوا اي اهتمام وقتها
لانهم بالمختصر كانوا مراهقين ولا يفقهون شيئاً بالامور الحاصلة


وسط دوامة افكاره ..... وجد نفسه يهتف بحرارة لأخته:
روحي لج يا ختيه

ارتعش قلبها للصدق النابض بين كلماته ................. لذا وجدت نفسها تبتسم بتخبط لتقول متلعثمة خجولة:
حرابه ....... بنتيه

عقد حاجباه بحيرة ليهمس خافتاً:
حرابه !!


يعرف حرابه
كيف لا يعرف ابنتها التي لم يرها رؤى العين حتى الآن !

حرابة التي تصدرت صور الصحف والمجلات والوسائل الإعلامية العربية والعالمية لأنها اول طيار حربي امرأة قصفت مواقع الإرهابيين في العراق !

حرابة ...... التي تصدرت ألسن الشيوخ وأعيان البلاد في مجالسهم ومنازلهم ومكاتب أعمالهم

يفخر بأنثى حققت المستحيل لكن الماضي البشع الذي تسبب به والده لأبنائه وعائلته كان الحائل بينه وبينها .. كما بين أخيه زيد وبينها ... وبالقياس على ذلك
بينها وبين منزل والده الثالث

زفر قلبه حزناً سرمدياً .. قبل ان يترحم والده .. وعلى أمه حرابة في جوفه ... ثم قال:
شبلاها بنت ليث !!

حركت اصابعها على ظاهر كفها .. لتقول بسرعة: اباها تغير شغلها

رمقها باستغراب بداية الامر ..... ليقول بعدها متذكراً امراً ما:
السموحة لو بقاطع رمستج ..... بس حرابة كم عمرها ؟!

اردف مقهقهاً بحرج:
ههههه السؤال غريب بس حاب اعرف

ابتسمت بحزن .... وحب ..... وقالت: 29 ... أصغر من اخوها راشد الله يرحمه بـ 4 سنين .. واكبر عن اختها ظبية بـ 9 سنين

وضحت اكثر وهي ترى بريق اللهفة بعيناه لمعرفة اقل تفاصيل حياتها وعائلتها: ظبية فديتها فيها توحد

اومئ برأسه بادراك ... ليقول بعدها بنظرة معتمة: ما كنت ادري ان كان عندج ولد وتوفى

ام حرابة: توفى صغير ..... ما كمّل السنة .... كنت اسبحه هو واخوه سهيل في الطشت .... مر جدام البيت ريال شويبه
عطى جلمة يا خويه سدحته امره على الماي ومات
راشد الله يرحمه كان مربرب وابيضاني حلو .. وهذاك الشويبه ما عطانا خير .... شاف الولد من هنيه ..... وطاح من هنيه

اتسعت عيناه صدمةً ليقول: عوذ بالله ..... يعني من عينه !!

: هيه

أبا غابش بخفوت: الله يرحمه .. طير في الجنة ان شاء الله

ام حرابة: آمين يا رب العالمين

هتف بتساؤل وهو يشعر انه يعرف صاحب الاسم: ومنو سهيل ؟؟

ابتلعت ريقها بمرارة ..... لتهمس بخفوت: اخوه بالرضاع .... رضعته من صدري

ثم اضافت هامسة: الله يرحمه ويغفرله

: آمين .. ويرحم موتى المسلمين جميعاً

عقد حاجباه قبل ان يردف مسترجعاً بعض مقتطفات الماضي وحكاوي الناس حوله: جني ذكرته يا ام حرابة .. هو اللي انحكم عليه قصاص لانه جاتل واحد ولا انا غلطان ؟

هزت رأسها بقلبٍ منفطر ... فـ هذه الحقيقة الوحيدة التي تعرفها ... حقيقة لم تدخل عقلها ابداً .... فـ كيف بشخص كـ سهيل ان يقتل !
قالت بصوت متأثر: هيه يا خويه .... آآه يوم أتذكر اليوم اللي وصلني فيه خبره آنس فواديه يصيييييح

عندما رآى الالم بملامحها واختناق كلماتها لانت ملامحه تعاطفاً معها فبرغم ان الشاب قد اخذ جزاءه فقط ... فإنه سيظل ابن قلبها الى الابد ..... قال هامساً: الله يرحمه ويغفرله ما تجوز عليه الا الرحمة يا ام عفرا

ثم تنحنح بثقل ........ ليضيف بحزم وقور:
انزين ختيه ... نرد لسالفتنا احسن من السوالف الجديمة اللي تضيّج الخاطر ..
بخصوص حرابة .. هي ما تبا شغلها ولا انتي اللي ما تبينه !!


تنهدت ...... وطيف نجم سهيل ما زال يحوم حول ناظريها ...... ثم قالت باستياء شديد وهي تعود لموضوع ابنتها الذي يؤرق مضجعها:
ماباه يا خويه إلا ماداااانيه موليه .... كله خطر في خطر ... غير ان البنية من دخلت الجيش وهي ناسيه عمرهااا .... لا طاعت تعرس ولا تفرح خاطريه بياهل ... تعبت وياها وهي عنيده امررره ما تسمع الرمسه
ورمست ابوها ..... وقلتله شغل واسطتك عسب ينقلون على الاقل البنية لمكان ثاني بس هو ما طاع قال دامها تبا شغلها فـ انا ما بسوي حاية ما تباها

مسكت كتف اخاها ........... وأضافت بحرارة: بوغابش انا ابا فزعتك
انت ما شاء الله عندك معارفك ... تروم تخلي واحد منهم ينقلها ...... وما بتعرف انك انت ورا السالفة

تاهت نظرته ارتباكاً لمطلبها ....... ليقول بتعقل جاد بعدها:
انزين يمكن نروم نقنعها بالهداوة بدال ما نسوي حاية ما تباها وما بتزيدها إلا عناد

عبس وجهها يأساً وضيقاً .... لتقول بصوت لا حول فيه ولا قوة:
انت ما تعرف حرابه ......... حرابه بنتيه

سكتت اثر الرنين الذي قطع كلماتها فجأة ...... رنين آتٍ من هاتفها المحمول

نظرت للشاشة لتقول بسرعة: هاي هي بنت حلال

.....: ابا اشوفها

اتسعت عيناها مندهشة وقالت: تشوفها !!

اومئ رأسه بجدية وقال: هيه والحينه

استغربت من إصراره على رؤية ابنتها وفي هذا الوقت بالذات الا انها وجدت نفسها تمسك الهاتف .. وتطلب من حرابة بحزم هادئ ان تأتي لمنزل خالها الكبير عبدالرحمن



،,



لثم يده وهو يقول بنبرته الجافة "المعتادة مع والده":
شحوالك ابويه ؟!

رمقه اباه صياح بقسوة لا تتفرد بمعانيها الا ان خرجت منه هو ... من عيناه المشيبتان:
انت تهوم من بلاد لبلاد وعقبها تيي وتقول شحوالك ابويه .... زين يوم انك تذكرت عندك أبو

ابتلع سخرية كادت تخرج من فاهه وتخبر الرجل الطاعن في السن انه لم يعد لأجله ..... بل لأجل أمه ريسه: تعرف شغلي يا بويه .... ماخذ كل وقتي

زفر من انفه وهو ينظر للمنزل الكبير حوله ليردف متجاهلاً نظرات والده الحادة: وين عيل اليهال !!


منزل والده الكبير .... منزله الذي بناه في ابوظبي بعد ان انتقل جميع عائلته من وادي أبو الجن الواقع في المنطقة الشمالية من البلاد ....... منذ سنين طويلة قاربت أربع عشرة سنة وبضعة اشهر !

لا يسكن به سواه وابنته المها وزوجها شهاب وابناءهم ...... لرغبة الابنة الا تترك والدها يعيش بمنزل كبير لوحده رغم ان اختها الكبيرة ريسه تعيش بذات المكان في منزل متوسط الحجم جواره تماماً ومعها بالطبع منصور الذي لا يستطيع مفارقتها

ورغم ان صنعا والمها هما شقيقات منصور من الاب والام الا ان الأخير لا يوكل شؤونه الخاصة ولا احتياجاته اليومية من تنظيف غرفته وحمامه وملابسه ومأكله ومشربه الا لـ ريسه

اجابه الجد بنبرة جافة: راحوا بيت يدهم يابر

تباً ..... اليوم هو خروج عمه جابر بن احمد من المشفى "كما سمع من امه ريسه"
وهو الى الآن لم يزره بعد عملية القلب المفتوح !

كان يريد زيارته في المشفى لا في منزله

رحمةً بقلبه ........ ورأفةً لروحه الملتاعة .. لا يريد دخول ذلك المنزل "الذي جمع كل ذكريات وطفولته واوجاعه"
ليت عمه جابر لم يبتعه من والده بعد انتقالهم الى ابوظبي

ليته



،,



هل حقاً سترى بعد قليل خالها الكبير !!

اعترفي حرابه .. قلبك الذي لا يخفق رعباً عند مواجهة الأعداء

خفق الآن رعباً لمجرد انك سترينه

لمَ !!

اتخافين الحزن والخيبة إن اكتشفت انه لم يكن وفق الصورة المهيبة التي صورتيها له السنين ال 29 الفائتة !!

ام تخافين الوقوع في لج المرارة أن شعرتي انك غير مرغوبة منه مثلما شعرت امك قبلها !!

اجل ............ انت تخافين الا تري بعيناه الحب الحقيقي والقبول الصادق من قلبه .... كما لم تريه ابداً بعينا جدك خلف بوالشريس !

أخذت عدة أنفاس عميقة قبل أن توقف سيارتها أمام منزل خالها

أغلقت هاتفها بعد أن تأكدت من صحة الاحداثيات التي أرسلتها امها بها مسبقاً على برنامج المحادثة




بعد دقائق


فتحت لها الخادمة الباب .. لتدخل الى الداخل وهي تلقي السلام بصوت جهوري خشن:
السلام عليكم على هل الدار

وقف خالها وامها وهما يردان السلام عليها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


اقتربت منهما بشكل عادي
عادي جداً
بشكل لا يُظهر البتة ............ العواصف الهائجة بروحها
لا تعرف حرابة انها بكل خطوة كانت تخطيها ... كانت تخطو خطوات نحو عرش المحبة في فؤاد خالها



وهو ....... ظل يتأملها لحظات منبهراً ..... متعجباً ..... متأثراً بصمت حد صمت الخناجر في غمدها !

ما ان أصبحت امامه ..... حتى قالت بصوت هادئ لا شعور فيه:
شحالك خالي ؟!

قالت والدتها لها ببسمة مرتبكة وتعلثم رقيق: ا ا ا حبي راسه حرابة

رمقته بنظرة معتمة قبل ان تقول وهي ترفع قدميها لتصل الى جبينه: اكيد فديتج بحب راسه

عندما شعر بملمس شفتيها على جبينه اغلق عيناه بوجع



يالله
لم يكن يتوقع ولا في اجمل أحلامه انه سيلتقي اخيراُ بـ ابنة اخته .. بـ تلك التي سمع عنها الكثير ولم يتمكن من رؤيتها !
كان صعب عليه ان يسمع بـ سيرتها المدججة بالمجد والطيب .. ولا يفتخر كونها ابنة اخته امام الناس !
صعب جداً !


فتح عيناه وهو يقول بصوت رجولي رنان اخفى خلفه اختناق مشاعره/مرارة ماضيه: بخير يا بنت ليث ما نشكي باس
انتي شحالج ........ وشحال اختج ظبية ؟

: طيبين بصحة وعافية تسلم

تراجعت بحرج ما ان شعرت بيده تلمس خدها العذري المخملي

لتسمعه يهمس بصوت خافت ....... آتٍ من مكان بعيد: شراتها

نظرت لأمها بحيرة ... ليجيب هو من غير ان تسأل: امي حرابة

قهقهت ام حرابة بربكة ..... وقالت: لا عاد حرابة نسخة امايه ربي يحفظها والكل يشهد على هالشي

: لا .............. أقصد

حرابة من سألته هذه المرة بنظرة تغيمت بمشاعر لا حصر لها: شو

سكت ..... ولم يقل لهما ما تفوه به قلبه

ذات القوة المشعة ... قوة تشعر معها ان المكان كله مُحاصر مُحصَن مهيمناً عليك بظلال جدرانه !

ذات قسوة الأنثى التي تشعر دوماً بالخطر يحوم حولها !

ذات نظرة الجبروت التي لا تنكسر ولا تلتوي

قلب طاولة الحديث ليدخل مع الصبيتان احاديث متنوعة متشعبة .... لينتهي اللقاء بيقين اشتعل نفاثاً بعينا بوالشريس

انثى كهذه الحرابة
بلباس القوة .. وبـ حنايا الفخر والعزة والشموخ !
لا يجب التفريط فيها ابداً !!


،,



وضعت يدها على معدتها شاعرةً بألم فظيع ... تباً انه هذا الوقت من الشهر ... كيف ستستطيع حمل حقيبة التصوير الضخمة بمعاداتها لوحدها .... والذي زاد الطين بلة ان مساعدتها اخذت إجازة منها اليوم لأنها مريضة

سمت بالرحمن وحملت الحقيبة بجهد وهي تذكّر نفسها انها يجب الا تتأخر عن موعد جلسة تصوير الام وصغيرها في منزلهم الخاص

ابتسمت برقة ما ان تذكرت انها بعد قليل سترى طفلاً سيغير يومها الكئيب الى سعيد ...... وهل هناك اجمل من الأطفال ورؤيتهم التي تسعد الخاطر !!

مشت بحقيبتها الثقيلة جداً حتى خرجت من غرفتها ووصلت صالة المنزل

هنا لم تتحمل

تأوهت بألم وهي تنزلها عن ظهرها ..... شاعرة ان الألم انتشر من معدتها الى سائر جسدها


: مسك

شهقت برقة ملؤها الشحوب وهي تستدير للخلف وترى صاحب الصوت

كان هزاع

اقترب منها بقلق وهو يسألها: شبلاج ؟!

ابتسمت بـ دفء ........ وردت محرجة: لا ماشي أبا اودي الشنطة الموتر بس ثقيلة شوي ههههههههه

عقد حاجباه بحنق وهو يهتف متسائلاً: ووينها كاتي !! شحقه ما تشل هي الشنطة !!

ام المسك بارتباك: كاتي مريضة وخذت إجازة اليوم

: وانتي بعد مريضة ... ومب ملزومة تسيرين جلسة التصوير اليوم

ام المسك باستغراب مرهق: انا مب مريضة

هزاع بجدية بالغة: لا مريضة ولا تخليني احرجج واقولج من شو تشكين

اتسعت عيناها خجلاً ودهشة

إلهي ......... أيعلم انها تعاني من آلام الدورة الشهرية !!

لكن ............... لكن كيف علم !!

تلعثمت بوجه احتقن كلياً وهي تقول بسرعة: ا ا ا بروح الجلسة ماقدر اكنسلها والعرب يتريوني

قال هزاع بحزم حاد: لا مسك .... يلسي وانا بتصلبهم وبستسمح منهم روحي

قاطعته معترضة بخجل: لا ..... مايوز هزاع حرام يتريوني

مع نظرتها التي لا يقاومها ... رضخ وهو يقول مستديراً للخلف متوجهاً للأعلى: دام مصرة عيل انا بوديج .. ما بخليج تسوقين وانتي ميهودة ... اصبري دقيقة وراد

عدلت حجابها وهي تشعر بالحرارة من الحرج والارتباك ....... وما تزال تتسائل كيف علم هزاع انها مرهقة من ذلك السبب

عندما عاد هزاع .... وجدها ما تزال تقف بمكانها وساكنة لا تتحرك فقط وجهها هو من يتلون حرجاً

ابتسم بداخله وهو يتذكر كيف كانت تأكل في الصباح بنهم وعصبية البطاطس الحارة المقرمشة مع اللبنة الحامضة

سبع سنوات ونصف قضاها بأيامها وشهورها معها .... كيف لا تريده ان يكتشف انها لا تأكل البطاطس الحارة مع اللبنة الحامضة الا في فترة معينة من الشهر ... وهي التي نادراً ما تأكل هذه الاكلات الطفولية باقي أيام الشهر !!

والسبب الآخر ان المسك "خاصته" لا تظهر العصبية الشديدة على وجهها وهي تأكل بنهم ...... وان اظهرتها فـ هو من ذلك السبب ..!

اووووف كم يستلذ بـ خجلها

وضع يده على كتفها فـ انتفضت مكانها متراجعةً بارتباك

انزل يده بسرعة بمشاعر متناحرة

نسي لوهلة ان ام المسك ما زالت تنتفض ان لمسها أي رجل ..... حتى والدها شاهين او اخيها ربيّع او حد اخوتها

لكن سرعان ما تبتسم بارتباك وتقول كلمتها المعتادة التي اشتهرت بها بعد كل نفضة جسد بحجة انها كانت شاردة الذهن: روعتنيييييي ههههههههه


يعلم ان مخاوفها تتجاوز كلمة خرجت بعفوية "زائفة" من فمها .... وما يثير نيران روحه اشتعالاً ..... انها الى الآن لم تتمكن من مصارحته واخباره بما فعله بها طليقها الحقير وما جعلها تصل الى هذه الحالة المقلقة بعد طلاقها منه

تنهد بصوت غير مسموع قبل ان يبتسم لها بحنية ويأشر لها بهدوء ان تتقدمه ...... حاملاً حقيبتها بخفة
ثم خرجا معاً من المنزل



،,



بعد مرور ساعتين



هتفت بغيظ وهي تجلس قرب زوجها أبا غابش: ليتني ما سرت ويا ختيه بخيتة السوق ... جان حضرت لقاك بـ ببنت اختك

تحدث بـ شرود وكأنه يحادث ذاته: شفت فيها الشيخة حرابة بنت حسن يا صبحه

اشر بيده منبهراً مذهولاً: بـ نظرتها ..... بـ قوتها ...... بـ سكوتها اللي يقول الف كلمة وكلمة
شي لا على البال ولا على الخاطر
الشيخة حرابة بنت حسن كانت مجابلتني مب حرابة بنت ختيه


برقت عيناها انبهاراً ووهي تقول بحماس: ادري .... عسب جيه بغيتك من زمان تشوفها .... انا ما شفتها الا مرتين وحسيت باللي حسيتبه انت ... مرة وهي ياهل في بيت بنت عمي ريسه ..... ومرة وهي عوده عقب ما توظفت .... وشكثر بغيتك تشوفها وتتعرف عليها يا عبدالرحمن

نظر إليها بشروده ذاته ... بوجعه المتأصل ... بمرارته التي لم تنضب الى الآن ... وسأل: ليش !!

اكمل وهو يقبض يده بغضب عميق عميق عميق: ليش جيه سوا فينا !!

اخفضت اهدابها ........... وهي ترى ألم خليل قلبها المنبثق من عيناه

هي الوحيدة التي تعلم مأساته ..... وتعلم وجعه السرمدي من والده الذي تسبب في شتات عائلته وابنائه

تسبب في تفريق الأخ عن اخته والاخت عن اخيها

اهمله هو بالذات .... وترك لغيره مهمة تربيته وزيد بعيداً عنه

ربما زيد كان صغيراً ليجهل احاسيس الفتى المراهق المنبوذ من والده

لكن عبدالرحمن كان واعياً كفاية ليشعر بالألم والنبذ والفقد واللوعة

كان كبيراً كفاية ليؤمن ان والده لم يحبه كفاية ليأخذه تحت كنفه ويربيه بحب كما ربى باقي ابناءه من زوجته الاخيرة " مبارك وسالم وهادف "

كان مدركاً كفاية ليشعر ان عفراء ليست البذرة المكروهة الوحيدة بالنسبة لـ والده ........ بل هو كان قبلها

هو عانى وتوجع كمداً قبلها


دائماً ما تسائل مقهوراً

لم ترك غريباً يربيه !!!!! رغم ان الغريب "زوج امه" كان اطيب رجل عرفه في حياته

لم ترك الرجل الآخر يأخذه وامه واخيه الى مدينة أخرى من غير احتجاج او اعتراض او حتى مبالاة !!

لطالما كنّ عبدالرحمن الحقد والغضب لوالده ...... لطالما كانت له تلك الدمعة المختبئة خلف جفنه والتي لم تنهمر يوماً لأجل والده وبسببه كذلك !

حتى يوم وفاته

عبدالرحمن تعذب وما زال يتعذب ...... وهي فقط من تعلم هذا

وياليت ابنها البكر يعلم ليفهم بصدق لمَ والده يعامله على الدوام بجفاء وبرود

والده من غير ان يشعر ... يعامله كما عامله والده من قبل ... متربعاً على عرش المقولة الشهيرة

"فاقد الشيء لا يعطيه"

هو بكر ابيه وفقد حنانه ..... لهذا ومن غير ان يشعر ...... هو يخطو خطاه ويفقد ابنه البكر غابش حنانه الابوي الخاص ..... هو وباقي ابناءه "غيث ورحمة" كذلك الا ان غابش بالاخص ... هو من يتلقى الضربات الأقوى والاقسى والاشد مرارة


هو لا يكرهه
بحق الله ... كيف يستطيع كره أبناءه الذين خرجوا من صلبه !

لكن طفولته كونت في روحه عقد غريبة لا نهاية لها ..... عقد تجسدت كلها بصورة الجد خلف أبوالشريس!


قالت برقة حانية وهي تمسد لحيته الخليطة من السواد والرمادية: ترحم عليه يا عبدالرحمن ولا تذكره الا بدعاك
وانتبه ........ لا تتمادى وتسوي شراته

اغلق عيناه وجعاً ..... ليغمغم بخفوت: شو تقصدين !

: تعرف شو اقصد ... انتبه يا عبدالرحمن ... انتبه

همس باختناق غلف صوته ونظرته المهيبة: ماروم..... ماحس على نفسي يا صبحه ... بليا وعي الاقي عمري اعامله بقساوة
يربت وايد اتحكم بتصرفاتي .... بس ما رمت

قربت رأسه من صدرها وهمست له بخفوت دافء حزين وكأنه طفل صغير لا رجل قارب عمره السبع والخمسون سنة:
ادريبك فديت قلبك ..... بس حاول مرة ومرتين وثلاث .... صدقني في الأخير بتروم تتعامل وياه بشكل طبيعي ..... انت تحبه وغلاته مصبوب صب في فوادك
بتروم انا اعرف هالشي

تشهد بخفوت قبل ان يرفع رأسه عن صدرها ويقول بعينان شاحبتان:
بغيت وقفتج معايه

هتفت بحرارة: كلي فداك .... آمرني

قال بنبرة مباشرة ثابتة: حرابة

عقدت حاجبيها بغرابة لتقول متسائلة: شبلاها !!

نظر لعيناها مباشرة وقال: أباج تقربينها منا .... لازم اوصل حبل الرحم اللي ابويه قطعه من سنين

قالت بـ بريق جذاب: وهذا عين العقل .. خل هالشي عليه

بتلهف هتف: اباها اتم حولي دوم .. هي وامها واختها

: الظاهر نسيت ان عندهم ابوهم هههههههه

زفر سريعاً ليهتف بصدق: ولا يهون ليث .. بـ بس ..

: احسك متخربط يا بوغابش ومش على بعضك ..... شبلاك خبرني


قال بما يعتري خاطره المجروح: ابا ارد الشمل يا صبحة .... تعبت من هالحياة تعبت والملامة تاكل فواديه اكل
وتبين الصدق .. حرابة بالذات .. اباها حولي
ابا الشيخة حرابة بنت حسـ...
ا ا اقصد حرابة بنت ليث حولي دوم


رعشة يده لا تعكس ابداً قوة النظرة الصارمة بعيناه
أيكبح احساسه المغدور !
أيحاول جاهداً منع اظهار "عبدالرحمن الطفل الضائع المشتت المنكسر" !

رحمك الله يا خلف بوالشريس .. ما الذي جنيته الآن من جبروت افعالك !
ما الذي جنيته !


شعرت بقوة عظيمة .. واصرار كبير ... على حماية "الطفل عبدالرحمن"
وعلى تحقيق بريق الامنية المشعة بعينا زوجها الحبيبتان


لتقف فجأة وتقول بثقة: خلها عليَه يا بوغابش



،,



اتصلت بها سعاد كاتمة غضبها بقوة بالغة: وينه !!

رفعت حاجبيها ببراءة نقية وهي تتسائل بتعجب:
منو !!

هدرت بانفعال:
ريللللي

صدرها يعلو ويهبط من الانفعال والغيرة ... اردفت بعد ان تمالكت اعصابها: وين هزاع

هزت ام المسك كتفيها بحيرة وقلبها الأبيض لم يفقه بعد سبب انفعال سعاد عليها: ماعرف والله ... هو وصلني بيت العميلة وسار

غمغمت من بين اسنانها: وشعنه ما تسيرين روحج !!! ... عندج سيارة

اجابتها وهي تشعر بالذنب/الحرج ...... جاهلةً سبب ذلك:
ما طاع ... شافني تعبانه وقال هو اللي بيوديني

نادتها العميلة لترتشف معها القهوة فاضطرت ان تعتذر بلطف من سعاد:
برايج سعاد .. الحرمة تزقرني

شعرت سعاد انها تكاد تموت غيظاً ...... أغلقت الهاتف وألف شيطانة صغيرة ترقص بشكل مخيف فوق رأسها

وأخذت تفكر بأشياء مريعة لا أساس لها من الصحة

أيكون منجذب جسدياً لـ ام المسك ..... فقط مع ظروف حملها ودخولها النفاس !!

ام تكون ام المسك هي من تغريه وتجذبه بكيدها ورقتها نحوها !!

رباه

كيف تبعده عنها ........ كيففففف !!!!



،,



مساء اليوم التالي



خرج من منزل اخته الذي يعيش فيه ... ليسير مشياً على اقدامه باتجاه منزل والده ... الى ان اقترب من باب المنزل الداخلي

حتى استوقفه صوت ساخر من احدهم: ها ........ يقولون عمي منصور هنيه !!

نظر من خلف كتفه ببرود وهو يعرف صاحب الصوت ....... لينظر امامه مرة أخرى ويقول باقتضاب:
هلا

اقترب من عمه حتى اصبح امامه بالضبط .... وقال بمكر مستفز: سلم انزين عليه من زمان ما شفتك

حرك منصور شفاهه بقرف من رائحة الخمر المنبعثة من فم ربيّع ...... ليدفعه بعيداً عنه ..... ويغمغم من بين اسنانه: سر تغسل يالوصخ ....... ريحتك سقم
الله يلوع جبدك


وابتعد عنه ليكمل دربه الا ان الآخر لحقه بلا مبالاة

عقد حاجباه وهو يلتفت إليه ..... هادراً بغضب: وين تبا .... اقولك انقلع سر تغسل

حرّك عيناه بضجر وقال: يديه زقرني مابا اتأخر عليه

دفعه عمه منصور بقسوة وهو يوبخه بذات غضبه المتصاعد: تبا تجابل يدك يالوصخ بريحتك هاي ... لا والله تهبي
زول من جدامي لا اييك كففففففف على ويهك هذا
زووووووووول

رفع كلا حاجباه بسخرية وقال: ترمس وجنك مب انت اللي علمتني على الشرب يالعم

تراجع منصور بقرف متذكراً تلك الأيام السوداء ..... أيام التهور والطيش واللعب مع الشياطين !

لتنكمش رغماُ عنه اضلعه ........ وجعاً ............. ومرارةً

ابتسمت عيناه خبثاً واردف: ولا نسيت !!!

عاد بانظاره نحو المنزل وهو يأمر بجفاء/قرف: زول ربيع ..... زول قبل لا تظهر شياطيني عليك

ضحك ربيع ساخراً ........ وذهب مبتعداً عن عمه .. فـ وجد امام باب منزل الجد الخارجي فتاة تدخل


عرفها

ارتفع جانب فمه بخبث .............. وهو يقول مقترباً منها: يا هلا ومرحبا بـ الرائد الطيار حرابة بنت ليث

ولأنها لا تجهل البتة صوته النشاز الشيطاني ........... تجاهلته وكلماته المستفزة .......... واكملت سيرها نحو منزل الجد صياح

: وينه لسانج .... كلاه القطو ... مياو مياااووو هههههههههههههههههههه



منذ خمس سنوات لم يرها

منذ ذلك اليوم الذي حاول فيه لمس يدها بوقاحة ........... والذي على اثره نام بالمستشفى وفي رأسه خمسة غرز
حادثة لا يعلم بها الا هما الاثنان فقط

قالت وهي تمر من جانبه: راسك يحكك وشكلك تبا غرز مرة ثانية

ابتسم بشر ..... وقرر اللعب بالنار قليلاً

ليتغزل بها بشيطنة صرفة: يا عويد البان يا خلّي

انتفض عرق في عنقها

استدارت نحوه بحدة ........... ولوهلة فقط ندم على ما تفوه به .... تباً ..... الشراب هو السبب

تقدمت منه وشر مستطير يسبقها


: حرابه

توقفت وهي تعض كل شبر من وجهه بنظراتها المتوحشة

كانت ستقتله

ستقتلللللللللللللله

الا ان الصوت ايقظها من خدرة الغضب

لمحت القادم بطرف عينها .. فـ اخفضت اهدابها والتزمت الجمود

هدر منصور بقسوة نحو ربيّع: ما قلتلك تسير
شو موقفنك هنيه !!!

حك ربيّع ذقنه بلامبالاة ... قبل ان يشيح بيده بفظاظة ويخرج من المنزل بأكمله


بعد ان خرج .... تنهد منصور بصوت غير مسموع ..... ثم التفت لحرابة ......... قبل ان يبتسم بأخوة لطيفة ويقول: شحالج حرابة ؟؟

ردت عليه باقتضاب وهي تكمل سيرها نحو المنزل: بخير

قال بسرعة قبل ان تختفي من امامه .. شاعراً بعبق الماضي الحلو يحوم حوله مدغدغاً حناياه: عاش من شافج حرابه

لم تبتسم مجاملة لكلماته ..... بل حتى لم تنظر نحوه .......... فقط هتفت بصوتها المقتضب وهي تمسك مقبض الباب:
يايه اشوف يديه صياح

لم يستغرب جمودها او قسوتها ... فـ لطالما كانت حرابة هكذا ... صحيح انها ازدادت قسوة وجفاءاً وصمتاً بعد وفاة سهيل رحمه الله الا انها منذ الصغر كانت تحمل تلك الهالة العجيبة من القسوة والقوة والجبروت: حياج اقربي

ردت بنبرة ذكورية اكثر مما هي انثوية: حي نبااك ... تسلم



،’



عندما لمحها تدخل من باب منزله .... برقت عيناه بلهفة غريبة ......ولم يلتقط ذلك البريق سوى ابنته الكبرى

ريسه

التي كبتت سخريتها وحافظت على جمودها وهي تستقبل صغيرتها حرابة

تعلم سبب محبة الجد صياح لـ حرابة .. سبب لا يريد لأحد معرفته

صياح يريد ان يرى صورة نجمه الراحل في عيناها ... صورة اخيها

فـ ليس هناك من يذكره به سواها

ابنه احمد "أبا سهيل" توفى حتى قبل ان يشهد فاجعة موت ابنه الوحيد

ونورة .... حرمت الرجل الطاعن في السن رؤيتها او الدخول لمنزله منذ تلك الحادثة المريعة

لم يبق الا حرابة ........... اخت سهيل بالرضاع !

أرأى احد في الدنيا رجل يقتل اعز ما يملك ..... ثم يشحذ رؤية طيف من يملكون ادنى صلة بمن قتله !

اجل
انه صياح
القاتل القتيل ... الذي ندم اشد الندم على رحيل سهيله
عدا على قتله إياه بدمٍ بارد !
هذا هو التناقض بأغرب صوره ...!



جلست قرب أمها ريسه لتقول بصوت هادئ مقتضب: شحالك يديه !!

ربت على المكان الواسع قربه وهو يقول بصوت الوقور المبحوح:
تعالي حذاي يا عين ليث تعالي

خبأت بقوة نظرتها المليئة بالجرح/الأسى .. الا انها لم تخب ظن الرجل الذي عاملها منذ الصغر كـ فرد من عائلته

: ريسه .... منصور ...... خلونا رواحنا شويه

بصمت تام ..... التفت منصور وخرج من المنزل ...... حامداً الله ان الامر اتى من والده .. فوجوده هنا لا يزيد روحه الا ضيقاً ونفوراً

اما ريسه فـ اومأت برأسها وذهبت لتكمل تنظيف غرفة والدها في الداخل


قالت باقتضاب تام قبل ان يشرع بالكلام: شو في خاطرك يديه ؟!

لمحته وهو يحدق بغموض لمعصمها ....... تحديداً للساعة

فـ امسكت بها ...... وكأنها تريد حمايتها من بطش الجد

سألها وعيناه لا تبرقان الا جموداً وقسوةً: ما نسيتيه !!

ردت بصرامة وجرأة بالغة: محد نساه

ابتسم نصف ابتسامة .. حرابة الوحيدة التي لا تتكلم بتحفظ معه

جريئة .. مغامرة .. قوية .. مستفزة .. متحدية .. شرسة .. صادقة

كلمة الحق تخرج من لسانها حتى لو كان السكين على عنقها

هي بالذات لا تخشاه ...... وياللغرابة ...... هذا بالضبط ما يعشقه فيها !


اخفض اهدابه نحو ساقيه ليقول بشكل صدم روحها: انا اشهد


رغم ذلك حافظت على جمود ملامحها وقالت بهدوء: شو في خاطرك يديه اسمعك

بعد صمت جاف دام ثوانٍ ............ قال بصوت مبحوح مقتضب: وديني صوبه

قفزت من مكانها بعنف ... جدها صياح ليس بوعيه

ليس بوعيه البتة

مالذي يتفوه به بحق الله !!!

قالت ونظراتها غدت كالسهام السامة عليه: اوديك قبره !!!

: هيه

قالت بقسوة عاتية: لا

حدشها بنظرة قوية ........ ليقول بجبروت: حرابه

انفجرت وهو تهدرت بوحشية احرقتها قبل ان تحرقه هو: ليش الحينه ........... لييييييييشش
انت قررت تمحيه من الوجوود .... وتقطع كل عرقٍ ربطك فيييه
ليش الحينه تبا تزور قبررررررره



سعاله القوي قطع هديرها المشتعل

أغلقت عيناها بقوة .............. لتستغفر الله بصوت غاضب

تنحنح بحدة بعد سعاله ليقول بصرامة بعيناه الجاحظتان الحمراوتان: انا ما اطلب منج

انتظرت لتعد للعشرة في جوفها ............ ثم عضت شفتها السفلية بانفعال مكتوم ........... لتقول مشيحةً وجهها: أوامرك على العين والراس يالشيخ صياح
متى تباني اوديك !!!

: الخميس .... عقب ما تخلصين دوامج

هتفت بصوت متباعد جاف: ان شاء الله ..... على امرك




بعد ساعة



دخلت سيارتها بملامحها الجامدة ... وتحركت بها حتى خرجت من منزل آل صياح وأصبحت في الشارع العام

فجأة توقفت بجانب الطريق بحدة

وضعت يدها على صدرها واخذت بنظرة هستيرية تفركه بظاهر كفها ....... بشكل دائري بطئ مرتجف

الاكسجين في جسدها اصبح صفراً !

عيناها غدتا كالبركان

شفتاها ترتعشان كالزلزال

وروحها تصرخ ........... حتى خرج صراخها من حنجرتها بطريقة مرعبة عاتية:
ما بصيييييييح
ما بصييييييييييييح
ما صحتك يا سهيل وانا اشوووفهم يعقونك في التنور شروا الحيواااااان
ما صحتك وانا اشوفك بعيييييييييييييني تحترق بالناااااااااار
وما صحتك في عزااااااااااااااااااااك
ولا بصيحك الحيييييييييينه


تنفسها اصبح كأنين هو اقرب لزئير مخيف .........!

اليوم اخذت كفايتها فعلياً

بدايةً من ربيّع

ونهايةً من صياح

رباه .............. رحمااااااااااااااااك


أغلقت عيناها بقوة شاعرةً بالحرقان فيهما

بعد دقائق
فتحتهما ............. لتتنفس آخر نفس ضعف لليوم ............. وليعود وجهها للجمود الصقيعي كما المعتاد

قبل ان تنطلق بسيارتها من جديد ............. وكأنّ شيئاً لم يحصل !



،,



بعد أسبوع
في مطار دبي الدولي



استلت هاتفها واجابت المتصل ببسمة حلوة ..... وبـ "هولنديتها المحترفة": اهلا بك أيها المتشرد

رد عليها بصوته الجاد "الهادئ على الدوام" وهو يتصفح الجريدة امامه: أأصبح الاستجمام قليلاً في جنوب افريقيا تشرداً أيتها السنجابة !!

كشرت عن انفها بغيظ باسم .. لتقول: اياك ومناداتي بهذا الاسم ديدريك .... والا قتلتك

نزع عن جسر انفه نظارته الخاصة بالقراءة ...... ليقف ويقابل النافذة الطويلة الفخمة .... والتي يصل طولها من اول سقف غرفة المكتب الى أرضيته المغطاة بالسجاد الفاخر ..................... قبل ان يقول بملامح تخلو من التعابير: اقتليني بعد الانتهاء من عملك أيتها السنجابة

ابتسمت بأمل ضائع ............ ثم قالت وهي تؤشر لأحدهم من بعيد:
كم انت ماكر ديدريك ..... حسناً لقد اتصلت وقمت بالاطمئنان علي ... فلننهي المكالمة الآن

لم ينفي كلماتها السابقة فـ هي قد اصابت بها عين الصواب لكنه لم يعقب ......... فقط ودّعها بصوته الهادئ ...... واغلق الهاتف ليتركها تبتسم هذه المرة بحزن رقيق

بعدها سارت نحو الرجل الذي يستقبلها .... والذي سيقوم بمهمة ايصالها الى الفندق






نهــــاية الفصــــل الثــــالــــث






معاني اسماء الابطال


حرَابة: من الحربة ... اداة الحرب والمعارك المعروفة وهو اسم قديم غير متداول بكثرة حالياً
غابش: الطفل الذي وُلد في الصباح الباكر (من الغبشه)
هزاع: بمعنى الاسد الذي يكثر من تكسير عظام فريسته
مديّه: حدة السكين او السكين نفسه
روزه : الوردة
ربيّع : الياء عليها شدة مب "ربييييييع"
رَيسه: اسم قديم بمعنى المرأة القائدة الرئيسة "والياء مسكونة"




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس