عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-20, 12:04 AM   #41

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي


[SIZE="6"] الفصل الحادي والعشرون
.......
القلب هو ملكوت الوله ومكمنه ،، فلا تلومن مقتول بالعشق يغمره اليأس ويهجره..
......
ساد الصمت وطال
وتجنب الانهيار مُحال..
كان يلف ذراعيه حولها وهي مازالت مرتكزة بكفيها على الأرض ، التفتت نحوه رُغمًا عن أنفه تمنحه وهج من ظلال الشفق ، توسلها أن تغفر فأغمضت عينيها وأنفاسها ضاعت تؤازر قلبًا يرتجف
وجهها كان بالدماء محتقنًا فقالت بصوت متهدجٍ
ـ كنت هتمشي وتسيبني لوحدي .
نفي بعينيه وهز رأسه ، دارحولها وأمامها جلس على ركبتيه
قبض بكفيه على كتفيها برقة وظلل عينيه الصدق
ـ كنت هلف بالعربية شوية وأرجعلك .
ودموعها اللعينة أغرقت وجنتيها فيما قالت
ـ إللي كنا خايفين منه حصل .

يعلم أنها مُحقة ، هي لم تتجاوز وهو لم يتعافَ كليًا
همس بصوت لأول مرة يحفه الوهن
ـ نبتدي من جديد.
رفعت عينيها المنكسرة له وأكدت
ـ مبقاش ينفع .
وخطت بقدمها خطوة أولى نحو درب العبث
ـ أنتَ قلت إن القرار قراري في كل حاجة .
كبله العجز فهمس
ـ قلت .
وهي قفزت كل الدرب في خطوة ثانية
ـ طلقني ياحذيفة .
تركها ولكم الأرض ، شعر بأنها تهدم الجسور كلها وتقطع عليه دروب الوصال فهدر بصوت جهور
ـ بطلي جنان .
وهي موصومة بالجنون حقًا فاقتربت واستندت برأسها إلى صدره فلف ذراعيه حولها يهدهدها فقالت بتعب
ـ لا اوعي تطلقني ، إحنا الاتنين هنموت لو عملتها .
قبَّل رأسها وزفر بحزم
ـ عمري ماهعمل كدة.
تنهدت بقلب متألم
ـ سافر تاني .
وقتها حررها حانقًا واستنكر
ـ قلت لك بطلي جنان يا ليلى .
لكمته في صدره بقوة آلمت قبضتها كحال قلبها
فأمسك يدها تلك وسألها بترقب
ـ محستيش بأي مشاعر حب مني وإن ده شغفي بيكِ أنتِ بس .
ازدردت لعابها بعسر وهمست بضعف
ـ مش عارفة ..المفروض أحس إيه .
انكمشت على حالها ترتجف أكثر
ـ أنا حسيت ...حسيت إننا ..
قاطعها وكأنه قرأها جيدًا
ـ حسيتي إننا بنقضي وقت !
رفعت عيناها إليه بتأكيد غير منطوق فاقترب خطوة وطفق يمحو آثار عبراتها عن وجنتيها
ـ إحنا بنقضي حياتنا .
سألته بشفاة مترعشة
ـ طب ليه قلبي موجوع ياحذيفة.
عقد حاجبيه بغضب مكتوم وراح يلوم نفس بصوت مرتفع
ـ عشان أنا بوظت أحلى لحظة ممكن تجمعنا .
وأخذ يلومها أيضًا
ـ وعشان أنتِ بتدوري على حاجات توجع قلبك .
وهز رأسه برفض
ـ حاجات مستحيل تتمحي من الماضي .
اشتعل غضبها مجددًا وكزت على أسنانها هاتفة بحرقة
ـ قول عليا غبية أو مجنونة بس أنتَ حقي أنا .. ليه حد ياخد مني حقي قبلي .
ضمها إليه وشدد العناق
ـ مفيش في قلبي غيرك .
وتلك كانت أهم حقيقة قلبه كان راهبًا لم تطأه قدم أنثى قبلها ولها سلم راياته ؛ وفي محراب حبها تعلم تراتيل العشق وردد ابتهالاته..
تملصت منه برفض وهتفت
ـ المشاعر دي كانت من حقي واتسرقت مني .
برر بغضة قلب
ـ مكنتش أعرف إني هقابلك وهحبك كدة .
وارتفع صوته تدريجيًا
ـ ومن يوم ما أخدت قراري وأنا معاكِ .
جابهته بصراخ
ـ أنا موجوعة قوي .
أتعبه حبها وشاركها الحزن
ـ وأنا بحبك يا ليلى .. حبي ليكِ ليه مش بيكفي ؟
اتشحت عيناها بقسوة قلما زارتها
ـ حبي مكنش كافي عشان تبطل خوفك ..
توسلها بقلب مُعتل
ـ متضيعيش إللي بيننا .
مسدت موضع خافقها الذي فاض به الألم
ـ أنا بحبك قوي ياحذيفة ..
زمت شفتيها قليلًا وفكرت فيما راقبها هو حتى خرجت عن صمتها
ـ وعشان بحبك بقولك سافر دلوقت وإديني فرصة أتعافى من وجعي ده .
قبض كفه وانتظرها لتكمل فأردفت
ـ خايفة يجي وقت مقدرش أديك حبي كله وتكتر الحواجز بينا .
رفض ما تطلبه بصوت مرتفع
ـ مش هسافر.
تحجرت الدموع في عينيها وقالت بما يشبح الذبح
ـ يبقى هنتطلق بكرة .
واستمرت في قتل نفسها وقتله
ـ هكلم بابا دلوقت وهمشي .
اتسعت عيناه وانتاب قلبه الوجل
ـ للدرجة دي يا ليلى ؟
صوته المجروح آلمها ، هي عاشقة اعتنقت الجنون قبل الحب ، فاقتربت وقطعت المسافة بينهما ، لفت ذراع حول خصره والآخر حول رقبته وهمست بصوت باكٍ
ـ رغم كل حاجة أنتَ تستحق تاخد روحي ..
رفعت عينيها إلى عينيه تمزج سحب الشفق مع الليل القاتم خاصته قائلة بتهدج
ـ أنا كدة .. يا إما أديك قلبي وروحي مع بعض يا إما ولا حاجة منهم .
فك قيد ذراعيها من حوله وابتعد
ـ كفاية مش عايز أسمعك .
احتضنت نفسها بضياع وسألته
ـ هتسافر؟ .
راح ينظر إلى عمق عينيها ، لثوان وينظر للسقف ، ينهت ، قلبه يتألم ، أحلامه معها تتلاشى ، تتوالى إلى عقله لحظاتهما معًا
وفي لحظة كئيبة خانقة يجاري جنونها ويؤكد
ـ هسافر !
سمع أنّة خافتة منها فرفع كفه أمامها وأنهى تلك المهزلة
ـ بعد شهر .. أكيد مش هسيبك بعد فرحنا بيوم واحد وأمشي .
ونهض يدعم جسدها لتستقيم معه ، وبلا حديث دفعها نحو الحمام برفق ، ضبط لها الماء الدافئ في المرش وتركها وحدها داخل الكابينة الزجاجية وخرج ، وهي بعد خروجه نزعت عنها الشرشف وجلست على أرض المغطس تحتضن ركبتيها لصدرها وتبكي بصمت ، أحضر تبغه ودلف مجددًا أغلق الباب وأسند ظهره إليه وقدمه أيضًا وأشعل التبغ ، واحدة تلو أخرى وهي جالسة على حالها ، امتلأ الحمام ببخار الماء الذي اختلط بدخان التبغ ..
فاض به الكيل فجذب منشفة ضخمة ودلف إلى الكابينة الزجاجية فشهقت بصوت مرتفع وهوتجاهل ، أغلق الماء الذي كان يغرق رأسها وساعدها لتقف متجاهلًا أيضًا النظر إلى جسدها العاري ، لف حولها المنشفة ومن ثم حملها عائدًا إلى الغرفة ..
تركها بجانب الفراش مترنحة وذهب يحضر منشفة صغيرة ، أحضرها وجفف بها شعرها وهي كانت لأنامله مستسلمة
قال بصوت واجم مشيرًا خلفها
ـ جبت لك هدوم البسيها .
لم ينتظر منها ردًا وتركها متوجهًا نحو الحمام .
عاد بعد ربع الساعة وجدها تجلس على الفراش شاردة في نقطة وهمية ومرتدية ثيابها المنزلية التي أحضرها قبل قليل .
دون حديث تقدم نحوها وجذبها إلى داخل الفراش ودثرها جيدًا بعدما احتضنها ، حاولت أن تبتعد فلم يتركها ، مسد خصلاتها بحنان وقال بغصة
ـ غمضي عيونك ونامي في حضني النهاردة وبكرة هعمل كل إللي أنتِ عايزاه .
.........
استيقظ قبلها في الصباح تركها غافية وبعد حمام دافئ أيقظها بخفة ، فرقت أجفانها وراحت ترمش بعينيها وتنظر إليه ، كان يشرف عليها من علو بتعبير محايد
وحدثها بهدوء
ـ اصحي وحصليني على المطبخ ..
لوهلة لم تستوعب كلامه وبعدها أومأت موافقة فاستدار ، وعاد أدراجه تاركًا إياها تراقب رحيله ، بعد وقت قليل كانت قد استفاقت تمامًا وارتدت سروالًا من الجينز وسترة شتوية وردية ، صففت خصلاتها كزيل حصان بسيط ، خرجت من غرفة النوم فوجدت الستائر مُزاحة عن نوافذ الصالة الفسيحة وضوء الصباح قد تخللها بسكون ، دارت حول نفسها تتطلع إلى المنزل الفسيح المفروش بذوق راقٍ وألوانه هادئة تناسب ذوقها ولاحظت وجود سُلم داخلي يصل الطابق الأول الذي تقف فيه بطابق أعلى ، تتبعت رائحة القهوة فدلّتها على مكان المطبخ في آخر رواق جانبي جهة اليسار ..
انطلقت نحوه ووقفت على بابه الواسع تراقبه ..
كان يرفع أكمام سترته إلى مرفقيه ويعمل بنشاط ، ابتسم لها بدبلوماسية وأشار لها برأسه كي تدلف ، ابتسمت بتحفظ وأدارت عينيها تتفحص المطبخ ، كان مُضاءًا أيضًا كباقي المنزل ولفت نظرها وجود نافذة زجاجية كبيرة تطل على حديقة غنَّاء ، رُغما عنها بعث المكان في نفسها الراحة فارتخت قليلًا ودلفت ، جذبت أحد المقاعد وجلست تستند بذراعيها على الطاولة الرخامية المستطيلة التي رتب عليها الأطباق ، كان قد أنهى كل شيء وأحضر القهوة وجلس على مقعد قبالتها ، استند بمرفقيه مثلها وأشار إلى الأطباق أمامها بعينيه
ـ اتفضلي افطري .
تنهدت قبل أن تلتقط شوكة وتلتقط بها قطعة جبن صغيرة وتمضغها ببطء
سألها ببساطة
ـ تشربي قهوة ؟

نفت بهزة رأس ، فشرع في الإفطار هو الآخر ، كان حليفهما الصمت لبعض الوقت ، أنهى إفطاره قبلها وأشعل لفافة تبغ جوار كوب القهوة
نظر إليها بتفحص ، وجهها كان خاليًا من مساحيق التجميل بشرتها ناعمة كطفل صغير لكن عيناها كانتا غائرتين ، سألها بصوت عاديّ
ـ هنعمل إيه في شهر العسل ؟
قطبت وسألته بتوجس
ـ تقصد إيه ؟
هز رأسه قبل أن يقول
ـ أقصد هنسافر زي ما كنا متفقين ولا هنعمل إيه ؟
ظلت تنظر إليه قليلًا بملامح متوترة وكان يبدو أنها تدير الأمر برأسها ومن ثم قررت
ـ مفيش داعي ياحذيفة خلينا هنا .
استفسر منها بلباقة
ـ ليه يا ليلى ، يلا نسافر وغيري جو .
تنهدت بتثاقل وأغمضت عينيها هروبًا
ـ بلاش أرجوك .
شعرت أنها ستعيش كذبة السعادة إن وافقته وسافرت معه والوضع بذلك التوتر بينهما ،
هزرأسه محترمًا رغبتها و سألها باهتمام
ـ أنتِ كويسة ؟
رفعت عينيها إليه فأرسلت إلى عينيه النفي لكنها أومأت بهدوء
ـ الحمد لله بخير دلوقت .
كان يحرك الجزء المشتعل من اللفافة في المرمدة أمامه فيتفتت رمادها الطفيف ، سمعها فضحك بسخرية وقال مُعقبًا
ـ كويس!
آلمتها سخريته فهتفت تسأله
ـ أنتَ ميزتني بإيه ياحذيفة ؟
صدمه سؤالها
أمازالت تسأل !
نظر إلى عمق عينيها المُحتلتين بالشفق رُغم بزوغ شمس الصباح ، انتقلت عيناه إلى الفطور ومن ثم دارت في الأرجاء وإلى موضع قلبها استقرت عيناه فأساءت تقدير نظرته ، استشاطت غضبًا وألقت الشوكة بحدة وقذفته باتهامها
ـ مش بتفكر غير في موضوع واحد بس .
جعد مابين حاجبيه لوهلة ومن ثم فطن إلى ماترمي إليه ، أغضبه أن تكرر إهانته بتلك الطريقة لكنه أخفى انفعاله ودعس اللفافة قبل أن يجابه نظراتها بهدوء
ـ موضوع إيه ياليلى .
اكتسى وجهها بالسخط ولم ترد فأكمل هو بلذوعة
ـ أنا خيرتك .. ولحد آخر لحظة كنت بخيرك .
أطرقت تختنق بصمتها فسمعته يردف بقنوط
ـ ومع ذلك أنا مقدر إحساسك .
قالها ونهض ببساطة تاركًا إياها خلفه وغمغم
ـ في حاجات كتير بفكر فيها غير الموضوع اللي تقصديه ..
...............
مر يومان وكانت قد انتقلت إلى غرفة مجاورة أصغر قليلًا ونقلت بعض أغراضها إليها ، وهو لم يُبدِ أية رفض أو تذمر ، تركها على راحتها تمامًا ، بداخله يرفض مايحدث لكنها قد جرحت كرامته في الصميم ويحتاج لوقت قليل هو الآخر حتى يتجاوز ماحدث..
كان يتعامل بديناميكية وهي تنأى بنفسها بعيدًا
، حدثه أبوه بالأمس وأبلغه برغبة العائلة في زيارته فرحب هو بذلك ودعاهم لليوم التالي ..
وفي يوم الزيارة تقدم هو نحو بابها في العاشرة صباحًا ودقه بخفوت ، بعد دقيقتين فتحته ورفعت رأسها إليه ، تشربت عيناه من ملامحها ما استطاعت قبل أن يتنحنح ويقول
ـ الضيوف هيجو بعد الضهر .
أومأت له بتفهم دون حديث .
حاولت أن تعود أدراجها لكنه أوقفها بطلبه
ـ ممكن محدش يعرف حاجة عن حياتنا الخاصة ؟
رفّ أحد أجفانها وارتجفت شفتيها لوهلة قبل أن تزمها بحزم
ـ أكيد!
طالع وجهها المنطفئ باهتمام وسأل
ـ أنتِ كويسة ؟
رفعت رأسها بعنفوان وأجابته بثقة
ـ كويسة جدًا الحمد لله .
تفحصتها عيناه من رأسها لأخمص قدميها ومن ثم استدار ورحل .
وهي زفرت وأغلقت الباب وعادت تسلتقي على الفراش وتعبث في هاتفها كما كانت قبل قليل ..
بعد ساعتين حضرت خادمتان ومعهن طعام مطهو كانت قد أعدتاه مع السيدة أنوار ، فتح لهن الباب وأشار لهن نحو المطبخ ، نظفت إحداهن المنزل والأخرى تولت أمر تحضير باقي الطعام وإعداد المشروبات ، سمعت ليلى الجلبة في الخارج ، فخرجت على استحياء ترى ما يحدث ، وجدت الخادمة تنظف الصالة بسرعة واحترافية فحيتها والأخرى نظرت إلى ليلى بفضول ، وهي بحثت عن حذيفة بعينيها ففهمت الخادمة ذلك وأشارت لها نحو الحديقة ، تحركت بخطوات بطيئة نحو إحدى النوافذ الكبيرة ورأته يوليها ظهره ويشرد في الأفق ويديه في جيبي سترته الرياضية ، لا تدري كيف شعر بها فالتفت برأسه ينظر إليها بادلته نظرته
كلاهما كان يشعر بغرابة من الوضع بينهما ، كيف وصلا سويًا لذلك الفتور !
ابتسم لها بوهن فردتها له
أشار لها أن تنضم إليه في الحديقة فأومأت لتتطاير خصلاتها الممتزج بها لوني الشيكولا مع الكراميل ..
لأول مرة تترك عزلتها وتذهب إلى الحديقة التي كانت تحيط بالمنزل كله بشكل دائري ، ومقسمة إلى أجزاء كل منهم له رونق خاص بزهور مختلفة ، أعجبتها فأثنت عليها حينما وصلت إليه ووقفت بجانبه
ـ الجنينة جميلة قوي .
ابتسم لها قبل أن يشير إلى أرجوحة في شكل نصف دائرة في أحد الجوانب وقال
ـ جبت لك مرجيحة .
ضحكت بهدوء
ـ أنا كبيرة على المراجيح .
انطلقت ضحكاته ومازحها
ـ اشمعني دي إللي كبرتي عليها ؟
تبدّل حالها ، أشاحت بوجهها وزمت شفتيها غضبًا
ـ متتريقش عليا .
أومأ معتذرًا ومن ثم أشار إلى الجهة الأخرى فتبعت يده لتجد كرسيين خشبيين
ـ في كرسي هزاز للكبار إللي زيك .
سبقته إليهما بخطوات واثقة وقالت
ـ حلو الكرسي الهزاز شكرًا .
......
حضر ضيوفهم ومرت الزيارة على خير وقد أتقنا دور الزوجين السعيدين جيدًا
بعدما انصرفوا عاد هو إلى المطبخ يصنع قهوته فتبعته وبهدوء وقفت على الباب تطالعه بعينين ناعستين من فرط إجهادها طوال اليوم ، التفت إليها والكوب في يده وسألها برفق
ـ تشربي نسكافيه ؟
هزت رأسها نفيًا فأومأ بلا معنى وعاد إلى الموقد أطفأه وصب الحليب فوق قهوته سريعة الذوبان ومن ثم عاد إليها فوجدها أوشكت على النوم محلها
ابتسم بهدوء
ـ روحي نامي يا لولو .
كانت تنظر إليه بغرابة وكأنها وقعت بين سطور قصة جديدة وبطلها أمامها ، هزت رأسها بتيه وأولته ظهرها تتهادى عبر الصالة الفسيحة فتبعها بتباطؤ ووقف في المكان الذي تركته ، لوهلة تجسدت أمامه كحلم ، امرأة تداعب دقاته وتستفز رجولته ، أما عن قلبها فهو واحته التي رفرفت أغصانها الخضراء فوق صحراء قلبه ، قطعت نصف المسافة نحو غرفتها وعيناه من خصلاتها المجدولة بأناقة إلى قدمها انحدرت مرورًا بثوبها البرتقالي المناسب للطقس الشتوي ، التفتت برأسها تنظر إليه من بين الأجفان شبه المنغلقة باحتياج دون أن تشعر.
احتياج وضح له صراعها بين حبها له ورغبتها في حياة سعيدة معه وبين كينونتها هي ورغبتها الأخرى في امتلاك زمام أمورها هي ترغب الحياة معه لكن باختيارها الحر وبدون أية ضغوط منه أو من عائلتها ..

ارتجفت أنامله فوق الكوب المتطايرة الأبخرة منه قبل أن يتقدم نحوها في عجالة ، وضع الكوب فوق الطاولة في طريقه وفي لحظات كان يجذبها إلى أحضانه ، ارتجفت لحظة ثم تصلب جسدها ،
أدارها وأسند جبهته إلى جبهتها
ـ سألتيني أنا ميزتك عن إللي قبلك بإيه ؟
هربت من غزو عينيه لعينها وأغمضت خاصتها ثانية ثم زفرت وتملصت منه فحررها و أردف بخفوت
ـ حضنت قبلك بس محسيتش .
ضغطت على أجفانها وزمت شفتيها فيما استرسل
ـ إحساسي بيكِ هو الجديد عليا يا ليلى ، مرتحتش غير في حضنك ..
كان يفصلهما مسافة ذراع واحد وكانت هي تسمعه بقلب متمرد ، حاول جذبها مجددًا لكنها رفضت بحزم وفردت كفها بينهما كحاجز ، أطرقت لحظات تكتم أنفاسها وانفعالاتها عنه ، هي تجاهد لحجب نفسها حتى لا تترك له ثغرة يخترق حصونها منها ..
رفعت عينيها إليه فرسم بريشة عشق بيضاء لوحة ناصعة تخصهما
ـ عايز أعيش معاكِ حاجات معيشتهاش .
تنهد بقوة فاستشعرت عظم ما أصاب قلبه عندما أردف
ـ عايز أخلف منك .
من وقفتها الأبيّة سألته بكبرياء
ـ عارف بحبك قد إيه ؟
أومأ وعيناه بالعشق فاقتا الحدود
ـ عارف .
رفعت عينيها إليه مجددًا وقالت بتأكيد
ـ وجعي قد حبي .
أكد لها بعينين مذنبتين
ـ وجعك بيوجع قلبي .
رفعت كفًا مرتجفًا ومدته نحوه تمسد موضع خافقه بصمت
ما طال حتى قالت بتصميم
ـ لازم نتعافى .
لوح بكفيه أمامها بغضب من يريد اختصار العذاب
ـ وبُعدنا هيموتنا .
عادت بتصميمها تطلب
ـ سيبني مرة واحدة أختار وأنت مش هنا ؟ ، كل مرة بتوهمني أن أنا إللي بقرر ، لكن وجودك بيكون ضاغط عليا وبعمل إللي أنتَ عايزه ..
أطرق ولم يعقب فطلبت منه بحزم
ـ ولحد ما يجي الوقت ويكون كل حاجة بإرادتي عايزة نعمل معاهدة .
زوي ما بين حاجبيه وسألها بتوجس
ـ معاهدة إيه ؟
زفرت ومن
ثم قالت بما لايقبل جدال
ـ متحاولش تقرب !
زمجر بغضب فرفعت عينيها إليه بتحدي لتلين عيناه ويتنهد
ـ موافق ياليلى ، مش ضعف مني ، أنا موافق تقديرًا ليكِ مش أكتر .
..........
بعد يومين مساءًا خرج من غرفته فوجدها مستلقية في وضع أعاد له الحنين إليها مُضاعفًا ، كانت أمامه في الصالة تستريح بظهرها على سجادة وثيرة على الأرض ، رأسها على وسادة وترفع قدميها تريحهما على الأريكة أمامها ، بجانبها على الأرض بعض الوسائد الصغيرة وفي الجهة الأخرى كوب تتطاير منه الأبخرة وتتصفح بيدها موقع التواصل الاجتماعي عبر الهاتف ، تنحنح من وقفته بعيدًا فالتفتت إليه ببسمة خاصة أدهشته قليلًا ، ابتسم بدوره وتقدم نحوها ، جذب وسادة واستلقى بجانبها بنفس وضعها ورفع قدميه للأمام يستقر بهما على الأريكة الوثيرة ووضع الوسادة أسفل رأسه مثلها ، كانت على ذات ابتسامتها تراقب ما يفعل ، مال برأسه جهتها فرأت آثار النعاس مازالت متعلقة بعينيه فعلقت بخفوت
ـ بتنام كتير قوي يا حذيفة .
مطّ شفتيه ومن ثم ضحك بمشاغبة
ـ لو خرجت هيعرفوا إني بنام في الأوضة التانية ، ولو منمتش هبوظ المعاهدة .
لكزته في كتفه بسبابتها
ـ بطل تلف حوالين نفس الموضوع .
أبعد إصبعها عن كتفه حين آلمته وهتف
ـ أنتِ إللي بتمدي إيدك أهو .
ابتسمت برقة ونظرت إلى السقف بصمت فسألها ومازال يتشرب بعينيه ملامحها
ـ بتشربي إيه ؟.
التفتت نحو الكوب في الجهة الأخرى وعادت تنظر إليه
ـ هوت شوكليت .
أومأ ونظر للسقف الأبيض مثلما فعلت هي
شردت لحظات قبل أن تسأله
ـ ليه بقى مكنتش بتاخد بالك مني وإحنا صغيرين ؟
لم ينظر إليها وظل على وضعه ينظر مثلها لأعلى ، شقت البسمة ثغره فيما قال ممازحًا
ـ أنـتِ لسة مُصرة على عنوان شاهد قبل الحذف ؟.
ضحكتها كانت غريبة ، مزيج من ألم ويأس والكثير من الحب ، شعر بها فزاد مزاحه
ـ كنت هاخد بالي من إيه بقى ، أسنانك المكسرة ؟
زمت شفتيها ونظرت إليه تسأله بنزق
ـ أنا كنت وحشة ؟
التفت إليها وقال بصدق
ـ أبدًا ، عمرك ما كنتِ وحشة .
وعاد للمزاح مجددًا
ـ لو كنت أخدت بالي كنت بوظت أخلاقك في عز طفولتك البريئة .
صفقت بيدها في حماس وضحكت هاتفة
ـ وكانوا قفشونا وإحنا صغيرين .
قهقه بانطلاق قبل أن يشير إلى كوب المشروب الساخن
ـ الهوت شوكليت ده فيه إيه ؟.
انقلب كل شيء في لحظة وتدفقت الدموع كسيول بجانب وجهها ، نظرت إلى السقف وقالت بصوت متحشرج
ـ مكتوب لي أتجوزك بعد فضيحة .
اعتدل بحدة وأشرف عليها من علو واستند بكفيه دون أن يلمسها وأكد
ـ أنتِ محتاجة علاج نفسي .
حدجته بحدة
ـ أنا كويسة .
نفي بعدما زفربقوة
ـ لا مش كويسة .
أشاحت بوجهها
ـ مش هتنازل عن سفرك .
تنهد بعجز وظلل عينيه الحزن
ـ وعدتك هسافر .
تنهدت بدورها وهمست
ـ خلي العلاج لوقته .
أومأ دون تعقيب وعاد يستلقي بجانبها مجددًا ، يعلم ما يعتريها ولايريد أن يضغط عليها ويزيد من ضيقها ، عاد يسلك درب المزح مجددًا عله يذيب بعض الجليد
ـ قوليلي بقى الهوت شوكليت دة فيه إيه .
ابتسمت ومسحت دموعها
ـ آآه كدة أنا فهمت كنت بتطلع القمر إزاي ..
لكزها في كتفها ضاحكًا
ـ أؤمري بس وهاخدك رحلة المريخ .
وزادت قهقهته فيما أردف
ـ وأرجعك عطشانة .
تناست غضبها وحزنها وذاقت معه طيب اللحظات
ـ المريخ فيه بحر ؟!
جذب من شعرها خصلة وقربها من أنفه يستنشق عبيرها وينتشي
ـ عنيكِ هي إللي بحر .
زجرته بعينيها فابتسم ، جذبت خصلتها من يده بحدة وزمت شفتيها هاتفة
ـ المعاهدة !
تأفف ونهض تاركًا إياها خلفه مغمغمًا
ـ تعالي ورايا المطبخ هجهزلك عشا .
شيعته بفيض العشق من عينيها وابتسمت تنهض وتلحق به
..
تساءل أحدهم ذات يوم من جلسته في قاعة عُرس مكتظة بالمدعويين سؤالًا يستحق التأمل
لماذا يتزوج الحمقى ؟
وبعد البحث والتنقيب عن إجابات بل وخوض التجربة بنفسه
قد توصل إلى إجابة ؛
يتزوج الحمقى حينما لا يجدون بديلًا عن القُرب ..
كان غريبًا على عروسين بعد مرور أسبوع واحد من تاريخ الزواج أن يشعرا سويًا بالملل ..
والحلول كثيرة ؛
لكن بالنسبة لاثنين قد اكتفيا من العالم بالخارج وفضّلا دفء المنزل ، قد جلسا على الأرض الخشبية متربعين ومتقابلين
قد اقترحت عليه أن يلعبا لعبة يضيعان بها الوقت
فتهكم بلذوعة
_ شطرنج برده !
وقتها ابتسمت ونفت بهزة رأس
_ دومينو !
ضحك بشدة
_ Soo creative
لم تهتم لتهكمه وأحضرت له قهوة وزادت الحليب فيها
ولها طبق من المكسرات وضعته قرب يدها ..
وقبل أن يجلس هو أحضر مطفأة ووضعها بجانبه ..
علّمته قواعد اللعبة التي كان يجهلها وفاز عليها عدة مرات ،
وفي كل مرة كان يغمزها وتتذمر ..
أحرق من تبغه ثلاثة في نصف ساعة وأشعل الرابعة ،
نفث دخانها للأعلى فصنع منه فوقهما سحابة ،
زاد تذمرها ولوحت بكفها بغضب
_ بتدخن كتير قوي !
لم تتخيل أنه سيفعل لكنه فعل
عدّل اللفافة المشتعلة في وضع رأسي وقدمها لها ،
اتسعت عيناها وشهقت ومن ثم غطت فمها تكتم ضحكاتها
لم تتغير ابتسامته المستمتعة وهو ينظر إليها
فقالت هي ضاحكة
_ بس بقى !!
رد بصوته الخشن بخفوت ضاحك وعيناه تلتهمان شفتيها المطليتين بلون الفراولة
_ بس أنتِ بقى ..
وقبل أن ترد أعاد يده إليه
_ دي تقيلة عليكِ هبقى أجيب لك حاجة خفيفة ..
انتهت ليلتهما وكلٌ ذهب إلى غرفته ، قد أعطته جرعة سعادة لم يشأ أن يبددها بأي قرب ولو بسيط فترفضه ، وفي الصباح استيقظ باكرًا على صوت جلبة في الخارج ، استفاق كليًا ونهض من فراشه ، خرج من الغرفة كي يرى ما يحدث فوجدها تغلق باب المنزل وتحمل الصغيرة كندة بيد وحقيبتها بيدها الأخرى ، رفرفت أهدابه بعدم استيعاب لحظات ومن ثم انطلق نحوها يجذب الصغيرة ويحملها حتى لا تؤلمها قدمها
سألها باهتمام
ـ رجلك وجعتك ؟
نفت بهزة رأس وقالت برقة تبرر وجود الصغيرة
ـ أمل وأشرف عندهم شغل وأنا ..
تلعثمت وصمتت تطالعه بتمني أن يتفهم دون شرح فسمعته يتهكم
ـ أنتِ لو قاصدة إنهم يعرفوا تفاصيلنا الخاصة مش هتعملي كدة .
أولاها ظهره ودلف إلى الداخل بعدما جذب منها حقيبة كندة وشدد يده الأخرى حول الطفلة ، شعرت أنها أغضبته وأدركت أنها بذلك قد كشفت تباعد علاقتها معه لصديقه وصديقتها ، دلفت خلفه ببطء فوجدته قد أجلس كندة على الأريكة وجلس أمامها على الأرض يداعب كفها الصغير فتبتسم له ، تقدمت منه ليلى ووقفت خلفه فتنهد حينما شعر بها ، ترددت كفها قرب كتفه لحظات قبل أن تحط فوقه فالتفت ورفع عينيه إليها بصمت ، زمت شفتيها بندم
ـ أنا آسفة ياحذيفة .
ابتسم لها وهز رأسه ومن ثم جذب كفها ، قبّلها بعمق
ـ حصل خير .
توترت وسحبتها فتركها دون تعقيب وعاد إلى الصغيرة التي تعالت ضحكاتها حينما دغدغ أطراف أناملها .
جذبت من يده يد كندة مبتسمة
ـ روح خد شاور وتعالى ورانا المطبخ نجهز فطار للآنسة كوكي .
أومأ ونهض مبتسمًا وذهب إلى غرفته .
وهي سحبت كف الصغيرة التي اتبعت خطواتها غير المتزنة إلى المطبخ
أجلستها على الرخامة وشرعت في تجهيز الإفطار بعد برهة كانت تصب عصير البرتقال الطازج في أكواب زجاجية حينما دلف هو بهدوء فلوحت له كندة بسعادة قائلة بصوتها الطفولي
ـ حذيفة !
التفتت إليها ليلى وتصنعت الحنق والغيرة
ـ حذيفة جوزي أنا .
ضحكت لها الطفلة ببراءة فابتسمت هي الأخرى .
تقدم وجلس على المقعد قبالة كندة التي اقتربت منه تعبث في لحيته ، ابتسم بدوره وتهكم
ـ إللي هيسمعك هيفتكر إني جوزك بجد .
واجههته بحدة وغضب حقيقي
ـ أنتَ جوزي بجد ياحذيفة .
زم شفتيه وسمعت صوته الخافت
ـ كان غصب عنك .
رفرفت بأهدابها وقالت بقلب مثقل واستعانت بجملة كان قالها من قبل بمزاح
ـ أنا دخلت جينس كأول واحدة تتجوز حبيبها غصب عنها .
انتاب حلقه مرارة لكنها انتهجت المزاح لتخفيف الأجواء المختنقة
ـ مبقاش غصب عني قوي
وابتسمت برقة
ـ غصب عني نص نص .
لم يرد وظل ينظر إليها لكن شق ثغره ابتسامة عاشق فأردفت بجدية
ـ وعشان ميبقاش غصب عني خالص محتاجة وقت ، محتاجة بُعد .
تنهد بعمق قبل أن يسلك درب آخر وأشارنحو كندة بمشاغبة
ـ أنا قلت لأشرف هتجوز كندة لما تكبر ، خدي وقتك وهي تاخد وقتها وأنا مستني أهو .
لوت شفتيها ورفعت حاجبًا شريرًا قبل أن تتهكم
ـ هتبص برة !
لوح لها بكفيه ورفع كتفيه مؤكدًا
ـ محدش مديني فرصة أبص جوة .
التقطت سكين الزبد من جانبها وسألته بابتسامة مريبة
ـ عمرك شوفت حد اتقتل بسكينة الزبدة قبل كدة ؟
في لحظة كان قد نهض ومال للأمام قليلًا واعتقل كفها ، ألجمها دفء كفه والنظرة الخاصة في عينيه اللامعتين ففقدت السيطرة لوهلة وخلص منها السكين ببساطة فهتفت فيه بصوت مرتفع
ـ أنتَ بتغش .
ابتسم بعينين نصف مغلقتين ودغدغها صوته الأجش
ـ بالعكس بطلت أغش عشانك .
تنهدت هي وابتعدت تستأنف باقى تحضير الطعام في محاولة لاستعادة سيطرتها من جديد وتمتمت
ـ سكينة الزبدة مبتعورش أصلا.
سخر ضاحكًا
ـ كنت عارف إني مش ههون عليكِ
عاد يجلس وينظر إلى الصغيرة التي كانت تراقب كل ماحدث بشغف وكأنه فيلم رسوم متحركة قهقه لرؤيتها مشدوهة هكذا وقرص وجنتها بخفة
ـ منورة يا كوكي يابنت أشرف .
.............
بعد المغيب افترشت ليلى الأرض بجانب كِندة بعدها أحضرت فُرشها و الألوان وبعض الأوراق وفرشت فوق السجادة الوثيرة غطاءًا أبيضًا ..
أخذت تلطخ الأوراق البيضاء والصغيرة تحذو حذوها بسعادة
نظرت إلى جانبها نحو ظهر الأريكة التي يحتلها وينظر إلى التلفاز أمامه ،
لقد كان يميل بجلسته قليلًا يشاهد فيلمًا كلاسيكيًا بطلته جميلة ويحتضن وسادة!
ساوت بعض خصلاتها وتربعت في مقابلة الصغيرة التي ألبستها ثيابًا شتوية بيضاء تشبه خاصتها ،
رفعت الفرشاة تلوح بها ووجهت حديثها إلى الصغيرة وكأنها تلقنها درس حياتها
_ متروحيش لحبيبك بيته أبدًا ياكوكي ..
التفت إليهن من جلسته ولم يتخلَ عن الوسادة
لدقيقة تفحصهما معًا ؛
تبدوان كأم حنون وابنتها ، ابتسم بحب ومن ثم نهض وترك الوسادة مكانه
ذهب إليهما بخطوات بطيئة دون حروف وجلس ،
كانت رموشها ترفرف دون رادع فاتسعت ابتسامته ،
جلس بجانبها مقابلًا أيضًا للصغيرة
رفع فرشاة لوث مقدمتها بلون وردي ولطخ ورقة جديدة
لوح هو الآخر بالفرشاة أمام عيني كندة المنبهرة به
_ روحي له ياكوكي ...بس خدي احتياطاتك ..

التفتت إليه ليلى تحدجه بريبة فيما سألته بترقب
ـ احتياطات إيه ؟
لم تبدُ عليه الحيرة ، بالعكس وكأنه كان ينتظر الفرصة فقال بثقة ونظراته متركزة على كندة
ـ أولًا عشان متحتاجيش تاخدي احتياطات أصلًا متوافقيش تقابلي عريس وأنتِ بتحبي واحد غيره وعارفة إن هو كمان بيحبك .
سمعها تئن بخفوت فأكمل بذات الثقة ولم يلتفت نحوها
ـ عشان أنتِ متعرفيش رد فعله .
تحنحت ليلى فلم يعيرها أي اهتمام وأردف
ـ ممكن يتجوزك قبل كتب الكتاب على عريس الهنا بنص ساعة .
تحشرجت أنفاسها فهتفت بصوت مشحون
ـ وأنتَ فاكرني لسة بصدق الكلام ده !
في لحظة كان قد التفت نحوها ، لف خصرها بذراع وجذبها نحو صدره ، ألقى الفرشاة أرضًا وقبض على كتفها بيده وقال بصوت أجش
ـ ومتصدقيش ليه ؟ كنتِ فاكراني هسيبك تتجوزيه ؟
انتابها الضعف وقربه هز كيانها
ـ أنتَ مش هتعمل فيا وفي أهلي كدة ، ومبقيتش بصدق تهديداتك دي.
أحرقتها أنفاسه وعاتبها بصوت مبحوح
ـ حتى لو إحنا مش مع بعض متخيلتش تقابلي أي حد .
كان صدرها يعلو ويهبط ووجهها بالدماء احتقن استحكم بحلقها كما قلبها غصة وأصابها الوهن
ـ كنت بس عايزاك تحس إني بضيع وترجع لي .
قرّبها منه أكثر فارتجفت في أحضانه كما ارتجفت شفتاها
ـ أنا سيبت الدنيا كلها ورايا وجيت لك .
اتشحت عيناه بوهج الحب ، انحدرت يده على طول ذراعها فانكمشت ليختطفها بصوت أبح
ـ يلا نبتدي من جديد ومش هوجع قلبك أبدًا .
لحظتها استعادت تركيزها الذي غيبه قبل قليل ، أظلمت عيناها وتملصت منه بحدة تدفعه للخلف هاتفة
ـ مش موافقة ، ومن هستسلم لأي ضغط منك .
تجعد ماحول عينيه بابتسامة و تركها ببساطة مُعتدلًا ينظر إلى كندة وكأن شيئًا لم يكن ، وكانت كندة كل ذلك تطالعهما بابتسامة بلهاء جعلت حذيفة يقهقه
ـ لو أشرف عرف أي حاجة هخطفك وأطلب فدية .
عدّلت ليلى هندامها غاضبة من نفسها لأنها أوشكت على الإستسلام له بتلك البساطة .
وهو عاد يحمل بيده الفرشاة ويحدث كندة المتسعة العينين
ـ ثانيًا يا أذكى كوكي في مجرة درب التبانة بدل ما تدخلي بيته لوحدك كنتِ كلمتيه على الموبايل وهو ينزلك تحت .
سمع ليلى تزفر بضيق فأردف
ـ عشان لو قالك حاجة كدة ولا كدة تصرخي وتتهميه بالتحرش .
لكزته ليلى في خاصرته فتأوه ضاحكًا فيما هتفت هي بصوت مرتفع
ـ شوفتي ياكوكي الموضوع طلع سهل وبسيط جدًا أهو .
والتفتت نحوه تزم شفتيها وتغلق عينيها بسماجة
ـ وأنا إللي كنت مكبرة الموضوع !
ظل السجال بينهما لوقت طويل وكانت تلك نقطة في سطر في آخر سطور تلك المرحلة ، لقد تحدثا عن الأمر وكأنه حدث منذ زمن بعيد جدًا ، حتى وإن كانت الطريقة غير مباشرة لكنها كانت تجدي نفعًا ..
......
بعد يومين تاليين كان حذيفة جالسًا فوق فراشه يراسل شركاء عمل ، حسنًا الملل يفعل أكثر!
دلفت ليلى على استيحاء بعدما طرقت الباب بخفوت ، لاحظ حركتها المتعثرة وتفحص وجهها فلاحظ آثار الإعياء جلية ، سألها باهتمام
ـ مالك ياحبيبتي خير .
هزت رأسها يمينًا ويسارًا وتلعثمت
ـ لا مفيش حاجة .
أومأ بصمت وعاد لحاسوبه اللوحي دون تعقيب لكن عيناه اختلستا النظر إليها فوجدها تسير بتباطؤ نحو حمام الغرفة ، وتلك دهشة أخرى ، هي لم تستخدم حمام غرفة النوم الرئيسية منذ ماحدث ليلة الزفاف وتستخدم حمامًا آخر بجانب الغرفة التي سكنتها وحيدة .
تجاوز دهشته وانخرط في العمل قليلًا ، وبعد برهة وجدها تخرج بذات التباطؤ وتسير منكمشة على نفسها .
فكر أنها ربما قد تكون متأثرة ببرودة الطقس ليس أكثر ، بعد نصف الساعة دلف إلى حمام الغرفة ، جذب عينيه غرض خاص بالفتيات تستخدمنه في أوقات معينة من الشهر ، ربط الأمرين ببعض وانتابته الشفقة على حالتها المزرية .
عاد للغرفة واستخدم مُحرك البحث عله يجد طريقة يساعدها بها ، بعد ربع الساعة كان يطرق باب الغرفة الذي فتحته بهدوء بعد دقيقتين ، وجدته يقف حاملًا كوبًا به مشروب ساخن تتطاير منه الأبخرة ، توجست قليلًا وسألته
ـ إيه دة ؟
كز على أسنانه بحرج قبل أن يقول بصوت عادي
ـ دة بابونج .
عقدت ما بين حاجبيها وعيناها انشدهتا وقبل أن تقول شيئًا برر في عجالة
ـ لقيت الجو برد عملت لك حاجة دافية تشربيها .
زمت شفتيها لحظات قبل أن تمد يدها فالتقط كفها لتتوتر أكثر ، كان كفها باردًا كقطعة ثلج ، حاولت جذبها منه فرفض بترجي
ـ خليني معاكِ شوية .
كانت هشة كعادتها وآلام جسدها مبرحة إضافة إلى وهنها ، لم يكن لديها طاقة أصلًا للرفض فأومأت وأفسحت له ليدلف
دلف بدوره وأعطاها الكوب حينما جلست على الفراش وجلس بجانبها
التقط كفها الآخر وأخذ يحكها ببطء
كانت تنظر إليه بتردد فحسم الأمر مبتسمًا
ـ المعاهدة زي ماهي يالولو ، أنا حاسس بوحدة وعايزأفضل معاكِ.
ازداد توترها وقبل أن تهم بالرفض
مط شفتيه وغمزها
ـ حتى لو بوظت المعاهدة هيحصل إيه .
قالها وسلك درب المزاح الذي باتوا يفضلونه مؤخرًا فاستخدم أكثرطريقة مُستهلكة للإيقاع بفتاة وقال بمكر مبتسمٍ
ـ ده أنتِ مراتي يا بنتي !
ابتسمت هي بضعف
ـ هو أنا اعترضت ؟
ضحك بشدة وشاكسها
ـ معترضتيش ؟ ، طب مين إللي مجنناني .
لكزته في كتفه بوهن
ـ جننتك أيوة لكن مقولتش إني مش مراتك .
أمسك يدها القابضة على الكوب فيما نظر إليها
ـ آه دة باكيدج على بعضه .
قالها وشرع في مساعدتها لتحتسي البابونج
انتهت من احتساء المشروب ومن ثم ارتخت قليلًا تستند على وسادة بجانبها ، داعب خصلاتها برقة فابتعدت للخلف بضع سنتيمترات ..
طلب منها بلباقة وعيناه تناوش قلبها
ـ ممكن أنام جنبك النهاردة بس ؟
لاح الرفض على وجهها وتنهدت فيما ترجاها
ـ أرجوكِ مترفضيش النهاردة بس .

فكرت لثوان قبل أن تومئ بقبول ، تهللت أساريره قبل أن ينهض ويسألها
ـ فين شراباتك ؟
ابتسمت بتوجس فضحك هو وأشار إلى قدميها المنكمشتين
ـ رجليكِ متلجة زي إيدك .
أشارت إلى الخزانة
ـ في الدرج التاني .

نهض وأشعل المدفأة ومن ثم ذهب نحو الخزانة وفتحها بهدوء ، التفت إليها مضيقًا عينيه بمكر
ـ الدرج الأول فيه إيه ؟
صاحت فيه بغضب
ـ هسيب الأوضة وأمشي لو فتحته .
ضحك بخفوت قبل أن تنزلق يده وتفتح الدرج الثاني فيلتقط لها جوربًا ويستديرعائدًا إليها
جلس بجانبها ، التقط قدمها متخطيًا رفضها وألبسها الجورب تلو الآخر .
أزاحها قليلًا وانضم إليها ، دثرها واحتضنها برفق فاستكانت ، كانت حقا متعبة تستند برأسها إلى كتفه بصمت ، تغضن جبينها كان يتزايد مشيرًا إلى إعياء جسدها فسألها بهدوء
ـ رجلك بتوجعك ؟
رفعت عينيها الواهنة وأومأت بصمت ، عاد يسألها
ـ كانت بتوجعك كده قبل الحادثة ؟
وهنا علمت أنه يفهم ما أصابها ولم تكن في حالة تسمح لها حتى بالخجل .
آلام ظهرها تزايدت أيضا وكانت تريد الهرب بالنوم فقالت بضعف
ـ لا مكنتش بتوجعني قوي كدة ، الحادثة أثرت شوية أنا أخدت مسكن هنام شوية وأبقى كويسة إن شاء الله .
قبل منابت شعرها وربت على ظهرها برقة مقربًا إياها من صدره أكثر .
ـ حاولي تنامي ..هتدفي بعد شوية وتبقي بخير .
أومأت له وداعب أجفانها الوسن فيما قالت بخفوت والنوم يجذبها رويدًا
ـ شكرا ياحبيبي .
نامت تمامًا بعد مرور الوقت وزاد تعلقه بقربها أكثر وإن كان البعد سيعيدها إليه بكامل إرادتها كما تزعم ف مُكرهًا سيفعل ويبتعد دون قلبه ..
لقد يأس حقًا إقناعها وسيسلك درب الهجر عله يظفر في نهاية المطاف بلذة اللُقيا ..
كان قد مر أسبوعين على زواجهما واعتزم السفر ، قلّص المدة لأنه لم يعد يحتمل بقائه معها على ذلك الحال ..
قد حصل على تذكرة سفره ورتب كل شيء ، فاجئها أنه لم ينتظر انتهاء الشهر كما حدد في بداية الأمر ..
قبل سفره بعدة ساعات تقدمت منه وكان جالسًا على مقعد وثير يهيم بعينيه في الأفق ، جلست بجانبه تسأله برفق
ـ هتبقى بخير ؟
التفت نحوها بمزاجية مظلمة وبتجهم
ـ هبقى كويس ياليلى .
لن تنكر وقتها أنها كرهت إصرارها لكنها التراجع كان قد انتهى أوانه ، مسدت على ذراعه فابتعد فيما توسلته بصوت مشحون
ـ عشان خاطري ياحذيفة متوجعش قلبي كدة .
حدجتها بغضب
ـ أنا ماشي عشان قلبك يرتاح .
لم تجد ما ترد به فشردت ، الحكاية معقدة ومشاعرها متداخلة ،
قطع شرودها حينما نهض وتمتم
ـ أنا هروح أنام شوية قبل ميعاد الطيارة .
تركها خلفه وانطلق نحو غرفته فتحه ودلف مُغلقًا الباب خلفه ..
بعد برهة استقامت أيضًا وذهبت نحو غرفتها
غفت بعد سُهاد طويل وحلمت به ، وطوال غيابها في حلمها استحكم قلبها غصة فراق
شعرت به يحتضنها
يقبل شفتيها برقة
ينعتها بالغبية
يعترف بحبها مرارًا
ويشكوها وجع قلبه
يتوسلها أن تفهم
هو لم يحب غيرها ولن يفعل
يقول أنه قد حضّر البيت والمزروعات ويتوق قلبه إلى الأولاد كما حلمت هي من قبل
وأخيرا أكد لها أنها ستندم !
في لحظة غاب عنها الدفء وغاصت في عتمة
تبدد الحلم واستيقظت فزعة على قضمة سقيع وباب يُغلق ..
تلفتت حولها ولم يقابلها سوى سكون ، سكون القبر ربما أو هو صمت ما بعد الهجر..
نهضت في عجالة تبحث عنه ، تريد حتى مجرد عناق تودعه به ،
سمعت من الخارج صوت زمجرة محرك سيارة ، اندفعت نحو باب المنزل فتحته غير عابئة بأمواج البرد فوجدت سيارة ضخمة قد غادرت للتو وأثرها يتلاشى بالتدريج
لم تحملها قدماها وجلست على الأرض ، جف حلقها وقلبها مات ألف مرة ومازالت تتنفس ..
ظلت على جلستها شاردة لوقت طويل لم تشعر به إلا ونديم أمامها يجلس قبالتها في هلع بعدما هاله شحوب وجهها ، احتضنها وراح يحاول تدفئة وجهها وكفيها وتسمعه بتشوش يسألها عما قد حدث
لم تجد ما ترد به ، استسلمت ليده تدعمها وتدفعها لداخل المنزل ، وقت طويل قد مر كان فيه عقرب الساعات يدور
وتحط طائرة انطلقت من القاهرة إلى مطار برلين الدولي وكان حذيفة على متنها
وبذلك يكونا قد وضعا بيديهما نقطة في نهاية ذلك السطر الطويل بينهما ، ويبدأ عهد جديد!
..

انتهي الفصل قراءة ممتعة غدا بإذن الله الفصل الأخير ومعه الخاتمة شجعوني بتفاعكم اليوم دمتم بخير💙 واستعدوا حنبتدي بداية جديدة معا من يوم الاثنين القادم دعواتكم بالتييسر /SIZE]


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس