عرض مشاركة واحدة
قديم 16-09-20, 05:55 PM   #309

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

تحرك بعد أن ترك ابنته وابنة أخيه نحو هذا المتجر الذي وصفته له نوران فيتجه نحوه وهو يفكر بأنه سعيد هذه الأيام بطريقه لم يشعر بها من قبل ، سعيد لأجواء العائلة التي تحيط به .. سعيد لاندماج ابنته مع زوجته دون عوائق .. سعيد لأن من اختارها بعد عمر طويل قضاه وحيدًا كانت اختيارا رائعا وكانت عند حُسن ظنه كما توقع.
فها هي ترافق ابنته في ابتياع احتياجات عقد قرانها .. تقف مع جنى في كل شيء .. تحنو عليها وتتحدث معها كصديقتين . فهي أقرت تلك العلاقة في أول لقاء بينهما حينما وقفت جنى تنظر بحيرة وتفكر بماذا تدعوها لتسهل لميا عليها الأمر وتخبرها بهدوء عن أنها تعتز بصداقتها إذا قبلت بها جنى كصديقة فيتهلل وجه جنى بفرحة حقيقية وتجيب بالإيجاب بلباقة ودماثة أخلاق كعادتها فيشعر هو بالغبطة لأن زوجته العاقلة أدركتجيدًاحيرة فتاته دون حديث لذا استطاعت كسب ثقة جنى وقربها بل إن جنى تلجأ اليها في كثير من الاشياء بل إنوقت ما قبل النوم في تلك الأيام التي تبيتها جنى في البيت لا المشفى تسهر معها لميا قليلاً لتثرثر إليها وتتحدث معها حتى دفعت جنى أن تدعوها بعض الأوقات لحديث خاص بهما في ظل تذمر مازن الذي يعلن بأنه يضيق من أحاديث النساء التي تسرق منه لمياه .
تنهد بقوة وهو يفكر في ابنه المختلف كليًا عن ابنه قبل زواجه من لمياء ، لطالما كان ابنه خفيف الظل .. مرح ولكنه لم يكن شقيًا أماالآن فهو بات شقيًا ومشاكسًا لأبعد حد و كأن روحه تحررت .. نفسه استقامت .. وعظمه اشتد ، وكأنه طفل صغير كان تائهًا وعاد لأهله بعد غياب طويل ، فمازن الطفل وجد أخيرًاالأم التي كان يبحث عنها فلميا الأم التي ستحميه .. تدافع عنه .. وتراعيه كما لم يتلق الرعاية من قبل ، رغم أنه كان يدلله .. يحتويه .. يراعيه ولكن دومًا كان مازن ينقصه الأم ، الأم التي لم يراها من قبل ووجدها في لمياء التي تلعب دور امومتها المتأخرة معه بجدارة ، فتتحمل مشاكسته .. شقاوته .. دلالة الفائق للحد .. وأيضًا غيرته ، فابنه يغار منه وهي تراضيه بدلاً من أن تنهره عن غيرته الغير مبررة ، وهو في خضم كل ذلك يشعر بأنه يحيا من جديد ، وروحه التي ذبلت في حزن اكتنفه على وفاة وليفته بدأ يتبدد ويندثر، مشاعره نحو لمياء مختلفة تماما عن مشاعره التي كانت تداهمه وولاء إلى جواره ، فمشاعره نحو ولاء رغم اتزانه إلاأنها كانت مهولة .. صاخبة .. جامحة ، أما ما يشعره الآن فهو هدوء .. ورقي .. واتزان لحياته
اتزان اختفى عنه منذ أن ماتت حبيبته ، نظر إلى بنصره المزين بالدبلتين معًا ليهمس لنفسه أنها مهما حدث لن ينسى ولاء قط ، وأن قربه الشديد من لمياء ما هو إلا احتياجه كرجل أصبح متزوجًا مرة أخرى بعد عمر قضاه في صيام طويل ، ولكن مرتبة ولاء عنده لن يقربها احداهن تنهد وهو يشعر بالشوق لزيارتها فيهتف لنفسه بأنهسيأخذ طفليه ويذهب إليها في القريب العاجل ليخبرها كما فعل من قبل عن سير حياته ، فهو لم يتزوج إلاحينما أخبرهاوالآن عليه أيضًا اخبارها بم يشعره ، "بأنه مرتاح ليس سعيد ولكن الراحة التي تركته منذ أن غابت عن حياته عادت إليه من جديد ، وأنه زوج جيد رغم قلبه الذي لازال معلق بقيدها ، وأنهأب حنون راعى أطفالها وأتى بزوجة تكمل رعايته لهما في ظل غيابها "
تنهد ورمش بعينيه لينظر من حوله باحثًا عن المتجر الذي قصده ابنه لينتبه على صوت مازن الصاخب والذي هتف بأريحية وكأنه أعتادها منذ زمن : انظري يا ماما ، هذا جيد ولكن لا يوجد مقاسي .
اجفل بقوة وهو يشعر بشيء حاد صدم رأسه وابنه يدعو زوجته بلفظه المحرم ، ذلك اللفظ الذي حرمه عليه من وهو صغير ليعنفه بشده حينما استمع إليه يدعو به عمته ، يومها بكى مازن بسبب شدته معه وهو يهزه بقوة ينهره بعنف ويؤكد عليه أن والدته ليست هنا فلا يدعو أخرى بلقبها .. بأن والدته ماتت لأجله فلا يضع أخرى مكانها .. بأن والدته وهبت له الحياة بدلاً عنها فلا يقارن صنيعها بأخرى مهما فعلت لأجله ، يعترف الآنأنه كان قاسيًا على طفله الصغير ولكن من الواضح أنه لم يكن حازمًا معه فها هو طفله يخطأ من جديد ويدعو امرأة لم تدلف إلى حياتهم إلا من شهور قليلة بلقب لا تستحقه مهما فعلت معه فكل أفعالها لن تكون ذرة فيم فعلته أمهإليه ، هدر دون وعي باسم ابنه الذي انتفض على صوت والده الغاضب ليستدير اليه فيعبس تلقائيًا ليصبح أكثرشبهًا اليه ليتقدم نحوه راسمًا بسمته : جيد أنكأتيت يا بابا كنت أخبر لوما أنني لا أجد قياسي من الحذاء الذي أردته .
اشتد عبوس أحمد واهتزتا حدقتاه بتفكير داهمه وعقله يتساءل هل خُيل إليهأمأن ما استمع له كان حقيقيًا ، لينظر إلى من اتت خلف ابنه تتهادى برقة كما عهدها لتهمس بهدوء : مرحبا يا أحمد لماذا لم تخبرني بوصولك كنت سآتي أنا ومازن إليك ؟!
زم شفتيه بغضب ليشيح بوجهه عنها ليهدر بجدية الى ولده الذي وقف أمامه مجابهًا : لا داع للشراء اليوم يا مازن ، فلتترك ابتياع الحذاء ليوم آخر ، هيا لنعود إلى المنزل .
ارتفعا حاجبي مازن بدهشة ليهتف بشرح : ولكننا سنذهب إلى السينما أنسيت يا بابا ؟! لقد أخبرتك ولذا أنتأتيت لتصحبنا .
هتف بغضب : لا أرى فائدة من ذلك اليوم ، سأعيدكم إلى المنزل و أعود للمشفى هيا حتى لا أتأخر على عملي .
عبس مازن بضيق ليهتف به : حسنًا لا داع أن تتأخر عن عملك ، اذهب وتوكل على الله ونحن سندخل إلىالسينما ، سأصحب جنى ولميا معي ، هم أحمد بالاعتراض ليتبع مازن بغضب بدأ في الظهور بصوته – أمأنكلا ترى أنيأقوى على رعايتهما بمفردي ؟!
ارتدت رأسأحمد ينظر إلى ابنه بغضب لتتدخل هي بعد أن نقلت عيناها بينهما فتشعر بالوضع المحتدم دون سبب مفهوم : لا داع للسينما اليوم يا مازن ، أبيك محق ، لنذهب يوما اخر يكون فيه متفرغًا ، اتبعت وهي تهادن مازن بنظراتها – فليس من اللائق يكون لديه رغبة في مصاحبتنا فنذهب نحن بمفردنا دونه .
اشتدت قتامة عيناه وهم بأن يخبرها أن لا تتدخل بينه وبين ولده ولكنه آثر الصمت حينما أجاب مازن ببساطة : حسنًا ، لا يهم لن نذهب إلى السينما ولكننا سنتناول الطعام فأنا جائع .
مط أحمد شفتيه دون رد ليستدير على عقبيه ويخطو بعيدًا عنهما بعد أن اشاح بيده أن يفعل ما تشاء ، راقب مازن ابتعاد أبيه عنهما مخلفًا تلك التي وقفت تنظر إليه بحيرة بعد أن تجاهلها تجاهل بيّن أمامه ، تجاهل شعره واغضبه ليسحب نفسًاعميقًا قبل أن يستدير نحوها هاتفًا بمشاكسة تعمدها حتى يبدد ضيقها : من الواضح أن الدكتور مشتاق يا ماما لذا يريد العودة الى البيت على وجه السرعة .
توردت لتهتف باسمه معاتبة : ولد يا مازن .
ضحك بخفة ليهمس إليها بشقاوة وهو يحتضن كتفيها بذراعه فيقربها من صدره يدفعها للسير معه : كم أحبهذه الولد من بين شفتيك يا لوما ، تذكرني بأيام الحضانة وكم كنت تدللينني فيها.
ابتسمت رغم عنها وهي تنحي هذا الشعور المحزن الذي سكن قلبها جراء تعامله الغريب معها لتهمس وهي تلكز مازن بصدره بلطف : من يسمعك يظن أني لا أدللكوأنت تفوقني طولاً هكذا؟!
لوى مازن شفتيه ليهمس بمشاغبة : أين حور تسمعك فتهتف بك أن تسمي الله حتى لا تصيبنني بالعين .
تنهدت بقوة وهو تتأبط ذراعه بأمومة : بسم الله عليك ربنا يبارك فيك يا حبيبي ، ويحفظك لي .
ابتسم مازن بحنان : أناأحبك يا ماما لوما ، أحبك للغاية .
ضحكت لمياء من بين وسط دموع كثيرة تجمعت بحدقتيها : وأنت قلب ماما لوما يا مزون .
ربت على كفها وكأنه يواسيها دون حديث قبل أن يهتف بنزق : هيا لنرى الدكتور الغاضب دون سبب لعلنا ندرك أسبابه ونعالجها ، اتبع بشقاوة – اعتقد أن قبلة منك على وجنته ستذهب الضيق من أساسه .
ضربته على عضده بلطف : قلنا تأدب يا ولد .
ضحك بخفة وهو يدفعها لتسير معه عائدان للمطعم : حاضر تأدبنا وسكتنا .
***
تجلس أمامه كما اعتاد منها فهي تستخدم الكرسي الهزاز منذ أن انتبهت لوجوده فيبتسم بسعادة داخلية لا يظهرها وهو يراها في كل مر تزوره في عيادته تستخدمه بتلقائية تشعره بأنه كان محقًا في شراء الكرسي وأنهيأتي بنتائج ايجابية عالية معها ، فهي كل مرة تثرثر إليه فيها تشعره بأنها تسقط في لا وعيها ولكنه يدرك جيدًا بأنها تبوح إليه بعمق اوجاعها الذي كان سببًا كبيرًا فيها .
تراقص الحنان بعينيه وهو ينظر إليها صامتة منذ أن دلفت إليه وهو يحترم صمتها ويقدره وينتظر الفرصة التي تسنح له ليغتنم حديث يتوق أن يستمع إليه فهي قضت الجلسات الماضية تثرثر إليه عن نشأة صباها وقصة حبها مع ابن خالتها الوسيم الذي اعترف إليها بحبه ليغادرها فجأة دون سابق انذار لتبوح إليه المرة الماضية عن عمق جرحها منه سنوات ابتعاده وتوقفت عند عودته من جديد . لذا اليوم ينتظر منها أن تبوح إليه بشعورها منذ عودته ، تخبره عن مشاعرها نحوه بصدق ، ويذكر نفسه بأنه يمد حبال الوصال بينهما الذي نصحه أبيها بها بعد أنعاتبه في حديث شديد اللهجة يوم أن دعاه بمفرده لديه .
عتاب شديد اخجله واجبره أن يحني عنقه معتذرًا لأمير بل ومقرًا بخطئه في حقه وحق يمنى ليهادنه الأمير بعد فترة صمت طويل أشعره بأنه مذنب سيحكم عليه بأقصى عقوبة ، ولكنه تفاجئ بمهادنة أمير له ونظراته المتفحصة قبل أن ينطق بصوته الرخيم القريب من نفسه : اسمع يا عمار ، ابنتي أغلى عندي من الدنيا وما فيها وإذا كنت لن تستطع حمايتها .. رعايتها أو المقدرة على احتوائها لن أقوى على قبول زواجك منها .
حينها هتف بصلابة : بل أناالأقدر على احتوائها يا عمي وأنت تعلم بذلك ، و الأقدرأيضًا على رعايتها وحمايتها كما ينبغي .
رمقه أميرمطولاً ليهمس إليه ناصحًا : يمنى مهرة جامحة والمهرة الجامحة لن تقبل بقيد يُفرض عليها بل لابد من ترويضها لتقبل بنفس راضية والغصب في حالتها سيكسرها ، سحب أميرنفسًاعميقًا ليتابع بجدية - أنا لم أطلب منك عدم اخباري عم حدث بينكما في الماضي فالماضي ولى وانتهى ما يهمني الآن الحاضر .
حينها اقترب منه ليجلس مقابلاًإليه بعد أن كان يحتل كرسي مكتبه لينظر إلى عمق عينيه سائلاً بهدوء : هل ستقوى على ترويضها يا عمار أم ستنهك نفسك وتنهك قوتها دون داع ؟!
رمش بعينيه كثيرًا وصوته الذي خرج ثابتًا يدوي بأذنيه من جديد وجوابه الهادئ الرزين الذي أجاب به أمير : بل سأفعل يا عماه فقط امنحني الفرصة .
أومأ أميربرأسه متفهما لينهي الحديث بصلابة : حسنا أمامك وقتًا كافيًاإلىأن يعود أسعد ، فخطبة ابنتي لن تتم و أخيها البكري ليس موجود ، لذا حاول أن تحكم قيدك برضاها قبل عودة أسعد وحينما يعود أسعدسأسألها ثانية إذا كانت ستقبل بك لو اجابتني بنعم سأعلن خطبتكما في عقد قران أسعدوإذ ..
قاطع أمير حينها بسرعة ليهتف بصلابة : ستمنحك موافقتها يا عماه ، ثق بي .
ولدهشته ابتسم أمير بثقة ليهتف بجدية : ما بيننا من اتفاق سيظل بيننا ، أنا امنحك دعمي الكامل يا عمار ، ليس لأجلك ولكن لأجل ابنتي ، فهي تريدك رغم كبرها .
اتسعت ابتسامته مثل تلك الابتسامة التي قابل بها حديث أمير الذي اختتم حديثه فيمنحه وداعًا لائقًا أمام باب البيت ويدعوه بخطيب ابنته متعمدًا أن يُسمع ابنته الواقفة بالقرب منهما تحمل القهوة التي طلبها حميه منها في وقت سابق بعد أن دعاها في مكتبه ليخبرها أن تعدها له هي بنفسها فلا ترهق خالته بصنعها ، حينها كتم ضحكته حينما قابلته بنظرات مغتاظة فلم يهتم واحتضن أمير بامتنان صدح من كل خلاياه قبل أن يعود إلىبيته ، ومن حينها وهو يزورهما بالبيت يوم بعد يوم يحاول أن يرأب الصدع بينه وبين تلك المهرة التي بدأت في تقبل زياراته التي كانت ترفضها في أول الامر فكانت خالته تجبرها بعض الاحيان على مقابلته .
رفع عينيه إليها يتأملها بشوق قبل أن يتحكم في قلبه الذي ينتفض لأجلها فيهمس بهدوء ورزانة : آنسة يمنى لماذا أنت صامتة ؟!
حركت رأسها جانبًا لتنظر إليه وهي مستمرة بهز الكرسي لتهمس بهدوء : لا أعلم اعتقد أني غفوت وأناأفكر في أنيأريد كرسي مثل هذا بالبيت ،اتبعت وهي تجلس باعتدال - انه رائع .
تمتم بعفوية : شكرًا لك .
نظرت إليه بعدم فهم لتغمغم بحنق : أناأتحدث عن الكرسي .
ضحك بخفة ليهتف : نعم أعلم ، ولكن الكرسي من انتقائي ، فالكرسي ليس ضمن تجهيزات المشفى ، بل أنا من اشتريته على حسابي الخاص لأجل مرضاي ، إنه يساعد على الاسترخاء ويجبرهم في بعض الأحيان على البوح ، حينما يمنحهم باهتزازه المستمر هالة من السكينة والراحة
توقفت عن هز الكرسي ليضيق عينيه بترقب لردة فعلها قبل أن تهمس بصوت مختنق : مع كم واحدة استخدمته في علاجها منذ أن اشتريته ؟!
اسبل جفنيه حتى لا تلتقط ابتسامته الماكرة ليجيب بثبات : أنا لا استخدمه هن أو هم من يستخدمونه إذا ارادوا فلو تتذكري لم اطلب منك استخدامه بل أنت من لجأت إليه من نفسك ، صمت قليلاً قبل ان يتبع - ثم ليس من حقي الاجابة عن هذا السؤال إنهاأسرار مرضاي الذي لا ابوح بها
اجفلت لوهلة قبل أن تهز رأسها بتفهم ليكمل بهدوء : ألن تثرثري إلي عن الشيء الذي يضج مضجعك اليوم ، فأناأشعربأن هناك ما حدث يثير شجنك وحزنك .
اعتدلت بصدمة سكنت عيناها لتهمهم بعفوية : كيف عرفت ؟!
رفع حاجبيه بدهشة ليجيب بضحكة خافتة : ألست طبيبك النفسي يا آنسة ؟! إذًا لابد أنأقوى على تفسير سكناتك وليس حركاتك فقط .
رجفت بعينيها كثيرًا لتهمهم بخفوت : نعم معك حق ، أنا بالفعل حزينة اليوم ، بل قلبي مقبوض بشدة ، عبس بتفكير واعتدل بحمية ظهرت في حركة جسده لتتابع بخفوت - لقد استيقظت اليوم على حلم ازعجني للغاية .
رقت عيناه إليها ليهمهم : هل تتذكرينه ؟!
أومأت برأسها ليهم بالحديث فتشير برأسها نافية : لن أقوى على أن اقصه إليك فماما تخبرني أن لا أفعلوخاصةً مع الاحلام المزعجة حينما تراودني وهذا الحلم مزعج للغاية .
زم شفتيه بتفكير ليسألها بجدية : هل هو يخصك أو يخص خطبتك أوأي شيء يحدث بحياتك؟!
هزت رأسها نافية لتهمس بصوت خافت عميق : يخص عائلتي ، أبي .. أمي . صمتت وهو يشعر بارتجافها الغير ظاهر قبل أن تنطق أخيرًا باختناق - يخص أسعد .
انتفض واقفًا رغما عنه ليتحرك نحوها يجلس بطرف الأريكة القريبة من الكرسي ليهمس إليها بدفء حرص على تلوين صوته به رغم رجفة قلبه التي انبأته بعظيم الأثر الذي تركه حلمها على روحها : لا تقلقي سيكون كل شيء بخير ، ابتسم يبثها أمان تحتاج إليه قبل أن يهمس بجدية - وماذا تقول والدتك أيضًا في هذه الحالة ؟!
ابتسمت مرغمة لتهمس وهي تحني رأسها فتنهمر خصلاتها تخفي وجهها عنه : تخبرني أن استعيذ من الشيطان وادعو الله بالستر .
هز رأسهمفكرًا : شيء جميل لن نخسر شيئًا افعلي مثلما تقول والدتك وتوكلي على الله.
ضحكت بخفوت لتزيح خصلاتها التي تخفي وجهها عنه للاتجاه الآخر مع بقية خصلاتها فتجمعهما على كتفها البعيد عنه لتهمس برقة : أشعربأني في جلسة يوجا وليست جلسة علاج نفسي .
أشاح بعينيه بعيدًا عنها ليجيب ببساطة : الجلسة لم تبدأ بعد.
رفعت حاجبيها بدهشة : حقًا ؟!
أومأ برأسهإيجابًا وهو يريح ظهره للخلف على الاريكة يضع ساقًا فوق أخرى ليهتف بها : الآن سنبدأ جلستنا ، توقفت المرة الماضية عند وصول ابن خالتك الذي هو الآن يجبرك على الزواج منه.
امتعضت ملامحها لتهمهم بحنق : ليس هو من يجبرني إنماأبي من قبل به ويجبرني على القبول بدوري .
سأل ببساطة : ولماذا ترفضينه إذا كنت تحبينه ؟! نظرت إليه مجفلة فاتبع بهدوء - كما أخبرتنيفأنت من أخبرتنيبأنك تحبينه .
رفعت رأسها بعنفوان ومض بعينيها لتقارعه بالقول : واخبرتك أني اكرهه أيضًا.
مط شفتيه بتفكير : اعتقد أن مشاعر الحب لديك أقوى من الكره بل اعتقد أنك لست تكرهينه بالفعل أنت فقط غاضبه منه ليس أكثر.
رجفا جفناها ليكمل بهدوء : لو كنت تكرهينه كنت أخبرتأبيك بم فعله معك ولكنك تكتمت الأمر عن الجميع وكأنهلم يفعل شيئًا بل ظللت تعانين - طبقًا لأقوالك - طوال الخمس سنوات ماضية ولم تجرأ فيها على تشويه صورته التي كنت تستطيعين تشويهها بسهولة وليس أمام عائلتك فقط بل أمام عائلته أيضاالذين كانوا سيدعمونك ومن الممكن جدًا أن يطردونه وينفونه بعيدًا عنهم لأجلك .
اضطربت ملامحها لتهمس بخفوت موضحة : لم أقوى على ذلك ، لم أقوى على جرح خالتي وزوجها الذي بمثابة عم لي أكثر من كونه زوج خالتي ، أنت لا تفهم عمو وليد يمثل لي الكثير إنهأب ثاني دومًا كنت ألجأإليه حينما اريد أنأشعربأني مدللة .
لانت ملامحها بابتسامة ناعمة : إنه لم يكتفي يومًا من تدليلي ، أبي كان يفعل دومًا ولكن ديدو، ابتسمت برقة – دلاله شيء آخرًا ، هل أخبرتكأنه غضب مثل ولده حينما قصصت شعري وأنا صغيرة ؟!
هز رأسهنافيًا لتتبع بعتاب صدح بصوتها : لم يخاصمني كولده الأحمق بل عاتبني برقي وأخبرنيأنه مستاء فهو كان يحب أن يصفف لي شعري الكثيف بل إنه تعلم كيفية صنع الجديلة الفرنسيةعن طريق الانترنت لأجلي .
اختنق صوتها ولمعت الدموع بعينيها : فحينما عاد شعري طويلا حرًا وخضعت لجلسات العلاج الكيميائي فأصبح منهمرا هكذا كشلال وذهبت تعقيداته ، ذهبت إليه مخصوصًا ليجدله لي وكم فرح حينما أنهىأول جديلة طويلة لي ، توردت لتهمهم بخفوت – كانت رائعة وخالتي يومها صفقت فرحًا واثنت على شكلها وصممت أن تلتقط لي بعض من الصور وهي تخبرني كم أبدو رقيقة وجميلة ،
انسكبت الدموع من عينيها وهي تفيض بحديثها : لذا في كل مرة كنت أشعر بالشوق الشديد لمن خذلني وهرب ، كنت أذهبإليه واطلب منه أن يجدل لي شعري فيربت على كتفي بحنو يهمس لي بكلمات داعمة ويساندني دون أنيسأل عم يحدث معي فقط عيناه الشبيهتان بعيني الآخر تحتضناني بحنو وتخبرني دون حديث أنهموجود بجواري مهما حدث . سحبت نفسًاعميقًا لتتحكم في انهمار دموعها وتثرثر بعفوية – بل إنني في بعض الاحيان كنت اغفو على ملاعبته لخصلاتي ، تلاعب ودلال كان مقصودًا منه فهو كان دومًا يخبرني حين استيقظ أنه شعر بي مضطربة فساعدني على النوم . لطالما غفوت على الاريكة الخاصة به في الجاليري ولطالما دثرتني خالتي بغطاء خفيف لونه بنفسجي فاتح ينتمى لآخر لم يكن متواجدًا حينما احتاج إليه ، لذا كنت غاضبة وحزينة يوم أن رفضته ليس لأجل مشاعره بل لأني شعرت بأني جرحت خالتي وزوجها حينما رفضت عرض زواجه في لحظة تهور وطيش ألمت بي .
رفعت وجهها إليه تقاوم دموعها بصلابة : من الممكن أن لا أكرهه بالفعل ولكن ما احمله من وجع بداخلي يفوق حبي له اضعاف مضاعفة.
اختنق حلقه فلم يقو على الرد ، قبض كفيه وزرعهما بجانبه حتى لا يجذبها إليه في لحظة تهور فيحتضنها .. يربت على رأسها .. ويردد اعتذاراته على مسامعها مرارًاو تكرارًا لعله يستطيع أن يمحي اوجاعها التي تسبب بها مرات كثيرة دون قصد منه ومرات بقصد متعمد وغباء تملكه .
كح أخيراً ليهمس بجدية : اخبريني ماذا كان شعورك حينما علمت بعودته ؟!
جمدت ملامحها فأشاحت بوجهها تنظر إلى نقطة بعيده عنه لتعود بجسدها إلى الوراء ثانية تهتز بكرسيها في اهتزاز أقوى من ذي قبل لم ترمش بل شحب وجهها بشكل أثار خوفه وخاصةً حينما التزمت الصمت فاستحالت كتمثال قد من الفخار النقي فيتلألأ تحت ضوء المصابيح ، تمثال ينتمي لتلك الأساطير التي تتحدث عن الجنيات التي تخرج إليك من الأماكن المظلمة بفتنة تسرق الابصار .. وذكاء يخيف العقول .. وشراسة تقبض القلوب ، قبض كفيه بطريقة اقوى وهو يهمس لنفسه بالصبر عليها فهي ستجيب بم أنها صمتت كل هذه المرة ستجيب ، بلل شفتيه وهو ينظر إليها بتوجس وريبة وخاصةً مع تلك النظرة التي تألقت بعينيها قبل أن تهمس أخيراً بصوت خافت رغم قوة نبراته : شعرت بالضعف .
اجفل رغم عنه ليردد بعدم فهم : الضعف ، لماذا ؟!
سحبت نفسًاعميقًا لتجيب ببساطة : لأني تكيفت الخمس سنوات بعد سفره أن لا اشتاق إليه ، كنت اخفي شوقي إليه حتى بيني وبين نفسي ، فأقنعت نفسي أن تلك السنتين اللتين عشتهما في رحاب حبه كانت وهمًا .. حلمًا انتهى .. وكابوس استيقظت منه أخيراً فعلي الالتفات لنفسي وبناء شخصيتي بعيدًا عن أي تأثير سواي ، لذا تأقلمت على فكرة الوهم ولم ادع عقلي يركن لكونه حقيقه واقعة حدثت في حياتي ، لأصدم حينما رأيتهمصادفة كان عاصم يتحدث معه صباحًا عن طريق الاتصال المرئي فتوقفت حياتي بأكملها واستعدت ذكرياتي كاملة وكانت صدمة رؤيته أقوى بكثير من صدمة هروبه ، الضعف الذي انتابني حينها اغضبني من نفسي حاولت بعدها أن اتناساه ثانيةً ولكني لم استطع إلىأن اخبرتني ماما بخبر عودته واكدت علي أني لابد أناذهب معها فلم أقوى على الرفض الذي صرح به أسعد ، يومها شعرت بخوف شديد أن اضعف أمامه ويفتضح أمريأمام الجميع من افراد العائلة لذا ذهبت لأراه بالمطار .
اعتدل بجلسته تلقائيًا وعيناه تتسع وهو يتذكر أنه لمحها يوم وصوله واعاز الأمربأنه يتخيل وجودها ، لينتبه حينما اتبعت : رؤيته بمفردي أعادت لي ذكرى مقيتة فاستغليتها لأستعيد قوتي واذهب لمقابلته بلا مبالاة وبرود تعمدت مقابلته بهما حتى يعلم أنه لم يعد يمثل لي أي شيء ، بل في كل مرة كنت اقابله مصادفة أو بطريقة مقصودة منه كنت استعيد ذكرياتي السيئة معه حتى أقوى على مجابهته دون ضعف الا هذه المرة التي تحدث فيها معي عن الماضي وأخبرني بالسبب في هروبه مني ، هذه المرة لم أقوى على التذكر أو الاستعانة بشيء فحديثه هدم كل أسبابي من أساسها ، فهو كان مخدوعًا وتم التلاعب به مثلما تلاعب بي بالضبط .
ازدرد لعابه ببطء ليرطب حلقه الذي جف تمامًا قبل أنيسألها بهدوء : إذًاأنت صدقت حديثه واقتنعت بأنه ليس مخطئًا .
عبست بضيق : لم أقلأنه ليس مخطئًا بل هو اخطأ حينما شعر بالخوف .. حينما شك في عدم دعمي له .. حينما هرب دون أن يخبرني بأي شيء ، صمتت قليلاً لتهمس ببوح – رغم أنيأقربأن تفكيره كان صائبًا في أمر واحد
سأل على الفور : وما هو ؟!
مطت شفتيها : أني لم أكن لأسامحه أبدًا لو وقع في فخ كاترينا وتزوج منها ليصلح ما حدث حتى لو أمامالناس ، لم أكن ارضى به لو قَبّلَ موضع قدمي حتى ، فلم أكن سأقوى على شخص احتلت أحضانهأنثىأخرىغيري .
اجبر نفسه على عدم الابتسام ليرن جرس صغير متقطع فينظر إليها قليلا قبل أن يزفر بقوة وينهض واقفًا متجهًا نحو مكتبه ليجلس من خلفه ويشير إليها بالجلوس أمامه : هل اصبحت تنامين بشكل أفضلالآن ؟! أومأت برأسهاإيجابًا فاتبع سائلاً مستفهمًا – حتى بعد أن اوقفت الدواء ؟!
ابتسمت برقة : نعم الحمد لله .
ابتسم برزانة : حتى في تلك الأيام التي يزورك فيها خطيبك الغليظ .
شبه ابتسامة ارتسمت على ثغرها لتهمهم بخفوت : بل تلك الأيام اصبحت أنام فيها بشكل أفضل.
تنهد بقوة ليهتف بجدية : حسنًا اعتقد أن تبقى لدينا جلسة أو جلستين يا انسة يمنى لذا أراك بعد ثلاث أيامإنشاء الله وحينها سأقرر إذا كنت سنحتاج جلسة أخيرةأم ستكون جلستنا القادمة هي الأخيرة .
سحبت نفسًاعميقًا لتنهض واقفة لتنطق بهدوء : سعدت بالتعامل معك يا دكتور .
مد كفه ليصافحها فاستجابت بعفوية : أناالأسعد يا استاذة ، أراك قريبا إن شاء الله .
أومأت برأسها في هزة رقيقة أثارت ابتسامته وخاصة حينما حركت أصابعها في حركة دلال تؤثر به فذكرته بأيامهما سويًا ليشير إليها بكفه مودعًا قبل أن يسقط جالسًا فوق كرسيه يشعر باضطراب جلي يداهمه قبل أنيعتدل بجلسته يحدث نفسه بصرامة : اهدأ يا أحمق لقد قصدت أن تتلاعب بك بتلك الحركة .
اغمض عينيه وهو يعود برأسه للخلف ليهمس بخفوت : قلبي سيتوقف ذات مرة بسببك يا مونتي، وحينها أيضًاسأكون راضيًا .
***
تقود سيارتها وتشعر بروحها طائرة ترفرف في سماء شوقها واشتياقها الجلي له ، فهي تريد العودة إليه بسرعة لتلحق به قبل ان يتناول طعامه ، فيؤكل الطعام الذي انتقته له خصيصًا ، اطعمة شهية تعرف بحبه لها فابتاعتها لأجله وهي تفكر في مفاجأته اليوم فتدعوه إلى الغداء معها في مكتبها الذي ستغلقه عليهما وتدلله كما يشاء اليوم ، خفق قلبها بجنون لتستغل وقوفها في اشارة حمراء فتعبث بمشغل الاغاني الحديث الخاص بسيارتها وتأتي بتلك الاغنية التي استمعت إليها لأول مرة ببرنامج سليم الاذاعي والذي لم يتوقف عن بثه رغم ثباته في عمله بل ونجاحه المدوي به ، وكم تريد شكر سليم عن عدم توقفه هذا بل وعلى تلك الاغنية خصيصًا التي استمعت إليها بعد دعوة العشاء التي ذهبت فيها معه والتي فاجئها بها
فبعد أن عادت إلى البيت هاتفها ليخبرها أنه بالأسفل وأنه استأذن عمه أن يصحبها معه للعشاء ففاجئها حينما صحبها إلى مكان مختلف ليس مطعم تقليدي معتادة عليها ، بل دعاها إلى المكان أقل ما يقال عليه أنه قطعة من الجنة ، مطعم لم تذهب إليه من قبل ، عبارة عن خيم صغيرة منثورة متباعدة في حديقة كبيرة تطل على مساحات خضراء واسعة وسقف الخيمة يظهر السماء منه عن طريق عدسة مقعرة تشعرك بأن السماء قريبة بل وتستطيع لمسها بكفيك إذا أردت ، حينها اخبرها وهما يدلفان سويا أنه اوصى في وقت قليل بإعداد هذه المائدة لهما بعد أن قرر أن لا يتناول العشاء الذي اعدته إليه امه بل رغب أن يكون معها هنا ، وحينما حان وقت العودة لم تكن تريد ان تفارقه ولكنها عادت في الأخير إلى غرفتها الضيقة الخالية منه لتستمع إلى تلك الاغنية الرائعة التي دوت بموسيقاها في أذنيها فأعادت إليها الذكرى كاملة .
فترى نفسها من جديد تدور من حولها في غرفتها فوق أطراف أصابعها كراقصات الباليه ، تسترجع بعضًا من الدروس التي تلقتها و هي صغيرة بالفعل لترقص على لحن الأغنية القديمة التي يذيعها سليم في برنامجه ، فتتمايل على الألحان التي تأخذ رتم موسيقي غربي و صوت مطربة عملاقة تعد كعلم من أعلام الغناء في الجيل الماضي بصوتها الرقيق واحساسها الشجي و رقتها اللامتناهية وتصف حالتها الحالية معه ، فتصيب قلبها بتخمة مشاعر جمه تغلغلت بروحها و هي تتذكر شغفه.. توقه.. لهفته.. شوقه الذي لا ينضب ، فتنصت و عيناها تلمع بوميض زيتوني غني يعكس عمق مشاعرها المتقدة نحوه.
انا وانت حالة خاصة جدا .. حالة مش موجوده فعلا
ومافيش في حياتنا اصلا يا حبيبي عذاب
وانت جنبي حاسة اني طفلة .. وحياتي يا حبيبي حفلة
وفي وش الحزن قفلة كل الابواب
جنني حبك .. طيرلي عقلي .. انا متهيالي
انا جيت الدنيا بحبك
علمني حبك .. اسرق من الدنيا .. ثانية ورا ثانية
وادوب قلبي في قلبك
تبتسم برقة و اغواء يلمع من ثغرها ، تتوقف لاهثة أمام المرآة الكبيرة في غرفتها تحتضن جسدها بذراعيها في حضن قوي ذكرها باحتضانه التائق إلى جسدها قبل أن يُدلِلَه بلمساته .. ثغرها الذي اسقاه من رحيق قبلاته .. روحها التي متعها بعبق حضوره و كلمات الأغنية تخترق مشاعرها و صوت انغام البهي يداعب حواسها و هي تغرد برقة
انا و انت حالة استثنائية .. ودماغنا هي هي .. و حياتنا دي مش عادية
اتنين مجانين
و مفيش حاجه بينا تقليدية .. انت الفرحة اللي فيا .. عارف العيد و العيدية
انت الاتنين
رفرف قلبها كعصفور يحضر نفسه للطيران كأول مرة و هي تشعر بسعادة تنضح من خلاياها كلها فتردد مع انغام بصوت منغم بالكلمات التي ترددت على مسامعها كثيرًا فمست شغاف قلبها فرددها و كأنه يحفظها منذ القدم
جنني حبك .. طير لي عقلي .. انا متهيألي
انا جيت الدنيا بحبك
علمني حبك ...اسرق من الدنيا.. ثانيه ورا ثانية
‏ و أدوب قلبي في قلبك
انغام- حالة خاصة جدا
فتتمايل حول نفسها وتدور إلىأن تسقط فوق فراشها فتستل هاتفها وتداعب شاشته لتراسله بتلك الكلمات و ثغرها يتألق بابتسامه عابثة ومضت بعمق عينيها و هي تفكر بردة فعله التي أتت فورية ، فيضيء هاتفها بصورته و يعلن رنينه عن اتصاله المرئي ، فتتدلل عليه قليلاً قبل أن تجيبه و هي تنظر له بشوق احتل أنفاسها.
همس باسمها ، فتوردت و هي تشعر بنظراته تلتهمها ، فأجابته بهمهمة ، ليهمس باسمها ثانيةً ، فتجيبه بهمهمة محشرجه خرجت بلهاث أنفاسها الذي شعر بسخونتها تتدفق لأوردته ، فتشعل النيران بجسده الذي انتفض مطالبا بوجودها ، فيهمس لها دون شعور : هلا استضفتني للمبيت لديكم اليوم؟! اتبع بشقاوة حينما رأى ابتسامتها تتوهج- فالعمال سيباشرون العمل في الصباح من الغد و أريدأنأكون في استقبالهم .
ضحكت رغم عنها لتهمس بشقاوة : اعتقد أنك لو قضيت الليلة لدينا لا فائدة من وجود العمال في الغد و لا فائدة من تجديد الجناح لنا .
ابتسم بمكر ليتشدق بمرح ساخر : فكرة جيدة ، اقنعي عمي بها و أنا سأنفذ على الفور.
همهمت بعبث تعمدته : أي فكرة ؟!
أجابها بصوت أبح راغب : أن لا فائدة من الجناح و آتيكم بحقيبة ملابسي لأمضي الليلة و كل ليلة لديك.
صمت قليلا ليتابع بأنفاس لاهثة و عينان وامضة : الليلة و كل ليلة آتيه لآخر عمري أكون معك .. بجوارك .. تتوسدين صدري .. تحتلين اضلعي .. و تتنفسين أنفاسي..
لهجت بانفعال اغتالها، فانتفض جسدها متأثرًا ، ليكمل بصوت محشرج و نبرة ذائبة من حد التخيل : اغفي على ملامحك و استيقظ على وجودك، فأنهل من عبقك كما اشاء دون حدود .. قيود.. أو فروض اهتم بتنفيذها أو التفكير فيها .
سحب نفسًاعميقًا ليهدأ من خفقاته التي تسارعت ليهتف بثبات و هو ينظر لعمق عينيها التي تشي بمدى تأثرها : أناأريدك يا نور و لم أعد احتمل أكثر من ذلك .
انتبهت على صوت نفير سيارة خلفها تنبهها أن الاشارة تحولت للون الاخضر فتبتسم بحرج وتتحرك بسيارتها ثانيةً وهي تفكر أنه من تلك الليلة التي اغلقت الهاتف في وجهه حتى لا تسمع المزيد من كلماته التي تذيب تعقلها وهو يعمل بجد في بناء جناحهما ، جناح خاص بهما فهو لم يرضى عن إعادة تصميم جناح جديه فاقترح أنيعيد تصميم جناحها هي وشقيقتها ، اقتراح لاقى قبول لدى أبيهاوأميرة التي سينقل باب غرفتها للاتجاه الآخرحتى ينشأ جناحهما الخاص الذي يضم غرفتها وغرفته من جناح والديه وغرفة المعيشة التي كانت تستخدمها هي واميرة والتي تنازلت عنها أميرة تنازل نهائي فاصبح لديهما ثلاث غرف على الأقل كما اخبره أبيها حتى يوافق على اقتراحه بدلاً من إعادة تصميم جناح نانا ، ورغم أن تم تشريدها من غرفتها التي انقلبت رأسّا على عقب إلاأنها تحيا بسعادة خالصة وخاصة أن العمل قارب على الانتهاء فعاصم أخبرها الليلة الماضية أنه تبق لديهم ثلاث أيام كاملة قبل أنيبدأ بفرش الجناح وعليه سيحدد مع أبيها موعد زفاف قريب ، زفاف تريده ويتوق إليه بل ويعد الساعات في بعادها عنه .
تنهدت بقوة وهي تصف سيارتها في المكان المخصص إليها بمرآب المؤسسة لتحمل العلبة الفخمة التي تحتوي على الطعام والكيس المخملي وتتحرك نحو مصعد المؤسسة ليهرع إليهاأحد العاملين ويحمل عنها حمولتها قبل أن يوصلها الى مكتبها فتضع الاشياء وتتجه نحو الباب الفاصل بين غرفتيهما تفتحه ببطء ناوية على مفاجأته لتتسمر واقفة وسمعها تخترقه كلمات قليلة اعتصرت قلبها و اجبرتها على الجمود حينما شحبت ملامحها وعقلها يدور بتفكير سريع أوصلها لكل شيء كان يخفيه عنها !!
***
انتهى الاجتماع أخيراً لينهضوا جميعا ينصرف البقية قبل أن يبقى أحمدسائلاً بجدية : أين نوران يا عاصم ؟! لماذا لم تحضر الاجتماع اليوم ؟!
اجاب عاصم بهدوء : لم تأت للعمل بعد واستغلت أنك وسليم حاضران اليوم بدلاً منها وخاصةًأن العقد يخص اتفاقنا مع شركة الدعاية على المشروع الجديد ، اتبع يقلدها بنبرة دلالها وهو يجلس على كرسي مكتبه - إنهاتفاق داخلي يا عاصم فلا أهمية لوجودي معكم دعني اذهب إلى جنى فهي تحتاجني لأنتقي معها بعض الاشياء التي تخصها .
ضحك أحمد وهو يستلقي على الكرسي المقابل لمكتبه : وبالطبع حضرتك منحتها موافقتك فأمامها ولأجل جنى تهدم المؤسسة فوق رؤوسنا .
ابتسم عاصم باتساع ليجيب بهدوء : بل لأني اقتنعت بوجهة نظرها ، عبس أحمد يرمقه بطرف عينه ليكمل عاصم بمشاغبة وهو يغمز له بطرف عينه – ولأجلي في الاخير فأنا لا أريدأن اغضبها .
تنهد احمد بقوة ليلوي شفتيه مغمغمًا : منذ متى هذا الحنان المتدفق ، لم أعرفك يا رجل .
قهقه عاصم بسعادة : تَعرف علي من جديد يا فياض كما يلقبك بابا .
ابتسم أحمد واسبل اهدابه ليبلل عاصم شفتيه ينظر إليه عن كثب قبل أن يهتف بجدية : هل لازالت الامور محتدمة بينكما يا أحمد ؟!
ازدرد أحمد لعابه ببطء ليهمس بصوت محشرج : لقد تفوهت بكثير من الأشياء الخاطئة يا عاصم ، لو ظللت اعتذر لأميرة عنها لعمري القادم بأكمله لن تمحي اعتذاراتي اخطائي في حقها، تصلب فكه ليهمس باختناق – المحزن بالأمر يا عاصم ، أنها صامتة .. لا تغضب علي .. لا تعاتبني .. لا تفتعل أي شجار بيننا ، أميرةتتجاهلني وتتجاهل وجودي .
عبس عاصم باستنكار ليكمل أحمد بهدوء حزين : وجودي من حولها لم يعد يشكل فارقاً لديها ، توقفت عن استقبالي بابتسامتها المضيئة التي تلون عالمي من حولي .. توقفت عن النظر لي وكأني البشري الأوحد على وجه البسيطة فتدفع الثقة بأوردتي .. توقفت عن احتضاني وهذا أقسى شيء تفعله حتى حينما اطلبها منها صراحة توقفت عن ضمي كما كانت تفعل فهي كانت تحتضنني وكأني وليدها الذي ترجته من الله فوهبها إياهبعد طول غياب .
تشكلت ملامح عاصم بأسى ليهمس بضيق : فقط لو تخبرني عن السبب ، ماذا حدث ليتصدع الأمر بينكما بهذه الطريقة الغريبة وفي هذا الوقت القصير ؟!
اخفض احمد عينيه ليهمهم بسخرية : مشاجرة عادية ولكنها آلت بشكل غير اعتيادي لما هو الآن ، عبس عاصم بعدم تصديق ليتابع أحمد سائلاًألم تخبرك أميرة ؟!
زفر عاصم بقوة ليجيب بهدوء : أتعلمأن تامي دعتني على الغداء أول البارحة وكانت زوجتك المصون متواجدة لأجل هذا الغرض خصيصاً ، وخاصةً بعدما يئست من أن تفضي لها أميرةبأي شيء يخصكما بل كذبت عليها واخبرتها بأنالأمور مستتبة وعلى ما يرام بينكما ، ابتسم أحمدساخراً ليتابع عاصم ببرود – وأميرة هانم كادت أن تخبرني بنفس الشيء ولكني فاجأتها باني أعلمأنكما على شجار ما فرفضت بمنتهى العنجهيه أن تفضي لي عم يضايقها واخبرتني أن ما يحدث بينكما يظل بينكما وشأنكما سويًا و أنتما الوحيدان القادران على تيسير اموركما بنفسيكما .
ابتسامة طفيفة فخورة لمعت على ثغر أحمد ليكمل عاصم بفخر نضح بصوته : وازيدك من الشعر بيت ، أنه نفس الرد القوي الذي منحته لعمي حينما ضغط عليها لتخبره عن كيف اخطأت يا سفيه في حقها ، فغضبت من عمي وخاصمته لأنه دعاك بالسفيه .
جلجلت ضحكة أحمد بسعادة داعبت اوردته ليسأله بمشاكسة : أقسم لي أنها خاصمت عمك الوزير لأجلي .
أجاب عاصم ببساطة : أقسم بالله العلي العظيم فعلت ، لذا كان عمي في زيارتكم أول الأسبوع ليراضيها .
همهم أحمد بهدوء : لم أقابله .
ضحك عاصم بخفة ليشاكسه : من حسن حظك يا فياض .
ابتسم احمد واسبل اهدابه ليهمهم بصوت خفيض ذو نغمة مميزة : بمناسبة عمك ، هل اخبرته بأمر المزاد الذي دفعت عطاءه البارحة ؟! اعتدل عاصم في جلسته ليشد جسده المسترخي بصلابة ينظر لأحمد من بين رموشه وهم أن يتحدث ليشير إليهأحمد بكفه مقاطعًا – وقبل أن تلجأ إلى بعضًا من الدراما لا نحتاجها ، أنا بالطبع لا اتجسس عليك ولا احاسبك ولكني علمت بالأمر حينما أتى لي مدير الحسابات يخبرني أن ملف المزاد لم يُدرج ضمن ملفات العمليات الجديدة .
مط عاصم شفتيه ليهمهم بجدية : المزاد وملفه لن يُدرجا ضمن عمليات المؤسسة يا أحمد فالمزاد وكل ما يخصه يعود لي ، سأدفعه من مالي الخاص وسيؤول لممتلكاتي في آخرالأمر ولو راجعت البيانات الالكترونية للعطاء والتي بالطبع مدير الحسابات اطلعك عليها ستجد أنه من مالي الخاص وباسمي فقط ليس باسم المؤسسة .
ابتسم أحمد ليهمس بثبات : لذا أنا اتحدث معك يا عاصم ، لماذا زججت نفسك بهذا العمل الذي لم نشارك به من قبل ، لماذا تصطدم به متعمدًاقاصدًاوكأنك تخبره بأنك تأخذ بثأرك وتنتقم منه؟!
جمدت ملامح عاصم ليهمس بصلابة : لأني أفعل بالفعل .
اعتلت الصدمة ملامح أحمد ليهمهم باستنكار : لماذا يا عاصم ؟! سيادة الوزير هدده هو وعمه صراحتا إذا فكرا في الاقتراب منك ثانية ..
قاطعه عاصم والغضب يسكن عينيه : هاك أنت قلتها ، إذا فكرا في الاقتراب مني ثانيةً ، وماذا عن حقي في المرة الماضية ؟!
عبس احمد بضيق : أناأرىأنك تقحم نفسك في أمور لا داع لها يا عاصم ، اتبع أحمد بحنق- اخبرني ماذا ستستفيد من ضم المصنع لممتلكاتك إذا افترضنا أن المزاد وقع عليك بالفعل ؟!
ابتسم عاصم ببرود : سيكون لدينا أكبر مصنع لإنتاج الحديد يا أحمد .
نظر إليهأحمد بدهشة ليهتف : إنه كُهنة يا عاصم ، الآلات المتواجدة به لا تنفع للعمل .
رد عاصم بجدية : سأجدده واعيد فتحه وبدلًا من أننا نتعاقد على الحديد لإنشاء المجمعات والقرى سيكون لدينا مصنع ينتج الحديد يغطي اعمالنا واعمال الآخرين .
نظر له أحمد بدهشة : كل هذا لتنتقم منه ؟! اتبع أحمد بعدم فهم – لا تخبرني أنك تفعل هذا لأجل الفتاة .
انزعج عاصم ليهتف على الفور : لا طبعًاأنا ليس لي دخل بم يحدث بينه وبين ابنة عمه أو زوجته أوأيًا كانت صفتها بالنسبة إليه ، أناآخذ حقي بطريقة أكثر شرفًا من طريقته يا أحمد ، اتبع عاصم شارحًاأتعلمأنزيد يريد المصنع لأنه لا يريد تشغيله فهو مساهم رئيسي في المصانع الأخرى التي تحتكر صناعة الحديد بالسوق ، لذا يريده ليضمن سيطرة تامة على السوق
اتسعت عينا أحمد باهتمام تحول لإدراك قبل أن يهتف بجدية : إنها ضربة موجعة يا عاصم .
أجاب عاصم بفحيح ساخر : بل قاصمة يا أحمد بك .
ابتسم أحمد بمكر ليهتف بمشاغبة : آه يا ابن الوزير ، قهقه عاصم ضاحكًا ليهم بالحديث ليقاطعه أحمد بإشارة استخفاف من يده – ولا تخبرني أنه عمك وهذا الهراء في لحظة ما تشابهتما أمامي فلم أعد قادر على التفريق بينكم يا آل الجمال .
قهقه أخرى انطلقت من حلق عاصم ليكمل أحمد بغمزة شقية : إذًاأنت تدلف إلى مجال الصناعة من أوسعأبوابه يا باشمهندس ، هز عاصم رأسه دون أن يعلق ليكمل أحمد وهو ينظر إليه بفخر ويشاغبه بالقول – ستكون خلفًا صالحًا لعمك الوزير يا ابن اخو الوزير وحفيد الوزير .
ضحك عاصم بخفة ليجيب بعفوية : العقبى لك يا ابن الخواجة .
جمدت ملامح أحمد قبل أن يبتسم ابتسامة لم تسطع بعينيه ثم يهمس : هل أنا مجنون لأترك حياتي و أميرتيوانشغل عنها بتلك المسئولية التي تثقل الكاهل وتبتلع العمر بأكمله ؟! اتبع ببساطة – سأتركها لك أنتالأجدر بها .
ابتسم عاصم و آثر الصمت وهو يشعر بتباعد أحمد رغم ابتسامته الواثقة المرسومة على وجهه لينهض الآخرمنهيا الحديث وهو يهتف به مازحًا : فقط اهتم بنفسك المرة الماضية تسبب لك بحادث سيارة لأنك قابلت فتاته ، الله أعلم المرة القادمة هل سيهدم المصنع الذي تريد أخذه منه فوق رأسكأم سيرسل لك من يذبحك ويريحنا منك ؟!
ضحك عاصم بخفة وهو ينهض بدوره ليتحرك بالفعل معه فيشير إليه احمد بانزعاج : لماذا نهضت هل أنا ضيف تودعني ؟!
ابتسم عاصم بخفة : بل سأنعش نفسي واطلب من حسناء فنجان قهوة لأكمل بقية الأعمال التي لا تنتهي .
أومأ أحمدبرأسه ليغادر فيتحرك هو نحو دورة المياه قبل أن يتوقف وهو يشعر بوجود أحداًآخر معه بالغرفة ، إلتفت ونظر من خلفه ليجدها تقف في الباب الفاصل بين غرفتي مكتبيهما تنظر إليه بوجه مكفهر وعينان شاخصة بغضب محتقنه بدموع كثيرة لم تنهمر بعد !!
اتسعت عيناه بارتياع ليسرع نحوها بخطوات ملهوفة يسألها بجزع : ما بالك يا نوران ؟! ماذا حدث اخبريني ؟!
توقف أمامها وهم بأن يجذبها اليه فابتعدت للوراء برفض صارم فعبس بغضب واستنكار اعتلى ملامحه ليهدر بجدية : ما بالك ؟!
رمشت بعينيها كثيرًا وهي تنظر إلى الفراغ ملامحها ثابتة وعقلها لا يتوقف عن التفكير فيم استمعت إليهمصادفة فتركز عينيها بعيدًا عنه إلى أن جف حلقه وبدأ يشعر بالخوف عليها لتتمتم أخيرًا : هل قابلتها يا عاصم ذاك اليوم الذي تجاهلت فيه اتصالاتي ؟! أخيراً وضعت عيناها بعينيه لتهدر بعنفوان - صبيحة خطوبتنا وإعلان ارتباطنا رسميًا !!
ازدرد لعابه ببطء شديد وهم بالرد لتنظر نحوه بعينين صامدتين ممتلئتين بدموع ثابتة بحدقتيها لتكرر سؤالها بطريقة تدل على نوبة هيستيرية ستتملكها : هل قابلتها يا عاصم ؟!
كان يود أن يكذب .. يخفي عنها ما حدث .. يواري ما فعله .. أو يخدعها ولكنه لم يستطع أن يفعل بل حرك رأسهإيجابا لتهتز حدقتيها بضيم تجسد على ملامحها قبل أن تهمهم بصوت مختنق قهراً : زوجها السبب في حادثتك .
احنى رأسه دون رد واضح لترتعش ابتسامة ساخرة فوق ثغرها قبل أن تنتفض وتهم بالرحيل انتفض مسرعًا خلفها ليمنعها أن تغادر يحاول أن يتمسك بها لتصرخ بعنفوان وعيناها تلمع بوحشية : لا تلمسني ، اياك .
ألقتها بجبروت أجبره على التراجع ليهمهم بخفوت راجياً : حسنا لن أفعل ، لكن توقفي .
تمتمت بجمود : أريد الرحيل .
اطبق فكيه ليهدر بجبروت يماثل جبروتها : غير مسموح لك بهذا أبدًا ، غير مسموح لك بالابتعاد .. الانصراف .. الرحيل ، اتبع بكبرياء تمسك به خافيًا خوفه بداخله - بل إياك والتفكير فيه أبداً
اشاحت بوجهها بعيدًا وكتفت ساعديها أمام صدرها برفض وصله جيداً ليزفربقوة ويهتف بجدية : اجلسي يا نوران سأخبرك بكل شيء ، فقط اهدئي واجلسي .
رفعت رأسها بأنفه : لا أريدأنأعرف . لا أريدأنأعرفأنك اقتربت من أخرى وزججت بنفسك بينها وبين زوجها المجنون الذي كاد أن يقتلك لأنك قابلت زوجته
صرخت في وجهه : ألم تفكر بي .. بنا .. بعائلتك ، اتبعت بغيرة أضاءت مقلتيها - أمأن مساعدتك للرقيقة أهممن كل شيء آخر ؟!
اغمض عينيه هاتفا بمهادنة : فقط اهدئي لنستطيع التحدث
هزت رأسها نافية فتنهد بقوة واقترب منها بابتسامة ودودة ونظرات حانية : أناأريدأن احكي لك اقص إليك و ابوح .
أدارت رأسها ونظرت إليه بعتاب آلم قلبه ليتنهد ثانية ويقترب يفك ذراعيها ليجذبها نحوه يضمها إلى صدره ويقبل جبينها : آسف لكل شيء ، فقط اجلسي وسأخبرك .
***
تتحرك بخطوات متسارعة في طابق الحالات الخطرة لتخطو نحو معمل قديم كان مخصص قبلاً لحالات الأشعة ولكن تم تحويله ليكون مكانًا مخصصًا لهذا الاختراع الذي يبتلع وقته كله منذ تلك الليلة التي اكتشف فيها عادل أن قفل باب المعمل الاخر تم التلاعب به ووضع به جهاز تفجير دقيق جداً ولكنه مدمر .
ارتعد جسدها دون وعي منها وهي تتذكر تحذيرات عادل الكثيرة إليهاأن لا يلمحها أحدهم وهي ذاهبه إلىالمعمل فهم إلىالآن لا يعلمون هوية الشخص الذي اخترق المشفى وزرع جهاز التفجير بعد أن غادرت مروة !!
ابتسامة شقت ثغرها مرغما وهي تتذكر أنها علمت مصادفة من حديثها مع عادل أن تقرب عبد الرحمن من تلك المروة ما كان إلا لغرض حمايتهم وحماية الجهاز الذي يصنعونه والذي سيغير مجرى علاج آثار مرض الزهايمر لكبار السن .
توردت وهي تتذكر أنها لم تقوى على اخفاء فضولها ولهفتها لمعرفة القصة كاملة ليخبرها عادل عن كل شيء جمع عبد الرحمن بتلك الفتاة التي تم طردها على يدي خطيبها الباشمهندس العتيد ، الخواجة ابن الخواجة شكلاًوالصعيدي في مكمنه ، ضحكت بخفة وعقلها للآن لا يستطع أن يجزم بإجابتها عن كون عادل أخبرها متعمدًا أمهي ثرثرة ألقاها على مسامعها بعد أن طلب مساعدتها في بعض الأمور الإدارية التي كلفهما بها الجهاز الأمني الذي يعملان معه فاستجابت هي له بطواعية وهي تتحمس لمساعدتهما .
تنهدت وهي تفكر بأنها لا تهتم بالسبب وراء ثرثرة عادل ما يهمها أن جزء من هواجسها تجاه عبد الرحمن اندثرت، تلك الهواجس التي تنغص عليها أحلامها في حياة سعيدة معه وخاصةً بعدما خُطبت إليه ، ورغم أنه لم يظهر أي شيء خلاف شخصيته الطبيعية التي تعرفها إلاأن هناك جزء من داخلها يجلس مترقبًا إليه في كل أفعاله ويحاسبه على كل أقواله وفي كل مرة يخيب ظنه حينما لا يجد شيء !!
ابتسامة ناعمة احتلت ملامحها حينما وقفت أمام باب المعمل لتفتحه بهوية خاصة بها لتدلف بخطوات أريحية للداخل فتقف بعيدًا قليلاً تنظر إليه تتأمله مرغمه وكأنه مغناطيس قوي جذب مقلتيها فلا تقو على الفرار منه فجاذبيته القوية تأًسرها حتى إن لم تعترف بذلك شفهيا ولكنها داخليًا تقر وتعترف أنها مع الأيام التي تمر بينهما تسلم وتستسلم إليه بعفوية واحترام متبادل بينهما
كحت بخفة لتنبهه لوصولها فيرفع رأسه ينظر نحوها عيناه تنبض بسعادة لرؤيتها رغم تعب ملامحه لتقترب قليلاًولكن تظل محتفظة بمسافة كافية بينهما : لم تنتهي بعد ؟!
تنهد بقوة ليرمي آلة صغيرة من يده لا تفهمها ولكنها تظن أنها تقيس شيء ما ليهتف بضجر : الجبناء حينما لم يستطيعوا سرقته أو نقل المعلومات من عليه خربوه ، زفر باختناق - أضاعوا مجهود شهور طويلة لا أعرف كيف علينا استعادته .
ابتسمت بأمل لتهمس : ثق بنفسك واستعن بالله ستجد الأمور متيسرة بإذنه يا عبد الرحمن .
رد بعفوية : ونعم بالله ، ابتسمت في وجهه برقة ليتابع متسائلاً - ما الذي تحملينه لي هذه المرة ؟
ضحكت رغمًا عنها فتتحكم في ضحكتها حتى لا تنطلق مدوية فتومض عيناه باهتمام شغوف لتهتف بجدية تمسكت بها : هذا حمام محشي ماما أعدتهخصيصًاإليك ، عضت شفتها بشقاوة - اعتقد أنها تريد الفوز بالرهان أمام خالتي .
عبس بتعجب لتستدرك سريعًا : أمام نولا .
ضحك بخفة ليهتف بأريحية : لا يهمني من منهما تفوز الهام أني أتغذى جيدًا .
ابتسمت لتنظر إليه ملياً : إذًا ستخبر نولا أن ماما تعد الحمام افضل منها .
هز كتفيه ببساطة : طبعًا فنولا لا تعد الحمام لا محشي ولا مشوي من الأصل لذا النقطة تذهب إلى حماتي العزيزة بمنتهى السلاسة.
انطلقت ضحكتها هذه المرة مدوية وخاصةً حينما التقطت تعابيره الماكرة لتهتف من بين ضحكاتها : يا لك من ماكر يا عبده ، لذا طلبته من ماما خصيصًا .
اشتعلت عيناه بزرقة لم تفهم لها سببًا ليجيبها بثرثرة عفوية : انهما تظنان أني سأُدهس بين فكي الرحى بينهما ، لا يعرفان أني سأظل استغلهما سويًا بتعادل في صالح الطرفين إلىأن اتزوج منك وتطهين أنت لي الطعام.
نظرت إليه بإعجاب : وإذا لم أكن أستطيع الطهو ؟!
هز كتفيه بلا مبالاة : سيظل الرهان قائمًا حتى إن وصل لضربات ترجيحية سأمدها أنا حتى تتعلمين الطهو أوأستطيع أنآت لك بطباخ في المنزل .
اقتربت أكثر منه لتناوله الحافظة الحرارية وتهمس بخفوت : بالهناء والشفاء على قلبك يا باشمهندس .
تمسك بالحافظة من فوق كفيها فلم يدعها تبتعد عنه ليسألها بهدوء خطر : وقلب الباشمهندس لن يؤكل معه .
ازدردت لعابها بخفوت لتهمس بهدوء : أنت تعلم جيدًا أن ملامستك لي هذه لا تصح ، أليس كذلك؟!
تنهد بقوة وهمس بصوت أجش وهو يسمح لها بسحب كفيها من تحت راحتيه : أنت من رفضت عقد القران يا رقية .
رمشت بعينيها لتجيبه بثقة : لا احب العجلة في الأمور .
أجابها بهدوء : وأنا منحتك الوقت كاملاً يا رقية ، اتبع وهو ينظر إلى عينيها - وقتًا كاملاً ليستقر قلبك بجوار قلبي .. وتسكن روحك وتمتزج بروحي .. وتهدأ نفسك وتقتربين مني.
اخفضت عيناها بخجل ليتابع بجدية وهو يشير إليها بطبق الطعام : اشكري لي ديدي ، سلمت يداها على الطعام .
اخفت ضحكتها مرغمة وهي تتذكر أنه يدعو والدتها منذ خطبتهما بكنيتها المحببة إليها وخاصةً بعدما سمعها مصادفة من خالته وأخبرته والدتها أنها تفضلها ، لا تنسى نظرات والدها المندهشة والتي انقلبت إلى غيرة حقيقية في أول مرة استمع إلى عبد الرحمن ينادي على والدتها باسمها منفردًا وبأريحية تامة .
غيرة والدها التي التقطها عبد الرحمن على الفور فشرح له كيف عرف بأمر تدليل اسم والدتها قبل أن يختم حديثه بوجهة نظره والتي اختزنها إلىأن أصبحت والدتها بغرفة الجلوس حينما كانوا يستقبلونه في أول زيارة إليهم كخطيب لابنتهم البكرية فيهتف عبد الرحمن بأريحية وهو ينظر لوالدتها يتمنى مؤازرتها : فكرت أن لفظ خالتي سيكون ثقيلاً وخاصةً حينما علمت أن ديدي تصغر نولا بسنوات كثيرة فاستصعبت الأمر ، اتبع وهو يعيد عينيه لأبيها هامسًا بجدية - هذا بعد إذن حضرتك طبعا ومع حفظ الألقاب والمكانة والمعزة بقلبي لمديحة هانم.
حينها هدرت والدتها باستياء : ما هذه المديحة هانم التي تفوهت بها للتو ؟! أنا لم أحبها .
اخفض عيناه بطاعة متعمدة وهو يمنح أبيها سلطته كاملة ليهمس بحرج : دكتور محمود لم يمنحني موافقته بعد .
كادت أن تقهقه ضاحكة يومها حينما عبست والدتها بعدم رضا وضيقت عيناها بشراسة لأبيها قبل أن تشير برأسهاإليه فينطق أبيها على مضض : لست أمانع بالطبع فأنت بمكانة محمد ومعزتك ستصبح من معزة رقية ، ليتبع أبيها من بين اسنانه - رغم أن محمد ورقية يدعونها بأمي كالطبيعي .
بلل عيد الرحمن شفتيه وأثر الصمت لتندفع شقيقتها هاتفه بمرح : أنا ادعوها ديدي ، رقصت خديجة حاجبيها بمرح واتبعت لأمها وهي تجلس فوق ذراع كرسيها تضم والدتهما من كتفيها إليها - أليس كذلك يا ديدي ؟!
حينها هتفت والدتها برقة : بالطبع .
ليضحك عبد الرحمن بمرح : حسنًا سأحذو حذو خديجة .
ليكتم أبيها غيرته بداخل صدره قبل أن ينصرف الجميع ويتركانهما بمفردهما لتبادل الحديث كما هو متبع فتتمسك هي بمقعدها البعيد عنه ولم يقترب منها متمسكًا بحدودها التي وضعتها ولم يشأ هو أنيتخطاها .
انتبهت من افكارها على صوته الهادئ يناديها فعادت بتركيزها إليه فيهمس بجدية : هيا اذهبي فعادل قارب على الوصول وليس من اللائق أن يجدك هنا معي بمفردنا .
ابتسمت رغمًا عنها وهي تنظر إليه بفخر ضج بأوردتها لتشير برأسها في طاعة هاتفه بمشاغبة : أمرك يا سي عبده ، ضحك بخفة لتتابع بجدية - ماما تعلم أنيآت إليك المعمل يا عبد الرحمن فأنا لا اخفي عنها شيئاً .
هز رأسه بتفهم : أعلم وعادل يعلم أنك تأتي للمعمل يا رقية ولكن ولست أنا به ، عادل منحك الهوية لتستطيعي أنتدلفي إلى هنا لأجل تلك الأمور الإدارية التي أخبرته انك تستطيعين إنجازها عنا فنحن مشغولان للغاية وخاصةًوأنك مصدر ثقة وتعلمين عن أمر المعمل من قبل .
صمت قليلاً ليهمس باستفاضة : أناأثق في عادل في حكمه ورؤيته كما أثق بنفسي ، و أثقأنك أصبحت بمثابة اخته منذ أن وضعت خاتمي في إصبعك ، و أثق بك وبنفسي ولكن أنا لا افضل أن يأتي ليجدك معي .
همهمت ببسمة حاولت كتمها : صعيدي متخفيًا بمظهر اجنبي متحضر .
ابتسم واسبل اهدابه : ادعوني كما شئت يا روكا لا يهم ما يهم أنت ماذا تشعرين نحوي سواء بمظهري الأجنبي المتحضر أو مكمني الصعيدي ؟!
توردت بخجل اعتراها وقلبها يدق بقوة يصيح بها أن تخبره بما يجول بداخلها نحوه ولكنها لم تستطع الاعتراف فراوغته بجدية : أراكغداً يا عبد الرحمن ، سأنصرف قبل أن يصل عادل ، ابتسم و آثر الصمت لتتبع إليه بجدية - لا تنس أن تهاتفني حينما تنهي عملك .
أومأ لها إيجاباً : بأذن الله سأفعل ، صحبتك السلامة يا رقية .
ودعته وانصرفت ليراقب الباب الذي خرجت منه قبل أن يزفر بقوة وهو يضع طبق الطعام من بين يديه متجهًا للجهاز ثانية فيوليه اهتمامه كما ينبغي عليه ، ولكنه لم يقو بل كل تركيزه كان مع من غادرت وسرقت دقات قلبه مع مغادرتها فقلبه يطالب بوجودها أو الذهاب معها وعقله يزمجر له بأن طريقه لازال طويل معها ، بل إن عقله أقرهذه الحقيقة ليس من اليوم ولكن منذ يوم تعارف العائلتين الذي اقترحه أبيها بعد أنألبسها خاتم خطبته ، فدعاهم محمود المنصوري لقضائه معهم في بيتهم ببلدتهم لتتعرف بقية العائلة على زوج ابنته ، فوافق أبيهوذهبوا جميعهم حتى عائلة شقيقته صحبتهم حتى يكون تعارف كامل كما صرح والده .
لا ينكر أن اليوم كان رائعاً فعائلتها التي تعد من اكبر العائلات ببلدتهم والتي ظهر ثقلها الحقيقي على الطبيعة ، فغناهم المادي الواضح للعيان لا يخفى على أحد ، ومكانتهم الاجتماعية تجلت بوضوح في دوار البيت الكبير الذي يعتبر قبلة لكل الناس في البلدة ، دوار جدها ومن بعده خالها الذي أصبح كبير العائلة من بعد أبيه .
هذا الرجل الذي رغم ترحيبه بهم الا أن سكن عيناه رفض لم يصرح به ، ليس خالها بمفرده بل أخوالها جميعهم ما عدا عمها المستشار الذي رحب بهم بحفاوة فاضت من روحه ، وزوج عمتها الذي كان متحفظًا معهم بأولالأمر إلىأن ذهبت حساسية اللقاء الأولي وأصبح يتعامل بطبيعته وشخصيته المرحة.
ورغم الرفض الذي شعر به يتخفى داخل النفوس وتحت الواجهة المرحبة إلاأنه لم يهتم فمن الواضح أن حميه رجل يعلم جيداً ما يفعل فهو ظهر كمسيطر تام على الأمر بل إنه جلس بهدوء شديد يتبادل الحديث بأريحية مع والده وأحمد الذي تأقلم سريعًا مع الجميع بل إنهأنشأ حديث ذكوري صاخب كعادته فأثار الضحكات والنكات كما عهد أخيه الأكبر والذي كان دائما سند وداعم له دون حديث كثير لا يقوى هو على الثرثرة به ،
فأحمد منذ صغرهما وهو يهتم بهما تبعاً لطبيعة شخصيتهما سواء هو أو عمر فبينما كان عمر صاخبًا .. مرحًا .. يفضي بكل ما يثيره .. يضايقه .. يفرحه ، كان هو كتومًا .. غامضًا .. ساكنًا. و أحمد ما بينه وبين عمر يحمل كلا صفاتهما فلطالما نظر إليه بانبهار وهو يفكر في كيف يقوى على اثارة الصخب والضحكات والمرح من بين طيات كتمانه وغموض شخصيته ونظراته المربكة في كثير من الأحيان .
تنهد بقوة وهو يشعر بعقله يضج بأفكار كثيرة تخص أحمد بتكتمه الغريب وعزوفه عن الحديث فيم يخص أمورهمع ابنة خالتهم التي تتكتم بدورها امرهما ، وأبيه بغموضه المريب وصمته المهيب وعيناه اللامباليتان رغم أنه يعلم جيداًأنه يخفي مشاعره حيال أمر احمد وأميرة فلا يتدخل ويمنع والدته أيضًا من التدخل إلىأن تشكو أميرةإليهماأو يطلب أحمد منهما المساعدة.
زفر بقوة وهو يشعر بأن اكثر ما يثير ضيقه هو ترقبها الذي تحاول أن تخفيه عنه ولكنه يشعر به ، بل إنه يشعر أن الترقب هو سمة أساسيه لعائلتها ومعاملتهم معه ، ترقب يحاول أن يمحيه من أعماق مشاعرهم مثبتًا لهم أنشكله الأجنبي .. أصوله المختلطة .. لقب الخواجة الملتصق به وبأبيه من قبله لا يعبر عنه في شيء بل هو عبد الرحمن خالد سليمان مصرياً اصليًا ، بل هو مصرياًأكثر بكثير من مصريين ذوات أصول مصرية خالصة .
***
رن هاتفه برقم مختفي ليبتسم بمكر قبل أن يجيب الاتصال بهمة فيأتيه الصوت الخشن هاتفاً بجدية : عليك المغادرة الآن ، القطيع توصل إلى مكانك ، لابد لك من المغادرة لوقت قليل ثم ستعود حينما يصبح الوضع آمن
عبس بغضب سكن بعينيه : ولكني لم انفذ مهمتي للآن ، بل أنا لم انتقم كما اتفقنا .
هدر الصوت الآخر : لا وقت الآن غادر وحينما تعود للبيت سيكون لدينا حديث مطول ، صمت ثقيل عم على الطرفين قبل أن يتابع الصوت بتشفي أثار بسمة الآخر - يكفي عليهم هذه المرة حفل الشواء والذي كنت السبب فيه ، عد حتى تكون في استقبال اللحم الطازج الذي سيصل .
ومضت الشماتة بعينيه الزرقاويتين ليهتف بصوت ثابت : أنا تحت أمر ماما ، سآتي في أقرب فرصة .
هدر الآخر : لا تنس أن تقوم بزيارة خالك قبل أن تسلك طريق العودة ،فهو سيكون في انتظارك
تمتم بانتشاء ملأ اوردته ليهمس بخفة : بالطبع سأفعل فانا اشتقت إليه للغاية أراك قريبا .
__ نحن بانتظارك.
اغلق الهاتف لينظر من حوله قبل أن يبدأ في حزم كل ما يخصه ناويًا الرحيل مؤقتا قبل العودة ثانيةً ليظفر بانتقامه الذي عزم على الأخذ بثأره الذي انتظره طويلاً .
***
رنين متقطع بهاتف المقر استقبله على الفور لينهض واقفا بإجلال يستمع إلى الصوت الآمر بكلمات محددة بسيطة تخبره أن يستعد لبدء مهمتهم الجديدة فينظر إلى ساعته الرقمية يحتسب الوقت الذي أمامهم قبل بدء التنفيذ الذي استنتجه رغم عدم صدور أوامر صريحه به ، اغلق الهاتف بعد أن هتف بتقدير : أمرك يا سيدي .
ليسحب نفسًاعميقًا قبل أن يضغط زر ما بجانبه دوى بصافرة بدء تدريب مفاجئ فيتحرك بخطوات حازمة لخارج المقر ، يقف بهيبة تخيم عليه منذ صغره لتومض عيناه بفخر وهو ينظر إلى حركة ضباطه ومعاونه المنتظمة السريعة ليقف الجميع حينما أشار بيده .
سحب نفسًاعميقًا قبل أن يُشر اشارة ثانية فيتحرك الجميع في اتخاذ أماكنهم المتعارف عليها والذي تدربوا عليها مرارًا وتكرارًا ليضبط ساعته على الوقت ليصيح بقوة : ابدأ .


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس