عرض مشاركة واحدة
قديم 15-09-20, 05:54 PM   #302

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثلاثون

عبست بضيق وهي تستمع إلى زوجها الذي يخبرها بحديث ابنها الذي لم يمر عليها صباحًا ، ابنها الغاضب منها على ما يبدو .. ابنها الذي تجاهل كل شيء وذهب إلى عمله و كأن شيئًا لم يكن ، وكأنه لم يفجر بوجهها البارحة قنبلة لم تكن تعلم عنها شيئًا بل والأدهى أنه اتخذ من ردة فعلها القوية - والتي ندمت عليها - ذريعة للابتعاد والمخاصمة يتبعها دومًا حينما يغضب .
لانت ملامحها و ذهنها يشرد بعيدًا تتذكر سنوات عمره الكثيرة وهو ينمو أمام عينيها يكبر ويكبر ليغدو صبي جميل يافع يحمل من ملامحها الكثير ومن صفات أبيه الأكثر ، فعمار كان نسخة وليد المصغرة في كل افعاله العفوية .. مزاحة الدائم .. خفة ظله .. والقبول الذي حظى به من كل المقربين منهم من وهو صغير ، فهو سريع التأقلم .. سلس المعشر .. جميل المحيا ، يدلف إلى القلوب بعفوية محببة وبروح خفيفة وابتسامة عابثة .
رفعت عيناها لوهلة تنظر لزوجها الذي يبتسم بنفس الطريقة تقريبًا فتبتسم رغم عنها و ذهنها يعود لحديث وليد المتناثر بمرح تخلل نبراته حديث صدم اذنيها لتردد ببهوت : ماذا تقول أنا لا أفهم ؟!
ارتبكت نظرات وليد لوهلة قبل أن يردد بهدوء وعيناه تضيق بترقب لردة فعلها : أخبرك أن عمار ابلغني بموافقة أمير .
عبست بعدم فهم : موافقة أمير على ماذا ؟!
ارتفعا حاجبي وليد بدهشة : على الزواج بالطبع .
أطبقت فكيها بغضب ومض بعينيها فجأة لتجيبه بحدة : وأمير يوافق على أي أساس هل هو من سيتزوج ؟! اتسعت عيناها بصدمة لتهدر بحنق - هل أجبر أمير الفتاة على قبول الزواج بابنك حتى يحافظ على تجمع العائلة ؟!
عبس وليد باستنكار ليجيب بسرعة : لا طبعًا ، أمير لا يفعلها ، ومض عدم التصديق بعينيها فتابع بهدوء - ثم إن يمنى ليست تلك الفتاة التي تُجبر على أي شيء .
نهضت واقفة بعصبية : وما أدرانا بأنه لم يجبرها ؟!
نهض بدوره ليهتف بها : لأنه لن يفعل ذلك ليس أمير من يجبر ابنته يا ياسمين .
هتفت بحدة : بل يفعلها لأجل أن يرضينا .. لأجل أن لا يشتت لم العائلة .. لأجل أن يعتذر لنا عم حدث البارحة .
هدر بغيظ : سيزوج ابنته من شاب لا تقبل الزواج منه لأجل أن يرضينا ويعتذر لنا ، اسمحي لي هذا أمر غير منطقي .
زمت شفتيها لتتحرك نحو هاتفها : انا لست متقبلة هذا الحديث الفتاة صرحت أمامنا البارحة بمنتهى الوضوح برفضها للزواج ماذا حدث في دجنة الليل لتستيقظ موافقة عليه فجأة ؟!
هز وليد كتفيه بحيرة وهو يفكر جديًا في حديث زوجته الذي يبدو منطقيًا للوهلة الأولى زوجته التي تابعت بإصرار : أنا لست موافقة يا وليد ، ولن أوافق إلا حينما استمع ليمنى وأتأكد من كونها موافقة بالفعل .
زم وليد شفتيه ليهمس بهدوء : حسنا اهدئي وسنرى هذا الأمر بعدما سيذهب عمار لأمير الليلة ، اتبع وهو يرقب ردة فعلها - فأمير أخبره أنه سينتظره الليلة .
عبست بتعجب لتسأله بهدوء : أمير يريد ابنك بمفرده ، لماذا ؟!
ابتسم وليد بمكر واسبل اهدابه متحاشي النظر إليها لتدقق نظرها أكثر قبل أن تهز رأسها بتفهم حينما أجابها بلا مبالاة : سيتحدث معه وبعدها سنذهب معه لا داع للقلق .
هدرت بغضب : لست قلقه فلم أكن سأذهب معه على أي حال ، فأنا لست موافقة إلى أن أتأكد من موافقة الفتاة أخبر ابنك بذلك .
هم وليد بالحديث ليصمت حينما صدح صوت عمار بتحية المساء فأجابه بحنو وهو يقترب من ابنه الذي عاد لتوه فيرحب به بينما هي اشاحت برأسها بعيدًا في حركة رافضة لوجوده .
نفخ عمار بقوة قبل أن يقترب منها يقبل رأسها هامسًا باعتذار مقتضب فتبتعد عنه بدلال متحاشية وجوده ، رفع نظراته لأبيه الذي هادنه بنظراته ليلوي شفتيه بضيق قبل أن يهتف بصلابة : سأبدل ملابسي لأذهب لبيت خالتي حتى لا أتأخر عن موعد عمو أمير .
أومأ وليد برأسه متفهمًا ليشد خطواته متجهًا فعليًا نحو غرفته ولكنه توقف حينما رن جرس الباب معلنًا عن قدوم أحدهم .
فتح الباب دون أن ينظر من القادم لتتسع عينيه بصدمة وهو ينظر إليها تطلع في وجهه ببسمة رقيقة ، رأسها شامخة بعنفوان ، تهتف بتحية المساء وتحمل طاجن خزفي بين كفيها مغطى فلا يظهر ما بداخله ، دلفت بأريحية للداخل ودون أن يطلب منها لتقترب من وجود خالتها وزوجها هاتفة بتحية أخرى تتبعها باعتذار رقيق أثار بسمته حينما شعر بنبرة توترها تختلج بصوتها الهادئ وهي تقول : آسفة أتيت دون سابق إنذار أو موعد .
ابتسم وليد بسماحة نفس و أجابها بأريحية وهو يتحرك نحوها يرحب بها : أنرت بيتنا بوجودك يا موني .
في حين نظرت إليها ياسمين بصدمة لتتحاشي النظر لعيني خالتها وهي تضع الطبق من بين كفيها هاتفة : إنها أم علي الذي تفضلينها يا خالتي ، صنعتها لك بنفسي .
رمشت ياسمين بعينيها لتهمس بعفوية : سلمت يداك يا ابنتي .
عضت طرف شفتها حينما شعرت بحركته خلفها لتهتف وهي ترفع رأسها بإيباء : أتيت لاعتذر منكما عم حدث البارحة ، آسفة لم أشأ أن أتسبب في تكدير صفونا ولكن ..
صمتت وهزت كتفيها بحركة كانت ابلغ من أي حديث ستقوله ليجيبها وليد وهو يجذبها نحوه يضمها إلى صدره يقبل رأسها : لم نغضب يا مهرتنا الغالية .
ابتسمت بخجل وتوردت وجنتيها لتعود بنظراتها لخالتها التي تطلعت لها قليلا قبل أن تشير لها : اجلسي يا يمنى أنا أريد الحديث معك .
اعتدل بوقفته وهو يشد جسده بتأهب وخاصةً حينما شعر بتوتر يمنى التي استجابت برقي فجاورت والدته جلوسًا لتربت ياسمين على فخذ يمنى بترتيبه امومية هاتفه بجدية : لست غاضبة منك وأريدك أن تعلمي شيئًا هامًا ، أيا كان قرارك بخصوص طلب زواج عمار منك لن اغضب، أنت ستظلين ابنة ليلى الغالية .. ابنة اختي التي لم أرزق إلا بها .
أحنت يمنى رأسها بحرج اعتراها تشعر بندم كبير حط بقلبها لتربت ياسمين على رأسها بحنو : مكانتك عندي لا يضاهيها أحد فأنت الفتاة الوحيدة التي اعد خالتها فعلاً .
ترقرقت عينا يمنى بدموع أبية وهي تشعر باختناق لترفع رأسها تنظر لياسمين هاتفه بندم حقيقي : أنا آسفة يا خالتي لم اقصد أبدًا أن اضايقك أو أغضبك أنا فقط .
رقت نظرات ياسمين لتهمس بحنو وهي تجذبها لتضمها إلى صدرها تربت على كتفها : أنا أعلم .. أعلم جيدًا لماذا فعلت ما فعلته .. أعلم مقصدك أدركه و اتفهمه .
أبعدت يمنى عن صدرها لتنظر لعمق عينيها هاتفة بصلابة : ولتعلمي أني معك .. اساندك .. وادعمك في قرارك أيا كان نوعه .
احتضنت وجهها بكفيها لتهتف بها : لن يجبرك أحدًا على أي شيء إذ رفضت لن يقو أي أحد على إجبارك على الزواج حتى أمير نفسه لن يجبرك فأنا معك فقط ابلغيني بقرارك وأنا سأدعمه.
__ ماما ، صاح بها في ذهول غاضب لم تهتم به ياسمين ليتراقص المكر في حدقتي يمنى لتطرف بنظراتها له لوهلة قبل أن تعيد عينيها لياسمين تجيبها : لقد منحني بابا مهلة للتفكير يا خالتي وعليه أنا لم أقرر بعد .
ابتسمت ياسمين رغم عنها وهي تلتقط مكر الفتاة التي قررت أن تذيق ابنها العذاب ألواناً ولعجبها الشديد كانت فرحة في طفلها الذي يحتاج إعادة تأهيل ، ليعيد إليها ذهنها ذكرى بعيدة جمعتها بالسيدة انعام فأوصتها حينها أن تعيد تأهيل وليد لتضمن سعادتها معه لبقية حياتهما فاتسعت ابتسامتها وهي تفكر بأن يمنى لا تحتاج لتوصية بل هي فطنت من نفسها دون مساعدة للطريقة المثلى التي ستأتي بعظيم الأثر مع ابنها الذي تمتم بتجهم ارتسم على محياه : ولكن عمي أمير ابلغني بموافقتكم .
هزت يمنى رأسها بعدم فهم لتجيبه بعفوية : نعم إنها موافقة مبدئية ، لإقامة الخطبة .
نهضت واقفة لتتابع بهدوء أثار أعصابه : فالخطبة فترة تعارف عليه يقرر العروسان هل سيستمران سويًا أم يذهب كلا منهما لحال سبيله ، اتبعت وهي تقترب منه بخطوات هادئة تحمل دلال خفي يرتسم ثغرها بابتسامة ماكرة .. مغوية .. عابثة أفقدته نبضة أخرى احتجزتها بجوار جميع نبضاته التي ظلت تسرقها منه على مدار عمره بأكمله - وعليه سنخطب لفترة وبعدها سأبلغ خالتي بقراري الأخير .
أنهت حديثها لتستدير وتنظر لخالتها التي أومأت برأسها موافقة بينما تحكم وليد بضحكاته التي هددت بانفجارها على وجه ولده العابس بحنق والمنجذب بحمق لقاع الفخ الذي جذبته يمنى إليه بل إنه تخيل لوهلة أنه يرحب بالسقوط في فخها متعمدًا إظهار تأثره بها وبم تفعله به ، ليضيق عينيه مركزًا على ملامح وجه ابنه المتجهم بافتعال أدركه حينما دقق النظر به بل إنه يخفي ابتسامة كادت أن تشق ثغره ولكنه أجهضها مبكرًا حتى يظهر كغاضب حانق أمامها.
تمتمت يمنى بهدوء : حسنًا سأذهب أنا فماما أكدت علي أن لا أتأخر .
اتبعت بشقاوة وأسف افتعلته بوجه عمار الذي وقف مراقبًا بصمت : فمن الواضح أنه يجب علي أن اكون موجودة باستقبال خطيبي .
رفع عمار رأسه بأنفه دفعت وليد للضحك بخفة ليهتف عمار بعنجهية موروثه : انتظري لا تغادري سنذهب سويًا .
مطت شفتيها لتهمس برفض : لا يصح أن أتحرك معك بمفردي ، عبس عمار ليهم بالاعتراض فاتبعت بمشاغبة - حتى إن كنت خطيبي لا يصح .
تحركت نحو ياسمين الجالسة تراقب ما يحدث بتسلية فتنحني يمنى لتقبل وجنتيها : أراك قريبًا يا خالتي .
ضمتها ياسمين وهي تهم بالنهوض فتتمسك يمنى بأن تظل جالسة وهي تهمس : سأنصرف بمفردي لا تتعبي نفسك .
تعلقت عيناه بها رغمًا عنه فيشعر بحلقه يجف وهو يتفحصها بشوق وتوق اندفع بأوردته ، انتبه على نحنحة أبيه الحادة وإشارته الغاضبة برأسه فأحنى عنقه بحرج واشاح بعينيه بعيدًا عنها وخاصة حينما وقف والده ليضمها بمودة يقبل جبينها ويهمس لها بخفوت فلم يستطع أن يتبين كلمات أبيه التي من الواضح أنها أرضتها فرسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ليهتف بحدة مرغمًا : لا تتعب نفسك يا بابا أنا سأوصل يمنى للباب فلا يصح أن أترك خطيبتي تنصرف بمفردها .
ابتسمت يمنى برقه و حيت برأسها وليد قبل أن تهتف بجدية : تصبحون على خير اراكم بإذن الله قريبًا .
جاور خطواتها بخطوات بطيئة نحو باب منزلهم ليتلكأ في فتحه فتنظر له بتساؤل أجابه بابتسامة متوترة قبل أن يشيح بعينيه بعيدًا في غضب التقطته لتزم شفتيها بعدم فهم متسائلة : أنت غاضب ؟! أومأ بعينيه فأكملت بسخرية - منى ؟!
زفر بقوة : نعم يا يمنى انا غاضب منك غاضب بشدة أيضًا .
نظرت له مليًا فاتبع بجدية : وأنت تدركين سبب غضبي جيدًا ولكنك تتجاهلينه .. بل تتجاهلينني أنا شخصيًا ، اتبع بغضب ومض بعينيه – و إلى الآن لم تكلفي نفسك خاطر أن تعتذري مني علام اقترفتِه بحقي .
أشاحت برأسها بعيدًا وكتفت ساعديها أمام صدرها لتسأله بجدية : وهل كنت تنتظر مني اعتذار، لتتبع وهي تنظر لعمق عينيه بتحدي - بل هل كنت تنتظر مني شيئًا اخر البارحة غير ما حدث بالفعل ؟!
زم شفتيه فكررت بجدية حازمة : ألم تكن تتوقع رفضي يا عمار ؟!
أجاب بتحدي اقره بينهما : بل كنت أتوقع .
رفعت حاجبها بعدم فهم : إذًا ما الذي يغضبك ؟!
نظر لها مليًا ليهمس بصوت مختنق اثر بها : لأني كنت أريدك ألا تفعلي ، أتيت لأتقدم لك وأنا أعلم بقرار نفسي انك ستنتقمين مني ولكني لوهلة أردتك ألا تفعلي أردتك تمنحيني فرصة .. تمنحينا بداية جديدة لا تكن مصحوبة بألم .. مرار .. عذاب .. انتقام .
نظر لعمق حدقتيها واتبع : أردت لنا حياة جديدة .. سعيدة .. نظيفة لا تحمل اثر للماضي ولكنك اخترت أن نكمل سويًا ونحن محملان بثقل الماضي وأخطاءه وتوابعه .
أجابت بهدوء : أنا أؤمن بأن من لا يملك الماضي لا حاضر له ولا مستقبل .
سحب نفسًا عميقًا : وأنا اوافقك الرأي وعليه سنمتلك ماضينا كما هو ونضم إليه الحاضر والمستقبل فأنا لن افرط بك ولن أدعك تبتعدين عني بعد ذلك ، اتبع بتوعد ثار بعينيه - لذا لا يهم ما حدث قد حدث ونحن سنسير سويًا في طريقنا إلى أن تتخلصي من كل اعباء الماضي الذي يؤرقك والذي ينهكني .
اقترب منها خطوة واحدة ليهتف بإصرار : سنظل سويًا يا يمنى إلى النهاية .
زمت شفتيها قليلا قبل أن تهمس له ببرود وهي تغادر : عمت مساءً يا ابن خالتي.
اغلق الباب خلفها ليزفر بقوة قبل أن يبتسم باطمئنان حط بقلبه و أمان شعر به وسكينة اهدتها له دون أن تدري أو لعلها تدرك هذا وفعلته متعمدة لا يهم الهام في الامر أنها بدأت في التقبل وعليه سيطور تقبلها لموافقة همس لنفسه بثبات " الامر منوط الآن بك يا عمار "
عاد الى صالة بيته لتتسع ابتسامته وهو ينظر لوالديه يجلسان ملتصقان و أبيه يدلل أمه كعادته فيطعمها أم علي بمعلقته في فمها ، كتم ضحكته حينما هتفت والدته برقة ونعومة : يكفي يا وليد تعلم أني لا ازيد من تناول الحلوى في الليل ، فأنا أخشى زيادة وزني .
أجابها والده بشقاوة لمعت بعينيه : أنا أريد أن يزيد وزنك فزيادة وزنك تمتعني وخاصةً في المناطق ..
كح بقوة منبهًا أبيه لوجوده ليعبس وليد بضيق هاتفًا بحدة : ماذا تفعل هنا ؟! ألم تغادر مع خطيبتك؟!
اجابه عمار بابتسامة شقية : لم أفعل بعد ، فخطيبتي رفضت أن اذهب معها ألم تستمع إليها بنفسك يا بابا .
لوى وليد شفتيه بعدم رضا : وأنت تركتها تذهب و اطعت رغبتها ، يا عيني على الرجال .
تنفس عمار بعمق ليجيبه بهدوء وهو يقترب منهما : نعم أليس هذه رغبة ماما في أني لا أجبرها على أي شيء ، اتبع وهو يركز بصره على أمه – وهاك أنا أنفذ نصيحتها لأجل أن ترضى عني فهي غاضبة مني بسبب أفعالي غير المقبولة مع ابنة أختها .
برمت ياسمين شفتيها واعتدلت جالسة ليضع وليد الطبق من يده ناظرًا إليه يشجعه بحماس أن يستمر مخالفًا غمغمته الحانقة : لن نتناول أم علي في ليلتنا .
كتم عمار ضحكته لتهتف ياسمين بحنق : لم أغضب منك لخاطر ابنة أختي كما تتشدق الآن ، بل لأن تصرفك معها ومع غيرها غير مقبول عندي .
اقترب ليجلس على ركبتيه أمامها يحتضن كفيها رغم عنها ليحدثها بثبات وصدق : أنا آسف يا ماما ، كنت صغيرًا .. طائشًا .. ارعنًا اخطأت وهاك أنا اعتذر منك ، احنى عنقه ليقبل كفيها بحنان – سامحيني واغفري لي و ادعي لي أن اقترن بمن أحبها قلبي لتقر عيناي بوجودها إلى جواري .
دمعت عينا ياسمين رغم عنها لتملص كفها من بين يديه تربت على رأسه بحنان هامسة بخفوت : أنا الأخرى اعتذر منك ، لم اقصد أن اضربك البارحة فقط ..
رفع رأسه ليقبل باطن كفها هامسًا : لا عليك يا ماما ، لا عليك .
ابتسمت من بين دموعها لتحتضن وجهه بكفيها هامسة : لا تجبر ابنة خالتك يا عمار ، يمنى إذا اجبرتها ستكرهك طوال عمرها .
ابتسم بحنان : لا أقوى على اجبارها يا ماما ، فأنا لن اتحمل نظرة رفض واحدة منها ، فقط سأراوغها لتقبل بي .
اقتربت برأسها من رأسه لتطرقه بلطف : إنها تقبل بك يا غبي بل هي تحبك من صغرها لذا أنا كنت متأكدة البارحة أن رفضها بسبب شيء فعلته أنت .
أومأ برأسه متفهمًا ليسألها بجدية : ستدعين لي ؟!
اتسعت ابتسامتها لترتب على وجنتيه بحنو قبل أن تقبله بقوة كما تفعل منذ أن كان صغير : سأفعل
احتضنها بقوة ممرغًا رأسه بحضنها هاتفا بسعادة : أنا أحبك يا مامي .
تعالت ضحكاتها وهي تضمه أكثر إليها : ومامي تحبك يا روح مامي .
زمجر وليد بحدة وهو يدفعه بعيدًا : انهض يا غبي واذهب لزوج خالتك فانت تعلم عمك أمير مواعيده مضبوطة.
ضحك عمار وهو يسقط جالسًا أرضًا ليهتف بأبيه بمشاغبة : لازال الوقت مبكرًا على موعدي فقط أنت تغار يا فنان .
تحرك وليد بعنف مفتعل لتتمسك به ياسمين وهو يزمجر : سأعلقك من رجليك مقلوبًا يا طبيب المجانين لأريك كيف أغار أنا ؟!
قفز عمار واقفًا ليبتعد بخفة : حسنا لا تتعب نفسك سأنصرف حتى تستطيع الانفراد بياسمينتك على راحتك ، ابتسم وليد رغم عنه وهو ينظر إليه يبتعد للداخل قبل أن يطل عمار عليهما برأسه فقط متبعًا بشقاوة – لا تنس أن تعمل على زيادة وزنها.
ألقاه وليد بالوسادة القريبة منه هاتفا : أيها الحمار الغبي سأريك حينما تعود سألكم وجهك الوسيم هذا حتى لا تنظر لك قطة حولاء فيما بعد.
تعالت ضحكات عمار لتهتف ياسمين بخفة من بين ضحكاتها : على رسلك يا وليد ، إنه يمزح معك .
عبس بوجهها ليهمهم : متى سأتخلص منهما هذان البغلان اللذان يفسدان علي حياتي معك .
ضحكت برقة : لا حرمني الله منهما ، ازداد عبوسه ومط شفتيه بضيق حقيقي لتبتسم ياسمين بشقاوة وتقبل شفتيه الممطوطة برقة متبعة – ولا منك يا حبيب الياسمينة .
لمعت عيناه بشقاوة ملامحه تنفرج بسرور ليضمها من خصرها اليه هامسًا : عيديها .
تمتمت برقة : ما هي ؟!
همس بصوت أبح : قبليني ثانيةً .
همت بالفعل أن تقبله قبل أن ينتبها على صوت الباب الذي أغلق وعاصم يهتف بأريحية : مساء الخير .
اغمض وليد عينيه بنزق لتقهقه ياسمين ضاحكة ، عبس عاصم بتعجب وهو ينظر إليهما أمه الضاحكة و والده العابس ليهمس بتفكه : هل أتيت بوقت غير مناسب ؟!
احتقن وجه والدته ليجيب وليد بجدية : ما شاء الله عليك ذكي طوال عمرك .
ضحك عاصم مرغمًا ليرفع يديه باستسلام : حسنًا اعتبراني لم أصل بعد ، اراكما على العشاء ، أم اذهب واتناوله عند عمي أو بالخارج لا يهم لا تشغلا رأسكما بي .
هتفت ياسمين وهي تملص نفسها من بين ذراعي وليد : العشاء معد يا عاصم انتظر .
توقف عاصم على الفور بينما نهض وليد واقفًا ليجذبها من كفها يجبرها على الوقوف وهو يغمغم : نعم العشاء جاهز ، اعتقد أنك تستطيع أن تخدم نفسك بنفسك .
كتم عاصم ضحكته حتى لا يزيد من حرج والدته التي تحاول التملص من كف أبيه القوية وهي تهمهم بخجل : توقف يا وليد واتركني سأضع له العشاء .
ليزمجر والده بغضب : إنه كبير بما فيه الكفاية ليطعم نفسه أو ليذهب لزوجته لتطعمه ، سحبها معه ليتوقف ويعود ليحمل طبق أم علي معه – لا أريد أن ألمح أحدكما للغد صباحًا .
ألقاها وليد بتهديد صريح ليدفع ياسمين أمامه متجهًا لموقع جناحهما الذي يقع باتجاه البيت الآخر بعيدًا عن غرفهما فلم يستطع عاصم إلا أن ينفجر ضاحكًا بقوة هاتفًا : لا تعتلا همنا يا بابا
أتى عمار على ضحكاته من الداخل ليصافحه مرحبًا به هاتفًا بتساؤل : علام تضحك ؟! وأين ذهبا والدينا العزيزان ؟!
تحكم عاصم بضحكاته ليخلع سترته راميً إياها بإهمال على الاريكة ليستلقي بجوارها رافعًا قدميه فوق الطاولة الصغيرة التي تقع أمامه فيهمس عمار منبهًا : قدميك يا عاصم ماما إذا رأتك ستحيل ليلتك جحيمًا .
ابتسم عاصم بمكر : لن تراني .
عبس عمار وهو يتحرك نحو غرفته من جديد : لماذا ؟!
ضحك عاصم بخفة و آثر الصمت وهو ينظر لهاتفه قبل أن يسأل بجدية : أين أنت ذاهب ؟! ولماذا تتأنق هكذا ؟!
ابتسم عمار بسعادة : عمو أمير ابلغني أنه ينتظرني ليحدد امور الخطبة معي .
رفع عاصم حاجبيه ليعتدل جالسا يشير إلى أخيه بالاقتراب هاتفًا باهتمام : تعال وأخبرني يا موري ماذا حدث وأنا غائب عن هذا البيت .
اطاعه عمار على الفور ليجلس بجانبه يثرثر إليه عن كل شيء ما عدا زيارتها إليه بعيادته فهذا هو سرهما الجديد .. الصغير ، وجسر ثقتهما الذي يبنياه سويًا معًا من جديد .
***
__ تفضل قهوتك يا أمير .
ابتسم بود وهو يلتقط الفنجان من بين كفيها براحتيه بدلاً من ان تضعه بالطاولة الجانبية ليهمس وهو يشتم رائحة القهوة المنبعثة من فنجانه : سلمت يداك يا ليلتي .
ابتسمت برقة وهمهمت إليه وهي تجلس بالكرسي المجاور له : سلمت وعشت لا حرمني الله منك أبدًا .
تأملها بحنو : ولا منك يا أم الاولاد .
زمت شفتيها بحنق عفوي ليقهقه بخفوت : حسنًا لا تعبسي يا أم أسعد .
تهلل وجهها بفرحة لتهمس باشتياق امومي : أعاده الله لنا سالمًا .
نفس عميق كتمه بداخله ليهمس بثبات : بإذن الله سيعود سالمًا ، رمقها بطرف عينه قليلًا ليحدثها بود جاد - أخبريني عم تفكرين .
رمشت بعينيها قليلا قبل أن تسأله بم يعتمل بداخلها : لماذا طلبت من عمار زيارتنا بمفرده يا أمير، أليس من المفترض أن يأتي بعائلته كالبارحة لنتمم اجراءات الخطبة ؟!
ارتشف قليلًا من فنجانه ليسألها وابتسامته الماكرة ترسم ملامحه : لماذا افترضت أننا سنتمم اجراءات الخطبة اليوم ؟!
عبست بتفكير لتسأله بعفوية : ألم تخبره أننا موافقون ؟!
قاطعها : انها موافقة مبدئية يا ليلى ، أي أننا لا نعترض على شخص عمار ولا على نسب العائلة ولكن إذا أردت أن اتمم خطبة ابنتي لابد أن يكون اخيها البكري حاضرًا ، ألقاها وهو ينظر إلى ليلى بمشاكسة ليتابع – أليس كذلك ؟! أم لن تنتظري عودة أسعد ؟!
أجابته على الفور : بالطبع سننتظر .
أومأ برأسه موافقًا ليكمل : ومن الطبيعي أيضًا أن يكون العائلتين بأكملهما حاضرين ، أي لابد أن يكون خالها متواجد وزوج خالتها وعائلة حاتم أيضًا فهم يعدون من عائلتنا ، وآل الجمال سيتواجدون كما كان الأمر يوم قراءة فاتحة جنى وأسعد ، وحينها سأدعو خالد فهو الصديق الاخ لذا سأقيم قراءة الفاتحة والخطبة معًا بإذن الله .
رمقته قليلا لتهمس بخفوت : لماذا أشعر أنك تعد فخًا للولد ؟!
قهقه ضاحكًا بعفوية ليجيبها بمراوغة : كل شيء جائز يا ليلى .
نظرت إليه بعتاب لتهمهم : لا تزيد الامر عليه يا أمير يكفي ما فعلته ياسمين به البارحة ،
عبس باهتمام ليسألها : وما الذي فعلته ياسمين به ؟!
تنحنحت بحرج لتهمس : لا يهم التفاصيل ولكني هاتفتها اليوم لاعتذر منها على ما حدث فوجدتها تعتذر لي بدورها ، احنت رأسها لتتابع – اعتقد أن عمار أخبرها عم حدث قديمًا .
اسبل اهدابه ليسألها بصوت اجش : وما الذي حدث قديمًا ؟!
بللت شفتيها لتهمس إليه : ألا تعرف حقًا ؟!
هز كتفيه ببرود : لم يخبرني أحد ، اتبع وهو ينظر لعمق عينيها – هل أخبرتك ابنتك عم حدث قديمًا كما فعل هو مع أمه ؟!
ارتبكت نظراتها لتهتف وهي تنهض واقفة : بمناسبة ابنتك إيناس مرت علي صباحًا ولكنها كانت متعجلة فلم استطع أن اخبرها بأمر خطبة يمنى ولكني أخبرت نادر الذي أخبرها .
قبض كفيه ليتجاهل بدوره الحديث الذي لا تقو على مصارحته به ليسألها بجدية : جيد أنك أخبرتهم ، هل أخبرت بلال يا ليلى ؟!
توترت كفيها لتستدير تنظر نحوه وتهز رأسها نافية رفع حاجبيه بتعجب ليسألها بجدية : لماذا؟!
عضت ليلى شفتها السفلية بطريقة طفولية اثارت تعجبه لتهمهم بحرج : اخبرت سوزان التي باركت لي وتهللت فرحًا لأجل يمنى ، صمتت وسحبت نفسًا عميقًا لتهمس – ولكني لم أقوى على اخبار بلال فأنا خائفة أن يغضب لأني شعرت أكثر من مرة أنه يريد أن يزوج يمنى من سليم .
اجاب امير بهدوء : ولكنه لم يفعل ، بل أنا سألته صراحة واجاب بأنه يتمنى ذلك ولكنه لم يصرح فعليًا بل إن ابن اخيك لم يصرح برغبته الحقيقية في هذا الأمر إلا عن طريق المزاح .
مطت شفتيها بتفكير ليهمس باسمها فيستولى على انتباهها قبل أن يتابع سائلًا : ليلى هل كنت تريدين أن تزوجي يمنى من سليم ؟!
تنهدت بقوة لتقترب منه تجلس بجواره ثانية لتهمس بجدية : لا انكر أني تمنيتها ، فسليم شاب لا مثيل له ، يشبهك في كثير من الاشياء وسيفدي يمنى بعينيه ولكن القلب وما يريد يا أمير ، اتبعت بصوت حان - ابنتك تحب ابن خالتها ، والولدين بالنسبة لي كولدي ، بل مكانتهما واحدة أنا احبهما كأسعد وعادل ، فلا فارق لدي بينهما فقط لا أريد خسارة أخي بعد هذا العمر بأكمله .
ربت على كفها ليضمه إليه فيحتضنه بين راحتيه : لا تخاف يا ليلى لن تخسري أخيك وبلال لن يفعلها .
نظرت إليه بحيرة فطمئنها بنظراته ليجذبها نحوه بلطف ليطبع قبلة على وجنتها برقي : سلمت يداك على القهوة ، همس بصوت أجش حينما لفت رأسها نحوه برقة فتقبل جانب ثغره – كانت رائعة .
رفعت عيناها فاتصلت نظراتهما لتهمس بصوت أبح : أنت الرائع يا اميري .
استنشق انفاسها ليلتقط ثغرها في قبلة رقيقة حانية قصيرة ليبتعد مرغمًا حينما استمع إلى صوت الباب الذي اٌغلق ، نظرت إليه بعدم فهم فهمس بصوت أجش : ابنتك .
توردت بخجل قبل أن تلتفت الى ابنتها التي اقبلت عليهما تنظر للأرض بحرج وتهمس بالتحية لتسألها ليلى : أين كنت يا موني ؟!
توترت وقفت يمنى لتهمهم إليها بتعجب : ألم اخبرك يا ماما ؟! عبست ليلى بعدم معرفة فاتبعت يمنى بتململ – ذهبت لخالتي ياسمين حتى اعتذر منها عم حدث البارحة .
رمقها أبيها بطرف عينه لتهتف ليلى بتفهم : آها نعم تذكرت ، هل اعجبتها أم علي ؟!
ابتسمت يمنى برقة لتهز كتفيها بعدم معرفة وتجيب وهي تبتعد عنهما تجلس بالأريكة البعيدة : لا اعلم لقد انصرفت سريعًا ، اتبعت وهي تنظر لأبيها بطرف عينها – فدكتور عمار كان هناك .
تحكم أمير في ابتسامته لتتأهب ليلى بعفوية وتسألها بفضول : وماذا حدث ؟!
هزت يمنى كتفيها بلا مبالاة : لم يحدث شيئًا يا ماما ، اعتذرت من خالتي وعمي وغادرت .
نظرت إليها ليلى بعصبية لتسألها بجدية : ما كان ردهما ؟!
رفعت يمنى حاجبيها لتتشدق بابتسامة ماكرة : خالتي ضمتني إلى صدرها وقبلتني واخبرتني أنها ستدعمني أيا كان قراري وأن لن يقوى أحدًا على اجباري على الزواج من ولدها .
اتسعت عينا ليلى بعدم تصديق : هل تمزحين يا يمنى ؟!
هزت رأسها نافية وهي تنظر لأبيها الذي تجاهل الحديث الدائر بينهما : بل اخبرتني بهذا أمام ولدها نفسه .
عبست ليلى بحنق : هل جنت ياسمين ؟! لتتابع بغضب – وهل أخبرتها أنت أننا نجبرك ؟!
هزت يمنى رأسها نافية لتجيب بجدية : بالطبع لم افعل ، ابتسمت واتبعت بشقاوة وهي تركز نظراتها على أبيها – لأني موقنة أنكم لن تفعلوها يا ماما ، فابنة الخيال لا تٌجبر .
نهضت واقفة لتتحرك نحو أبيها لتنحني نحوه هامسة بمشاغبة : أليس كذلك ايها الأمير ؟!
رفع عينيه إليها يبتسم بمكر فتشابهت نظراتهما ليهمس بصوت جاد فخم كعادته : خطيبك سيأتي بعد قليل لا أريد رؤيتك طالما هو موجود بالمنزل .
هزت كتفها برقة لتهمس بطريقة طفولية تعمدتها : أمرك يا بابا .
شدت خطواتها للداخل وهي تدندن فتهز رأسها بانسجام فيهتز شعرها الملموم في ذيل فرس بطريقة متناغمة مع خطواتها الرشيقة ليكتم ضحكته وخاصةً حينما استدارت ليلى إليه تهتف إليه بغيظ : أرى أنك صالحت مهرتك يا أمير .
اتسعت ابتسامته : أو لم تفعلي أنت ؟! بل إنك تبادلت معها أسرارها التي تخفينها عني وأنا سكت ولم أشأ أن اعكر صفوكما .
زفرت ليلى بقوة لتجلس بجواره ثانية : لم أشأ أن اضايقك ولا اغضبك لذا لم أخبرك بحديثها معي
ابتسم بود : لا عليك يا ليلى ، لا اريد أن اعرف فقط كان يهمني أن تبوح لأحدًا منا عم يحدث معها .
نظرت إليه مليًا لتهمهم إليه ببوح : اعتقد أنها اخفت عنك حتى لا تغضب منها .
أومأ برأسه متفهمًا ليرن جرس الباب فتهم بالنهوض ليتمسك بها هاتفًا : ابق أنت سأفتح أنا الباب .
عبست بتعجب : من سيأتي الآن ؟!
نظر اليها بتعجب ليهتف بها : ما بالك يا ليلى ؟! تنسين كثيرا اليوم ، إنه عمار كما المتوقع .
هزت رأسها سريعًا : آها تذكرت إذًا سأنهض لأعد لكم ما تشربونه .
تحركت بالفعل تتبعه لتتجه نحو المطبخ لتسمع صوته المرحب بحفاوة : مرحبًا يا بلال ، تفضل.
شعرت بنغزه قوية حطت بقلبها وخاصة حينما تحركت نحو أخيها الذي دلف بالفعل بعد أن صافحه أمير و رحب به لتبتسم في وجهه برقة كعادتها : تعال يا بلال ، انرتنا بالزيارة يا أخي .
ابتسم بلال مرغمًا فلم ينفرج عبوسه ولا حدة نظراته ليهتف بجدية بعد أن أجاب تحيتها بلباقة و ود : أنا أريد الحديث معك يا أمير .
توترت ليلى ونظرت إلى أمير بحيرة فأومأ إليها بعينيه أن تهدأ ليهتف بترحاب : بالطبع تفضل يا بلال ، تعال يا أخي ، أشار إليه بذراعه نحو غرفة مكتبه – إذا اردتنا أن نتحدث على انفراد تفضل .
استجاب بلال إليه بنفاذ صبر ليهتف أمير بهدوء : اعدي القهوة لنا يا ليلى .
أومأت برأسها وهي تتحرك نحو المطبخ ليدلف هو خلف اخيها ويغلق الباب خلفهما ليبتسم بمودة في وجه بلال العابس ويشير إليه بالجلوس قبل أن يجلس على إحدى الكرسين الموضوعين بجانب المكتب ، اطاعه بلال ليهتف حينما استقر مجلسه : هل ما أخبرتني به سوزان صحيحًا يا أمير ؟!
عبس أمير بتعجب ليسأله بهدوء وهو يجلس مواجهًا له : وما الذي أخبرتك به سوزان يا بلال؟!
اطبق بلال فكيه بغضب : أن ابنة اختي خُطبت وأنا آخر من يعلم .
ابتسم أمير بلطف ليجيبه : لا ابنتي لم تخطب بعد ، كل ما في الأمر أن هناك من تقدم إليها ونحن منحناه موافقة مبدئية .
هدر بلال بعصبية : دون أن تخبرني .
رفع أمير حاجبيه بتعجب ليؤثر الصمت قليلاً وهو ينظر مليًا لبلال الذي انقلبت ملامحه بحرج قبل أن يهمس أمير أخيرًا : وهل كان علي أن أخبرك ؟!
رفع بلال نظره بسرعة ليهتف بحنق : أو ليس من حقي ؟!
رد أمير بهدوء : لا طبعًا من حقك ولكن أنا متعجب فقط من غضبك هذه المرة فأنا لم اخبرك من قبل عن أي عريس تقدم لموني وقوبل بالرفض وأنت لم تغضب ، وهم كثر لو تعلم ، لماذا كان علي هذه المرة أن اخبرك ؟!
رفع بلال رأسه باختناق شعر به : لأنك لم ترفضه يا أمير ، بل وافقت عليه دون أن تسألني رأيي
تنفس أمير واجابه بصبر : إنها موافقة مبدئية يا بلال وليلى اخبرتكم في حينها ، وبالطبع حينما كنا سنتفق على موعد قراءة الفاتحة والجلسة المبدئية كنت سأخبرك بنفسي .
توتر بلال بجلسته ليهمس بصوت أبح : ارفضه يا أمير ، لا تزوج يمنى منه .
صدم أمير لوهلة قبل أن يتدارك ويسأل بجدية : لماذا ؟! هل ترى عليه شيء ؟! هل هناك شيء تعرفه وأنا لا ؟! ما السبب لأرفضه ؟!
زم بلال شفتيه قليلًا قبل أن يقرر البوح أخيرًا : لأنه ابن آل الجمال .
اعاد أمير رأسه للخلف قليلاً قبل أن يهمس بتقريع واضح : وهل آل الجمال سبة يا بلال ؟! وعليه من المفترض أن ارفض ابنهم لهذا السبب
__ لا ، لم اقصد هذا ، ولكن .. صمت قليلا ليتابع – بل أنا اقدر العائلة سيادة الوزير وشقيقه وكنت اقدر عاصم باشا رحمة الله عليه ، بل إن عاصم الصغير مكانته كبيرة لدي .
ومضت عيناه بغضب اهوج وهو يكمل : إلا هذا ، شبيه ابيه ، إنه لا يليق بيمنى يا أمير ، لا يستحقها يمنى أغلى كثيرًا من أن تمنحها له .
هدر أمير باسمه في غضب فأوقف سيل حديثه ليحدثه بصلابة : أنت تتحدث عن وليد وترفض الفتى لأجل أنه ابن وليد ، اتبع امير بحزم - وليد أخي وصديقي و زوج ابنة عم زوجتي والتي بمثابة أختها التي قضت عمرها كله معها ، وابنه تربى ببيتي مع ولدي ويعد ابن خالة أولادي ، ثم نعم عمار ابن وليد ولكنه ابن ياسمين أيضًا ، أم أنك معترض على ياسمين أيضًا .
اجاب بلال بغضب اهوج : بالطبع لا ياسمين أخت عزيزة اقدرها واحترمها بل إني اعدها إحدى اخواتي ولكني لم اقدر زوجها أبدًا ، بل رأيتها دومًا أكثر مما يستحق .
اطبق أمير فكيه ليمنع غضبه من الانفلات قبل أن يهمس بجدية : ولماذا لم تخبرها برأيك ؟!
هتف بلال بعجز : لم أكن ذي صفة لأخبرها .. لم أكن املك القدرة على اخبارها .. لم أكن اقوى على تحطيم سعادتها واخبارها بأن من انتقته .. حبته .. وتزوجت منه لا يستحقها .
زفر امير بقوة : والآن ؟!
هتف بلال بجدية : أنا املك الصفة التي تمنحني القدرة على ابلاغك برأيي يا أمير ، أم أن صفتي و رأيي لا اهمية لهما ، ومقولة أن الخال والد لا يعتد بها أمام وليد وابنه .
زفر أمير بقوة وهز رأسه بيأس : لماذا أصبح الأمر فريقان فجأة ؟! فريقك وفريق وليد .
رفع رأسه باعتداد : لأنه كذلك ، ارفض ابن وليد لأجلي يا امير ، هز أمير رأسه بيأس فتابع بلال بتهور - ارفضه وأنا سآت بسليم ونتقدم لخطبة يمنى .
ارتفع حاجبي أمير بدهشة تملكته ليهتف بحنق : ستزوج ابنك من ابنتي فقط حتى أرفض ابن وليد، هل جننت يا بلال ؟!
اشاح بلال بعينيه بعيدًا ولم يجب ليزفر أمير بقوة قبل أن يحدثه بمنطق تمسك به : حسنًا دعنا ننحي وجود عمار من الصورة ، ونبعد وليد وآل الجمال عن الامر ، أنت تتحدث عن رغبة سليم في الزواج من يمنى ، أليس كذلك ؟!
رجف جفني بلال لينظر إلى امير بتساؤل فاتبع أمير بهدوء وصبر – أنت تتحدث عن يقين من رغبة ولدك يا بلال ؟!
هتف بلال سريعًا : وهل هو أحمق ليرفض الزواج من يمنى ؟!
رفع أمير حاجبه واربد وجهه بغضب : وحتى إن قبل هل سأقبل أنا أن ازوج ابنتي لشاب يتزوج فقط لأجل ارضاء رغبة ابيه يا بلال ؟! بل لأجل أن يظفر بابنتي حتى لا تتزوج من آخر يريدها ويحبها ويتمنى رضاها وقربها ؟!
ارتجف بلال مرغمًا واحنى عنقه حرجًا ليتابع امير بقوة : ألم أسألك بحفل مولد آسيا عن كونك تتقدم ليمنى رسميًا أم لا وجاوبتني حينها أنك فقط تسأل حتى تعلم مقدار سليم عندي ؟!
زم بلال شفتيه ووجهه يكفهر ليكمل أمير بصرامة : ولعلمك مقدار سليم عندي كبير ومكانته عالية وإذا كنت املك ابنة اخرى وشعرت بأنه يريدها وقبلت به سأزوجه بها ولكن ما باليد حيلة.
رف بلال بجفنيه ليسأل بصوت اجش محشرج : ما معنى هذا الحديث يا أمير ؟! أنت ترفض أن تزوج سليم من يمنى ؟!
نظر إليه أمير بصدمة ليسأله بحنق : وهل تقدم سليم أصلًا ليمنى يا بلال ؟! اشاح بلال برأسه بعيدًا ليتابع أمير بجدية – وحتى إن فعل الآن ، لا أقوى على الموافقة لسببين أولهما أن لا يخطب المرء على خطبة أخيه يا بلال ، ويمنى لديها خاطب فعليًا الآن .
اربد وجه بلال بغضب ليتابع امير بتروي : والسبب الثاني يدركه ولدك لذا لم يتقدم لابنتي أبدًا إلا عن طريق المزاح ، بل حتى في مزاحه الدائم كان يلمح له .
عبس بلال بعدم فهم ليسأله تلقائيًا : وما هو ؟!
اجاب أمير بهدوء بعد أن زفر انفاس صدره كاملة : نفس السبب الذي منعك قديمًا من إثناء ياسمين عن الزواج من وليد .
شحب وجه بلال على الفور ليكمل أمير بثبات : يمنى تقبل به يا بلال بعيوبه ومميزاته ، تحشرج صوت أمير ليهمس بسماحة نفس – ابنتي تحبه وتريده .
احتقن وجه بلال بقوة واختنق حلقه ليهدر بخشونة : وأنت متصالح مع الأمر يا أمير ، وتتحدث به كأنه شيء عادي علينا تقبله ؟!
ضحك أمير مرغماً لينظر إليه بشفقه : وهل أقوى على رفض مشاعر ابنتي وأنا الذي أعلم جيدًا معنى أن تقترن بمن امتلك روحك .. قلبك .. عقلك ، هل أقوى على ردعها عن مشاهر بريئة تحركت رغمًا عنها و ارفض ارتباطها بمن أحبت في حين أني اشجع ابني على الزواج ممن احبها وملكت عقله ؟!
هدر بلال بغضب : ولن تحاسب ابن وليد الذي دلف إلى بيتك ليشاغل فتاتك ويسرقها منا ؟!
مط أمير شفتيه لينطق بتعمد قاصدًا ايلامه : وهل حاسبتك عمتك رحمة الله عليها عن سرقتك لابنتها قديمًا يا بلال ؟!
ارتعد بلال ليشعر بالاختناق يمتلك أنفاسه ليتابع أمير بود : ليس أنا الرجل الذي يحاسب ابنته على مشاعرها يا بلال ولن أحاسب الفتى على مشاعره أيضًا ، فأنا أدرك جيدًا أن الحب لا كبير له يا اخو زوجتي .
ابتسم بلال بألم وهمهم ببوح أثار شفقة امير : بعد عمر كبير أتى من سيأخذ الفتاة التي تمنيت يوميًا منذ أن كانت برداء المشفى الوردي أن اضمها لكنفي و ازوجها من ولدي .
تنهد أمير بقوة وربت على ركبته بلطف : لن يأخذها أحد ، يمنى من اختارت يا بلال ، و زواجها من عمار لن يغير من كونك خالها شيء .
لوى بلال شفتيه بسخرية فاكمل أمير : اخرج الأمر عن دائرة ضيقك وحنقك من وليد وانظر لعمار منفردًا سيسهل الأمر عليك كثيرًا .
هز بلال رأسه بحركة غير مفهومة لينهض واقفًا فينهض أمير بدوره : إلى أين ؟!
همهم بلال باختناق : سأعود للمنزل واعتذر إن ضايقك حديثي .
تنهد أمير وصافحه بقوة : بل أنا اعتذر منك لأني لم استطع تلبية طلبك .
تهرب بلال من نظرات أمير وهو يشعر بالحرج يغزوه ليهمس باختناق : فقط لا تبعدني عن الأمر كوني رافضًا له .
ابتسم أمير بحفاوة وعيناه تلمع بصدق : لن أفعل بالطبع وهل أقوى على ابعاد أخي وخال ابنتي الوحيد ، فقط هون على نفسك يا بلال .
تمتم وهو يتجه نحو باب المكتب ليفتحه هاتفًا لأمير : أنا بخير لا تقلق .
توقف عن الحركة بعدما أصبح بمنتصف الطريق بين غرفة المكتب وباب البيت لينظر إلى من وقف احترامًا حينما ظهرا أمامهما ليهمس بصوت محشرج : اعتذر أتيت باكرًا قليلا ولكن خالتي أخبرتني أنك منشغل مع بلال بك في الحديث فانتظرتك إلى أن تنتهي يا عماه .
ابتسم أمير إليه بمودة : مرحبًا بك يا دكتور .
ابتسم عمار بحرج وتوتر سرى بأوردته جراء نظرات الآخر الكارهة له منذ طفولته ليهتف بجدية : مرحبًا يا بلال بك ، سعيد برؤيتك اليوم .
ألقاها وهو يتقدم نحوهما ليصافح بلال الذي صافحه على مضض قبل أن يهمس من بين أسنانه بحنق صدح جليًا : بل انا الأسعد ،
اتسعت عينا عمار بصدمة لينظر إلى أمير الذي صافحه بترحاب قبل أن يهتف بلال : حسنا سأنصرف أنا يا أمير أراك على خير .
__ صحبتك السلامة .
ألقاها أمير وهو يهم بأن يصحبه ليوقفه بلال بود : لا تتعب نفسك أنا أعرف الطريق جيدا ثم سأمر على ليلى لأبلغها بانصرافي ، اتبع وهو يرمق عمار بطرف عينه – لا أريد أن اشغلك عن ضيفك ، تصبحون على خير .
أجابا الاثنان التحية ليبتسم أمير بعدما اختفى بلال من أمام نظره هاتفًا بجدية : تعال يا عمار لدينا حديث طويل علينا انهاءه اليوم .
سحب عمار نفسًا طويلًا ليهمس بتفهم : اعلم يا عماه و وعد لك مني لن أغادر دون أن اخبرك بكل شيء فقط اطلب منك أن تكون متسامحًا و رؤوفًا بي .
ابتسم أمير بمكر ليشير إليه أن يتقدمه للداخل : تعال يا ابن وليد فمن الواضح أن حديثنا سيكون طويلًا .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس