عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-20, 02:52 PM   #747

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

حين يُصدم الإنسان صدمة غير متوقعة تأخذ هذه الصدمة عدة مراحل
فتبدأ بالإنكار ثم الغضب يليه الإحباط ثم المساومة يعقبه الإكتئاب يليه الإنعزال ومن ثم يأتي في المراحل الأخيرة القبول ويليه التعافي
فليس من السهل أن تبني بناءاً ثم تجده ينهار فجأة ليس أمام عينيك بل فوق رأسك ....


منذ أن حضر من الخارج وهو يجلس في حجرته يُغلق عليه الباب من الداخل يشعر بأن ماحدث ماهو إلا حُلم... يستلقي في فراشه وهو يجزم أن هناك شيء خاطيء يحاول عقله إنكار ماحدث بكل الطرق

هل يستطيع أحدهم خداعك وهو يحمل هذا الوجه الملائكي؟ هل يستطيع أحدهم التدليس في أدق الأمور خصوصية؟ لقد إنتزعت منه حقه كرجل في معرفته بعدد الرجال الذين مروا في حياتها
وضع الوسادة علي رأسه لايريد لذهنه عرض كل الصور التي تمر أمامه ....

دقت فدوي باب غرفته ما أن شعرت أنه بالداخل فاكتفي برد مُقتضب قائلاً:"أنا مُرهق وأريد النوم...."
ولكن من أين يأتي النوم وهو يشعر أنه يتقلب علي فراش من النار بكرامة مجروحة ورجولة مُهانة

*******************

حين تَمُر بك السنوات وحيداً يتمكن منك الخواء
والوحدة لا تعني ألا يكون حولك الكثير من الناس
ولكن أحيانا يكون حولك الكثير ولكن إفتقادك لنصفك الذي يُكَمِلك هو مايجعل هذه المشاعر من التمكن منك

رغم ثقتنا في أنفسنا التي تزرعها فينا المواقف والأيام ومن قبلهم الآباء والأمهات إلا أن الحاجة لرفيق تظل هي إحدي أهم إحتياجاتنا البيولوجية والإنسانية والنفسية
نحن نحتاج من نشعر معه بالأمان ...
نحتاج للشعور أننا ننتمي لأحدهم ...
نحتاج للشعور أن هناك يد ستُربِت علينا حين نحتاج ...نحتاج إلي نسخاً صغيرة منا نكمل معهم وبهم حياتنا
ومهما مر العُمر وأدعينا الإستغناء فما أن تأتي اللحظة التي نجد فيها مُبتغانا حتي نشعر بالتمام والإكتمال
إنها تلك اللحظة التي تجلس فيها بجواره تشعر بالأمان مهما كانت الظروف حولك
تشعر معه بالسعادة
بالإكتفاء به عن الجميع
بالثقة... بالزهو
بكل شيء جميل جاء بعد غياب

وهذا ماشعرت به فدوي وهي تجلس بجوار سامر في مكتب راوية الذي تجمع فيه أربعتهم ظهراً بعد أن أتت فدوي لأن سامر طلب منها أن يتقابلا هنا ...

نظرت إليهما راوية بإعجاب بعد أن إطمأنت أنهما وصلا معا إلي صيغة تفاهم كانت قد بدأت في الشك أن سامر سينجح في الوصول إليها مع أحد ...وبعد أن إطمأنت أن فدوي تخطت حاجز الخجل الذي كان يقف بينها وبين البوح بمشاعرها وأحاسيسها

كانت راوية تجلس بجوار رامز علي الأريكة الواسعة في حجرة مكتبها بينما يجلس سامر بجوار فدوي علي الأريكة الصغيرة المُقابِلة... قال سامر لفدوي :" أريد منكِ أن تأتي مكاني وتتابعي الكورسات في الوقت الذي لن أتمكن فيه من المجيء.."
قالت له بتساؤل:"ولماذا لن تتمكن أنت من المجيء..."
قال لها وهو يبسط ذراعه كله علي ظهر الأريكة فوق رأسها مباشرة:"لأنني بالفعل بدأت في تجهيز الشقة..."
قالت له بغير تصديق:"حقا..متي بدأت ؟..."
قال لها :"منذ يومين...وبأذن الله في خلال شهر علي أقصي تقدير ستكون جاهزة لأن كل العمال يعملون في وقت واحد..."
لم تعرف بماذا ترد خاصة ورامز وراوية متواجدان...لماذا هو مُتعجل هكذا؟..
قال رامز بمشاكسة لسامر:"ألن تدعونا علي الغداء بمناسبة الخطبة يارجل..."
قال له سامر ضاحكاً:"المفروض أن تدعونا أنت كمباركة منك لنا...."
قال رامز بملامح طفولية وهو يُضيق عينيه:"هل نسيت أن هناك رهان بيننا علي وجبة غداء.."
صاح فيه سامر مازحاً:"أنا حقيقة لاأعرف إلي متي سأظل أدعوك بسبب هذا الرهان؟؟ أليس يابني الرهان نلتزم به لمرة واحدة؟"
نظرت إليهم فدوي نظرة متسائلة وقالت بفضول:"علي ماذا كان الرهان؟"
غمز رامز لسامر بعينه قائلاً:"تقول أنت أم أقول أنا؟..." قال سامر لها وهو ينظر إليه شذراً :"سأقول لكِ فيما بعد..."
شعرت فدوي بأنه ربما هناك سرا بينهما وربما يخص إمرأة... هكذا شعرت فقالت لرامز مُشجعة:"قص علي يارامز ..."
فَهَمَ سامر للقيام من جوارها وهو يمسك وسادة صغيرة تخص الأريكة التي يجلسان عليها يريد أن يلقيها علي رامز الذي يضحك علي مظهر صاحبه ولكن فدوي كانت الأسرع حين تحركت ووقفت أمام رامز الذي استقام يهم بالجري من صاحبه وقد تذكر مشاغباتهم لبعضهم حين كانا يدرسان ...وقفت أمامه فدوي وبسطت ذراعيها في الهواء قائلة بعناد طفولي:"رامز في حمايتي وإياك أن تلمسه..."
تراجع سامر وجلس مرة أخري في مكانه وإستند بظهره علي ظهر الأريكة وإبتسامة صغيرة تُزين شفتيه في حين قالت فدوي لرامز بجدية:"إجلس يارامز وأحكِ لي كل شيء ...ثم رفعت سبابتها في الهواء قائلة:كل شيء..." قهقه رامز ضاحكاً علي وجهها الذي أصبح بلون حبة الطماطم الطازجة وهي تظن أن هناك شيء لاتعرفه عن سامر فعادت هي إلي مكانها وقال لها رامز وهو يرفع حاجبيه لسامر بإغاظة:"كل مافي الأمر ياسيدتي أن يوم صدمتِ سيارته قال لي أنه من المؤكد أن من صدمها شاب أرعن أحضرت له أمه السيارة لذلك كان يتعامل معكِ بسخافة علي أنكِ شاب وعندما قلت له ليس شرطاً قال بعجرفة أنه واثق من ذلك وكان الرهان بيننا..."

قهقهت فدوي ضاحكة ووجهها يزداد إحمراراً وجاذبية وحياة أما راوية وسامر فكانا يتبادلان نظرة واحدة معا فبما أنها صديقة بنكهة الأخت فكانت تلمح إعجابه بشخصية فدوي الجديدة وهي مٌنطلقة مُتحررة مُتخلية عن ترددها وتوترها وخجلها وتحفظها ..
هكذا هي شخصية فدوي الحقيقية ..

كثيراً ماتختفي شخصياتنا الحقيقية خلف قناع من الجمود وما أن يأتي من يُذيب بدفئه هذا الجمود حتي نظهر علي حقيقتنا ......
إستمرت فدوي في الضحك وإستمر سامر في تأمل براءتها التي لم يراها مع أي إمرأة من قبل حتي ظن أنه لن يجدها إطلاقا في حين قالت فدوي وهي تنظر إلي سامر الذي يجلس بجوارها مباشرة وتضع حقيبتها بينهما كفاصل:"ولماذا تُسئ الظن وتجزم بأشياء دون أن تتأكد..."
قال لها رامز مازحاً:"وهل إقتصر الأمر علي سوء الظن لقد رأينا معه أياما سوداء من الغرور والعجرفة.." نظرت فدوي إلي رامز بشك قائلة:"لا يارامز ليس إلي هذه الدرجة أنا لا أشعر أن سامر كذلك..."
قال لها بجدية خالية من المزاح:"سامر الآن الذي تعرفيه هكذا أما سامر قبل أن يعرفك فكان شخص آخر كليا...." زمجر سامر حتي يمنع تسلسل كلام صاحبه قائلاً بتوبيخ:"كفاك تقطيعاً في وأنا جالس أمامك إحترم وجودي يا أخي وحتي نفض النزاع سأدعوكم علي الغداء قبل أن نذهب أنا وفدوي.."
قالت فدوي بتساؤل:"أين سنذهب ؟.."
قال لها :"نتناول الغداء معهم أولاً ثم أقول لكِ...."
وما هي إلا ساعة حتي كان الغداء الذي طلبوه قد وصل ليجتمعوا معا في مكتب راوية ويتناولوه معا في جو مبهج للغاية...جو لا يكون إلا بين أصدقاء حقيقيون ...أصدقاء خلت حياة فدوي السابقة منهم
***************
بعد فترة كانت تقف معه أمام محل المجوهرات الشهير في وسط المدينة عينيها تلمعان وهي تري المشغولات الذهبية بأشكالها وألوانها سواء من الذهب الأصفر الخالص أو الأبيض
قالت له وهو يقف بجوارها مُباشرة يتابع إنفعالاتها لا يتابع ماتراه:"فعلا توجد تشكيلة رائعة ياسامر أتمني أن تبقي حتي نأتي لنشتري..."
قال لها ببساطة:"ولما لا نشتري الآن؟..."
نظرت إلي عينيه بشك قائلة:"وماذا عن إخوتي ووالدتك وإخوتك سنشتري وحدنا دون حضورهم؟؟ ثم أردفت بشك :ألن يضايقهم هذا التصرف؟؟"
قال لها وهو يضيق عينيه:"أعتقد إخوتك لن يفرق معهم هذا الأمر أما عني فأمي كما تعلمين حركتها قليلة فستقول لي خذ إخوتك معك فستأتي رحمة بأبناءها ودنيا بأبناءها غير أن دنيا ستقول لحماتها التي هي خالتي وخالتي لا تتأخر عن أي مناسبة تخصنا هي ومني إبنتها التي هي بالمناسبة بالنسبة لدنيا توأمها الملتصق ...ثم أردف بجدية:وهذا أمر يخصنا فلما كل هذا العدد من الناس معنا ...."
نظرت إليه بتفكير فقال لها ضاحكاً :"كل هذا تفكرين هل نشتري شبكتك أم لا؟؟"
قالت له بجدية وهي تتابع النظر إليه من هذا القرب في ضوء النهار:"لا ...كنت أتسائل هل لون عينيك أخضر فيروزي أم زيتوني...."
أغلق عين واحدة ونظر إليها بالثانية قائلاً:"وهل بعد كل ذلك مازلتِ لاتعلمين؟."
قالت له باهتمام:"كل مرة أراها بلون مُختلف ..."
قال لها بلهجة غير بريئة:"حسناً أنا أعترف أن الأمر صعب قليلاً ولكن هناك زاوية معينة تستطيعين التأكد منها من اللون بشكل واضح..."
قالت له ببراءة وهي تستند بظهرها علي الواجهة الزجاجية السميكة لعرض المشغولات الذهبية:"أي زاوية؟"
تنحنح قائلاً وهو يضع يديه في جيبي بنطاله الجينز :"بعد الزواج سأقول لكِ..."
شعرت أنه يُلَمِح لشيء غير بريء فقالت له دون أن تُعلق علي كلماته وهي تُشير إلي داخل المتجر:"حسناً هل ندخل أم نأتي وقت آخر .."
بسط ذراعه أمامها قائلاً بابتسامة خلابة:"تفضلي أميرتي...."
دخلت وسار بجوارها تشعر بالزهو بأنها تمشي بجواره ويشعر بالزهو أنه قريباً سيمتلك هذه القطعة النادرة له وحده
وبعد أن شاهدت علي الطبيعة جميع المشغولات التي أعجبتها إستقرت علي طقم كامل مكون من عقد وإسورة وحلق وخاتم من الذهب الأبيض الرقيق جداً فقالت له وعينيها مُتعلقتان بالطقم في علبته:"هذا هو ياسامر ما رأيك؟؟"
قال لها بإعجاب :"ذوقك جميل جداً...ومادام يعجبك فلنأخذه..."
قال الصائغ وهو ينظر إلي الطقم بإعجاب:"مبارك عليكِ آنستي ...ذوقك هائل فعلاً..إخترتِ أرق تصميم..."

كانت هناك إمرأة تقريبا في نهاية الخمسينات تقف بجوارهما مع البائع الآخر تفاضل بين إسورتين وما أن رأت فدوي تمسك العُلبة القطيفة الحمراء حتي قالت لها بلهجة أمومية:"مُبارك عليكِ حبيبتي ..."
إلتفتت إليها فدوي قائلة بإبتسامة مُشرقة :"بارك الله لكِ .."
لا تعرف لما ذَكَرتها هذه المرأة بأمها...
ربما لأنها تقريبا في نفس سنها لو كان أعطي الله أمها عُمراً
وربما لأنها تشبهها كثيراً...
وربما لأنها كانت فعلا تفتقد أمها في مثل هذا اليوم

كانت المرأة تلاحظ أنهما بمفردهما وليسا معهما أحد فأطلقت زغرودة مدوية أجفلت فدوي وسامر ولكنهما ضحكا ضحكة ملئت وجوههما رغم الغصة التي كانت في حلق فدوي وهي تتذكر كيف كانت أمها تتلهف لمثل هذا اليوم
ربما هذا يكون من أسوء الأشياء التي تحدث حين تصل متأخراً هي أنك لاتجد بالضرورة أحبابك ومن تمنوا أن يروك في هذا المكان في إنتظارك حتي يشاركوك لحظتك المنتظرة

*****************
جلس عبدالرحمن بجوار فادي في حجرته بينما البنتان في الأسفل عند جدتهما... كان الأول يتحدث هاتفياً مع والدته التي كانت تستعد لرحلة العودة من المدينة الساحلية التي لا تبعد عنهما سوي بساعتين فقال لها:"حسناً سننتظرك حتي تأتي أمي.."
إنتبه فادي لحديثه فقال له بفتور:"قل لها لا تأتي أنا سأأخذكم إلي البيت ..."
فقال لها عبدالرحمن ماقاله خاله ثم أنهي المُكالمة معها والتفت إلي فادي قائلاً بشك:"ماذا بك؟ أشعر أن هناك مشكلة كبيرة.."
قال فادي بصوت مبحوح ونظرة فاترة:"وإذا عرفت ماذا ستفعل هل ستحلها؟"
قال عبدالرحمن وهو يمط شفتيه:"سأقول لك رأي إن أعجبك أخذت به..وإن لم يعجبك تكون قمت بعملية فضفضة واسترحت مما يجثم فوق صدرك..."
قال له فادي وهو يستند برأسه علي ظهر السرير المُبطن :"وإذا كانت المشكلة لا حل لها... وإذا كانت الفضفضة لن تُريح صاحبها..."
نظر إليه عبدالرحمن بضيق ثم استقام قائلاً:"وأنا الذي أقص عليك كل مشاكلي وأقول أنك صديقي وكل أسراري معك...."
إبتسامة فاترة إرتسمت علي زاوية شفتيه وقال له:"حين تكبر ستجد أن في الحياة الكثير من المشاكل لتري وقتها أن مشاكلك هذه ماهي إلا تفاهات..."
تقدم عبدالرحمن من باب الحجرة وقال له بوجه مقلوب:"أنا سأنزل حتي نجهز وإذا راجعت نفسك وأردت الفضفضة فأنا موجود..."
أغلق باب الغرفة خلفه وترك فادي المٌعتكف في حجرته منذ الأمس ولم يذهب إلي عمله أو يرد علي مكالمات زملاؤه..والعجيب أنها هي أيضا لم تتصل به ...كان ينتظر إتصالها...إعتذارها...تبريرها ...أي شيء تقوله يغير قليلاً مما سمعه بالأمس ولكن هذا لم يحدث...
إبتسم إبتسامة صغيرة ساخرة وقال لنفسه بصوت مسموع رداً علي عبدالرحمن :"ماذا تريدني أن أقول يابُني....إنني إكتشفت أنني كنت أكبر مُغفل في التاريخ"

*************
علي الرصيف الخاص بالمرسي النهري كان يصف سامر سيارته ... وكانت فدوي تجلس بجواره يشربان معا مشروباً غازياً بعد أن غادرا محل المجوهرات وفي حجرها باقة ورد حمراء قد أحضرها لها ما أن خرجا من عند الصائغ فقال لها سامر وهو يشرب من زجاجة المياه الغازية خاصته:"فدوي هل تتذكرين حين قلتِ لي أنكِ كنتِ تتمنين أن نتقابل قبل ذلك بسنوات لأن هناك أشياء كثيرة كنتِ تريدين فعلها في سن أصغر ؟؟"
نظرت إليه مُبتسمة وقالت:"بالطبع أتذكر..."
قال لها بتساؤل :"أشياء مثل ماذا ؟ ماذا كنتِ تريدين أن نفعل معا ونحن أصغر رغم انني أري اننا مازلنا صغاراً.."
قالت له وهي ترفع عينيها للسماء:"الجنون الذي نستطيع أن نفعله ونحن صغار كالجري تحت المطر و الغناء بصوت عالي في أي مكان وتأجيل الإنجاب حتي نجوب البلاد شرقاً وغرباً أشياء كثيرة أشعر إنني لن أستطيع فعلها الآن..."
قهقه ضاحكاً وقال لها:"هل هذا فقط ماكنتِ تريدين فعله ؟.." قالت له وهي ترشف رشفة من مشروبها :"يعني ..أشياء من هذا القبيل..."

قال لها وهو ينظر جهة المرسي:"ما رأيك لو نستقل قارب في النيل نشاهد منه الغروب ..."
نظرت إليه قائلة بقلق:"والشبكة التي معنا هذه ماذا نفعل بها؟"
قال لها ببساطة:"نتركها في السيارة..."
قالت له :"لا أنا أخاف عليها ماذا لو سُرقت السيارة..." قهقه ضاحكاً وهو يلتفت إليها بملامحها الطفولية قائلاً:"هل تخافين علي شبكتك أكثر مما تخافين علي السيارة.."
قالت له وابتسامة صافية تشق طريقها نحو شفتيها :"صراحة أخاف علي شبكتي أكثر ...فقط لأنها أول هدية منك ثم أشارت إلي يديها التي بها عدة أساور ذهبية في اليمني وساعة ذهبية في اليسري قائلة :أنا عندي الكثير ولكن ماتحضره لي يكون مُميزاً بشكل كبير..."
شعر أن درجة الحرارة ترتفع من حوله وهي تجلس أمامه بكل هذا السحر والبراءة والعفوية... سامر الذي لم تكن تجربته مع فدوي هي الأولي في حياته يشعر بالإهتزاز وهو أمام هذه الفتاة السمراء رائعة الجمال شعر في هذه اللحظة أنه يريد منها المزيد ولكنه لجم مشاعره فليست فدوي التي ستتقبل هذا والعجيب أنه هو أيضا لن يرضي لها عن أي تجاوز
يحبها ويتمني لو وضعها في عينيه ...
وجدته شاردا هكذا فتنحنحت قائلة وهي تبتلع ريقها :"سامر ماذا بك؟؟؟"
إنتبه إلي كلماتها قائلاً:"لا شيء حبيبتي أقول لا تقلقي سنضعها في تابلوه السيارة وبأذن الله لن يحدث شي ..."
فتح سامر نوافذ السيارة وسقفها وأدار مُشغل الموسيقي علي إذاعة الأغاني وأجلي الصوت قليلاً حتي يستمعان معا إلي بعض الموسيقي الذي لايعرف إن كانت ستُهدئ من مشاعره أم تؤججها ....
فتحت هي باب السيارة وإستدارت بخفة حول مقدمتها وهي ترتدي هذا البنطال الجينز الأنيق وفوقه بلوزة بيضاء حتي ركبتيها تُظهِر عودها المعتدل الجذاب لتقف بجوار نافذته المفتوحة ومعها باقة الورد تتطلع في القوارب التي تملأ النيل ذهابا وعودة فهبط هو أيضا ووقف بجوارها بينما ينساب من مُشغل الموسيقي صوت دافيء يحيط بهما كأنهما في كبسولة شفافة معا لايشعران بما حولهما

هي الحياة كدة ليه بقي ليها لون تاااني
بقي ليها طعم جديد غير لي أيامي
هي الحياة كدة ليه بقي ليها لون تاني
بقي ليها طعم جديد غير لي أحلامي


تعانقت العيون عناق أقوي من عِناق الأجساد وكلمات جاءت في وقتها وعيونهما تتعلقان ببعضهما في نظرة خاصة جدا.. عينان داكنتان بلون الليل مع عينين زيتونيتين جذابتين بجدارة

في نفس الوقت فتحت فريدة مُشغل الأغاني وللمصادفة علي نفس المحطة الإذاعية بعدما إنطلقت سيارة تيمور بهما علي الطريق السريع المفتوح
كانت النافذتان مفتوحتين عن أخرهما والهواء المنعش يضرب وجهيهما من كل إتجاه وقرص الشمس في طريقه للغروب فانسابت الكلمات في أذنيهما لتردد معها فريدة بصوتها الدافيء وتُطرِب أذنيه بصوتها

مين اللي غير شكل كل الحياة قدامي
مين اللي غير حلم كل السنين قدامي
مين اللي طمن روحي وبروحه قواااني


جذبها تيمور نحوه ليضمها بقوة بيده اليمني بينما تتولي يده اليسري القيادة بمهارة قائلاً وهو يُقبل جبهتها:"أريد صوت غناءك يملأ حياتي أنا فقط لا أريد لأي أحد أن يستمع إلي دفئ صوتك غيري..."

وضع سامر يده علي معصمها وهما مازالا علي نفس وقفتهما فارتبكت وقالت له بوجه أحمر:"ماذا تفعل ؟..."
قال لها بجدية وهو يجذب يدها التي بها الساعة نحوه:"أريد أن أعرف كم الساعة فبالتأكيد الساعات الذهبية أكثر دقة من الساعات العادية...ثم ضيق عينيه قائلاً:ماذا كنتِ ستظنين أنني سأفعل؟..."
أخفضت وجهها خجلاً ولكنه لم يترك يدها بل أحاط كفها بكفيه وقد عجز عن مقاومة هذا السحر من علي هذا القرب ليأتي الصوت الدافيء من خلفهما صادحاً بعذوبة

همسة ولمسة أيد أدوني عمر جديد ....
همسة ولمسة أيد أدوني عمر ....
أدوني لحظة حب بألف عمر تاني ....


نظرت فدوي إلي سقف سيارته المفتوح و يسمح بوقوف شخص واحد من خلاله قائلة في محاولة منها لكسر الإحراج :"من ضمن الأشياء التي كنت أتمني أن أفعلها وأراها مجنونة هي أن أقف هنا والسيارة تسير بسرعة..."
قال لها بجدية:"حقا؟هل تمنيتِ هذا من قبل؟"
أومأت له برأسها فقال لها بحماس "ما أن ننهي رحلتنا النيلية حتي نفعلها.."

تأثرها وهي تستمع إلي الكلمات وهي تستند برأسها علي صدره تستمع لأنفاسه وضربات قلبه جعل عينيها تدمعان وهي تحيط جذعه بذراعها فقال لها وهو يُقبل رأسها :"لما توقفتِ ...أكملي ..."
لتكمل هامسة بدفء مع كلمات الأغنية المُنبعثة حولهما

ورجعت تاااني أعيش كل الحياة من تااني
ورجعت تااااني أعيش كل الحياة من تاااني
أفتح لقلبي الدنيا وأخدها بين أحضاااني...


وكان بالنسبة لها تيمور هو الدنيا التي فتحت لها ذراعيها بعد طول إنتظار

دخلا للسيارة مرة أخري وكان سامر يُغلق زجاجها المفتوح حتي يلحقا بالقارب وفدوي تأخذ شبكتها من الأريكة الخلفية لتضعها في تابلوه السيارة وهي تتمتم من بين شفتيها مع الأغنية المُنسابة من مُشغل الأغاني

"أفتح لقلبي الدنيا وأخدها بين أحضااااني"


يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس