عرض مشاركة واحدة
قديم 24-09-20, 05:57 PM   #434

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 966
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد أسبوعين
يتململ بكرسيه .. يصر على أسنانه بطريقة ملحوظة فصوت أسنانه يكاد أن يزأر به حتى يكف عن الإطباق عليها .. ينظر إلى ساعته فيزداد غضبه وهو انتظر أكثر من ساعتين للقاء من طلب مقابلته بعدما حدث في المشفى ، يومها انتهت موجة جنونه على وصول دورية أمن رفيعة المستوى انهت الشجار دون تدخل أمنى صريح وأبلغه كبيرهم أن يكف عن المشاكل فالوضع هكذا أصبح فوضوي أكثر من اللازم ، لذا التزم الهدوء التكتيكي وخاصة مع وقوف عمه محايدًا وناقدًا إليه بل وغاضبًا عليه فيما فعله بابنته ، ولكنه لم يكن يدرك أن الهدوء الذي تلى أيامالمشفى كان الهدوء الذي يسبق العاصفة فبعد أربعةأيام تم استدعاءه للتحقيق فيما نسب إليهمن جريمة عنف منزلي ضد زوجته ، حينها هاج وماج وكاد أن يهدم القصر على ما فيه ولكن محاميه حاول تهدئته والتحكم في نوبة غضبه وهو يشرح له الأمر كاملًا ويخبره أنه يحمد الله على نجاته من تهمة الاغتصاب رغم ورودها في تقرير الطبيب ولكن لأن السيدة اسيل زوجته لم يستطيعوا توجيه التهم إليه حينها سأله عن أمر الطفل فأخبره المحامي أن هذا أمرآخر عليه أنيشكر حسن حظه فالطفل لم يجهض ولذا هم لديهم أمل بالصلح فالقضاة اغلبهم يميلون للتصالح بين الزوجين إذا ما وجد أطفال بينهم.
ولكن الأمر لم يتوقف عند تحقيق واستدعاء نيابة بل إن العاصفة الحقيقية هبت حينما بدأ الإعلام تداول القضية وتناثرت الإشاعات عنه وعن عنفه المنزلي ضد زوجته بل واشتعلت السوشيال ميديا بالأخبار الأكثر منها مفبركة ولكنها متواجدة ومتناثرة ليحاول محاميه إيقاف النشر مرتين ولكنه لم يقوى ، ورغم أن الفريق الإعلامي الخاص بشركاته حاول مجابهة الانتشار إلاأنه لم يستطع بل هو شخصيًا حاول بعلاقته أن يصدر أمر لمنع النشر في القضية والذي اصبح كنوع من التشهير به وباسم عائلته ومكانته في المجتمع الذي أصبح ينظر إليه باحتقار كونه الهمجي الذي ضرب زوجته الرقيقة ولكنه لم يفلح ليشعر بعقله يشت وجنونه يزداد خاصة مع عدم تمكنه من الوصول إليهاأو معرفة مكانها فالآخر يخفيها عنه ويمنعه عنها ، الآخر الذي طلب مقابلته رغم صدمته من الطلب إلاأنه أتى ليجعله ينتظر ويؤجج غضبه عليه أكثر وأكثر .
صدح صوت مديرة مكتب الآخرصادحًا برقة : زيد بك ، هادي باشا ينتظرك الآن .
حرك قدميه بتوتر ملحوظ لينهض واقفًا باعتداد ويخطو إلى داخل مكتب الآخر الفخم يتطلع بنقمة من حوله إلىأن وقع نظره على الآخر الذي جلس بسلطوية وهيبة شعر بها مرغمًا وخاصة حينما وقع بصره على القطعة الخشبية بهية الصنع والمظهر واسم الآخر منقوش بأحرف عربية فخمة ومطليه بماء الذهب " هادي الغمري "
عدوه رغم عدم إعلان العداوة .. وكابوس حياته الذي يحيى فيه الآن .. غريمه رغم فارق السن والمكانة ولكن كلاهما يعلم جيدًا مدى كره كلًا منهما للآخر ، فهادي رغم أنه ليس النقي الذي يتغنى بنقاء سيرته إلاأنه محبوب للجميع ولديه سيرة حسنة رغم أعماله المتخفية في نفس مجال تجارتهما والتي يعلمها زيد جيدا ولكن لجوء هادي وتعاونه مع الحكومة هو ما يمنحه صك مغفرة معلن في حين أنه يتخفى جيدًا ويخفي آثاره بعناية حتى لا يسقط سقوطًا مدويًا.
رفع هادي رأسه بايباء لينطق بجدية وابتسامة متكلفة أجبر نفسه عليها على ما يبدو : زيد بك أنرت مكتبي .
تقدم زيد منه ليتوقف أمام المكتب الذي لم ينهض هادي عنه لاستقباله ولا مصافحته ولا الترحيب به وهو يهتف بصوت مختنق : مرحبًا بك يا باشا ، ازدرد لعابه بغضب يسكن عينيه - حضرتك طلبتني .
غمغم هادي دون اهتمام حقيقي : اها نعم اجلس يا زيد .
مط زيد شفتيه بضيق ليمتثل لأمره مرغمًا وهو يشد جسده باعتدال وغطرسه فيرمقه هادي بطرف عينه قبل أن يهتف بهدوء : صدقًا لست أنا من طلبك ، السيدة زوجتك طلبت مقابلتك رغم رفضي للأمر .
طحن زيد ضروسه ليكمل هادي ببطء متعمدًا استفزازه - ولكنها أصرت فهي تريد الحديث معك ، لا أعلم فحوى حديثها الذي ستوجهه لك ولكن احببت أن أنبهك إذا حدث وتجاوزت معاها لن ترى خيرًا ثانية يا زيد .
انتفض عصب الغضب بوجه زيد فأكمل هادي مستطردًا : واعتقد أن الايام الماضية كانت خير دليل على صحة قولي لذا يا زيد استمع إلي جيدًا وخذ حذرك يا بني فأنا لا ألقي الكلام جزافًا ، إذا حدث وتطاولت بأي شكل على أسيل هانم ستواجهني أنا شخصيًا .
رجف جفنيه بغضب استعر بعينيه ليواجهه هادي بنظراته الساكنة بغموض وتهديد صريح مزجا ببنيتيه ليكمل بصوت بارد - ونصيحتي لك عليك الموافقة على كل ما تريده الهانم والامتثال إليه بل وطاعته حتى لا تجد نفسك ملقى بالسجن وليس لأجلأنك ضربت زوجتك أو اغتصبتها ، وهذا الأمر الذي لا يعرفه الكثير - لكن لأجل اشياء أخرى تلف حبل المشنقة حول عنقك يا زيد بك أنت الأدرى بها .
انتفض زيد بذعر سكن عيناه وملامحه تشحب ببطء ليضطجع هادي بكرسيه قبل أن يهمهم : سكوتي عنك ليس نابع عن عدم معرفتي يا زيد ولكنه صمت الصبور فاحذر حينما ينفذ صبري فهو قارب بالفعل على النفاذ .
ازدرد زيد لعابه ليهز رأسه بتشنج فيبتسم هادي ببرود قبل أن يخبره وهو يشير إليه بالانصراف : سأبلغك بالموعد الذي ستحدده السيدة اسيل وحينها سيأتيإليك رجالي ليصحبوك بمفردك ،
أومأ زيد برأسه وهو ينظر إليه بغضب حارق ليهم بالانصراف بالفعل ليوقفه هادي حينما نطق بجدية : يا زيد ، توقف واستدار إليه ليتبع هادي بجدية - لا تحاول أن تلتف من حولي وتذهب إلى سيادته وإلا حينها ستكون حفرت قبرك بيدك فما اعلمه كثيرًا جدًا ولن يكون في صالحك حينما أخبر سيادته عنه .
احتقن وجهه وهو يشعر بخنقته تزداد فيمأبرأسه الذي انحنى بتلقائيته وهو يشعر بالذل يمتطي عنقه وخاصة مع تورطه هذه الأيام في هذا الموقف الشائك الذي لا يقوى على التصرف فيه ، خرج من المكتب وهو يفُك أزرار قميصه الأمامية لعله يستطيع الحصول على الهواء وعقله يزأر بالغضب وهو يبحث عن حل في أزمته التي تكالبت عليه ليصرخ بقوة حينما دلف إلىسيارته ويضرب مقودها بقهر تملكه وهو يشعر بأنه سقط ولن ينهض ثانية.
***
يقف أمام نافذة شرفة مكتبه ينظر للخارج إلى الظلام الذي عم الاجواء من حوله يعد الدقائق لملاقاة الآخر الذي ينتظر زيارته بثبات يخيم عليه ، وينتظر نتيجة وجوده هنا في مكتبه أمامحسناء التي اصبحت طوع يده بعدما قضى الأيام الماضية وفي ظل غياب نوران بالتقرب إليهافي تؤده أتت بثمارها على ما يبدو ، زفر أنفاسه بقوة وهو يفكر في نوران وما يلم بها هذه الأيامفهي نزقة .. عصبية .. وضائقة على الدوام ، وهو يدرك حجم غضبها وخاصة وهي بعيدة عنه تخاصمه لأنها تعلم بقرار نفسها ما يفعله على خلاف عادته بالأخرى التي إذا منح لغضبه فرصة واحدة أن يصدح على تصرفاته سيبطش بها ولكنه يتحمل حتى يستعيد ما استولت عليه حسناء ويدرك ابعاد خطة الآخر الذي يتربص به ، ولكن كل ما تفعله نوران سينتهي حينما ينهي هو خطته ، بل يعلم جيدًا كيف عليه أن يمحيه من جذوره بعدما يتخلص منهما وينتقم أيضًا ، فقط هو الوقت ما يقلقه ولكن خلاف ذلك هو متحكم في الخيوط كلها ويقوى على اداراتها لصالحه .
دق الباب فانتبه لوصول زائره فاستدار وهو يواجه من طل من الباب بطوله الفارع ابتسامته الساخرة وعيناه الوامضة بغضب دفين يخرج من عمق كرهه له ، ابتسم عاصم بتهكم ليهتف بترحاب مزيف : مرحبًا يا سيد أسامة ، أنرت المؤسسة بوجودك .
لوى أسامة شفتيه بابتسامة هازئة : المؤسسة منورة بوجودك يا كبير آل الجمال .
تمتم عاصم بعفوية مصححًا : القادم ، عبس أسامة بتساؤل فأتبع عاصم بثرثرة تظهر طبيعية – الكبير القادم ، فعمي منحه الله الصحة والعافية لازال موجود بارك الله في عمره .
قهقه أسامة بخفة وهو يجلس عندما أشارإليه عاصم بالجلوس على احدى الكرسيين المقابلين لمكتبه : حقًا ؟! ضيق عاصم عينيه فأكملأسامة بغل – لطالما كنت الكبير يا عاصم حتى في ظل وجود عمك سيادة الوزير الذي كنت تتحكم فيه بسلاسة ولازلت .
أمال عاصم رأسه قليلًا مفكرًا : هل تظن ؟!
رمقه أسامة بغل : ألا تظن أنت ؟!
هز عاصم رأسه ببرود : لا أعلم حقًا ولكن كل شيء جائز ، وخاصة أن عمي يحبني كثيرًا وأناأملك حظوة عنده .
غمغم أسامة باختناق : لذا يمنحك مدللته بطيب خاطر .
قست عينا عاصم ليرفع نظراته إليه يرمقه بغضب : اعتقد لأجل هذا أيضًا .
اتكأ أسامة للخلف ليهتف بهدوء : بظنك ماذا سيفعل عمك حينما يعلم أنك تخون ابنته ؟!
رف جفن عاصم ليهمهم باستهزاء : أخون ابنته ؟! ما هذا الهراء يا أسامة ؟!
ابتسامة ثعلبية رسمت فوق ثغر أسامة ليلوح برقاقة الكترونية موضوعة داخل حافظة انيقة : الهراء هذا موثق يا عاصم بك ، أخبرني كيف سيكون رأي عمك بل رأي العائلة كلها حينما يذاع فيديوهات ومقاطع صوتية لخيانة بكري الجمال الذي على وشك الزواج بابنة عمه ؟! أتبعمتهكمًا – كم أنت جبار يا عاصم ، تخونها و أنتما تستعدان للزفاف يا رجل كنت انتظرت إلى ما بعد الزفاف على الأقل ؟!
اغتم وجه عاصم ليهمس بجدية دون مراوغة : ماذا تريد ؟!
افتعل أسامة التفكير ليهمهم بخفوت : لا شيء ، سوى أنأرد لك الصفعة يا عاصم بك ، ومثلما حرمتني من كل شيء ، سأحرمك أنا من الشيء الوحيد الذي أردته طوال عمرك ، فإذا تغاضى عمك عن أفعالك نوران لن تفعل .. لن تقبل بأن تتزوج من خائنًا مثلك .
اضطجع عاصم للخلف ليرمقه مليًا قبل أن يهمس : هل هذا حقًا ما تريده يا أسامة ؟! أن تخرب علي زيجتي هذا هو هدفك ، أم هناك هدف مخفي تلصقه بهذه الأمنية بعيدة المنال ؟!
هتف أسامة بحنق : ليست بعيدة المنال يا عاصم بك ، فقط انتظر إلىأن تصل المقاطع لنور وحينها نتحدث .
انتفض فك عاصم بغضب ليهمس من بين أسنانه : نوران هانم لا تدعني اصحح لك الاسم ثانية.
ضحك أسامة بخفة وهم بالحديث ليصدح صوت رنين هاتف عاصم فأشارإليهأسامةبرأسه : اعتقد أن نوران هانم تتصل بك يا عاصم ،
قبض عاصم كفيه لينظر إلى هاتفه الذي يومض بصورتها الضاحكة ليغلق الرنين قبل أن يزفر بقوة : دعك من نوران وعمي وحسناء أيضًا ، أليست حسناء من تعاونك ؟! بالتأكيد لن تأتيبهذه الاشياء التي معك دون تعاون كامل منها .
صمت أسامة ورمقه بتحدي ليتابع عاصم سائلًا – هل منحتك جهازي اللوحي أيضًا ؟!
ضيق أسامة عينيه ليتابع عاصم بخفة : ألم تدرك الآنأنه ليس بذي قيمة يا اسامة ؟! فأناأوقفتتخصيصه منذ كنت بدبي .
تنفس بعمق و أتبع وهو يقترب بجسده من حافة مكتبه – وهذا يعود بنا للأمرالآخر ، فأنت لم تخطط لأجلأمر عمي والخيانة وهذه الأشياء التافهة ، لقد أصبحت رجل أعمال ذائع الصيت لذا من المؤكد أنك تريد شيئًا سوى أن تفقدني حلمي القديم .
اختنق حلق أسامة ليسأله عاصم وعيناه تومض بمكر : هل تريد استعادة مكانتك مثلًا ؟! أنتعود للوطن مثلًا ؟! ماذا تريد يا أسامة ولنكن واضحين سويًا ؟!
تمتم أسامة بثبات : أريد كل شيء .
مط عاصم شفتيه مفكرًا : حسنا لنرى الأمر كصفقة تستحق الدراسة ، فنحن بالأخير رجلي اعمال ناضجين ، أنت تهددني بهراء لا صحة له ولا قيمة بالمناسبة فعمي لن يصدق ونوران أيضًا لن تفعل .
انتفض أسامة وجلس باعتدال وهم بالحديث فأشارإليه عاصم ببرود : فقط اهدأ لتستوعب الأمركاملًا يا سيد أسامة ، فهذا الهراء المفتعل الذي تمتلكه كان الطريق الذي رسمته لك فسرت أنت به كتابع لا يدرك أغراض سيده ،
قفز أسامة واقفًا وعيناه تشتعل بغضب ليكمل عاصم وهو يضطجع بجلسته للخلف يضع ساقًافوق أخرى وهو يتكأ بكرسيه الوثير : أماالأمرالآخر وهو الجهاز الذي لا قيمة له الآن فهو أصبحزينة حتى لا تقوى على استعماله ، فالفترة الماضية بأكملها كانت الأشياء التي تطلع عليها سيادتك اشياء تمويهيه عبثية أنا من أرسلها عليه ، ضحك بخفة وسخريته تحضر بقوة – أنت لا تدرك أن صديقي المقرب مهندس عبقري ، نعم هو يعمل بهندسة الماكينات ولكنه يمتلك حسًا رائعًا في التكنولوجيا .
تنفس عاصم بعمق ليهمس ببرود : لذا أنت لا تمتلك شيئًا تقايضني عليه يا سيد أسامة ، وصفقتك تعتبر خاسرة ، اكفهر وجه أسامة والغضب يكسو ملامحه ليكمل عاصم – ولكن دعني أخبرك بما امتلكه أنا .
لهث أسامة بتتابع ليشير إليه عاصم بهدوء : اجلس يا سيد أسامة دعني أحدثك عن سفرتي إلىدبي ، إنها بلد رائعة ، اعتقد أنك تدرك ذلك فأنت قضيت اعوامك الماضية هناك .
اهتزت نظرات أسامةفأكمل عاصم بتشفي واضح : وأناأُشرف على ملتقى المعمارين بدبي التقيت بامرأة رائعة ومعمارية ناجحة سمعت عنها كثيرًا ولكن مقابلتها كانت شرف لي حقًا اهنئك يا رجل على هذه السيدة العظيمة .
امتقع وجه أسامة ليغمغم باختناق : قابلت بلقيس ؟!
ومض المكر بعيني عاصم : بالطبع ألم تخبرك؟! اكفهر وجه أسامة واذنيه تشتعلان فأكمل عاصم ببرود - لقد استقبلتني بحسن ضيافة رائع اشعرتني بأني في وسط عائلتي حينما دعتني ببيت المضيف عند أبوها الشيخ الذي رحب بي كثيرًا وحينما قمت بدعوتهما رحبت بلقيس هانم كثيرًا بزيارة مصر بلد زوجها وأبوأولادها.
شحب وجه أسامةتدريجيًا وعاصم يسأله بهدوء : أخبرني ماذا ستفعل بلقيس هانم حينما تعلم أنك تركتها وتركت طفليك وأتيت لتنتقم من أجل قصة قديمة من المفترض أنها انتهت يا سيد أسامة ؟! ليتابع ساخرًا – بل ماذا سيفعل أبوها الشيخ حينما يعلم أنك تزج بأموالهوأعماله في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل ؟!
اضطجع عاصم مستريحًا وهمس : ماذا سيفعلان وماذا سيفعل خالك حينما تتسبب في خسارة وشيكة سأمنيك بها حينما اسحب العرض الذي قدمته لمؤسسة غالي لتعمل على مشروع جديد في الاسكندرية الجديدة ، ذاك العرض الذي ابتهج له خالك وكأنه سينقذه من كارثة أوشك على السقوط بها ، أو لعله سقط بالفعل بسببك .
لهث أسامة بانفعال مكبوت ليتمتم بكره ومض بعينيه : أنت ..
فيقترب عاصم برأسه ويهمس بفحيح متجبر : أنا كبير آل الجمال يا أسامة ، أنا عاصم الجمال خسرت كثيرًا حينما ظننت أنك تستطيع مجابهتي أو الوقوف أمامي ، لم تتعلم شيئًا من المرة الماضية لذا خسرت أيضًا هذه المرة لأنك لم تدرك حجمك الطبيعي فإرثك من آل غالي وزواجك من السيدة بلقيس لن يمنحاك أبدًا ما ولدت أنا عليه .
نهض عاصم واقفًا ليفرد ذراعيه على وسعهما : كل هذا .. كل ما تراه ورثته أنا بولادتي وكبرته لأني استحققته ، أنا الكبير بالاستحقاق والفطرة والولادة يا أسامةفأنا الحفيد البكري للعائلة العريقة وليس طفل ولد دون أب وربته صديقة والدته المرحومة .
انتفض أسامةواقفًا وهو يشعر بإهانته تصفعه بقوة فيقترب عاصم منه وعيناه تومض بغل : ظننت قديمًا أنك تستطيع مصاهرة الوزير كونك أصبحت ضابط شرطة وخالك من أعيانالاسكندرية ، هل ظننت حقًا أن عمي أو أناأو أي فرد من آل الجمال سيمنحك مدللتهم .. درتهم الغالية .. جوهرتهم التي يخفونها داخل اضلعهم ، حتى إن كان عمي وافق وهي حاربت لأجلكلم أكن سأمنحها لك قط ،
ابتسامة ساخرة لمعت على ثغر أسامة ليهمهم بتهكم : للآن لم تدرك يا عاصم ، تعالت ضحكاته الهازئة ليكمل – أنا اتعجب منك يا رجل ، عقلك فذ وتملك دهاء الثعالب وتقف عند هذا الأمر ولا تدركه حقًا ؟!
ضيق عاصم عيناه ليجابهه أسامة بسخرية ومضت بعينيه ليتمتم متعمدًا مضايقته : حقًا دعني استمتع باللحظة وأنت لا تدرك شيء ولا تلتف من حولي لأجله ، أكمل وهو يقترب من عاصم يحنى رأسه لينظر إليه من علٍ بسيط منحه له فارق طوليهما – شيء أنا الوحيد الذي أدركه على ما يبدو فجوهرتك المخفية بأضلعك لم تطلعك عليه أبدًا .
اختنق حلق عاصم وومض الغضب عينيه ليغمغم بصوت حانق : ماذا تقصد ؟!
هز أسامةرأسه بخفة متهكمًا : لا شيء اسأل مدللتك من ستصبح زوجتك ألن تتمما الزفاف في موعده ؟!
رفع عاصم رأسه بشموخ ليهمس بجدية : بالطبع .
تنفس أسامة بقوة : لعلني سأحضر ، أنا وعائلتي هل تعرفت على طفلي أم لم تقابلهما ببيت المضيفة ؟!
رمقه عاصم مليًا ليهز رأسهنافيًا فيكمل أسامة ببسمة مبتهجة : إذًا لم ترى جاسم ولا نور..
اتسعت عينا عاصم بعاصفة أوشكت على الهبوب حينما تباطئ أسامة لينطق أخيرًا - نورهان طفلتي ، لعلمك والدتها من اسميتها ، فبالأخيرأنا لم أقوى على التمسك بوهم .
انحنى نحو عاصم ليهمس إليه بفحيح ساخر : فيا كبير آل الجمال صغيرتك تلاعب بنا سويًا ، وما كنت أناإلا بيدق زجت بي بينكما لتثير غيرتك ، لذا أنا هنا لأريك كم كنت غبيًا و أضعتالكثير من عمركما دون سبب .
اختنق حلق عاصم وشعر بروحه تنتفض بضيق عارم ليهمهم : حسنًا وماذا تريد الآن يا سيد أسامة ؟!
نفخ أسامة بقوة : اعتقد أننا متعادلان ، أنت لا تريد أن تخسر زيجتك ولا أعمالك و أناالآخر لا أريد الخسارة ، تعاونًا مفيد يا عاصم أليس كذلك ؟!
رمقه عاصم قليلًا ليهز رأسه : حسنًا ولكن بشرط .
ابتسم أسامة : حسناء أليس كذلك ؟!
أومأ عاصم برأسه ليهمهم : لقد علمت حينما لم تأت للعمل اليوم أنك قادم لزيارتي .
همهم أسامة بسخرية : سأسلمها لك ولكن بعد اتفاق عمل يليق بي كوريث غالي .
هز عاصم رأسه بتفهم : لنتفق ولكن بعد الزفاف بإذن الله .
أومأأسامةبرأسه ومنحه تلك الحافظة التي يحملها : أعلمأن كلمتك وعد .
اوما عاصم براسه ليتبع أسامةأراكقريبًا ، رمقه عاصم بتساؤل – سنحضر الزفاف أناوالعائلة .
ابتسامة طفيفة ناوشت ثغر عاصم وهم بالرد عليه ليقاطعهما دخول نوران الغاضب والتي صاحت بجدية حينما أدركت وجوده : ماذا تفعل هنا ؟! ألم أخبركأن وجودك غير مرغوب فيه؟!
استدارا إليها لتلمع عينا أسامة بوهج التقطه عاصم بسهولة فيشعر بأوردته تحترق حينما أجابهاأسامة بنبرة لينة : وأنا أخبرتك يا عزيزتي أني سأتي لمدير المؤسسة التنفيذي واتناقش معه فرفضك غير مبرر لي
شمخت برأسها في عنفوان : لا يهم أن تقتنع أو لا أنا رفضت عرض العمل ولتعلم الأمر شخصي بحت فأنا لا أريدأنأراك ثانية ولا أريدأنأعمل معك وعليه المؤسسة لن تتعاون مع مؤسستك أو شركتك انتهينا .
تأملها قليلًا ليومئ برأسه متفهمًا وعيناه تغيم بحزن مزج بسخريته التي صدحت في سؤاله إلى عاصم الذي استدار إليه : هل هذا رأيك يا عاصم بك ؟!
رفع عاصم رأسه لينظر إليها مليًا فتلاقت نظراتها بعينيه اللتين لم تمنحاها جوابًا شافيًا ليجيب بعدما تحرك إليها ليجاور وقفتها : لا قول بعد قول نوران هانم فيما يخص عمل المؤسسة .
ابتسامة ماكرة رُسمت على ثغر أسامة بينما هي استدارت تنظر إليه بعتاب ومض بزيتونيتها فيبتسم بلطف قبل أن يعود بعينيه لأسامة الذي هز رأسهبإشارة سرت بينهما فيمأ عاصم بعينيه ليهتف أسامة بجدية : حسنًا على راحتكما ، اعتذر عن الازعاج اراكما على خير.
لم تلتفت نحو الآخر بل ظل بصرها محدق بعاصم الذي لم يرافقه للباب بل ظل يجاورها منتظرًاإلى أن انصرف الآخر واغلق الباب من خلفه ليجذبها إليه يحتضنها بقوة فتدفعه بعيدا في نزق وهي تهمهم بسخط : ابتعد عني يا عاصم من فضلك ، ابتعد أنا لا اطيق احتضانك لي الآن .
لم يمنحها حرية الابتعاد بل ضمها إلى صدره بقوة و أجبرها على السكون بين ذراعيه فأجهشت في بكاء حاد اغرق مقدمة قميصه ليتنفس بعمق وهو يضمها بلين .. حنان .. ويربت على ظهرها يهدأها مهمهمًا بخفوت : توقفي عن البكاء يا نوران ، من فضلك توقفي ، أنا لا أفهمما سبب بكائك من الأصل ؟!
نهنهت لتصيح فيه وهي تدفعه ليبتعد عنها فيتمسك بها ويجبرها أن تسير بجواره : حقًا لا تعلم، لقد رأيتك معها .
اجلسها على الاريكة محتفظًا بها بين ذراعيه بعدما جاورها ليخفض بصره هامسًا بمهادنة : ماذا رأيت بالصور يا نوران ؟! إنها مجرد أحاديث فارغة وأنت تدركين سببها .
شمخت برأسها في تعنت : أعلم ولكن أنأرى شيء آخر ،
رمقها بعتاب فأكملت باختناق ودموعها تنهمر من جديد – كنت تغازلها بعينيك ، تمنحها أملًابكونك ستصبح لها .
نفخ ببطء ليجيبها : كنت اخدعها حتى أتخلص من ذاك الحقير الذي كان كشوكة في خاصري وأنا لا أدرك سبب وجوده من جديد ولا ما الذي يريده ؟!
كتفت ساعديها لتهمس بحنق : وأدركت ؟!!
أومأبرأسهإيجابًا لتنظر إليه بترقب وخوفها يحتل ملامحها لتهمس بتشكك : أنت لم تصدقه يا عاصم أليس كذلك ؟!
اخفض عيناه وتنفس بعمق ليهمس : أصدق ماذا ؟! نظرت إليه بحيرة وتردد فأكمل ببساطة – ما أخبرني به جانب من الحكاية التي لا اعرف للآن أبعادها كاملة .
انتفضت واقفة لتهتف بحرقة : إنه كاذب أيا ما كان أخبرك به فهو كاذب به إنه يريد تفريقنا .
رفع نظره إليها ليهمس بهدوء : وهذا أمر غريب يا نوران ، ما السبب الذي يدفعه لفعل ذلك ؟! أناأدركأنه ينتقم مني ولكن للآن سبب انتقامه منك !!
اجفلت ليتشنج جسدها قبل أن تبتعد عنه في خطوات واسعة فيتبعها ليوقفها بقبضته التي جذبتها من مرفقها ليديرها إليه ينظر إليها بجدية سائلًا : لماذا ينتقم منك يا نوران ؟!
نظرت إليه بعينيها الباكية لتهمس بصوت محشرج : لأني لم أحبه يومًا .. لم أميلإليه .. ولم اهتم لأمره ، كان مجرد وسيلة لاظفر بمن تمنيته طوال عمري ولكن .. اختنق حلقها لتطفر دموعها من شواطئ عينيها فتشيح بهما بعيدًا وهي تتبع – أنا لم أفعل ..
سكنت ملامحه بصدمة فأكملت بصوت أبح : لم اذهب ..اتبعت بحشرجة وخزي اعتلى هامتها - هذا لم يكن بيته .
لترفع عيناها تنظر إلى عمق عينيه : أنا من اوهمتك بكل هذا وأنا افكر أنكإذا أتيت سأخبرك .. إذا صعدت خلفي سأبوح لك .. إذا شعرت بأن مكانتي عندك أكبر من البقية سأعترف لك بمشاعري ، ثقلت أنفاسه لتغمغم بعتاب قوي - ولكنك خذلتني فأنت لم تصعد رغم أنك أتيت .. لم تتبعني رغم أنك تهتم .. ولم تغفر لي رغم أنك تعشقني .
اختلجت أنفاسها بموجة بكاء قوية ودموعها تنهمر فوق وجنتاها تتابع ببؤس : لقد راهنت نفسي عليك أكثر من مرة وفي كل مرة خذلتني وهاك أنتالآن تخذلني بعد كل ما مررنا به بعدما أخبرتك مرارًاوتكرارًاأنيأحبك بعد أن سلمتك مقاليد نفسي وهوى قلبي ، في آخرالأمر تصدق بعض حديث أجوفأخبرك به آخر حقير تعلم جيدًا أنه يريد فراقنا .
حركت كفها لتخلع خاتمه من كفها الأيمن : ولكن هذه المرة فراق بيننا يا عاصم ، فأنت رغم كل شيء لم تغفر ولن تفعل ولن تنسى ستظل متذكرًا أني ذهبت لآخر بيته حتى وإن لم يكن هذا صحيحًا ، ولن تتذكر أبدًاأني فعلت هذا لأجلك لأجل أن اجبرك على البوح بما تحمله لي داخل قلبك ، فأنا منذ صغري .. طفولتي .. وصباي أحبك .. تقربت منه لأجلك وتصرفت برعونة لأجلكوأنت غبي أحمق لا تحس ولا تفهم .
جذبها إلى صدره يضمها إليه فهدرت ببكاء اوجع قلبه : ابتعد عني ، انا لا أحبك .. لا اطيقك .. أنااكرهك .. ابتعد
ألقت آخر كلماتها وهي تضرب صدره القريب منها بقبضتيها فيضمها إليه أكثر هامسًا :افعلي ما تريدين ولكني لن أبتعد ، أتبع وهو يضمها أكثر يزرعها فوق ضلوعه مغمغمًا - لا تحبيني ولا تطيقني واكرهيني كما تشائين ولكني لن ابتعد.
نهنهت في بكاء حاد بصدره ليهمس وهو يضمها أكثرإلى صدره : ولعلمك أنا صدقته لانه اخبرني الحقيقة ، ابتعدت عنه قليلا تنظر له باستنكار فأكمل بخفوت – هو الآخرأدركأنه كان وسيلتك لأجل الوصول إلي لذا كان ينتقم منا سويًا .
رفت بعينيها ليكمل : لم اشكك بك يا نوران ولم أصدقآخر غريب عني لأنيأصدقك ، أصدق حبك الوامض لي بعيني وأصدق قلبي المتوله بحبك ، احتضن وجهها بكفيه وهمس : أناأحبك يا نوران
نهنهت في بكاء من جديد لتهمس بصوت ابح باك : و أناأحبكأحبك يا عاصم فلا تبتعدعني ولا تستمع لي فأنا لا أقوى على العيش دونك
ابتسم بشجن وحلقه يختنق بقوة ليضمها أكثر ويلصقها بصدره : استكيني داخل قلبي وأبكي كما تريدين فأنا هنا ولا نية لي في الابتعاد ثانية فحياتي دونك كابوس حي يسير على قدمين .
ابتسمت من بين بكائها لتهمس بضجر وهي تحاول أن تتملص من بين ذراعيه : حسنًا ابتعد قليلًا فانا لا أقوى على التنفس وأنت تخنقني هكذا باحتضانك لي .
احنى رأسه نحوها لتتلاقى نظراتهما حينما رفعت وجهها الذي يحتضنه بين كفيه فيهمهم أمام شفتيها وهو يلتهم تفاصيل وجهها بنظراته : حقًا تريديني أن ابتعد ؟!
ومضت عيناها لترفع كفاها بعفوية تفردهما على صدره وتستند بجسدها إلى جسده هامسه بخفوت وهي تسقط في أسر نظراته التائقة : ماذا تريد أنت ؟!
ثقلت أنفاسه وهو يدير عينيه على شفتيها المغويتين ليهمهم بصوت أبح : قبليني .
ابتسمت بمكر لتهمهم وهي تقابل نظراته بإغواء فطري وكفها يلامس نبضاته ، لتهمهم وهي تقترب بوجهها أكثر منه : هل هذا كل ما تريد ؟!
لهثت وهي تشعر بكفيه يحاوطان خصرها فيدفعها أكثرإليه يلصقها بصدره قبل أنتبدأ راحتيه في الحركة على طول عمودها الفقري ليهمهم : فقط نفذي ما طلبت .
رفعت رأسها قليلا لتقبل جانب ثغره بقبلة بطيئة .. هادئة اشعلت حواف قلبه واضمرت نيران شوقه بسائر جسده ، شهقت بخفة وهي تشعر بكفيه تقبضان عليها من الخلف وهو يسند جسدها الى جسده ، شفتيه ابتلعت باقي شهقتها في قبلة صهرت مشاعرها بتدفق مشاعره البركاني الذي انفجر دون سابق إنذار حاولت التملص قليلًا ولكنه اطبق ذراعيه .. جسده .. شفتيه حولها ليحاصرها بقوة مشاعره فيغمرها معه لتتعلق برقبته تلقائيًا عندما شعرت به يرفعها من مؤخرتها ليحملها فتلف ساقيها حول خصره كيفما سمحت تنورتها الواسعة قليلا ، تمسكت بكتفيه وهي تتلقى قبلاته التي لم تتوقف منذ أن اطبق على شفتيها لتتأوه بخفوت وهي تشعر بشفتيه تلامس جانب عنقها فتحني رقبتها راغبة في المزيد ترتشف احتياجه لها على مهل ، وتشعر بمذاقه في جوفها تتقبل لمساته المحمومة فتشتعل بنيران رغبته التي باتت جليه بها ، تستمع إلى همساته فتتفتح زهور انوثتها على مشاعره المتدفقة بعد كبت طويل عانيا منه سويًا .
همهمت دون وعي : أحبك عاصم .
فيتأوه برد فعل قوي وهو يعاود الإطباق على شفتيها بقبلة طويلة اغرقتهما سويًا فلم يشعرا بشيء إلا لهاث أنفاسهما المتعالي ودقات باب مكتبه المتتالية والتي أعادتهما للواقع بعد وقت لم يستطيعا تحديده .
طرق الباب ثانية وصوت قوي يناديه من الخارج ، اتسعت عيناها بخوف تلقائي ليتصلب جسده بجدية وهو يحاول السيطرة على لهاث أنفاسه ليجيب ولكنه لم يقوى فكانت هي أول من نطق بصوت مرتعش متساءل وكأنها لا تريد تصديق أذنيها : بابي ؟!!
اغمض عينيه في إجابة واضحة لتكتم شهقتها براحتها وجسدها يرتجف بحرج وخجل دفعا الابتسامة لشفتيه قبل أن يهمس لها وهو ينهض من فوقها : اذهبي إلى دورة المياه واعدلي ملابسك .
هزت رأسها بالموافقة لتنتبه اخيرا أنها نائمة فوق مكتبه وساقيها مدلاه فلا تصل للأرض ، جذبها من ساعديها ليجلسها وهو يبتعد قليلًا فتجذب تنورتها المرتفعة لتخفي ساقيها وتضم طرفي بلوزتها بكفها ساعدها على الوقوف بعد أن اغلق قميصه المفتوح وعدل هندامه وهو يعيد ترتيب بنطلونه وشكله ليضمها إلى صدره مطمئنًا فتنهدت بقوة وابتعدت عنه لتختفي بخطوات سريعة من أمام ناظريه ليتنفس بعمق قبل أن يكح مجليًا حلقه بخفه بعد أن أغلقت باب دورة المياه خلفها فيتجه إلى الباب بعد أن اطمئن على دخولها ، فيتناهى إليه صوت عمه الهادئ يسأل كنزي الجالسة بالخارج : أنت متأكدة أنه بالداخل يا آنسة .
فتجيب كنزي بعفوية : نعم و الآنسة نوران معه .
تمتم بسبه خافتة وهو يطبق فكيه ليفتح الباب بحركة سريعة ويهتف بصوت جاهد أن يكون طبيعيًا وهو يرحب بوائل : تفضل يا عماه .
تحاشى النظر إلى عيون عمه ولكنه شعر بابتسامته الماكرة ونظراته التي مشطت الغرفة بحثا عن ابنته والذي هتف بتلاعب : هل اعطلك عن شيء ما ؟!
تحرك عاصم بخطوات واسعة وكأنه يتحاشى التواجد في نطاق ضيق بجوار عمه ليهمهم : لا أبدًا ، تفضل يا عمي .
رفع نظره أخيرًا الى عمه الواقف أمامه يضع كفيه بجيب بنطلونه الرسمي وعيناه تتحرك بالغرفة بعبوس طفيف داعب محياه قبل أن تومض عيناه بخبث وهو ينظر إلى باب دورة المياه المغلق ليهتف بمشاكسة : كنت ابحث عن نوران حتى أعيدها للبيت معي فتلك الفتاة الجالسة بالخارج أخبرتنيأنها هنا بعدما هاتفتني فاطمة وهي تهتف بذعر عن خروج نوران السريع وهي غاضبة ، ران الصمت عليهما قبل أن يتابع وائل بخفة – ألا تعرف أين هي ؟!
مط عاصم شفتيه قليلًا قبل أن يجيب بهدوء : بلى اعرف إنها هنا يا عمي ، رفع وائل حاجبة ليتابع عاصم بجدية – ولكن لاتشغل رأسك يا عمي فأناسأوصلها للبيت .
رمقه وائل بجدية ليشير إليه بالجلوس على كرسي مكتبه ويجلس هو الآخر بالكرسي الجانبي : إنها مسافة طويلة يا عاصم أن تقطعها فقط لايصال نوران إنه لمجهود لا لزوم له .
تمتم عاصم بعفوية : ليست طويلة ثم أنا ذاهب للقصر عامة لأرىآخر تجهيزات الجناح وما الذي ينقصه .
مقه وائل قليلًا قبل أنيسأله بجدية : افهم من حديثك أنك استقريت أخيرًا ورتبت امورك كلها ومستعد للزفاف ؟!
أجاب عاصم وهو ينظر إليه بجدية : بالطبع يا عماه ، أنا مستعد بعدما تخلصت من كل الأمورالعالقة ، صمت قليلًا قبل أن يهتف بصراحة – لا تقلق يا عمي فما عاد شيء يحل بيني وبين نوران
هز وائل رأسه بتفهم لينهض واقفًا فينهض عاصم بدوره ويقترب منه حينما تحرك عمه : حسنا سأنصرفأنا .
_ إلى اللقاء عماه .
توقف وائل قبل أن يغادر فعليًا فتصلب جسد عاصم وخاصة عندما رمق وائل جانب فك عاصم بجدية ليمرر طرف سبابته عليه فيرفع عاصم يده ليلامس جانب وجهه وعمه يهمهم وهو ينظر إلى طرف سبابته : ظننت أنأحمرالشفاة هذه الأيام مختلف فلا يترك أثرًا خلفه .
احتقن وجه عاصم بقوة وهو يهرب بنظراته من عيني عمه ليهمهم يحاول الشرح : عمي أنا .
قبض وائل على تلابيبه ليقربه منه وهو يهتف بجدية وعيناه تلمع بالغضب : أتعلم لولا أنيأرسلت الدعوات والزفاف اصبح معلنًا لكنت حرمتك منها نهائيًا .
سيطر عاصم على أعصابه ليرفع عيناه ينظر لعمه هامسًا بهدوء متحديًا: لا تستطيع ، لا أحديستطيع الآنأن يحرمني من نوران يا عماه ، نوران زوجتي وكل هذه الاشياء والتجهيزات والزفاف نفسه يعد شكليات لا أكثر .
نفضه وائل بعيدًا ليبتسم باتساع قبل أن يهمس بفخر: أنت هكذا ولدي بالفعل ، مبارك تخلصت من جينات وليد نهائيًا ، ضحك عاصم مرغمًا ليتبع وائل بخفة - لو أجبتبأي طريقة أخرىلكنت أجبرتك أن تتركها .
هز عاصم رأسهبيأس ليهمهم وائل : فقط توقفا عن الفضائح بالمكتب فتلك الفتاة بالخارج أوشكتأن تخبرني عم يحدث بينكما في الداخل .
احنى عاصم عنقه بحرج ليتابع وائل بخفوت وهو يقترب من الباب مهمهمًا بوقاحة : السيارة مفيدة أيضًا والطريق طويل ، ولكن حذار الرادار وكاميرات مراقبة الشوارع ، لا نريد صوركما تزين جرائد الفضائح .
لم يتمالك عاصم أن يمنع ضحكته التي انطلقت بقوة ليهدر وائل به في افتعال : توقف يا ولد ، تعالت ضحكات عاصم أكثر ليتبع وائل بصدق – انا سعيد للغاية يا عاصم ، فليست ابنتي فقط من تتزوج ، إنه فرح بكري وابنتي ، أنا فرحتي مضاعفة بكما .
لمعت حدقتي عاصم بفرحة حقيقية والحبور يمتلكه ليندفع نحو عمه معانقًا وهو يهمس : شكرًا لك يا عمي ، شكرًا لأنك منحتني حلمي واهديتني إياهمجسدًا .
ابتسم وائل بشجن كسى ملامحه ليهتف بمرح مفتعل وهو يدفع عاصم بعيدًا ينظر نحوه بجدية : إنه حلمي أناالآخرأيهاالأحمق ، لطالما حلمت أن ازوجك من ابنتي لأنيأعلم جيدًا معدنك الداخلي فقط يا عاصم ..
قاطعه عاصم سريعًا : لا تقلق يا عماه ، نوران بعيني لا تقلق أبدًا .
أبعده وائل عنه قليلًا ليهمس بجدية : ستصونها .. وتحميها .. وتحبها يا عاصم ؟!
همهم عاصم بصدق ومض بعينيه : سأعشقها فالحب لا يكفي أمام نوران يا عماه .
ابتسم وائل ليعبس بجدية افتعلها وهو يسيطر على قلبه الذي خفق بفرحة سرت باوردته : احترم نفسك يا ولد ، ضحك عاصم رغم عنه فيربت وائل على كتفه - وهي الأخرى تحبك حتى إن انكرت .. كابرت .. وادعت عكس هذا ، الغبية مدلهه بحبك ولكنها الصفات الوراثية للأسف .
نظر عاصم إليه بدهشة ليؤثر الصمت بعدما كان سيخبر عمه بأنها اعترفت إليه بحبها ، فيتبع وائل بعد أن تنهد بقوة : اورثتكما أنتما الاثنين الكبر هي وراثيًا و أنت عن طريق تربيتي لك وبعضًا من الوراثة أيضًا .ضغط على كتف ابن أخيه لينصحه بصدق - توقف عن العناد والتردد والحيرة والكبرياء المقيت واغتنم فرصتك كاملة يا عاصم، فأنت تستحق السعادة التي تخيم عليك الآن .
تمتم بوعد : سأفعل .
هتف وائل بجدية وهو يغادر بالفعل : و أناسأنصرف فنوران لن تخرج من دورة المياة طالما تواجدت .
اخفض عاصم رأسه ليشير إليه وائل بالوداع فيراقب انصرافه ليغلق الباب خلفه قبل أن يتجه نحو دورة المياه يطرق بابها بطرقة واحدة ليفتحه ويطل برأسه في ترقب : لقد انصرف .
تنهدت بارتياح لتهمس وهي تخرج من مخبئها : هل أدرك وجودي ؟!
آثر الصمت قبل أن يقترب منها ليجذبها نحوه هامسًا باهتمام وهو يجلس على الأريكة ويرغمها أن تجلس فوق ساقيه : لازلت غاضبة مني ؟! ابتسمت برقة وهي ترف بعينيها بعيدًا عنه تهز رأسها نافية فيتبع بشقاوة تعمدها – أشعربأنك لازلت غاضبة لذا أريدأن اصالحك .
ضحكت بخفة وهي تدفعه بعيدًا عنها تريد الوقوف : لست غاضبة .
تمسك بها بثبات قبل أن يبتسم بخفة ليرفع وجهها إليه بعدما احتضن ذقنها بأطراف أصابعه : ولكني أريد مصالحتك واعتذر منك عن كل ما فعلت ، أريدأننبدأ من جديد يا نوران دون أي شوائب ماضية أوأثر يحول بيننا ، أكمل وهو ينظر لعمق عينيها يحتضن وجهها بكفيه -ما حدث اتنسى وانتهى ، الآن نحن سويًا وهذا يكفي ، همس كلمته الأخيرة وهو يلتقط شفتيها في قبلة طويلة أودع فيها كل شوقه .. لهفته .. وتوقه لها الذي تأجج الايام الماضية لتتمسك بكتفيه بعد قليل وتعتدل بجلستها لتواجهه قبل أن تبادله تقبيله بلهفة .. شوق .. وتوق سرى بينهما ليدفعها بعيدًا عنه بعد قليل هاتفًا - اشتقت اليك يا برتقالي.
انتفض جسدها بعد قليل على صفعته التي أتت حانية فلكزته في كتفيه وهي تهم بالنهوض مغمغمة بسباب كثير فيتمسك ببقائها فوق ساقيه لا يمنحها حرية الحركة هاتفًا : اهدأي يا مجنونة ،
تمتمت وهي تتملص من أسر ذراعيه : أنت وقح وقليل الأدب .
ضحك بخفة ليغمزها بشقاوة : قصدت أن اغضبك فبهذه الطريقة التي كنا عليها كنت سأتمم زواجنا الآن هنا على أريكة مكتبي وأنا وعدت عمي أن أنتظر للزفاف.
رمقته من بين رموشها : ومتى الزفاف ؟!
تنهد بقوة ليجيبها : في موعده يا حبيبتي .
اقتربت منه لتحتضنه بقوة تعانق رقبته وتضم نفسها إليه : اشتقت إليك يا عاصم .
احتضنها بقوة ويعاود تقبيلها : وأنا يا روح عاصم موت شوقًا.
غمغمت باسمه من بين شفتيه وهو يطبق كفيه عليها بقوة لينهي قبلته لها ليهمس بصوت محشرج : من الأفضلأن تبتعدي عني الآن يا نور ، فالأمر يخرج عن سيطرتي حقًا .
انتفضت بخجل داهمها لتقفز واقفة وتتحرك فعليًا بخطوات جاده بعيدًا عنه تدلف داخل مكتبها ليهتف بجدية قبل أن تغلق الباب الفاصل بين مكتبيهما : استعدي سننصرف بعد قليل .
اغلقت الباب دون رد ليتنهد بقوة ثم يتجه إلى دورة المياه بخطوات واسعة ينحني فوق المغسلة ويفتح المياه فوق رأسه حتى شعر بالبرودة تزحف إليه من جديد . رفع رأسه ينظر إلى نفسه بالمرآة يجفف شعره ووجهه فيتذكر إشارة عمه إلى جانب عنقه فيهم بمسح أثارها ليقفزا حاجبيه بتعجب وهو يرى بشرته لا تحمل أي أثرلأحمر شفاهها فينفجر ضاحكًا وهو يهز رأسه بيأس من عمه الماكر المتلاعب ليغمغم : آه منك يا عماه .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس