عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-20, 05:54 PM   #433

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

آخر أيام العيد- ليلًا
تستلقى بين ذراعيه أمام النار الذي أشعلها منذ قليل للتدفئة بعدما جمع بعض من الحطب و أعدالشاي بطريقة قديمة للغاية وهو يعدها بأن مذاق الشاي هذا سيكون مختلفًا وبالفعل كان معه حق فإنه كان ذو مذاق مميز للغاية ، فلا تدرك السبب في تميزه - إلىالآن - هل طريقة إعداده أمالأجواء التي احتسته فيها ؟!
تنفست بعمق وهي تعدل من وضع رأسهاالنائمة على صدره ليشدد من ذراعيه حولها فتهمس بتساؤل : هل تعد الشاي هكذا في عملك ؟!
حرك كفه ليحتضن كفها الخارج من الغطاء الثقيل الذي يدثرهما سويًا في جانب من المزرعة ليس مسكون بأحد بل هو عبارة عن أرض فارغة يستخدمونها لترويض الخيول البرية ففكر أنيخيما بها بعدما آتيا على صهوة فرسه الخاص فيتناولا الطعام ويثرثران أمام النيران ، حرك جسده المسنود على الحقيبة الضخمة من خلفه ليعدل من وضعه ويضمها إلى صدره اكثر : في عملي لا يكون الوضع هكذا ولكن نعم نعد الشاي بهذه الطريقة.
حركت رأسها ترمقه بطرف عينها : كيف لا يكون الوضع هكذا ؟!!
ابتسم بخفه : لا أكون نائمًا ، بل اجلس متحفزًا ومترقبًا وعيناي متيقظة حتى إن غفوت
انتفضت من بين ذراعيه بمفاجأة فتستقيم جالسه قليلًا لتنظر إليه بعينين متسعتين بذهول : كيف تغفو وعيناك مفتوحة ؟!
ضحك بخفة : لا أعلم ولكن الخطر يكسب الانسان صفات كثيرة حتى يستطيع التصدي له .
اهتزت حدقتيها بخوف لتفرد كفها على صدره وتعاود الاتكاء إلى جسده وهي تقابله هذه المرة هامسة برجاء : كن حذرًا لأجلي ، ابتسم برزانة يبث لها الأمان فأكملت بخفوت وهي تركن ذقنها لكفها المفرود فوق قلبه وعيناها تقابل نظراته - لا أصدقأنها الليلة الأخيرة لنا هنا وسنعود للبيت والعاصمة والعمل من جديد .
ابتسمت رغم حزن عيناها : ستغادر بعد زفاف سليم ،
أومأبرأسهموافقًا : نعم وسنعود مبكرًا غدًا لأكون بجواره من الصباح .
تمتمت بتفهم : أعلم لا حرمكما الله من بعض .
تمتم بخفوت وهو يقبل جبينها ثانية : وحفظك لي يا جنتي .
تنفس بعمق ليضمها إليه سائلًا : نعود الآن ؟! نظرت إليه برفض وهي تبرم شفتيها بطفولية فاتبع ضاحكًا - أخافأن تمرضين .
تمتمت بخفوت : لا أشعر بالبرد بعدما أشعلت النار وتدثرنا بالغطاء ، رمقها من بين رموشه فاتبعت ببسمة مشاكسة - وبالطبع مكوثي داخل ذراعيك منحني الكثير من الدفء .
همس بلا مبالاة افتعلها : اتريدين امنحك المزيد من الدفء ؟! رمقته بعتاب ووجنتاها تتوردان فأكمل ببساطة - إذاأردتأنت فقط لن أمانع ؟!
ضحكت ومرغت وجهها في صدره بحركة مشاكسة لتهمس : نحن في العراء يا أسعد .
همس بصوت أجش : نعود للاسطبل إذًا ؟!
ضحكت برقة ليغمزها بعينه : لا تنكري أنها راقت لك .
احتقن وجهها بالأحمر القاني وهي لا تستطيع الإنكار ليكمل بخفة قاصد استفزازاها : لقد أصبحت عادة يومية بيننا الأيام القليلة الماضية
همهمت بخفوت حيي :توقف يا أسعد.
تحرك ليجلس ويجبرها على الجلوس هاتفًا بمرح : اليوم لا يعد خلاف العادة فنحن لم نعد للآن.
اشاحت بوجهها بعيدًا ليجذبها نحوه يجبرها أن تنظر إليه فتابع بخفوت : ولكن أناأريد العودة للغرفة ، احتضن وجهها بين كفيه - اشتقت إليك كثيرًا اليوم .
غمغمت وهي تسقط بأسر نظراته الوامضة بموجة شوق عارمة ستجرفهما سويًا : طوال اليوم وأنا معك يا أسعد .
تنفس بعمق هامسًا وهو يقترب منها يقبل جانب ثغرها : أعلم ولكني لم أحصل عليك كما أريد .
انتفض قلبها بخفة وجسدها يرتخي تحت قبلاته التي انتثرت فوق جانب وجهها نزولًا إلى عنقها الذي وشمه بأنفاسه الساخنة المتلاحقة لتشهق بخفة رافضة وهي تحاول أن تسيطر على يده التي داعبت سحاب معطفها الثقيل لتتسلل داخل قميصها القطني فتهمس اسمه بعتاب وتحثه أن ينتظر ليغمغم قبلما يلتقط شفتيها في قبلة تائقة : لن انتظر ، لا أريد ولا أقوى على الانتظار إلىأن نعود .
ارتجف جسدها رغمًا عنه حينما شعرت بالهواء بارد يتسرب إلى جسدها الساخن فهمست : الهواء باردًا .
فيهمس بخفوت وهو يميلها أسفله يحاصرها بجسده ويحتضنها به : لن ادع الهواء يمر إليك ، فأنت معي و داخل حصن أماني .
اضطربت أنفاسها وهي تشعر بهجومه العاطفي يزداد حسية ووتيرته ترتفع فتستسلم لهذا المد الفجائي الذي جرفهما سويا فتتوحد بشعورها معه فلا تحس بأي شيء آخر سواه وكانها انفصلت عن واقعها لتحيا بغيمة أحلامه الرائعة.
***
تململت في الفراش لتعبس بتعجب حينما شعرت به مستيقظًا إلى جوارها فتحاول النهوض وهي تلامس ظهر الفراش بكفها في مكان ما ليسري ضوء خفيف أكد لها انه مستيقظ بالفعل فتهمس باسمه في تساؤل قلق : أحمد ما بالك ؟! لماذا مستيقظ للآن ؟!
رفت بعينيها وهي تطلع إلى شاشة هاتفها تتأكد من الوقت لتهمس بحيرة : لقد أصبحنا فجرًا وأنت لم تنم للآن ، وهذه الليلة الثالثة على التوالي التي لا تنام بها ، ما الأمر ؟!
استدار اليها بملامحه المغلقة لتتسع عيناها بصدمة وهي تتبين سلاحه الذي يحمله بكفه ارتجفت هلعًا سكن عيناها قبل أن تهمس برعب : ما الأمر يا أحمد ؟!
زفر انفاسه كاملة ليسألها بهدوء وصوت خفيض اقشعر له بدنها : هل إذا طلبت منك أن نعود للمكوث عند أبيك سترفضين ؟!
هزت رأسها نافية لتهمس : أبدًا لن أرفض ، ولكني سأسأل لماذا ؟!
اغمض عينيه بتعب تملكه : أنا خائف عليكم يا أميرة فهلا ارحتني وارحت قلبي؟!
جلست كما استطاعت لتقترب منه تحتضن وجهه بين كفيها تجذبه نحوها هامسه بخفوت : سأفعل كل شيء يا أحمدلأجلأنأريح قلبك حتى لو طلبت مني أن أضحي بنفسي فداك سأفعل.
انتفض قلبه ليهتف بخوف وهو يضمها إليه : ألف بعد الشر عليك ، حفظك الله لي ولأولادنا وحفظكم لي جميعكم ، أنا دونك أموت يا أميرة .
تمتمت سريعًا وهي تقبل جانب ثغره تحتضنه بقوة : بعد الشر عنك يا حبيبي ، ألا تريد إخباري ؟!
تغضن جبينه بالحزن : بلى سأفعل ولكن حينما افهم أناأولًا ، فأنا لا أعرف شيئًا كل ما مرره دادي لي أن الأمور تعقدت وأصبحنا جميعنا مهددين كالسابق وأكثر ، وطلب مني أن امكث معهم كما فعل من عمر أو نذهب عند والدك ، ففضلت قصر الجمال هناك سيحمونك وتامي ستراعيك وأنا سأذهب لأكون بجانب والدي وعائلتي .
تمتمت بجدية : بل سنذهب سويًا يا أحمد لن أترككأبدًا .
تمتم بنفاذ صبر : افهمي يا أميرة من فضلك .
عاندته بالقول : لن أفعل ، فمكان ما ستكون أنت سأبقى أنا ، إذا اردتني أن امكث بقصر آل الجمال لتبقى معي كالمرة الماضية سأفعل ، إذاأردتأن تمكث بفيلا اونكل خالد سأفعل أيضًا ،
احتضنت كفيه براحتيها لتضغطهما بلطف : نحن الاثنان لن نفترق بإذن الله إلىأن نصبح خمس.
ابتسم مرغمًا ليتمتم : يأتون سالمين بإذن الله .
تمتمت مؤمنة على دعاءه لتخلص كفه من سلاحه في رقة فيزمجر رافضًا فرتبت على كفه هاتفه : فقط اتركه ونم قليلًا يا أحمد .
همس بصوت محشرج : لا أستطيع النوم .
مطت شفتيها وهي تجذبه إليها بعدما اضطجعت على الوسادات الكثيرة التي تستند إليها فتضع رأسه بحضنها وتلامس خصلاته وهي تهمس إليه : فقط نم قليلًا وهاك أنا سأحرسنا جميعًا .
همهم باعتراض من بين تثاؤبه : لا أريد .
تمتمت وهي مستمرة بملاعبه شعره : فقط ضع رأسك ولا تنام ، ضمني إليك وظل متيقظًا معي ولكن ضعها واسترح يا أحمد .
هم بالاعتراض ثانية ولكن وسن النوم اختطفه في غيمة وردية من النوم خيمت على عقله لتبتسم برقة وتقبل جبينه القريب هامسة حينما انتظمت أنفاسه نائمًا : تصبح على خير يا حبيبي.
قابلها أنفاسه الهادئة التي ترتطم بجسدها فتربت على رأسه وتضمه أكثر و كأنه طفلها ليس زوجها لتغمض عينيها هي الأخرى وتخلد إلى نوم هادئ وثابت كوجوده بين ذراعيها .
***
اليوم التالي
يجلس بجوار الفراش يتأمل ملامح صاحبه .. صديقه .. وزميل عمله الغائب عن وعيه منذ أنخرج من غرفة العمليات ليستفيق قليلًا قبل أن يغرق ثانية في غيبوبة مؤقته فيطمئن من الأطباء أنه سيستفيق قريبًا وخاصة وأنه يتماثل للشفاء .
تنهد بقوة لينتبه على أزيز هاتفه الذي يعلن عن اتصال جديد لا يعلم كم عدده منها .. ابنة خاله وزوجة صديقه والتي منعها من زيارته ، بعدما زارته أول مرة وانهارت في بكاء حاد وكادت أنتفقد وعيها خوفا على زوجها لولا حديثه وطمأنته لها فيعيدها للبيت بعدما انتهت زيارتها ويؤمرها ألا تعود لزيارة علاء إلا حينما يتماثل للشفاء وخاصة مع هلع الفتيات اللائي شعرن بوالدتهن فانهالن عليها بأسئلة كثيرة كانت معظمها عن أبيهن فأسكتهن وأخبرهن أنه غائب في مهمة عمل تخصه بمفرده وأنه سيعود إليهن قريبًا
أجابها بخفوت وثرثر لها عن حالة زوجها وطمأنها عليه ليهتف بها في نفاذ صبر دومًا كان من شيمه أنه سيصوره لها كما يفعل ليطمئنها عليه.
اغلق الهاتف بعدما منحها الكثير من الأيمان اقسمها لها بأن علاء بخير ويقسم عليها الكثير حتى لا تأتي وتمتثل له قبل أن يحملها سلامه للفتيات فيستدير على همهمة مختنقة بصوت صديقه المحشرج الذي همس ساخرًا : يفقدونك عقلك أليس كذلك ؟!تصلب جسده ليستدير سريعًا على عقبيه ينظر إليه بصدمة تملكته فيلهث بمفاجأة انقلب إلى لهاج بالحمد والشكر لله قبل أن يندفع نحوه هاتفًا بزمجرة غاضبة وسبة نابية أجبرتالآخر على الضحك المتألم قبل أنيتأوه بصوت مرتفع وحسن يحتضنه بقوة صائحًا : أيها الغبي كدت أن اموت خوفًا عليك.
ترك علاء سريعًا وهو يهتف باعتذار صادق : المعذرة يا علاء أناآسف فقط من حماسي لعودتك ، يا الله أنت هنا حقًا .
ابتسم علاء في وجهه ببشاشة : اشتقت إلى غلاظتك يا رجل .
ضحك حسن مرغمًا ليهتف باختناق : وأنا اشتقت إليك كنت سأجن إذا حدث لك شيئًا .
تنهد علاء بقوة ليغمض عينيه أنا بخير يا صديق لا تقلق .
اتسعت عينا حسن ليهتف بجدية : الطبيب سأتي بالطبيب ، اندفع ليغادر قبل أن يتوقف ويهتف به في حزم أمرًا بغطرسة - إياك والذهاب لأي مكان إلىأنأعود .
ضحك علاء مرغمًا ليتأوه بخفوت وحسن يندفع مغادرًا يصيح بضرورة وجود الطبيب الآنفصديقه عاد إليه من جديد.
***
يدور من حولها يلملم أشيائهم من غرفته القديمة التي مكثا فيها الأيام الماضية بأكملهاإلا ذاك اليوم الذي اصر فيه والدها أن تمضيه معهم فأصر هو في نهايته أن يعود لبيت عائلته في ظل دهشتها وتعجبها أنهما لا يعودان إلى بيتهما ولكنها استجابت في صمت وانتظرت أن يخبرها عم يحدث معه وخاصة في ذاك التوتر الذي ألم به وبتؤامه الذي اعتذر بلباقة لحميه عن عدم حضوره لتجمع العائلة في العيد ، زفر بقوة وهو يقر بسوء الوضع الذي أخبرهم به والدهم في سابقة لم تحدث من قبل فيحدثهم بجدية عم يمر به عبد الرحمن والتهديد الصريح للجميع فيشعر بالقلق ولكنه لا يقوى على عدم الذهاب اليوم لبيت عائلتها ولا حضور حفل رفاف شقيقها الذي طمأنهم عنه أميرأنه سيكون مؤمنًا جيدًا فلا يخشوا شيئًا.
تنفس بعمق وهو يدور للمرة الأخيرة ينظر من حوله لعله لا يكون نسى شيئًا فيقع أسير نظراتها المتسائلة بعتاب لم تنطق به بل ابتسمت برقة : هل تخشى أن تكون نسيت شيء يا عمر ؟! رف بعينيه ليومئ برأسهموافقًا فاتبعت بجدية – لا أفهم ما سبب الخشية إذا كنا سنعود إلى هنا بعد انتهاء الزفاف ، إلا إذا كنا سنعود لبيتنا أخيرًا ؟!
توترت ابتسامته ليسأل باهتمام وهو يخطو إليها يجلس مجاورًا لها في الأريكة التي تحتلها : هل حدث شيء ضايقك يا حبيبة ؟! أحدهم أزعجك ؟! ماما اغضبتك ؟!
زفرت الاختناق الذي يصحبها وهزت رأسها نافية : أبدًا، بل سعدت بالأيام الماضية التي قضيتها مع عائلتك ووالدتك ترعاني وهنا تستفسر عن أخباري وتقص علي حكايتها الجميلة ولكن .. توترت ابتسامته فأكملت - لا أنكرأني اشتقت لمنزلنا يا عمر وخاصة أني لا أفهم سبب مكوثنا هنا.
احنى رأسه ليغمض عينيه مسيطرًا على مشاعره قبل أن يهمس بجدية وهو يحتضن كفيها : إذاطلبت منك أن لا تسألي أو تطالبي بأي تفسيرات الآن ستتقبلين الأمر وتمتثلين يا حبيبة .
قلبت كفيها لتحتضن كفيه بدوره تضغطهما بلطف قبل أن تهمس إليه وهي تطمئنه بعينيها : بالطبع سأفعل ، ابتسم وعيناه تنبض بالخوف فأكملت - لا تعتل همًا يا عمر أنا معك وبجوارك دومًا .
تنفس بعمق ليجذبها إلى صدره يضمها باحتياج اندفع بأوردته ويقبل جبينها هامسًا بصدق : لا حرمني الله منك يا بطتي ، فقط اهتمي بنفسك لأجلي وعلى قدر المستطاع لا تبتعدي عني .
رتبت على قلبه لتهمس بجدية : لا تقلق أنا معك وبجانبك .
نهض واقفًا : حسنا سأذهب إلى عبد الرحمن إلىأن تبدلي ملابسك لنذهب إلى بيت عائلتك
أومأت برأسها ليخطو إلى الخارج متجهًا لملحق الحديقة ناويًا الحديث مع أخيه الذي يشعر بأنهيعزل نفسه عن الجميع غارقًا في عالمه الخاص .
طرق باب المحلق الخارجي ليدلف دون انتظار فيعبس بتعجب ونظره يسقط على أخيه الجالس باعتدال أمام حاسوبه ومع شيء صغير يعمل عليه كما يبدو فيسأله بجدية : ماذا تفعل يا عبده؟!
رفع عبد الرحمن رأسهإليه قبل أن يعاود النظر لشاشة الحاسوب امامه : لدي عمل هام علي انجازه .
تنفس عمر وتحرك نحوه ليسأله : يخص الجهاز .
أومأ عبد الرحمن : نعم أناأعدل المعلومات التي افسدتها فيما سبق .
ارتفعا حاجبي عمر بدهشة ليغمغم باهتمام : ولماذا افسدتها من قبل ؟!
جمدت ملامح عبد الرحمن ليغمغم باختناق ظهر بصوته : حتى يمنحها أحمد لموسى .
ردد عمر بغضب نادرًا ما يظهر عليه : موشيه يا عبد الرحمن ، وسيظل موشيه إلىأبد الدهر .
ترك عبد الرحمن ما بيده وزفر حانقًا ليتمتم ببوح : أنا فقط لا استطع أن اتأقلم مع الفكرة يا عمر ، كنت افضل أن يكون لا يقربنا عن أن يكون ابن عمنا وأخوأخينا .
رف عمر بجفنيه قبل أن يهمهم بحزن : أنا حزين على أحمد ومشفق عليه ، أحمد عانى كثيرًا ولازال يتحمل يا عبد الرحمن وسيتحمل ما سيحدث فيم بعد .
ران الصمت عليهما قليلًاليسأل عبد الرحمن بجدية : هل تظن أنه سيحزن عليه إذاأصابه شيء يا عمر ؟!
عبس عمر لينظر إليه هادرًا باستنكار : بالطبع لا .
مط عبد الرحمن شفتيه : بالأخير هو أخوهالأكبر .
رمقه عمر قليلًا لينطق بثبات : هل ستحزن أنت ؟! رمقه عبد الرحمن برفض فأكمل عمر ببساطة – بالأخير هو ابن عمنا الأكبر .
تمتم عبد الرحمن بضيق : الأمر مختلف يا عمر .
أجابه عمر بصرامة : نعم أعلم ، مثلما هو مختلف عند أحمد يا عبد الرحمن ، الأمر لدينا كلنا مختلف ، وإذا تريد أن تتساءل فعليك أنتسأل دادي ما مدى تأثيرالأمر عليه ، فموشيه يعد ابن أخوه وله عليه حق أن يهتم به حتى إن كان ابن أخ طالح بدلًا من التفكير في أحمد ومشاعره الظاهرة بوضوح ولا تقبل الشك ، تنفس عبد الرحمن بقوة ليبتسم عمر في وجه تؤامه ويتابع بلطف - لا تفقد إيمانك بكبيرنا يا باشمهندس وكان متيقنًا أنأحمد سيفدينا بروحه إذا استطاع.
تنهد عبد الرحمن وغمغم بصدق : أعلم فقط الأمر مربك وازداد عبثًا حينما هرب موشيه ولا نقوى- للآن - على معرفة مكانه .
__ سيصلون له لا تقلق ، عمو أمير لن يترك الأمر هكذا ، غمغم عمر بجدية قبل أن يتابع – سأتركك تنهي ما تفعل واذهب بحبيبة لبيت عائلتها .
أومأ عبد الرحمن بتفهم ليهتف به : اهتم بها واعتني بنفسك يا عمر وانتبه .
أشارإليه عمر مودعًا : لا تقلق أراك على خير وبالتوفيق في عملك .
تنفس عبد الرحمن بقوة وهو يراقب مغادرة عمر ليغمض عينيه يسيطر على أعصابه قبل أنيعاود العمل من جديد بجدية وجهد متحاشيًا التفكير .. القلق .. الغضب ، متجنبًا التفكير في أنه لا يقوى على التصرف بأريحية ولا الخروج من البيت إلا حينما تصدر الأوامر فهو مُحَدد إقامته في البيت الأمر الذي يثير جنونه.
اطبق فكيه بغضب وعروقه تنفر بضيق سرعان ما انحسر حينما رن هاتفه فطلت عليه بوجهها الصبوح ليبتسم مرغمًا ويقبل الاتصال وهو يهتف بلهفة : في موعدك تمامًا يا رقية .
اتسعت ابتسامتها لتهتف : شعرت أنيأشتاقإليك .
أجاب بعد تنهيدة طويلة : وأنا مت شوقًا يا رقية .
تمتمت بخجل ظهر بصوتها الأبح : أخبرني كيف حالك ؟!
تحرك ليستلقي على الأريكة هاتفًا بتعب : سأخبركفأناأريدأن اثرثر معك كثيرًا .
أجابته ببسمة رقيقة وهمس بلغة انجليزية راقية : و أنا كلي لك يا عبده .
***
جلست بسيارتها التي صفتها في مرآب المؤسسة تراسله بكلمات كثيرة تحمل غضبها منه ليهدأها برسائله المطمئنة ويذكرها باتفاقهما سويًا ، ويحثها على الصبر والتروي حتى يظفرا بما يريداه ويعيد لها حقها ويستعيد كل شيء دون خسائر جمة .
زمت شفتيها بضيق تملك منها لتتنفس بعمق مرات عديدة متتالية وهي تتذكر حديثه الهادئ والمقنع رغم غضبها منه " تذكري يا نوران ، حسناء البوابة التي ستمررنا لعمق خطته ، لابد أننقنعها بأن الخلاف بيننا قوي وانفصالنا حتمي ، لابد أن تعود وتطمع بي لتبيع الآخر حينما اشير إليها بالقرب الذي كان مستحيلًا فيم قبل لها "
اختنق حلقها وغيرتها تومض بزيتونيتها لتزأر بغضب في روحها المعلقة به والتي تتخيل اقتراب أخرى منه فتتماسك مرغمه وهي تردد على نفسها : اهدأي يا نوران .. اهدأي وكوني ذكية ، عليك مساندته وخداع الحقيرة الواهمه بأنها تستطيع الاستيلاء عليه .
ترجلت بعصبية من سيارتها لتصفع الباب بقوة هاتفه : بعينها ، ساقتلع عيناها قبل أن تنظر إليه ، ولكن لنظفر من الحقير الآخرأولًا كما يريد وبعدها سأنتقم من تلك الحسناء على راحتي .
خطت بخطوات متلاحقة وهي تستقبل رسالته الأخيرة التي يخبرها من خلالها أنه حان الوقت لوجودها فتسحب نفسًا عميقًا وهي تستقل المصعد الذي حملها للطابق الذي يقع فيه مكتبه لتعدل من هيئتها في مرآته قبل أن تخطو للخارج برأس شامخ وخيلاء ملكة تستحق العرش وعيناها تومض بغضب لم تحاول التحكم فيه وهي تهمهم : تريدها أن تصدق يا عاصم ، ستفعل وستقع في الفخ .
اندفعت إلى الداخل بحدة لتفتح الباب دون أن تطرقه ، تنظر بكره لحسناء الواقفه بقربه والتي اقتربت أكثر منه في حركة ادركتها بسهولة وهي تناظرها بتشفي يحتل نظراتها ، رفعت حاجبها باعتداد وعيناها تبرق بموجة غضب ستجرف كل ما يعيق طريقها ،لكنها تحكمت في نفسها بضراوة وكتفت ساعديها أمام صدرها قبل أن ترمقها بتعالى تعمدته وعلى أثره اكفهرت ملامح حسناء واخفضت رأسها بجبن أثار ابتسامة نوران المتوعدة ، قبل أن تنظر نحوه وهو الذي لم يرفع رأسه لها ، لم يهتم بها ولا بدخولها العاصف بتعمد تدركه ولكنه اغضبها رغم عنها ، أنهى تفحص الجهاز اللوحي أمامه قبل أن يناوله إلى حسناء التي همست برقة مائعة : أتريد شيئًا يا سيدي ؟!
ترك قلمه الإلكتروني ليضجع للخلف ويتمتم بجدية : أشكرك .
انصرفت حسناء بهدوء فتحركت هي بحنق وصفعت الباب خلفها قبل أن تستدير إليه وتعاود وقفتها من جديد تنظر إليه بصمت.
ابتسم بمكر وهو يرفع كفيه خلف رأسه ليمط جسده بإرهاق ويتحدث ببرود لم ينعكس بتسلية عينيه : ما الأمر الجلل الذي دفعك لزيارة مكتبي المتواضع ؟!
ابتسمت ساخرة : لم أصدقأنك هنا حينما علمت ، اتبعت بعدما تحركت بخيلاء لتقف على بعد خطوات من حافة مكتبه الأخرى - وأتيت لأعلم ، لماذا تزوجتني ؟!
ومضت عيناه ليسبل جفنيه مخفيًا شغفه بهما لينطق بهدوء : متى تزوجتك ؟! لا أذكرأني فعلت، اتسعت عيناها بعدم تصديق فيعاود هو جلوسه باعتدال ويقترب من حافة مكتبه بجسده يبثها بعينيه هدوء شعر بأنها تحتاجه – لا زالنا بمرحلة عقد القران .
طحنت ضروسها لتهتف بسخرية : من الجيد أنك تذكر أن قراننا عُقد منذ أشهر ، وحدد زفافنا منذ شهر كامل بعدها سافرت حضرتك واهملتني لم تحاول الاتصال بي .. محادثتي .. حتى زيارتي .. أو رؤيتي في تجمعات العائلة بعدما عدت .
سألها بتهكم وهو ينهض واقفًا يتحرك بهدوء مقتربًا منها : أهذا ما أتى بك اليوم ؟! هل تفتقدينني ؟!
ضربت الأرض بقدمها وهي تمنع نفسها أن تغرس اظافرها في وجهه المبتسم بمكر أثار جنونها : بل جئت أسألك لماذا تزوجتني ؟!
توقف أمامها لترفع رأسها وتنظر إليه بغضب لمع بحدقتيها الماكرتين فيهمس باستخفاف قبلما يداعب شيء ما بساعته الحديثة وهو يرمق الشاشة الصغيرة التي تنقل إليه ما يحدث بخارج مكتبه بينما يجيب ببرود أرادت لطم وجهه عليه : تسرعت ، وبعد تفكير عميق قضيت الأيامالماضية غارقًا فيه ، اعتقد أنيآسف لهذا القرار المتهور.
تراجعت للخلف ووجهها يمتقع بصدمة جحظت لها عيناها فيزجرها بعينيه وهو يذكرها بالاتفاق فيما بينهما لتتحاشى النظر إليه وعيناها تحتقن بدموعها المتحجرة فيداعب شاشة ساعته التي انبعث منها ضوء أزرق يعكس الغرفة الخاريجة والتي نقلت إليه حسناء التي غادرت بخطوات متسارعة فيهمس بخفوت وصوته يختنق بالغضب : لقد غادرت اعتقد أنها ذهبت لتبلغه بآخرالمستجدات ، برمت شفتيها بحزن طفولي وعبوسها يزداد فهمس بجدية متبعًا - نوران لا تغضبي الآن وتفسدي كل شيء نسعى إليه وخاصة وأنت تدركين أن كل هذا هراء .
عقدت ساعديها بضيق لتهمس حانقة : أعلم ولكني غاضبة ،
ابتسم بمكر وجذبها من ساعديها بعدما أبعدهما عن بعض ، يستند لمكتبه بالخلف بجسده ويجذبها نحوه هامسًا بخفوت مسلي : أنت غيورة .
مطت شفتيها وهي تدفعه بكفيها في صدره تحاول أن تملص رسغيها من كفيه : نعم ولا أنكر ، اتبعت بوميض برق بعينيها – كيف تسمح لها أن تقترب منك هكذا ؟! كيف تمنحها أملًا ليس لها ولن يكون أبدًا ؟! كيف تنصفها علي حتى لو بالخداع .
جف حلقه وهو يفكر ماذا كانت ستفعل إذارأت ما حدث أول ما وصل اليوم للمكتب وكيف استقبلته حسناء وكأنه حبيبها الغائب عنها ، كيف اهتمت به دون خشية كانت مقرة بينهما من قبل وكيف هو منحها الكثير من الأمل اضطر إليهلأجل نجاح خطته التي شاركت معه في اعدادها ولكنه رغم أنهألمحإليها بما سيفعله مع الأخرى التي لا تطيقها إلاأنها لا تقوى على السيطرة على غيرتها الجلية التي تكسو ملامحها الآن ، والتي تشي بمدى رغبتها في قتل حسناء بقلب مرتاح .
انتبه من افكاره على همستها باسمه فنظر إليها متسائلًا فسألت بتردد انغمس بحروفها : هل تتوقع أنها ستخبره ؟!
اطبق فكيه وعيناه تغيم بقسوة ليهمس بصوت خفيض : نعم ستفعل .
تنفست بعمق لتهمس بتردد : هل تعلم أسبابه فيما فعل أو ما يريد ؟! هل ما يفعله لأجل ما حدث قديمًا ؟! هل ينتقم مني ؟!
أجاب بصوت أخافها : بل مني !!
تمتمت بعدم فهم : منك ؟! رجف فكه بغضب ازاد توترها ولكنها لم تتراجع بل أكملت تساؤلاتها – هل أخبرتني عم فعلته به قديمًا ؟!
رفع عيناه فتراجعت خطواتها مرغمه للخلف وهي تجابهه نظراته الوامضة باحتراق اخافها ولكنه لم يمنحها الفرصة بل أوقفها بساعده القوي الذي التف حول خصرها و أعادهاإليه من جديد بخشونة فارتطمت بصدره العريض ليهمس بفحيح وعيناه تشرد عنها : نفيته .
انتفضت بخفة ليكمل بهدوء لم ينعكس بعينيه اللتين اوشتا لها بمدى سيطرته على نفسه حتى لا يخيفها أكثر : لم يكن ليستقر الأمر بوجوده .
اختنق حلقها لتهمس باضطراب : هل أنت من تسببت في فصله من الخدمة ؟!
اسبل جفنيه ولم يجب فظنت أنه لن يفعل ليجيب أخيرًا : ليس بطريقة مباشرة ، فيكفي أن يشاع عن ضابط الحراسات أنه يراود فتيات العائلات عن نفسهن لينقل لمكان آخر وينفى بعيدًا ، فلم يحتمل وقدم استقالته ،
سيطرت على خوفها .. ترددها .. وذعرها وخاصة بعدما فردت كفيها على صدره فشعرت بقلبه يخفق بعنف لتسأل بخفوت وهي تحثه على الإدلاء بكل شيء يثقل كاهله : لذا سافر للخارج ؟!
ران الصمت عليهما قليلًا ليهمس باختناق : خاله أجبره على السفر ، فخاله لم يجرؤ يومًا رغم مكانته أن يقف متصديًا لنا .
اتسعت عيناها بصدمة لتهمس دون وعي : بابا يدرك ذلك ، يعلم ما فعلته .. هل ساعدك ؟! أم هو من فعلها ؟!
ابتسامة ساخرة شكلت ثغره وملامحه تنحت بقسوة لم تراها من قبل ليهمس بلا مبالاة : أبوك لا يعلم شيئًا ، أو حينها لم يكن يعلم شيئًا ، ارتعد جسدها تحت وطاة نظراته الثقيلة ليكمل ببرود - فحينما سألني بعد عدة أشهر عن الأمرأخبرته ذُهل وهو يرى وجه آخر لم يكن يدركه في ،
صمت ليتبع باختناق : وجه لم أكنأملكه بالفعل من قبل ولكني اكتسبته بعدما تجمد خافقي واخفيته خلف رداء كرامتي الصلد .
انهمرت دموعها رغم عنها لتهمس باختناق : أنا من تسببت في كل هذا
قاطعها بجدية : لا ، نظرت إليه بذهول فأكمل بجدية – طبعًا كنت أحدالأسباب ولكن هذا لم يكن السبب الرئيسي لما فعلته به ، أنا كنت انتقم منه ليس لأجلك .
ابتسامة ساخرة شكلت ثغره وهو يفلتها بعيدًا فيتحرك ليقف أمام نافذة مكتبه الزجاجية ينظر إلى الظلام في الخارج ليهمس باختناق نضح بنبراته : فهو فعليًا لم يقترف أي شيء خاطئ في حقك، ولا حق العائلة ، أولاها ظهره ليكمل وعيناه تشرد بعيدًا – ولكني كنت انتقم منه لأجلنفسي ، انتقم لأجل كرامتي .. وانتقم لأجلأنه الشاب الذي فضلته علي .. انتقم لأنك نظرت إليهولم ..
صمت وهو يشعر بذراعيها يحتضنانه من الخلف تضمه إليها بمواساة حقيقية وتضع مقدمة جبينها بين كتفيه ليشعر ببكائها دون أن يسمعه ، بكائها الذي ظهر في همستها المختنقة : آسفة.
تنهد بقوة ليهمس بخفوت وتهكم مرير يمر بصوته : ليس عليك الأسف يا نوران ، فأنت لم تخطأي بمفردك ، وإن كنت أخطأت مرة فأناأخطأت عشرات المرات وتعثرت في طريقي إليك مئات العثرات ، أنا السبب يا نوران لست أنت .
شهقات بكائها المتتالية والتي تزامنت مع كفها الذي يربت على قلبه بترتيبات حانية ازالا ثقل محنته ليهمس بخفوت وهو يجذبها من إحدى ذراعيها فيأتي بها أمامه ليضمها إلى صدره يقبل جبينها بعدما زفر أنفاسه المختنقة بأكملها : توقفي عن البكاء يا نوران .
غمغمت من بين بكائها : توقف أنت عن ترديد اسمي هكذا .
ضحك مرغمًا ليحتضن وجهها بين كفيه هامسًا : كيف تريدينني انطقه إذًا ؟!
رمقته من بين رموشها في نظرة مغوية فطرية لا تدرك مدى تاثيرها عليه لتجيب بدلال طفولي : أنت تعلم .
تنهد بعمق : أنا لا أعلم شيئًا سوى أنيأريد معاقبتك لسنوات قادمة .
اتسعت عيناها بدهشة لتردد مستنكرة : معاقبتي ؟!!
أومأ بعينيه قبل أن يجيبها بغطرسة : نعم لأنك استطعت خداعي .. مراوغتي .. الكذب علي ، لم تظهري لي رحمة كابن عمك أو شفقة لأنيأدللك ، بل عاندت وتعنت حتى أوشكتأنأصدقأنكتكرهينني .
ابتعدت عنه في ردة فعل غريزية لتصيح ساخرة تكتف ساعديها : دللتني .. وأنت من اوشكت أنتصدق ، وأنا ماذا كان حالي ؟! هل كان من المفترض علي أنأعلم بخبايا روحك دون أن تلمح لي أو تمنحني أي اشارة عن شعورك نحوي، والآن تحاسبني على تعنتي معك ، كل ما فعلته معك كان ليس إلا ردود لأفعالك يا ابن عمي .
زم شفتيه بضيق ليهدر فيها بخفوت : اخفضي صوتك ، ثم أفعالي كانت بسببك يا مدللة ، زمجرت باسمه غير راضية فيجذبها نحوه ثانية أمرًا- حسنًا توقفي عن الزمجرة هكذا فنحن الاثنان أخطأنا .
تمتمت غير راضية : بل أنت السبب يا عاصم ، لست أنا .. أنت من ابتعدت وتركتني بل اوهمتني أنك تكرهني ..
قاطع حديثها حينما احنى رأسهإليها يطبق على شفتيها في التهام منتقم فانتفض جسدها الذي ضغطه نحو صدره في خشونه وكأنه تعمد ايلامها حاولت أن تدفعه بعيدًاأو تنطق باسمه ليتركها ولكنه لم يفعل بل ازاد من قوة احتضانه لها كلما حاولت الفكاك من أسره المفاجئ لها ، حاولت التخلص بجدية ولكنه لم يترك لها الفرصة بل جمد حركتها بإحدى ذراعيه الذي التف حول خصرها فاعتصر جسدها الهش وضغطه إلى صدره الذي التقاها بترحاب شتت رفضها ، وكفه الآخر يضغط رأسها حتى لا تفلت من بين انيابه ، تاوهت من بين شفتيه في رقة أضاعت المتبقي من تعقله فضمها إليه بشوق ولهفه ، وقبلته التي تحولت إلى شغف أضاع رهبتها فاستجابت له بطواعية خلبت لبه . انتفضت بعد قليل حينما تركها تتنفس بقوة لتشهق بألم جراء يده التي صفعتها فتتسع عيناها بذهول : هل جننت ؟!
رمقها بتوعد ليتمتم بهدوء أخافها : لم ترى شيئًا إلى الآن يا ابنة العم ، لو كنت زوجتي لماتركتك تستطيعين الجلوس لعدة أيام بسبب ما فعلته بي على مدار السنوات الماضية ،
انتفضت على إثر صفعة أخرى ليتحكم هو بجسدها جيدًا حتى لا تنفلت من بين ذراعيه : احمدي الله أنني لن اضعك فوق ركبتي وادبتك كما يحدث مع الصغار حتى لا تشكين مرة أخرى ولو في خيالك من فحوى مشاعري لك .
تمتمت باسمه لتصرخ تلك المرة حينما صفعها لثالث مرة : توقف .
ابتسامة ماكرة تسللت من بين شفتيه ليهمس بتوعد : لن أفعلو إلا سيحدث ما لا يحمد عقباه ، لهثت أنفاسها بذهول وهي لا تعي ماذا يحدث معه فأكمل بخفوت وهو يفلتها بجدية – اذهبي يا نوران فأنا بالكاد اتماسك حتى لا أنالك .
همهمت بصدمة : هل ذهب عقلك ؟!
رمش بعينيه ليهتف بخفوت حاد : نعم ذهب حينما أحببتك ، منذ صغرك أدور من حولك أدللكواعتني بك ، وأنت قالب من الصخر وعقل أحمق وبصيرة معدومة ، والآن غاضبة لأني غاضب منك أخاصمك لأجل غلطتك فتوقفت عن زيارتك أو رؤيتك ، توقفت عن نثر غزلي فوق مسامعك وتوقفت عن القيام بدور العاشق كما اعتدت مني ، فلتعلمين أن هذا الدور انتهى وأنا سئمت من لعبه ، وخاصة بعدما أدركتأن هناك من ستعوضني عن عمري الذي قضيته لأجلك .
عبست دون فهم وعيناها تعكس تشتتها ليرمقها بزجرة وهو يحرك معصمه أمامها بعدما شعر بأزيزه الخافت والذي أخبره بوجود أحدهم في الخارج فزفرت بقوة لتصيح بغضب حقيقي وخاصة بعدما تذكرت الأخرى التي انقلب حديثهما بسببها فقاطعه فلم تقوى على الرد عليه كما ينبغي : سأذهب لأبي وأخبره عم فعلت .
ابتسم بسخرية : افعلي ما يحلو لك فأنت – للآن - زوجتي ومن حقي أن أفعل ما اشاء بك .
تمتمت بغل طفولي : سترى وسأنتقم منك على ما فعلته الآن .
تحرك باتجاهها لتبتعد عنه بخطوات سريعة فيبتسم بمكر وعيناه تومض بتسليته فتتوعده ليهتف بعبث : بالمناسبة استعدي فزواجنا سيتم في موعده ، رغم أني لا أرغب في ذلك ولكني لن اغامر بتقسيم العائلة وعليه نحن الاثنان سنمتثل لصالح العائلة يا ابنة عمي .
صاحت برفض مفتعل : بابي لن يوافق حينما أخبرهأني لا أريدك .
مط شفتيه بلا مبالاة : كما تريدين يا نوران وعن نفسي لا يهمني اقامة الزفاف من عدمه فأناحينما أريد ساصحبك بحقيبة ملابسك إلى بيتي ، ليكمل وهو يقترب منها بتؤدة وعيناه ترمقها بتوعد ذكوري— لأحصل منك حسابي كاملًا ، قبل أن ارتبط بالأخرى التي ستنير أياميبوجودها .
انتفضت بجدية هذه المرة وهي تتوعده بعينيها اللتين امتلأتا بدموعها لتنصرف بخطوات متلاحقة فكتم ضيقه بداخله وغضبه من نفسه ليلامس شفتيه بخفة ويتنهد بقوة وهو يضع كفه فوق قلبه : أهدأ وتماسك حتى لا تتبع مدللتك الغاضبة لتراضيها فينهار كل شيء .
اغمض عينيه وتحرك ثانية لينظر من الشرفة للخارج فيدق الباب بدقات يدرك جيدًا هوية صاحبتها ليستدير مبتسمًا برزانة فتهتف حسناء بصوت باكي : عاصم بك ، أريد الحديث معك .
اتسعت ابتسامته ليومض الظفر بعينيه ولكنه يجيب بهدوء ونبرة رخيمة تعمدها : أنا كلي لك .. اتسعت عيناها بلهفة فأكمل مصححًا – كلي أذان صاغية يا حسناء ، تفضلي .
***
جلست بجوار جسده المستلقي غارقًا في نوم عميق من الواضح أنه يهرب إليه منذ أن عادوا من التجمع العائلي فهو لا يستجيب للخروج برفقة الشباب ولم يتحرك ساكنًا من غرفته بل يقضي أيامه نائمًا وكأنه يهرب من مشاعره .. عواطفه واستنتاج عقله الذي دله أخيرًا إلى حقيقة الأمر ، وأن الآنسة خديجة لا تأبه به ولا تهتم لأمره.
تنفست بعمق لتربت على كتفه بيد حانيه وهي تهمهم باسمه في خفوت : مازن ، استيقظ يا بني، انهض يا حبيبي
لقد قارب المغرب على الأذان وأنت لم تنهض بعد من نومك .
رف بجفنيه ليفتحهما أخيرًا فتتسع عيناها باندهاش حقيقي وهي تدرك أنه لم يكن نائمًا ليبتسم في وجهها قبل أن يشيح بنظره بعيدًا مهمهمًا بصوت خشن : سأنهض الآن .
تابعت تحركه بعيدًا عنها لينهض من الجانب الآخر للفراش يوليها ظهره و كأنه يهرب من وجودها حوله لتسأله بصوت طبيعي قدر استطاعتها وهي تحاول أن تمنحه طمأنينة بجوارها : هل ستستعد لنحضر الزفاف سويًا ؟
عبس بتعجب ليستدير نصف استدارة إليها يتساءل بعدم فهم : الزفاف ؟!
أومأت برأسها : نعم زفاف سليم ، نحن مدعون إليه إذا تتذكر ، و ابن عمك هاتف أحمد منذ قليل يخبره أنه يحاول الوصول إليك ولكنه لا يستطع لأنك تغلق هاتفك وكل وسائل التواصل خاصتك وأنه يريدك أن تستعد للزفاف.
زفر انفاسه ليهمس بهدوء : لن اذهب ، لا تربطني علاقة وثيقة بيني وبينه ولا أفهم لماذا علينا الحضور ؟!
أجابته بتروي : لأننا أنسبائهم ، العريس ابن خال زوج شقيقتك مثلًا.
تمتم باختناق : لا أرى أن وجودي هام ، تستطيعان الذهاب دوني .
رفعت عيناها لتسأله بجدية : إذًا لن تذهب لأجل أسعد ولن تذهب لأجل آسيا أيضًا على ما اعتقد أنها صديقتك وأنت تحرص على صداقتها رغم أنها تكبرك .
ابتسامه متوترة ناوشت ثغره ليجيب : سأعتذر منها وهي ستقدر وتعذرني .
مطت شفتيها لتهمس بإحباط : إذًا علي أن اترك أحمد يذهب بمفرده ، سأبلغه حتى لا ينتظرني .
استدار إليها سريعًا ليسألها : لماذا ؟!
هزت كتفيها دون معرفة قبل أن تجيبه : ظننتك ستشجعني على الذهاب ولكنك لن تذهب وأنا لن أتركك بمفردك.
رمقها باستهجان ليهتف بضجر : لماذا ؟! هل أنا طفل صغير ستمكثين إلى جواره يا ماما ؟!
تمتمت سريعًا وهي تلتقط غضبه المخفي : بالطبع لا ، اتبعت تهادنه - لم أقصد يا مازن .
لينفخ بقوة : إذًا لتذهبي من فضلك مع زوجك فهو الآخر يحتاج لزوجته إلى جواره.
سحبت نفسًا عميقًا واقتربت منه بتؤدة لتسأله بحنو : وأنت ؟!
ازدرد لعابه ببطء ليجيب بصوت مختنق : سأكون بخير لا تقلقي .
ابتسمت لتضمه إلى صدرها بحنان و دعم شعرت بأنه يحتاجه لتهمس إليه بخفوت : فقط أردتك أن تعلم أني هنا إذا احتجت لأن تبوح .. تثرثر .. أو حتى تصرخ معترضًا ، ابتعدت عن صدره لتحتضن وجنتاه بكفيها - أنا هنا .. بجوارك .. و معك .
ابتسامة مزجت بألم عينيه ليهمهم بتفهم : أعلم .
ربتت على وجنته من جديد قبل أن تبتعد عنه ببطء ألم قلبها لتتساقط دموعها وهي تغادر غرفته لتتجه نحو غرفتها وهي تبكي بصوت خافت تمنعه قدر استطاعتها حتى لا يستمع إليها فتزيد من غضبه الذي يكبته .. حزنه الذي يخزنه .. وإحباطه الذي ألم به .
انتفض من مجلسه على دخولها المنهار الى الغرفة ليعتدل بجلسته قبل أن ينتفض نحوها يسأل برهبة تملكته : ماذا حدث ؟! لماذا تبكي ؟! هل حور بخير ؟! هل أنت بخير ؟!
نهنهت وهي تجلس على طرف الفراش تكتم فمها بكفها وتهز رأسها نافية على كل سؤال يلقيه على مسامعها ليهتف بجدية - بالله عليك يا لميا اخبريني ما الأمر ؟!
كفكفت دموعها لترفع بصرها إليه هامسه بصوت أبح : مازن يا أحمد ، قلبي يؤلمني كلما نظرت إليه.
غامت عيناه بحزن دفين آن له الظهور ليغمغم بجدية وصلابة : هو من فعل بنفسه ذلك يا لميا ، هو من اقترف الخطأ بحق نفسه .. هو من سار في طريق ليس له .. هو من فرط في كرامته .. قلبه .. مشاعره باندفاع وتهور عليه أن يتحمل نتيجته الآن .
تساقطت دموعها من جديد لتهمس : ولكنه يتألم .. يتوجع .. روحه تتعذب يا أحمد ، أرجوك ساعده .
أغمض عينيه ليجيبها باختناق: لا أستطيع لا أحد منا يقوى على مساعدته يا لميا ، هو من يقوى على ذلك ، هو فقط من يستطيع أن ينتشل نفسه من دوامة الأسى التي يغرق نفسه بها
تمسكت بساعده القريب في رجاء لم يغفله : ساعده يا أحمد بالله عليك إنه يحتاجك .. يحتاج وجودك بجواره .. ويحتاج أن تمد له ذراعك ليتعلق بها لعله يخرج سالمًا من دوامته .
تنهد و ابتسم بحنان وهو يتأمل ملامحها الجزعة لاجل ولده : سأفعل ، فقط امنحه الفترة الكافية ليدرك صدمته ويتأقلم معها .
انهمرت دموعها من جديد وهي تهمهم : أنا لا أقوى على الصمت و الانتظار .
أجاب بجدية وحزم : لابد أن نفعل ، لابد أن يكون قراره نابعًا من داخله يا لمياء و إلا سيعاود لنفس الطريق
رفت برموشها المبللة ليبتسم داعمًا : توقفي عن البكاء ، سيكون بخير لا تقلقي نظرت إليه بعدم فهم لتسأل : وكأنك موقن من كونه سيصبح بخير
أجاب بتأكيد : بالطبع موقن من ذلك ، فبالأخير هو يحمل جينات الجمال وإذ لم يقوى على الوقوف من جديد سأرسله لوائل يتصرف معه .
اتسعت عيناها باستنكار لتهتف بجزع : لا طبعًا ، لا نريد خدمات سيادته .
تعالت ضحكته مرغمًا ليهتف : يا الله سأخبره أنك تعترضين على صفات جنابه السامية .
عبست بضيق لتتورد بخجل قبل أن تهمس : لا أقصد ولكن شقيقك يا أحمد مختلف تمامًا عنك ، إنه ..
اشارت بكفيها دون أن تستطع أن تنتقي كلمات تعبر بها عن مشاعرها فهمس بخفوت مشاكسًا : صدقيني لن تجدي صفات مهذبة تليق به ، احتقن وجهها وهي تستدير إليه بمفاجأة فأتبع - أستطيع مساعدتك بالمناسبة
رمقته بطرف عينها ليهتف بصراحة : لنبدأ بأنه مغرور .. عنجهي .. متكبر .. وعنيد و وقح .
كتمت ضحكتها لتهمس بخفوت : بالطبع لم أكن سأصفه هكذا .
رمقها بتسلية : حقًا ؟! كيف كنتي ستصفينه إذًا ؟!
هزت كتفيها دون معرفة لتهمهم : لا أنكر أني اتفق معك في صفة أو اثنين ولكن هذه صراحة تعد تحت مظلة الوقاحة يا أحمد .
قهقه ضاحكًا ليهتف بها وهو ينهض واقفًا : لعلمك لو سألت وائل سيقر بكونه كل ما سردته عليك ، أتبع وهو يتجه نحو دورة المياه - فهو يفتخر بصفاته السامية .
نظرت إليه باستنكار لتصمت دون رد قبل أن يهتف بها : هيا استعدي من فضلك حتى نذهب للزفاف .
أومأت برأسها لتهتف بجدية : بالمناسبة مازن لن يأتي .
تنفس بعمق ليمأ برأسه متفهمًا : اتركيه على راحته يا لميا وحينما يستعيد نفسه سأتحدث معه.
تنهدت بقوة ونهضت لترتب احتياجاتهما تستعد للزفاف كما يريد وهي تدرك أن فكرها سيظل معلقًا بمن تركته خلفها .. بولدها الذي أتى من رحم قلبها فاحتضنته حواسها واقترنت به مشاعرها فلا تقوى إلا أن تتوحد معه فيبكي قلبها حزنًا على الأسى المخزن بداخله و الذي يكاد أن يغرقه ببطء ويبتلعه في غياهب بؤسه.
***
دلف خلفها من باب البيت بعدما ودعا بعض من الأصدقاء الذين قاموا بزفهم إلى بيتهم مع عائلته ما عدا حبيبة التي تحججت بتعب حملها وعادل الذي ودعه بالقاعة وأخبره أن عليه الذهاب رأسًا لمشفاه وخالها .. ممثل عائلتها الوحيد الذي وصل اليوم من روما وسيغادر في الغد حتى دون أن يمر بها و من كان وكيلها اليوم في عقد القران الذي عقد أمام الناس ليضيف توثيق زواجه منها بالمحكمة في لبنان وتصبح زوجته تبعًا للقوانين هنا في وطنهما ، تنفس بعمق و رمق ظهرها وهي تقف من الواضح أنها في انتظاره ليقترب منها يضمها من خصرها إلى صدره يطبع قبلة عميقة فوق وشم اسمه الذي من الواضح أنها جددته بنفس المكان والظاهر أسفل خصلاتها التي حررتها من طرحة الزفاف في وقت سابق وهي تراقصه بحماس وسعادة أثارت فرحته لأجلها ليهمس بخفوت : مبارك يا جيجي .
ابتسمت برقة واستدارت إليه برأسها لتقبل وجنته بخفه وتهمس : بارك الله فيك يا سليم .
سألها باهتمام لمع بعينيه : سعيدة ؟! هل أعجبك الزفاف ؟!
اتسعت ابتسامتها وعيناها تضيء بفرحتها : جدًا كان رائعًا .
ابتسامته التي تعشقها رسمت على ثغره ليهمس مغازلًا : أنت من منحته روعته يا عزيزتي .
احنى عنقه ليقبل ثغرها وهو يلصقها به يضمها إلى صدره وقبل أن يبدأ في اجتياحها بكفيه الذين تمسكت بهما وهي تهمهم برفض وتدفعه بعيدًا عنها فيعبس بتعجب لتبتسم برقة هامسة بجدية : انتظر يا سليم من فضلك .
رمقها بتساؤل وهمهم بمزاح : ماذا انتظر إنها ليلة الزفاف وأنا اشتاقك كثيرًا فمنذ أكثر من عشرة أيام لم نلتقي لانشغالنا بأمور الزفاف.
ابتسمت بتوتر وهمست : نعم أعلم ولكن ..
عبس بعدم فهم لتكمل بهمهمة مبعثرة - لن نستطيع اليوم أيضًا .
سألها بغباء خيم على عقله : لن نستطيع ماذا ؟!
توردت لتهمس بخفوت وهي تنظر إليه بعتاب : لن نستطيع أن ..
صمتت لتعض شفتيها قبل أن تتبع بخفوت شديد وبلغة انجليزية سريعة : it’s my period .
ارتفعا حاجبيه بصدمة ألمت به ليهمس بعد وهلة : اوووه ، فهمت ، ابتعد قليلًا ليكمل برزانة - أعتذر لم أفكر هكذا ، لم أتوقع .
احنت رأسها : أنا آسفة .
تنفس بعمق ليهمس سريعًا وهو يعاود اقترابه منها : إطلاقًا لا تعتذري ، إن هذا الأمر ليس بيدك ، أتبع وهو يمنحها ابتسامته العريضة - أنا متفهم بالطبع .
ابتسمت بتوتر ليحتضن وجهها يرفعه نحوه ينظر إليها بلطف قبل أن يقبل جبينها بلباقة ثم ينحني فجاة ليحملها بين ذراعيه ، انتفضت بخفة ليضحك هاتفًا : حتى إن لم نلتقي الليلة ، لقد وعدتك أن أحملك بعد الزفاف إلى فراشنا وهاك أنا أفعل .
احتضنت عنقه وهي تبتسم برقة وعيناها تشي بحبها إليه فيكمل بمزاح : ثم هذا الأمر جيد يوكد لنا أننا آمنين ولكن بعد هذه الليلة لا يهم سواء أخذت الجرعات أم لا لن اهتم فما كان يجعلني مترقبًا انتهى واليوم بداية حياتنا سويًا يا انجي .
تخشب جسدها بين ذراعيه لينزلها ويجلسها على حرف الفراش ثم يجاورها مكملًا - اليوم بداية حياتنا الفعلية أنت زوجتي العزيزة و أم أطفالي فيما بعد بإذن الله ، وعليه سأرعاك و اهتم بك .. اراعيك و اقدرك .. وأعلي من شأنك واحميك .. اساندك و ادعمك ، في مقابل أن تحبينني .. تحفظين اسمي وسمعتي .. وتمنحيني دفئك وثقتك وتقديرك لي ولشخصي ، سنصبح واحداً فلا أسرار تحول بيننا ولا ماضي يقيد حياتنا ، منذ الليلة أنا ملك وأنت ملكي يا انجي فحافظي علي لأحافظ عليك .
ابتسمت واهتزت حدقتيها بتوتر سيطر عليها للحظات قليلة لتخمده في مهده ثم تتسع ابتسامتها لتحتضنه بقوة وتهمس بخفوت : سأظل ملك لك يا سليم ، وأنت ستظلي ملكي .. لي .. خاصتي .. زوجي ولن افرط فيك أبدًا.
***
تجلس أمام مرآتها تزيل بقايا زينتها بهدوء وتروي وتلك الابتسامة التي تلمع على ثغرها تزينه منذ منتصف العرس .. ذاك العرس الذي ذهبت إليه وهي مترددة من حضوره .. مترقبة لوقعه عليها وهي ترى آخرًا حلمت به يكون من نصيبها يقترن بأخرى ولكنها آزرت نفسها ودعمتها ابنة خالها وهي توكد عليها حضورًا براقًا يخطف الأبصار ، وهذا بالفعل ما حدث رغم احتشام فستانها الطويل والذي غطى جسدها كاملا ولكن تفصيلته التي اتخذت شكل جسد عروس البحر منحتها طولًا ولونه البنفسجي الشاحب بلمعة براقة منحتها ألقًا رغم صدره المغلق وكميه الذين كسا ذراعيها لأخرهما ، دون فتحة واحدة ودون أن تظهر سنتيمترا من جسدها ولكن -كما أخبرتها نوران- أن انسدال الفستان على جسدها وتحديده لمفاتنها جعلها أكثر جاذبية وإبهارًا دفعت عاصم أن يمدحها بصدمة تملكته وأثارت غيرة نوران التي رمقته بطرف عينها فمنحها اعتذارًا لائقًا علنيًا وهو يقبل جبينها ويهتف بها أنها الأجمل دومًا
ولكن ليس هذا ما أثار ابتسامتها ولا منحها سعادتها ، بل إن ما أسعدها حقًا هي تخطيها لأمرسليم فهي لم تشعر بالحزن وهي تنظر نحوه يجلس بجوار عروسه ولم ينتفض قلبها ألمًالأنهيقترن بأخرى غيرها ، بالعكس لقد كانت منشغلة بالآخر الذي يشاكسها متعمدًا ومتخفيًا و كأنحديثه معها سرًا حربيًا لابد من الحفاظ عليه ، ضحكت بخفة وهي تستعيد جملته حينما سألته عن سبب حديثه معها هامسًا ومتخفيًا عن الأنظار فيخبرها ببساطة أنه يحافظ على رقبته ورغم عدم فهمها للأمر ولا تفهمها إلاأنها ضحكت مليء شدقيها ضحكة عالية دفعته للابتعاد عنها بخطوات سريعة وكأنه يهرب من القبض عليه متلبسًا بالجرم المشهود ، ولكنها لم تقتنع بابتعاده فسعت للحديث معه أكثر من مرة ورغم تحاشيه للأمر إلاأنه استجاب لها أخيرًا بل وراقصها بخفة واندفاع لم تشعره ضمن خصاله حينما انضمت لحلقة الرقص التي كانت مشتعلة بسبب سليم وأصدقاءه وأقاربه ، ولكنه بالفعل لم يكن يراقصها لأنه يريد ذلك بل لأنه أراد دفعها للخارج بعيدًا عن حلقة الرقص وقاعة الحفل ، بل هي وجدت نفسها فجاة بحديقة الفندق الرائعة وهو يرمقها بضيق ويسأل بصوت الرخيم ونبرته المهذبة : ماذا تفعلين يا ملك ؟!
حينها نظرت إليه بتشوش أجادته لتهمس بخفوت ووجنتاها تتوردان بعفوية : ماذا أفعل ؟! لا شيء ، كنت ارقص
رمقها مليًا ليسألها ببطء متعمد : لماذا ؟!
هزت كتفاها برقة : آسيا جذبتني لأرقص معها وأنا فعلت .
تفحصها بدقة فاحتقن وجهها لتهمس ببراءة : هل أنت غاضب ؟! عبس بعدم فهم فأكملت وهي تتطلع إليه بعينيها - من رقصي .
هز رأسهنافيًا ليجيب : لا ولكن ظننتك ..
صمت لتبتسم بخفة وتهمس : ماذا أرقصلأجلإثارة إعجاب أحدهم .
ضحك بخفة : لا ، حقيقة رقص الصغار هذا لا يثير إعجاب أحدًا ، فأنت كطفلة تريد مواكبة الكبار ، رفعت حاجبها بضيق ليكمل بخفة - ولكن اعتقد بعض من التمارين ستأتي بثمارها فالأساس موجود يا ابنة عابد .
اشاحت بوجهها بعيدًا وهي تكتف ساعديها بغضب فلوى شفتيه ساخرًا : من الواضح أنياغضبتك .
هتفت حينها بضجر : نعم فعلت .
تحرك بخفة ليقف في دائرة ابصارها هامسًا : حسنا إذاأخبرتكأن راقني فستانك هذه المرة ، وأن فستان أميرة البحار هذا يليق بك ستظلين غاضبة .ازدردت لعابها وهي تستعيد خفقات قلبها التي دوت بقوة ووجهها الذي احتقن بالأحمر القاني فرأته جليًا بالمرآة وعيناها ترف بوجل أحاطها وهي تستشعر صدق كلماته لتجيبه بجدية رسمت ملامحها : لا سأخبركأنك تجاوزت حدود المسموح في الحديث بيننا يا دكتور.
ليبتسم بخفة ويهمس بغموض : ألا تعد هذه مغازلة بريئة تتقبلينها لأجل عيناي ؟
فأجابته بكبرياء تمسكت به وغرور داعبها : بالطبع لا ، فأنا لا اهتم بك لاهتم لأجل عيناك .
كتم ضحكة شعرت بها ستصدح من حلقه ليسألها بمكر : حقًا يا ملك ؟!
فتهز كتفيها ثانية وتخطو عائدة للداخل دون رد بعدما رفعت طرف فستانها فأدركت نظرته التي حطت فوق أول ساقيها الذين زينا بحذاء من المخمل فضي أضاء قدميها فتبتسم بمكر وثغرها يلمع بانتصار تجدد وهي تنظر نحو انعكاس صورتها في المرآة لتهمس بيقين لنفسها : ما رأيكبالارنبة الصغيرة يا أبيه ؟! هل استطاعت أن تشغل عقلك وتخدعك أم لا ؟!
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس