عرض مشاركة واحدة
قديم 16-09-20, 05:53 PM   #308

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء النور والسرور على متابعين رواية حبيبتي الحلوين
اتمنى تكونوا بخير وصحة وسلامة
وبموعدنا اليومي
نلتقي بفصلين جداد من الرواية
فصلين مهمين بقفلة صعبة
فاستحملوا شوية
ومنتظرة ارائكم وتعليقاتكم ومشاركتكم


الفصل الواحد والثلاثون
بعد ما يقارب الثلاث اسابيع

يتحرك بخطوات حازمة في أروقة هذا المبنى الذي يحمل الفخامة .. يدل على القوة .. ويضم اكفأ الضباط يعملون تحت امرته ، يتذكر حينما انضم إلى هذا الجهاز السيادي لأول مرة ، وكيف تم طلبه بالاسم وخاصةً بعدما رُقي وتوقف عن تنفيذ المهمات الصعبة ليستفيدوا بخبرته وحنكته ورغم أنه لم يكن ضابط بالجيش إلاأنه علم بأنالجهاز يضم الأكفأ من كل الجهات الخاصة بالأمن، والآن هو يرأس الجهاز بجانبيه العسكري والأمني بعد جهد طويل وعمل دؤوب على مر الزمن إلى جانب تعيينه مستشار الرئيس للشئون العسكرية والأمنية.
رفع رأسه بشموخ كعادته وتحكم في زفرات انفاسه وهو يخطو ومن حوله أفراد فرقة الحرس الخاصة به يتبعه مدير مكتبه ونائبه الذي اقترب منه فجاوره في إشارة بأنه يريد الحديث معه بأمر هام فأحنى راسه انحناءة خفيفة ليستمع إلىالآخر الذي هتف : قضية الجاسوسة يا سيدي لم نستطع إلىالآنأن نحصل منها على أيمعلومات !!
عبوس طفيف داعب ملامحه ليتابع الآخر : ناصر لا يقوى على التعامل معها يا سيدي .
اعتلى التفكير ملامحه ليهز رأسه متفهما قبل أن يسأله بجدية : هل يحقق معها الآن ؟!
أجاب الآخرسريعًا : لا ولكن إذا أردت .
هز أميررأسه على الفور : أريدأنأنظرإلى طريقته معها ثم أقرر ، اتبع بجدية - ناصر شاب ممتاز وكفء ولا أستطيع تجريده من قضيته التي عمل عليها إلا حينما أوقن من فشله في معالجة الأمر.
أومأالآخر متفهمًا قبل أن يحدث شخص آخر خلفه فيتحرك بخطوات واسعة وهو يتحدث بجهاز صغير ليسأله نائبه من جديد : سيادتك ستذهب الآن ؟!
أومأ برأسهإيجابًا فيتحرك مخالفًا طريقه لمكتبه فيتبعه الجميع ليصطف الرجال اللذين يقابلونهم في الممرات بآليه يشدون اجسادهم بانتباه ويؤدون التحية العسكرية بهمة فيحيهم برأسه وهو يمر من أمامهم إلىأن وصل الى غرفة مكتبيه تطل على غرفة أخرى بزجاج فاصل عاكس يظهر ما يحدث من خلفه دون أن يظهره ، انتفضا الضابطان الصغيران يقفان باحترام يحيونه بإجلال فيمأ لهما بتقدير قبل أن يهتف أحدهم وهو يقف بانتباه : ناصر على قدوم يا سيدي والفتاة أيضًا .
أومأ أميررأسه بتفهم ليهمس بجدية : استرح .
تبادلا الشابين النظرات بينهما بحرج فنظر إليهماأمير قليلاً قبل أن يهمس بود : عودا إلى عملكما ولا تهتما لوجودي .
نظرا لبعضهما ثانيةً بحرج فلا يتحركان من مكانهما ليهتف نائبه بجدية : نفذا الأوامر .
تحركا بسرعة ليجلسا أمام الأجهزة التي تعمل على تسجيل كل ما يحدث بالغرفة قبل أن يهتف أحدهما : الفتاة وصلت .
ركز أمير بصره على الفتاة التي دلفت من الباب أمامه بعد أن دفعها أحد الرجال للداخل فلوت شفتيها بتهكم وهي تلاعب خصلات شعرها الطويلة المموجة قبل أن تجلس بأريحية على إحدى الكرسين الموضوعان حول المنضدة المستطيلة الصغيرة لترفع ساقيها فوق المنضدة أمامها وهي مستمرة في التلاعب بخصلاتها.
لوهله تعجب من تصرفها ليرمق بطرف عينه الشابين اللذان يتحكما في تأثرهما بصلابة - بالجسد الأنثوي القابع أمامهم بالتواء محسوب، فتجمد ملامحه وهو يراقبها كيف تدندن بارتياح وتهز جسدها برقة مغوية متعمدة فيسحب نفسًاعميقًا قبل أن يلتفت لناصر الذي دلف بخطوات سريعة قبل أن يؤدي التحية العسكرية أمامهفيبتسم أمير بوجهه ويحيه بلطف : كيف حالك يا ناصر بك ؟!
أومأ برأسه في إجلال : بخير والحمد لله يا سيدي ، تلكأ ناصر وهو ينقل عينيه بين عيني أمير ونائبه الواقف جواره قبل أنيسأل - هل هناك ما أخطأت به يا سيدي ؟!
هز أميررأسهنافيًا : أبداً يا بني فقط أتيت اطمئن على سير التحقيقات أنت تعلم أنها قضية هامة جدا لدينا وأنت بارك الله فيك أديت مهمتك وأوقعت بهما
رد ناصر سريعًا : الدكتور اعترف بكل شيء يا سيدي .
رفع أمير عينيه لينظر له : نعم أعلمقرأت التقرير البارحة ولكن لابد أن تدلي هي الأخرى بشهادتها التي لم أراها في التحقيقات بل أنت كتبت في تحقيقك أنك لم تتمكن من إنهاء التحقيق معها ولا مرة من العشرون مرة الماضية.
رمش ناصر بعينيه ليجيب بغيظ مكتوم : إنها تتصرف بطريقة .
زم شفتيه مانعًا نفسه من التفوه بأي كلمة خاطئة ليمأ أميربرأسه متفهمًا وهو يشير بسبابته : أرى هذا . اتبع بجدية آمراً - لذا أكمل التحقيق فانا أريد رؤيتك وأنت تحقق معها .
شد ناصر جسده ليؤدي التحية بجدية قبل أن يستدير على عقبيه حينما أشار إليهأميرأن يذهب ليغادر ناصر الغرفة بالفعل قبل أن يدلف أمامه في الغرفة الأخرى فتقابله الفتاة بضحكة ساخرة وهي على نفس جلستها فلم تهتم به ولا بدخوله ليغمض ناصر عينيه مستدعيًا صبره وثباته قبل أن يهتف بجدية : اجلسي باعتدال ، ضحكة أخرى متهكمة صدرت منها فيهتف ناصر من جديد وهو يقبض كفيه بقوة - اعتدلي قلت .
لوت شفتيها باستهزاء تجلى بعينيها قبل أن تنزل ساقيها بالفعل لتجلس على طرف الكرسي وتضع ساعدها حول ظهر الكرسي فتقابل ناصر بجنب جسدها وهي تشده باستقامة
سحب ناصر الكرسي الآخر ليجلس عليه يضع أمامه جهاز لوحي يداعبه بأصابعه قبل أن يسحب نفسًاعميقًاسائلاً بجدية : اسمك ؟!
هزت كتفها بلا مبالاة قبل أن تجيب ببرود : وهل يهم اسمي في شيء ؟!
أجاب ناصر وكأنه لم يسمع شيء : وجدنا معك هوية باسم مروة وتمتهنين الطب ولكنك متهمة بقضية دعارة والاشتراك في شبكة دولية فأمامي جواز سفر باسم سالي وأنك لست مصرية كما تقول الهوية بل إنك تحملين الجنسية الكندية
رفع راسه إليها : وأنا اعتقد أن كلاهما مزوران لذا أسألك عن اسمك الحقيقي
تحركت لتقابله تفرد ذراعيها على الطاولة أمامه لتهمس بصوت أبح وهي تنظر إليه بإغواء : وأنا أخبرتك أن كل هذا لا يهم .. مروة أو سالي أوأي اسم آخر ما الفارق ؟!
ازدرد لعابه ببطء قبل أن يهتف : ما اسمك وهويتك وأيا منهما أنت ؟!
بللت شفتيها لتهمس وهي تغمز له بعينها : ما رأيكأتركأمر اسمي ودعنا نتعارف بشكل أقرب من موضوع الاسماء هذا ؟
اهتزت حدقتيه لوهلة قبل أن تتسع عيناه حينما رفعت نفسها بكفيها على الطاولة لتزحف من فوقها ثم تجلس على الطرف الآخرأمامه مباشرة فيعود بجسده للوراء حتى لا تلامسه بركبتيها اللتين أصبحتا حول جسده لتهمس بصوت أبح وهي تلامس بلوزتها المكشوفة قليلا فتفك أزرارها ببطء : دعني أريك ما لم تره من قبل وأتركأمرالتحقيق هذا واسمي وهويتي فكل هذا لا يهم اتبعت و هي تتخلص بالفعل من بلوزتها فتصبح امامه بصدريتيها فقط - ما يهم النعيم الذي سأصحبك إليه
انتفض ناصر واقفًا مبتعدًا بجسده عنها ليهتف بصلابة : ارتدي ملابسك
مطت شفتيها بملل لتهتف به ببرود : هل أنت متزوج ؟!
اغمض ناصر عينيه بنزق ليصيح بغضب هذا المرة : لا شأن لك بي يا..
توقف عن سبها لتضحك بسخرية ضحكة عالية لتهمس بغنج : كم يعجبني أدبك وأخلاقك العالية تجعلني أفكر فيك كيف ستبدو حينما تخلع ردائك المتحضر هذا ، و كيف ستكون وسط جموح شهوتك ؟!
هتف علاء - أحد الشابين - من جوار أمير : ناصر سيقتلها هذه المرة
ليندفع علاء بسرعة حينما هدر ناصر بغضب وهو يتجه إليها بعنفوان ناويَ ضربها : أيتها ال..
انفتح الباب قبل أن يهتف علاء : هل فاتني شيئًا هنا ؟! توقف ناصر قبل أن يقبض على عنقها بالفعل ليشير إليه علاء بعينيه ثم يصيح باسم أحد العساكر ويبتسم مجبرا : أصحبها للحبس ثانية ، اتبع بابتسامة سمجة - ارتدي بلوزتك .
وضعت البلوزة على كتفيها بإهمال لتتحرك مع العسكري إلى الخارج دون أن تهتم بإغلاقها ليغمض ناصر عينيه بنزق قبل أن يستمع إلى كلمات علاء المهدئة
اعتلى التفكير ملامح أمير وهو ينظر للشاب الذي ينتفض غضبًا ليهتف بنائبه وهما يغادران الغرفة : أين حسن ؟!
هتف الآخر على الفور : بإجازة يا سيدي
اجاب امير بجدية : أستدعيه اليوم وأخبره أن يحضر مع ناصر التحقيقات لمدة الثلاث ايام القادمة وفي اليوم الرابع يدلف إليها بمفرده ، اتبع بيقين - حسن سيجبرها على التحدث .
عبس نائبه بشك ليبتسم أمير ويجيب بجدية : إنها تستفز ناصر تلاعبه لأنه محترم وهي تعلم نقاط ضعفه .. أدبه .. احترامه .. وتدينه فلا تخافه فهي تعلم جيدًا أنه لن يتجاوز حدوده معها . صمت قليلاً ليهمس بثبات : لابد أنتشعر بالخوف وحسن سيخيفها ويجبرها على الإدلاء بكل شيء
أومأ نائبه بتفهم : أمرك يا سيدي .
هتف أمير بجدية : فقط تحدث مع ناصر وأخبره بالأوامر قبل أن يصل حسن وتحدث مع حسن أن لا يتدخل في التحقيقات وناصر معه بل يظل صامتًا طوال جلسات التحقيقات ، لأيد أن يشعرها بالترقب منه ومن تواجده
لمع التقدير بعيني نائبه قبل أن يهتف بجدية : أمرك يا سيدي .
***
ابتسمت برقة وهي تتحرك نحو مكتبه الواقع في طرف المؤسسة الآخر ، تسير بهمة وسعادتها تتألق بعينيها فمنذ تلك الليلة التي صحبها الى القلعة ليريها القاهرة القديمة من فوق سطحها ليخفف عنها حزنها ويكرر اعترافه على أذنيها بنبرة ابحه استولت على إدراكها وهي تعيش معه بغيمة صافية بيضاء لا يشوبها شيء ، وخاصةً مع فرحته الجلية حينما أخبرته النهار التالي أنها بدأت في شراء احتياجاتها الخاصة بالزواج ، أو كما يقال عليه " جهاز العروس "
تخضبت وجنتيها بشرارات حمراء قانية وهي تتذكر همسته المشاغبة عن قمصان النوم الحريرية التي يتوق لأنيراها عليها فزجرته بخشونة حينها ليشاكسها كعادته مؤخرًا هامسًا بصوته الاجش : مجرد أيام يا حبيبة ولن تقوى على زجري هكذا .
ابتسمت بخفة حينما اقتربت من باب مكتبه لتنظر حولها تبحث عن مديرة مكتبه أو سكرتيرته الخاصة بعينين صقريتين لتقييمها وهي تفكر أنها لم تسأله عنها من قبل وهو لم يتطرق للحديث عن أخرى تكون على مقربة منه طوال الوقت ، ليظهر أمامها آسر يرحب بها بخفة ولباقة فتسأله بصوت هادئ : أريد ان ادلف إلى عمر ولا أرىمديرة مكتبه أو سكرتيرته
عبس آسر بتعجب قبل أن يجيبها : من أخبركأن عمر بك لديه مديرة مكتب أو سكرتيرة ؟! ارتفعا حاجبيها بدهشة فأكمل ببساطة – تريدين الدخول إليه اطرقي الباب وادخلي ، إن هذا اسلوبه الخاص ليس معك فقط بل كل العاملين كذلك من يريد شيء خاص من السيد عمر يدلف إليه بأريحية .
ابتسمت وعيناها تلمع بإعجاب وفخر لتمأ إليه بتفهم فيهتف إليها بعفوية بعد أنأشارإليها مودعًا : سعيد لرؤيتك يا حبيبة ، أراكقريبًا بإذن الله .
__ بإذن الله ، تمتمت وهي تشير لآسر مودعة قبل أن تنظر من حولها بخفة وعيناها تلمع بشقاوة فتفتح الباب بهدوء شديد تمد رأسها لتنظر إلى الداخل وتتسع ابتسامتها والحماس يطل من عينيها حينما وجدته يعطي للباب ظهره فتدلف إلى الداخل على أطراف اصابعها ثم تغلق الباب خلفها ببطء حذر أن يصدر أي صوت ينبهه ، لتتحرك ثانيةً بخفة على أطراف اصابعها بعد أن خلعت حذائها ذو الكعب العالي لتعلقه بأصابعها وتسرع من خطواتها بشقاوة طفولية رسمت ملامحها لتقترب منه تقف خلفه مباشرةً مستغلة تركيزه الشديد في الجهاز اللوحي أمامه قبل أن تهتف بقوة وهي تدفع كرسيه الجالس من فوقه متعمده أن تفزعه : بوم .
__ بسم الله . هتف بها عمر وانتفض واقفًا حينما شعر بأنه سيقع من فوق كرسيه ليستدير ينظر إليها بعينين متسعتين بصدمة و أنفاس لاهثه ليدرك أنها افزعته متعمدة وخاصةً حينما انطلقت ضحكتها من حولهما مغردة .. سعيدة .. لا يحكمها شيء ، ابتسم وعيناه تلمعان بحنان إليها ليضع كفيه في خصره هاتفًا بمرح : هكذا يا حبيبة هانم ، تفزعينني .
ضحكت ثانيةً بقوة قبل أن تسيطر على ضحكاتها فتضع كفاها على فمها ووجهها يلمع باحمرار أسعده لتهتف بخفة وهي تسحب كرسيه لتجلس من فوقه : فكرت أن أفاجئك ، وحينما وجدتك منشغلاً لهذه الدرجة فلم تشعر بوجودي فكرت أن اعاقبك .
بلل شفتيه ليكز على السفلية منها بخفة : أنا استحق العقاب بالفعل ، فأنا سيء وقلبي هذا يستحق أن يقطع اربًا.. اربًا لأنه لم يشعر بك وبمجيئك .
توردت وخفضت بصرها لتنحني بجسدها ، ترتدي حذائها فيقترب منها ويسحب الحذاء من كفها بخفة فتعوج رأسها بتعجب تنظر إليه بعتاب : هات فردة الحذاء يا عمر .
رفع فردة الحذاء الصغيرة أمام وجهه ليقلبها باهتمام : ما مقياس حذاءك يا حبيبة ؟! أنا اشعر بأنه حذاء لدمية صغيرة أو عروس من عرائس نوران التي كانت تملأ غرفتها .
تصلب جسدها لترفع رأسهاإليه على الفور تسأل بعبوس حاد حدد ملامحها : وكيف عرفت أن غرفتها مليئة بالعرائس ؟!
أخفض الحذاء وهو يقف من داخل مكتبه يستند بجسده على حافته وكأنه يجلس نصف جلسه من فوقه ليعبس مثلها وهو يحنو ظهره نحوها يحاوطها بذراعيه حينما فرد كفيه فوق مسندي كرسيه، ليهمس بفحيح مقلدًا اليها : هل هذه غيرة يا حبيبة ؟!
رمشت بعينيها قبل أن تنطق بحدة : نعم .
لمعت عيناه بوميض أزرق ليهمس بمرح : لم تمنحيني فرصة أن اكمل جملتي والتي هي " عرائس نوران التي كانت تملا غرفتها وهي صغيرة " ، لوى شفتيه بخيبة أمل – والتي دلفت إليها عشرات المرات حينما كنت صغير فهي ابنة خالتي و بمثابة أختي الصغيرة .
ضيقت عيناها لتهمهم وهي تنتزع فردة الحذاء من كفه : أنت ماكر يا عمر بك .
رقص حاجبيه بمشاكسة : أوقعت بك يا حبيبة عمر بك .
شبه ابتسامة رُسمت على شفتيها لتهمس وهي تنظر لعمق عينيه : هل رؤيتي وأنا غيور تعجبك؟!
كز على شفته بقوة ليهمهم بمشاغبة : جدًا ، توردت لتشيح بعينيها بعيدًا عنه ليتابع بهمس حار لفح وجنتيها فهو لم يحرك جلسته القريبة منها – لم نكمل حديثنا البارحة ، فأنت هربت واغلقت الخط
حركت رأسها بانزعاج لتهمهم وهي تنتبه بأنه يحاوطها : توقف عن قلة الحياء يا عمر واتركني من فضلك .
ضحك بخفة ليهمس بتعجب : وهل امسكك يا حبيبة ؟! كفاي موضوعان فوق ذراعي كرسيّ.
ابتعدت بظهرها قليلاً لتهمس : أنت مشرف علي يا عمر .
احنى رأسهقليلاً ليصبح وجهه على مقربة شديدة منها فيهمس وهو يدير عينيه على ملامحها بشغف : هل تضايقك أنفاسي ؟! هزت رأسها بحركة غير مفهومة لتسقط فريسة نظراته التي اشتعلت امامها بتوق وهو يتبع بصوت أبحأفكرأن امنحك درس عملي بدلاً من الدروس النظرية .
توترت أنفاسها وقلبها يدق بجنون فتهمس بصوت متلاشي تقريبا : لم أطلب أيا من الدروس لا العملية أو النظرية.
ركز نظراته على شفتيها المنفرجة بلهاث متوالي ليهمس : أعلم ولكني متطوع لتدريسك ، أتبع وهو يقربها منه اكثر حينما سحب الكرسي إليه قليلاً في غفلة منها – هل اقتنعت بوجهة نظري؟!
تمتمت بخفوت : لا ولن اقتنع .
همس بسلاسة : إذًا لنجرب .
ابتعدت بجسدها قليلا فيقابلها ظهر الكرسي الذي حجزها من خلفها لتحاول أن تدفع الكرسي بعيدا ولكن ثقل جسده وقوة كفيه اللذين تحكما بحركة الكرسي منعتها من الفرار من مداره ليهمس بخفوت : فقط قبلة واحدة وستتأكدين من وجهة نظري يا حبيبة ، وأنالأمر رائع كما اعتقد ليس مقرفًا كما تتخيلين .
استعادت جزء من تركيزها لتهمس : لا أفهم اصراراك على مدى روعته رغم أنك لم تجربه ، اتبعت بنبرة ذات مغزى – كما أخبرتني من قبل .
ابتسم باتساع ليجادلها بمنطقية : لأني كلما فكرت في شفتيك وتذكرت روعة شكلهما فيخبرني عقلي أن بالتأكيد مذاقهما اروع بكثير من شكلهما .
رفعت عيناها إليه لتنظر نحوه بلهفة هامسة بتساؤل أظهر مدى هشاشتها : هل شكلهما حلو فعلاً؟!
رقت عيناه ليتنهد بقوة قبل أن يهمس إليها : فقط لو تنظرين إليك بعيني ستتأكدين من صحة اقوالي كاملة يا حبيبة .
ابتسمت بخجل واخفضت رأسها ليهز الكرسي بلطف وهو يجذبه نحوه أكثر : لم تجيبِ عن سؤالي .
هزت رأسها نافية لتجيب بإصرار طفولي : لا أريد درسًا عمليًا ، لوى شفتيه بإحباط لتتابع بدلال ورفض واهي – ولا دروس نظرية أيضًا .
رفع حاجباه بدهشة ليهمس بتفكه : هل أنا مدرس فاشل لهذه الدرجة ؟!
لم تستطع أن تمنع ضحكتها التي انطلقت بأريحية فاتسعت ابتسامته على إثرها لينحني فجاة نحوها يخطف قبلة سريعة من جانب ثغرها قبل أن يدفع الكرسي بعيدا عنه قليلاً فتشهق بصدمة ووجهها يحتقن خجلاً قبل أنتزمجر بعتاب : عمر .
فيرد بمشاكسة وهو ينهض واقفًا : حبيبة عمر .
ضحكت برقة ليشير إليها وهو ينهض واقفًا : من الجيد أنكأتيتمبكرًا قليلاً عن موعد الاجتماع فأناأريدأناستشيرك فيم بعثه إلي مهندس الديكور البارحة ،
نظرت إليه باهتمام امتزج بفضولها فناولها جهازه اللوحي الخاص وهو يشير إليها عن بضعه صور متتالية ليهتف بها : إنه اقتراح المهندس .
زمت شفتيها بتفكير لتستغرق في النظر بعبوس طفيف ، رن هاتف مكتبه ليجيب بعفوية فيهمهم ببضع كلمات مفادها أنهسيأتي على الفور قبل أن يغلق الهاتف ويهتف بها : هيا يا حبيبة الاجتماع على وشك البدء .
رفعت نظرها دون إدراك حقيقي لتشير برأسهاايجابًا وهي تنهض واقفة تحمل اشيائها إلى جانب جهازه اللوحي وتتحرك بجواره نحو غرفة الاجتماعات الكبرى المجاورة لمكتب عاصم ، هتف بصوت جهوري حينما دلف إلى الغرفة امامها : صباح الخير على الجميع .
تحركت بجواره لتحي أخيه وعاصم برأسها في رقة معتادة منها لتقترب من حميها فيصافحها بود محتضنًا كفها بين راحتيه قبل أن تستقر أخيرًا بحضن أبيها فيقبل جبينها هامسًا : توقعت أنك لن تحضري اليوم ،
أجابته بخفوت : سليم أصر على حضوري .
ومضت عينا بلال بفخر لم يكبح جماحه ليسألها باهتمام : أين هو سليم ؟!
وكأنه جُسِد أمامه فظهر ابنه يبتسم بمرح وهالة حضوره تغمر الجميع : صباح الخير عليكم ، أتبع بطريقة سينمائية أثارت الضحكات – إنه صباح جميل لعقد الصفقات .
صافح الجميع باحترام شديد ليرحب به عاصم بحفاوة قبل أن يتوقف أمام ابيه يبتسم إليه ويصافحه بعملية لتتسع عيناه بدهشة حينما جذبه أبيهإلى حضنه يربت على ظهره بفخر أربكه قبل أن يمنح أبيه ابتسامة صادقة تلك المرة ليهتف بمرح : هل نبدأ يا عاصم باشا ؟!
اتسعت ابتسامة عاصم ليشير للجميع بالجلوس : بالطبع يا سليم باشا ، اشعر أنك لن تمنحنا ما نريد دون مقابل .
أجاب سليم ببساطة وهو يجلس على رأس الطاولة فيصبح مواجهًا لعاصم : بل سامنحكم كل شيء ولكن كله بثمنه كما يقولون يا عاصم باشا .
ابتسم عاصم وهو يرمق سليم بتقدير مزج بتحدي سرى لوهلة بينهما ليجيب عاصم أخيرًا : سنصل لاتفاق مرضيً أنا واثق من ذلك .
أشار سليم برأسهإيجابًا ليجلس البقية فيتحرك عمر ليجلس بجانب حبيبة المشغولة بالجهاز اللوحي منذ أنجلست ليهمس اليها : هل استقريت على أي شيء ؟! هزت كتفيها بعدم معرفة ليزفر بقوة قبل أن يتابع مهمهمًا وهو ينظر أمامه يحاول أن يركز تفكيره فيم سيعُرض أمامهموخاصةً مع وقوف سليم بقامته المديدة والاضاءة التي بدأت تختفي تدريجيًا من الغرفة – حسنّا لا يهم بعد أن ينتهي الاجتماع نراسله بأن مقترحاته لم تلاقي قبول لديك .
لم تلتقط حديثه بل انغمست فيم تراه أمامها ، لتقف أمام صورة جذبت نظرها فتدقق بمحتوياتها وهي تسكب تركيزها كاملاً لتمط شفتيها في استياء جلي قبل أن تهتف بإحباط : انظر يا عمر هذه الغرفة جيدة و أنا احببتها لكن لا أريد هذه الستائر فلونها الاصفر بشع .
استدار عمر إليهامجفلاً ليرفع حاجبيه بدهشة وابتسامته السعيدة تنفلت من بين شفتيه ليحتقن وجهها خجلاًوهي تنظر من حولها لتجد الجميع ينظر لها بتعجب ، أحمد ينظر إليها بدهشة سليم الذي يجاهد أن لا يضحك بملء فيه ، عاصم الذي اسبل جفنيه وابتسامة ماكرة تشكلت على ثغره ، حماها الذي ابتسم بطريقة مميزة ذكرتها بولده ، لتخفض رأسها بحرج حينما زجرها أبيها بعينيه في حين نطق عمر بأريحية شديدة وصوت سعيد : لا يهم يا حبيبة انتقي ما تريدين ومن الممكن أن نبدل لون الستائر .
تمتمت بخفوت وحرج وهي تتحاشى النظر للجميع من حولها : المعذرة لم ألحظ أن الإجتماع بدأ
‏ابتسم عاصم بتسلية ليهتف بشقاوة : لا يهم يا استاذة الاجتماع يُلغى لأجل الستائر ، اتبع وهو يشاغب عمر متعمدًا - أنا متأكد أن أمر الستائر هام للغاية يا عمر بك ، من الأفضل أن تناقشاه سويًا الآن .
أكمل هاتفًا بجدية هذه المرة محدثًا حسناء : اخبري آسر أن يأتي الآن لينضم إلينا .
أشار لعمر برأسه فنهض واقفًا ليهتف بمرح : هيا يا حبيبة سنتناقش خارجًا .
راقبه عاصم إلى أن انصرف ليكح سليم بخفوت قبل أن يهتف بجدية : نستكمل الاجتماع .
أومأ عاصم برأسه : تفضل يا بك نحن نستمع اليك .
انصرفت معه ووجهها يكاد أن ينفجر من احمراره لتهتف بجزع حينما دلفا إلى مكتب عمر : أناآسفة لم التقط بدء الاجتماع ، لقد استغرقت في رؤية المعروضات وتحدثت بعفوية حينما جذبتني صورة الغرفة .
لمعت عيناه بوميض مرح : لا عليك .
رفعت نظرها إليه لتسأله بريبة : ما سر سعادتك ؟!
اقترب منها ببطء ليغمغم حينما احتضن ساعديها بكفيه ليجذبها إليه يتكأ لحرف مكتبه بجسده ويجلس عليه مقلصًا فارق الطول بينهما : السعادة شعور ضئيل للغاية يا حبيبة ، أناأشعرالآنبأني ربحت جائزة اليانصيب ، أنت تجاوبت مع فكرة زواجنا لدرجة أنها استولت على انتباهك وتركيزك ، بل انغمست في البحث عن غرفة نومنا في وسط اجتماع هام للعمل.
رمشت عيناها بحرج لتهمهم : لم أقصد ذلك .
غمغم بفرحة حقيقية : وهذا أجمل ، عفويتك رائعة واخبرتني دون حديث أنكأصبحت متجاوبة تمامًا مع الفكرة
نظرت إليه بدهشة لتسأل بحيرة : أي فكرة ؟!
أجابسريعًا : فكرة زواجنا ، منذ حديثنا الماضي وأنا عاهدت نفسي أن لا اضغط عليك إلىأن اشعر بأنكمتقبلة فكرة زواجنا تمامًا يا حبيبة وأنك لا تفعلين أي شيء لإرضائي فقط ، بل لأنك أيضًا متحمسة لإتمامالزفاف مثلي وأكثر ،
سحب نفسًاعميقًا وهو يقربها منه أكثر يحتضن وجهها بكفيه في حنو يمسد خديها بإبهاميه : الآن فقط شعرت بحماسك .. تجاوبك .. موافقتك .
ألقىآخر حديثه يهمس خافت ليميل ببطء مغمغمًا أمام شفتيها : لا ترفضي .
لم تدرك ما يتحدث عنه إلا حينما التقط شفتيها في قبلة لم ترفضها بل استجابت إليها بخجل و عدم فهم أججا شوقه لها اكثر ليتعمق بقبلته إلى أن تهدجت انفاسهما فتوقف وتأملها بوله ، قلبه يدق بعنف ليهمس أمام شفتيها المنفرجتين بلهاث ودعوة عفوية لمزيد من القبل يتوق إليها ليهمس بخفوت شديد من بين أنفاسها : أناأحبك .. أحبك يا حبيبتي ، أحبكوأريدأن نتمم الزفاف بأسرع وقت ممكن فأنا لم أعدأقوى على الصبر .
قبلات كثيرة خاطفة دلل بها ثغرها فلم يشأ أن يشعرها بالضغط عليها ولم يقو على الابتعاد الفوري عنها ليتوقف تمامًا حينما همست باسمه وهي تتمسك في ساعديه بتشنج رافض ألم بها سحب نفسًاعميقًا وهو يراقب توردها .. نظراتها المشتتة بعيدًا عنه وصوتها المختنق خجلاً لتهمهم بثرثرة لا معنى لها سوى إخفاء حرجها منه : الستائر الصفراء ازعجتني حقًا .
ومضت عيناه بتفهم وضحك رغمًا عنه : أفكر في تركيبها لأجل الذكرى فقط .
تمتمت بخجل : أية ذكرى .
همس بصوت أجش : ذكرى قبلتنا الأولى .
غمغمت باسمه في عتاب وهي تدفن وجهها بصدره ليضمها إليه بقوة قبل أن يبعدها قليلاً يحاول أن يجبرها ان تنظر نحوه ليهمس إليها بخفوت : أخبريني هل شعرت بمقدار الروعة التي شعرت بها ، أم لازلت متمسكة بوجهة نظرك ؟!
تمتمت وهي تهز رأسها رافضة النظر إليه : عمر أرجوك .
ضحك بخفة ليضمها ثانيةًإليه مقبلا قمة رأسها قبل أن يتحرك نحو الاريكة الجانبية يجذبها من كفها خلفه ليجبرها أن تجلس مجاورة له ، ويحدثها بهدوء جاد : أناأرىأن نحدد موعد الزفاف يا حبيبة.
ارتبكت وهي تجفل فتبتعد عنه تلقائيا ليردد بهدوء ونبرة واثقة : لا داع للإجفال يا حبيبة ، فأحد الاشياء التي تهابينها أنا اكدت لك أنها ليست مخيفة ، وقبلتنا تؤكد لك أنني صادق في بقية الحديث، كز على شفتيه بشقاوة – أم تريدين تجربة كاملة لتتأكدي من صدق كلامي .
شهقت بقوة لتعبس بغضب حقيقي في وجه : عمر لا تتواقح من فضلك .
ابتسم وسحب نفسًاعميقًا ليقترب منها يجبرها أن تنظر إليه : حسنا سأصمت ولكن أرأفِ بحالي قليلاًفأنا كدت أن انحرف من تحت رأسك .
ضحكت رغمًا عنها وهي تتذكر بأنه ليس المرة الأولى التي يتحدث معها عن أمر انحرافه الذي لا تفهمه جيدًاولكنها آثرت الصمت حتى لا تسألهفيبدأ بتلك الدروس التي يؤكد عليها أنها مفيدة لكليهما .
همهمت وهي تنظر إليه بابتسامة سعيدة لمعت على ثغرها : ماذا تريد يا عمر ؟!
‏اتسعت ابتسامته وهتف بحماس : هيا لننتقي موعد الشهر القادم .
هتفت بجزع : إنه قريب للغاية.
رمقها بطرف عينه : خطبنا منذ ما يقارب النصف عام يا بيبة ، توترت ففركت كفيها ليتبع مهادنًا : فقط أخبرينيعن موعدك لأحدد عليه موعد الزفاف .
رمشت بعينيها وحاولت أن تتوصل إلام يسأل لتنظر إليه بعدم فهم : أي موعد ؟!
سحب نفسًاعميقًا قبل أن يهمس بخفوت وهو يراقب ملامحها : موعد هذه الأيام .
عبست بتعجب لتسأله ببراءة : أية أيام ؟!
لوى ثغره ليهمهم : أيامك العصيبة يا حبيبة ، اتسعت عيناها بصدمة فأتبع غير مكترثًا بصدمتها - من المؤكد أنك تعرفينها أريد أن أعلم متى ستبدأ متي ستنتهي موعدها الدوري هكذا.
اعتلت الصدمة ملامحها لتغمغم بعفوية : أنت وقح يا عمر ، أتبعت برفض - لن أخبرك بالطبع
همت بالابتعاد عنه ليتمسك بها ويهتف بجدية : أنا زوجك ، أريد أن أعلم لنحدد موعد الزفاف ، نظرت له برفض غشى حدقتيها ليكمل بثبات - سنتزوج يا حبيبة ، وأنا أريده زواجًا مفعلاً منذ الليلة الأولى ، انتظرتك طويلاً ومن بعد ليلة الزفاف لن استطع الانتظار فلنرتب موعدًا يهديني ليلة زفاف خيالية كما أحلموأتمنى ، لا تضيعي علي فرحة اقتراني بك .
شعرت بحلقها يغلق وهي تستوعب كلماته .. حديثه الأجش .. وحدقتيه اللتين فاضتا بمشاعره ورغبته فهمهمت : لا أستطيع إخبارك . .
رد بعفوية : سيحدث ما هو أكثر من اخباري فلتعتادي يا حبيبة ، توقفي عن كل ما يأسرك بعيدًا عني ، كوني معي .
هزت رأسها بحركة غير مفهومة ليجذبها من كفها يقربها من صدره أكثر يحيط كتفيها بذراعه ويشرح إليها : ألمتقرأ الكتاب الذي ابتعته لأجلك ، ألم تدركي كل شيء ؟!
تضرجتا وجنتاها بحمرة قانية وهزت رأسهاإيجابًافأكمل بمهادنة : حسنا هيا أخبريني عن الموعد حتى نحدد موعد الزفاف .
تلكأت فهمس بمشاغبة : سأسأل والدتك إذ لم تجاوبي ، اتسعت عيناها برفض وعتاب لتجيبه دون وعي لمسه جيدًا فيبتسم بفرحة حقيقية ويهتف : لن انتظر للشهر القادم ، سأحدد الزفاف مع عمي الأسبوع القادم .
شهقت بقوة لتغمغم : إياكأن تفعل يا عمر ، بابا سيرفض ويتشاجر معنا إذا وجد الموعد قريب هكذا ، زفرت بقوة واتبعت وهي تحاول أن تخفي ارتجافها - ثم هناك الكثير من الاشياء لم تُعد بعد .
أجاب بعدم اقتناع وهو يمسد ذراعها البعيد عنه يحاول أن يبثها الامان فتتوقف عن الارتجاف: الشقة جاهزة كانت تنقصنا غرفة النوم وأنت انتقيتها الآن ، ما الأشياء الناقصة بالله عليك ؟!
تمتمت خفوت : اشياء خاصة بي .
ومضت عيناه بزرقة غنية ليهمهم برجاء مرح : أرجوكأن تزيدي من تلك الاشياء الخاصة فأنا مسكين اتممت الثلاثون عامًا دون أنأرىأية اشياء خاصة .
ضحكت مرغمة لتهمهم بشقاوة ألمت بها : سأفكر أن احن عليك يا مسكين .
مد كفه لها : لله يا محسنين لله .
ضربت كفه براحتها بعفوية لتجيبه مدندنه بدلال : اسرح ... روح .
اندهش لوهلة قبل أن يلتقط تلك الاغنية التي اسمعتها إليه - من قبل - حينما شاغبها بأمر أنه مسكين يريدها أنتحن عليه فيضحك بقوة ليمد كفه ثانيةً ويهمس بشقاوة : لله يا حبيبة .
نظرت إليه دون فهم وهي تضع كفها براحته فيطبق عليه بأصابعه ليجذبها إليه بلطف هامسًا بشغف : لنجعلها ذكرى مميزة بالستائر الصفراء .
لم تفقه ما يريد إلى أن التقط شفتيها في قبلة أخرى أضاعت إدراكها وبعثرتها داخل عالمه.
***
تشد خطواتها الثقيلة نحو دورة المياه ببطء .. بتعب .. بعناد امتكلها هذا الصباح حتى تجبر نفسها على الافاقة من نوم ثقيل يحط عليها ، نوم تعلم سببه جيدًا وتدركه ولكن تكتمه دون سبب إلىالآن سوى رفض زوجها !!
دلفت إلى دورة المياه واستندت لطرف المغسلة بجسدها فتحت صنبور المياه لتفرش اسنانها وتغسل وجهها كعادتها الصباحية منذ صغرها لتعب الماء بكفيها وترميه على وجهها بعنف وكلماته الحادة تعاد على مسامعها فتلهب اذانها بسياط قسوته المتعمدة " طفل أي طفل يا أميرة هل الأطفال تأتي بأطفال هذه الأيام ؟!! "
ترتجف اجفانها فتجبرها على الصلابة تمنعها من البكاء وتعب الماء ثانيةً وترميه على وجهها ليُعاد قوله الثاني " أنت تتحدثين عن الأطفال وكأننا سنستأجر طفلاً تلهين به لقليل من الوقت ثم نعيده حينما تملين منه ، ما هذا الدلال الفائق للحد ؟!! "
ترتجف اجفانها ثانيةً فتعيد رمي الماء بقوة أكبروكأنها تصفع نفسها بعنف وتنهرها ألا تبكي لتأتي جملته الأصعب على روحها والأقوى على مقدرتها والتي هدمت حصن ثباتها حينما ضحك ساخرًا و أجابها بغضب " تريدين طفلاً يا أميرة ، وتطلبينه بطريقة آمرة ، ألا تري نفسك جيدًا ، أنت للآن لم تستطيعي النجاح في موازنة أمور بيتك والعمل الذي تشاجرت معي لأتركك تعملينه أنسيتأنك لا تستطيعين أن تفعلي أكثر من شيء معًا ، فحينما بدأت في العمل أهملت البيت ماذا إنأتينا بطفل ، ماذا ستفعلين ؟! ليخفض صوته الزاعق ويهمس أمامعينيها الصامدة و أنفاسها الصامتة - ستهملينه هو الآخر ، أم ستهملين الدنيا كلها لأجله ؟!! "
انهمرت دموعها دون صوت فاختلطت بالمياه التي تغرق وجهها لتتمسك بطرف المغسلة بكفيها قويًا حتى لا تنهار أرضًا وهي تتذكر أنه رماها بكلماته الثقيلة اللاذعة ثم تركها وانصرف ، لقد كانت تدرك حملها وتريد أن تخبره عنه بطريقة غير مباشرة لم تتخيل أبدًاأن ياتي برد الفعل العنيف ذاك والقاسي للغاية على روحها ، والآن ورغم مخاصمتها إليه منذ تلك الليلة ورغم تجنبها وجوده .. ابتعادها عنه إلاأنها تشعر بحيرة شديدة وهي تفكر في كيفية إبلاغهبأنها تحمل طفلاً في احشائها ، فالطبيبة أكدت وجوده وهي من قبل أن تذهب لطبيبتها وهي تشعر بنفسها .. تشعر بامتلاء روحها .. بسكون قلبها .. بانتشاء رحمها بوجود ثمرة عشق زرعها بداخلها ولكنه لا يريدها !!
عبت الماء من جديد وهي تعاود الوقوف بصرامة ترش المياه على وجهها فتمسح دموعها التي انسابت ترمش بعينيها وتفتحهما على وسعهما لتنظر إلى نفسها في المرآة عن كثب قبل أن ترفع قميص منامتها فتنظر إلىبطنها التي لم تعد مسطحة كما كانت بل إن هناك بروز طفيف يميز شكلها ، بروز سيدركه هو إذا لامسها عن طريق الخطأ لذا هي تتجنبه كمرض عضال سيلم بها وهو يشعر بابتعادها فلا يقترب منها بل يمنحها مسافة كافية وفرصة أكثر من كافية لتصفح عنه وتغفر فهو اعتذر إليها بدل المرة مئات المرات على مدار العشرون يومًا الماضية ولكن كلما قابلت اعتذاره بصمتها المهيب ونظراتها الخاوية ابتعد عن طريقها ليكرر اعتذاره مرارًاوتكرارًافتقابله بنفس الثبات متعمدة حتى لا تمنحه فرصة الاقتراب منها حتى حينما طلب منها أن تضمه إلى صدرها لم تفعلها بنفس راضية فهي لم تستطع أن تحتضنه كما كانت تفعل من قبل فجرحها منه هذه المرة غائرًا لم يداوي ولم ينزف بل تشعر بأن لازال سكين رفضه مغمد بقلبها دون أن يمنحها راحة النزف والمعالجة.
ولكن إذا فكر ابن خالتها بأنها ستعفو عنه بآخرالأمر فهي ستريه كم هو مخطئًا فهي ليست تلك الضعيفة التي يظنها .. ولا تلك الخاملة التي يحسبها .. إنها اميرة بعنفوان ملكة وضع لها تاجها ونصبها مليكة عرش قلبه ودنياه ، وعليه ستأخذ حقها منه كاملاً .. حق قلبها الذي جرحه متعمدًا .. وحق عمرها الذي سرقه من صغرها .. بل حق استغفالها سنوات زواجهما بأكمله .. وحق اهماله لذكائها وامعانه في الضحك على عقلها ،
هناك ما يخفيه أحمد عنها .. هناك ما يخبئه وإذا لم يجدها أمينة كفاية على بيته ونفسه لإخبارها عم يعتمل بداخله ، لذا قرر أن لا يمنحها طفلاًلأنه لا يثق بها ، ستنتزع هي حقوقها كاملة .. بل ستظل ملكة على عرشها وتنصب وليدها ملكًا دونه فهي ستطرده من مملكتها طردة شريد منفي لا رجعة في الحكم عليه ولا في قرارها .
رفعت عيناها بشموخ وابتسامة ساخرة ترسم شفتيها وتومض من عينيها بضياء حط بقلبها ابتسامة لطالما كرهها وهو يخبرها بأن لا تبتسمها فهي تذكره بوالدها وأفعاله معه ، فتبتسم بإصرار هذه المرة وهي تدمدم بخفوت : أناابنته في الأخير يا أحمد بك ، وابنة وائل الجمال لا تبحث عن أحدًا يأتي لها بحقها منك ، بل أنا سآخذ حقي كاملاً من داخل عينيك دون أن تقوى على الرفض أو الممانعة.
***
تقف أمام المرآة التي تنظفها بعناية شديدة قبل أن تنظر من خلال زجاجها الذي يومض ببريق إلى انعكاس صورتها فتحدق بملامحها الشاحبة .. نظراتها الحزينة .. وشفتيها المرتجفتين ببكاء تجاهد حتى لا تبكيه ، اليوم آخر يوم عمل لها هنا في القصر .. قصر آل الجمال العريق ، لقد صُرفت من العمل بطريقة مهذبة راقية كما كل شيء من حولها ، لقد توقعت حدوث أمر كهذا منذ مقابلتها لابن عمه الكبير ، عاصم باشا كما يطلقون عليه الخدم ، هو الوحيد من الصغار من يلقبونه بالباشا ، لأنه ببساطة كبير العائلة المنتظر بل إن حظوته زادت لدى عمه الوزير بعدما أصبح زوج ابنته ، تلك الفتاة الراقية .. الناعمة .. والمدللة كما تَطلِق عليها الخادمات ، إنهم لا يهولون من الأمر فهي بالفعل مدللة للغاية لقد نشأت هكذا ابنة الوزير ومدللة الجميع كل طلباتها مجابة دون تفكير .. حيرة .. أو تردد ، ولماذا تقع في فخ الحيرة والتردد وهي تعلم أن كل شيء سيأتي لها بل إلى تحت قدميها ، ابتسمت ساخرة وهي تردد على عقلها " إنهم مختلفون عنك .. إنهم يفوقونك بكل شيء .. إنهم اناس اخرون لا يشابهون أفراد اسرتك .. عائلتك .. بل حيك بأكمله لا يقترب من الخدم الذين يعملون هنا !!"
فكم من جيرانها كانوا يغبطونها على عملها كخادمة في هذا القصر المنيف ، في أولالأمر كانت تغضب ولكن مع الوقت أدركت النعمة التي تغرق فيها فيكفي بساطة السيدة ورقيها في التعامل مع الجميع ، يكفي وجوده من حولها .. اهتمامه بها .. دفاعه عنها .. وقربه منها ، هذا القرب الذي ستحرم منه ، قرب هو اكتفى منه حينما قابلته آخر مرة في الحديقة كانت ستعتني بوسيم كعادتها كل ليلة ولكنه رفض في جفاء آلم قلبها قبل أن يتكلم معها بطريقة لم تعتادها منه وخاصةً حينما أمرها بحزم أن لا تهتم بوسيم ثانيةً فهو سيأتي بعامل مخصوص له ، وحينما حاولت الاعتراضأو الرفض تجهم محياه بشكل اخافها قبل أن ينطق بصلابة وحدة أن لا تنس نفسها وتعارض أوامره ، حينها أجفلت .. انتفضت .. ارتعبت من تحول معاملته معها للنقيض عم كان . بكت بل إندموعها انهمرت واغرقت خديها فلم يهتم بل تقلصت ملامحه وزم شفتيه بضيق ومض بعينيه قبل أن يستدير على عقبيه بلا مبالاة ويدعو كلبه بصفير قصير فاتبع كلبه أوامره ووقفت هي وحيدة .. باكية .. حزينة .. منفية .
ارتعد جسدها بنفضة وهي تشعر بالخواء يتملكها .. البرودة تنتشر بأوردتها .. والصقيع يتخلل عظامها ، فهو منذ أن غادر هذا اليوم وهي لم تره ، رغم أنه يأتي كثيرًا ولكنه يتعمد عدم رؤيتها، حتى حينما تظهر أمامه ولو بالصدفة لا يراها ، نظراته تجافيها .. حدقتيه لا تنظران نحوها .. وروحه تنأى عنها ، ففي بُعده تتألم .. تتكسر .. تتبعثر .. وتنتثر كذرات غبار تتطاير مع أول نسمات هواء قاسية مثله !!
تعلم جيدًا أن لا أمل لها معه ولكنها لم تشكو من قلة الأمل وانعدامه بل هي كانت راضية تمام الرضا بوجودها في محيطة دون أن تطلب منه شيئًا سوى الاهتمام .. الاعتناء .. الأمان .. والدفء الذي يشع من عينيه البنتين اللتين كانتا تنظران لها بشقاوة محببة ، بل إن تعامله الأريحي اللطيف معها كان يشعرها بأنها قريبة منه بأن لا يوجد فوارق مهولة بينهما كما تشعر الآن .
ابتسمت بألم وهي تردد على عقلها أن التفكير في الأمر لا يُجدي ، وأنها ستترك العمل على كل حال فهي لم تندهش حينما استدعتها والدته بعد آخر لقاء بينهما بأيام قليلة لتتحدث معها وتخبرها بأنها علمت من الخادمة سيدة بأنها تحمل شهادة متوسطة فانزعجت الهانم بأنها تعمل خادمة وهي تحمل شهادة حتى إن كانت بسيطة كشهادتها وعليه اقترحت عليها أن تُنقل للعمل بالمؤسسة في الأعمال الإدارية البسيطة ، لقد فكرت لوهلة أنترفض العرض الذي لم يأتي متخفيًا بل صريحًا وواضحًا من والدته التي تبدو أنها فطنت لهيامها بابنها الوحيد فقررت أن تبعدها عن طريقة خوفا من أن تغويه الخادمة الصغيرة فيأتي بالعار على العائلة العريقة ولكنها لم ترفض وهي تتذكر أسرتها الفقيرة والتي اصبحت تعتمد اعتمادًا كليًا على راتبها الشهري والذي أخبرتها فاطمة هانم أنه سيتضاعف حينما تعمل بالمؤسسة لتوافق أن تنقل للعمل هناك فتقضي أيامها الماضية في إعدادأوراقها واجتياز مقابلات العمل التي انتهت على توظيفها في قسم السكرتارية العمومي ، وها هي تنهي آخرأيام عملها هنا لتذهب من بعد الغد وتعمل كموظفة بدلاً من خادمة !!
كم أقرت بينها وبين نفسها أنها فرصة لا ينالها الكثيرون .. كم امتنت لسيدة هذا القصر أنها منحتها فرصة جديد لحياة جديدة بل إنها مُنحت مكافأة مجزية على عملها لديها و أخبرتها بود أنها حينما تحتاج لأي شيء تلجأ إليها في كرم بالغ وعطف لم يعد متواجد في البشر من حولها، أنها رغم كل شيء تشعر بالمودة والشكر لهذه العائلة التي ساعدتها وساعدت عائلتها من قبلها
تمتمت بخفوت : ولاد أصول بالفعل .
تحركت خارج الغرفة بعد أن انهت عملها لتقف ببابها تنظر اليها تتأملها وكأنها تودعها وداعها الأخير ، هذه الغرفة التي رأته فيها المرة الأولى حينما استيقظ على جلبة عملها تلك المرة التي ابتسم لها وعيناه الناعستان تومض ببريق خطف روحها لتبدأ من هنا علاقتهما هو يعاملها بأريحية صديقة وهي تعلقت به كحبيب .. حبيب لن يكون من نصيبها أبدًا.
تنهدت بقوة وهي تفكر أنها ستغادر دون أن تراه .. تملأ عيناها من تفاصيله .. تبتسم تلقائيًا على ابتسامته المشاكسة .. تودع كل شيء فيه قبل أن تغادر دون عودة ، ولكن من الواضح أن القدر يبخل عليها بمكافاة نهاية خدمة سخية كمكافأة رؤيته !!
تحركت نحو السلم الخلفي لتصعد للدور العلوي حتى تقوم بترتيب غرفته للمرة الاخيرة ورغم أن سيدة أخبرتهاأنفاطمة هانم منحتها اليوم اجازة من عملها حتى تجلس مع أصدقائها من الخدم وتودعهم إلاأنها اصرت أن تقوم بمهام وظيفتها كاملة ، حتى تودع كل جزء من القصر جمعها به ولو مصادفة .
اتجهت نحو غرفته بآلية لتفتح الباب دون أن تطرق تضع من يدها اداوت التنظيف الحديثة والتي تسهل مهمتها بشكل كبير لتتحرك بلا مبالاة للداخل بعد أن اغلقت الباب خلفها بآلية تفتح الستائر بحركة سلسة ومرة واحدة فيغمر الضوء الغرفة كلها ، صوت رافض مغتاظ صدح من خلفها لتستدير بصدمة على عقبيها فتواجه هذا الجسد الذي تحرك على مضض بالفراش ينفخ بقوة قبل أن يهتف بحنق وهو يجلس صارخًا بحدة : بالله عليك يا نوران ماذا تفعلين ؟! أخبرتكأني لن اذهب للمؤسسة اليوم وأني اتفقت مع عاصم اني سأباشر العمل من أولالاسبوع ولن اذهب للتسوق أيضًا معكم مازن أخبرني من قبل وأنا رفضت .
صمت مهيب عم عليهما سويًا هي ترتعد فعليًا من الخوف بسبب صياحه الغاضب وهو ينظر إليها بحدقتين متسعتين بصدمة جلية اعتلت ملامحه ، صدمة سرعان ما انقشعت ليحل محلها غضب اهوج سكن عيناه ليهدر بخفوت : أنت ماذا تفعلين هنا ؟!
ارتعدت أمام عينيه لتهمس بصوت أبح : انظف الغرفة كالعادة ، لم أكنأعلمأنك هنا .. أنك عدت .. ضيق عينيه لتتابع ببوح عن أفكارها كاملة التي قفزت لرأسها حينما رأته وهي تخفض عينيها عنه – أن سيادتك عدت من عند عمة حضرتك البارحة وأنك قضيت الليلة الماضية هنا .
عبس بتساؤل قبل أن يهدر بخفوت وهو ينهض واقفًا من فراشه : وإذا كنت علمت ماذا كنت ستفعلين ؟!
احتقنتا وجنتاها بقوة وهي تشيح بنظراتها عنه ، تعض شفتيها بارتباك وهي تجبر نظراتها على الابتعاد عن جسده الذكوري الذي يقترب منها بصدره العار وشورته القطني القصير الذي يظهر عضلات فخذيه المتناسقة اكفهر وجهها حينما شعرت باقترابه الشديد منها لتجيب بتلعثم : لا شيء، تمتمت متابعة بخفوت متعثر – أقصدلم أكن سآتي الغرفة واوقظك من النوم .
مط شفتيه بتفكير وهو يقف بقرب شديد منها فأكملت بأنفاس متلاحقة : اعتذر عن ازعاجك يا سيدي أدهم بك ، سآتي ثانيةً بعد أن تغادر الغرفة .
همت بالابتعاد عنه ليقبض على ساعدها القريب من جسده ليجذبها إليه بقوة فتشهق بإجفال وهي تجد نفسها بين ذراعيه فيتشنج جسدها وتقبض كفيها فلا تلامس صدره العار الذي أصبح مواجهًا لها ، بل إنها اغمضت عيناها حتى لا تنظر إلى بشرته السمراء المشعرة ليخفض رأسهيتأملها بنظرات ثاقبة قبل أن يهمس بفحيح أسرى القشعريرة بجسدها : ولماذا تأتي ثانية تستطيعين العمل وأنا موجود ، أليس كذلك ؟!
اتبع وهو يهزها بلطف فيجبرها أن تفتح عينيها لتنظر إلى حدقتيه المشتعلتين بغضب لا تعرف له سببًا – مثلما كنت تفعلين طوال الشهور الماضية ، تحومين حولي .. تنظفين .. ترتبين .. تعدين الطعام .. وترتبي لي ملابسي وأناأمامك لم تشكي حينها من وجودي ،
ابتسم ساخرًا ليهمس بسخرية مقصودة : بل ما كان ينقص أفعالك هو أن تحمميني يا جود ، شهقت ووجنتاها تحمران بقوة فأطبق فكيه بغضب ليتابع بجبروت وبإهانة واضحة تعمدها – أم هذا فعلته برأسكو أحلامكالمريضة بي ؟!
شهقة قوية غادرت حنجرتها ووجهها يشحب على الفور فاستحال للون أبيض لا حياة فيه ، عيناها اتسعتا بصدمة وعدم تصديق أنه كان استمع إليها هذه الليلة البعيدة لتحاول أن تنفي هذه التهمة عن نفسها ولكن تلعثمها انبأه أنها ستكذب عليه ف تشكل ثغره بابتسامة متهكمة حملت لها مرارة خرجت من عمق روحه ليدفعها بلطف بعيدًا عنه وهو يترك ساعدها بنفور صفعها فتحاول أن توزن جسدها الذي اختل بسبب دفعته البسيطة فلا تسقط أمامه لتنجح بالفعل فتشعر بروحها تتألم أمام نظراته المستهينة بعدما تأكد من ظنه بها .. بعد أن اتهمها بعينيه أنها ليست الفتاة التي ظنها .. أنها لا تستحق احترامه .. ولا معاملته اللطيفة معها !!
اتهامات كثيرة تدفقت بعينيه دون أن ينطق بها فحاوطت جسدها بذراعيها وهي تحنو رأسها المثقلة بظنونه التي لم ترحمها ، ظنونه التي أكدها حينما هتف ساخرا بقسوة : الأمر اسهل مما فعلت بكثير يا جود ، رفعت نظرها مرغمه باستفهام فاكمل بوقاحة شرسة – كان من الممكن أن تطلبين مني وأنا كنت سأنفذ على الفور ، فرغابتك أوامر يا جود هانم .
تمتمت بعدم فهم تجلى بحدقتيها : ماذا تقصد ؟!
ضحك ضحكة قصير خشنة غاضبة قبل أن يهتف مزمجرًا بحنق وهو يقترب منها : هالة البراءة هذه انقضت وولت أيامها يا جود ، الآن نحن نستطيع التفاهم أفضل من ذي قبل .
سحب نفسًاعميقًا ليهمس بصوت أجش وهو يكتنف وجهها بكفيه : أنت تحلمين بي في منامك وتتوقين لي وأنا لا أرى مانع من بعض من التسلية تُقدم إلي على طبق من ذهب .
همهمت برعب وهي تحاول أن تتحرك للخلف تبتعد عنه : لا أنت لا تفهم .
أحاط خصرها بذراعه ليمنع عنها الحركة هامسًا بفحيح غاضب : ما الذي لا أفهمه ، أنك لم تكوني تتأوهين باسمي وأنت نائمة وتحتضنين جسدك بذراعيك .
اجفلت وهو يذكر تفاصيل تلك الليلة بذكرى قاتمة ومضت بعينيه لتغرورق عيناها بدموعها هامسة بصوت باكي وهي تحاول أن تتملص من ذراعه القوية التي تُخضع جسدها فتلصقها بجسده : الأمر ليس كذلك .
لوى شفتيه بسخرية ليهمهم باستهانة : لا تبكي يا جود فالأمر لم يعد يستحق أن تخدعي الغر الساذج ابن القصور والذي توقعت أنه لن يقوى على التوصل لحقيقتك ، هزت رأسها نافية برعب والخوف يشل حركتها فأكملباستهزاء جلي صدح بنبراته – ثم لا داع أن تخجلي من معرفتي بحقيقتك فمشاعرك نحوي ما هي إلا احتياج طبيعي وأنا هنا لألبي لك احتياجاتك الجسدية يا جميلتي.
همت بالصراخ حينما قرأت رغبته الجلية في تقبيلها ولكنه كان أسرع .. أقوى .. أعنف وهو يطبق شفتيه على فمها فيقبلها بعنف منتقمًا منها كما خُيل إليه عقله ، حاولت دفعه .. ابعاده .. بل صفعه حتى يتركها ولكنه كان غاضبًا .. حادًا .. عنيفًا كما لم يكن من قبل وكما لم تراه من قبل ، قبض على رسغيها ليرفعهما فوق رأسها فيشل مقاومتها وهو يخضع جسدها الذي دفعه للأسفل فوق رخام غرفته البارد دموعها تغرق خديها وحجابها سقط فكشف عن شعرها الأسود الحالك لتهمهم بصوت باكي حينما سنحت لها الفرصة وتوقف عن ادماء شفتيها بقبلاته القاسية فتتوسل إليهأن يتركها تهمس إليه بصوت مهزوز .. مرتعب وجسدها يختض بهلع اسفله : أتوسلإليك يا أدهمأتركني ، أنا لم أقصدأبدًا ما فهمته .. أناأبدًا لم أرد التقرب منك أو الايقاع بك .. أنا ..
صمتت لتنشج ببكاء حاد قبل أن تهمس بنبرة متقطعة صادقة افاقته من غيبوبة عقلية ألمت به : أناأحبك يا ادهم أحبك .
انتفض واقفًا مبتعدًا عنها كالملسوع ينظر إليها بصدمة ألمت بحواسه يرجفا جفناه بعدم تصديق وهو يتطلع إليها مسجاه أرضًا لا تقوى على النهوض ، دموعها تغرقها وبكاءها يخترق صمم اذنيه تغطي وجهها بكفيها فتتهرب من نظراته التي تتأرجح بين تصديقها أو اتهامها بالأمر المشين الذي ترسخ بداخله نحوها .
ليسيطر على جسده المتشنج بصلابة وينحي احساسه بالشفقة نحوها .. الندم .. الحزن لأجلها قبل أن يهتف ببرود ادعاه وهو الأبعد عنه : انهضي يا جود ، انهضي وغادري هذا القصر ولا تعودي إليه ثانية ، انسي كل شيء حدث هنا وانسيني أناالآخر ، فأنا لم أكن ولن أكن لك يومًا .
نشجت ببكاء حاد حينما تحرك مبتعدًا عنها ليتوقف قبل أن يدلف إلى دورة المياه فينظر إليها من فوق كتفه هاتفًا بجدية : لا أريدأنأراك حينما أخرج من هنا ، ولا أريدأنأراكثانيةً حتى لو مصادفة ، من الأفضل لك أن تكملي حياتك الباقية وكأنك لم تصادفيني يومًا .. وكأنك لم تعرفينني يومًا ، ليتبع قبل أن يدلف بالفعل ويصفق الباب خلفه – لو خرجت ووجدتك لا تلومين إلا نفسك ولتتحملي حينها مغبة أفعالك كاملة .
تعالت شهقات بكائها وهي تتحرك بسرعة رغم الوهن الذي يعصف بأوصالها لتلملم ردائها الذي شعثه بكفيه .. تعدل من وضع حجابها –الذي سقط - كما اتفق لتتحرك بخطوات بطيئة لينة لا تقوى على الوقوف من شدة الرعب الذي عاشته اللحظات الماضية ولكنها لن تغامر معه ثانيةً فأدهم الذي رأته اليوم ليس أدهم الذي كان والذي أحبت..
ضغطت شفتيها ببعضهما تخرس لسان حالها فلا تنطق بهوى نفسها بل تتكتم شعورًا لابد عليها أن تتخلص منه .. تنساه .. تؤده بعد أن ولد بداخلها وفرحت به ولكن الحياة قاسية لا تمنح السعادة إلا لمصافها من البشر وهي ليست سوى خادمة !!
***
__انتباه
صيحة عالية صدحت في الأجواء لتقف الفرقة كامله بأجساد مشدودة.. رؤوس مرفوعة و عقول واعية .. و إدراكمنتبه.
صاح ياسين : الفرقة انهت تدريبها يا سيدي.
أدى فادي التحية العسكرية ليدور على عقبيه نحو أسعد ليهتف إليه: أوامرك
سحب اسعد نفسًاعميقًا قبل أن يهتف : انصراف
اتبع صائحًا بجدية آمرة : لليمين دُر.
تحرك الرجال أمامه في حركة واحدة كرجل واحد إلى اليمين ، قبل أن يتابع هو آمرًا : معتدل... سِر.
تحرك الرجال من أمامه في صفوف منتظمة .. خطوات واسعة.. متزنة .. ينصرفون نحو ثكناتهم ، يتبعهم ياسين قبل أن يهدر به في حزم استوقفه فعاد بخطواته نحو أسعد ليؤدي التحية العسكرية صائحًا : أمرك يا قائد.
هتف أسعد: استرح
استراح ياسين في وقفته ليبتسم أسعد بمودة : أخبرني ، أنت بخير أم تحتاج لإجازة جديدة استطيع أنأوصيلك بها.
شد ياسين جسده ليجيب بجدية : أنا بخير يا سيدي .
نظر إليه أسعد مليًا قبل أن يتبادل النظرات مع فادي الواقف خلف ياسين ، ليحدث ياسين و هو يعود بنظره إليه ثانية : شعرت بك اليوم مجهدًا، مستواك بالتدريب لم يكن كما عهدت منك
اكفهر وجه ياسين ليرد و هو يشد جسده باستقامة : سأبذل قصارى جهدي الأيام القادمة يا سيدي.
رمقه أسعد قليلا ، فأتبع بسرعة : أعدك.
سحب أسعدنفسًاعميقًا قبل أن يهتف: اتبعني يا ياسين . تعال، أناأريدأن اتحدث معك.
توقف ياسين إلى أن تحرك أسعد ، فيتبعه فادي ليجاوره ، ليتحرك هو متبعهما إلى أن دلفا للهنجر الخاص بمقر القيادة. تحرك أسعد ليجلس على الكرسي خلف مكتبه قبل أن يشير لياسين هاتفًا : استرح يا ياسين، اجلس.
ليجلس ياسين مقابلاً لفادي الذي اتبع أسعد جالسًا. ينظر إلى فادي الذي طمئنه بنظراته قبل أن يحدثه بود : نحن نريد أن نطمئن عليك يا ياسين، اصابتك كانت قوية.
زمجر ياسين بعناد : أنت الآخر كانت اصابتك قوية و لا أرى القائد يحقق معك.
عبس فادي ، ليجيب أسعد بهدوء : نحن لا نحقق معك، نحن نطمئن عليك فأنت صديقنا قبل أن تكون ضابط بالفرقة لنحقق معه.
تمتم ياسين بغضب ارتسم على ملامحه : أنا بخير ، و ما اقلقكما اليوم لن يتكرر بإذن الله .
تبادلا النظرات سويًا قبل أن يقترب أسعد من المكتب يسند مرفقيه عليه، ليهمس بصرامة : أنت تعلم يا ياسين أن أي فرد مستواه أقل من المستوى المطلوب يؤثر على البقية، لذا لدي أوامر صارمة باستبعاد من يقل مستواه على الفور من الفرقة.
زفر أسعد بقوة ليتابع : اعتبر حديث اليوم لفت نظر إليك، لأنني لن اكرره ثانيةً.
عم الصمت على ثلاثتهم ليكمل أسعد بهدوء: فكر جديًا ، اوصي بإجازة لك أم ستكمل معنا و تحافظ على مستواك المعتاد منك.
رمش ياسين بعينيه قبل أن ينهض واقفًا هاتفًا بجدية: سأبذل قصارى جهدي لأعود لمستواي سيادتك .
اومأ أسعد برأسه متفهمًا ليهتف بجدية : انصراف.
تحرك ياسين مغادرًا ليراقبه بعينيه ، قبل أن يهتف فادي : إنه مُتعَب يا أسعد ، سيضغط على نفسه ليثبت لنا أنه بخير.
سحب أسعدنفسًاعميقًا ليهتف بتفكير رُسِم على ملامحه: أعلم ، و لكني أفكر أنه من الممكن أن يقاوم تعبه و يتحسن بالفعل، أو لأسوأ الظروف سأضغط عليه ليقدم اجازة. ياسين كفء و أنا لا اقوى على استبعاده ، و خاصةً في الظروف الحالية.
ومضت عيناه فادي باهتمام ، ليسأل بسرعة: هناك عملية قادمة ، أليس كذلك؟!
سحب أسعدنفسًاعميقًا قبل أن يجيب و عيناه تومض بضوء قوي : لابد أن نثأر لما حدث المرة الماضية يا فادي.
لمعت عينا فادي بلهفة ليهتف بفرحة تملكته: متى؟!
ابتسم أسعد بسعادة و آثر الصمت ليضحك فادي بخفة هاتفا : حسناً اعتذر لن اسأل ثانية.
اسبل أسعد جفنيه ليجيب بعد قليل: حينما تصدر الأوامرأنتأول من سأبلغه
أومأ فادي برأسه إيجابًا لينهض واقفا حينما رن هاتف أسعد الذي قام بإعادة تشغيله للتو: حسنًا، تريد شيئًا، سأذهب لأتحدث مع دينا قليلاً.
هز أسعد رأسه نافيًا ،ليغمغم فادي بتفكه : و أتركك تتحدث مع سعادة الدكتورة، أبلغها سلامي.
ضيق أسعد عينيه ليهتف به : أنت الآخر أبلغ سلامي لعائلتك و قبلاتي لمرمر.
ضحك فادي بخفة و أشار له بكفه قبل أن يغادر الهنجر، فيجيب هو اتصاله ببحة شوق تملكته: اشتقت إليك يا جنتي.
توردت ولم تجبه فهتف بإقرار واقع : لست بمفردك أليس كذلك ؟!
أتاه صوت الأخرى التي هتفت بجوار الهاتف كما يظن : مرحبًا يا سيادة القائد ، نحن نتصل من الوحدة الفرعية لمقر القيادة حول ، نريد إخبار سعادتك بأننا انهينا شراء بعض الاشياء الخاصة بالمهمة جيم وسنذهب لتناول الطعام وندخل إلى السينما حول .
كاد أن يبتسم لولا عبوس طفيف داعب جبينه وهو يسأل بجدية : هل أنتما بمفرديكما ستدخلان إلى السينما يا جنى ؟!
همت بالرد ليأتيه صوت نوران من جديد صادحًا بمرح : نريد طمأنة سيادتك أن معنا المدعو مازن الحرس الخاص بالمهمة وانطي لمياء أيضًا واعتقد أن عمو أحمد سيوافينا بعد قليل .
ابتسامة طفيفة داعبت ثغره ليهم بالرد قبل أن يلتقط أن الهاتف انتقل إلى نوران التي هتفت بجدية في اذنه : لا تخف يا حضرة القائد مهمتك معنا في أمان فقط أنت امنحها الإذن والموافقة.
صمت قليلا ليهتف بجدية : مساء الخير يا نوران هانم كيف حالك ؟!
ارتفعا حاجبي نوران لتنظر إلى جنى بنزق ارتسم على ملامحها قبل أن تجيب بآلية ورسمية شديدة : مساء النور يا أسعد بك أنا بخير والحمد لله كيف حالك وحال عائلتك ، اتمنى أن تكونوا جميعًا بخير .
انفجر مازن المجاور لهما ضاحكًا في حين زمجرت جنى وهي تسحب الهاتف من كف نوران بالقوة : هات الهاتف يا غليظة ، تعالت ضحكات نوران المرحة ليشاركها مازن الضحك قبل أن يهتف بأريحية : لا تضايقينها يا نور ، اتبع لشقيقته – اخبري أسعد تحياتي .
شعر بها تبتعد عنهما قبل أن تهمس اليه : المعذرة يا أسعد ، نوران تشاكسني لأجل أني صممت على الاتصال بك وابلاغك ببقية مخططنا لليوم .
ابتسم بحنان وهو يجلس باسترخاء في مقعده : لا عليك يا جنتي ، وبم أن مازن يرافقكما وعمو أحمد سيوافيكم ، لا مانع أن تفعلي كل ما تهفو إليه نفسك .
تنهدت بقوة لتهمهم : ما تهفو إليه نفسي وجودك معي .
زفرة حارة كادت أن تنطلق من عمق روحه ولكنه تحكم بها في صلابة وهو ينظر إلى المكان حوله وبذلته الرسمية قبل أن يتمتم بصوت خشن انبأها بشوقه اليها : هانت يا جنتي ، من المفترض أنأعودبآخر الاسبوع المقبل ، ابتسمت بفرحة حقيقية ليتبع بجدية – وحينما أعود سأصحبك إلىأي مكان تريدينه فقط انهي كل الاشياء التي تخص عقد القران وأنا سأرسل لعادل حتى يهتم بتفاصيل القاعة كما تفضلين .
ابتسمت لتهمس إليه تطمانه : لا داع لمراسلة عادل ، كل شيء معد وجاهز فقط ينقصنا وجود العريس .
اتسعت ابتسامته رغمًا عنه ليهمس إليها : فقط أيام قليلة وستكونين حرمنا المصون يا جنتي الغالية . خفق قلبها بجنون ووجنتيها تحتقنان بقوة وآثرت الصمت الذي عم عليهما قليلاً قبل أن يتابع بهمسة أجشة – ألا تحني على حضرة القائد بصورة تشرح صدره بمحياك الجميل ؟!
ضحكت برقة لتهمس بخفوت : دون أن تطلب فعلت ولكن من الواضح أنك لم تتفقد رسائلك ، بللت شفتيها لتهمس ببوح – لذا كانت نوران تشاكسني فهي ضبطتني وأنا اتصور و أرسلإليك صورتي وحديثي اليومي .
برقت عيناه برضا احتل اضلعه ليهمس : سأنظر واستمع إليه حينما أعود للخيمة ، فابدل ملابسي واستحم وأكون لائقًا لأجلأنأكون معك ، سأرسلإليك ردي حينما انتهي ، فقط اعتني بنفسك واذهبي لا اريد أن اعطلك عن مرافقيك .
__ سأفعل لا تقلق ، أراك على خير بإذن الله .
أجابته بسرعة ليهمس إليها بعفوية : سأشتاق إليك يا جنة .
هزت برأسهاإيجابًا لتهمس إليه متنهدة : وأناالأخرى يا أسعد ، رفت بعينيها قبل أن تبوح إليهأخيرًا – بل أناالأخرى اشتقت إليك كثيرًا بالفعل .
تعالت أنفاسه رغم عنه وقلبه يخفق بجنون لتتابع هامسة حينما أشارإليها مازن أن تقترب منهم : لا إلهإلا الله .
سيطر على لهفته .. شوقه .. توقه إليها ليجيب بصوت أبح : محمد رسول الله .
اغلق الهاتف ليقبض كفه عليه بقوة قبل أن يقفز واقفًا يقرر أن يعود إلى سكنه ليستمع إلى رسائلها المعتادة وينظر إلى صورتها بعيدًا عن مقر قيادته للفرقة فهو هنا حضرة القائد لذا يريد أن يغادر ذاك المكان الذي يحتم عليه أن لا يكون شيئًا آخرًا غير القائد وهو يريد أن يتحرر ولو قليلا من واجبات القائد ليكون معها بروحه ونفسه فقط .
شد خطواته بحزم وهو يُمنى نفسه بصورة تقر عينه وتهدأ لوعة قلبه وتسكن بعضًا من شوقه.
***
جاورت ابنة عمها جلوسًا تثرثر إليها عن بعض المتاجر يستطيعون منها شراء الحذاء فتهتف جنى بهدوء : ليس اليوم يا نوران فأنا تعبت من اللف على الاشياء الأخرى .
برمت نوران شفتيها بضيق : للأسف لا أعلم متى أستطيع أن اصحبك ثانيةً وخاصة في ظل تمسك عاصم بوجودي و التزامأميرة البيت .
ابتسمت جنى برقة لتربت على كفها : لا عليك يا حبيبتي أعلمأن عاصم تركك اليوم دون رغبة حقيقية في الابتعاد.
ضحكت نوران بخفة لتهمس بشقاوة : لقد هربت من الاجتماع وورطت أحمد وسليم فيه ، لم أرىأن هناك فائدة من وجودي .
تنهدت جنى بقوة لتسألها باهتمام : ألم تتحدثي مع أحمد يا نوران ؟!
غامت عينا نوران بضيق لتهمس : لا لم أفعل أميرة استحلفتني ألا أتدخل كما فعلت مع عاصم أيضًا وخاصمت أبي وأصرت أنها بخير لأمي ، اهتزت حدقتي نوران بألم - لكني أشعر بها أنها ليست بخير .
أومأت جنى برأسها : أنا الأخرى شعرت بها في آخر مرة زرتها ، لقد كانت متوترة وحزينة و كأن هناك ما تريد أن تخبرني به ولكنها خائفة .
عبست نوران بغضب لتهتف بحدة : خائفة مما ولماذا ؟! اتسعت عيناها فأضاءتا بلون زيتوني قوي - هل يخيفها أحمد حتى لا تشكو لنا ؟!
هدرت بغضب تملكها فتعالت نبراتها قليلاً رغم عنها : أقسم بالله إذاتأكدتأنه يفعلها لن أمهله حتى ينتقم منه أبي بل سأنتقم أنا منه لأجلها.
رفعت جنى حاجبيها وهمت بالرد ليقاطعها صوت أبيها الهادئ والذي يقف أمام الطاولة هاتفا بمرح : ما شاء الله يا ابنة وائل من هذا الذي تتوعدينه بغضب اهوج ، اتبع ضاحكا بتفكه - أتمنىأن لا يكون عاصم فهو لازال صغيرًا على انتقامك يا ابنة الوزير.
ضحكت نوران وانتفضت ترحب به تتعلق برقبته وتقبل وجنتيه لتهتف أخيرًا : لا يا عماه ليس عاصم ، اتبعت بهيام سيطر عليها - وهل هناك أحدًا مثل عاصم ؟!
__ يا سيدي ، ألقاهاأحمد بعبث ليتابع بعد أن احتضن جنى وقبل جبينها - تأدبي أمامي يا فتاة ولا تنس أناعمك وبمقام والدك .
رقصت حاجبيها بمشاغبة لتهتف بدلال : وهو زوجي .
ضحك أحمد ليهز رأسه بيأس : أريدأنأعلم ماذا يفعل بكما وائل ؟!
أجابت بعفوية مرحة : يتغاضى عن أفعالنا سويًا .
تعالت ضحكاته فتشاركه جنى الضحك قبل أن تهتف برقة : إنه فقد الأمل بهما يا بابا .
هز رأسه بلا أمل : مسكين يا أخي ، ولكنه يستحق إنه ذنب أفعاله مع أحمد.
تغضن جبين نوران باستياء لتهمهم : لا تأت بسيرته .
لوى شفتيه بعدم فهم : أنت تشبهين أباك للغاية يا فتاة ، عنيدة ومكابرة ولا تقبلين بقولة لا .
اعتدل بجلسته ليهتف إليها بجدية : أخبريني اذا أغضبك عاصم ستركضين لأبيك تشكينه له أم تحاولين الحفاظ على بيتك والتفاهم وحل ما يدور بينكما ، وخاصةًأنه لم يتطاول عليك لا قولاً ولا فعلاً .
أجابت على الفور : بل سآخذ حقي منه دون تدخل من أحد.
أجابها ببساطة : هذا ما تفعله أميرة يا نوران ، لذا أنا لا أفهم لماذا تتدخلون جميعًا بالأمر وكان أميرة طفلة صغيرة لا تفقه شيء في أمور حياتها .. بيتها .. ومعاملتها لزوجها .
سحب نفسًاعميقًا ليزفره بقوة : ألم تفكري مرة أنتأوأبوكبأن ما تفعلانه الآن يزيد من ضيقتها؟! ويضغط عليها أكثر من ضغط المشكلة القائمة بينها وبين زوجها ، مشكلة نحن لا نعرف أبعادهاأوملابساتها لنتدخل فيها فلماذا نفعل ؟!
زمت شفتيها بتفكير ليهمس ببوح لحظي انتابه : في فترة ما نشأت مشكلة كبيرة بيني وبين ولاء تركت على إثرهاالقصر حاول أبيوأمي رحمهما الله أن يتدخلا ولكني رفضت وهي الأخرى لم تقص لوالدتها رحمهم الله شيئًا رغم معرفة خالتي لأصل المشكلة ولكن ولاء احتفظت بم حدث بيننا لنفسها لم تشاركه أحدًا كما فعلت أنا وهذا ليس لأي شيء سوى أن في لحظة ما ستنفض المشكلة بيننا وسنعود سويًا وتعود المياه لمجاريها بيننا و كأنشيء لم يحدث ، أما حينما تشاركي مشاكلك بين العائلتين تتضخم وتزداد وحتى إن سعوا الأهل لحل المشكلة واجتثاث جذورها ، تبقى كل عائلة محتفظة بتلك الكلمات السيئة التي قالها الشريك في حق شريكه ، فلا يقوون على نسيان أن طفلهم أُوذي من الطرف الآخر بل بعضًا من العائلات يضمرونها في أنفسهم ويظلون بقية العمر يحاسبون شريك زواج ابنهم أو بنتهم على كلمات نُطقت في لحظة غضب.
__ واو ، ألقتها نوران بحبور لتتبع بفخر - كم أنت رائع يا عماه .
ضحك بلطف ليقرص وجنتها بخفة : بعض من عندكم يا ابنة أخي .
ضحكت نوران لتهمهم جنى بهدوء : لم تخبرني من قبل عن أمر المشاجرة يا بابا .
عبس بتفكير : لم تأت الفرصة فقط وأنت كنت صغيرة حينها فلم تدركيها ، صمت ليغلق الأمر تمامًا وهو يتابع سائلاً - بالمناسبة أين مازن ولميا ؟!
اجابته جنى : في متجر الأحذية القريب فبعد أن طلبا الطعام أصر ابنك الحبيب أن ترافقه ليشتري حذاء جديد فذهبت معه .
ابتسم أحمد برزانة ليسألها : وأنت ماذا تبق لديك لم تبتاعيه لأجل عقد القران ؟!
توردت برقة : فقط الحذاء ، سأتفق مع موني ونذهب سويًا في يوم آخر بإذن الله ، اتبعت بشرح حينما نظر أبيها بتساؤل - مازن يريد الدخول الى السينما ولولا أن لوما أخبرته أن لا سينما قبل الغذاء لكان دفعنا دفعًا للداخل .
ضحك احمد بخفة لينهض واقفًا : حسنا سأذهب اليهما حتى لا يرهقها أخيك في انتقاء الحذاء .
لتجيبه نوران سريعًا : إنه المتجر الثالث على الشمال يا عماه حتى لا تتعب نفسك بالبحث .
أومأ لها برأسه متفهمًا ليغادر ويتركهما فتهتف نوران بهدوء : أنا لن اذهب معكم يا جنى فلابد أنأعود للعمل ، أردفت بشقاوة وهي ترقص إليها حاجبيها - ثم أني لم استأذن سي عاصم في الدخول للسينما .
زجرتها جنى بنظراتها لتهمهم بعتاب : توقفي عن غلاظتك لم أكن استأذن يا نوران كنت أخبره وهناك فارق كبير .
ابتسمت نوران لتربت على كفها برقة : وحتى إن كنت تفعلين هذا شأنك الخاص يا جنى أنا فقط اشاكسك ، ابتسمت جنى وهي تتورد بعفوية فاتبعت نوران والمرح يتراقص بصوتها - ثم أنا لو مثلك خطيبي غائبًا منذ ثلاث أسابيع لكنت أتيت به زحفًا من الشوق لما سأفعله به ،
اتبعت بتفكير ومض بعينيها : المرة القادمة سأطلب من عاصم أن يسافر بدلاً من أحمد لأرى ماذا سيفعل به الاشتياق .
ضحكت جنى لتهتف بافتعال : لك الله يا عاصم ، توقفي عن إثارة جنونه يا فتاة .
انتفضت نوران واقفة لتهتف بمكر : ابن عمك الكبير لم يرى شيئًا بعد .
جذبتها جنى لتجلس من جديد فهتفت نوران بضجر : اتركيني أذهب سآخذ الطعام معي لنتناوله سويًا فهو لم يؤكل من الصباح وأناأعلم ذلك جيدًا .
ضحكت جنى بخفة لتسألها بنبرة مميزة : وكيف عرفت وأنت لم تهاتفيه مرة واحدة ؟!
تنهدت نوران بقوة : لم اهاتفه لأنه مشغول بالاجتماع وحينما ينتهى أول شيء سيفعله هو الاتصال بي ، ليس لأني لم اشتاق إليه بل في الحقيقة أنا اشتقت للغاية ، لذا اتركيني أذهب من فضلك .
اتسعت ابتسامة جنى لتسألها : تحبينه يا نوران ؟!
تضرجت وجنتاها بحمرة قانية لتهمس على الفور : هل حينما أجيبك بنعم ستكون كافية لوصف شعوري بعاصم ؟! ما أشعره نحو عاصم كبير .. ضخم .. مهول يا جنى ، إنه شعور بدأ معي منذ مولدي كما أعتقد ، فقط بعض الأحيان لم أكن أستطيع تحليله بطريقة صحيحة ولكن بعد هذه المدة ونحن سويًا استطعت أنأتفهم مشاعري بطريقة صحيحة و رؤية واضحة ومذاق لا يقبل الشك بل هو اليقين . أناأحب عاصم وعاصم يعشقني جملة ضئيلة لما أنا فيه مع عاصم بل إنها لا توفي أحدًا منا مشاعره.
ترقرقت الدموع بعيني جنى لتلوي نوران شفتيها بنزق : ستبكي لأجلي أم ماذا يا جناب الدكتورة؟!
ضحكت جنى من بين دموعها : بل لأجلكما يا عديمة الإحساس ، أنا فرحة لأجلكما كثيرا .
ابتسمت نوران لتهمس : عاصم يمثل إليك الكثير ، أليس كذلك ؟!
تنهدت جنى بقوة : بل للعائلة كلها يا نوران وأنت تدركين .
هزت نوران رأسها بالإيجاب لتهمس بصوت محشرج : نعم معك حق .
ابتسمت جنى لتمسح طرف عينها بظهر سبابتها : لا أعلم لماذا أصبحت عاطفية بتلك الطريقة الغريبة ؟!
رقصت نوران حاجبيها إليها : إنه تأثير سيادة القائد الذي يبتسم حصري لك فقط ، ضحكت جنى لتتبع نوران بصوت خافت - حقًا يا جنى هل هو مختلف معك عن هذا الجامد الذي لا يبدي أي رد فعل أمامنا جميعًا حتى لو انطبقت السماء على الأرض ؟!
احتقن وجه جنى بقوة لتهز رأسها بحركة غير مفهومة فتنظر إليها نوران تتفرس بعينيها لتهمس بمشاكسة : احتقان وجهك يدل على الكثير لا يظهره هذا الأسعد ، ضيقت عيناها بتفكير متبعة - يوجد لفظ يطلق على من مثله ولكني لا أتذكره .
استفاضت شرحًا لجنى : إنه تعبير مصري أصيل لكن لا أقوى على تذكره .
ضحكت جنى مرغمه لتهتف بعفوية : إنه ساه
أومأت نوران بحماس : نعم هو ولكن هناك مقولة معينة انا لا أتذكرها .
توردت حنى أكثر لتهمس بخفوت : ياما تحت السواهِ دواهي .
فرقعت نوران اصبعيها لتهتف بالإنجليزية : exactly
تعالت ضحكات جنى لتضع كفها فوق فمها كاتمة لضحكاتها لتشاركها نوران الضحك قبل أن تهتف : من الجيد أنك تعرفينه كان سيصيبني بالصداع لأجل أن أتذكره .
ضحكت جنى لتثرثر بعفوية : استمعت إليه من حور قريبًا ، تألقت عينا نوران بالاهتمام لتتابع جنى بصوت أكثرخفوتًا - اعتقد كانت تطلقه على بابا لا أعلم ما السبب ولكنه انفجر ضاحكًا بطريقة غريبة .
رمقتها نوران بطرف عينها لتسألها بجدية : حقا لا تعلمين لماذا أطلقته حور على عمي ولماذا ضحك بطريقة غريبة ؟!
هزت جنى رأسها وهي تنظر لنوران بصدق وبراءة ارتسمتا بعينيها لتلوى نوران شفتيها وتهمهم بمشاكسة : من الواضح أن سيادة القائد أمامه طريق طويل يا ابنة عمي
عبست جنى بعدم فهم لتتابع نوران : لك الله يا ابن انطي لولا سترى أيامًا جميلة مع جنى الرقيقة .
ازداد عبوس جنى وهي تنظر لنوران التي نهضت من جديد : أين تذهبين ولماذا حديثك اصبح غريبًا هكذا وغير مفهوم ؟!
أجابت نوران بقوة : بل مفهوم انظري لأنطي لميا حينما تعود وأنت ستفهمين فهي تتورد مثلك بالمناسبة ، رمشت جنى بعينيها والتفكير يحتل حدقتيها فاتبعت نوران - ثم اتركيني أذهب عاصم سيكون جائعًا الآن
سألت جنى بجدية : لا أفهم اصرارك على أمر الجوع هذا ، كيف تعرفين ؟!
هزت نوران كتفها ببساطة لتهمس بخفوت : فقط أعرفأنه جائع ويشتاق إلى البرتقال أيضًا .
عبست جنى بتعجب ورددت بريبة : البرتقال
أومأت نوران لتهمس برقة : ثم أناأريدأنأترككم بمفردكم كعائلة واحدة ، اتبعت وهي تلوي شفتيها - وجودي لا معنى له .
لتنحني نحو جنى هامسة بمشاغبة : وحينما تعود زوجة ابيك انظري إليها جيدًا ستعلمين سبب مقولة حور ، اتبعت بمرح - أنا عن نفسي فخورة بعمي أحمد كثيرًا .
نظرت إليها جنى بعدم فهم فقبلت نوران وجنتها برقة قبل أن تشير إليها مودعة : ابلغي سلامي لهم ، إلى اللقاء .
لوت جنى شفتيها لتنظر في إثر ابنة عمها لترفع بضيق قبل أن تنظر لهاتفها تداعبه بأناملها فتبتسم باتساع حينما تنظر إلى رسائله التي تتوافد عليها فينسيها ما يؤرق ذهنها نحو والدها وزوجته !!
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس