عرض مشاركة واحدة
قديم 30-08-20, 06:19 PM   #204

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يدمدم بحنق متجها نحو أخيه العابس ليقف أمامه يكتف ساعديه : نعم يا أسعد ، ماذا تريد ؟
غمغم أسعد بحدة : ماذا تفعل بالله عليك ؟!
أزداد عبوس عادل ليسأل بحنق : ماذا فعلت إن شاء الله ؟!
تمتم أسعد من بين أسنانه : ألم تجد سوى نوران لتمزح وتضحك معها بهذه الطريقة ؟!
انفرجت ملامح عادل بدهشة ليسأل : وما بها نوران حتى لا امزح واضحك واتبادل أطراف الحديث معها .
زم أسعد شفتيه وهو ينظر إلى أخيه بغضب : إنها نوران يا عادل ابنة الوزير .
عبس عادل ليهمهم بتفكه : هل كونها ابنة الوزير يمنعها من تبادل الحديث والمزاح معي ؟!
رمقه اسعد قليلا قبل أن يهمس ببطء : استدر وانظر خلفك وأنت تفهم.
رفع عادل حاجبه بعدم فهم قبل أن يستدير مطيعا لأخيه ليعبس باهتمام ونظراته تتركز على ما يبدو أنها مشاجرة بين نوران وعاصم الذي ينفث بلهيب من أنفه وهي تناظره بتحدي وبرود يرتسم على ملامحها لتنفرج ملامح عادل تدريجيا والادراك يلمع بعينيه ليربت أسعد على ظهره : هل فهمت ؟
مط عادل شفتيه بلا مبالاة ليهمهم : لا أرى شيئا يدعو أن لا اتحدث معها ، فليس هناك رابط رسمي أو حتى إشارة من عاصم بأنها تخصه ، عبس أسعد بعدم فهم ليهمس عادل متابعا - عاصم لم يصارحنا بأنها تخصه ولم يعلن ارتباطه الرسمي بها وعليه لا أرى ما يمنعني عن الضحك والحديث معها وخاصة أنها لم تمانع .
انتفض أسعد بغضب ليهمس بحدة : ماذا تقول يا عادل ؟
زفر بقوة : لا شيء ، لا تهتم يا أسعد .
رمقه أسعد قليلا ليسأله بجدية : هل أعجبت بها ؟
ضحك عادل بتفكه : هي لطيفة ولكن ليس لهذه الدرجة التي تجعلني اضايق عاصم أو اؤلم قلبه ، اتبع بصوت مكتوم - فانا أدرى بألم القلوب يا أخي .
غمغم أسعد بصوت مشحون بألمه : جميعنا مكلومين القلب يا عادل ، وعاصم حاله لا يبعد كثيرا عن حال أيا منا .
نفخ عادل بقوة ليهتف باهتمام : هل اطمأننت على جنى ؟
رجف جفنه بحركة متتابعة ليهمس بعد صمت دام عليهما قليلا : لم أفعل .
عبس عادل ليسأل بجدية : ألم تعلم أن كفها جرح حينما لملمت زجاج كُسر؟
تنهد أسعد بقوة وهو يقبض كفيه الموضوعان بداخل جيبي بنطلونه : بلى أعلم .
سال عادل بترقب : إذًا ؟
رفع أسعد رأسه ليتمتم بقرار اعتلى ملامحه : لن اذهب إليها ، ولا أريد الإطمئنان عليها ، هم عادل بالحديث ليكمل بجدية – حتى من باب الصداقة والقرابة والمعرفة لا أريد ان أعلم عنها شيئا .
أغمض عادل عينيه ليهدر بنزق : توقف بالله عليك ، لماذا تؤلم قلبك بهذه الطريقة ثانية ، لماذا لا تحاول أن تحتوي خوفها وتطمئنها بدلا من العزوف عنها والابتعاد وهجرها ، ألا تتعلم من اخطائك الماضية يا اخي؟
أشاح أسعد بعينيه بعيدا ليهمس بصوت مكتوم بألمه وصراعه الداخلي : لا أستطيع أن اهدر كرامتي اكثر من ذلك ، لقد حاولت كثيرا أن افهمهما اطمئنها .. احتوي خوفها .. ابدد حزنها ولكنها تظل تردد أني صديقها ، إنها تثير جنوني برأسها الصلد وتفكيرها الغبي .
ضحك عادل رغم عنه ليربت على كتف اخيه : اهدأ يا شقيق .
حرك أسعد كتفه بعصبية ليزيح كف شقيقه من فوقه فيهتف عادل ضاحكا : هون عليك يا حضرة الضابط ، اتبع بجدية – ولكن من رأيي أن اختيارك لما تريد أن تفعله وطريقتك خاطئة بعض الشيء .
عبس أسعد بتساؤل ليتابع عادل بحنكة : جنى تمر بأصعب أوقاتها يا أسعد ، إنها مرتعبة وخائفة مثل أيام موت والدتها ، اتتذكر ؟
غامت عيناه بحنان فاض من مقلتيه ليبتسم عادل بمكر وهو يسبل اهدابه حتى لا يلتقط أسعد ما يريد أن يدفعه إليه ليهتف بجدية تمسك بها : ستصلو إليه أليس كذلك يا عادل ؟
أومأ عادل برأسه ايجابا : لا تقلق إنها مسألة وقت ، فقط نصل إلى طرف الخيط .
هدر أسعد : الوقت عامل مهم في هذه الأشياء يا عادل .
أجاب عادل بجدية : لا تقلق يا أخي ، سنصل إليه بالوقت المناسب ، فقط أنت أهتم بجنى فهي ليست على ما يرام ، اشاح أسعد برأسه بعيدا والرفض يتملكه فاتبع عادل بصوت جاد : ليس من المنطقي أن تبتعد عنها الآن ، ثم ابتعادك كليا عنها لا يدفعها للاقتراب منك بل يبقيها في نفس النقطة المتمسكة بها وأنك صديقها .
اعتلى التفكير ملامح أسعد ليكمل عادل بهدوء : نريد بعضا من المراوغة والحنكة في التعامل يا سيادة القائد .
هتف أسعد بصرامة : لن ابذل نقطة كرامة أخرى يا عادل .
وضع عادل ذراعه فوق كتفي شقيقه ليقربه منه : من قال إني أريدك أن تفعل ، بل أريدك أن تتمسك بها بكل ما أوتيت من قوة ، نظر إليه أسعد بترقب ليتبع عادل بضحكة ماكرة – هي تريدك صديقا لها ، إذا كن صديقها
ليستطرد بثبات : ولا تكن أي شيء أخر سوى صديقها يا شقيق .
ومض الإدراك بعيني أسعد ليمأ إليه عادل بعينيه : لقد التقطتها يا حبيب أخيك وسر أبيك .
ابتسم أسعد رغم عنه ليدفعه بعيدا حينما همهم عادل بخفة : ستمتلك الوطن قريبا فقط سر على نصائحي .
همهم أسعد بخفة : توقف يا غليظ .
هم عادل الرد ليصدح صوت سليم بمرح : هل هناك من يضايقك يا باشا؟ رفع أسعد عينيه وملامحه تجمد بصلابة ليخفي عادل ضحكته حينما اتبع سليم بقلق فطري سكن عينيه – ماذا حدث يا أسعد هل ستتحول أم ماذا ؟
هتف أسعد بجدية : ألا تعرف من اغضبني يا سليم ؟
لوى سليم شفتيه ليهمهم : لم أفعل شيئا ، أنا أمزح مع ابنة عمتي .
عبس عادل بعتب ليجيب أسعد بجدية : إذًا توقف عن المزاح يا روح عمتك قبل أن اقبض روحك يا محبوب الفتيات .
رفع عادل حاجبيه وهو يشير إليه بالموافقة قبل أن يهتف : حسنا قبل أن يقبض حضرة الضابط روحك والذي على ما يبدو أنه سيفعلها حقا ، سأذهب لأرى شيئا اؤكله
هز أسعد رأسه بيأس ليهتف سليم بحقد : لا أفهم كيف لا تسمن مع كمية الطعام الذي تتناولها ، أين يذهب هذا الطعام يا عادل ؟ أخبرني أنا ابن عمتك الحبيب
رد عادل بفكاهة : الله اكبر علي توقف حتى لا تحسدني يا ابن عمتي المريب
ضحك سليم ليشير إليه عادل بمزاح ليراقبه أسعد وهو يبتعد عنهما قبل أن يعود بنظره إلى سليم الذي سحب نفسا عميقا وردد باقتناع : لم أفعل شيئا خاطئا، وإلا لكان عمي أمير عاتبني عليه .
تقدم أسعد خطوة واحدة يرفع رأسه وينظر إلى عمق عيني سليم : توقف عم تفعل يا سليم وأنا أعني ما اقول .
شد سليم قامته لينظر إلى اسعد من علو قليلا قبل أن يهمس : حسنا لأجلك فقط ولكن لتعلم أني لست راضي عن هذا الدعم الذي تقدمه .
تمتم أسعد بجدية : أنا ادعم شقيقتي ، ألا يهمك صالح يمنى ؟
أشاح بنظره بعيدا عن أسعد ليهمهم : بل كل ما يهمني هو صالح يمنى .
ابتسم أسعد و أومأ بعينيه لسليم الذي هز رأسه بتفهم قبل أن يصدح : حسنا سأفعل ولكن اخبرني عن هذا الكائن الذي أتى مرافقا لعز الدين ماذا ستفعل به ؟
ابتسم أسعد : أنا أثق بقدرات شقيقتي يا سليم واثق بعقلها .. حكمتها ورزانتها ، ثم زياد لا يستحق مني أن أفعل له شيئا ، فهو لا يمرح بجوانب البيت ويعلن ملكيته لها يا ابن الخال .
لوى سليم شفتيه بإحباط : إنه لشيء رائع كما تعلم .
هدر أسعد بصرامة : احترم نفسك يا سليم .
رفع كفيه بإشارة استسلام : حسنا سأفعل ولكن من لا يعلن ملكيته لها في جوانب البيت يستحوذ عليها منذ أن وصل .
تنهد أسعد بقوة ليهمهم بفخر وهو يثبت نظره على شقيقته الجالسة على كرسي مواجها لكرسي زياد : ستركله بعيدا في الوقت المناسب .
تمتم سليم موافقا وهو ينظر إليها بفخر يوازي فخر أسعد : أعلم أنها مهرة الخيال الجامحة .
هتف أسعد بتفكه : إذا ً ابتعد عنها قبل أن تركلك ركلة تقضي على مستقبلك.
ضحك سليم بقوة ليهمهم : لا تخف علي أنا اخذ حذري ،عبس أسعد وجسده ينتفض بغيرة ليضحك سليم وهو يشير إليه بأن يهدأ قبل أن يهتف متبعا وهو يتحرك مبتعدا عنه : تعال يا ابن عمتي فأنا لدي مفاجأة ستعجبك بإذن الله ، فانضم إلى الجلسة الكبيرة بعد أن ينصرف الضيوف .
زفر أسعد انفاسه كاملة قبل أن يهز رأسه موافقا ثم يعيد نظره إلى شقيقته التي تتحدث بلباقة وعملية مع زياد الذي لا يقل عنها لباقة وعملية !!
***
استرخى بجلسته بعد أن افترقوا الشباب كل منهم باتجاه فتوقف الشجار الذي كان يتابعه باستمتاع ، وخاصة حينما نهض أخيه يبحث عن تؤامه ليعود بظهره للخلف ، يركن رأسه لمسند المقعد فيسترجع بتلقائية ما رآه في أول سهرة اليوم حينما ترك زوجته لينهي بعض مكالمات العمل ليسترعي انتباهه وقفة كلا من الأخوين ويلي - كما كان يطلق عليهما عبد الرحمن وهو صغير- بمفرديهما بعيدا عن الجميع يحاوطهما حرس حميه الخاص .
لا يعلم ما الذي اجبره على الانتظار سوى إشباع فضوله الذي اشتعل حينما بدى له حميه غاضب وهو يقص على أخيه شيء بكلمات متلاحقة تدل على ضيقه ، ليجيبه أخيه بكلمات متفرقة لم يدركها ولكنه أدرك بسهولة أن وليد يهدا من غضب وائل كالعادة ، هم بأن يعود أدراجه ليتوقف على صوت وائل الذي هدر فجأة وكأنه لم يستطع أن يسيطر على غضبه المتفاقم : لا لن ازوجها له .
اتسعت عيناه حينها بصدمة ليهمهم رغم عنه : يا الله ، ألا تتغير يا رجل ؟!
اقترب رغم عنه وهو يحاول أن يستمع إلى بقية الحديث وهو يشعر بالشفقة على عاصم من عمه الذي على ما يبدو قرر أن يذيقه من نفس الألم الذي مر هو به ، فيدقق نظره منتظرا رد وليد الذي وقف في مواجهة أخيه يتطلع إليه بهدوء قبل أن يسأله بجدية : هل أنت جاد ؟
زفر وائل بقوة ليهمهم : نعم ، اعتلت الصدمة ملامح وليد ليزفر وائل بقوة – لا تغضب من فضلك يا وليد .
رمقه وليد بضيق ليتحدث بهدوء : كيف تخبرني أنك لا توافق على زواج ابني من ابنتك ولا تريديني أن أغضب ؟
هم وائل بالحديث ليقاطعه وليد بجدية : أخبرني يا وائل ما رأيك بعاصم؟
عبس بعدم فهم ليكمل وليد بحدة : هل ترى عليه شيء ، هل تصرفاته .. أخلاقه .. ذمته .. شخصيته بها شيء يثير ريبتك ؟
انتفض بجزع : لا طبعا ، عاصم ولدي كما هو ولدك ، لقد تربى على يدي وتحت جناحي .
هدر وليد بغضب مكتوم : إذًا لماذا ترفض زواجه من نوران ، هل ولدي ينقصه شيء ؟
اتسعت عينا وائل بذهول ليزدرد لعابه بتوتر قبل أن يهمس : لا يا وليد أنت لا تفهم ، عاصم لا ينقصه أي شيء ، صمت وتنفس بعمق ليكمل بصوت ابح - ولكن ابنتي من ينقصها .
عقد وليد حاجبيه : ينقصها ؟! لا أفهم ماذا ينقص نوران !!
اطبق فكيه بحدة ليتمتم من بينهما : أنت لن تفهم ، ولكن عاصم يعرف ، لذا أنا غير موافق ، عبس وليد بعدم فهم ليكمل وائل - عاصم لن ينسى وطريقته معها تؤكد على ما اقوله وادراكه .
اشاح برأسه بعيدا ليهمس بصوت مختنق : وأخاف أنه يقبل على الزواج منها فقط لأجل أن يرضيني ويهدأ من خوفي الذي أخبرته عنه من قبل .
رفع وليد حاجبيه بدهشة ليسأل بهدوء : هل أنت احمق لهذه الدرجة يا وائل ؟! عبس وائل بعدم رضا ليتبع وليد بجدية حادة- عاصم سيتزوج من ابنتك ليرضيك ، عاصم شبيهك .. نسختك المعدلة .. من يدير كل شيء خاص بالعائلة .. مطمع فتيات المجتمع الراقي ووريث الإمبراطورية ، بل من يمتلك إمبراطورتيه الخاصة به ، سيتزوج من نوران فقط لإرضائك ، لماذا؟! هل هو غبي ليقضي حياته الباقية مع فتاة لا يحبها لأجلك ،
لانت ملامح وائل ليستطرد وليد سائلا : هل حينما تزوجت من فاطمة كان لإرضاء أبي فقط ام لأن فاطمة كانت تمتلك قلبك وتثير روحك وتحييك كما لم تفعل من قبلها احدهن ؟!
غامت عيناه ليرمش وائل بجفنيه مغمغا بخفوت : بالطبع لأجل أني أحبها ، أنا أعلم أنه يحبها لقد حاول خداعي حينما أخبرني أنه عاشق لاحداهن غير مدركا أني سأعرف أنه يعشق ابنتي ولكن هل سامحها حقا ، هل استطاع أن يغفر لها ، أم أنه يطلبها ليرضيني ؟!
تنهد وليد بقوة ليبتسم بمكر هاتفا بتفكه : لن أنكر أن عاصم يشبهك إلى درجة كبيرة ، فهو يحمل جينات جنون عظمتك وغطرستك المقرفة .
زمجر وائل بعدم رضا : احترم نفسك يا وليد .
ضحك وليد بخفة ليكمل بهدوء : ولكنه لن يتزوج من ابنتك وهو يحمل شيئا من الماضي بداخله ، بل ما يؤخره إلى الآن هو صراعه الداخلي وشكه في كون أن نوران لا تحبه بالمقدار الذي يريده وينتظر ، ثم إن عاصم لم يخدعك قط يا وائل ، بل كان يراوغني في الحديث دائما وأمامك يقر بكل ما لديه .
انتفض بحدة : خدعني حينما اخفى عني عذابه واوهمني انه يدور من حولها لحمايتها وأنه يخاف على شقيقته .
صاح وليد بحدة تماثل حدة أخيه : لم تكن شقيقته قط ، ولكنه حماها وراعها ولم ينظر إليها نظرة خاطئة أبدا ، لقد تحكم في قلبه ولم يحاول التقرب منها أبدا ، كتم مشاعره وحبه وإحساسه بها ، راقبها تحب آخر غيره وتدافع عن مشاعرها لآخر غيره وكان يتألم .. يذوي .. يموت ببطء ولكنه رفض أن أتدخل أو أتحدث معك إلى أن فشلت الزيجة ، وها هو يريدها من جديد دون عوائق بينهما لتأت أنت وتقف أمامه الآن
ران الصمت عليهما قويا قبل أن يتمتم وائل ببطء : لن أقف في طريقهما يا وليد ولا أستطيع أن أقف أمام عاصم اكسره أو اؤلم قلبه ، فقط لم اتخيل أنه يعشق نوران لهذا الحد وإلا كنت زوجتها له جبرا ، ولم يكن ليحدث أيا مما حدث ،
تنهد وائل بقوة وعيناه تغيم بحنو : عاصم أول طفل رأيته ينمو أمامي ويكبر ، إنه ولدي الذي لم انجبه وغلاته ومكانته خاصة جدا عندي بل أنها تفوق بعض الأحيان غلاة أبنائي مجمعه ولكني فقط لا أريد أن أشعر بأنه يفعل هذا لإرضائي وخاصة أنه كان شاهدا على تهور وجموح نوران ذات مرة ، صمت وتهدج صوته ليتابع بخنقة تملكت منه - مرة كادت أن تفقد نفسها بها وتفقدني كرامتي وتمرغ اسم العائلة في الوحل.
شحب وجه وليد : لا أفهم .
سحب نفسا عميقا : ولكن عاصم يفهم .. يعرف .. ويدرك ، ظننت بعدها أن ما شعرته منه نحوها اندثر ومات ولكن يبدو أن هذا ليس صحيحا!!
زفر أنفاسه المختنقة كلها ليهتف بجدية : ولكن كل هذا لا يمنع أنني لا أريده أن يتزوج منها وهناك رواسب بداخله اتجاهها ، لا أريده أن يتزوج منها ويتذكر ما حدث بالماضي فيجرحها أو يهينها .
ابتسم وليد ورتب على كتفه : لن يفعل يا وائل فحبه لها سيغفر كل شيء ، حتى إن شد لجامه عليها بعض الأحيان ليروضها ، سيلينه كثيرا لأن عشقه سيجبره ، لا تقلق على نوران ثم انسيت أنها مدللتي سأوصيه بها و سأحميها حتى من غضبه الذي نادرا ما يظهر .
زفر بقوة : عاصم حنون ومراع ورقيق القلب مثل عمه حتى إن أخفى هذا في طيات شخصيته ولكن يكفي نظرة عيناه الحانية حينما ينظر إليها .
اكفهر وجه وائل ليغمغم برفض : توقف يا وليد واحترم نفسك أنت وابنك وراع أن من تتحدث عنها ابنتي
ضحك وليد بقوة : وزوجة ولدي .
__لم تصبح بعد وإن لم تتوقف عن إثارة غيظي و غيرتي لن تصبح .
رقص وليد حاجبيه قاصدا استفزازه ليهتف بمرح : ستصبح وستتزوج وتعيش معانا أنا وياسمين إلى أن أبني البيت الجديد لعاصم ليجاورنا .
شحب وجه وائل ليهز رأسه برفض : لا عاصم سيتزوج بالقصر .
عبس وليد بعدم فهم فاتبع وائل : حتى إن لم يتزوج من نوران ، عاصم مكانه قصر آل الجمال فهو كبير العائلة ، وكبير العائلة يسكن القصر ويتخذه مقرا له ولعائلته .
تراجع بخطواته للوراء وهو يشعر بقلبه ينبض ألما وبدلا من العودة إلى زوجته تحرك خارج المكان بأكمله وهو يشعر بأنفاسه تُحشر داخل رئتيه ، طعنات كثيرة تجدد نزفها وعقله يعيد عليه الحديث من جديد فيرفع رأسه عاليا يحاول أن يتنفس بعمق لعله يهدأ تلك الحرقة التي تشتعل في صدره حرقة تشعل عقله بأفكار كثيرة وقلبه يموج بزخم مشاعره واسئلة كثيرة تجول بداخله دون أجوبة منطقية سوى هذا الجواب الذي لا يمتلك غيره ، فيشعر بنفسه تُكسر من جديد وينال هزيمة تجرع مراراها كثيرا ليخفي كل شيء شعر به داخله ، ثم يقف باعتدال يرفع رأسه بهدوء ويرسم ابتسامة هادئة وعيناه تعكس هدوء أراده قبل أن يعاود أدراجه نحو زوجته التي وجدها حينها برفقة عاصم فيضمها إليه وكأنه غريق وهي القشة التي تمنعه من الغرق .
سحب نفسا عميقا وهو ينظر أمامه فيبتسم بسخرية تشكلت بعينيه حينما وقع بصره على عاصم يقف على مقربة شديدة من نوران تحت أنظار الجميع ولكن لا يأبه .. لا يهتم .. لا يبالي ، لوى شفتيه ساخرا وعقله ينبض بتساؤل واحد " ما الذي فعلته نوران ليرى وائل أنها لا تستحق عاصم ؟! " ، بل " ماذا فعلت لتثير خوف أبيها أن يتجبر عليها عاصم ؟!"
اشتدت شفتيه بسخرية قاتمة وهو يعيد النظر إلى عاصم يتأمله مليا ليهمهم بخفوت شديد : وائل الجمال يخاف من ابن اخيه ، ورغم خوفه على ابنته يرى أنها اقل من مكانة عاصم ، لم يقلل من قيمة ابن أخيه بل يعليه قيمة على مدللته .
ضحك ضحكة ساخرة خافتة قبل أن يعيد رأسه للوراء ثانية ، يتطلع إلى السماء بمقلتين غامضتين وهو يفكر " من الصغر وعاصم هو الفتى الكامل .. المنشود .. الكبير ، لم يشعر بالغيرة منه قط ، بل كان يدرك جيدا أنه يستحق ، بل مع مرور السنوات تأكد من أن عاصم يستحق اكثر بكثير مما تمنحه له عائلته ، فهو بالنسبة له ( الفتى الذهبي ) ، لذا حرص على صداقته وأن يقربه منه حينما كبر ، فعاصم من يملك عرش آل الجمال يمتلك جيناتهم .. أصلهم ، لذا أصبح افضل من الجميع ولماذا لا يصبح الأفضل فهو يمتلك كل شيء لأن يكون الأفضل ، لأن يكون وريث آل الجمال المستحق .
تمتم بغموض : إنه يستحق فهو سمي جده ، وحفيد سيادة الوزير .
__ أحمد .
انتبه على صوت وائل يجذبه من عمق أفكاره ليرف بعينيه وينهض واقفا : نعم يا عماه .
أشار إليه وائل بأن يقترب لينظر إليه بدهشة قبل أن يقترب منه وهو يرى أنه وحيدا فيبتسم بتوتر تملكه : اؤمر يا عماه .
عبس وائل ليضحك بسخرية : ما بالك يا ولد ؟! لماذا أشعر بك متصلبا بهذه الطريقة ؟!
ابتسم بافتعال ليهمهم : لا شيء فقط رأسي مشغول قليلا فأنا كنت أفكر بأمر الصفقة الجديدة .
رمقه وائل قليلا قبل أن يهمس أمرا : حسنا اجلس أنا أريدك .
تطلع إليه احمد لوهلة مفكرا قبل أن يستجيب على الفور حينما تطلع إليه وائل بتساؤل : تفضل يا عماه ، أنا ملك يمنيك .
ابتسم وائل وملامحه تتشكل بمودة ليهمهم : أنت مجامل ولبق وأنا أحب دوما كلماتك ، لديك سحر خاص في طريقة حديثك منمق و مقنع بالفطرة .
ابتسم أحمد ليهمهم بمكر : هل تغازلني يا عماه ؟!
زفر وائل ليهمهم باستياء : لا فائدة .
ضحك أحمد رغم عنه ليهمهم بتفكه ساخر : شعرت بعض الشيء أنك معجب بي .
ضحك وائل بدوره ليرد بجدية : أنا بالفعل معجب بك يا ولد ، أنت رجل أعمال بارع .. ذكي .. مبهر في عقد الصفقات ويعتمد عليك بشكل كبير فأنت تدير الجانب الإداري بأكمله دون مساعدة من أحد ، بل إنك تفعل ذلك من قبل أن يدير عاصم المؤسسة .
زفر أحمد بقوة : والجانب الإنساني يا عماه ، عبس وائل بعدم فهم فأكمل احمد – أنا أعلم رأيك جيدا في جانبي العملي من شخصيتي ، أنا أسألك عن رأيك في جانبي الاجتماعي .. الإنساني ، في أحمد ابن اخت زوجتك ، أحمد زوج ابنتك .
عبس وائل بضيق : لابد أن تضيع لحظة الصفاء بيننا
قهقه أحمد ضاحكا ليضحك معه وائل قبل أن يربت على ركبته بلطف مهمها بسخرية مفتعلة : هاك أنت قلتها ، للأسف أنت زوج ابنتي ، حتى لو أرى فيك عيوبا فلا اقوى على البوح بها ، أكمل وائل ساخرا - سبق السيف العذل يا فتى .
توتر ثغره ليشعر بغصته تتحكم في حلقه قويا ليهمهم بصوت جاف اجش : أخبرني فيم اردتني يا عماه ؟
عبس وائل وهو يتفحصه يبحث عم حدث وابدله ليهمس بجدية : ما بالك يا أحمد ؟
انتفض أحمد بخفة ليهمهم : لا شيء يا عماه .
ومضت عينا وائل بتفكير ليقترب من أحمد بهدوء هامسا : هل حدث شيء أخر ، هل ضايقك أحدهم ثانية ؟
شحب وجه أحمد على الفور ليجيب بتوتر تملكه : لا ، لا يا عماه ، لم يقتربوا مني ثانية .
ازداد عبوس وائل ليساله باهتمام : ماذا حدث إذًا ؟! أنت لست طبيعيا ولا تقنعني بعكس ما اشعره .
سحب أحمد نفسا عميقا ليهمس : لا شيء أنا بخير يا عماه لا تقلق .
زفر وائل بقوة ليهمهم بجدية : هل عمل أميرة ما يوترك ؟
ابتسم أحمد وعيناه تغيم بحنان وعشق خاص بذكرها ليهتف بجدية : بالعكس ، بل أني سعيد لسعادتها يكفي أنها وجدت ما يشغلها في وقت غيابي ، أكمل بصدق - رؤية أميرة سعيدة هي غايتي يا عماه .
ابتسم وائل وربت على كتفه بحنو : إذًا ما الذي يثير ضيفك بهذه الطريقة؟
رد أحمد بجدية : لا شيء فقط أنا منشغل بالصفقة .
رمقه وائل قليلا قبل أن يهمهم إليه : حسنا على راحتك فأنا لن اضغط عليك ولكن اعلم إذا أردت يوما مساعدة أنا بالجوار .
لمعت عينا أحمد بامتنان : أعلم ، واثق يا عماه .
زفر وائل بقوة ليهمهم بسخرية افتعلها مخفيا شجنه الذي أثاره حزن الفتى الذي لم يشعر به حزينا من قبل : إذًا استمع فأنا أريدك بشيء هام ، عبس أحمد باهتمام ليكمل وائل – هل تقوى على الاستغناء عن نوران هذه الأيام ؟ فأنا أعلم أنك أصبحت تعتمد عليها اعتمادًا كليا .
تراجع أحمد إلى الوراء بجسده لينظر إليه بريبة مغمغا : بل في الحقيقة عاصم من يفعل .
ابتسم وائل بمكر وعيناه تغيم بظفر : فقط استمع الي وستفهم ما أريده منك بالضبط
لمعت مقلتيه باهتمام : كلي آذان صاغيه يا عماه
***
عادت بعد أن أوصلت صديقاتها المغادرات لتجلس إلى جواره على الجلسة العربية التي تتوسط حديقة بيتها ليفرد هو ساقيه امامه ، يعود بظهره إلى الوراء ساندا جسده على راحتيه ليهمهم وهو ينظر إلى السماء : أخيرا انصرفن ؟!
ضحكت برقة وهي تربع ساقيها أسفل جسدها بعد أن ابدلت فستانها بمنتصف الحفل إلى طاقم عملي مريح مكون من بنطلون قماشي متسع صيفي بالوان زاهية وبلوزة بيضاء خفيفة دون أكمام وبكتف ساقط لتهمهم إليه بخفة : أنت تضجر من الصخب يا أدهم أليس كذلك ؟
نفخ بقوة : بل اضجر من تصنعهن .. زهوهن بأنفسهن .. وصراعهن على التنافس والوصول .
اقتربت منه لتلكزه بطرف كتفها في كتفه القريب منها : ولكنك تجاري هذا التصنع وتستغله لصالحك يا ابن الوزير .
ابتسم بخفة ثم شرد بصره قليلا قبل أن يهمس ببوح : بعض الأحيان عائلتك وحياتك العائلية تفرض عليك اشياء لا تريدينها ولكنك مجبرة على فعلها ، هل تفهمين مقصدي ؟
ضحكت بخفة لتغمغم بصدق: بل أنا أكثر من أفهم مقصدك .
نظر إليها حينما أثارت انتباهه بنغمة صوتها الجافة فيسالها بعينيه لتجيب بثرثرة : هل جربت من قبل أن تكون ابنة الفنانة العظيمة ، فتسير إلى جوراها وكأنك غير مرئي ، فالجميع مهتم بها ، تركيزهم منصب عليها واظرف ما في الأمر حينما يسالونك بفضول " هل تستمتع بموهبة أمك العظيمة ؟! " أو يطالبونك بالغناء وحينما تفعل .. تستجيب بعفوية .. ببراءة طفولية ، فتعتلي الصدمة وجوههن .. يعبسون بتعجب قبل أن تتحول نظراتهم للشفقة فأنت لم تأت حاملا لموهبة امك العظيمة .. وجيناتها الإبداعية !!
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تتبع ببوح : تعيش طول عمرك محل مقارنة إلى أن تكره ذاتك فتنفر من كونك أتيت لا تشبه من المفترض أن تكون تشبهه .
دمعت عيناه رغم عنه ليكمل إليها بتفكه ساخر وهو ينظر بعيدا : و يا الله على المعاناة التي تعيشينها حينما يرزقك الله بقريب من العائلة يكن نسخة من أبيك ، فيشار إليه بالبنان أنه الأشبه .. الأقرب .. الأفضل ، ليتيه به أبيك فخرا ويدعمه من المفترض أن يكن مصدر دعمك وفخرك بنفسك .
التفتت إليه تنظر الى عينيه الغائمة بإحباط لتغمغم بتساؤل : عاصم ؟!
اشاح برأسه بعيدا ليتنفس بقوة لتربت بعطف على كته القريب منها : أنا أشعر بك واتفهمك يا أدهم ، اتبعت بمواساة – فأنا الأخرى أعاني مع ابنة الخالة الشبيهة بأمي .
استكملت وهي تشير برأسها إليه : انظر إليهما كيف متناغمتان سويا ، أنظر الى الصورة المكتملة بهما كام وابنتها فلا حاجة لوجودي من الأساس بداخل الإطار ؟
التفت ينظر إليها بحنو قبل أن يغمغم بعبث تقصده : بصراحة يا آسيا إنها بمفردها صورة مكتملة لا تحتاج لاحدا فيها .
عبست لتلكزه في كتفه بغيظ : احمق وغليظ ايضا .
همت بالنهوض ليتمسك بها وهو يضحك بتفكه : انتظري أنا أمزح معك .
ابتسمت رغم عنها لتهمهم بشقاوة : أعلم ولكني سأذهب لات إلينا ببعض المشروبات والمقرمشات ، اتبعت بفطنة – وكوني أعلم بمزاحك الغليظ معي لا يعني أنك لست معجبا بالفرس .
أشار إليها بالصمت وهو يلتفت من حوله : المكان ملغما يا آسي وأنا احافظ على رقبتي يا حبيبتي .
ضحكت برقة لتهتف بمشاغبة : هل تخاف يا ابن الوزير ؟
رد بسرعة بديهة : من خاف سلم يا جميلتي .
تعالت ضحكاتها فنهض بدوره ليسير إلى جوارها وهو مبتسم براحة غيمت على ملامحه ، لتساله بجدية : اين ذهب مازن وعلي الدين ؟
أجاب بتلقائية وهو يحمل بعضا مما ناولته له : ذهبا ليوصلا خديجة وعائلتها ولم يعودا للان .
هتفت بتعجب : لقد تأخرا .
هز كتفيه دون معرفة لتتبع بجدية : حسنا تعال لنتحدث سويا عن مستقبلك يا بك .
زفر بقوة : لا تكوني اليوم مرشدتي الروحية يا آسيا .
تطلعت اليه بتساؤل : إذًا ، ماذا تريد مني اليوم ؟
تنهد بقوة : أريد صديقتي المقربة ، أريد أختي التي تشاركني كل أفكاري ، أريد أن اثرثر معك دون أن تقابلي ثرثرتي بعتاب أو لوم .
أومأت برأسها موافقة لتخطو عائدة إلي جلستهما فيسير إلى جوراها يثرثر إليها بعفوية اعتلت ملامحه وراحة تشكلت بعينيه .
***
همهم وائل إلى شقيقه المجاور له : أين ولدك يا أحمد ؟ لقد اختفي منذ مدة ولم يظهر
ابتسم أحمد ليجيبه بخفوت : ذهب ومعه علي الدين ليوصلا عائلة محمود .
ارتفع حاجبي وائل بدهشة ليتمتم بجدية : هل صارحك بشيء ام ..؟
هز أحمد رأسه نافيا : لم يتحدث معي ولكن بعد اليوم لا أحتاج لحديثه يا وائل .
غمغم وائل وعيناه تغيم بغموض : لازال صغيرا يا أحمد ، اقنعه بالانتظار قليلا إذا حدثك في الأمر ، فمشاعر الشباب تتبدل و كل لحظة بحال .
ابتسم أحمد ليهمهم بجدية : وهناك مشاعر لا تتبدل منذ الطفولة يا شقيق .
رفع وائل نظره إلى اخيه بانتباه ليكمل أحمد بخفوت شديد : كما رأينا منذ قليل ، تنهد أحمد بقوة – يا الله إنه يشبهك في كل شيء حتى غبائك .
زمجر وائل بعدم رضا وخاصة حينما التقط ضحكة خالد المخفاة وارتجاج جسد وليد دليل على ضحكته المكتومة ليهتف بحدة : احترم نفسك يا ولد .
اشاح أحمد بذراعه : يا اخي ، توقف عن الزمجرة فلم أعد صغيرا لتخيفني، ثم اتنكر أن عاصم يشبهك ؟
تنهد وائل بقوة : لا أنكر ولكن في هذا الأمر إنه يرث خوف أبيه وتقهقره ، فأنا لم افرط أبدا في شيء أردت أن املكه ، ولم أترك حقي لاحدا ، اما وليد فحدث ولا حرج ، التفت لينظر إلى اخيه بطرف عينه – استاذ في الهروب والاختباء .
زم وليد شفتيه دون رضا ليهمهم : كنت احافظ على العائلة يا غليظ .
أشار وائل برأسه : هاك أنت أثبتّ صدق كلامي ، وهاك ولدك يفعل مثلك، يتخلى عن حلمه لأجل العائلة ، تمتم بغضب متابعا - ملعون ابو العائلة يا أخي لأجل خاطرك أنت وولدك .
جلجلت ضحكة خالد ليهتف بمرح : أصبحت تروقني كثيرا حينما كبرت يا وائل ، ضحك وائل رغم عنه ليهمهم - إنهما يدفعاني لحافة الجنون .
عبس وليد بغضب ليسأل : من هما ، أنا وعاصم ؟
لوى وائل شفتيه بضيق : بل ولديك الغبيين ، التفت إليه بجدية – أخبرني يا وليد هل هناك عطبا ما براسيهما ؟! إنهما ساكنين بطريقة لا تصدق .
ازداد عبوس وليد ليهتف بجدية : فقط انتظر لافهم ، أمر عاصم وتحدثنا به وهو أصبح مفضوحا بشكل لا يقبل النقاش أو التفاوض ولكن ما به عمار؟
ارتفعا حاجبي وائل بصدمة ليلوي أحمد شفتيه باستياء ليهمهم خالد : نعم ما باله عمار ؟
رمقه وائل بطرف عينه ليهمهم بخبث ونغمة مميزة : يا خواجة .
تعالت ضحكات خالد من جديد لينظر إليه وليد بدهشة قبل أن يلتفت الى أخويه : أنا أتحدث بجدية ، ما باله عمار ؟
هم وائل بالحديث ليشير إليه أحمد ان يتوقف قبل أن يهتف لأخيه : انظر إليه جيدا وأنت ستعرف .
التفت وليد يبحث عن ولده بعينيه إلى أن وجده فركز بصره عليه جيدا لتتسع عيناه بتفكير وهو يلتقط غضبه المنبعث من جسده المشدود .. تسلط نظراته على مكان محدد لا يحيد عنه وفكه المنقبض بقوة لدرجة أنه تخيل أنه يستمع إلى انفاسه المكتومة وصرير أسنانه المضغوطة ليحرك رأسه بتمهل وهو يتطلع باحثا عمن يشغل عيني ولده لتتسع عيناه بصدمه وهو يهمس بتعجب : يمنى ؟!
همس وائل بمكر : الفرس ، بغض النظر أنه ذوقه يروقني أنا شخصيا وأنه وقع واقفا كما يقولون إلا أنه غبي كشأن أخيه الأكبر
همهم وليد بحدة ليلتفت من حوله : اخفض صوتك يا وائل لا أريد لأمير أن يستمع إلى حديثك هذا .
نظر إلى أخيه بتعجب : هل تتخيل أن أمير لا يعرف يا وليد ؟!
اهتزت حدقتي وليد باستنكار ليهتف وائل : أخبره يا خالد عن أمير إذا كان لا يعرفه بعد كل هذه العشرة والسنوات التي قضاها برفقته ، أكمل بجدية – لا يحدث شيئا في محيط أمير لا يدركه أمير فور حدوثه ، فلا تتخيل أبدا أن ولدك هذا يحوم حول الفتاة بهذه الطريقة دون معرفة أبيها أو علمه.
اعتلى الذهول ملامح وليد ليهمهم : ولكنه لم يخبرني .
هتف أحمد بجدية : وهذا الغريب في الأمر يا وليد وما يثير التساؤل بالفعل ، لماذا لم يخبرك عنها فهو مقرب منك أكثر من عاصم ؟
مط وليد شفتيه دون معرفة ليهمهم خالد بهدوء : لا يهم لماذا لم يخبره ما يهم الآن أن يشعر أمير بأنك تدعم ابنك يا وليد .
نظر وليد إلى خالد والذهول مسيطرا عليه ليرد وائل بجدية : إن لم يفعل سأفعل أنا ، فأنا سعيد باختياره ، إنه يستحق لقبه على حق .
ضحك أحمد ليهمهم : تروقك الفتاة .
التفت سريعا من حوله ليهمهم : بشدة ، فقط لا تخبر فاطمة فهي تغار .
تعالت ضحكات خالد وأحمد ليهتف وليد بصدمة : إنها في عمر ابنتك يا وائل .
همهم بجدية : بالطبع أنا معجب بها بشكل أبوي يا أخي ، ولكن هذا لا يمنع أن أثني على جمالها الخاص وقوة شخصيتها ، فهي تدير المحروس ولدك على أطراف أصابعها دون أن ترف بجفنيها ، فمن تأسر كازانوفا عصره تستحق الإعجاب .
هز وليد رأسه بياس : يا الله ، كم اتمنى أن تستمع إليك فاطمة يا وائل .
هم بالحديث ليصدح صوتها من الخلف : الام استمع ؟! اتبعت وهي تنظر إليه بفضول : ماذا تقول يا سيادة الوزير ؟!
همهم أحمد بخفوت : جاك الموت يا تارك الصلاة ، ليهمهم خالد بتفكه -أحدهم ليلته ستكون عصيبة .
تشنج جسده ليلتفت إليها هاتفا بمرح افتعله : حوريتي ، ما هذا المساء النادي ، هل أتيت للبحث عني أخيرا بعدما انهيت حديثك النسوي ؟!
عبست وهي تنظر إليه بفضول لتهمهم : في الحقيقة لم آت لأجلك ، بل أتيت لأجل أحمد فجنى تريده .
نهض أحمد واقفا ليهمهم : سأذهب إليها تفضلي بالجلوس يا طمطم .
تحركت فاطمة لتتحدث إلى أحمد بحديث خافت ليمأ بعينيه متفهما قبل أن يغادر فتجلس مكانه وتهتف : ما هذا الأمر الذي كان يتحدث عنه زوجي وكنت تتمنى أن أستمع إليه يا وليد ؟!
ابتسم خالد واخفض عينيه لتومض عينا وائل بتحذير ليجيب وليد بضحكة خافتة : كان يسب عاصم يا فاطمة ، أيرضيك هذا ؟!
عبست فاطمة دون رضا لتهدر بعصبية : لا ، لا يرضيني ، توقف عن سب الولد يا وائل .
همهم بثبات : حينما يتوقف عن الغباء سأتوقف عن سبه .
هدرت بحدة : لا شأن لك به ، اتركه يفعل ما يريد .
هدر بحدة : لا والله ، يفعل ما يشاء حينما يبتعد عما يخصني غير هذا ليتحمل عقابي له .
زمت شفتيها برفض لتجيبه بتحدي : ما يخصك الآن سيخصه فيم بعد ، إن آجلا او عاجلا وأنت تعلم هذا جيدا فتوقف بالله عليك عن مضايقته .
عبس بغضب ليهمهم بصرامة : بل ساريه النجوم بعز الظهر فلا تتدخلي من فضلك .
ضيقت عينيها لتساله بجدية : علام تنوي يا وائل ؟!
لوى شفتيه بابتسامة ماكرة : سترين يا حوريتي .
احتدت نظراتها لتلتفت إلى وليد سائلة : هل ستتركه يضايق ولدك يا وليد ؟!
هز وليد كتفية ليهتف : لا دخل لي بهما يا فاطمة ، اتركيهما يتصارعان كزوج الديوك فهما لن يستمعا ولن يتوقفا مهما حدث .
زمت شفتيها دون رضا لتهمهم بحدة : حسنا لو أنت تركت عاصم بمفرده أمام اخيك سأخبر ياسمين لتتصرف معكما سويا .
قلب وائل عينيه بملل ليجيبها وليد سريعا : لا تدخلي ياسمين بالأمر يا فاطمة ، ثم أنا لن أترك عاصم بمفرده ، أنا مع ولدي فيم يريده وسأدعمه إلى أن ينال مبتغاه ، و لكن هذا لا يمنع أن يؤدبه عمه قليلا وخاصة بعد ما فعله عندكم .
ابتسمت رغم عنها وتحركت لتجلس بجوار وليد فتثرثر إليه بعدما حشرت نفسها بينه وبين وائل الذي قربها منه فيترك مسافة فاصلة بينها وبين أخيه الذي همهمت إليه بمرح تملكها : كان رائعا رغم غضبي منه ورغم أن أبن عم والدي لازال غاضبا ، ولكني أحببته وهو يعلن عن ملكيته بجبروت لم اره فيه من قبل .
تنهدت برقة لتهمس بصوت أبح وهي تقبض على كف زوجها المحيط بخصرها : ذكرني بم مضى .
غمغم خالد دون رضا : عذرا على تدخلي ولكن أعتقد أن من المفترض أنها ذكريات سيئة .
ضحكت برقة ليجيب وائل وهو يجذبها إلى حضنه أكثر : لم نطلب رأيك بالمناسبة .
ابتسم خالد بمكر لتهمس وهي ترتكن عليه أكثر : بل هي الآن سعيدة يا خالد ، فلولا حدوثها لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن .
شدد ذراعه من حولها لترفع رأسها قليلا فتقبل جانب فكه ليزفر خالد بيأس فيحدثه وليد بتسلية : تجاهلهما من الأفضل لك .
أومأ خالد بالإيجاب لينهض واقفا ويجيب : عمري بأكمله قضيته مع أخيك اتجاهل تصرفاته التي لا تروقني .
ضحك وليد بمرح ليغمغم وائل باستياء : كنت اروقك منذ دقيقتين .
رمقه خالد بطرف عينه ليهتف بجدية : في الحقيقية يا وائل ، أنت شخصية مربكة ، بعض الأحيان تجبر الناس على الإعجاب بك وبقية الوقت تجبرهم على أن يبغضوك ، تصرفاتك متفاوتة ولكن بعد عمر كبير قضيته معك أنا اقر بأنك الأنسب لفاطمة .
رفع وائل رأسه بغرور : سعيد باعترافك ، رغم أنه أمر واقع ولكن سماعه منك اطربني .
• لكزته فاطمة لتنظر إليه لائمة في حين انفجر وليد ضاحكا ليضحك خالد رغم عنه ويهز رأسه دون أمل : لن تتغير.
ابتسم وائل : ولى عمر التغيير يا خواجة .
تنهد خالد بقوة : معك حق ، التقط جلوس عبد الرحمن منفردا ليغمغم بجدية – بعد اذنكم .
هتفت بمرح وهي تبتسم بمكر : هيا يا وليد أخبرني فيم خططت أنت وزوجي العزيز .
ابتسم وليد وتبادل النظر مع وائل الذي همهم بيأس أخيرا : أخبرها يا وليد لن تصمت حتى تخبرها .
اتسعت ابتسامة وليد ليهمس إليها قاصدا ألا يستمع إليه اخيه : ولكن لن تخبري ياسمين .
ومضت عيناها برضا : بل سأفعل ولكن بالوقت المناسب .
ضحك وليد بمرح لتردد بإصرار : هيا اخبرني ولا تخف ، فأنا ادعم عاصم واسانده .
صمت وليد قليلا قبل أن يرفع عينيه إليها ويهمس بثبات : إذًا لابد أن تدعميه ليتغير يا فاطمة ، عبست بعدم فهم ليتابع بثبات وخفوت – فأنا لن أسمح له بكسر نوران لإرضاء غروره .
رمشت فاطمة بعينيها لتطلع إليه برهبة فيمأ لها بتفهم لتزفر بقوة والإدراك يخيم عليها لتهمس أخيرا بصوت أبح : أنا معك فقط أخبرني عم اتفقتما .
تنهد وليد بقوة : سأفعل .
***
__ مساء الخير .
انتفض واقفا ليفسح مكانا لأبيه ، يتطلع إليه برجاء خاص يتوسل إليه أن يسامحه وفرحة غمرته لأنه أتى إليه فهو منذ حادثته لا يتحدث إليه ، بل يتجاهله ببرود يُدرس ، فيتصرف وكأنه ليس بمتواجد ، لا ينظر إليه ولا يجيبه حتى حينما يحادثه ، لقد اعتذر كثيرا ولكنه لم يستمع إليه ، وحتى بعد أن سامحته أمه وعادت إلى طبيعتها معه تمسك أبيه بموقفه الجامد نحوه ، ليبتسم باتساع وعيناه تفيض بترحاب وهو يهمهم بخفوت : دادي ، مساء النور .
جلس خالد ليشير إليه برأسه أن يجلس بدوره فاستجاب على الفور ليتمتم خالد بصوت هادئ : كيف حالك يا باشمهندس ؟!
ازدرد عبد الرحمن لعابه ببطء قبل أن يهمهم : بخير حال يا أبي ، انتظر قليلا قبل أن يكمل – هل صفحت عني أخيرا ؟!
عم الصمت عليهما ليسحب خالد نفسا عميقا قبل أن يسأله بهدوء : كم عملية شاركت بها يا عبد الرحمن ؟
بلل عبد الرحمن شفتيه بحركة سريعة قبل أن يجيب بجدية : ثلاث .
اتسعت عينا خالد بصدمة لتغيم عيناه بزرقة قاتمة ليهمهم بخذلان : دون أن تخبرني .. دون أن تحدثني ..
ثارت زرقة عيناه وهو يتطلع إلى ولده ليهدر فيه بحدة : ألم تفكر بي وبوالدتك إذا حدث لك شيئا ؟! صمت ليكمل بصوت خشن – ونحن لا نعلم.
احنى عبد الرحمن رأسه ليهمهم بصدق : أنا آسف ، آسف .
زفر خالد بقوة : حبك لوطنك ليس خطأ ولكن اخفاءك عني وعن امك اختيارك ومسلكك ما هو إلا خطأ عظيم .
رمش عبد الرحمن بعينيه ليهمس : كنتما سترفضان يا دادي ، كما رفضت ماما اختياري من قبل .
زفر خالد بقوة : ما حدث قديم لم يكن لنا دخل فيه يا عبد الرحمن وأنت تعلم هذا جيدا .
رجف فكيه ليقبضهما بقوة فيتابع خالد بإصرار : المرء لا يختار أصله .. نسبه .. عائلته يا عبد الرحمن ، ولكنه يتحكم في اختياراته .. وطريقه .. ومراده ، وأنت أخترت هذا الطريق وأنا لا الومك على اختيارك أنا الومك على اخفائك عنا .. عن عائلتك .
اخفض عبد الرحمن رأسه ليستطرد خالد بشدة : نحن عائلتك يا عبد الرحمن حتى إن لم ترتضي بنا كعائلة .
انتفض جسد عبد الرحمن ليجيب بسرعة : أبدا يا أبي ، أنتم لأفضل عائلة يحظى بها المرء .
تطلع خالد إلى عمق عيني ولده ليهمس بجدية بعد قليل : اسمع يا بني ، أنا أعلم جيدا شعورك .. اتفهم احساسك .. واثق بقدراتك ، كنت مثلك في يوم ما مفعم بحماس الشباب ، منغمس بروح المغامرة وعاشق لبلادي ومغرم بهويتي العربية ومدافع عن وطني رغم ملامحي ، ولكني لم أكره يوما نفسي .. لم انفر من أصلي .. ولم الوم والدي ، ورغم كل ما حظيت به تركت كل شيء لأجل عائلتي .. لأجل والدتك التي كانت سببا رئيسيا لأتنحى عن كل شيء لأجلها ولأجلكم ، فأنت واخوتك اغلى مكسب حظيت به على مدار عمري بأكمله ، ولولا وجود امك بحياتي لم اكن سأمتلك عائلة يوما ، أنتم رزق وهبني إياه الله عز وجل ، اشكره عليه كل دقيقه أحياها ، ولآخر نفس في عمري سأشكره على نعمة وجودكم بحياتي.
ردد عبد الرحمن بصدق : أدام الله وجودك علينا يا أبي ورزقك الصحة والعافية .
القى آخر حديثه وهو يقبل رأس خالد بإجلال ليبتسم خالد ويربت على ظهره يمنحه عفوه ورضاه فيبتسم عبد الرحمن بسعادة تغلغلت بعروقه ليساله خالد بنظرات ماكره بعد أن استقر جالسا فوق كرسيه ثانية : أخبرني يا عبد الرحمن عن ابنة محمود المنصوري .
أجفل عبد الرحمن ليهمهم بتلعثم تملك منه وخاصة مع نظرات أبيه المتفحصة : ما بالها رقية ؟!
ابتسم خالد بمكر : اسم جميل لفتاة أجمل ، احتقن وجه عبد الرحمن بحمرة قانية ليضحك خالد بخفة قبل أن يتبع – هيا يا بني ، أنا أستمع اليك ثرثر يا ولد .
ابتسم عبد الرحمن ليخفض رأسه بخجل تملك منه ليهمهم لأبيه : إنها تعجبني .
أومأ خالد برأسه متفهما ليتبع عبد الرحمن بهدوء : وأعتقد أنها الاخرى معجبة بي .
ابتسم خالد باتساع ليهتف بمكر : بل هي مغرمة بك يا فتى ولكن طريقها ليس معبدا بالورد .
اتسعت عينا عبد الرحمن بدهشة ليهمهم بتساؤل : ماذا ؟! كيف عرفت ؟!
ربت خالد على ركبة إبنه : أنا الخواجة يا ولد.
ضحك عبد الرحمن واخفض رأسه ليهمهم :حسنا ، هل لديك حلول ؟
أجاب خالد بجدية : هل نفذت منك الحلول يا ولد ؟
ضحك عبد الرحمن بخفة : بل لدي بعضها ولكن احب أن استفيد من خبراتك .
ضحك خالد بقوة : سأخبرك بخلاصة خبرتي يا ولد
اشتعلت عينا عبد الرحمن بزرقة صافية ليهمهم بمرح : وأنا كلي آذان صاغية .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس