عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-20, 09:47 PM   #64

رحمة غنيم

? العضوٌ??? » 475679
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 431
?  نُقآطِيْ » رحمة غنيم is on a distinguished road
افتراضي

دلف إلى داخل المكتب ليجد قادير يزرعه ذهاباً و اياباً و علامات الغضب تتمثل بملامحه الحادة ليصيح فور رؤيته له قائلاً و كفه تصطدم بسطح مكتبه محدثاً ضجة لم يرتجف لها شبراً واحداً من جسد أردال

( لقد فقدت عقلك أردال ..... كيف تفعل ذلك ؟! ..... هل جننت ..... كيف تنصر تلك الساقطة عليا أنا ..... هل تسخر مني أردال .... لا تجعلني أفعل أشياء لا تعجبك ! )

تقدم أردال و هو يضع يده السليمة بجيب بنطاله دون ان تتحرك عضلة واحدة من وجهه ليردف بعدها بهدوء اثار غضب قادير حد النخاع

( تلك التى تلقبها بالساقطة تحمل حفيدك عمي ... الا يمثل لك هذا فارقاً !)

تقلصت عضلات فك قادير من عبارة أردال لكنه عاد و هدر بعنف لم يقل قائلاً

( لن اسمح لها ان تنال ما تسعى اليه ... فأنا أعلم انها قد أوقعت بآسر من أجل هذا تحديداً !)

هز أردال رأسه نافياً قبل ان يقول بنبرات هازئة أشعلت خلايا عمه

( لا لا يا عمي أرجوك .... هل ترانى فتى صغير أمامك ..... أنت تعلم الكثير عن نزوات آسر .... و تعلم جيداً انها ليست أبنت هذه البلد حتى .... فلما لا تاتى بآسر هنا لنسأله من الذى سعى خلف الاخر !! )

لم تكن كلماته فقط صادمة لقادير بل كانت صادمة له هو شخصياً .... انه يدافع عنها الأن .... حتى انه يعيد حديث طارق الذى كان لا يريد تصديقه ..... هل يحدث هذا حقاً !!

( أنت تتخذ صف تلك الفتاة حقاً أردال ! .... هل تحاول ان تنتقم من عزام كما قال أم ما الذى يحدث معك ؟!! )

صدحت ضحكة هازئة من أردال قبل ان يتحدث مدعياً الصدمة بنبراته

( حقاً ؟!! .... هل هذا العزام يعطى لنفسه كل تلك الاهمية ..... يااااا له من مسكين .... انظر الى عمي أن كنت أريد الانتقام منه لكنت فعلتها منذ زمن بعيد لكنه لا يستحق فليس هو المخطئ الأكبر من وجهة نظرى ..... اما عن تلك الفتاة فأنا قلت لك انها اصبحت تحت حمايتي أنا الأن ... لذلك قم بتحذير عزام هذا و قل له ان يبتعد عنها كى لا اجعله يندم ... فأنا اعلم الكثير عن أعماله القذرة )

تراجعت نبرات قادير الحادة و هو يعلم بقرارة نفسه انه شريك بتلك الاعمال الذى يلمح لها أردال مردفاً

( لماذا تفعل ذلك إذن أردال ؟!! )

شعر أردال بحرقة بحلقه من هذا السؤال ليردف بعدها و هو يقترب من مكتب عمه الذى كان يقف خلفه بنبرات خرجت متحجرشة رغم محاولاته للسيطرة عليها

( انظر إلينا عمي ! ..... أترى تلك القسوة التى نتشارك بها معاً )

صمت و هو يرفع كفه ليشير نحو موضع قلب قادير ليكمل بعدها

( أترى هذا الفراغ الذى نمتلكه ....... فقط احاول ان احمى آسر منه ..... فيكفى يا عمي أنك نجحت ان تفعل نسخة واحدة منك ... لا تحاول ان تلحقها بنسخ اخرى فأنا لن اسمح بذلك ...... انظر حولك .... هل بقى أحد بجانبك ليشاركك حياتك القوية و المسيطرة تلك ؟!! ...... حسناً انظر الى .... هل تراني سوى رجل وحيد قد تم هجره بعد ان تم هجرك أنت !!! .... لذلك افعل ........ هل وصلتك الإجابة الان يا عمي .... فأنا أحمي طفله و امرأته كما لم أستطيع ان افعل من أجلى !! )

رأى أردال هذا ..... أجل رأى اهتزاز حدقتى قادير قبل ان يلتفت ليغادر المكان بالم ظهر عليه للمرة الاولى بعد سنوات تاركاً قادير لايزال يقف خلف مكتبه و عقله يشرد بزمن بعيد ...... بعييييييد كثيراً .... و تلك الاخطاء بل تلك الخطايا تعود لتداهم عقله !

***

اخذت تدور بإرجاء الغرفة التى تتعرف على معالمها للمرة الاولى .... نظرت الى ذلك الفراش القابع بالوسط و الذى تحاوطه الأعمدة الخشبية من جهاته الأربعة و تلك الحوائط المطلاة بالون الترابى الفاتح ... ليقابل هذا الفراش الضخم من الجهة الاخرى أريكة كبيرة الحجم ... هذه الأريكة التى احتوت جسدها منذ ساعات فقط ... لكنها توقفت قليلاً أمام هذه الساعة الكبيرة فى الحجم و التى ترتكز على صندوق خشبى عتيق بزاوية الغرفة عند تلك النوافذ الطويلة التى يحاوطونها من الثلاث جهات

شعرت بجسدها يصرخ بالإجهاد و التعب لتتقدم نحو ذلك الفراش و التى تمتزج اغطيته و وسائده بالالوان الداكنة لتتوقف قدمها قليلاً .... و عينيها تعود نحو الأريكة مجدداً لتتجة نحوها ملقية بجسدها الصغير المنهك عليها مقارنتاً بحجمها الكبير

رفعت بعدها كفها نحو عينيها و التى شعرت لتو بالالم الذى يسكنها لترى اثار أنامله الغليظة على كفها ..... لم تشعر بالغضب منه بل شعرت من نفسها .... لم تكن تتوقع ان يثور بهذا الشكل ... ان يخرج من غلاف برودته و هدوءه المعتاد ... هل يؤثر به ذلك الموضوع الى هذا الحد ... هل حقاً يشعر و يتاثر ..... ابتسمت بحماقة على تفكيرها الطفولى ..... لماذا لم تضعه هى بعقلها كأى إنسان عادى يوجد ما يؤثر به و يؤلمه !!

التقطت إذنيها صوت خطوات تقترب من باب الغرفة لتغمض عينيها و تستلقي على جانبها بحركة سريعة و هى تردد داخلها ان ذلك الحل الأمثل فربما عاد ليمطرها بإهاناته المعهودة ... فصمته و ذهابه بهذا الشكل و تركه لها لم يكون رفقاً بها من المؤكد ...... لا تعلم هل استطاعت ان تسيطر على ارتجاف جفنيها أم لا حينما شعرت بباب الغرفة ينفتح بهدوء و إذنيها تعود لتلتقط صوت خطواته بوضوح و انفاسه التى على ما يبدو لاتزال ثائرة !

شعرت باقترابه نحو الأريكة بعد ان ألقى هو سترة طاقمه الأنيق لكنها لم ترى بالطبع انعقاد حاجبيه و معالم الانزعاج و الغضب الواضحة على وجهه و ملامحه .... غضب لا يعرف سببه .... هل هو غاضب على نفسه أم عليها .... لماذا لم يرد على وقاحتها و جراءتها تلك ... هل لانه شعر حقاً انها من الممكن ان تكون محقة ؟! .... أم هو غاضب من ما تفوه به أمام عمه .... لقد تفوه بتلك التراهات التى كان طارق يرددها صباحاً .... لقد تحدث بمشاعر نسى انه يمتلك مثلها يوماً !

مسح بكفه على محيا وجهه بعنف و هو يشعر بعقله يكاد ان ينفجر لتخرج منه زفرة قوية ... ليرى تلك التى ارتجفت جفونها كردة فعل دون ان تعى هى ذلك !

عاد ليزفر من جديد قبل ان يلتقط سترته مجدداً و وجهته نحو شخصاً واحد فقط هو الذى سوف يجيب على جميع تسائلاته ... ليردف قبل ان يغادر بنبرات حازمة قوية صعقت هذه المستلقية على الأريكة تدعى النوم

( حينما أعود تكونين قد ذهبتِ لتنامي على الفراش .... فأنا لا تؤثر بي تلك الحركات الطفولية .... و مازل أنتِ لستِ قادرة على المواجهة فلا تتفوهين بالحماقات من بعد الان ايتها الصغيرة !! )

فتحت عينيها بصدمة لتجده قد غادر تاركاً كلماته ترن داخل إذنيها و بحماقة تتساءل كيف استطاع ان يعلم انها كانت تدعى النوم .... لتتحامل بعدها على جسدها المجهد متجهة نحو ذلك الفراش ... " فراشه " و التى شعرت انه يحمل ما يحمله هو من برودة و قسوة !!

جلست عليه لترتفع قدمها عن الارض قليلاً و شئ ما بداخلها يمنعها من الاستلقاء على هذا الفراش الضخم وكأنه سوف يسحبها الى داخله !! .... لكنها حاولت ان تنتزع هذا الشعور بعيداً لتُلقي بجسدها عليه ..... لم تعلم هل حقاً شعرت بلفحة هواء دافئة تداعب روحها أم هكذا خُيل لها من ذلك الدثار التى أخفت جسدها المرهق به .... لكنها و للعجب لم تثيرها هذه الرائحة العالقة بالوسائد و الدثار بالغثيان كما فعلت رائحة عطره النفاذة بها منذ قليل ....... لم تعى جفونها التى أخذت تتثاقل حتى غطت بنوم عميق لم تستطيع ان تتمتع به منذ أياماً عدة !!

***

تضارب غريب هذا الذى يحدث بعقله .... و كان هناك صراع عنيف بين إعصارين و هو يقف بالمنتصف متارجحاً بينهم بعنف فاقد السيطرة على جسده ..... وقف للحظات أمام غرفة آسر و ميرال ليستجمع قواه ممارساً جميع انواع التنفس العنيف

طرق بعدها عدة طرقات هادئة على باب الغرفة .... لتظهر بعدها ميرال أمامه بملامح لا تفسر لكنه حتى لم يلحظ ان هناك اختلافاً ما بملامحها من الأساس ليتساءل بنبراته التى عادت لثلجيتها من جديد

( أريد ان اتحدث مع آسر )

حركت ميرال رأسها اسفاً عليها هى !! ..... هى التى لم يشعر بها أحد يوماً خاصتاً هو .... لا أحد يعى اى صراع يدور داخلها .... اى ألم تحتمل .... لم تحاول ان تبتعد بنظراتها عن محيط عينيه التى لطالما تمنت ان ترى انعكاس صورتها بهم حتى ولو للحظات فقط ...... لكنها لم تكن سوى احلاماً كانت دائماً ما تنتهى على واقع قاسى حتى انه أكثر قسوة من ذلك الذى يقف أمامها !! ...... أشاحت بنظراتها لنقطة بعيدة خلف ظهره و هى تردد بنبرات مخنوقة

( لا اعلم أين هو ..... لقد غادر الغرفة منذ ساعات )

فقط إمائة رأس خفيفة .... هذا هو جوابه عليها قبل ان يغادر و يتركها تتابع ظهره العريض .... تتابع به سنين من احلام الطفولة و مشاعر ظنت انها سوف تختفى لتكتشف انها أخذت تتزايد كل يوم بشكل اعنف من الْيَوْمَ الذى قبله

***

يتبع...


رحمة غنيم غير متواجد حالياً  
التوقيع
كاتبة بقصص من وحى الاعضاء