عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-20, 02:09 PM   #715

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,499
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

[size="5"] بعد عصر نفس اليوم

تململت في نومها وهي تشعر بأنامل تتحرك علي وجهها صعوداً وهبوطاً حتي هبطت إلي عنقها
تشعر بأنها تغوص في الفراش الوثير الذي تنام عليه ورائحة مُحببة إلي قلبها تتسلل عبر أنفها إلي رئتيها فتفرز في جسدها شعوراً بالأمان والراحة والأطمئنان فتحت عينيها ببطء لتجده يستلقي بجوارها يوليها وجهه ويبدو عليه آثار النوم ممايعني أنه إستيقظ هو الآخر للتو...
لقد نام كلاهما نوماً عميقاً بعد أن شاهدا الشروق كاملاً صباحاً ثم طلبا الإفطار في الحُجرة وتناولاه معا أمام النافذة المُطِلة علي البحر ثم جلسا معا جلسة مُطولة للعاشرة صباحاً تقريباً ....
فكلاهما كان لديه شوقاً للأخر بشدة ....

قال لها بصوت خشن من أثر النوم وملامحه كلها تبتسم :"صباح الخير زوجتي الحبيبة...."
ضحكت بشدة حتي ظهرت أسنانها البيضاء المصفوفة بجوار بعضها بعناية...ضحكة رائعة ....ربما لم يراها علي وجهها يوماً... ضحكة أظهرت كم الإرتياح والسعادة التي تشعر بها ...

الضحكة تُفصِح دائما عما في داخلنا
فهناك ضحكة تخفي خلفها مرارة فتري السخرية في عينين صاحبها
وهناك ضحكة تُعطي نفسك بها أملاً للقادم رغم اليأس الذي يسكن قلبك...
وهناك ضحكة تخرج من القلب تأتي بعد غياب واشتياق وسنوات عِجاف
وضحكتها هذه من قلبها
قالت له ضاحكة:"الشمس في طريقها للغروب... أي صباح هذا زوجي الحبيب..."
قال مازحاً وهو مازال يوليها وجهه يستمتع بالنظر إليها من هذا القرب:"لايهم الوقت إطلاقاً وأنتِ معي لا الوقت يهم ولا الأتجاهات ولا أي شيء آخر..."
غرزت أصابعها في خصلات شعره المُبعثرة فقال وهو يرفع حاجبيه معا ويضغط علي أنفها بسبابته:"هذا أول شيء عليكِ أن تتعودي عليه ....ما أن أصحو من النوم حتي يكون شعري مُبعثراً هكذا...."

قالت له ببعض الحرج وهي تتنحنح:"حسناً علي إذن الإعتراف بعدة أشياء وأولها هو أنني أعشق مظهر شعرك وهو هكذا.."
قاطعها قائلاً باستنكار:"حقا!.."
أومأت له برأسها وأردفت:"لا أحب المظهر المنظم بدقة ...أشعر بالأرتياح حين يكون هناك بعض البعثرة وعدم الإنتظام....ثم رفعت سبابتها أمام وجهه قائلة:بعض ليس الكثير..."
إبتسم قائلاً:"هذا بالنسبة لأولاً ماذا عن ثانياً؟"

وضعت يدها علي لحيته قائلة:"وأحب أيضا لحيتك وهي هكذا لا أحب أن تحلقها..."
وضع يده علي يدها المستقرة علي وجهه قائلاً بسعادة لكلماتها التي تمس رجولته مساً جميلاً:"وثالثاً؟؟"
قالت له وقد وقعت أسيرة نظرة عينيه ولا تستطيع التراجع عن إعترافاتها:"وأحبك بدون رابطة عنق ...وأعشق رائحة عطرك.."

إستقام قليلاً وإستند علي الفراش بمرفقه وقال لها بجدية وهو ينظر إليها من أعلي :"لماذا لم تقولي لي كل ذلك من قبل..."
قالت له بإحراج وهي تعض علي شفتها :"لأنك لم تكن زوجي..."
لم تعرف كيف أثرت فيه كلماتها إلا حين وجدت ترجمة هذه الكلمات منه بشكل واضح وصريح وعملي....

************
في اليوم التالي

أنهت أماني حمامها الدافئ وجلست أمام مرأتها تصفف شعرها وتضع الكريمات المُرطبة علي جسدها كله في الوقت الذي سمعت إشعاراً بوصول رسالة علي الواتساب ...
إلتقطت هاتفها فوجدته فادي أرسل لها عدة ألوان من دهانات الحوائط يريدها أن تختار منهم...
لا تعرف لما لا تستسيغ فكرة إنتقالها من منزلها الذي تقطنه منذ سنوات إلي منزل أخر في حي أخر
وفادي يرفض تماماً الحديث في هذا الأمر...
أخذت تتطلع إلي الألوان التي أرسلها لها بذهن شارد إلي أن سمعت رنين جرس الباب فوضعت الهاتف دون أن تجيب فادي وإستقامت بعد أن أرتدت مأزر علي قميص نومها وإتجهت إلي الخارج وما أن رأت من العين المثبتة بالباب من الطارق حتي عقدت حاجبيها حين رأت أخوتها أحمد وإمتثال بالخارج وتسائلت في سرها عن سبب الزيارة المفاجئة دون إتصال وهذه ليست عادتهم...

ضغط أحمد علي الجرس بتململ فانتفضت واستفاقت وفتحت الباب بابتسامة جميلة وما أن رأتها إمتثال حتي ارتمت في حضنها قائلة بمشاعر صادقة:"حبيبتي ياأماني إشتقت لكِ بشدة"...
إحتضنتها أماني قائلة :"وأنتِ أيضا حبيبتي ولكنكما نسيتموني الفترة الماضية"....
صافحها أحمد وإحتضنها قائلاً:"لا نستطيع ياأماني وأنتِ تعرفين ..ولكن لكل منا مشاغله كما تعلمين"...
دخلوا جميعاً وأغلقت الباب ليجلسوا في حجرة الصالون المفتوحة علي مطبخ من الطراز الأمريكي فقالت لهم :"ماذا تشربون؟"....
قال أحمد بجدية:"سنشرب فيما بعد لاتقلقي..ولكن هناك أمراً نريد الحديث فيه أولاً"...
قالت أماني وهي تُضيق عينيها الجميلتين:"ماذا هناك؟"....
قال لها وهو يزفر بضيق:"ألم تتعبي من الحياة بمفردك ياأماني؟"...
قالت له بحزم:"لن أذهب وأجلس عند أحدكم يا أحمد ....ولن يجلس معي أحد لأني أريد أن أعيش حياة هادئة كما قلت لكم من قبل"....
قال لها بسرعة:"حبيبتي لم أكن لأقول لكِ ذلك"...
نظرت إليه بتدقيق فقال لها :"هل تتذكرين حين حضرنا زفاف أبنة نسرين أبنة خالتك الشهر الماضي؟"....
قالت له :"نعم"....
قال وهو يحاول أن يجعلها تتذكر:"هل تتذكرين المُهندس رائف أبن عم زوج نسرين الذي جلس وقتها معنا علي طاولتنا وقال أنه أتي للتو من السفر حيث عمل وعاش عمره كله بالخارج"...

قالت بعدم فهم:"نعم ...مابه؟....
قال لها أحمد بوجه مرتاح:"يريد أن يتزوجك"....
إمتقع وجه أماني فجأة وغابت عنه الدماء ونظرت إلي إمتثال التي يبدو علي وجهها السعادة هي الأخري فقالت الأخيرة :"لا حجة لكِ هذه المرة ...لا مُطلق ومعه أطفال..ولا أرمل كبير في السن...ظروفه مثلك ...تزوج وهو بالخارج ولم يوفق في زيجته وكما رأيتي ماشاء الله أكبر منكِ بسنوات قليلة ومازال بصحته وتألقه "....
صُدمت أماني بما يقولون
كانت تظن أنهم نسوا أمر زواجها منذ ماحدث مع أخر شخص قبل إرتباطها بفادي.....
قال لها أحمد بتساؤل:"مارأيك لما لا تردين؟"....
قالت له بوجه شاحب بعد أن كان متورداً قبل مجيئهم:"لا ...لا أريد"...
قال لها بنبرة حادة:"لماذا لا تريدين ؟..الرجل ليس به عيب...أريد أن أعرف ما الحكمة من تفضيلك الحياة بمفردك؟؟ثم أردف بحدة أكبر:ماذا تخفين عنا يا أماني؟"
*****************
بعد أن أرسل لها ألوان الحوائط ورأت الرسائل ولم ترد كان سيحدثها لولا أن إنشغل مع مهندس الديكور في إختيار بعض الديكورات وإجراء بعض التعديلات عليها لتناسب المساحة ....وما أن أنهي مايفعله وإنصرف المهندس حتي فتح هاتفه حتي يري إن كان هناك منها رداً أو إتصال ولكنه لم يجد ..
جلس علي الأرض في بهو الشقة الخالي من أي أثاث.. فقط الأرضية الرخامية اللامعة والحوائط الملونة بألوان مبدأية.
وجد الساعة قد تجاوزت العاشرة مساءاً فإتصل بها ولم ترد فبدأ يشعر بالقلق يساوره... كان سينزل ويذهب إليها لولا أن وجدها تحدثه كتابة علي الواتساب قائلة:"عذراً يافادي لا أستطيع الرد إمتثال وأحمد عندي وسيبيتون"....
كتب لها :"كنت للتو سأنزل وأأتي إليكِ حين لم تردي"..
كتبت له:"حمداً لله أنني كلمتك فالوضع هنا مُحتقن"....
كتب باهتمام:"لماذا؟"
كتبت وهي تستلقي علي سريرها:"تصور أحضروا لي عريساً".....
كتب لها وعينيه تخرجان شرراً:"يحق لهم مادمتِ أنتِ تصرين علي الإخفاء بهذا الشكل وتدعين هواجسك ومخاوفك تُسيطر علي حياتنا "...
كتبت له:"هل حزنت؟"
كتب لها:"بالطبع...ثم كتب:هل صارحتيهم بأمر زواجنا"
صمتت ولم ترد فكتب لها وهو يشعر بالغضب منها :"ستقولين أنتِ أم أأتي وأقول أنا؟".....

كتبت له بسرعة:"حسناً سأقص عليهم أنا كل شيء"..
أنهي حواره معها وهو يشعر بمزيج من الغضب والإحباط وشعور أخر بدأ يتسلل إليه بالتوجس من أمر يجهله ..لماذا تخاف منهم هكذا؟
مالشيء الذي يجعلها تخشي مصارحتهم وتؤجل المواجهة ؟
في البداية كانت تتحجج بعدم ثقتها في حبه لها وعدم إستطاعتها المواجهة إلا وهي واثقة من حبه..
والأن ماحجتها وهي تعلم أنه يحبها ..أي دليل تريده أكثر ممايفعله ..
يشعر أن هناك شيء أخر هو لايعرفه...
إستقام من علي الأرضية الباردة بشرود وهبط إلي شقة والديه إطمئن علي فدوي أنها نائمة وبجوارها سمر وسهر ثم توجه إلي حجرته بشرود وفكرة واحدة تُسيطر عليه.... أن هناك شيء ما تُخفيه عنه أماني
*************
في المساء

وقفت أمام النافذة ترتدي مأزر حريري ناعم بنصف كم يصل حتي ركبتيها بلون أسود يبرز لون بشرتها الخمرية المتوردة تنظر إلي حمام السباحة الخاص بالفندق والذي يضم مجموعة هائلة من الألعاب المائية أما هو فكان يجلس علي المقعد المُقابل لها يتحدث مع خالته وبناته حتي يطمئن عليهم بعد أن إطمئن علي والده
أضواء الغرفة هادئة والشموع الصناعية تملأ المكان وباقات الورود موزعة في كافة أرجاء الجناح

وما أن أنهي حديثه حتي إلتفتت إليه قائلة برجاء:"تيمور حبيبي منذ أن حضرنا ولم ننزل من غرفتنا أريد أن أنزل فالفندق به الكثير تعال نرفه عن أنفسنا قليلاً.."
إستقام واقفا حتي تقدم منها حتي وقف بجوارها مباشرة وأحاط خصرها قائلاً ببؤس مُصطنع:"هل ملت مني زوجتي بعد يومين فقط؟"
أحاطت جذعه بذراعيها قائلة بنفي:"لا طبعا حبيبي ثم نظرت إلي المنظر في الأسفل وإلي الأضواء الساطعة حيث كان هناك حفلاً علي حمام السباحة وقالت له برجاء:نحن سنكون معا أيضا ثم هل يكون أمامنا كل هذا السحر ولا نستمتع به!"
نظر بإعجاب إلي شعرها الأسود المُتناثر حول وجهها وعلي كتفيها وإلي ملامحها الجميلة المنحوتة وصفاء بشرتها بلا أي ألوان وعينيها المتسعتين بجاذبية...كانت تبدو بلون شفتيها الطبيعي ووجنتيها كالوردة التي أرتوت فأينعت وقال وهو يجذبها نحوه:"وهل يكون أمامي أنا كل هذا السحر وأتركه وأنزل!..."

***************

في الصباح إرتدي فادي حلة العمل الرسمية بلا تركيز فهو لم ينم من الأمس ساعة واحدة ...
لا يعرف لماذا يشعر بالقلق والريبة...
قلبه غير مُطمئن...
تمني في نفسه أن تكون أماني أنهت الأمر مع أخوتها فأسرع في النزول حتي يطمئن منها ماذا فعلت....

بعد عدة ساعات وبعد أن ذهب إلي العمل وإنتظر أماني ولم تأتي أخذ يتصل بها عدة مرات ولم ترد فأرسل لها علي الواتساب رسالة خلف رسالة ولكنها لم تقرأهم من الأساس ....
هنا تمكن منه القلق تماماً.....
ماذا لو كانت صارحتهم كما طلب منها وحدث بينهم مشادة أو أذاها أحد؟...
تراجع عن فكرته علي الفور...
فليس من المعقول أن يؤذي رجل أخته ....
ثم أردف في نفسه :"ولما لا ألم تقل لك من قبل حين رفضت إخبارهم عن زيجتنا أنهم لايريدونها أن تتزوج ويطمعون فيما لديها وتشاجروا معها قديما من أجل أن يزوجوها ممن يريدون هم إلي أن إنتهي بها الحال بالطلاق" ...
قال لنفسه وهو يستقيم واقفا :"لن أظل هنا أتنبأ بالأخبار وأتركها هناك معهم سأذهب ويحدث مايحدث"

******************

كانت الأجواء متوترة بالفعل عند أماني فبعد إصرارها بالأمس علي عدم البوح لهم بأي أسباب لرفضها هذا العريس جن جنون أحمد وهو يشعر بأن ماتفعله غير طبيعي وأصر أنه لن يرحل قبل معرفة السبب وبالفعل بات ليلته هو و إمتثال معها ولم تذهب هي إلي عملها...

بعد أن جهزت إمتثال الإفطار وتناولوه معا بلا شهية جلسوا جميعا في غرفة المعيشة و فتح معها أحمد الأمر مرة أخري ولكن بشكل أهدأ....
جلس بجوارها علي الأريكة وقال لها بهدوء:"إذا كان هناك شيء لا نعرفه يا أماني قولي لنا... نحن أخوتك ونريد لك السعادة... ولا تظني أن جلوسك وحيدة هكذا يروق لنا ...نحن جميعاً نتألم لوحدتك"....
قالت بصوت متوتر وعينين يبدو بهما القلق جلياً:"أنا أريد ذلك "....
قالت لها إمتثال بحنان:"أعطي نفسك فرصة واجلسي مع الرجل ...حقيقة لن تجدي مثله حبيبتي".....
فتحت فمها لتتحدث ولكن قاطعها صوت جرس الباب فقال أحمد وهو ينظر إلي أماني:"من سيأتي في هذا الوقت المفترض أنكِ في المصرف"...
قالت له بعدم إكتراث:"لا أعلم"...وهمت بالقيام ولكن إمتثال كانت الأقرب فقالت لها:"سأفتح أنا"....
تقدمت من الباب وفتحته لتجد شاباً وسيماً يرتدي حلة رسمية ويبدو عليه الجدية والإحترام فقالت له بعينين متسائلتين:"أفندم"...
أما فادي فلم تكن إمتثال غريبة عنه فقد رأي صورها كثيراً هي وكل أخوتها ...كانت تشبه أماني إلي حد كبير ولكنها مُمتلئة الجسد كثيراً عنها كما أن أماني تبدو أصغر منها شكلاً رغم أنها الأكبر...قال لها فادي بتقدير :"صباح الخير مدام إمتثال"....
نظرت إليه إمتثال بدهشة ولم ترد فجاءت أماني من خلفها لتتفاجأ بوقوف فادي مع شقيقتها وما أن رأته حتي جحظت عينيها .....
لم تتوقع أن يأتي وهو يعلم أنهم متواجدون.....
قال فادي لأماني وهو يتخطي إمتثال الواقفة لاتفهم شيئاً:"لقد إتصلت بك خمسين مرة إلي أن ساورني الشك أن مكروهاً حدث لك"...
لم ترد عليه أماني فقال لها وهو ينظر إلي إمتثال :"هل قلتِ لهم؟"....
أشارت برأسها نفياً بوجوم في نفس الوقت الذي خرج فيه أحمد ليجد ثلاثتهم يقفون في مدخل الشقة هكذا ...
نظر فادي إلي أحمد الذي يعرفه أيضا من الصور ولكنه يبدو أكبر سناً من الصور بالطبع لأن الصور قديمة وبه شبهاً كبيراً من أختيه....يملكون جميعا بشرة بيضاء وعيون ملونة
قال أحمد وهو ينظر إلي فادي وأماني بالتبادل:"من هذا؟"....
لم ترد أماني فقال فادي بنبرة واثقة لا تخلو من الإحراج:"أستاذ أحمد أنا أعرف أن الوضع الان مُحرِجاً ..صمت قليلاً ثم قال:أنا فادي زوج أماني"....

نظر أحمد وإمتثال إليها بصدمة وهي تقف بجوار فادي فأردف فادي بسرعة:"أنا طبعاً لا أنفي أن هناك خطأ وقع بعدم إخباركم ولولا الخلافات التي بينكم وبين أماني لكنت أتيت وطلبتها منكم"......
صاح أحمد في أماني بوجه مذهول:"ماذا يقول هذا !!....زوج من وعن أية خلافات يتحدث!!.."

هربت الدماء من وجهها ولم تعرف بماذا ترد وتاهت نظرة عينيها فاقترب منها فادي قائلاً بخفوت ليهدئها:"لا تتوتري...نجلس معهم وكل شيء يُحل بأذن الله".....
أغلقت إمتثال الباب وهي لم تتخلي عن ذهولها بعد ووقف الأربعة في مدخل بهو الشقة الواسع ينظرون إلي بعضهم البعض مع إختلاف كل نظرة عن الأخري
فأحمد وإمتثال كانت نظرتهم يشوبها الذهول التام.
والخذلان ...
لقد خذلتهم أماني للمرة التي لايستطيعون عدها..

وفادي نظرته متوترة مُحرجة في نفس الوقت فهو في قرارة نفسه يعترف أن هناك خطأ قد حدث حتي لو كانت له مبررات....
أما أماني فكانت نظرتها تملؤها الصدمة..
فلم تتوقع أن يُكشف أمر زواجها بهذه الصورة.
جلست علي أقرب مقعد أمامها وهي ماتزال لاتنطق فصاح فيها أحمد هادراً :"أنطقي كيف حدث هذا..."
قال له فادي بهدوء ظاهري :"أهدأ وسأقص عليك أنا كل شيء"....
صاح فيه أحمد :"تقص علي ماذا ؟؟أنك تزوجت أختي دون علمي"...
أحتد صوت فادي قائلاً:"قلت لك لولا مابينكم من خلافات كنت أتيت إليك بنفسي"...
صرخ فيه أحمد وهو يشيح بيده:"عن أي خلافات تتحدث ؟...نحن ليس بيننا أي خلافات"..
قال فادي بحدة وهو يقف مُتخصراً :"وظلمكم لها طوال السنوات الماضية ماذا تسميه؟..ورفضكم لكل من يتقدم لها وزعمكم أن هذا خوفاً عليها؟...والتشكيك في كل من يتقدم اليها أنه يطمع بها؟وعمرها الذي ضاع عليكم وفي النهاية لم يلتفت أحد الي سعادتها..وعوضاً عن الوقوف معها بعد أن أوصلتكم جميعاً الي بر الأمان أخذتم تنظرون إلي مالديها وتخافون عليه لا عليها وفي النهاية لم توافقو علي زواجها الا برجل كبير في السن لم تجد معه نفسها ...أردف بانفعال وصدره يعلو ويهبط:وعقاباً لها علي أنها تركته أستمررتم في الضغط عليها ورفض زواجها ثانية..."
نظر له أحمد بصدمة وقال له بصوت حانق:"بغض النظر عن كل التزييف الذي تقوله والذي سأعود وأرد علي كل كلمة فيه بعد قليل ولكن إذا كنا نحن أخوتها كما تُصرِح نطمع فيها فماذا عنك وقد تزوجتها دون علم الجميع بفرق السن الذي بينك وبينها هذا ففي ماذا كنت تطمع؟"

قال فادي بصوت جامد:"أنا لم أطمع يوما في شيء يخصها وهي تقول لك أن لدي شقتي الخاصة التي سننتقل اليها قريباً ووضعي المادي ممتاز والحمد لله وطوال الفترة الماضية وهي مُلزمة مني في كل شيء".....

كانت أماني مازالت تحت تأثير الصدمة ولكن ما أن نظرت إلي أحمد وفادي وهما يقفان متحفزان أمام بعضهما البعض وما أن وجدت صوتها حتي قالت لفادي بصوت متوتر جاهدت حتي تخرجه:"حسناً فادي أنا سأتحدث معهم في كل شيء "....
فهم فادي أنها تريده أن يرحل فقال لها بصوت عال :"لن أرحل قبل أن ننهي هذا الأمر فحقي أن يعلم الجميع وحقهم أيضا أن يعرفوا لماذا تصرفنا هكذا"....

قال له أحمد بحدة:"نعود إلي موضوعنا الأول من قال أننا بهذا السوء وأننا وقفنا في طريق سعادتها ثم نظر إلي أماني قائلاً بحيرة:متي حدث ذلك ياأماني؟"...
لم ترد وهي تنظر إلي الجميع بعينين زائغتين وكانت إمتثال تقف بجوارها كالصنم لاتتحرك ولا تتحدث وما أن وجدت صوتها حتي قالت لها بتساؤل حانق:"وهل عندما تتزوجين ياأماني تتزوجين من في سن أبنك..وتعيدين نفس مأساتك السابقة؟"...
قتلتها الكلمة وكأن خنجراً غُرز في قلبها وشعر فادي بذلك فقال موجهاً حديثه لإمتثال :"مدام إمتثال من فضلك لاتؤذيها بكلماتك...خاصة وأنتِ شقيقتها الوحيدة ولم تقفي معها قديماً ووقفتِ مع أخوتك ضدها..."...
صاحت فيه باستنكاروهي تشير إلي نفسها:"أنا!!!
ثم قالت لأحمد بذهول:ماذا يقول هذا منذ أن دخل؟؟"....

قامت أماني من مكانها لتنهي هذه المهزلة قائلة للجميع بعينين يملؤهما الخوف:"حسناً فادي زوجي وأنا وهو نحب بعضنا ولا يفرق معنا فرق العمر ولم أخبركم لأنني أعلم أنكم كنتم سترفضون"...
صاحت فيها إمتثال بغضب:"وهل دائما لاتقعين في حب إلا من هم أصغر منكِ سناً ؟...رقمه كم زوجك هذا في عدد الرجال الذين أحببتهم أو تخيلتي أنكِ أحببتهم من قبل"....
صاحت فيها أماني بشراسة:"أخرسي ياامتثال"
قالت إمتثال بعناد:"ولماذا أخرس وأنتِ شوهتي صورتي وصورة أخوتك أمام الرجل هكذا وقلتِ علينا ماليس فينا...ثم ضيقت عينيها قائلة:وهل لايعرف هو شيء عما مضي ...تزوجتيه دون أن تقولي له "
صاحت فيها أماني قائلة:"قلت لكِ أخرسي"...
قال فادي وهو يضع يديه في جيبي بنطاله :"أنا أعرف بالطبع أنها كانت متزوجة من قبل ولم يفرق معي هذا الأمر"
قالت إمتثال بسخرية:"وهل قالت لك علي مابعد طلاقها؟"
قال فادي بعدم فهم وهو ينقل نظره بين أماني وشقيقتها:"لم تقل لي علي ماذا؟ماذا حدث بعد طلاقها؟"....
هدرت إمتثال قائلة وهي لاتشعر بنفسها:"هي قالت لك أننا كنا نقف لها في زيجاتها طمعاً فيها ولكن هذا لم يحدث الذي حدث أنها بعد أصرارها علي الطلاق من الرجل المُحترم الذي كانت تتزوجه وللعلم لم يكن فرق السن بينهما كبيراً كما تقول حين كانت في الرابعة والاربعين هي كان هو في الخمسين..بعدها كانت كل عدة أشهر تأتي بشاب صغير من سن أبناءها مثلك تماماً وتطلب منا أن نوافق عليه وكلما أعترضنا كلما ظنت أننا نطمع فيها ولانريدها أن تتزوج ...ثم أردفت موجهة كلامها لأماني:لقد يئست من عدهم وكل مرة كنا نرفض خوفاً عليكِ لا طمعاً بكِ وخير مثال حين وافقنا راضخين لرغبتك في أخر زيجتين ماذا حدث؟؟.... صرخت قائلة:الاول تركك بعد عدة أشهر من الخطبة بعد أن سرقك كما توقعنا ولم يتمم الزيجة والأخر ما أن تزوجتيه عرفيا دون علمنا وعلم أهله أجبروه أن يتركك وبالفعل تركك بعد أن خذلتينا جميعاً"....
ردد فادي بذهول:" عرفيا!"...
هدرت إمتثال في أماني المبهوتة ووجهها كالأموات قائلة:"لقد ظننت أنكِ تعلمتِ من تجربتك... لم أتوقع أن تكرريها ثانية"
إقترب أحمد من إمتثال وجذبها من ذراعها قائلاً بهمس حانق:"كفاك أمام الرجل يبدو أنه لايعلم شيئاً ولنا حديث بعد أن يمشي "...
ولكنها لم تكن تستمع اليه... دائما هي عندما تغضب لاتفكر ولاتري أمامها وما فعلته أماني وقالته عنهم فاق المتوقع
أما فادي فقد تراجع للخلف وجلس علي مقعد السفرة ينظر إليهم جميعاً بصدمة....
أما أماني فما أن تخلصت من صدمتها وذهولها وتأكدت أن ماأخفته لسنوات إنكشف أخيراً حتي وقفت أمام إمتثال وقالت لها بشراسة:"ومن كان السبب في تصرفاتي التي لاتعجبك هذه ؟؟ومن كان السبب في تأخري في الزواج لهذا السن حتي ضاعت مني كل الفرص التي كنت أتمناها ؟نسيتِ كل مافعلته الآن ولا تتذكري لي إلا هذا"....
قالت أختها بقوة تقر بحقيقة مافعلته أختها معهم:"نعم ياأماني أنتِ ضحيتِ بشبابك...نعم قمتِ بتربيتنا جميعا ...هل أنكر أحد ذلك ؟هل قال لك أحد أنكِ لم تفعلي؟...بالعكس كلنا ممتنين لكِ ولذلك نريد لكِ الإستقرار والسعادة ولكن مع من في مثل عمرك ...هل تظنين أننا لم نكن نحزن ونحن نراكِ تدخلي في تجربة وتخرجي منها مُدمرة لتدخلي في أخري ..هل هذا لم يكن يؤلمنا؟؟كنا نتألم من أجلك وكنا نرفض زيجاتك لأنها لم تكن مناسبة....وحين تفاجأنا بزواجك العرفي دون علمنا وماحدث لكِ بعدها سامحناكِ ...أنتِ بنفسك شاهدتِ فشل كل علاقة دخلتيها بعد طلاقك الأول فلما تلقين بهذا الفشل علينا نحن؟".......

شعرفادي وهو يجلس علي المقعد وينظر إليهم أن العالم يدور من حوله وأخذ يردد ببطء وهو ينظر إلي أماني التي تحولت ملامحها إلي ملامح قاسية:"تجربة....وتجربة أخري...وزواج عرفي.....متي حدث كل هذا ألم تقولي أنها زيجة واحدة وتحت إلحاحهم ولم تدم إلا أشهر قليلة ولم تعرفي أحد بعدها غيري "....

نظر إليه أحمد وهو يشعر أن الستر قد سقط عن أخته
لو كانت قالت لهم كانوا استدركوا الموقف ولم تكن حدثت تلك المواجهة...
جلس علي مقعد السفرة المُقابل لفادي ينظرون الي بعضهم بشرود أحدهما يشعر بالخزي من تصرفات شقيقته والآخر يشعر بالخزلان والصدمة من رفيقة دربه...
أما أماني فنظرت إلي فادي الذي عرف كل شيء كانت لا تريده أن يعرفه....
لم تقص عليه كل شيء في ماضيها...
قصت عليه ماتريده هي أن يعرفه فقط
فقالت له ودموعها تنساب علي وجهها بغزارة:"فادي أنا بالفعل أحببتك"...
صاحت فيها امتثال بقوة:"بل أحببتِ شبابه ...كما أحببتِ شباب من قبله...وهل لاتقعين إلا في حب الصغار ؟؟
إن كانت مرة واحدة كنت صدقتك أما أنا فقد تعبت من العد....ثم أردفت بقسوة:أنتِ مريضة يا أماني حقا أنتِ مريضة"..

هاهو القناع قد سقط
وهاهو فادي يجلس مبهوتاً بما سمع
وهاهو أحمد يجلس بوجه مثقل يشعر بالحرج والخزي من الموقف كله..
يشعر بالقهر منها وعليها....
قالت لها أماني بوجه باك:"بل أنا ضحيت بكل ما أملك وسرقني العمر حتي وصلت لهذا السن وكلكم أصبح لديكم بيوت وأولاد وأنا لا"....
قالت لها إمتثال بحدة:"هذا لأنكِ حين أتممتِ رسالتك معنا وأنتِ في الأربعين لم تريدي أن تبدأي حياتك من هذا السن ...كنتِ تريدين العودة عشرون عاماً للخلف وهذا هو ماوضعك في المصائب التي حدثت لكِ من قبل
لم تريدي الاعتراف بأن العمر تقدم بكِ كأنه وصمة عار ..ولكن أخر شيء أتوقعه منكِ أن تقعي في نفس الفخ مرة أخري وتتزوجي من شاب في سن أبنك وإصرارك الغريب علي إختيار هذا العمر وتشويه صورتنا أمامه دون أن تقولي الحقيقة كاملة...
صمتت إمتثال قليلاً ثم قالت لها بتساؤل وهي تضيق عينيها الغاضبتين:هذه المرة تزوجتيه عرفيا أم رسمياً؟"

شعر فادي أنه لم يعد له مكان بينهم وأن عليه أن ينصرف فقام من مكانه وهو ينظر بشفقة إلي أحمد الذي يجلس أمامه في غاية الحرج وجهه مُثقل ولايستطيع أن يرفعه وإلي أماني وأختها وهما تتواجهان وكل منهن تلقي باللوم علي الأخري
تقدم من باب الشقة وفتحه بهدوء وتقريباً لم ينتبه له أحد في غمرة إنفعال الجميع....
لم يستقل المصعد...
هبط درجات السُلم درجة درجة يفكر في كل ماسمعه...
أماني لم تقل له الحقيقة الكاملة ......
أقنعته أن أخوتها يطمعون بها ويرفضون زواجها مرة أخري حتي لا تأتي لهم بوريث...
أما ما سمعه عن زواجا عرفيا لم يعرف عنه شيء وشباب صغار... وخطبة.... وسرقة... ونصب... أصابه بالذهول...
هل مرت أماني بكل ذلك في حياتها؟
وصل إلي أخر درجة وخطي بخطوات مثقلة إلي الخارج وملامحه من كثرة التجهم تعطيه فوق سنوات عمره سنوات أخري

فعلا للحقيقة وجوه عديدة وليس وجها واحداً...
ويبدو أنه حين تستمع لطرفاً واحداً فأنك تستمع إلي نصف الحقيقة وليس إلي الحقيقة كاملة..
إن أردت أن تستمع إلي الحقيقة كاملة عليك أن تستمع إلي الطرفين معا كما حدث الآن ..


كل كلمة قالتها أماني عن أخوتها وعن ماضيها كانت كذب عدا أنها ربتهم وانشغلت عن حياتها بهم...
وهو ليس لديه أي مشكلة في أن تكون لها تجارب سابقة أو تعثر في حياتها ولكن مشكلته الكبري في الكذب..
لقد كذبت عليه وأخفت ماليس من حقها أن تخفيه عليه كرجل..
أظهرت له وجه غير وجهها...
قامت بتزييف الحقائق وتشويه الأشخاص...

وصل أخيراً إلي سيارته وفتحها وما أن جلس فيها ونظر إلي وجهه في المرأة الأمامية حتي شعر أن من أمامه في المرأة ليس هو بل شخص أخر يفوقه عُمراً ...
يشعر كمن نزلت علي رأسه مِطرقة..
أو كمن صفعه أحدهم صفعة مدوية علي وجهه
وضع يده علي المقود وقدمه علي البنزين وأنطلق بسيارته وهو لايري أمامه شيء وصوت صرير الإطارات يُصدر دويا مُزعجاً



نهاية الفصل الحادي والعشرون

[/size]


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس