عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-20, 09:16 AM   #51

nada diab
 
الصورة الرمزية nada diab

? العضوٌ??? » 102646
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » nada diab is on a distinguished road
افتراضي


❤ الفصل الثاني عشر ❤
" من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر "
من نحن لنصنع من أنفسنا جلادين ، من أعطانا صلاحية إطلاق الأحكام ، من سمح لنا بحرية العبث بالقلوب و التوغل في أدق تفاصيل الآخرين ، كيف ينام أحدهم ليلته و هو لا يعلم يقيناً ما اذا كان ظالماً أم لا ؟ كيف يترك نفسه عرضة لأن تُقبض روحه و هو غارق بذنبه نحو العالمين .
لم تستطع أن ترفض رجاء رنا لرؤية يزن بعدما كشفتها رقية و هي تتلصص علي الصغير ، هي أم أيضاً و تعلم أن لا أحد في العالم لديه القدرة علي اشعال السعير في قلبك سوي ابنك ، كادت رنا أن تقبل يداها حتي تلمسه فقط و تستنشق عبيره ، كم ندمن رائحة أبنائنا فتمر السنوات و الأزمات و الأفراح و الأوجاع و رائحتهم تشبه المسك الفواح القادر علي هزم عوالم بداخلنا و بناء جدران من السكينة حول فؤادنا فمن تكون هي لتحرم رنا كل هذا ؟ ، حتي لو قررت رنا الهروب من يوسف و ترك الصغير فلا أحد يعلم لماذا ؟ و لا أحد يملك أن يحرمها حتي رؤية ابنها كعقاب !
شدد علي ذراعها في غضب أهوج و عيناه تلتمعان بشرر يؤججه جرح كرامته الذي لم ينتهي بعد
" كيف تجرأتِ علي عصياني ؟ ألم أخبركِ أنه ممنوع عليكما أي اتصال بها و لو رأيتها أمامك تعودي بيزن للمنزل و تخبريني لأتصرف ، من سمح لكِ ! أنا أبوه و أنا وحدي من يقرر "
لتحاول نفض ذراعها بعيداً عن يده فيشدد الامساك أكثر لتجيبه و صوتها يخنقه الألم
" لا يحق لك أن تقرر وحدك ما يخص يزن ، أنا أمه و لي حقوق فيه مثلكما أنا من ربيته كابني و لن أسمح لك يوماً بتهميش رأيي فيما يخصه أبداً يا يوسف ، هذا طفلي أيضاً ، لكنه ابن رحمها هي ، تكون داخلها و أرضعته حليبها و نام صغيراً بحضنها و أنا خير من يعلم كم يعني لها رؤيته من جديد ، لن أكون أداة لعقاب رنا علي هروبها منك و لن يكون ابني وسيلتك لتأديبها لأنها رحلت ، هي تملك حقوقاً و لن اخذلها و لن اخذل صغيري لاجل غضبك الاهوج هذا ، و لو قرر هو في يوم من الايام بعدما يكون ناضجاً كفاية الابتعاد عنها لن اتدخل لكن طالما انا أمه لن امنعه عنها يوماً ، ما فعلته كان شنيعاً لكنك لست ملاكاً يا يوسف "
ليجيبها مشدداً علي كلماته و كأنها تتفجر من بين أسنانه في اندفاع غاضب
" لن تطأ قدميكِ خارج هذا المنزل أصلاً لتري رنا أو غيرها ، يبدو أنني دللتكِ حتي نسيتي من أنا ! أنا زوجكِ يا إبنة العائلة المحترمة لي عليكِ حق الطاعة و ستلتزمين به حتي لو كان ذلك رغماً عن أنفكِ "
لتشهق دامعة فهي لم تعتد سوي الرقة لا يليق بعيناها الجميلتين سوي الرقة
" أنت تفعل بي هذا لأنني لا أملك ذلك القدر من القسوة لأن أظلمها ! يا إلهي كل ذلك الغضب الأسود لأنك مازلت تحبها ! تحبها حتي و هي زوجة رجل آخر ! أنت مهوس برنا تؤذيني لأنك غاضباً من نفسك لولعك هذا و تريدني انا و ابني وسيلتك الانتقامية ، أنت تحبها يا الله أنا لا أصدق بعد كل تلك السنوات مازلت مغفلة "
كان يحدق بها في صمت مطبق لا يملك رداً و لكن ألمها مس شغاف قلبه و أوجعه
" أنتِ تهذين الآن ، لا تهمني رنا أنا فقط أحمي صغيري منها ، هي ليست مناسبة لتكون بدائرته ، فما بنيناه لسنوات لن أسمح لها بهدمه "
لتبتسم في سخرية و قلبها يضخ ألماً تعجز عن وصفه لعل مليكة في نهاية الأمر محقة و هو لم و لن ينسي أبداً
" ما الذي بنيناه أنك جعلت قطعة الديكور التي أدخلتها حياتك لتكمل واجهتك الاجتماعية هي أم صغيرك و أبعدت أمه الحقيقية أو لنقل هي من هربت منك ، كل ما بنيته أنا أساسه و سره أنا كل شيء يا يوسف كل شيء لم تقدره ، أنا سأذهب لبيت أهلي رفقة صغاري ، و سأخذ يزن قبل الرضيعة أنا أمه و أقرر في حياته مثلك و أكثر ، أنا من رعاه و أنت جالس تلعق جراحك ! أنا هي عماد هذا البيت اياك أن تنسي ، و اياك أن تعاملني بهذه الهمجية من جديد ، و اياك و الركض وراء رنا هي زوجة لرجل آخر الآن لا تكن خسيساً لا تسقط من نظري أكثر من ذلك رجاء ، لا أطيق أن يكون والد طفلاي في هذه الصورة أبداً "
كان مندهشاً كيف يمكن لرقية أن تملك كل تلك القدرة علي اهانته ففي قمة ألمها منه لم تكن قاسية هكذا لا ينكر أن ظهور رنا قد رج داخله رجاً لم يغمض له جفن ليلتها بل ظل محدقاً بالسقف و الذكريات تتدفق بداخله فيبتسم بألم و تلمع عيناه غضباً أسوداً لقد رمي كل ماضيها بعيداً و جعلها زوجته و أنجب منها طفلاً و أراد حتي أن يواجه بها العالم بأسره و ليس فقط تشدد عائلته و لم يكن زواجه برقية سوي بالحاح منها حتي تعود علاقته بعائلته كما كانت قبل معركة رغبته بالزواج منها
" النادلة ببار فندق شهير " يومها بكته والدته كما لو كان مات و لم يهدأ بالهم تماماً سوي بزواجه من رقية ، و رغم كل ما فعله لأجلها و كل ذلك الحب الذي حمله بقلبه لها كان مهوساً بحق كان يتأملها نائمة بعينان تفيضان بالعشق ، كيف تمكنت من الهرب ؟ كيف طاوعها قلبها لتهجر رجل مولع بها هكذا !
لكن رقية تسربت برقتها لداخله ماحية كل ما علق به من أي امرأة سواها ، يحبها أكثر من أبنائه ، يري العالم حلواً لأن به رقية بسذاجة مراهق و قلب عاشق ، لكن كبريائه يئن كلما تذكر أنه كان علي استعداد أن يواجه الدنيا من أجلها و هي تركته رفقة رضيعه كالمغفل و رحلت لتتزوج ذلك الشيخ الله وحده يعلم بكم اشتراها كل ما يأمله أن يكون المبلغ يستحق لئلا يكون ثمن حبه القديم رخيصاً مثلما كانت حبيبته .
خرجت رقية غير عابئة بمحاولاته و ظلت تصرخ ليتركها بعدما حاول منعها فهو رغم لومه لنفسه لعنفه معها لكنه أمرها بلهجة واضحة أن تمنع أي تواصل بين رنا و الصغير و قامت هي بكل تحدي بعكس ما أراد و صممت علي ما فعلت ، رنا تركت ذلك الطفل رضيعاً و رحلت ؟ من أين يكون لها الحق في ضمه ! هي وحدها من قررت هجرهم و الرحيل فلا حقوق لها و لا وجود ، قرر ترك رقية لتهدأ يومين و الحديث مجدداً و هذه المرة سيضمن أن لا تقترب رنا من عائلته مجدداً أبداً .
ابتسمت مليكة لرؤيتها يزن الصغير يفتح الباب بمنزل بهيرة
" ترتدي منامتك يبدو أنك ستقضي ليلتك هنا أيها المتحذلق "
لينظر لها مستفهماً و ممتعضاً في الوقت ذاته
" هل تسبينني ؟ ما معني متحذلق تلك ؟"
لتضحك مليكة من غيظه الطفولي المحبب ذاك فقد كان مشاكساً بهدوئه و رزانته و تعليقاته التي لا تناسب سنه تماماً
" هذا ما تعنيه تماماً هو الذي يدعي أنه يفهم كل شيء و هو لا يفهم أي شيء "
ليضرب الأرض بقدميه و قد بدأ يغضب نوعاً ما لكن بهدوء أمه ، فهو لو لم يكن ابن رقية بالميلاد فهو ابن روحها قطعاً
" لا أدعي أنني أفهم كل شيء ، أنا طفل بالثامنة كيف أفهم كل شيء ؟"
لتضحك مليكة من جديد مغيظة إياه
" حسناً أنت لم تبلغ الثامنة بعد ، ثم أنك لو لم تقلها بلسانك فعيناك تخبرنا بذلك بوضوح "
ليضع يداه بخصره موبخاً إياها
" العيون لا تخبر و لا يمكنكِ محاسبتي علي كلمات لم أقلها و إلا أخبرت أمي و أبي و جدتي أنكِ تزعجينني "
لتضحك مطلقة لسانها خارجاً لتغيظه من جديد
" لا أحد منهما قادراً علي فعل شيء لي و لو فعلتها سأزيد من ازعاجك ، تذكر أنت من بدأ "
ليتأفف الصغير و يبتسم فجأة بلؤم طفولي لذيذ
" سأخبر خالي سليم فقد وبخكِ بشدة المرة الفائتة و هو قوي للغاية و يستطيع عقابكِ لو ضايقتني من جديد "
لتضيق عيناها في خبث و هي شبه ضاحكة من ذلك الصغير الفطن
" حسناً أعترف أن خالك سليم قوي لكنني الوحيدة القادرة علي هزمه تذكر ذلك دوماً يا يزن و الآن أين رقية ؟ "
ليجيبها و هو مازال غاضباً
" طبعاً لا تستطيعي هزمه فأنتِ ضعيفة و لكنني سأتجاهلكِ كما أخبرتني أمي أن أفعل مع المزعجين و مختلقي المشاكل ، هي بالغرفة رفقة جدتي بهيرة تناقشان شأن خاص و لا يُفترض إزعاجهم يمكنكِ الجلوس معي لكن دون صوت لأتمكن من التركيز بقطع البازل خاصتي "
ضحكت و هي تندمج معه تحاول مساعدته و عيناها تلمعان حباً و هي تكاد تفهم كيف أسر هذا الوسيم قلب رقية لتصنع له عائلة فوق جراحها كأنثى غير عابئة بأي شيء سوي حبه ، كان فعلاً يستحق ذلك الكم من الحب .
خرجت رقية و بهيرة من الغرفة بنفس توقيت دخول سليم حاملاً يزن يقبله و ما إن رآهما حتي أمر يزن باللعب في الغرفة ليتحدثا قليلاً
" أغلق الباب حبيبي سنتحدث قليلاً ثم أتفرغ تماماً لك "
بعد دقائق كان يؤنب رقية بحزمه المبالغ فيه أحياناً
" حسناً أنا لا أفهمكِ ، الرجل كان واضحاً في قراره ممنوع أن تتعاملي معها أنتِ أو الصغير فتدعين الطفل يقابلها و تحاولين جعله يخبأ هذا عن والده ، هل تعلمين مقدار أخطائكِ حتي الأن ؟"
لتستغفر مليكة في ضيق وسط نظرات سليم الحانقة
" لما تنظر لي هكذا ! أستغفر الله عن ذنوبي "
ليجيب في سخرية
" و كأنني لا أعرفك ، هذه إحدي طرقكِ للتعبير عن احتجاجكِ "
لترد في جرأة كعادتها داعمة من تحب
" هل إتصل بك ليشكو زوجته لك ؟ ماذا ستفعل لها يعني سترسلها له مثلاً بعد أن تشد أذنيها عقاباً لتلتزم بكلمته التي تنافي المنطق و الانسانية و الشرع أيضاً "
ليجيبها مشدداً علي كلماته
" أنا من تحدثت إليه يا مليكة و سألته عما حدث بعد أن أخبرتني رقية أنهما اختلفا و صرخ بوجهها و الرجل برر فعلته ، و ما المشكلة لو شددت أذنيها عقاباً فأنا مازلت أخيها و لي الحق في عتابها أو دعمها أو عقابها إذا لزم الأمر ، أنتِ تعرفين مكانة رقية عندي و لقد كلمته لأخبره برفضي لمعاملتها هكذا لا أحد يصرخ بوجهها في حياتي"
كادت أن تقفز من فرط ذهولها و حنقها في الوقت ذاته
" يا الله لأنها أختك لا أحد يقترب منها لكن أنا عرف الجيران بعودتي للبلد من صراخك بوجهي ، لقد كدت أن تضربني مرة و كنت دوماً تدفعني أمامك علي السلم كالمقبوض عليهم بجرم فاضح لكن أختك لا أحد يقربها "
ليجيبها و داخله متسلي من مظهرها المجنون ذاك
" و الله لو فعلت رقية عشر أفعالكِ لكنت قتلتها حرفياً لكنها نقضيكِ التام هي أصلاً لا تفعل ما يعارضني لكن أنتِ كتلة عناد و غباء و تهور و عفوية مبالغ فيها مع من يُسمح لكِ بالسلام عليهم من بعيد فقط "
لتهتف بهيرة منزعجة
" يا الله ألم ننتهي منكما ! ألا تكبران و لا تعرفان للنضج طريق ، هي و مجنونة و لن تتغير غالباً ، لكن أنت ما حجتك قلنا تزوج و سيعقل لكن هيهات "
ألقت بهيرة كلمتها الأخيرة عن قصد ليبهت وجه كليهما و الحقيقة المرة تلك تصفعهما بشدة ليعيد حديثه لرقية
" لم تُدخلين تلك المرأة بينكما يا رقية ، أنتِ لستِ نداً لها أبداً و لن تفهمي لما تخطط "
لتزفر في نفاذ صبر
" ألا تفهمون المرأة متزوجة و يبدو أنها تحبه حديثها عنه يتسم باحترام شديد و هذا الطفل هو ابنها و حقها أن تراه و لن أسمح بحرمانها منه أبداً ، و يوسف هو من أدخلني بينهما من البداية فلا يحق له أو لك أو لأي شخص كان لومي علي فعل ذلك و لن أمتنع عنه و أرجوك يا سليم أوصل له رسالتي و أخبره ألا يتصل بي هذا الأسبوع نهائياً و عندما أستطيع الحديث سأتصل أنا"
و بعد لحظات صمت ظهر يزن يستأذن الدخول
" لقد مللت جداً يا خالي ، هل انتهي حديثكم أريد مليكة الصغيرة و مليكة هذه لتلعبا معي لو أردتم أنتم الحديث وحدكم من جديد "
لترافقه مليكة مبتسمة
" حسناً المتوفر فقط مليكة هذه لكن الصغيرة عند جدتها لأمها لن تراها هذه الأيام للأسف "
ليقف فجأة و كأنها تذكر شيئاً مهماً فينظر لها بطرف عيناه
" هل ستلعبين معي لساعتين ؟ أم أخبر خالي سليم بأنكِ تقولين أنه ضعيف و تقدرين علي هزيمته "
كان صوته مسموعاً رغم محاولاته الهمس وسط ضحكاتهم الخافتة من تهديده لمليكة
" حسناً يا عميل الموساد رقم 101 سألعب معك شرط ألا تخبره أبداً ، اتفقنا "
ليبتسم الصبي منتصراً مزهواً بصفقته و يهمس من جديد
" لا تخافي سركِ بآمان طالما ستلعبين معي "
لينطلقا للغرفة و فجأة يعلو صوت سليم
" يزن "
" نعم خالو "
ليلتفت كلاهما لسليم في انتظار ما سيقوله ، ليثبت عيناه البندقيتين عليها مودعاً فيهما سنين حبه و شوقه الكبير
" هي الوحيدة القادرة علي هزيمتي ، يطيب لي السقوط أمامها و لأجلها ، هي أصلاً سر قوتي "
لينقل الصغير نظراته بينهما مستغرباً
" حسناً خالي سليم كلامك غريباً للغاية ، فقوتك سببها أنك تمارس الرياضة و تتناول طعاماً صحياً ، ما دخل مليكة بذلك ، ألم تخبريني بذلك أمي و تجبريني علي أكل البروكلي ، هل تكذبين ؟ الله سيعاقبكِ "
لتضحك رقية من ذلك الخلل الذي سيصيب دماغ ابنها من هذان المحتالان وسط امتعاض بهيرة من سير الأمور
" لا حبيبي مصدر قوة خالك هو الطعام الصحي الذي كانت تعده له مليكة قبل أن تسافر ، أليس كذلك سليم ؟"
ليجيب و مازالت أنظاره مثبتة نحوها
" أجل حبيبي قبل أن تسافر كنت قوياً بسببها "
لترتبك تحت وطأة نظراته فلطالما كانت قادرة علي مواجهة موجات غضبه و حنقه و حتي مرحه لكن تلك الذبذبات العميقة المغمورة بعاطفته تربكها ذلك الحب المتدفق من عيناه يهفو إليه قلبها رغماً عن إرادتها و رغبتها و كل المنطق !
" بالمناسبة أين سمية ؟"
ليجيبها ببساطة
" في زيارة لعائلتها ، هل تفتقدينها ؟"
لترد هازئة
" أمر الافتقاد تركته لك فهي من تتوسد ذراعك نائمة كل ليلة "
لتلمع عيناه بشقاوة و نفس تلك النظرات المربكة التي تتحدي كل الحواجز و السدود و تعود بهما لهناك لتلك الأيام التي كانا فيها عاشقين يتمرد كلاً منهما علي هوسه بالآخر
" لم يتوسد ذراعي سوي طفلة شقية كانت تتظاهر بالنوم لتبعد عني الفتيات "
لتغير بهيرة مجري الحديث من جديد
" سليم أريدك أن تتحدث مع أحمد و خالد وضعهم لا يعجبني و وضعك أيضاً لا أعرف من أنصح و بما ؟ كلكم توجعون قلبي لا يطمئني سوي أنني ما زرعت بينكم سوي المحبة و أنكم ستكونون دوماً سنداً لبعضكم البعض مهما تقلبت الأحوال بكم بإذن الله ، حبكم هذا ثمرة العمر الرابحة الوحيدة أدامه الله ، ها هي سلمي قد جاءت ، هي أيضاً حالها لا يعجبني "
لترتبك كعادتها مؤخراً
" ما به حالي جدتي ؟ أنا جيدة الحمد لله "
ليطالعها الجميع شاعرين بذلك التوتر الذي أصبح يلازمها و يصبغ حياتها كلها
" حسناً أنا أيضاً أشعر بشيء لا يريحني يا سلمي و أتمني أن تخبريني به أنتِ لأنني لو كشفته و لم يعجبني لن أرحمكِ "
لتظهر مليكة فجأة شبه راكضة خارج الغرفة تاركة الصغير و هي تصرخ به
" قل لي متي سنتخلص من تسلطك ذاك ؟ ألن تنتهي ؟ لديك زوجة مارس ذلك عليها و عليها فقط ، الفتاة متوترة و هذا يهددها ، ستجعلنا نتمني الخروج متزوجات من ذلك المنزل فقط هرباً منك "
لتلتقي عيناهما في لمحة غضب سريعة تتألق بمحياه الوسيم سرعان ما تداركها مكملاً بعبث
" فلتهربي ما شئتِ عن عيناي فإنكِ في الضلوع تسافرين، ذكرني الهروب بمقولة فاروق جويدة كنتِ تحبينه في الخامسة عشر جداً كانت فترة الشعر خاصتكِ"
لتتنهد في ابتسامة كم يحفظها ذلك الأحمق المغرور الذي أفسد بغبائه عشقاً لم تفهم هي برعونتها مدي عمقه
" وقتها جربت الكتابة أيضاً، كانت أياماً جميلة ، بالمناسبة متي ستعود زوجتك ؟ لست أحشر أنفي طبعاً لا يليق ذلك بي لكن ياسمين فرت من أحمد و هديل تنفث دخاناً كالتنين من خالد لكن أنت و زوجتك عصفوري هذا المنزل الحالمين الملتزقين بالمنزل و العمل و الله وحده أعلم أين أيضاً ؟ هل تلصق نفسك بكرسي في المطبخ و هي تحضر الطعام ؟ أم تحضره أنت ؟ لا اتخيلك رومانسياً "
ليزفر بضيق من استفزازها المتعمد و كأنها تهوي إيلام كلاهما
" كفاكِ استفزازاً مليكة ، كفي عن ذلك الهذيان توقفي "
لترد بنفس الاستفزاز و دمعة تحاول التمرد من عينيها و تهددها بالهطول بأي لحظة
" هل الكلام عن زوجتك استفزازاً ، أم تطورت غيرتك فتغار عليها من همسنا ، عهدت غيرتك مبالغ فيها دوماً و مجنونة لكن لم أتخيلها مريضة "
لتكمل كلماتها وسط لمعان الغضب بعينيه ، فوجوده الدائم بمنزل الجدة و محاصرته لها بنظراته العامرة بالشوق و ذلك الشيء الخائن بقلبها الذي مازال ينبض له يرعبها ، لقد تركها لأخري فكيف تتقبل تقربه ذاك !
" بالمناسبة ألا تجد أنك أصبحت تشرفنا بحضورك أكتر من العادة أو يمكننا القول أضعاف العادة ، هل تربطك بالسرير لو تجاوزت الساعة هنا ، عفواً لا أقصد طبعاً شيء بذيء ، رغم تلميحات زوجتك الفجة "
سحبها فجأة جاذباً إياها قربه و براكين عيناه المشتعلة تحاول حرقها ، لكنها كانت كخرقة ممزقة لن يزيدها الاشتعال شيئاً فهي مهشمة من الأساس لا تصلح لشيء فالعطب بداخلها كل مدي يستفحل فالعودة كانت قاسية رغم كل تلك السنوات التي أعدت نفسها فيها لها
" توقفي عن هذيانكِ هذا ، توقفي قبل أن أفقد أعصابي حقاً ، تلعبين دور الضحية بامتياز ، من ركض ورائكِ كالأبله لتعطيه فرصة ليثبت حبه من تذلل لكِ و سافر مرات و مئات المكالمات و الرسائل حتي حظرتني من كل حساباتكِ ، من تعمدتِ إثارة أقصي جنونه و نيران غيرته ، من أغلقتِ بوجهه كل أبوابكِ و رحلتي ، نعم أنا أدخلت سمية بيننا ثأراً لكرامتي ، لقد أخبرتني بحبها في الوقت التي كنتي تدفعيني فيه دفعاً كأحمق مهوس يطاردكِ و مع ذلك كان الأحمق مولعاً حتي برفضك و لكنها أصرت أن نجرب الخطبة فلو عدتِ فلا فرصة لها و لو ظللتِ بعالمكِ و حياتك فهي تستحق المحاولة ، يشهد الله أنني للحظة الأخيرة انتظرتكِ لكنكِ صممتِ علي أن تضربي بقدميكِ كل ذلك العشق الذي حملته بداخلي و تعودين الآن بعد سنوات كطفلة مدللة و تسخرين مني ، أنا الذي ألقيت نفسي في نار بين امرأة تحبني و أخري حمقاء أنا مجنون بحبها منذ خُلقت ، لكن أنتِ عشتِ بعيداً حياة غنية بكل التجارب و الشخوص و الغبي لا يملك سلطاناً علي قلبه و يسافر لساعات ليراكِ من بعيد ، أنا أتلصص علي حسابك من هاتف زوجتي كالمراهقين ، إياكِ أن تعاملي نفسكِ كضحية لو كنت مخطيء فأنتِ من بدأ بحفر تلك البركة الموحلة التي غرقنا فيها كلنا "
كانت يداه تزداد حدة علي ذراعها الغض و كأنه يريد النفاذ لعظامها مباشرة يودعها غضبه علها تشعر حقاً بما فعلته و دفعته لفعله و ما حدث لهما سوياً من جراء غبائهم .
" ستكسر ذراعي اتركني ، تؤلمني توقف عن تعنيفي "
ليزفر من بين أسنانه بينما يقف الجميع مشدوهاً لا أحد منهم يستطيع النطق من رهبة تلك المواجهة فتلك لحظتهم الخاصة الخاصة جداً فرغم ألمهم لأجلهم لا أحد يملك حلاً لكن سلمي يجلدها الذنب بقسوة حتي أن عيناها فاضتا بدموع ندم عميق لا تعرف كيف تمحوه من داخلها و كيف تتعامل مع نفسها التي كانت سبباً في التفرقة بين إثنان من أغلي الناس بحياتها
" سأكسر رأسكِ أيضاً ليتني لم أستسلم لسلطان الكبرياء و فرضت عليكِ الزواج كما كنت أفرض عليكِ ما في صالحكِ دوماً ، أنا الغبي فعلاً ليس خطأكِ ، كنتِ مجرد طفلة بلهاء و يبدو أنكِ مازلتي و مازال قلبي كله لكِ لا أملك عليه سيطرة "
لتصرخ مهتاجة و هي تضرب صدره بعنف
" توقف إياك أن تكمل ، ذلك هذيان و وقاحة ، قلب ماذا قلب ماذا ؟ هي تسكن سريرك و أوراقك الثبوتية و ممكن أن تكون حامل بطفلك ، قلب ماذا ؟ ماذا تريد مني ؟ ماذا ستفعل بي ؟ لن أكون شادية الخاصة بك ، لن أكون الثانية لن أخطف بقاياك حتي لو ملكت قلبك ، لن تفعل بي هذا ، توقف عن تحقيري ، لا أريد حبك و لا أريد وجودك كله عطرك أصبح يخنقني لأنني كالمجاذيب أحفظه هو و رائحة جسدك و تصفيفة شعرك وقت الملل و السحر الكامن بعيناك عندما تتحدث بشغف ، وجودك يعيق حياتي و أنا وحيدة بلا أب أو أم أو إخوة و أريدك بعيداً لأبني عائلتي الخاصة "
لتركض لشقتها و هي واضعة حجابها كيفما إتفق فقد كانت المواجهة أكبر من احتمالها فلقد حمدت الله علي ثباتها كل تلك الفترة حفظاً لكرامتها لكن اليوم كل شيء انهار علي مرآي من الجميع فليرحمها الله من نظرات الشفقة لن تطيق ذلك أيضاً فوق جرحها و يتمها و كرامتها المهدرة فهي رغم كل شيء ابنة امرأة يدرك حبيبها أنها خانت عمه .
**********
" سمية أنا أريد دفعة أخري من المال و إلا سأضطر للجوء للصغيرة سلمي المرتعدة فتعطيني هي بدلاً منكِ"
كانت تنظر لإبن خالتها الجشع نظرة كلها قرف فقد رسم ذلك السم الذي يتعطاه معالمه علي وجهه فأصبح أكثر دونية مما هو عليه ، فلطالما كان يشبهها هو و أمه لكنهم أقل حنكة منها فيطفح داخلهم الأسود علي وجههم بوضوح ، فقد تقربت لسلمي في فترة باستثارة تعاطفها و تملقها و استطاعت النفاذ لأعماقها لإنشغال إخوتها و حتي سليم عنها و هيأت ذلك القذر بكل ما يلزمه ليوقعها بحبه فكانت تساعده في كشف خباياها و ما تحب و تحسها علي التقرب منه و طبعاً دعمه مادياً حتي لا تظهر حقيقته أمام سلمي التي لم تكن لتتقبل أن تحاول مع أحداً خارج دائرتهم الاجتماعية ، دوماً سمية حذرة ماهرة في حياكة الخطط و راوية قصص ممتازة كانت حتي بطفولتها تهرب من عواقب أفعالها بإلصاقها بالآخرين حتي لو تسببت في العقاب لهناء علي فعلة لم ترتكبها .
" ألم تشبع بعد ؟ أعطيتك أكثر من مرة و قد مللت حقاً ذلك الموضوع ، هل تعتقد أنك لو ظهرت لسلمي بشخصيتك الحقيقية سترحب بك ! أنت تهذي و تحلم بالوقت نفسه "
ليضحك ساخراً بصوته المهتز جراء ما يتعاطه فيبدو دوماً لا يعي تماماً التوقيت و لا يدرك ما يتفوه به ادراكاً تاماً
" لن أعود لها راكعاً طالباً حبها فأنا علي عكسك لا أستجدي الحب بل سأهددها "
لتصرخ بوجهه فاقدة قناع الهدوء الذي ترتديه دوماً رفقته هو و أمه لأنها تعلم جيداً أنها لو أشعرتهم بضعفها لحظة لانقضوا عليها
" أنت فقط تستجدي المال و ذلك السم الذي تشربه ، تقبل يد الشيطان لو أعطاك بضع جنيهات ، اياك أن تتخطي حدودك معي مرة أخري "
ليضحك مجلجلاً هازئاً منها لتنقبض ملامح وجهها في توتر من وقاحته تلك و كأن الوعي يظهر عليه ضدها هي فقط
" لا شيء لدي لأبكي عليه يا سمية لكن لو تكلمت أنا ستخسرين كل ما جاهدتي كالمجنونة للحفاظ عليه ، ثم أن ما أطلبه لا يعد شيئاً أمام ما تملكه زوجة سليم سالم ، و أعرف أن سليم يغدق عليكي من أمواله ، هل هناك ما يحاول تعويضه من خلال المال ؟ مثلاً لا ينجب "
إلا الانجاب تلك النقطة تؤذيها تجلد قلبها شرطه ألا يجمعهم طفل إلا عندما يقرر هو التي وافقت عليه مكرهة كانت تعلم أنه لا يريد الالتزام معها بطفل لا يعرف مصيره لو تركها ، كان دوماً احتمال تركه لها الاقوي مما جعل روحها تهفو لطفل ليضمن لها وجوده نسبياً و أمومتها تصرخ مطالبة بابن ، لقد تخلي عن احتياطاته لليلة واحدة عطفاً علي انهيارها لكن لم يكررها و هي تأكدت من عدم حملها فقررت الذهاب لاهلها لفترة لتحل هذا الأمر ، يجب أن تصبح حاملاً و يجمعهما معاً طفل ليصبحا أسرة ، أسرة لن تقبل مليكة هدمها حتي لو أراد هو
" اخرس يا حقير سأعطيك خمسة آلاف فقط لا غير و لن تطلب مني مجدداً و انسي التواصل مع سلمي نهائياً لو علم أحداً من عائلتها ما فعلته معها سيقتلك "
ليضحك من جديد بنفس السخرية الكريهة و رائحة فمه المنفرة تثير تقززها ، هل كانت أمها تريدها حقاً أن تظل هنا بينهم في هذا الوسط المتدني ، لا يناسبها مطلقاً و لن تعيش فيه و لن تعود له مهما تطلب الأمر
" اجعليهم عشرين ألف سأشارك بمشروع مع أصدقائي ليوفر لي دخلاً كي لا أزعجكِ مجدداً ، و لو إقترب مني أحدهم لن أتردد لحظة في إخبارهم أن زوجة الحفيد الذهبي هي من حاكت كل ذلك حتي هي من كانت تتواصل الكترونياً مع سلمي ما كنت سوي واجهة و قابلتها ثلاث مرات متدرباً علي حوار من ابداعك و من خبرتي المتواضعة رجل كزوجكِ متي شعر بأن زوجته تخدعه و تؤذي عائلته لن يرحمكِ و لو قبلتي قدماه فلا تتبجحي معي أنتِ من لديكِ الكثير لتخافي عليه ، أنا أعرف أن نهايتي السجن أو الموت "
لتلمع عيناها فجأة كضاري وجد فريسته في مرمي صيده و لحظات و تصبح بين أنيابه متلذذاً بها في جشع
" أنت إبن خالتي مهما حدث و لا أتواني عن اعطائك كل ما تريد مقابل مساعدتكِ لي طبعاً لكنني لا أملك سحب كل تلك الأموال مرة واحدة فسليم رغم كرمه معي لكنه يسألني احياناً لو زاد سحبي عن المألوف ، عموماً لدي موضوع حرج يخص صديقة تملك من المال ما يفيض و لو ساعدتها ستكرمك كثيراً أكبر مما تتخيل ، هي مساعدة لاغراض بحثية بحتة ،..... "
لتشرح له في هدوء مصطنع أنه تريد منه التبرع لأجل العلم و هي ترتعد من أن يشعر بشيء من مخططها فلو تم كشف أمر حملها من ذلك المعتوه يوماً فسيعذبها سليم قبل قتلها لن يزهق روحها بسهولة ، لكنها لن تخسر حياتها ستقبل كل تلك المغامرات علها تفلح و يصبح لها للأبد رفقة طفلهم
" مدام ذلك لأجل العلم أنا موافق طبعاً ، نحن خدام العلم يا ابنة خالتي ، لكن لن اقبل بأقل من أربعين ألف "
لتبتسم متوترة تجاهد لاخفاء خوفها و فرحها بالوقت ذاته
" ستحصل علي ستون أو حتي مائة لو نجح الأمر ، ألم أخبرك أن صديقتي تلك لديها ما يزيد عن حاجتها و يفيض "
رتبت في ذهنها الاجراءات فكانت تعرف طبيباً نسائياً مشهوراً بكونه يعمل في القضايا المنحلة من إجهاض غير قانوني و إعادة عذرية و ما إلي ذلك من المحرمات يمكنها ترتيب تبرع ذلك الوغد معه لتقوم بالحقن و يظهر ذلك كله أمام سليم كحمل طبيعي ، كانت تتلظي بنيران أنه هناك وحده رفقة الحقيرة مليكة و يمكن أن يعود ما بينهما بسهولة كونها بعيدة لكنها تعلم جيداً كم تملك مليكة من كبرياء سيمنعها و كم تتسم سلمي بالجبن فلن تنطق و كم يتحلي سليم بالخوف من الله فلن يقدم علي حراماً أو خداع ، ستعود سريعاً رفقة جنين في أحشائها يضمن بيتها للأبد و يُبعد مليكة عن طريقها كما تتمني ، ستتركهم يتسلون قليلاً لتعود و تنهي كل تلك المهازل و تصبح سيدة تلك العائلة بحق .
***********
بعد أسبوعين من غيابها عن المنزل و لا اتصالات بينهما سوي قدومه لرؤية الصغيرة‏ ،وجدته فجأة أمامها و رغم كل ما عقدت عزمها عليه هفت روحها الخائنة لسحر حضوره للحظات حتي تمالكت نفسها لتلاحظ غضبه المتوقع
" أليس لديكِ زوج ليأذن لكِ قبل أن يصدح صوتكِ من مذياع سيارته ليشعر نفسه كالمغفل ! هل سمحت لكِ ؟ أين مليكة ؟ كيف تجرأتي علي كسر كلمتي ؟ "
لتتلفت حولها في وجل و خجل من صوته العالي لتري لو كان أحداً يراقبهما
" ما بك تصرخ هكذا ؟ ستفضحنا ، أخفض صوتك رجاء سأغلق الباب لنتفاهم "
لتغلق الباب تحت نيران نظراته كانت مختلفة و هذا يوتره لطالما ارتاح أن حبه لها عميقاً بداخله و ما يظهر فقط قشوره كان يري في غيرته الشديدة باباً للضعف لا يطيقه فلطالما كان يري الرجل الذي يكشف نفسه حتي لحبيبته يعيطها مفتاحاً لايلامه لاحقاً هو نفسه كان ينتقم من سليم كلما أزعجه باثارة غيرته علي مليكة ، كان يهدأ و يشعر أنه أخذ حقه عندما يبصر الغابات المشتعلة بعينا ابن عمه الأكبر ، لقد أحب بياسمين حبها له أولاً ثم أحبها لكل ما هي عليه كانت حقاً جميلة ياسمينا المتهورة و العاشقة بالوقت نفسه لقد غيرت جلدها كله لترضيه كانت تتلهف لاي ملاحظة منه لتنفذها دون تردد علي عكسه تماماً كان لا يقبل تغيير تصرف واحد لأجلها مردداً دوماً أنكِ أحببتني و أردتِ الزواج مني و أنا هكذا و سأظل ، لكنها هي لم تظل للأسف الياسمينا العطرة العبقة بحب لا ينتهي بل تمردت و الله وحده يعلم أنه سيكبح جماح ذلك التمرد الوليد مهما كلف الأمر فهي ياسمينته هو فقط و لن تعطر حياة أحد سواه .
" علي ماذا نتفاهم تحديداً ؟ هل سمحت لكِ بالعمل ؟"
لترد و هي مازالت متوترة من غضبه في مكان عملها الجديد فلطالما حافظت علي مظهرها العام و لا تحبذ الفضائح الاجتماعية أبداً أو يمكن القول تحبذها كنميمة مسلية لكن أن تكون بطلتها ! لا و الف لا .
" حسناً لقد أرسلتني حرفياً لمنزل أهلي لأنني أصررت علي العمل ، ثانياً لا أحتاج إذنك فهذا عمل العائلة فالقناة ملك لصديق أبي و أبي شريك بنسبة عشرون بالمئة فيها و أنت بنفسك سمحت لي بالعمل في سلسلتكم لكنني فضلت العمل مع عائلتي أنا ، ما الفرق ؟"
ليضحك ساخراً من أسلوبها كانت فعلاً مختلفة فياسمين لم تكن ماكرة يوماً و لا متلاعبة كانت متهورة صريحة سخيفة لكن متلاعبة أبداً ، يبدو أنها أغفلها كثيراً لكنه سيعوض كل ذلك كل شيء .
" تتلاعبين بي و بأوامري ياسمين ، أين الطفلة هل سمحت لكِ بشيء يخصها أيضاً علي ما أتذكر لم أوافق علي إدخالها لحضانة ؟"
لترد ببساطة مغيظة
" الصغيرة مع أمي وافقت علي رعايتها وقت عملي رفقة المربية و لا تقلق لا تغيبان عن نظر أمي و لو للحظة ، لا قرار لي فيما يخص مليكة وحدي أبداً قرارتنا مشتركة كما اتفقنا منذ اليوم الاول ، علي ذكر الأوامر منذ متي كان لها وجود بيننا ، ألم تخبرني أننا سنحيا متفاهمين و لا اجبار لاحد علي شيء ، هل أتدخل بعملك ؟ مطلقاً ، أتمني منك المثل رجاء "
ليقتحم المكتب فجأة ياسر ابن صديق والدها و رفيق طفولتها و مدير القناة كان يكبرها بأعوام لكن قضيا فترة من طفولتهما سوياً فجمع بينهم نوعاً من الود المتبادل
" ياسمينا الحلقة هائلة ، كنتِ رائعة بحق رائعة "
لينهض من كرسييه ببطء نازعاً عن وجهه علامات التحضر و اللامبالاة التي يفضلها عائداً لطبيعته رجل يحب و بجنون !
" ياسمينا ! لا أجد ذلك التباسط مهنياً أبداً و كوني زوج الياسمينا لا أفضله "
ليبتسم ياسر متجاهلاً تلك الشرارات في ود
" ليست علاقتنا مهنية ، أنا ياسر ابن صديق والدها السيد ناصر لابد أنك تعرفه من حماك فهما الصديقان الأفضل علي الاطلاق علي مر السنوات ، لم نتقابل من قبل لأهنئك فقد قطفت الياسمينا الأجمل علي الإطلاق ، مبارك لك "
ليتركهم في هدوئه المناقض تماماً لما يعتمل في صدرهما معاً هو تكاد تهلكه الغيرة المكتومة و هي مرتابة لرد فعله القادم
" الليلة سآتي لنعود لبيتنا و هناك سنتفاهم حول كل تلك المهازل ياسمينا ، في الثامنة تكونين جاهزة رفقة الصغيرة و إلا سترين رد فعل لا يناسب كلينا ، هل كلامي مفهوم ؟"
لتبلع ريقها في وجل و تحاول استجماع شجاعتها فأحمد ينطبق عليه الحليم اذا غضب تماماً ، فنوبات غضبه نادرة للغاية لكنها مميتة
" لكنك شبه طردتي من بيتنا ذاك و لم تسترضيني حتي الآن ! أريد وقتاً لنتفاهم في بيت والدي و لو وصلنا لحل سأعود معك "
ليهمس من بين أسنانه المطبقة
" سأكون عندكم في الثامنة كوني جاهزة لا تغضبيني أكثر"
مازالت مجروحة من الطريقة التي يعاملها بها كالطرف المضمون بتلك العلاقة كلعبة لن تمل و تهرب لن تُعاقب بالهجر فأمن قربها و فرض عليها كل قوانينه هو ببرودة أعصاب مهينة حتي عندما فكرت في التمرد و المطالبة بحق واحد من حقوقها لم يرحمها بل لفظها بعيداً حتي تقرر هي بخنوع العودة لكنها ليست مستعدة أبداً للعودة صاغرة الآن ، لن تعود سوي بتغيره و تقديره لكد ذلك الحب و التفاني التي تحملهما له .
تحدثت مع والدها أن يكلمه لأنها تحتاج للمزيد من الوقت فهو يحترم أهلها كما تحترم هي أهله و لن يرفض طلب خصوصاً و أن لا أحد يعلم سبب خلافهم فقط أنهما منزعجين من أحدهما الآخر بسبب توترها من رعاية مليكة الشقية و ستقضي فترة عند والدها لتهدأ و يعتنوا بها .
لتجده يبعث لها برسالة غاضبة بعد أن تجاهلت اتصاله
" حسناً يا ياسمين لقد أوصلتني لمرحلة من الغضب لن تتخيليها باحراجكِ لي مع والدكِ ، و عقابكِ علي كل تلك الحماقات سيتضاعف كلما غبتي ، سأدعكِ حتي تعودي وحدكِ و لكنني لن أنسي كل هذه التصرفات أبداً و ستدفعين الثمن باهظاً صدقيني "
وترتها الرسالة لكنها تجاهلتها فقد ملت من تلك الحياة و تغاضيه عن أقل متطلباتها مرتاحاً لأنها تعشقه و حلمت دوماً بالزواج منه مفنية كيانها فيه حتي أصبحت فقط زوجة أحمد و أم مليكة لا ياسمينا العطرة .
كان يذرع صالة الاستقبال بمنزل والديه في توتر يحاول تدارك غضبه فهو لا يحب كشف مشاعره أمام أمه حتي
" أحمد هل يمكننا التحدث في غرفتي قليلاً ؟"
ليطالعها مستغرباً طلبها فلحقها بصمت لغرفتها
" ما الأمر سلمي ؟"
كانت ترتجف فعلياً و قد اختارت أن تخفف من وطأة الذنب الذي يثقل كاهلها بالاعتراف و اختارت أحمد دوناً عن الجميع لأنه أكثرهم تفاهماً فهو الوحيد الذي لم يعقب يوماً علي تصرفاتها و لم يعطيها محاضرات عن إرتداء الحجاب و لا حتي أنبها عن سقوطها بالفترة الاخيرة و تعثرها الدراسي المفاجيء كان دائم الدعم لطيفاً لكنها أبصرت غضباً أسوداً بعيناه و مع ذلك أرجعت الأمر لخوفها هي فتخيلت ذلك منه و نظرت له تتوسله بعيناها لتبدأ الحكي ....
**********
" يا الله لا أصدق أنك هنا بعد كل تلك السنوات ، كيف عدت أصلاً ؟ "
ليبتسم لابنة عمته الجميلة لطالما أحب الفتيات ذوات العيون الذكية و جمالها كله ينبض من عيناها الشغوفة الذكية الدافئة تتغير تعبيرات عيناها في لحظة من شغف لشقاوة لحنو لغضب كانت كتلة مشاعر متحركة تثير بالنفس الحماس ، كانت رغم اعتمادها للاسود مؤخراً تنبض بالحياة ، فتاة شهية لذيذة جمالها يكمن في انها مثيرة للدهشة و تملك جسداً خُلق من فتنة و عيون طفلة مشاغبة لن تكبر أبداً
" شركتي فتحت فرعاً بالقاهرة و لأنني الوحيد بين الشركاء الذي يحمل جنسية هذا الوطن فكان الاختيار المنطقي للادارة يقع علي حتي نثبت أنفسنا بذلك السوق و سأعود بعدها "
لتضحك في شقاوة
" ما بالك تصبح عربياً فجأة تخشي العين و الحسد ، هل تحتاج شركتكم لاثبات أنا أضع أحمر الشفاه الخاص بكم و عندما ينتهي أشتريه عبر الانترنت من جديد فأنا أول زبائنكم الدائمين و يمكن أيضاً أن تكون مجموعة صيدلياتنا منافذ بيع لبعض منتجاتكم ، لو أحببت "
ليضحك من مهارة الصغيرة و مزاحها الدائم فلم يشعر بمرور ساعتين منذ دخل مكتبها معرفاً عن نفسه
" تبدين كسيدة أعمال ماهرة "
لترفع عيناها للأعلى في زهو و شموخ
" أنا فعلاً سيدة أعمال ماهرة ، لست وحدك يا ابن خالي الناجح هنا ، ألم تلاحظ بجدية أنني أستعمل أحمر الشفاه الخاص بشركتك ، أدفع كل ذلك المبلغ و أنت نفسك لا تلاحظه "
لتقرب شفتاها منه و تمدها للأمام
" ركز جيداً يبدو مختلفاً بطريقة ما "
ليضحك من جديد علي أنوثتها المحيرة فهي جذابة بطفولية لكن في لحظة تتحول عيناها لساحرة مغوية في تمام النضج
" يبدو مختلفاً لأنه يلامس شفتاكِ فقط يزيدونه جمالاً "
لتشهق لمرأي سليم عاقداً ذراعيه أمام صدره في غضب فبعد المواجهة التي حدثت بينهما تجاهلها صباحاً و تحدث معها و تعامل كأن شيئاً لم يكن و هي قامت بمجاراته فمهما حدث لن تقوي علي مقاطعته من جديد ، لم تندهش فسليم دوماً غاضب أصلاً فلما ترتجف كل مرة يا تري و تخونها شجاعتها ؟ هي نفسها لا تفهم لكن المشهد الذي دخل به كالعادة كان مريباً و كأن تلك الروايات التي تداوم قرائتها قد نحست حياتها لتصبح درامية مبكية أكثر منها
" سليم مرحباً هذا قصي ابن خالي عبد العزيز لقد عاد من الخارج حيث يعيش منذ سنوات مع أمه و كنا نتحدث عن شركته "
ليجيبها مشدداً علي كلماته
" شركته أم أحمر شفاهكِ ؟"
لترد و هي ترمقه بنظرات مستعطفة ليسلم علي قصي و لا يحرجها معه
" المفارقة المضحكة أن شركته هي المصنعة لأحمر شفاهي المفضل "
ليقف قصي بدبلوماسية ليسلم عليه معرفاً عن نفسه ليبادله سليم التعارف في رسمية بالغة
" حسناً يبدو أن مديرك غاضب لتعطيلى إياكِ لساعتين بعيداً عن عملكِ ، و أنا أعتذر حقاً لا يبدو ذلك مهنياً أبداً ، سأحدثكِ مساء لنحدد موعداً للعشاء سوياً لنستعيد الماضي ابنة العمة "
و ما إن خرج بعد سلامه عليها و سليم يلاحقه بنظراته حتي اختفت من أمامه و هو يغلق الباب خلف الضيف حتي لمحها تحت طاولة مكتبها
" ماذا تفعلين تحديداً ؟"
لترد بملل
" ألا تري شكل وجهك ؟ عظامي تؤلمني و لم أحصل علي نوم كافٍ ليلة أمس و لن أتحمل حركاتك العنيفة "
ليرد من بين أسنانه حانقاً علي تلك المدللة التي لن تكبر أبداً
" و تعترفين بخطأكِ ؟"
لترد و هي ترفع رأسها فجأة ليصطدم بأسفل مكتبها
" أي خطأ ؟ أنت تعنفني سواء أخطأت أم لا ؟ أنت تحدثني غالباً كمجرمة مقبوض عليها مشدداً علي ذراعاي الجميلتان حتي أن عضلاتهما تبغضك حقاً تسميناك المؤذي "
ليبتسم و هو يحاول كبتها
" عضلات ذراعيكِ يطلقان عليّ أسماء "
لتجيبه ببساطة و كأنها تتحدث بأمر جدي و طبيعي
" من فرط ما نالهما خرجا عن شعورهما كان الله بعونهما ، هذا ابن خالي و لم أره لسنوات سليم و كنا نتحدث عن العائلة و طفولتنا لا أكثر و حدثته عن أحمر شفاهي لأنه شريك بالشركة المصنعة و مدير فرعها الجديد بالبلد حتي أنني عرضت عليه أن نتعامل معهم "
لا يعرف كيف يبرر غيرته المشتعلة من ذلك القصي لقد أثار زوابع بداخله لا يعرف مبرراً لها لكنه يوتره
" حسناً انهضي من مكانكِ ،و عندما أطلبكِ بالعمل لا تتجاهليني لمقابلات شخصية ، كلامي مفهوم ؟"
لتظهر رأسها من تحت الطاولة للخارج تتأمل وجهه
" أعطيني الأمان أولاً ، لم ألحظ هاتفي أعتذر "
" انهضي مليكة حالاً و عودي لعملك ، سأصطحبكِ بطريقي للمنزل "
لتجيبه و هي تعدل هندامها
" لا سأذهب لغنوة و سأستلم سيارتي الجديدة غداً لقد تأخرت لأن اللون لم يكن متوفراً فقط ، سأرحمكم و أرحم نفسي من عناء اصطحابي "
ليجيب في صوت حنون هامس
" لطالما كان اصطحابكِ ممتعاً لي منذ كنتِ مراهقة متمردة حتي غدوتِ امرأة جميلة تخطف العين حتي أوشك علي تخبئتها بداخلي "
لتصمت متجاهلة كلماته و تعبث بأوراق أمام مكتبها متشاغلة ليخرج في هدوء يناقض نيران قلبه المشتعل عشقاً .
تجاهلت رسالة والدتها كالعادة و قلبها يأن شوقاً و غضباً بالوقت نفسه و عادت لعملها متجاهلة زوبعة المشاعر التي يثيرها كلاهما سليم و أمها .
****************
تفاجأ بصادق يُنقل لنفس قسمه بعد أن عاد من الاجازة فلم يلتقيا مجدداً بعد ما حدث بينهما يوم عقد قرانه علي غنوة لقد تقاتلا في الشارع كالهمج
" مبارك يا عريس "
كانت نبرته ساخرة مستفزة ليقابلها هو بنظرات سوداء تحمل غضباً مدفوناً
" شكراً "
ليرسم الاستفزاز بنظراته أكثر متعمداً النظر بسخرية
" كيف حال غنوة ؟ "
ليشدد عمر علي كلماته
" لا أحبذ التحدث عن زوجتي و خاصة باسمها مجرداً ، راعي الألقاب رجاء و الزم حدودك "
ليضحك مقهقهاً و يعود لنفس نظرات السخرية
" زوجتك تلك طليقتي و كنت أعرفها لسنوات قبلها و أحدثها أمامك باسمها مجرداً بل و أمزح معها "
ليزفر في حنق و قد بدأ يفقد أعصابه حقاً من كل ذلك الاستفزاز
" كانت خطيبتك فقط ، و قد انتهي ذلك كله و هي الآن زوجتي و لا أسمح لك أو لغيرك بالحديث عنها حتي تلميحاً "
ليرد في ثبات و هو ينهض
" يبدو أن ذاكرتك لا تسعفك ، لقد كانت زوجتي شرعاً و قد حضرت بنفسك دون دعوة عقد قراننا ، و انت اكثر من يعلم كيف يحول عقد القران العلاقة لحميمية أكثر بكثير من مجرد خطبة ، لديك طفل من عقد قران ، أنا طبعاً لا ألمح أن غنوة تشبه زوجتك السابقة أبداً ، لكنني كنت رجلاً و مازلت و هي كانت حلالي و لطالما اختلينا سوياً كونها كانت تعيش وحيدة "
ليقاطعه و هو ينهض ممسكاً بقميصه
" سيرة زوجتي تُمحي من ذاكرتك تماماً ، أتفهم ؟"
ليجيبه في أسف مغيظ
" حسناً أنا أسف و أقدر غضبك لن أذكر غنوة مجدداً بيننا ، مبارك مرة ثانية يا عريس فقد ظفرت حقاً بخيرة النساء "
و خرج راسماً ابتسامة عميقة علي شفتاه مرتاحاً لأنه يرد لكمة متأخرة لكن شيئاً من الذنب كان يكمن في نفسه فهو لم يكن يوماً انتقامياً هكذا لكن ما قساه بسببهما لم يكن قليلاً فليذوقا بعضه .
كان يغلي غضباً من تلميحات ذلك الحقير لكنه لا يملك أي مبرر لعقابه أو عقابها فقد كانت فعلياً حلاله ، لكن كيف تجرأت أن تسمح له بالتباسط هكذا و هو لم يتم زواجه منها بعد ! كان يجد المبرر تلو الآخر لها لكن غيرته كانت ذات الصوت الأعلي من كل تلك المبررات فحماقتها هي من أدخلتهم بتلك الدائرة فوجد نفسه يبعث لها برسالة أنه سيقضي الليلة بالعمل ليقيها نيران غضبه الليلة فلن تتحملها .
تنهدت مليكة متأملة محياها المبتسم فور وردتها رسالته
" هل تلمع عيناكي لمجرد أن وردتكِ رسالة منه لم تقرأيها بعد ، يبدو أنه قد فاتني الكثير "
لتبتسم بعد أن عضت علي شفتيها بانزعاج بسيط
" سيبيت الليلة بمكتبه ، يتعب كثيراً بذلك العمل لكنه مولع به "
لتبتسم مليكة من جديد مغيظة اياها
" غداً دلليه بجلسة تدليك تنسيه ليلة المكتب البائسة با حنونة "
" يا الله لو لم تستفزيني ستموتين ، عمر أصبح رائعاً معي تلك الفترة مهما عمدت لاستفزازه يحتويني و علاقتي بالصغير جميلة أيضاً ، صحيح يزعجني طريقة عمر الحادة أحياناً معه لكنني أقف بصفه دوماً و عمر أحياناً يتفهم و أحياناً لا لكن هناك تطور رائع بكل شيء أحتاج فقط أن أنسي الماضي مليكة أنسي كلماتها و تحقيري أنسي الدونية التي حفرتها عميقاً بداخلي "
لتجيبها مليكة بجدية مشددة علي يديها
" لا تدمري حياتكِ و فرصتكِ للعيش مع الرجل الوحيد الذي أحببته لتدفنى نفسكِ في هراء الماضي ، لقد أذتكِ فعلاً لكن ما ذنبه هو ؟ هو لم يعلم شيئاً و سامحكِ علي أفعالكِ دون أن يعرف لها سبباً ، فاتركي ذلك الماضي يموت معها ، انسيها ، يمكنكِ حتي مع الوقت أن تطلبي منه الانتقال من هنا ، اغتنمي فرصتكِ للسعادة يا غنوة لا تضيعيها مثلي أرجوكِ "
**********
" خالد ! "
كانت مندهشة لوقفته تلك كسد منيع أمام الباب بعد أن أغلقه بالمفتاح و هي في طريقها للخارج
" لا أريدكِ خارجاً اليوم "
لتبتسم ظناً منها أنه يحاول مغازلتها كعادته معوضاً اياها عن كل جفائه الفترة الماضية منذ أن تهورت بغبائها و أخبرته أنه كان مخدوعاً بسارة باكياً حباً لم يكن حقيقياً من الأساس .
" حسناً حبيبي سأغيب فقط لساعتين أنهي عملاً ضرورياً و أعود لنقضي اليوم كله معاً "
ليجيبها في ثبات و وجهه لا يفصح عن شيء ، كان جامداً لا يعكس ما يحويه صاحبه بداخله
" لن تغيبي عن نظري مجدداً ، خاصة بعمل و اختلاط فلن أسمح لنفسي بأن أكون مغفلاً مرتين !"
لتبهت ملامحها من هول المفاجأة ، خالد الرقيق الذي لم يهينها قط أو يرفع صوته عليها متعمداً مهما تشاجرا يخبرها ببساطة أنها محبوسة بالمنزل شكاً فيها ! يشك بها !
" أنت تهذي حقاً ؟ ماذا تفعل ؟ هل ستحبسني هنا ! أنت تشك بي خالد ؟ تشك بي أنا !"
ليصرخ بها
" أشك بكل شيء ! و لو تأكد شكي لن أدعكِ للحظة بحياتي ، لكن حتي الآن مجرد شك و لذلك لن تقربي خارج البيت سوي بصحبتي حتي اتأكد من أنكِ محل ثقة و لا أعلم كم سيطول ذلك فقد خُدعت مرة لذا سأتمهل قليلاً قبل أن أثق بكِ من جديد "
لتصرخ باكية و هي تضربه بصدره بكل قوتها و تحاول الفرار و هي تخدش وجهه ليترك الباب
" أريد الطلاق ! أنت حيوان لا تستحق سوي حثالة تتقبل اهانتك تلك ، أنا لا أتحمل ، أنا عزيزة نفس كنت و سأظل لن أقبل اتهاماتك تلك ، لن أحيا لحظة أخري علي ذمتك ، طلقني حالاً "
ليجيبها متماشياً مع فورة غضبه المنفجرة حديثاً
" ما هي خططكِ لما بعد الطلاق ؟ من اللاعب الاحتياطي يا تري ؟ هل أعرفه !"
لترفع يدها في لحظة و تهم بصفعه..!

قراءة ممتعة للجميع ، متشوقة لأرائكم و هحاول متأخرش بس شجعوني ❤




nada diab غير متواجد حالياً