عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-20, 12:32 AM   #10

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث

وسط دوامات الحياة المتعاقبة ترتفع بها الرياح تارة ثم لا تلبث أن تُخفضها قسرًا لهوة الخوف.
منذ عودتهما من رحلتهما الخاطفة و هي تشعر بزوجها متباعدًا و إن كان قريبًا
يغمرها بحبه كعادته لكن روحه تسبح بعيدًا في نقطة ما لا تستطيع بلوغها و إن حاولت
حتى يوم ميلاده كان يلاطفها و يداعب صغاره ووحدها كانت ترى روحه غير حاضرة،

كم تكره عادته تلك عندما يغلق قلبه على نفسه ولا يصارحها بما يعاني إلا عندما تنتهي معاناته حتى جلسة مصارحته معها عقب عودتهما لم تستطع كبح تساؤلاتها إنما زادت من قلقها ،
و ها هو ينأى بنفسه بعيدًا لثلاث ليالٍ متصلة مكتفيًا بالرد على مكالماتها بكلمات مقتضبة يطمئن بها على حالها و صغارها ليتركها فريسة للقلق الذي يقتات على أعصابها و لا تملك حيلة سوى الانتظار عله يفتح قلبه لها عما قريب كما اعتادت منه .
التقطت هاتفها الجوال تضغط على زر الاتصال ليأتيها الرنين مصاحبًا لرسالة ظهرت على شاشة الهاتف تخبرها أنه في مهاتفة أخرى و عليها الانتظار ،
تواصل رنين الهاتف حتى انقطع دون رد ، عاودت الاتصال مرة أخرى و ذات الرسالة لينقطع الرنين مرة ثانية ،
فتحت أحد برامج المحادثات و بعثت برسالة مختصرة
ـ هاخد الولاد و أروح لماما شوية
همّت بالاستعداد للخروج دون انتظار رده ليرتفع رنين هاتفها معلنًا عن اتصاله ردت بلهفة لم تحاول إخفاءها:
ـ وحشتني و مش سائل فيَ
أجابها بتعب بدا جليًا بصوته:
ـ أبدًا والله، بس ضغط شغل
ثم أتبع بتقرير:
ـ بلاش مشوار ماما ده هحاول أفضي نفسي و أوصلكم بكرة
حاولت مقاطعته و الاعتراض على رفضه لكنه قاطعها بحسم:
ـ نسمة الله يخليكِ مش عايز جدال
تراجعت عن اعتراضها و ارتفعت صافرات الإنذار بعقلها تُضخم من قلقها و تتركها فريسة لهواجسها التي أبت أن تبديها له مكتفية بالسؤال:
ـ هتيجي البيت النهاردة؟
ارتاح حين انصاعت لرغبته و أجابها قبل أن ينهي المكالمة:
ـ هحاول
***
حين الحاجة عانق الشيطان و ارقص على جثامين البشر،
انحر الأعناق و سِر بين ضفتيها بفخر،
اشرب نخب الدماء هنيئًا لمن غدر.
بغرفة مكتبه الفاخر يقطع المسافة الفاصلة بين النافذة و المكتب ذهابًا و إيابًا يعتصر أفكاره في انتظار مكالمة هامة توصله لمبتغاه دون عناء، قطع الصمت طرقات على باب المكتب دلف بعدها النادل، وضع قدح القهوة التركية التي طلبها رئيسه قبلًا و تراجع بخطواته للخلف، حياه بانحناء طفيف و خرج بهدوء.
واصل الآخر انتظاره الذي ما طال أكثر حتى ارتفع رنين هاتفه الجوال، رد بجملة واحدة عقب فتحه للخط:
ـ هات اللي عندك
أتاه الرد فانتفخت أوداجه غضبًا، كز على أسنانه حتى قارب على طحن ضروسه غيظًا حين انفجر بمحدثه:
ـ يعني إيه مش عارف توصلها
ـ أمال أنا مشغلك ليه؟
ثم قطع الاتصال مع الآخر دون انتظار رده و هو يزداد اشتعالًا، حل رباط عنقه و جذب خصلاته السوداء يكاد يقتلعها، رفع كلتا كفيه يستند على حافة النافذة يطالع السيارات المارة بالطريق و يعيد ترتيب أوراقه، الجرذان التي تحاول البحث عن طعامها باتت تهدد سيطرته، وجب عليه تلقينها درسًا تعود بعده مذعورة لجحورها.
عاد تجاه مكتبه، رفع قدمه على المقعد و استند بمرفقه إلى ركبته و بكفه الأخرى التقط هاتفه مجددًا، ضغط زر الاتصال و أعقب بكلمة واحدة عقب سماع صوت الآخر:

ـ نفذ.
***
أغلق الهاتف مع زوجته و قد عزم أمره على عدم العودة للعمل سوى بالغد، استقل سيارته قاصدًا بائع الفاكهة، و منه إلى محل بيع المشويات الذي التقط منه وجبة عامرة كان قد أوصى بها قبيل خروجه من عمله و في طريقه لها لم ينسَ أن يحضر عُلب الزبادي و بعض الجبن الذي تفضله.

صعد درجات البيت العتيق قاصدًا هدفه، أدار مفتاحه الخاص بمغلاق الباب و دلف باحثًا عنها، بدأ بترتيب أكياس الطعام على المائدة مناديًا:
ـ يا دودو أنت فين
ظهرت المرأة عند باب غرفتها تشيح بوجهها عنه دون كلمة فاندفع إليها يغمرها بأحضانه يقبل جبينها تارة ووجنتها تارة أخرى بينما هي تدفعه برفق مظهرة غضبها و إن أبى قلبها السخط عليه:
ـ لسة فاكر تجيلي
دغدغها مداعبًا قبل أن يسحبها محتويًا كتفيها تحت ذراعه
ـ جبتلك الجوافة و اليوسفي اللي بتحبيهم
اتبع كلماته بفتح أكياس الطعام فظهرت رائحة المشويات المسيلة للعاب:
ـ و كفتة و شيش طاووك علشان نتغدى مع بعض
علم أن غضبها مجرد ادعاء فناولها الكيس المتبقي و لم يتخلَ عن مرحه:
ـ الزبادي و الجبنة البراميلي حطيهم في التلاجة ويالا ناكل
وضعت الكيس جانبًا و حاولت كبح ضحكتها المتسلية بمرحه:
ـ أنت يا واد جاي تضحك عليا بالأكل
ضحك ملئ شدقيه و هو يلتقط كفها يقبل ظاهره:
ـ كل ده وواد يا حاجة ده أنا شعري قرب يشيب
امتدت كفها الأخرى لأذنه تجذبها برفق:
ـ هتفضل واد لحد ما أموت و كل ما تزعلني هشد ودنك
رفع كفيه بمحاذاة كتفيه مستسلمًا:
ـ حاضر حاضر أنا ما أقدرش على زعل الجميل
رفعت كفها تربت على لحيته النابتة بحنان
ـ مالك يا حبيبي فيك إيه؟
التقط كفها يحتضنها بين كفيه يربت على ظاهرها برفق
ـ ضغط شغل ، ادعي لي
غمرته بدعواتها المخلصة بينما تجلسه للطاولة و تجلس جواره ليتشاركا وجبتهما التي أتبعتها الأم بإعداد كوبين من الشاي المطعم بحبات القرنفل، ارتشف قليلًا بتلذذ وارتكن برأسه إلى ظهر الأريكة مغمضًا عينيه بإرهاق بينما يهمس
ـ تسلم إيدك يا ست الكل، كوباية الشاي بتاعتك كانت وحشاني
ربتت على كتفه برفق مشفقة عليه من إرهاقه الظاهر للعيان بينما تحاول مداعبته:
ـ ما مراتك بتعمل لك كل حاجة و ما بقيتش محتاج لي
ابتسم ولازال محتفظًا بإغماض عينيه بينما يؤكد لها:
ـ هي شاطرة في القهوة و النسكافيه
التقط كفها يقربها من فمه مقبلًا ظاهرها:
ـ بس كوباية الشاي بتاعتك دي مفيش منها
اعتدل في جلسته ووضع الكوب الفارغ على المنضدة أمامه و هم بالنهوض بينما درية تجذبه لتستزيد من جلسته المحببة إلى نفسها:
ـ على فين يا ابني ملحقتش أشبع منك
ربت على كتفها بينما يطالع ساعة يده:
ـ بقالي 3 أيام مشفتش الولاد وكدة مش هلحقهم قبل ما يناموا
احتضنته مودعة بينما تبدي دهشتها فالوقت مازال باكرًا لنوم الصغار حين أوضح
ـ أنتِ عارفة قوانين نسمة في المدارس
أومأت برأسها متفهمة و اصطحبته حتى باب الشقة مودعة إياه بدعواتها التي تغمره دوما، قبيل خروجه التفت متذكرًا فسألها:
ـ أخبار مدحت إيه؟
ظهرت علامات الحنق على درية رغم محاولتها إخفاءه و هي تجيبه:
ـ كان عندي الأسبوع اللي فات
أمعن النظر لأمه مكملًا ما أخفته بتقرير:
ـ كان عاوز فلوس و من ساعتها ما شفتيهوش
ربتت على كتفه متصنعة عدم الاهتمام
ـ الله يصلح حاله و حالك يا حبيبي
لم يزد أكثر من ذلك لكنه ودع أمه و قد زاد إصراره على تنفيذ ما عزم عليه دون تأجيل .
دلف لمنزله و كما توقع قابل السكون التام ، تحرك برفق في الظلام الدامس مستعينًا بضوء هاتفه المحمول،
وضع كيس الحلوى الخاص بصغيره بسيارة الصغير الكهربائية ليفاجئه بها عند استيقاظه كما اعتاد ثم حمل باقي الأكياس للمطبخ فوجد زوجته مقبلة عليه تتلقفه بين أحضانها بلهفة، شدد من احتضانها بشوق و أطلق زفرة راحة بعد عناء يلازمه ولا يستطيع الخلاص منه
ابتعد عنها قليلا:
ـ بسبوسة لنادين و الوايت شوكليت بتاعتك
ربتت على لحيته لا تبخل بالتعبير عن عشقها هامسة:
ـ ربنا يخليك لينا
تركها و تسلل إلى غرفة صغاره ، سحب الغطاء على الصغير الذي اعتاد ركله فدثره جيدًا و قبل جبينه ثم التفت لفراش صغيرته فمسح على شعرها برفق و طبع قبلة على خصلاتها قبل أن يلجأ لحمامه الدافئ عل رذاذ الماء يخمد أفكاره الثائرة ، خرج من دورة المياه يلف خصره بمنشفة بينما يجفف شعره بأخرى عندما أقبلت زوجته بنعومتها المحببة تحمل بين كفيها كوبًا تصله رائحته عن بعد، وضعت الكوب جانبًا بينما تخبره برقة:
ـ عملت لك كاموميل
ارتدى سرواله و قميص قطني وجلس على حافة الفراش ، حمل الكوب بين كفيه يرتشف بعضًا منه حين صعدت زوجته فجلست خلفه طاوية ساقيها أسفلها و شرعت بتمسيد عضلات رقبته و ظهره، أنهى مشروبه و أغمض عينيه مستسلمًا لكفيها و حينها لم تستطع منع نفسها عن السؤال:
ـ مالك يا نادر؟
رفع ساقيه و استلقى على الفراش و زفر بكلمة واحدة لم يستطع أن يزيد عليها:
ـ تعبان
استلقت على جانبها جواره تواصل تمسيد مواضع النبض بجبهته و هو لايزال على استسلامه حتى سحبها فسكنت أحضانه و غط في نوم إجباري جافاه لأيامٍ طوال .
في الصباح استيقظ على قبلة صغيرته التي ابتسمت فور أن فتح عينيه لها قائلة بمرح:
ـ عرفت أن حضرتك جيت من باليل
نهض يجلس على حافة الفراش و سحبها جواره يحتوي كتفيها تحت ذراعه ويشد جسدها إليه:
ـ و عرفتي منين بقى يا شقية و أنا جيت و أنت نايمة؟
ـ من ريحة البرفيوم
ضيق حاجبيه باستغراب فأجابته الصغيرة ببراءة ترفع حاجبيها و تؤكد على منطقية إجابتها:
ـ لما بتدخل تبوسني و أنا نايمة بشم ريحة البرفيوم في الأوضة
طالع صغيرته بدهشة:
ـ أنت بنت نسمة فعلا مبتفوتيش حاجة
و على سيرة زوجته أتاه صوتها المرتفع و هي تحث صغيرها على ارتداء ملابسه فضحكت الصغيرة:
ـ كالعادة ماما بتجري ورا نور علشان يلبس
اصطحب صغيرته لمشاهدة المباراة الدائرة بصالة بيته بين زوجته و صغيرها المتكاسل يرتدي بنطاله فقط بينما نسمة كانت تساعده على ارتداء سترته، فر الصغير لوالده الذي حمله مقبلًا وجنته ثم حثه على الإسراع:
ـ يالا يا بطل الباص زمانه جاي
و ما إن أنهى ارتداء ملابسه حتى ارتفع رنين هاتف نسمة معلنا عن اقتراب حافلة المدرسة ، التقط الصغير بعض الحلوى التي وجدها بسيارته الصغيرة فدسها بحقيبته ثم قبل والده الذي تلقى قبلة مماثلة من صغيرته قبل أن يودعهما لدى الباب.
عقب انصراف الصغيرين لاحظت نسمة استعداد نادر للخروج مبكرا هرعت لإعداد مشروبه المفضل في الصباح و منحته إياه ببسمة هادئة:
ـ الفرنش كوفي ، مش هتفطر؟
ارتشف قليلًا من مشروبه ووضعه جانبًا يكمل إغلاق أزرار قميصه بينما يجيبها:
ـ مش هلحق عندي حاجات كتير النهاردة
تناولت سترة حلته تعاونه على ارتدائها بينما تطالع عينيه في المرآه تستجديه البوح بما يؤرقه:
ـ مش هتقول مخبي عني إيه
التفت يواجهها و كفيه تمسك بكتفيها و بنبرة جاهد حتى تبدو مطمئنة لها:
ـ أنتِ عارفة أن لما أحب أتكلم بتكوني أول واحدة أتكلم معاها
تعلقت بحافة حلته و عينيها تتوسله البوح:
ـ أنا قلقانة عليك
طبع قبلة على جبينها زفر خلالها أنفاسه القلقة و نبرته منافية لما يضمر:
ـ اطمني أنا كويس
ربت على كتفيها بكلتا يديه قبل أن يتخذ طريقه لخارج المنزل.
و قبيل خروجه أسرعت نسمة خطاها تلتقط كفه، التفت مستفسرًا فتعلقت برقبته في احتضان أودعته خوفها، قلقها ، تملكها و تمسكها و هو ضمها بعشق خالص يمسد ظهرها بحنان يبعث الطمأنينة لنفسها بينما عقله يضج بأفكاره:
ـ خلي بالك من نفسك
همستها بأذنه أرسلت رعشة لامست قلبه قبل أن تمتد يديه تفكك حصار ذراعيها لعنقه ، انحنى يطبع قبلتين على ظاهر كفيها و هو يهز رأسه إيجابا قبل أن يغادر و يتركها فريسة للقلق و الحيرة.

***

هو رجل الضعف عدوه
السطوة سلاحه
القوة طريقه و مبتغاه
اقتربت بغنج تجيده تحيي الجالس أمامها بكأس مشروبها الكحولي:
ـ منور يا حسام بيه
بادلها تحيتها بأخرى مماثلة بينما تجلس جواره لا تترك مسافة فاصلة بينهما، رفعت ساقًا فوق أخرى فانحسرت تنورتها القصيرة عن فخذيها، أنهى كأس مشروبه ووضعه على الطاولة بإهمال فمالت بجذعها للأمام و نبرتها المغناج تدعوه للمزيد:
ـ أصب للباشا كاس كمان
أشار برأسه نفيًا و صوته الحاسم يؤكد:
ـ اكتفيت النهاردة
صدحت ضحكتها الخليعة في المكان تحاول كسر بروده، أمسكت ذقنه بسبابتها وإبهامها و أكملت:
ـ الباشا خايف يسكر ولا إيه
ـ شوشو
زعقته و انعقاد حاجبيه أربكاها فتراجعت فورًا عن سخريتها بينما يكمل غاضبًا:
ـ مش حسام الشوباشي اللي يخاف
عادت لغنجها المعتاد و اقتربت منه تمسك بطرف حلته معتذرة:
ـ أنت زعلت يا باشا؟
تطلع للملهى حوله يسلي نفسه بمتابعة تمايل هذه و تلك، امتدت كفها تدير وجهه ناحيتها و بدلال تعرف تأثيره على الرجال و نظرة تدعوه لأبعد من الكلمات التي نطقت بها:
ـ أنا عايزاك تفرفش يا باشا
فهم مغزى كلماتها فمرت عيناه تتفحص جسدها المكشوف بوقاحة، تنورة فضية لامعه بالكاد تصل لأسفل مؤخرتها كاشفة عن ساقيها بالكامل صعودًا لكنزتها العلوية الملتصقة بجسدها دون أكمام و فتحتها تبدي نهديها بسخاء يدعوه لاكتشاف المتبقي وصولًا لشفتيها المصبوغة بحمرة قانية، غمزة وقحة أتبعها بنبرة رفض فهمتها لتميل عليه أكثر مستفهمة:
ـ مش عاجباك؟
طالعها ببرود قبل أن يخرج حافظة نقوده و يلقي ببعض منها على الطاولة، نهض و قبل انصرافه مال يستند بكفيه على مقعدها يحاصر جسدها بالكامل:
ـ أنت حلوة، بس أنا بستنضف
ترك المصدومة خلفه و استقل سيارته قاصدًا منزله، خلع ملابسه و الأخرى تواصل ادعاء النوم هروبًا كعادتها، جاورها في الفراش فشعرت به يدير جسدها ناحيته، اعتلاها بسطوة ذكورية منقوصة و رائحة التبغ التي اختلطت برائحة مشروبه الكحولي تخنق أنفاسها دون قدرة على رده، و خيطين الدموع المنسابين من عينيها في صمت يشقان طريقهما لا إراديًا حتى يحتضران عند منابت شعرها كروحها المحتضرة، دقيقتان احتملتهما كدهر حتى انتهى و دفع بها جانبًا، ثم غط في نوم عميق.
كتمت أنينها حتى اطمأنت لنومه ومن ثم نهضت تدثر جسدها بمئزرها و دلفت إلى دورة المياه، أفرغت عصارة معدتها اشمئزازًا و رفضًا لواقعها ثم تركت الماء البارد ينساب غامرًا جسدها في محاولة للتخلص من آثار لمساته الكريهة على جسدها، لقد كان مراعيًا فقط في أيام زواجهما الأولى ثم تحول لذلك الذي أصبح قربه فرضًا يثقل كاهلها، أنهت حمامها و جاورته في الفراش بهدوء تكمل دور الزوجة المطيعة الممتد لسنوات.
***
بين جذب و شد تشق طريقها بثبات تُحسد عليه، تتفهم خوف أمها دون خضوع لرغبتها، يشد أزرها فخر أبيها فتخطو متجاهلة محيطها المُثبِط لكل عزيمة، تغرق ببحثها الجديد الذي يؤهلها لترقية هي جديرة بها دون منازع.
أنهت محاضرتها للفرقة الرابعة وسط راحة طلابها لأسلوبها السلس، تحيطها نظراتهم المتباينة بين مقدرة، ممتنة و أخرى معجبة من أحدهم لا تخفى عليها فقد اعتادت مثلها من طلابها ربما هي فورة الشباب التي تركت مراهقتها توًا و تخطو أولى خطواتها نحو الرجولة فترى فيها القدوة و نموذج الأنثى المطلوبة، نظرات اعتادتها و تمرست على احتوائها بحنان أخت كبرى تارة و حزم أستاذة تارة أخرى فما تلبث أن تصوب طريقها فتضحى نظرات اعتزاز و تقدير.
تركت المدرج باتجاه مكتبها حين سمعت نداءًا باسمها:
ـ دكتورة ريم
التفتت بمواجهته تطالع هيئته بطوله الذي يزيد عنها بعشرين سنتيميتر على أقل تقدير، بشرة قمحية أكسبتها أشعة الشمس لونًا برونزيًا جذابًا، شعر بني فاحم استطالت خصلات مقدمته لتداعب جبهته و عينين محيرتان بين خط بلون القهوة مُزج بآخر أسود، واجهته بنظرة مستفهمة:
ـ أهلا دكتور ماهر
اقترب بخطواته الواثقة يبتسم بعذوبة قبل أن يبادر بتقديم بعض الأوراق:
ـ كنت محتاج أعرض على حضرتك الجزء اللي خلصته من الرسالة
أومأت برأسها بتفهم بينما تتناول الملف و تضيف بحسم:
ـ هقراه، بس خد بالك أنت متأخر جدًا في العملي و تقرير المتابعة قرب
هز رأسه و لم يتخل عن ثقته:
ـ ما تقلقيش يا دكتور كله هيخلص في الميعاد إن شاء الله
ـ بالتوفيق يا دكتور
نطقت جملتها بينما توليه ظهرها و تكمل طريقها نحو مكتبها و الآخر يتابع ابتعادها تتقاذفه رغباته.
***
اليوم كان فارقًا في عمر شركته شعر أنه قد حقق انتصارًا كبيرًا عندما بشره محمود بفوزهم بالمناقصة التي كان يطمح إليها لكن سعادته الغامرة يشوبها القلق فقد كان يشك أن رسائل التهديد التي تأتيه بسببها ...
بسبب دخوله إلى عالم الكبار
لكنه بالأمس تلقى التهديد بالانسحاب صراحة و الابتعاد عن منطقة الحيتان و إلا فعلى السمكة الصغيرة ألا تحزن إذا ما أُكلت. فبات واثقًا أنه سيواجه المشاكل بسبب تلك الصفقة
لكن طموحه اللامحدود و عقله الذي أخبره أنه يعمل بشرف و لم يخطئ و عليه المواجهة و انتزاع حقه و إلا سيظل في مكانه
مُخطئ ففي هذه الدنيا لا يكفي أن تلعب بشرف لتفوز و لكن يجب على خصمك أن يواجهك بذات الشرف فيكون الفوز لمن استحق..
كل هذا القلق منعه من ترك شركته طوال اليوم ، يعكف على تجهيز جميع أوراق الصفقة و القيام بجميع المراسلات الضرورية ، ترتيب المهام و توزيعها على أفراد شركته
فبرغم إتاحة وقتٍ كافٍ للتنفيذ إلا أن حجم الصفقة كبير مقارنة بأعمال شركته السابقة ولا يجب منح المنافسين أية فرصة إذا ما أخطأ
فالخطأ أيضا كفيل بإنهائه تمامًا و عودته لنقطة الصفر..
شعر بتيبس ظهره بعد أن أنهى كل ما يمكنه عمله اليوم، لم يشعر بالوقت حقًا ليناظر الساعة التي قاربت على الثانية صباحًا فالتقط مفاتيحه و هاتفه، فتح أحد برامج التواصل الاجتماعي و أرسل كلمة واحدة لزوجته
ـ وحشتيني
ثوانٍ ظهرت بها علامات رؤيتها لرسالته قبل أن يصله ردها بملصق قلب كبير و كلمة واحدة جوار وجه ضاحك يطبع قبلة على الوجنة
ـ مستنياك

ارتدى معطفه و أحكم سحّابه جيدًا فالشتاء يبدو أنه اشتد برودة قبل أوانه، استقل سيارته متجهًا إلى منزله لا يكاد يرى من فرط تعبه، ارتفع صوت الرعد بالسماء و ما هي إلا ثوانٍ و كانت تجود بمائها، الطريق كان شبه خالٍ إلا من بعض السيارات القليلة و عند أحد المفارق فوجئ بأضواء ساطعة لسيارة نقل محملة بالحجارة تظهر فجأة في الاتجاه المعاكس، ضغط المكابح بقوة حتى توقفت سيارته تمامًا فهو لم يكن يومًا بالسائق المتهور، لكن الآخر لم يتوقف بل زاد من سرعة السيارة و مع اقتراب المقطورة تتابعت أمام عينيه صور طفليه اللاهيان، وجه زوجته و دفء قلبه بين ذراعيها نهاية بوجه أمه الحنون و صوتها اللاهث بدعواتها له بالحماية التي لاتزال تطرق مسامعه وسط عدم استيعاب عقله للاقتراب الخطر الذي اصطدم على أثره جانب مقدمة سيارة النقل بباب السائق لسيارة نادر قبل أن يستطيع سائقها تغيير اتجاهه و الابتعاد فرارًا و قبيل تمام الابتعاد و نتيجة للانحراف المفاجئ كان جزءًا من حمولته الثقيلة يسقط ليدك سقف السيارة الصغيرة مخلفًا خلفه خطًا من الدماء المختلطة بماء المطر ......
نهاية الفصل الثالث


heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس