الشعور بالذنب
هو إحساس عميق بالخجل والخزي، يحدث داخل الفرد، تجاه أفعاله وسلوكه وأيضاً تجاه أفكاره.
كما يشعر المذنب باللوم والتأنيب والتبكيت نابعاً من ضميره،
وقد يؤدي ذلك إلى شعوره بالغضب تجاه نفسه لما ارتكبه من خطأ، واضعاً في اعتباره حكم المجتمع عليه، مما يفقده الشعور بالحرية والإرادة القوية
. وبمعنى آخر فالشعور بالذنب تعبير صادر من الضمير وناتج من محصلة مشاعرنا بعدم الرضا عما نفعله، إذ أننا نعتقد أن ما نفعله هو عمل خاطئ، حيث أن هذا العمل يخالف القوانين الأخلاقية والمعايير الاجتماعية التي تعلمناها.
ولذلك فإن مشاعر الذنب مرتبطة بما نقوم به من أفعال قد نعتقد أنها خاطئة إذ أنها لا تتفق مع المثل الأخلاقية لسلوكنا وللأنماط الاجتماعية الموجودة في البيئة.
إن هذا الصراع يقع على مسرح الذات (الأنا) فإن خلفت الأنا أو الذات القوانين والمبادئ الخلقية كي ترضي نزعاتها الفطرية سقط الضمير في مشاعر الذنب والتأنيب، وقد يؤدي ذلك إلي وقوع الشخص في الأمراض النفسية والعقلية،
أما إذا التزم الشخص بما يمليه عليه الضمير وتحاشى إشباع نزعاته ورغباته الغريزية فإنه يصاب بالفشل والإحباط أي أن الميل نحو أي من الطرفين يوقع الشخص في مأزق لا يحسد عليه
. لذلك فإن الأنا السوية هي التي تحدث التوازن بين قوى النفس أي بين الضمير من ناحية وبين الرغبات والنزعات الفطرية من ناحية أخرى وبذلك يمكنها الاستمتاع بالصحة النفسية،
وإذا لم يستطع الشخص أن يحقق هذا التوازن فإنه يتعرض لخطورة بالغة.
*أسباب الشعور بالذنب
قد تتسبب السلطة الوالدية في خلق مشاعر الذنب لدى الطفل، وذلك عن طريق توجيه اللوم والتأنيب والنقد المستمر له كلما فعل خطأ أو تصرف عكس ما يريدونه. كما أن تعمد إحراجه أمام الآخرين يؤدي به إلى شعوره بالأذى والخجل لما فعله. وأيضاً محاولة الأسرة وضع الطفل في إطار نمطي ورسم حدود صارمة لتصرفاته قد يوقعه في الشعور بالتقصير والإدانة، بالإضافة لمحاولة الوالدين فرض أعباء وأثقال مستمرة عليه أو وضع مقاييس أعلى من إمكانياته واستعداداته قد يؤدي به إلي الشعور بالعجز والألم الذي يقود بدوره إلى مشاعر عدم الكفاءة والاستحقاق.
إن رسائل اللوم والإدانة التي توجهها السلطة الوالدية للطفل تتحول عندما يكبر إلى رسائل داخلية موجهة من الضمير إلى الشخص وتكون لديه اتجاهاً داخلياً بالشعور بالذنب.
أنواع الشعور بالذنب
• الشعور بالذنب العادي والذي يؤدي بالشخص إلى التوبة، وبمعنى آخر الشعور بالتبكيت والذي يساعد الشخص على الشعور بالندم، وبالتالي يقوده إلى التخلص من خطاياه
• الشعور بالذنب المبالغ فيه: وهو شعور الشخص بأنه ارتكب إثماً فظيعاً حيث أن هذا الإثم يخالف ما تعلمه من قيم أخلاقية ومبادئ دينية.
• الشعور بالذنب غير الواعي: وهو شعور عميق دفن في اللا شعور وذلك بفعل النسيان ولكنه يظل يحرك سلوك الشخص، وقد تكون له مظاهر مرضية متعددة. وهو يعد من أخطر الأنواع.
مظاهر الشعور بالذنب
• الرغبة في عقاب النفس: إن الشعور الدائم بالذنب يضع الشخص في موضع إدانة، لذلك فالرسالة الداخلية التي يوجهها لنفسه هى أنه يستحق العقاب حتى يتألم ويكفر عن ذنبه.
• الغضب: الشخص الذي يشعر بالذنب غالباً ما يوجه غضباً نحو ذاته ونحو الآخرين ثم نحو الله.
• اضطرابات نفسية وعقلية وجسدية: إن مشاعر الذنب التي يوجهها الشخص لنفسه وتصيبه بالتحقير والإدانة ، غالباً ما توقعه في أمراض نفسية مثل الوساوس القهرية التي تتفاقم بدورها فتصيبه بالأمراض العقلية
وقد تظهر في أشكال أمراض جسمية مثل القولون العصبي أو الصداع المزمن أو الضغط المرتفع.
• الشعور بالنقص وعدم القيمة والكفاءة: عندما تتعمق مشاعر الذنب داخل الشخص فإنه يفقد الثقة بنفسه وبالتالي تقوده إلى الشعور بالنقص وعدم الكفاءة والاستحقاق. وقد يدخل عدو الخير من هذه الثغرة فتتحول حياة الشخص إلي الشك والكراهية والبغضة للآخرين.
العلاج:
• إن أول خطوة على طريق الشفاء من مشاعر الذنب هي الحرص علي التخلص من هذه المشاعر، ففي أحيان كثيرة يستسلم الشخص لتلك المشاعر التي تمنحه لذة معاقبة النفس. فلابد أن تكون لديك الإرادة القوية التي تساعدك على مقاومة مثل هذه الأحاسيس.
• اعلم أنك مسئول عن هذه المشاعر التي أصابتك حتى ولو كان هناك آخرين اشتركوا في إحداث هذه الأحاسيس، وتحمل مسئولية نفسك تجاه مشاعر الذنب والإدانة ولا تلقي باللوم علي الآخرين.
• اطلب المساعدة من شخص تثق فيه يتميز بالحكمة والإرشاد وشاركه بأحاسيسك إذ أن الاعتراف بها هو بداية وضعك على الطريق السليم.
• ثق في نفسك وانفتح على كل رسالة تشجيع تسمعها من الآخرين وتفاعل معها وكن مصراً على تغيير فكرك السلبى نحو ذاتك.
• اغفر لكل شخص أساء لك، وكون لديك هذا الاتجاه الفكري، فالغفران بداية للتمتع بالحرية والشفاء.
منقول |