عرض مشاركة واحدة
قديم 01-08-20, 09:52 PM   #11

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي الفصل الأول


مساء الورد يا حلوين ... الفصل الأول


تململ بفراشه أثر هذا الصوت المزعج الذى صدر من هاتفه دون ان يأبى له فى بداية الأمر لكن هذا الرنين المستمر و الذى يدل على مدى اصرار المتصل جعله ينهض بإنزعاج ليلتقط قميصه الملقى باهمال على أحد المقاعد المجاورة للفراش حتى يرتديه .... لحظات و عاد هذا الرنين المزعج مجدداً بعد انقطاعه بما لا يقارب الثانية الواحدة .... مما جعله يلتقط الهاتف عاقد الحاجبين .... حيث أجاب بنبراته الرجولية القوية و التى لم يخلو منها أثر النعاس بعد

( أجل آسر لما كل هذا الالحاح منذ ... )

إنقطع سيل حديثه للحظات تخللها تجهم وجهه الملحوظ وانعقاد حاجبيه حتى كادت ان تتلامس بالفعل و هو يستمع الى الحديث من الجهة الأخرى ليتمتم بعدها بإسم المتصل عدة مرات .. ليعلو صوته بالصراخ

( آااااسر .... توقف قليلاً أنا لا افهم ماذا تقول عن أى قتل و عن أى خيانة تتحدث أنت ؟! )

عم الصمت لبضع لحظات لم يقطعها سوى تلك الانفاس المتلاحقة المضطربة و المذعورة ليأتيه نفس ذات الصوت لكنه بدى بعيداً بعض الشئ خافت متقطع و كانه يأتى من تحت الأنقاض

( أردال .... أخى أرجوك ان تستوعب ماذا أقول ...... انها حياة إنسانة .... أتسمع .... سوف تذهب الى ذلك العنوان الذى أعطيته لك منذ لحظات ... أرجوك ان تحمي هذه المرأة ... انها كل شئ لى فى تلك الحياة .... فأنت ان لم تلحق بها الأن .... فإن والد (ميرال) سوف يقتلها أتفهم !!!)

لم يصدر اى صوت حتى الأنفاس قد أنقطعت لتزيد هذا الجو المشحون رعباً ... ليعاوده آسر القول مجدداً بصوت أكثر ذعراً و هذا الشعور بالعجز بدى واضحاً بنبراته هذه المرة

( أردال ... انهم اختاروا هذا الوقت تحديداً ليفعلوها .... فعلى ما يبدوا انهم خلف سفري المفاجئ للخارج هذا )

و اخيراً أتاه هذا الصوت الثلجي ليجمد روحه مع كلماته الباردة و كانها سهام من الثلج اخترقت كيانه لتقتله ببرودتها

( أنا لست مضطر لحماية ساقطة سرقت رجل من زوجته آسر فانا كنت لأفعل ما تفعله ميرال الأن و أكثر فأنت و تلك التى تتحدث عنها لستوا سوى خونة )

لا يعلم لماذا تسلل هذا الشعور بالذنب الى روحه فهو لطالما تعامل مع آسر كأخ ليصبح هو الأب و المثل الأعلى له بكل شئ فلا عجب ان يلجأ له بمثل هذا الوقت ... لكنه شعر بطعم الخيانة هذا من قبل .... يعلم جيداً عن هذا الألم ... عاد أردال ليجمح روحه المجروحة مجدداً مما جعله يهاجمه بذلك الشكل ... ليتردد قليلاً قبل ان يلفظ إسمه بنبرات لم تخلو من القسوة بعد ... لكنه لم يتوقع هذا الرد الذى هاجم ثلجية قلبه بفحيح من النيران بالرغم من صداه المعذب

( أردال ...... هل تريد منى ان أذوق هذا الألم لفراق شخص بمثابة الحياة لى .. و أنت الذى يعلم هذا الألم جيداً ..... هل تريد منى ان أعيش هذا الضياع الذى مررت أنت به ............. أردال أرجوك افعل شئ ... لا تدع شئ يمس (نارفين)... أحميها من أجلى أرجوك ... أننى و للمرة الاولى الذى ألجأ لك بها )

لا يعلم كيف استحضرت هذه الكلمات شريط حياته للحظات أمام عينيه لينفض رأسه بعنف رافضاً لتلك الذكريات التى غزت مخيلته معتصرة قلبه بين طياتها .... ليردف اخيراً

( حسناً آسر سوف أفعل ..... لكن لا تحلم أننى سوف أستمر بحمايتكم حينما تعود و يعلم الجميع بالأمر ... لن أحميك أمام العائلة مهما فعلت و مهما حدث !! )

لم يكن من الصعب ان تلتقط أذنيه صوت أنفاس آسر التى خرجت بعد ان حبسها و هو ينتظر جوابه ليجيبه بنبرات لاتزال ضائعة

( لك ما تريد أردال فقط أحميها لى ريثما اعود ... أنا سوف استقل الطائرة الأن .... أردال فقط عدنى أنك سوف تفعل هذا من أجلى ) ....... ( حسناً آسر لقد قلت لك سوف أفعل )

شعور غريب سيطر عليه بتلك اللحظة و كانه عاد خمس أعوام للخلف لتعود معها أصوات xxxxب الساعة التى كادت ان تصيبه بالصم و هو يرجوها ان تتوقف قليلاً لربما أستطاع اللحاق بأحلامه و حياته الضائعه حينها ..... وكان ناقوس الخطر قد دق بعقله جاعلاً إياه ينتفض ....

***

شعرت بأنفاسها تتلاحق بعد ان أغلقت باب شقتها الذى ظنت انه سوف يحميها من تلك الاشباح التى ارادت ان تقتنع انها من نسيج مخيلتها هى فقط .... شعرت وكأنها ربما تُعايش حلم مزعج فهى لا تتذكر سوى هذا الإتصال الذى أتاها من آسر يلزمها بان لا تخطوا خارج تلك الشقة لكنها حينما استمعت لنبراته المرعوبة لم تستطيع ان تزيد الامر سوءاً بأخباره انها بالفعل بالخارج ..... استدارت متحايلة على جسدها الذى لايزال ينتفض و شعور بالقلق بدأ ان يدب بجميع أوصالها ليتمازج مع شعور أكبر بالندم ............ بالندم على هذا القرار الذى علمت انه سوف يقلب حياتها رأساً على عقب .... انها و منذ ان وطأت قدمها أرض تلك البلد و هى تشعور بانقباض شديد بقلبها و روحها .... هل اخطأت القرار ؟! ..... الم يكن عليها القدوم بقدمها الى عقر دار الاشباح ؟! ............... لم يستطيع عقلها الاسترسال و تلك الشهقة التى أنطلقت من حنجرتها جاعلة ايها تقف متشنجة و شعورها بدمائها تتجمد لتجعلها عاجزة عن الحراك و هى ترى شخصاً لا تتذكر انها رأت طيفه من قبل بحياتها قابع على تلك الأريكة التى تتوسط البهو بأريحية مبالغ بها مُصوباً نظارت أشبه بنظرات الفهد نحو فريسته او محيطاً عميق يبتلع ضحاياه و تلك الزرقة المطله من عينيه لا تزيده سوى شراسة !! ......... لا تعلم ان كانت تتوهم ام لا بحقيقة وجود تلك اللمحة المزهولة تحتل نظراته لبضع من اللحظات و هو يشملها بدقه قبل ان يميل فمه بابتسامة جانبيا هازئة و ملامحه تزداد قسوة و خطورة ..... لم تشعر كيف تحملت قدمها ان تخطو تلك الخطوة للخلف دون ان تطرحها أرضاً و هى تراه يميل بجسده المهيب الضخم للأمام ليتكئ بمرفقيه على مقدمة قدمه وكأنه يستعد للهجوم على فريسته التى لا تتمثل بسواها ..... تراجعت خطوة اخرى للخلف حتى شعرت ببرودة باب الشقة تلامس ظهرها لتتكئ عليه بحمل جسدها بأكمله و كانها تريد ان تخترقه لتهرب من تلك الكوابيس التى تعايشها منذ بضع ساعات

( شاحبة كالأموات ..... و ترتجفين ايضاً ....... لن ينطلي هذا على !!)

خرج صوته الغليظ بحشرجة مخيفة اجفلتها خاصة و هى تراه ينهض مغلقاً زر سترته بهدوء مربك و هو يتقدم منها بخطى ثابته جعلتها تدرك اقتراب نهايتها لا محاله ..... هل هذا الوحش الذى حجب طوله الفارع و ضخامة جسده الهواء عنها هو من سوف ينهى حياتها كما اخبرها آسر لكنه لا يشبه المجرمين الذى تراهم بالافلام او الذى تسمع عنهم .... أغمضت عيناها هاربه من نظراته المتدنية لها محاولة السيطرة على انتفاضة جسدها أسفل ظله المرعب

( أنتِ نارفين اذاً ؟!! )

صمت لم يدم كثيراً ليقطعه صوته القاسى مجدداً بنبرات متقززة

( أردال الشاذلي.... أبن عم آسر )

فتحت عيناها على اتساعهما و إسم عائلته يضرب خفقات قلبها ليلتقط هو ارتجاف حدقاتيها ليكمل قائلاً

( ردت فعلك تلك تؤكد لى أنك تعلمي خطورة الوضع .... لهذا لن أُضيع الوقت بالشرح ...... عَلَيْكِ ان تتجهزى كى نذهب من هنا على الفور حفاظاً على حياتك )

استدار ليبتعد تاركاً مساحة للهواء ليتخلل رئتيها بعد ما كان يحجبه بجسده الذى يضاهيها طولاً لكنه توقف عن الحراك حين أتاه صوتها المهزوز و هو يقول

( لما على ان اثق بك و أنا لا أعرفك من قبل .... ربما أنت لست سوى كاذب أرسلوه ليتخلص منى )

أخذت تنظر الى ظهره للحظات جعلت وتيرة أنفاسها تتسارع ..... لتزدرد لعابها بصعوبة حينما التفت ليطالعها من جديد بنظرات لفحتها بنيرانها و بريق خطير يسيطر عليها ممزوج مع استحقاره الواضح لها وضوح الشمس ليردف بفحيح أصاب جسدها بتيارات كهربائية

( لا داعى لمعرفة من الكاذب هنا ايتها الصغيرة ... ولا تعطي قيمة زائفة لنفسك ...... فأنتِ بنظرهم أرخص بكثير من هذا .... فلولا آسر لما أقبلت على حماية امثالك !)

لم ترتجف اى من حدقتيه و هو يطالع تلك العبرات المنكسرة تتجمع على زاوية جفنيها ليهطل عليها مجدداً بسيول قذائفه

( لا تحاولي حتى .... لن يجدي هذا معى فانا أُجيد التعامل مع امثالك جيداً ... أمامك خمس دقائق فقط لنذهب من هنا )

لم يرتجف له جفن و هو يوليها ظهره تاركاً من جسدها ورقة تتلاشى مع الرياح ... لحظات مرت فى صمت .... و كما يُقال دائماً ..... صمت ما قبل العاصفة .... كان على وشك ان يلتفت بعدما شعر بعدم تحرك جسدها من خلفه .... لكن هذا الشئ الزجاجى الذى تحطم فوق رأسه ليفقده اتزانه لبضع لحظات ..... و شعوره بالرؤية تتلاشى من أمامه لم يمنعه من سماع صوت ارتطام الباب الذى كانت تستند بجسدها عليه قبل لحظات ليتكئ هو على الجدار بجسده رافعاً كفه ليضغط به على رأسه لاعناً نفسه و يداه الاخرى تبحث عن هاتفه ...... مُجبراً جسده على اللحاق بتلك الحمقاء التى لا تعلم انها بفعلتها هذه سوف تتسبب بازهاق روحها.

لا يعلم كم الوقت الذى استغرقه ليخطو أولى خطواته الى الشارع خارج هذا المبنى السكنى اللعين .... حيث تسمرت قدمه للحظات و شعوره بان تلك الضربه الذى تلقها فوق رأسه لاتزال تُاثر عليه و هو يرى رجالاً يعرفهم حق المعرفة يقومون بتقيد حركتها بعنف بالغ و يلقون بجسدها الضئيل فى تلك السيارة السوداء .... فكما يرى الان هذه الفتاه التى ادهشته رؤيتها حقاً لصغر سنها و التى على ما يبدو لا ترقى ان تكون سوى طالبة جامعية بسنتها الاولى قد اختطفت بها و أمام عينه ... اطلق صرخة مُدوية بإسمها لكن ثقل جسده أثر تلك الضربه المصحوبة بصدمته فيما رأه للتو جعلته يقف عاجز أمام هذا المشهد الغريب .... يردد و أنامله تخطان بعنف فوق هاتفه ( تباً ان عمى قادير فى ذلك الأمر ايضاً !!)

***

كم أودى هذا الظلام الدامس بروحهها الى الهلاك تاركاً جسدها ينتفض بعنف أمام تلك الذكريات التى باتت تعذبها أكثر و أكثر فلم يعد أمامها سوى هذا الشريط الذى مثل أسعد ايام حياتها او أسوأها لم تعد تعلم فى تلك اللحظة مع هذه الغرفة المظلمة ..... لم تعد تشعر بشئ اى شئ سوى هذه الدموع التى ابت ان تتوقف او تجف من على وجنتيها بينما كانت يدها و قدمها المكَبَّلتين فهى حتى لم تعد تعلم على ماذا تهدر كل تلك الدموع .... لكنها علمت انها تستحق كل ما يحدث لها الأن لانها لم تعى تلك الفرصة التى رفضتها لتنجوا بحياتها من كل تلك الكوابيس راكضة وراء هذا الوهم الزائف الذى يدعى الحب ..... انتشلها صوت عنيف صدر من ارتطام الباب بجدار تلك الحجرة الموحشة لينتفض جسدها بشكل أكثر عنفاً جعلها تغمض عينيها وكأنها ترى شئً من خلف تلك الغمامة التى قيدوا بها عينها ........ لحظات و أخذت أنفاسها تتلاحق فى الخفاء ذعراً من ان تصل الى أذن هذا الذى بدأت خطواته تقترب منها ببطء ارتجفت له أوصالها أكثر .... لم تعى انها اخذت تزحف بجسدها المكبل حتى التصق ظهرها بهذا الجدار الذى اخذ يبعث لجسدها من رطوبته ....... و تلك الصرخة التى ابت ان تنطلق من حنجرتها حتى تلاشت داخلها مع شعورها بأنامل تنغرس بعنف داخل خصلاتها و اخرى تجردها من تلك الغمامة التى كانت تحجب عن عينيها الرؤية لتواجه هذه العيون التى لم ترى بشراستها من قبل و صوتاً خرج مرعباً كفحيح الأفاعى التى خرجت من أسفل حطام روحها و عينيها .

***

هل يعقل ان كل الذى يعايشه الأن ليس سوى حلم مزعج .... كم دعا الله ان يكون مجرد حلم او حتى كابوس سوف ينتهى فى نهاية المطاف ..... لا يعلم لما تملكه هذا الإنقباض حين خطت قدميه أولى خطواتها خارج المطار ..... لا بل يعلم و يلعن نفسه منذ ساعات عديدة فهو على وشك ان يتسبب لأكثر انسانة أحبها فى تلك الحياة بالأذى ..... و هو الذى يستحق أشد أنوع العذاب و ليس هى فهو من سعى خلفها حتى أوقعها فى شباكه ظناً منه انها سوف تكون كسابقاتها .... ماذا سوف يفعل هو ان أصابها مكروه بسببه الان ...... أنقطع سير افكاره و تسارعت دقات قلبه أكثر على حبيبته حين رأى أربعة رجال يعرفهم حق المعرفة يحاوطوه من جميع الجهات فى حين تحدث أحدهم قائلاً برسميه لا تخلوا من التهديد ( سيد آسر لم نكن نريد إزعاجك .... لكن من الافضل لنا جميعاً ان تكون مطيع و تاتي معنا بمحض إرادتك )

***

دخل بعنف هادر اهتز له أرجاء المكان كما الحال دائماً حين يتملك الغضب منه حتى أصبح يتوسط مكتب عمه ..... لكن لم تمر ثوانى معدودة ليهدر فى تلك التى تبعته و هى ترتجف لعلمها بما ينالها من حالته تلك حين تأكد من خلو المكان منه

( أين عمى يا سوزان ؟؟؟ ) ...... ( هذا يعنى أنك بالفعل داخل الامر أردال !!! )

امتد نظره ليقع على تلك التى لم يكن من الصعب عليه ان يتعرف عليها من نبراتها ..... هذه الأنثى الجامحة صاحبة القوام الممشوق و الشعر الأسود الحريرى الذى يتمازج دائماً مع ثيابها ذات نفس اللون لتصبح هالة من الغموض و الأنوثة الخطيرة ليخترق بزرقة عينيه لهيب عينيها فى حين خرج صوته هادئ

( أين هم ميرال ؟؟ )

تقدمت بخفة فوق كعبيها وهى تشير لتلك الفتاه بالإنصراف .. تردف و هى تتخذ مكاناً بإحدى المقاعد الوثيرة التى تحتل أحد أركان الغرفة تحت أنظاره المشتعلة

( لم تكن تهتم بما لا يعنيك من قبل أردال ...... ماذا حدث الأن ..... هل سوف تلعب دور الأخ الوفى أم ماذا ؟!)

صدرت منه ضحكة هازئة اشعلتها ليردف بعدها ببرود استفزها حتى النخاع

( لم أقول هذا لكِ من قبل ميرال ...... لكنك لا تجيدي هذا الدور مطلقاً فلا تفعلي هذا ....... و خاصتاً معى )

( أنت الذى لا تتدخل أردال فهذا زوجى و من حقى ان احافظ عليه و أحميه ..... فأنا لن أقف و اشاهده ينسل من بين يدى كما فعلت أنت !!)

شملها أردال بنظراته الهازئة التى زادت من كرهها و حقدها له كما الحال معها دائماً فهو الوحيد الذى يشعرها ان لا قيمة لها ... هو الوحيد الذى لا تستطيع ان تكون أمامه ميرال الصايغ التى يركع جميع الرجال لها و كانه يكشف خواء روحهها .. لكن ما قتلها تلك الكلمات التى خرجت كخناجر مسمومة من بين شفتيه التى لازالت تبتسم بلامبالاة

( لا اعتقد انه سوف يعود لكِ ميرال حتى لو تخلصتم منها و بأى شئ سوف تستردينه و أنتِ حتى طفل لا تستطيعي أنجابه .... فأنتِ امرأة ناقصة بنظره ! ......)

شعرت بنيران تندلع داخلها جعلتها تريد ان تحرق جميع من أمامها حتى قذفت بها أمام وجهه

( لكنى لا أعتقد ان تاليا زوجتك العزيزة قد تركتك لأنك رجل ناقص بنظرها !! )

علمت انها تسرعت بما قالته من تلك النظرة التى رمقها بها لتجعلها تكتم انفاسها خوفاً مما سوف يفعله بها فهى تعلم انها تخطت جميع الخطوات الحمراء بحديثها هذا .... فهى تعلم انه يتحول لشخص أخر حين ياتى أحد بذكر تلك المدعوة تاليا أمامه او يذكره بما فعلته معه !!! ....... لكن رنين هاتفه جعلها تشكر الله داخلها مئات المرات .... ثم آلاف المرات و هى تراه يغادر سرعان ما أجاب عليه دون ان ينطق بحرفاً واحد

***

( أنتِ هى نارفين التى دمرت حياتها بيدها اذاً ..... كم هذا غريب !!! ... كيف استطاعت صغيرة مثلك ان تسيطر على عقل آسر هكذا !! )

أقترب بوجهه منها مما جعلها تغلق اجفانها من جديد فكل هذا الكم الهائل من الشر الذى يتطاير من داخل عينه لن تستطيع ان تتحمله او تواجهه ..... لكنها شعرت بقلبها يهبط بين كفيها حينما شعرت بملمس أنامله الخشنة تحتوى ذقنها بعنف المها و صوته يعود من جديد ليخترق اذنيها

( يسعدنى ان أعرفك بنفسى ..... قادير الشاذلي لابد انك سمعتِ بهذا الاسم من قبل ...)

صمت للحظات أرتسمت بها أخطر ابتسامة رأتها بحياتها على شفتيه ليكمل بعدها و هو يتحسس وجنتها باعثاً الارتجاف بشكل اعنف لروحها قبل جسدها

( مممم اتعلمى ربما كان وجهك البرئ هذا هو السبب ..... لكن للأسف باتت حياتك على المحك .... لانها تقف عائق أمام أكبر صفقاتي ايتها الصغيرة ... و أنا كأى أب صالح يسعى لحياة أفضل لابنه علي ان أتخلص منكِ حتى يحصل هو على ممتلكات عائلة الصايغ ..... فهذا الزواج الذى تريدين أنتِ تدميره لم يكن سوى لهذا السبب منذ البداية ...... اتعلمي لماذا اخبرك بكل هذا كما أننى لم اخبره لأحد من قبل ؟؟ )

لم يصدر منها اى شئ سوى تلك الدمعة التى انزلقت على وجنتها رعباً مما هو قادم ...... مما جعل هذا الشيطان القابع أمامها يهدر بعنف و هو يعيد عليها هذا السؤال التى لن ولَم تهتم لإجابته بمثل هذا الوضع التى هى به .................. اومات بالنفى متحايلة على اطرافها المرتجفة و ذعرها يطل من مقلتيها ليردف هو ببرودة جمدتها

( لأنكِ سوف تموتين الان )

لحظات مرت اخذت تهرب بعينيها بعيداً عن مرمى عينين هذا الرجل الخطير الذى وعلى ما يبدوا تجاوز العقد الخامس من عمره و الذى تمثل بهذا الشيب المنتشر بشعره و لحيته المنمقة .... طرقات على الباب عاودت لجسدها الارتجاف للحظات تلاها بريق ظهر بعينيها للمرة الاولى منذ ساعات عديدة و هى ترى آسر يدلف الغرفة ..... شعور بالامان عاد ليشملها فى هذه اللحظة و التى قد افتقدته بتلك السعات التى مرت ..... همست بإسمه و عيناها تخط طريقها نحو عينيه التى احتوتها حين التقطت نظراتها

( توقف مكانك ولا تتحرك )

تجمدت قدم آسر مع صوت قادير الذى زلزل المكان و تجمدت معه دماء نارفين التى شعرت بخنجر مسموم ينغرس داخل أعماقها و خيبة أمل تحتل داخلها و هى ترى آسر يخضع لأوامر ابيه وهو يراها مكبلة ملقاة بزاوية الغرفة دون ان ينطق بإسمها من بين شفتيه التى كان يتغنى بعشقه لها بها دائماً .... شعر آسر بانكسارها لكنه عاد ليطالع ابيه الذى اخذ يقترب منه ببطء حتى وقف على بعد خطوة واحدة فقط منه ..... لا يعلم من أين أتته تلك الشجاعة اللحظية ليردف برجاء

( أبى ارجوك دعها تذهب ) .... ( وهل سوف تنسى أمرها ان تركتها ترحل من هنا حية ؟!)

خرج صوته ضعيف متوسل و هو يقول ونظرات الانكسار تطل من داخل عينيه

( لا أستطيع )

هوت كف قادير بعنف اهتز له المكان و جميع العيون التى أخذت تتابع هذا المشهد فى صمت عدى تلك العيون التى أخذت تذرف عبرات القهر و الزل.

صقيع تملك جسده بالرغم من تلك السخونة التى اخذت تتسرب تحت كفه اثر هذه الصفعه المدوية التى تلقها للتو .... مع تلك الكلمات الذى أخذ صداها يتردد بإرجاء المكان و هذا الصوت يمثل اسوء كوابيسه

( الخيار لك آسر اما تلك الساقطة اما ..... لن تكون بنى بعد اليوم .... أنا لن اخسر ما خططت له لسنوات عدة من أجل احدى نزواتك )

صمت غيم ارجاء المكان للحظات ليعود قادير و يقطعها بشراسة أكبر و هو يقول

( أمامك دقيقة واحدة لتقرر )

أغمضت نارفين جفنيها و كانها تطالب الموت ان يتقدم منها .... كيف ضحت بكل شئ من أجل هذا الشخص حتى انها ضحت بنفسها من اجله لقد صدقته !! ..... هل هذا آسر الذى عرفته ...... ام هل عرفته حقاً ام كانت تتوهم هذا ....... مرت تلك الدقيقة كالدهر على كل من آسر الذى ينتظر حدوث معجزة و تلك الراقدة تنتظر قدرها او حكم اعدامها ...... أرتسمت ابتسامة نصر على شفتى قادير لكنها سرعان ما اختفت مع أصوات إطلاق النيران التى هوت بالخارج وكان أحد الحروب قد اندلعت ...... فوضى أخذت تدب بتلك الحجرة الموحشة و رجال قادير يحاوطوه من جميع الاتجاهات خوفاً من ان تصل احدى الطلقات اليه

( سيد آسر لا تتحرك من مكانك انهم رجال السيد أردال )

لم يصدق آسر هذا الهمس الذى تسلل الى أذنه .... هل حدثت تلك المعجزة الذى كان ينتظرها حقاً ..... لحظات و كانت تلك الغرفة فارغة سوى من نارفين و هذا الشاب الذى اقتحم المكان مع رجاله و الذى يعلم جيداً انه الذراع الايمن لأردال لحظات مرت عليه و هو لا يزال يقف مكانه لا يصدق ما الذى يحدث من حوله و أباه الذى هرب خوفاً ان يكون أحد أعداءه قد أوقع به ....... دار بانظاره نحوها و هو لا يصدق انها لاتزال حيه.

أسرع بالاقتراب منها و هو يرى هذا الشاب يحل قيدها ... ليزيح يده و يتخذ مكانه بحل قيدها هو بنفسه ... لكنها أبعدت يده بضعف وأخذت تأن وهى تتقوقع على نفسها وكان شئً ما قد اصابها

( نارفين حبيبتى ماذا يحدث معك؟! )

همس آسر لها و هو يعود ليقترب منها مجدداً ..... لكن دخول أردال مع رجاله جعله ينهض مستنجداً به

( أردال انها لا تبدو بخير لا اعلم ماذا اصابها )

أقترب أردال ليرى شحوب بشرتها البيضاء التى أخذت تشبه الأموات فى تلك اللحظة و حبات العرق التى ملأت جبينها و زرقة عينيها التى تحولت الى انهار تفيض دون توقف ... لكن ما فاجأه هو تشبثها بذراعه بضعف و هى تهمس بنبرات جعلته يعود لتلك الأيام التى طالما حاول نسيانها ( أرجوك أنقذه .... أنا حامل!! )




رحمة غنيم غير متواجد حالياً