عرض مشاركة واحدة
قديم 31-08-20, 05:40 PM   #206

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير والسعادة
على متابعين رواية حبيبتي السكر الزيادة
عاملين ايه
يارب تكونوا بخير وصحة وسلامة
موعدنا اليومي مع فصل جديد من حبيبتي
اتمنى يجوز على اعجابكم
ومستنية ردودكم وارائكم
كونوا بالقرب دوما

الفصل التاسع عشر
بعد عشرة ايام
تسند ظهرها للخلف تنظر من شباك السيارة الكبيرة التي تحملها مع أمها وأخيها في طريق سريع بجانبه البحر ، سحبت نفسا عميقا وعيناها تشع بسعادة اخفتها خلف نظارتها الشمسية لتتنهد بقوة وهي تفتح زجاج نافذتها فيرتطم الهواء القوي بملامحها ويبعثر شعرها فتشعر بقلبها يضخ السعادة الصافية لأوردتها
تلك السعادة التي تغمرها منذ الليلة البعيدة التي ارعبها فيها ثم غمرها بعاطفته المتدفقة كنهر وقت فيضانه
لن تنسى نظراته المرتعبة عليها هدير صوته الحاد حينها وهو يسألها : لماذا تركضين بهذه الطريقة ؟
حينها همست باسمه في صدمة تملكت منها قبل أن ترتعش وتفيض عينيها بدموع غزيرة أغرقت وجنتيها وجسدها كله ينتفض بخوف أصابها لتهمهم بتبعثر : ظننت أن أحدهم يتبعني .. ظننت أن هناك من يريد اذيتي ، اتبعت ببوح - هاتفتك لتأت لإنقاذي ولم أكن أعلم انك من تركض خلفي
اجهشت في بكاء حاد لتنتفض حينما ضمها إلى صدره بقوة يحتضنها بحنو ليربت على رأسها ويهمس بجوار اذنها : المعذرة .. لم أقصد أن اخيفك .. أنا آسف يا نور ، فقط تعجبت انك متجهة للخارج فاتبعتك .
أنهى حديثه ليقبل اذنها بقبلة خفيفة فارتعشت وهي ترفع عينيها تنظر إليه ليشتد احتضانه لها يلصقها بصدره وعيناه تغيم بمشاعر كثيرة مضطربة متضاربة انفرجت شفتاها عن لهاث حار وهي تشعر به يقربها منه أكثر يدفعها نحوه ويجبرها أن ترفع رأسها له ، انبأها حدسها بأنه يريد وصلها بقبلة تشكلت بعينيه ومد ثغره لينالها فهتفت اسمه برفض صدح بصوتها قبل أن تتبع بجدية : اتركني من فضلك أنا اصبحت بخير
ولدهشتها لم يحنق .. لم يغضب .. لم يستاء بل ابتسم بزهو ليهمس إليها بخفوت وفرحة غير مفهومة تحدد ملامحه : أتيت لك بالحلوى ، فقط انتظري ولا ترميها في وجهي الآن
شعرت بالخجل لتغمغم بخفوت : بل سأتناولها .
رد بمشاغبة : من على وجهي .
احتقن وجهها بقوة لتهتف بجدية : تأدب يا عاصم .
أومأ برأسه موافقة : سأفعل رغم أني سأمت الأدب .
تطلعت إليه قليلا : مهما حاولت ستظل كما أنت ، الطبع يغلب التطبع .
اقترب منها ثانية : هل ازعجتك يا نور ؟
تمتمت ببوح : بل أنا حزينة لأنك دفعتني لاصطدم بك وأنا التي لم أكن أريد أن أفعلها يوما .
اقترب أكثر ليحتضن وجهها بين كفيه ليرفعه له ليهمس بجدية : أنا آسف لأني ازعجتك .. آسف لأني اغضبتك .. آسف لأني احزنتك ، لن أفعلها ثانية ، ابتسمت ساخرة ليكمل بنزق - توقفي عن دفعي لحافة الجنون والغضب وأنا أعدك بأني لن أكررها ثانية .
هزت رأسها موافقة لتساله : أين الحلوى ؟
__بالداخل ، نظر إليها قليلا قبل أن يسألها بجدية - هل إذا تقدمت لخطبتك ستوافقين ؟
حينها شعرت بقلبها ينتفض بمشاعر شتى لم تستطع أن تدركها كلها ، ارتعشت خائفة وعيناها تطلع إليه بتساؤل .. بصدمة .. بذهول .. بريبة ، فأكمل بهدوء - ألم تخبريني أن اجرب معك البوح ، ها أنا أفعل أنا أريد الزواج منك يا ابنة عمي هل إذا أتيت بعائلتي وطلبتك من عمي ستوافقين ؟
ارتجفت كورقة شجر يابسة في مهب ريح عاتية لتهمهم إليه : ليس من اللائق أن تطلب يدي على قارعة الطريق يا عاصم .
ابتسم حينها ليقترب منها هامسا : إذا اعتراضك فقط على المكان .
لا تعلم لماذا شعرت بالخجل ممزوج بحرج عارم يعمها لتهمهم إليه وهي تتحرك مبتعدة : عمك بالقصر تستطيع أن تذهب إليه وقتما أردت .
خطت مبتعدة عنه لتقف رغم عنها وقلبها يحثها على النظر إليه لترتعش بفرحة غمرتها وقلبها يقفز فرحا حينما رأت ابتسامته المتسعة تشمل ملامحه وتطل من عمق حدقتيه لتخطو مسرعة نحو الداخل وتختفي عن نظره بقية الأمسية وهي تشعر بخجل غريب يحتوي كل حواسها .
ومنذ تلك الليلة وهي تتعامل مع عاصم جديد عنها .. عاصم حنون .. مراعي .. هادئ ومتملك لأبعد حد ، يدللها ويحنو عليها ولكنه لا يسمح لها بالابتعاد عنه ، يأتي إليها بحلواها المفضلة وينتظرها ليحتسي الشاي معها ، يمر على مكتبها وقت الظهيرة ليطمئن عليها ، ويعتمد عليها اعتمادًا كليا في العمل ، يحترم رأيها ويعمل بنصيحتها ورغم وجوده الدائم حولها إلا أنه لم يسمح لنفسه بملامستها حتى ولو عن طريق الخطأ وخاصة بعدما رفضه أبيها في حوار غير رسمي دار بينه وبين أبيها استمعت لبعض منه بطريقة عرضية وهو يقصه على أبيه ، فهو لم يخبرها بل أخفى عنها الأمر وكأنه لم يكن .
انتبهت من غيوم أفكارها على صوت رنين رسالة خاص به لتنظر إليها بلهفه وتبتسم بسعادة حينما وجدته يطمئن على وصولهم فتجيبه بأن أمامهم نصف ساعة ليحطوا رحالهم في الشاليهات الخاصة بآل الجمال .
__ متى ستأتي ؟ بعثتها إليه ليجيب سريعا - غدا بإذن الله .
أرسلت إليه : تصل سالما .
ليجيبها : سلمك الله ، هاتفيني حينما تصلين .
بللت شفتيها برقة لترسل إليه : سأفعل
انتفضت بخفة حينما همهمت إليها أمها بمكر : من تراسلين يا نور؟
أجلت حنجرتها لتجيب : أنه عاصم يطمئن على وصولنا .
عبس أدهم واعتدل بجلسته : من اين علم أن موعد سفرنا اليوم؟
ابتسمت نوران بتعجب : من أبيه بالطبع ، ثم إن عاصم يعرف كل شيء خاص بالقرى وهو من أبلغهم بموعد الوصول والسفر وكل هذا يا أدهم .
ابتسم أدهم ساخرا : نعم معك حق كيف نسيت أنه الباشمهندس العظيم المتحكم في كل الأمور .
عبست بعدم رضا لترمقه فاطمة بعتب فيشيح بعينيه بعيدا ويعود بجلسته المتراخية لتسالها فاطمة بجدية : متى سيأتي ؟!
تمتمت : في الغد يا أماه بإذن الله هو وعمار وأعتقد عائلة خالتي ليلى ، فخالتي منال وهنا وأولادها سيصلون اليوم .
تمتم أدهم باهتمام : متى ستأتي أميرة ؟
ابتسمت باتساع : اليوم مساءًا أحمد أصر أن ترافقه ،ابتسم أدهم لتكمل: عمو وليد وعمو خالد سيرافقونهم ، ولكن سيادة المستشار وسيادة الوزير غير معلوم موعد وصولهم .
ضحك أدهم بخفة : إجراءات أمنية .
أومأ ت موافقة لتكمل : أما عمر وعبد الرحمن سيصلون بعد غد دون ابداء أسباب وعائلة بلال بك وإيناس هانم سيأتون بعد يومين ومن المنتظر أن لا يمكثون طويلا .
تمتم أدهم بجدية : من الجيد أن عمتي إيمان والشباب أتوا معنا ، فعمو أحمد سيحضر أخر الأسبوع .
تمتمت : كنت أتمنى أن ترافقني جنى ولكنها رفضت وتحججت بالعمل .
زمت فاطمة شفتيها لتهمهم : لازالت غاضبة من عمك .
أجاب أدهم باندفاع : لا أرى شيء يسيء فيم يريد عمي يا ماما .
__ لم ننتقده يا أدهم ، فقط هي جنى من توجع قلبي .
أجابته فاطمة فأشار إليها أدهم بجدية : رغم حزني على حالها ولكني غير متفهم لموقفها توقعت أن مازن من يرفض رغبة أبيه ولم أفكر أبدا ان ترفض هي ، أكمل بجدية - اقنعيها أن تأتي مع أميرة يا نوران .
هزت رأسها نافية : لن ترضى لقد توسلت إليها أنا وأميرة ولكنها رفضت .
تنهدت فاطمة بقوة : حتى عاصم لم يقو عليها .
أجابت نوران : ستأتي يا ماما ستأتي سأتحدث إليها ثانية .
تمتمت فاطمة : لابد أن تأتي يا نوران فعمك يريدها أن تتعرف على من اختارها زوجة له .
نظرت إليها نوران مليا لتهمهم بصوت أبح : رغم أني اتفهم وجهة نظر عمي يا ماما ولكني أتخذ جانب جنى ، لم أتخيل يوما أن عمي سيتزوج ثانية ، أشعر بالألم كلما نظرت إلى جنى هذه الايام .
زفرت فاطمة بقوة : عمك يفعل هذا لصالح جنى يا نوران .
أومأت نوران بتفهم : أنا اعرف وهو معه حق ولكن الأمر صعب يا مامي لا تنكري .
تنهدت فاطمة : من الجيد أن عاصم احتوى ثورتها .
زمت نوران شفتيها لتغمغم بغيرة : عاصم فداء للجميع يا أماه .
جلجلت ضحكة فاطمة لتلكزها بمرفقها في رفق تهمهم إليها بخفوت قاصدة ألا يستمع اليها أدهم : هل هذه غيرة ؟
أشاحت نوران برأسها بعيدا لتؤثر الصمت فتبتسم فاطمة بمكر ، انتبهت نوران على رسالة اخرى أتتها فتتفحصها بلهفة لتتورد وجنتيها وتلمع عيناها بسعادة وهي تقرأها بدل المرة العديد من المرات قبل أن تضع الهاتف فوق صدرها وهي تعود للوراء بظهرها تركن رأسها وتنظر إلى السماء من نافذة سيارتها مستمتعة بالهواء الذي يداعب خصلاتها ووجنتيها .
***
وضع الهاتف على حافة مكتبه لا ينتظر ردها على رسالته ، يعود بظهره إلى الوراء ، يسند رأسه مفكرا في تعنت عمه معه ، عمه الذي حينما لمح له عن رغبته في اقترانه بابنته رفض التلميح من أوله و ابدل مجرى الحوار لأشياء تخص العمل و هو يحتفظ بوجهته الباردة و غضبه الساكن في عينيه.
زفر بقوة و هو يشعر بصداع فوري يصيبه من جراء التفكير في معضلته مع عمه ليبحث عن طريقة يصالحه بها حتى يستطيع الوصول إلى ابنته .. حلم حياته .. أمنيته التي ناجى ربه بها دائما و ها هو قارب على الوصول ..على الفوز ..على الامتلاك.
انتبه من أفكاره على دقات هادئة تصحبها وصول أبيه المبتسم بحنان يمنحه تحية الصباح فينهض واقفا ليرحب به.
هتف وليد و هو يجلس على الأريكة و يشير إليه بأن يجلس بدوره: أتيت لأرى إذ تحتاج شيء قبل سفرنا مساء.
رمقه عاصم بهدوء قبل أن يهمس : لا أقوى على الاستغناء يا بابا.
ابتسم وليد بمكر ، فاتبع عاصم بحنق : أنت سعيد بعذابي ، أليس كذلك؟
زفر وليد بقوة ليقترب منه : يا أحمق ، أنا ابيك يا ولد هل سأكون سعيدا لضيقك ، بالتأكيد لست سعيدا بعذابك و لكني سعيد لوصولك أخيرا لبر تستطيع منه النجاة.
أطبق عاصم فكيه لينظر إلى ابيه مليا قبل أن يسأله : هل تحدثت إلى عمي؟
ابتسم وليد بمكر و اسبل جفنيه ليجيب : أخبرتك أنني لن أفعل ، تريد طلب ابنة عمك للزواج ارتدي سترتك الرسمية و أخبرني هيا يا أبي و أنا سآتي معك و حينها إذا رفض عمك سيكون لي شأن آخر معه.
نفخ عاصم بقوة: لقد رفض تلميحي يا بابا . ماذا سيفعل حينما نذهب إليه ؟
نظر إليه وليد بجدية : لن يقو حينها على الرفض.
صاح بضيق : وإذا فعل؟
صمت وليد قليلا ليسأله: ما الذي يخيفك في رفض عمك يا عاصم؟
زم شفتيه ليرمق أبيه مليا قبل أن يهمس بخفوت: أمي.
سحب نفس عميق ليتبع: تخيل إذا ذهبنا وهي معنا ليرفض عمي الزيجة ، ماذا ستفعل؟! ومضت عينا وليد ليكمل عاصم ساخرا - ماذا تتوقع يا بابا ؟ ماذا ستفعل ياسمين هانم؟
رمقه وليد قليلا قبل ان يهتف : لن يرفض عمك يا عاصم ، لن يفعلها و ليس لأجلك ، بل لأجلي ، حرك عاصم رأسه دون اقتناع ليكمل وليد بمرح اشبع به صوته - فقط أخبرني ، ألا تقلق من رفض نوران؟
عبس عاصم باستنكار ليجيب بثقة : لا طبعا.
هتف وليد بمرح : يا ولد ، ما هذه الثقة ؟ ماذا حدث لتصل إليها؟ اقترب منه ليتبع مغمغما بعبث - أخبرني ، هل حدث بينكما أشياء غير لائقة فاعترفت لها بحبك ، لتبادلك هي الاعتراف.
عبس لينظر إلى أبيه بريبة : هل انت واثق من كونك أبي و من تتحدث عنها هي ابنة أخيك.
تأفف وليد بضيق : بل لست واثقا من كونك ابني، و يلقبك وائل بشبيهه ، أنت لم ترث ذرة من وقاحة وائل .. و لم ترث ذرة من عبثي.
اشاح عاصم بوجهه بعيدا ، ليكمل وليد بمكر: أم تخفي كل هذا مجمعا بداخلك يا عاصم و لا تظهره على الملأ.
أجاب بجدية : و لماذا اظهره على الملأ ؟ لا يهمني الملأ، يهمني هي وهي موافقة.
تشكل ثغر وليد بتسلية ليهمهم : حسنا على راحتك ستخبرني نوران إذا سألتها.
ماجت حدقتيه بغضب : سأقطع رقبتها إذا فعلت.
قهقه وليد ضاحكا ليرقص إليه حاجبيه : إذًا حدث شيء ، تورد رغم عنه ليكمل وليد بصيحة منتصرة - هكذا أثبت أنك ابني و وريث عمك على حق.
ضحك رغم عنه ليلكزه وليد في ركبته : أنطق يا غليظ.
تنهد عاصم بقوة ليهمهم بصوت ابح : لم يحدث شيء، للان فقط بعض مكالمات و أحاديث جانبية ، رقت نظراته و غامت بعشقه لها - أنها تتورد يا أبي.
حشرجت أنفاسه ليتبع : حينما تحمر وجنتيها تصبح أكثر فتنة .. أكثر حسن .. أكثر خطورة على قلبي ، رفع عينيه لأبيه - تحدث مع عمي يا أبي، لا أريد أن أفقد تعقلي قبل الأوان.
ربت وليد على ركبته: لن يحدث ، لا تقلق ، فقط استمتع بأيامك معها ، نوران لك يا عاصم و هذا وعدي لك.
***
تعالت صوت الموسيقى من حولها لتبتسم باتساع وهي تتنهد بقوة ، تحتسي قدح الشاي بلبن خاصتها وتستمع بصوت فيروز الشجي يدوي بأذنيها .. يتغلل إلى أوردتها .. يسري مع أنفاسها فتبتسم اكثر وتظهر غمازتيها بضوء أخاذ وهي تتذكر أيامها الجميلة ولياليها الرائقة معه ، لقد اثبت لها على مدار الكثير من الأيام أنه يستحق قربها .. يستحق وجودها .. يستحق ثقتها .. يستحق قلبها .
تنهده اخرى ودندنة خافتة صدرت منها وتحركت بكرسي مكتبها ذو العجلات فتلف من حول نفسها ، تندمج فتشدو بأريحية مع كلمات فيروز التي رسمته أمامها بابتسامته الهادئة .. ونظرات عيناه المحتوية .. وكلماته المتزنة وأفعاله المطمئنة .
تنهدت ثانية واغمضت عينيها تنفصل مع صوت فيروز عن واقعها وهي تدندن معها
حبيبي ندهلي قلي الشتي راح ... رجعت اليمامة زهر التفاح
وأنا على بابي الندي والصباح ... وبعيونك ربيعي نور وحلي
انا لحبيبي وحبيبي إلي .. يا عصفورة بيضا لا بقى تسالي
لا يعتب حدا ولا يزعل حدا
انا لحبيبي وحبيبي الي
__ أنت من حليت أيامي وازهر ربيع عمري على يديك .
انتفضت بشهقة خفيفة فتعتدل جالسة بكرسيها تتورد وكأنها أمسكت بجرم اقترفته وتخفض عينيها لتهمس باسمه في لهاث خوف تملكها : عمر .
تنهد بقوة وهو ينتصب واقفا بعد أن كان منحنيا نحوها ليستلقي على الكرسي أمام مكتبها : دعيني أجلس أولا قبل أن تتفوهي باسمي ثانية فأسقط مغشيا علي جراء نطقك لحروف أسمي بطريقتك الخاصة .. نبرتك الشجية وغمازتيك تضيء بسعادة ، تلون مسامعي بألوان ربيعية زاهية .
احتقنت بقوة فغمغمت باسمه ثانية ليشدو مع فيروز بدوره
وندهلي حبيبي جيت بلا سؤال .. .. من نومي سرقني.. من راحة البال
انا على دربه .. ودربه ع الجمال .. .. ويا شمس المحبة حكايتنا اغزلي
انا لحبيبي وحبيبي الي ..فيروز
أخفضت عيناها بخجل فأكمل وهو يقترب بجسده منها عبر المكتب : أنا لحبيبي وحبيبي إلي ، اتبع بصوت خفيض - أرأيت لقد اتيت دون أن تدعوني حتي يا حبيبة .
تنهدت بقوة وهمهمت : توقف يا عمر ، فأنت تعلم أني لا أستطيع مجاراتك حينما تتحدث بهذه الطريقة .
ومضت عيناه بزرقة صافية : ومن أخبرك أني أريدك تجاريني ،
رفت بعينيها في حياء : ماذا تريد إذًا ؟
همهم بصوت ابح : أريدك تخجلين لأتأملك واشبع عيني منك وأنت موردة .. جميلة .. فاتنة .. تهربين بعينيك مني ، تبتسمين بخفر فيومضان غمازتيك فيسرقان دقات قلبي ويعبثان بنبضاته .
تضرج وجهها بحمرة قانية لتلهث بقوة قبل أن تهتف بجدية : أرجوك يا عمر توقف.
ابتسم واخفض عينيه ليهمس بمكر : بشرط .
هتفت سريعا : لا ، لن يحدث ما تريده .
ضحك بخفة : وما هو الذي أريده ؟
نظرت إليه بعتب فقهقه ضاحكا وهو يلتقط إشارتها لما كاد أن يحدث بينهما قبلا فيهمهم بمرح : إذًا سأشرب قدحك بم أنك لن تعدي لي قدح من الشاي بلبن .
نظرت إليه بتساؤل وريبة : فقط هذا ما تريده .
أومأ برأسه في براءة شكلت ملامحه لتتحرك من خلف مكتبها نحو الطاولة الجانبية فيدير عينيه عليها يتأملها من أخمص قدميها بحذائها البناتي الخفيف الأرضي فتظهر قامتها الصغيرة دون أي استطاله كانت تنالها مع احذيتها العالية ، بنطلون عملي بلون الكاكاو ورغم اتساعه يظهر منحنياتها الأنثوية بشكل خلاب ، بلوزة صيفية بيضاء بأكمام ، ضيقة إلى حد ما بأزرار و كشكاش يحيط ازرارها اللؤلؤية ، سحب نفسا عميقا وهو يتأملها من زاوية جانبية تُظهر ملامح أنوثتها بطريقة جلية ، فيتذكر تعبير مصري أصيل اطلقته مربيته العزيزة عليها حينما رأتها لأول مرة وهي تشعر بفخر وحبور لأجله وهي تصفها كالبطة ، سيطر على ضحكته وعيناه تتعلق بها ليهمهم بداخله " إنها لأحلى بطة رأيتها بحياتي " سحب نفسا عميقا قبل أن يرسم ابتسامة هادئة ويسالها بهدوء: هل طاقمك العملي هذا قطعتين أم قطعة واحدة يا حبيبة؟
عبست بعدم فهم وهي تصب المياه الساخنة بالقدح لتهمس : أي طاقم ؟
أشار برأسه : البنطلون هل هو منفردا أم له ستره تماثله ؟
تمتمت بهدوء وهي لا تدرك مقصده : لا ليس لديه سترة ، عبس بضيق فأكملت بتساؤل – هل بمظهري شيء خاطئ ؟
تمتم بجدية : أبدا ولكني متعجب فقط ، فأنت دوما ترتدين ملابسك بطريقة محددة وهذا الطاقم لا يشبه أطقم العمل خاصتك .
نظرت إلى نفسها مليا لتهمس بجدية : أنت تشعر بالغرابة لأنه ليس من انتقائي ، تطلع إليها بعدم فهم لتهز كتفيها – إنه انتقاء نوران ، تجولنا قليلا منذ يومين وهي من صممت على شراءه لي .
هز رأسه بتفهم : نوران ، الآن اتضحت الرؤية .
ضحكت حبيبة برقة وناولته قدح الشاي بلبن : ارتديت عليه سترة قطنية عملية خاصة به ولكني خلعتها حينما وصلت إلى المكتب شعرت أن لا فائدة لها .
وضع القدح من بين كفيه ليهمس بجدية : بل لها فائدة يا حبيبة ، البلوزة ضيقة إلى حد ما وقصيرة فتظهر أنثويتك بشكل ملفت للغاية .
ضمت ذراعيها أمامها لتخطو بارتباك نحو كرسي مكتبها لتجلس عليه ثانية : سأرتدي السترة ثانية .
رمقها بطرف عينه في نظرة مميزة فتتحاشى النظر إليه قبل ان تغمغم : توقف عن النظر لي يا عمر .
أجاب ساخرا : حرام علي النظر وبقية البشر الذين رأوك اليوم حلال عليهم .
غمغمت بحرج : لم يراني أحد دون سترة .
هز كتفيه : حسنا هذا لا يدعو أن اتوقف عن النظر إليك ، غمغمت باسمه في ضيق ليتحدث بجدية - أرتدي سترتك وهيا بنا .
نظرت إليه بتساؤل : إلى أين ؟
تنهد بقوة لينهض واقفا : فقط هيا معي .
نهضت واقفة لتأتي بسترتها ترتديها فيمد لها مرفقه فتبتسم برقة وهي تلتقط إشارته التي اعتادت عليها الأيام الماضية فتعلق كفيها في ساعده تسير إلى جانبه ليضمها من خصرها اليه في خلسه وهما يدلفان إلى المصعد الفارغ فتلكزه بخفة وهي تقف بعيدا عنه ليضحك بمرح ويلتزم بمكانه البعيد عنها ويتوعدها بتفكه : إن غدا لناظره لقريب يا حبيبة .
***
دلف إلى الغرفة بعد أن طرق الباب طرقة واحدة ليسأل بجدية : هل وجدت شيئا يا رقية ؟
زفرت بقوة : للأسف لا ، لازلت أبحث ، اتبعت وهي تتأمل الشاشة أمامها – الغريب أن الكاميرا لم تكن موضوعه بشكل صحيح ، وأنا لا استطيع إلى الآن أن اتوصل هل تم العبث بها أم التقني هو من لم يتقن عمله جيدا؟
جلس على الكرسي المجاور لكرسيها ليبحث بجدية في بعض الملفات المصورة : ألا نستطيع أن نبحث بتاريخ الحدث ؟
تحدثت بعملية : أنا بالفعل ابحث في تاريخ اليوم والساعة الذي أخبرتني به ولكن هناك شيئا خاطئا يا عبد الرحمن ، فالمكان في هذا الوقت فارغا ، اتبعت بحيرة - بل إن الكاميرا لا تظهر سوى وجود عادل وهو يقف أمام جنى وهي منهارة من البكاء ، وقبل هذا الحدث لا يوجد شيئا .
تمتمت بتفكير : وكأن الكاميرا .
اتبع بجدية وعيناه تومض بتفكير : تم تفريغها أو مسح ما صُوِر قبل وجود عادل وجنى .
تمتمت بحيرة : حتى جنى وهي مغشي عليها قبل وقوف عادل ليس لها وجود .
تنفس بعمق : من نبحث عنه له وجود في المشفى منذ مدة ،ولديه صلاحيات كثيرة .
نظرت إليه بحيرة لتساله بصوت أظهر خوفها : من الذي يستهدف جنى ، ومن الذي يريد اذيتها ؟
ابتسم بحنان ليلامس كفها بعفوية يريد طمأنتها : لا تخافي يا رقية ، لن يؤذيكن أحدا ، أكمل بهدوء – سنجده بإذن الله .
ابتسمت لتعض شفتها بتوتر ، تحرك كفها من تحت يده هامسة بجدية : يدك يا عبد الرحمن .
رفع حاجبيه بدهشة ليبتسم معتذرا : لم أقصد أحببت طمأنتك فقط لا اكثر .
توردت لتخفض بصرها فيكح بخفة ويهتف بها : شاي أخضر أم أعد لك القهوة .
تمتمت وهي تعاود النظر إلى الشاشة أمامها : قهوة .
صب قدحين من القهوة ليأتي بعلبة حرارية يضعها بينهما ليهتف بمرح حينما ناولها قدح القهوة : تذوقي كعك العسل الساخن ستحبينه ، نولا أرسلته مخصوصا لك .
ابتسمت واحتست بعض من قدح قهوتها ليبتعد الى الخلف يسند ظهره إلى مكتب أخر موضوع بجانب الغرفة يعقد أحد ساعديه أمام صدره ويحمل قدح قهوته بكفه الآخر ، يتأملها ويشعر بوجودها القريب يهيمن عليه فيمنحه شعورا رائعا بمذاق قهوة غني لم يذقه من قبل .
غمغمت بانبهار : الكعك رائع ، رفعت عيناها اليه – لم تؤكل منه .
تمتم وعيناه تشع بزرقتها الغنية : سأفعل .
اقترب ليقف بجوارها دون أن يزيح عينيه من عليها قبل أن يسأل بعفوية : هل لون شعرك طبيعي يا رقية ؟
تصلب جسدها ونظرت إليه بعدم فهم فاتبع مغمغما وهو يحمل واحدة من الكعك يتناولها بهدوء ليجلس إلى كرسيه المجاور لها : إن لونه اسود بلمعة غنية فتوقعت أنك تصبغينه أو شيء من هذا القبيل .
زمت شفتيها لينتصب جسده بتوتر وهو يترقب جوابها لتهمهم أخيرا بصوت خفيض : بل لونه الطبيعي .
__ وااااو . هتف بمرح ليتبع- رائع لم اتخيل أبدا أن هناك فتاة مصرية تحمل هذا اللون ، فاللون الأسود خاص باللاتينيات و الهنود .
عبست باستياء لترد بفظاظة : أنت من لا تختلط بالمصريات بطريقة كافية يا باشمهندس ، لوت شفتيها بحنق – وحتى من تختلط بهن بضعة من المتصنعات .
ابتسم رغم عنه ليقترب منها بكرسيه هامسا : ها أنا احاول الاقتراب من غير المتصنعات ولكنهن يرفضن الاقتراب .
رمشت بعينيها لتهمهم بخفوت : طريقة الاقتراب غير صحيحة .
سحب نفسا عميقا ليهمس وهو يدير عينيه على ملامحها : أخبريني بالطريقة الصحيحة وأعدك أني سأنفذ على الفور .
افتر ثغرها عن ابتسامة منعتها بصلابة : ابحث عن طريقتك بنفسك .
ابتسم بتلاعب وأثر الصمت ، فتنظر أمامها مدعية الجدية ليهمس بعد قليل وعيناه تلمع بامتنان صادق : شكرا يا رقية .
التفتت إليه بسرعة : علام ؟
همس بصوت ابح وعيناه تلتقط عيناها في نظرة طويلة : على وجودك .
توردت رغم عنها ، وأشاحت بعينيها عنه بصعوبة لتهمس بخفوت : بل الشكر لك أنت يا باشمهندس .
اقترب قليلا ليضع مرفقه على طرف المكتب ، يسألها بجدية : علام ؟
التفتت إليه لتجيب بصدق : على ثقتك .
ابتسم باتساع ليغمغم وهو يلتقط قطعة أخرى من الكعك يمنحها لها ثم يلتقط واحده أخرى يقضمها برقي ثم يهمهم بعدما ابتلع ما في فمه : سأخبر أمي أنه أعجبك .
تمتمت بعفوية وهي تنظر إلى الشاشة ثانية : بل اخبرها أنه رائع وقبلها بالنيابة عني .
أجاب بمكر مرح : كيف سأفعل ؟ عبست بعدم فهم ليتبع بمشاكسة - أنت تريدين مني تقبيل أمي بالنيابة عنك .
أومأت برأسها في تفهم ليكمل بنبرة مرحة : كيف سأقبلها وأنت لم تقبليني ؟
جمدت ملامحها وعيناها تتشكل بغضب التقطه بسهولة ليقهقه ضاحكا ويرفع يديه مستسلما : أنا أمزح معك يا آنسة رقية .
أعادت خصلات شعرها خلف اذنها لتعتدل بجلستها تهتف بحدة : أذهب لعملك يا باشمهندس وحينما أجد شيئا سأخبرك .
ابتسم بمكر لينهض واقفا ثم أومأ برأسه موافقا : أمرك يا آنسة رقية .
هم بالحركة ليتوقف قبل أن ينحني ثانية نحوها فتتراجع بجسدها وهي تنظر إليه بعدم فهم فابتسم بمكر والتقط كعكة أخرى فعبست بحدة لتتسع ابتسامته ثم يمأ لها مغادرا لانت ملامحها تدريجيا بعد مغادرته لتبتسم بخجل قبل أن تداعب خصلاتها بأطراف أصابعها وعيناها تتغلغل بثقة و بسعادة غمرتها .
***
تجلس باستراحة الأطباء بجسد متشنج و نظرات جامدة ، أصبحت تقضي أوقاتها بالعمل بعد أن نحت خوفها من المكان وخاصة بعدما تضاعفت أعداد أفراد الأمن وحينما سألت عادل عن السبب أخبرها أنها شركة أمن حديثة تعاقدت معها المشفى.
ابتسمت ساخرة و هي تفكر أنها لم تعد تأبه بشيء .. لم تعد تهتم ، فمن كان يداعبها كحلم جميل اندثر من مخيلتها بل تحول إلى كابوس كلما فكرت في كونه سيذهب لأخرى غيرها ، و من آمنت به طوال عمرها بكونه ملاك أثبت لها أنه بشريا من الدرجة الأولى ، فأبيها الحبيب يريد الزواج !!
دمعت عيناها رغم عنها و هي تتذكر هذه الليلة التي كانت تقضيها منتحبة كالعادة منذ حفل مولد آسيا ، هذا الحفل الذي صارحها فيه بابتعاد جادي بل و حرص على التنفيذ. من حينها و هي تحيا بآلية.. دون روح .. و تفتقر إلى الهمه ، ليأتيها ابيها بعدها بأربع ليال كاملة ليخبرها عن رغبته في الزواج من أخرى غير والدتها!!
أغمضت عيناها و اغتص حلقها و الذكري تعاد على رأسها حية .. ثقيلة .. قوية.. قاسية.
حينما دلف أبيها إلى غرفتها بابتسامته الهادئة ثم جلوسه أمامها على الفراش ، يطمئن عليها كعادته فتحاول أن تهديه راحة لا تمتلكها ليهمس بخفوت وهو يتحاشى النظر إليها : جيد أني وجدتك مستيقظة ، أريد الحديث معك بأمر هام يخصني .
نظرت إليه بفضول : تفضل يا بابا .
حينها همس بجدية : أنا قررت الزواج .
رمشت بعينيها وهي لا تستوعب حديث أبيها الذي يصرح به للمرة الأولى منذ وفاة أمها سألته دون فهم : ماذا تقول يا بابا ، أنا لا افهم ؟!
صمت أحمد قليلا ليعيد حديثه بنبرة هادئة : لقد قابلت امرأة جميلة ذات خلق ومن عائلة محترمة جدا وأريد الزواج بها .
ارتجف جسدها رغم عنها لتسأل باستنكار : تريد الزواج ، الآن بعد كل هذا العمر ؟!
رد احمد بتفكه : لم اشيب بعد يا جانو ، لازلت في عقدي الخامس وصحتي جيدة .
تمتمت رغم عنها : وماما .
جمدت ملامح وجهه لينطق بصعوبة : رحمها الله واسكنها فسيح جناته ، ماذا بها ؟
هزت رأسها برفض : لا أفهم .
نظر إليها أحمد بجدية : ما الذي لا تفهمينه يا ابنتي ؟
أكمل بهدوء : أنا رجل أريد الزواج على سنة الله ورسوله وخاصة أنك واخيك كبرتما وما هي إلا سنوات قليلة وكل منكما سيكون له أسرة تخصه وعالم يدور له وتتركاني بمفردي
هتفت على الفور : أنا لن أتركك ، سأظل معك ، لن أتزوج وسأبقى معك ومع مازن .
رفع حاجبيه بتعجب ليجيبها بهدوء : ستتزوجين يوما يا جانو وحتى إن لم تفعلي أنا اتزوج لأني أريد الزواج .
تساقطت دموعها رغم عنها ورددت بطفولية : وماما ؟
اطرق رأسه ليغمغم بصوت مليء بالشجن : ستظل بقلبي وعقلي وذكرياتي ولكني أريد شريكة لآخر أيامي اتكئ عليها وتظللنا المودة والرحمة .
تمتمت بطفولية : أنا لا أفهم ، لا أفهم كيف ستتزوج وأنت تحب أمي ؟!
ضيق عينيه وكأنها أهدته الفرصة التي يتهيأ لها ليجيب بصوت جاد : الرجل مختلف عن المرأة يا جنى ، فهو يقو على الزواج والعيش والحياة مع امرأة حتى لو يعشق غيرها ، ربنا خلقنا هكذا نستطيع أن نحب ونعشق ولكن إذ اضطرتنا الظروف وفرقتنا عن من نحب نتزوج بأخرى وتستمر حياتنا ، الرجل لا يوقف حياته على أحد ،
طل الهلع من نظراتها ليكمل بصوت حان : نعم لا يكون في قمة سعادته .. نعم لا يلمس أطراف السماء بيديه ولكنه يسعد ويهنأ ويتوقف عن حب من ملكت قلبه ويتكيف ويحيا مع من أصبحت شريكة حياته .
سحب نفسا عميقا وتجاهل صدمتها ليكمل : ما أردت اخبارك به أن والدتك رحمة الله عليها لن يمس مكانتها أحدا ولن يحمل قلبي مشاعر إلا لها ، سأتزوج لأنني أريد مشاركة وسكينه وود ورحمة أما العشق والحب فهما انطويا مع امك رحمها الله .
نهض واقفا ليكمل : أردت اخبارك لأني أريدك أن تقابليها وتتعرفي عليها في الأيام القادمة قبل أن يستكمل مازن اختباراته
انتفضت وهي تشعر بابيها يضم رأسها إلى صدره يقبل هامتها ويبتعد مغادرا غرفتها يخلفها من وراءه وحيدة .
و ها هي جالسة تفكر فيم تفعل .. كيف ستتقبل .. وكيف ستتكيف ، مع امرأة لا تريدها وأبيها يريد منها مقابلتها وهي تكرهها ، فهي لا تستطع رؤيتها بل و تبغضها فهي لا تريد بديلا لوالدتها.
دمعت عيناها ثانية لتتساقط دموعها رغم عنها وانفها يحمر جراء انفاسها المقهورة لتفكر بأنها ستخسر أبيها جراء تلك الزيجة التي يصر عليها بعدما خسرته هو الآخر ، فهو ابتعد .. تركها وذهب ، لينتفض قلبها بقوة لتهز رأسها بنفي : لن ادعه يذهب ، سأذهب معه ، أنا أحتاج إليه ، تمسكت بهاتفها لتأتي بصورته لتنظر إليه بقلب راجف وعقل يشتعل باحتياجها إليه فتضغط على صورته دون وعي حقيقي لتهاتفه .
وضعت الهاتف على اذنها ليأتيها رنين متواصل كاد أن ينقطع ليجيب صوته الهادئ أخيرا يتخلله بعض من اللهاث فتهتف إليه في حزن تملكها ونشيج بكائها يصدح من بين نبراتها : أسعد أنا أحتاجك ، أين أنت ؟ أنا أحتاجك إلى جواري.
تمتم بجدية وهو يبتعد عن أصدقاءه يسيطر على قلبه الذي انتفض لأجلها : اهدئي يا جنى واخبريني هل أنت بخير ؟
تمتمت بصوت باكي : نعم أنا بخير فقط أريدك إلى جانبي .. معي .
سحب نفسا عميقا ليسالها باتزان : أين أنت ؟
تمتمت بصوت مختنق : في المشفى .
تنهد بقوة : حسنا سامر عليك ليلا .
هتفت بتلقائية : بل الآن أريدك معي الآن .
ارتفع حاجبيه بدهشة ليغمغم : لا أستطيع أنا بالعمل
عبست بتساؤل : أين أنت ؟
تمتم بجدية : في أكاديمية إعداد القادة .
تمتمت : أنا آسفة .. لم ..
قاطعها : لا عليك يا جنى ، فقط انتظريني سآتي لك .
إجابته بضيق : إلى أين أذهب ليس لي مكانا أذهب إليه ستجدني بالمشفى فأنا لا أغادرها هذه الأيام إلا نادرا .
عبس بتعجب وهم بسؤالها قبل أن يسمع اسمه بصوت جهوري عائد لأحد زملاءه فيهمس : حسنا سنتحدث حينما نتقابل .
***
اصدر صفيرا طويلا ليهتف : come on wassiem .
نبح الكلب بصوت عال ليركض نحوه فتتبعه تلك الممسكة بسلساله الفخم تركض بدورها لتحاول حكم سيطرتها على الكلب الذي اندفع نحو سيده ليهتف أدهم : اتركيه يا جود ، اتركيه .
أفلتت السلسال ليعدو الكلب نحوه بسرعة وتتمالك هي خطواتها لتعدل هندامها وتجذب وشاحها على رأسها فتخفي مقدمة شعرها الذي تهدل حول وجهها ليعبس علي الدين بتعجب مهمها : من هذه ؟
هتف أدهم بأريحية : إنها جود ، أشار إليها بالاقتراب - تعالي يا جود.
التفت إلى علي الدين : هذا علي الدين عليوة ابن عمتي إيمان .
أشار إليها : وهذه جود .
أومأ علي الدين إليها بالتحية فتبتسم بخفر وهي تمأ برأسها أيضا فيهتف أدهم : ما رأيك بالمكان يا جود ؟
ابتسمت برقة : جميل .
غمز أدهم إليها وهو يربت على رأس وسيم بحنو : هل تستطيعين السباحة ؟
رجفا جفنيها لتنظر إليه بتساؤل فيتبع - فهذا الشاب يحب السباحة وأخاف أن يجرك خلفه فيغرقك في البحر ولا يستطيع أحدا منا انقاذك .
اخفضت عيناها ثانية لتهمهم : بل استطيع السباحة .
أومأ رأسه بخفة : جيد ، هل لديك رداء للسباحة أم ات لك بواحد .
لكزه علي لينظر إليه بعتب وخاصة مع توتر وقفتها لتجيبه بصوت ابح : أنا أنزل إلى البحر بملابسي يا بك .
رفع حاجبيه بدهشة ليهمس بتعجب : بملابسك .. كيف ؟!!
توردت لتشيح بعينيها بعيدا ليلكزه علي ثانية وينظر إليه بلوم فيتابع بدهشة - انتظر لافهم كيف تفعلها .. كيف تنزل إلى المياه فلا تشعر بها على جسدها .. لا تلامس جلدها .. ولا تتغلغل إلى مسامها
زجره علي بحدة : توقف يا أدهم اتبع مهمهما وهو يشير إليه على جود التي تحول وجهها لثمرة طماطم ناضجة - ألا ترى الفتاة تكاد تذوي خجلا .
نظر إلى علي الدين ليهمس بصدمة : لماذا ؟!
اطبق علي الدين فكيه ليلتفت أدهم إلى جود - ما الذي يخجلك يا جود أنا أتحدث معك بتلقائية ؟
تمتمت وهي تخفض رأسها : لا شيء يا بك ، أعذراني .
ألقتها وهمت بالابتعاد ليهتف بها : إذًا لن تنزلي إلى البحر ، سواء بملابسك أو دونها ؟
شهقت بخجل وهي تداري فمها بكفها ليلكزه علي الدين بقوة هذه المرة صائحا : احترم نفسك يا أدهم .
تأوه أدهم ليكتم ضحكاته على ملامح جود المصدومة ليشير إليها علي : لا تغضبي يا جود ، أنه يمزح معك .
رجفا جفنيها ليقترب أدهم منها هامسا بشقاوة : جود لا تغضب مني ، هي تعلم مكانتها عندي وتعلم أني امزح معها لذا لا تغضب ، أليس كذلك يا جود ؟
تثاقلت أنفاسها لتُكتم داخل رئتيها حينما رفعت نظرها فاعتقل حدقتيها بنظراته الوامضة بمشاكسة فهمست بحرج : حاشا لله أن أغضب منك يا سيدي ادهم بك .
لعق شفتيه وعيناه تومض بمكر : أموت في سيدي أدهم بك .
سحبه علي الدين من قفاه ليزجره بحدة هذه المرة : توقف يا أدهم بالله عليك .
اتبع بحدة - اذهبي يا جود من فضلك ، ونحن اسفان على هذه التصرفات الصبيانية .
قهقه ضاحكا لتهرول جود بخطوات واسعة تبتعد عنهما ليدفعه علي بقوة في صدره : أنت وقح وقليل الحياء .
تعالت ضحكاته ليهتف بمرح : ماذا فعلت ؟
رمقه علي الدين قليلا قبل أن يحدثه بهدوء : لا تتلاعب بالفتاة يا أدهم .
بهتت ملامحه ليهتف سريعا : والله أبدا أنا أمزح معها وهي تعلم .
نظر علي إلى عمق عينيه : ولكنك لا تعلم تأثير مزاحك عليها ، إنها فتاة صغيرة لا تستطيع أن تقف بوجهك ولا تقو على مجاراتك ارفق بها .
اهتزت حدقتي أدهم بعدم فهم ليهتف : تقف بوجهي ، لماذا ؟! أنا لن اقترب منها من الأساس لتقف بوجهي ولا أريدها أن تجاريني ، اتبع بجدية - إنها الخادمة يا علي .
تحرك ليقف بوجه ابن عمته ليكمل بحنق : هل ساترك كل الفتيات من حولي وأذهب إلى الخادمة ؟
سحب علي الدين نفسا طويلا ليتحدث بعقلانية : من الممكن أن تفعل في ذلة نفس وسوسة شيطان يا أدهم ، كونها خادمة لا يعيبها ولا هناك فارق بينها وبين أي فتاة أخرى ، ولكن ما يعيب أن تستغل أنت ظروفها لصالحك فتشعر بالهيمنة على شخصها وحياتها .
عبس أدهم بغضب ليبتسم علي الدين في وجهه برزانة : اسمع يا أدهم لا اشكك بك ولا بأخلاقك ، رغم كل ما تفعله وتلك الهالة العابثة التي تحيط نفسك بها أنت بداخلك طيب .. شهم .. ورجل يعتمد عليه ، تنهد علي بقوة وربنا على كتفه - ابتعد عن هذه الفتاة ، فهي منبهرة بك .
اتسعت حدقتيه بدهشة وردد : منبهرة بي ؟!
أومأ علي الدين بالإيجاب : نعم إنه انبهار أولي فمن مثلك لا تراه كثيرا ، أنت شاب غني وسيم ومشاكس ، الله منحك مغناطيس يجذب الإناث اليك وهي ليست استثناء ، ولكن عليك أن تبق مشاعرها حيالك في حيز الانبهار فلا تدفعها أن تتعلق بك ، فكسر القلوب ليس سهلا يا أدهم .
ابتسم أدهم بتعجب والدهشة تشكل ملامحه ليهمس ساخرا : أوصلت الأمر للقلوب يا علي .
نفخ علي بقوة : لا أتحدث عنك بل عنها ، فكر جيدا فيم اقول دون أن ترفضه بتعنت كعادتك .
اطبق أدهم فكيه ليشيح بعيدا قبل أن يهتف به : هل ستأتي معي للسباحة ؟
رمقه علي بتعجب : ات إلى اين ؟!
تمتم أدهم وهو يخلع قميصه القطني من رأسه : سأذهب إلى الشاطئ الآخر
عبس علي بعدم فهم: ما عيب الشاطئ هنا ؟!
لوى أدهم شفتيه : فارغ .
ابتسم علي وهز رأسه بيأس : لا اذهب بمفردك ، فأنا أريد النوم .
رمقه ادهم بضيق فاتبع : أسأل مازن من الممكن أن يذهب معك .
همهم أدهم ساخرا : لا أعتقد ، فمازن بك متعلق بالهاتف ، اتبع وهو يجذب وسيم من سلساله - سأذهب لأراه .
***
ناولته طبق الطعام ليضعه بجواره دون شهية فربتت على كتفه لتقربه منها تضمه إليها فيبتسم ويضع رأسه على كتفها لتهمس إليه بخفوت : هل أنت غاضب من أبيك ؟
ابتسم ورفع عينيه إليها ليهز رأسه نافيا : لا يا عمتي ، بالعكس أنا سعيد لأجله ، فأبي لم يبخل علي يوما ولم يدخر جهدا لاسعادي يوما ،لماذا أقف أنا الآن بطريق سعادته ؟
ربتت على وجنته لتحدثه بحنان : هذا تفكير العقل ، ولكن مشاعرك هل تتفق مع هذا التفكير ، رمش بعينيه فاتبعت بهدوء - أخبرني عم تشعر يا مازن ، ولا تخجل ، هل أنت حزين ؟
اعتدل جالسا ليبوح : لا يا عمتي ، لست حزينا كجنى ، فجنى تبكي على ذكريات حية عن أمي ، أما أنا لم أرى أمي من الأساس لم أشعر بها لم أحيا معها ، لا اعرفها إلا من خلال الصور والأشياء التي تقصونها علي ، لم أرى أمي أبدا إلا حينما تطل من عيني أبي وهو يحكي عنها بصوت محشرج شجنا وعيناه تلمع بسعادة حين ذكراها . التفت إلى عمته يسألها بجدية : هل سيتوقف عن الحديث عنها حينما يتزوج بتلك السيدة التي حدثني عنها ؟
دمعت عينا إيمان بحنان لتضمه إلى صدرها تربت على ظهره برقة : بل سيظل يتذكر والدتك طوال عمره يا مازن ، دفعته بعيدا قليلا لتضم وجهه بين كفيها وتهمس اليه – أمك حب عمره ورفيقة دربه لن ينساها أبدا ، ولكنه يريد رفيقه لآخر أيامه ألا يحق له؟!
ابتسم مازن بلطف : بل يحق له يا عمتي أنا موافق على قراره وادعمه وحينما تأتي جنى سأتحدث اليها ، هي فقط مصدومة ولكن حينما تختفي آثار صدمتها ستوافق وستسعد لسعادة أبي .
تمتمت إيمان بخفوت : لو تعلم شقيقتك أنه يفعل كل هذا لأجلها لم تكن لتُصدم قط .
عبس بتساؤل لتربت على وجنته بلطف : فقط تناول طعامك وانهض لتنضم إلى أدهم وعلي الدين إنهما يجلسان بالحديقة الخاصة بفيلا عمك فأنا لا أحبذ جلوسك بمفردك.
هز رأسه موافقا ليرن هاتفه فيلتفت اليه بسرعة قبل أن يقفز واقفا : سأجيب الهاتف واعود إليك يا عمتي .
ابتسمت إيمي بحنو لتهتف بنبرة مميزة : من المتصل ؟
اتسعت ابتسامته ليؤثر عدم الرد وهو يبتعد عنه عمته مسافة كافية قبل أن يجيب بلهفة : يا صباح الفل ، هل استيقظت أخيرا ؟!
تثاءبت برقة : صباح النور ، نعم وجدت ثلاث اتصالات منك ، هل وصلتوا أم ليس بعد ؟
همهم بضحكة خافتة : اعتذر إن كنت ازعجتك ، سلمك الله ، نعم وصلنا منذ قليل ، اتبع بمرح – المكان جميل والبحر رائع فقط ينقصني وجودك ، اتسعت ابتسامته ليهمهم متبعا : سأخبر أبي أن يقنع عمي محمود أن تأتوا لزيارتنا .
ضحكت بخفة لتهمهم بصوت ابح : لماذا إن شاء الله ؟
هز رأسه بمشاكسة : فقط هكذا أريدكم معنا دون سبب .
انقلبت في الفراش بدلال : ليس هناك شيء دون سبب يا مزون .
تعالت ضحكاته ليلوي شفتيه بإحباط حينما استمع إلى صوت والدتها يناديها فتهمهم إليه : سأنهض لأرى ماذا تريد ديدي هانم .
همهم بجدية : حسنا ، اذهبي لترى ماذا تريد والدتك وحينما تنتهي من كل الأشياء التي تشغلك هاتفيني ، سأنتظرك .
شعر بحركتها لتنهض واقفة وتسأله باهتمام : أخبرني أولا هل أنت بخير الآن ؟
صمت قليلا ليتنهد بقوة : نعم أنا بخير لا تقلقي ، همت بالحديث ولكن صوت والدتها صدح من جديد فتابع بجدية - حينما تهاتفيني ثانية سأثرثر إليك ،
تمتمت : حسنا يا مازن سانهي كل شيء واهاتفك ، إلى اللقاء .
اغلق الهاتف ليتنهد بقوة : إلى اللقاء يا ديجا .
انتبه على صوت صفير خافت : هل انتهيت يا روميو ؟
استدار على عقبيه لينظر إلى ابن عمه الواقف أمامه بجذع عار وشورت كاكي قصير ملتصق بفخذيه ليضحك بخفة : أين ملابسك يا دومي ؟
هتف أدهم بجدية : أريد أن اسبح وعلي لا يريد فأتيت لأرى هل ستأتي معي أن أذهب بمفردي ؟
عبس مازن بتعجب ليشير إلى البحر أمامها : ألن تسبح هنا ؟!
هز أدهم رأسه ليقترب منه بجدية : بالطبع لا سأذهب إلى البحر الأخر .
نظر إليه مازن بعدم فهم : لماذا ؟
زفر أدهم بقوة : ما فائدة السباحة بمفردي اخبرني ؟
هز مازن رأسه متفهما : آها تفهمت وجهة نظرك ، أشار إليه متابعا - لا لن أذهب معك ، اذهب بمفردك صحبتك السلامة .
هز أدهم رأسه متفهما : حسنا ابلغ سلامي لديجا حينما تتصل ثانية ، أراك ليلا يا ابن العم .
قفز أدهم فوق عجلة كهربائية ضخمة ذات دفع رباعي بعد أن وضع وسيم في سله معلقة بها من الأمام ليهتف به مازن : أدهم ، نظر إليه أدهم بتساؤل ليغمغم مازن - اعتني بنفسك يا ابن العم .
أدار أدهم الموتور الكهربائي ليبتسم بمكر : لا تقلق علي يا مزون ، أراك على خير .
راقبه مازن باهتمام وهو يبتعد بسرعة لينتبه على سؤال نوران التي هتفت : أين يذهب أدهم ؟!
التفت إليها مازن بابتسامة لبقة : ذهب إلى السباحة ،
لوت شفتيها بنزق : غبي .
ضحك مازن ليقترب منها بعفوية : اتعلمين من أفضل الأشياء التي حدثت هو وجودك معنا منذ البداية .
شاكسته بملامحها : استمر وسأصدقك .
وضع كفيه على قلبه : كسرت قلبي يا مدللة ، هل كذبت عليك يوما ؟
هزت رأسها نافية : على الاطلاق لذا أتيت لأتحدث معك ، أنت بخير ؟
سحب نفسا عميقا ليشير إليها بأن تسير معه فتفعل ليسير بجوار أمواج البحر التي تداعب أقدامها الحافية : نعم أنا بخير ، لست سعيدا ولا حزينا ، أشعر ببعض التشتت فقط لأجل التوقيت ولكن أكثر من ذلك لا أشعر بشيء ،
ابتسمت برقة ليتابع ببوح : أنظر إلى جنى واحزن لبكائها وحزنها ولكني لا أستطيع أن احزن مثلها فقط اتوتر لأن الحال ليس كما المعتاد أريد أن اغفو واستيقظ ليعود كل شيء كما هو ، جنى سعيدة مبتسمة وأبي يحنو عليها ويضماني الإثنين بحضنهما ولكن الآن أنا ..
صمت ليتوقف عن السير ينظر إليها ويهمس خفوت : أنا خائف .
ابتسمت برقة لتهمهم : أنت رائع .
ضحك رغم عنه : إنها مجاملة افتخر بها يا ابنة عمي .
زفرت بقوة لتتحدث بجدية : ما تحسه طبيعي يا زوما ، فلا تخف سيعود كل شيء إلى طبيعته وأفضل .
أومأ برأسه : اعرف ولذا أنا أنتظر فجنى لن تظل غاضبة من أبي لبقية العمر بل ستعود إليه أنها مسالة وقت فقط ، اتبع وهو يقترب منها – لذا أريد أن تسدي لي خدمة ، هاتفيها يا نور ودعيها تأتي إلى هنا سيساعدها تغيير المكان على التفكير والوصول إلى نتيجة بدلا من التخبط الذي يكتنفها .
أومأت له برأسها : سأفعل لا تقلق ، وهي ستأتي أنا موقنة من ذلك .
ابتسم بامتنان لها قبل أن يسألها بخفوت : هل لي أن أسأل عن شيء لا يخصني ؟
اقتربت منه لتهمس بطريقة مماثلة : بالطبع تفضل .
رمقها من بين رموشه باهتمام : ما بالك هذه الأيام أشعر بك مختلفة ، توردت بعفوية لتتسع ابتسامته بمرح- هكذا إذًا ، أنا محق .
غمغمت : توقف يا ولد .
قهقه ضاحكا : إذا وصلنا لتوقف يا ولد ، إذًا أنا محق .
زجرته بنظراتها ليرن هاتفها بنغمة مميزة لتغمغم وهي تبتعد عنه : لن أشغل رأسي بمزاحك .
هتف بمرح : ونغمة مميزة أيضا ، أنا بكل تأكيد محق يا نور .
أشارت له بكفها لتستقبل اتصاله بلهفه فيأتيها صوته مغمغما بكلمات كثيرة تعلن عن نزقه من ابتعادها فتتسع ابتسامتها وتنبض نظراتها بسعادة اشتاقت إليها لتتخفي بمكان مختفي لتستطيع محادثته على راحتها .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس