عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-20, 01:51 AM   #4

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني.

ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
فإن واقع الحياة أقوى من أي خطة يضعها عقل
لا تخف أبدًا أن ترفع صوتك من أجل الصدق والحقيقة
ومن أجل التعاطف ضد الظلم والكذب والطمع
ولو فعل كل الناس ذلك.. سيتغير العالم
"ويليام فوكنر"

انتهى الاحتفال وبعد أن أوصلها نادر إلى بيتها ، قام بالتحرك لتوصيل منار إلى المنزل.
وفي الطريق كانت قلقة فالتفت لها قائلًا بتعجب من تعابير وجهها المتوترة :
-"مالك قلقانة كدا ليه؟"
تنهدت بقلق تستدير بنصف جسدها له توضح سبب قلقها ، تهز رأسه بيأس :
-"قلقانة على هدير يا نادر ، هي مش عارفة بتوقع نفسها مع مين!"
يعلم خطورة ما تفعله ، لكنها عنيدة ، مهما استمعت الى أحد تنفذ ما برأسها ما دامت مقتنعة به.
ابتسم يطمئنها بنظراته ، يهز رأسه برتابة وهدوء :
-"هدير مش بتعمل أي خطوة غير لما تكون درساها كويس.. وبعدين إحنا جنبها ، اهدي!"
أغمضت عيناها بقوة تتنفس بعمق تبث الاطمئنان لداخلها ثم نظرت له بتوتر :
-"أيوه يا نادر بس المرة دي غير.. المرة دي خبطت في أخطر واحد ، عارف يعني إيه مازن عز الدين السيوفي؟!"
أومئ برأسه ناظرًا للطريق أمامه يقبض بشدة على عجلة القيادة:
-"ربنا يستر"
**********
هي ليست شهرزاد الخائفة
ولا بثينة العاشقة
ولا ليلى الهادئة
ليست طفلة أبصرت للتو
ولا مراهقة تحاول إثبات نفسها
بداخلها روح مختلفة
وقلبها لا يشبه أيَ قلب
لم تعتد الركوع لأحد
ولم تعتد العدول في قراراتها!


ما إن دلفت وأغلقت الباب خلفها حتى انتفضت على صراخ والدها الغاضب :
-"هديــر حصليني على المكتب"
ربتت سهام على كتفه مهدئة إياه حتى لا يسوء الوضع بينه وبين ابنتهما :
-"اهدى بس يا سالم ، بالراحة الموضوع مش مستاهل العصبية"
تعجبت لصراخه.. لا تعلم ما حدث آثار غضبه بهذا الشكل؟
نظرت إلى أمها بحيرة وتساؤل ، فهزت رأسها بحسرة ولم تجبها.
تنفس بعمق تتبعه إلى مكتبه وأغلقت الباب قبل أن تنظر إليه قائلة بحذر وهدوء :
-"أيوه يا بابا خير إيه اللي حصل!
حضرتك ليه عصبي؟"
قذف الصحيفة في وجهها بغضب هاتفًا بحدة :
-"ممكن تفهميني إيه اللي حضرتك كتباه ده"
أمسكت بالصحيفة ورأت مقالها ، فرفعت نظرها بدهشة لا تعلم ما الذي أغضبه فيما نشرته :
-"ماله يا بابا!
مش فاهمة إيه وجه اعتراض حضرتك على الخبر؟
حضرتك المفروض تبقى فخور إني قدرت أفضح اللي زي دول ، بدل ما هما عايشين ينهبوا في فلوس الناس من ناحية ، وأرواحهم من ناحية تانية"
اقترب منها يريد التحكم بغضبه حتى لا ينفجر في ابنته المستفزة ، يعلم أنها مثله في كل شيء ليهبط برأسه لوجهها هامسًا بشراسة:
-"واشمعنا رأفت منصور بالذات يا هدير؟"
ملت من التطرق لموضوع أنها قصدته على وجه الخصوص حتى تنتقم من كريم وما حدث لها من ناحيته ؛ فرفعت بنظرها لأعلى تزفر بملل قائلة :
-"بابا من فضلك بلاش لعب بالألفاظ ، مش فاهمة فيه إيه رأفت عشان الكل يبقى متفاجئ بالمنظر ده؟
وقبل ما حضرتك تكمل أحب أقولك إن كريم مش في دماغي ، فبلاش نتكلم في الموضوع ده"
زاد غضبه أكثر وهتف بثورة قابضًا على قبضته بشدة حتى لا يهوى بها على وجهها :
-"كريم إيه وزفت إيه!
أنتِ مش عارفة رأفت يبقى شريك مين؟
مازن السيوفي ، عارفة يعني إيه مازن السيوفي؟"
تذكرت حديث نادر عن نفوذه ، بجانب أنه لا يوجد في البلاد من لا يعرفه لكنها أجابته ببرود مكتفة يديها أمام صدرها :
-"مين مازن السيوفي يعني؟
زيه زي أي رجل أعمال موجود ، مش معنى كده إنه مش بيغلط؟"
كان الغضب قد بلغ من سالم بسبب برودها حتى كاد أن يصفعها ألا أنه تمالك أعصابه وقال من بين أسنانه :
-"مازن ده مالك السوق كله صاحب أكبر شركة هندسية في مصر ، مش هبالغ لو قولت وبرا مصر كمان..
مازن يقدر ينسف اللي يقف قدامه لو حس أنه هيضره ، وبعملتك دي أنتِ مأذتيش رأفت منصور لوحده.. لا أنتِ أذيتِ مازن بأنك ذكرتِ إنه شريك ليه"
كتفت ذراعيها أمام صدرها أكثر ، وقالت برفعة حاجب وتنهيدة عالية :
-"حضرتك قولت شريكه ، يعني أنا مألفتش معلومات من عندي ، كل اللي ذكرته معلومات الناس كلها عرفاها"
مازالت على نفس الحالة من البرود الذي يعتبر جزء من شخصيتها في أغلب الاوقات وأكملت حديثها بذات النبرة :
-"وبعدين مش هو الممول ، أكيد عارف بحكاية الصفقات المشبوهة اللي بيعملها رأفت ، فخلاص أنا مظلمتش حد ، لو كان برئ عنده النيابة والصحافة يطلع يكذب الخبر.. غير كدا مش فاهمة أنا في ايدي إيه أعمله؟"
همس بإقرار ينهي الحديث الذي يعلم أنه إذا أستمر بهذا الشكل لن يجدي نفعًا ، يدور يجلس على مكتبه :
-"تنزلي بكرة اعتذار باسمك ليه"
اتسعت عيناها بذهول ولا تصدق ما سمعته للتو!
تعتذر لشخص شريك لأكبر الفاسدين!
تعتذر فقط لأن والدها يريد ذلك لأنه ملك السوق!
إن وصل الأمر لتقديم استقالتها لن تفعل ما يقوله لها!
همست بانفعال مشوب بصدمتها تعقد حاجبيها بدهشة :
-"اعتذار!
اعتذار إيه ولمين؟
أنا عمري في حياتي ما اعتذرت لحد ، مستحيل مش هيحصل"
هنا وقد بلغ غضب سالم إلى ذروته من ردود أفعالها التي ستقضي عليها في يوم ما ، فهوى بكفه على سطح مكتبه صارخًا بثورة :
-"أنا قولت اللي عندي ، إما كده أو تقدمي استقالتك من الشغل ده.
ده اللي أخدناه من الصحافة ، أنا من الأول مش موافق على الكلية ولا الشغل ده ، بس أنتِ عاندتِ على رأيك.. بس شوفي آخر عنادك وصلك لإيه؟"
تركها وخرج من المكتب بأكمله.. فنظرت في أثره بذهول!
هو لم يتحدث معها بهذه الطريقة من قبل!
كانت أول مرة يتدخل في عملها ، ليست المرة الأولى التي تنشر فيها فضائح عن رجال أعمال مشهورين ، بل كان يشجعها ويعبر عن فخره بعملها ولكن هذه المرة ما الذي تغير؟
وجدت والدتها تربت على كتفها محاولة تهدئتها وأخذتها إلى غرفتها قائلة بحنان وهدوء :
-"هدير اهدي حبيبتي ، بابا خايف عليكِ ، المرة دي غير"
أجابتها والدموع في مقلتيها بحاجبين معقودين ونظرات مندهشة:
-"وإيه اللي أتغير مش فاهمة؟"
احتضنتها والدتها بحنو مربتة على كتفيها بيد ، والأخرى تمسد ظهرها ثم همست :
-"الناس كلها عارفة إنك كنتِ مخطوبة لكريم ، وأنتِ بقالك كتير قاصدة أبوه في مقالاتك ، فالكل أكيد هيفكر أنك بتعملي كده انتقامًا منهم"
كادت أن ترد ولكن قاطعتها والدتها بحزم :
-"أنا عارفة إنك مش بتفكري في كريم ، بس الناس متعرفش كده.. وكمان رأفت يبقى شريك مازن السيوفي ، وطالما وقع يبقى ده هيضره ، واللي متعرفوش إن بابا عاوز يشارك مازن فأكيد بعد اللي حصل بابا كمان فرصة شغله معاه هتضيع"
نظرت لأمها بدموع ونظرة ضائعة وقالت بصوت باكٍ :
-"يا ماما افهميني ، أنا مالي ومال الناس تفتكر اللي هي عوزاه.. ثم أنا كل اللي عملته إني نشرت معلومات مهمة وصلت ليا وتأكدت منها ، وبالنسبة لمازن لو برئ خلاص يطلع ويثبت براءته ، لكن إني أنزل اعتذار مستحيل"
زفرت سهام بقلة حيلة ثم هزت رأسها بيأس لا تعرف ماذا تفعل؟
ابنتها على حق ولم تخطئ
ومن الناحية الأخرى زوجها التي تعلم أنه فعل ذلك خوفًا عليها فهو الأعلم بشخصية مازن بحكم السوق والعمل.
تنهدت تربت على كف ابنتها قائلة :
-"طب قومي غيري وصلي ، وشوية لما بابا يهدى اتكلمي معاه"
***********
في اليوم التالي
ارتدى بذلته السوداء ووقف يعدل من هندامه بابتسامة ثقة قبل أن يهبط للأسفل يجد والدته تنتظره على طاولة الطعام تقابله بابتسامة بشوشة فانحنى بمثيلتها حنونة مقبلًا أعلى رأسها :
-"صباح الخير يا ست الكل"
"صباح الخير يا حبيبي ، اقعد افطر"
جلس على مقدمة الطاولة لتبادر هي بالقول :
-"مازن هتعمل إيه في حكاية رأفت دي؟"
كانت على علم بشراكته مع رأفت ، وقد قرأت الخبر الذي نشر بخصوص صفقاته المشبوهة.
تغيرت نظرته ولاحت على وجهه ملامح غامضة وقد ظهرت صورة تلك الفتاة أمام عينه قبل أن يلتفت مجيبًا بهدوء :
-"متقلقيش يا أمي مفيش خطر علينا ، أنا رتبت كل حاجة مع المحامي وهو هيهتم بالباقي"
ثم أردف يلتفت حوله يمينًا ويسارًا يبحث عن أحدهم متسائلًا :
-"أومال فين أسماء؟"
ربتت على كتفه بحنان هامسة بدعاء :
-"ربنا يبعد عنك كل شر يا حبيبي..
فيه معرض للوحات النهاردة وهي راحت"
أومئ برأسه يهم بالنهوض :
-"تمام يا ست الكل أنا هبقى أطمن عليها ، يلا همشي أنا بقى ؛ لأني ورايا اجتماع مهم مع وفد أجنبي"
ذهب إلى شركته ، وهناك جلس مع محاميه الذي أطلعه على آخر التحقيقات في قضية رأفت ، وأنه لا يوجد أي خطر عليهم ؛ لأن دورهم كان التمويل فقط ، ولم يكونوا على علم بتلك الصفقات التي كان يقوم بها وبهذا لا يوجد أي إتهام موجه إلى مازن.
انصرف المحامي فألتفت رامز إلى صديقه يزفر براحة :
-"الحمد لله إنها عدت على خير ، أنا مش عارف أزاي اتخدعنا في اللي اسمه رأفت ده؟"
نظر له الآخر صامتًا وقد ظهر عليه التفكير في أمر ما ، ثم قال بتنهيدة :
-"المهم الموضوع خلص خلاص.. بقولك هات لي رقم سالم خطاب"
"سالم خطاب!"
تساءل رامز بدهشة ظهرت على ملامح وجهه ، وأردف :
-" مش ده بتاع السياحة؟
وأنت عاوز منه إيه؟"
تذكر شيئًا جعل عينيه تتسعان بصدمة ثم هتف به :
-"مازن أوعى يكون عشان بنته!"
وقف بوجه جامد خالي من أي تعبير ، ثم رفع نظره إلى صديقه بهدوء ولكنه هدوء مقلق :
-"أنا خارج دلوقتي عشان أقابل الوفد الأجنبي نناقش الصفقة الجديدة ، أرجع ألاقي اللي طلبته موجود.. يلا سلام"
تركه يطالعه بغيظ من أسلوبه البارد وخرج من الشركة إلى الفندق المخصص فيه اجتماعه.
مضى الوقت وتم انجاز الجزء الأول من الصفقة على وعد من مازن بالسفر لهم لإنجازها ، فأخذ سيارته بعدها وانطلق في طريقه عازمًا على فعل شيء لابد منه.
**********
في الكيمياء يرتبط الهيدروجين بالأكسجين مكونان شريان الحياة وأساسها "الماء" ، لكن إن زادت الحرارة بينهما نتج عنهم انفجار مهول يعد الأخطر على الإطلاق!
وفي الفيزياء أقطاب المغناطيس الواحد على الرغم من اختلافهما لا يلتقيان لكنهما مرتبطان ببعضهما في ذات الوقت!
هما كذرات الهيدروجين والأكسجين تمامًا لا يستغنى أحدهما عن الآخر يخفيان بينهما الدمار إن اشتعلت حرارتهما!
يشبهان أقطاب المغناطيس في اختلافهما الشاسع لكن عند نقطة ما يحدث الارتباط ولو استحال اللقاء!

جالسة تتفحص الأوراق بيدها الخاصة بمقالها القادم فقاطعها رنين هاتفها تجده رئيسها في العمل يطلب منها الذهاب إليه.
دلفت إلى المكتب فوجدت شخصًا جالسًا مع رئيس التحرير يوليها ظهره.. سعلت كي تستعير انتباههما :
-"حضرتك طلبتني يا فندم!"
نهض عامر من مجلسه يدور خلف مكتبه متوجهًا إليها بابتسامة وكفه يشير إلى الجالس :
-"تعالي يا هدير مازن بيه السيوفي غاني عن التعريف ، طالب يقابلك بخصوص مقالك الأخير ، فأنا هسيبك معاه تتكلموا شوية"
اقترب منها قبل أن يخرج يهمس لها :
-"بهدوء و بلاش اندفاع أحسن أنا عارفك"
ناظرته بغيظ كأنه يتحدث مع قاتلة وأومأت برأسها بطواعية ليخرج تاركًا القطة في مواجهة الأسد!
استدار مازن فوجد أمامه فتاة قصيرة القامة نوعًا ما ، بجسد منحوت بمهارة ، تأملها من أسفل لأعلى يدرسها حتى وصل إلى وجهها ، بشرة صافية وفم مكتنز مرسوم بعناية يعلوه أنف صغير.
عينان عسليتان واسعتان بأهداب طويلة تجذبان النظر إليها كخطوات الشيطان نحو المعاصي والذنوب!
يعلوها حاجبان مرسومان ، وشعرها البني ترفعه بعشوائية تثبته بقلم.
جذب انتباهه البريق المشع من عسل عينيها ، بريق ممزوج بالتحدي والشراسة مشوب ببعض الاستنكار والتساؤل!
ما إن ألتفت لها سرت رعشة خفيفة في عمودها الفقري عندما واجهت نظرته الغامضة تشعرها كمن يدرسها.
يشبه النمر الأسود ذو الأعين الزرقاء يراقب ويراقب يتخفى في الظلام يعاين فريسته بإتقان وحذر حتى يحين موعد الانقضاض!
جسد رياضي ليس بالضخم ، طويل نوعًا ما ، عيون تمتلك نظرة حادة ، لا تنكر أنه وسيم بلحيته الخفيفة.
استرجعت تركيزها سريعًا وسارت بثقة تجلس أمامه تبادر بالقول:
-"أهلًا وسهلًا باشمهندس مازن"
لم تهبط نظراته عنها يجيبها بثقة كبيرة :
-"أهلًا بيكِ"
ثم بادرتها فجأة دون تمهيد يشير لها بسبابته في روعنة :
-"قرأت مقالك الأخير بصراحة أحييكِ عليه ، وقولت لازم لقاء بينا عشان أشوف مزعل الصحافة في إيه!"
لاحظت نظراتها تشملها من أعلى لأسفل بوقاحة ودون خجل ثم أردف :
-"أصل مش بحب أسيب حد زعلان"
رفعت حاجبها بتملق تبتسم ابتسامة سخرية لاحت في صوتها :
-"كرم أخلاقك كبير"
شرد للحظة عندما لاحظ الراء التي نطقتها خفيفة عائمة ، سلبت انتباهه وأحبها منها.
انتبه من شروده وأستند بظهره على الكرسي يضع يده أسفل ذقنه:
-"من بعض ما عندكم"
رمقته بنظرة ذات معني تشمل طريقة جلسته التي تشع غرورًا ، ونبرة كمن توجه إتهام لأحد :
-"أقدر أعرف سبب المقابلة دي؟
خصوصًا إن النيابة أصدرت قرار بوقف النشر بخصوص القضية "
ابتسمت ببرود ترفع حاجبها الأيمن قائلة بغموض وسخرية :
-"بصراحة غريبة دي!"
نظر لها ببرود دون أن يجيب ، لكن نظراته كانت تفضح كل ما يريد قوله.. نظرات دارسة ، واثقة ، منتبهة.
فتابعت لكن بنبرة صريحة ونظرات حادة :
-"حضرتك هنا ليه يا أستاذ مازن؟
أظن إنك استحالة تضيع وقت إلا إذا كنت هتستفيد"
اتسعت عينيه بإعجاب ؛ فهذه القطة كما أسماها منذ أن رأي البريق الذي ذكره بقطة شرسة على درجة عالية من الذكاء ، فهو في أقصى أحلامه لم يتوقع أن تكون بتلك الشجاعة والقدرة على المواجهة!
ضحك قليلًا يهز رأسه بتقدير لصراحتها :
-"لا برافو عجبتيني ،عندك حق أنا جاي عشان أستفيد وأنتِ كمان تستفيدي"
ضيقت بين عينها بعدم فهم وهزت رأسها بتساؤل :
-"مش فاهمة حضرتك تقصد إيه!"
ابتسم ابتسامة غموض وقال بصوت خافت يحمل نبرة الاغراء من الشخص الخطأ :
-"صفقة مهمة لشركتي مع شركة ألمانية مشهورة ، وإتمام الصفقة في برلين ، حابب إن الجريدة تغطي الصفقة"
مازالت ترمقه بغموض محاولة الوصول إلى تفكيره فسألته بمواربة:
-"دي حاجة كويسة ، بس برده مفهمتش إيه وجه الاستفادة!"
"أنتِ عارفة إن بعد الخبر اللي أنتِ نشرتيه ، زيادة عليه الأخبار اللي قبل كده ، بقى ليها نسبة متابعة عالية ، وخبر زي ده يتنشر هنا في حد ذاته مكسب كبير ونقلة للجريدة"
ثم تابع بغرور ظهر بحركته عندما وضع ساق فوق الأخرى وابتسامته الجانبية :
-"أنتِ عارفة طبعًا مين مازن السيوفي!"
كان دورها أن ترمقه بسخرية من أعلى لأسفل قبل أن تقترب برأسها منه :
-"أخجلتني بتواضعك يا باشمهندس الحقيقة!
بس خدني على قد عقلي ، كل الكلام اللي بتقوله كويس وكان ممكن تقوله لرئيس التحرير ، لكن أنا مش فاهمة مطلوب مني إيه؟"
انحني يسند يديه على ركبته حتى أصبح وجهيهما في مواجهة بعضهما ، يتناظران بثقة متساوية ، يتجابهان بقوة مغلفة بالثبات وهمس بإقرار :
-"عاوزك أنتِ تغطي الخبر"
رفعت حاجبها الأيسر باستنكار ولاحت الدهشة في عسليتيها متسائلة :
-"إشمعنا أنا بالذات؟"
فأجابها مشاغبًا :
-"وليه مش أنتِ بالذات!"
كرقعة الشطرنج
بيدق يسقط.. بيدقان
وفي النهاية يتصافح الملكان
كادت أن تجيبه لكن قاطعها دخول رئيس التحرير إلى المكتب هاتفًا بحماس :
-"أتمنى تكونوا اتفقتم!"
نهض مازن يغلق سترته بلباقة قائلًا بنبرة واثقة :
-"كده تمام يا أستاذ عامر ، سكرتيرتي هتتابع معاكم تعرفكم آخر الأخبار"
ثم نظر إلى هدير الواقفة بجمود وأردف بنظرة متلاعبة قرأتها ببراعة :
-"تشرفت بمقابلتك يا أستاذة هدير"
ذهب وعقله يفكر فيما سيفعله بعد ذلك ، في حين نظرت في أثره مفكرة.. ما الذي يجعل شخص مثله بإشارة منه فقط يأمر يطاع ، يأتي إلى هنا لمقابلتها على وجه الخصوص؟
بل ما الذي جعله يهتم بأمر زيارتها؟
كان من السهل عليه أن يجعل سكرتيرته تقوم بإبلاغ رئيس التحرير بالأمر!
تكاد تجزم أن هناك شيء خلفه!
عادت إلى مكتبها شاردة وعقلها مازال يفكر ، فقابلتها منار تهتف غير مصدقة تمسك رسغها بيديها الاثنتين وحدقتيها اتسعتا بذهول:
-"هدير هو مازن السيوفي بنفسه كان هنا؟"
أومأت دون أن تنطق بكلمة فتابعت منار تساؤلاتها الفضولية :
-"طب كان عاوز إيه؟
وليه طلب يقابلك؟
أكيد الموضوع له علاقة برأفت منصور ، صح؟!"
صمتت عندما قابلتها بالصمت وعدم الانتباه لحديثها ، فلكزتها في كتفها هاتفة تجذبها إليها :
-"أنتِ يا بت مالك سرحانة ليه!"
انتبهت إليها أخيرًا وقالت بنظرات تيه كأنها رأتها للتو :
-"بتقولي إيه يا منار مركزتش؟"
-"لا أنتِ مش معايا خالص ، اللي واخد عقلك؟
فيه إيه اللي حصل يا بنتي؟"
نهضت هدير وأخذت حقيبتها تهم بالذهاب ، تهمس بنبرة اعتذار:
-"معلش يا منار أنا مش قادرة أركز في أي حاجة..
همشي دلوقتي وهكلمك بالليل"
نظرت لها بقلق فهي تعلم صديقتها جيدًا عندما تكون في هذه الحالة ، إما أن هناك أمر هام يشغل تفكيرها ، أو أن أمر طارئ قد حدث .
**********
حمقاء حواء إن ظنت أنها ستتلاعب بآدم
فإن كان كيدك عظيم فالمكر رمز الذئاب
وإن كنتِ تتباهين بأنكِ ملكة الخديعة
ترتدين تاج الغرور
ترفعين كأس انتصارك بلدغ الذئب بسم خبثك
فانظرِ بداخل ما تتجرعيه كي لا تنصدمي أنكِ تتجرعين نخب حماقتك
فلو تراقصتِ فوق أشلاء القطيع متباهية
ما رقصك سوى تمايل في حضرة قائدهم
خلف جفن الغروب عين نائمة بجوار من تحب
وعين تترقب عودة من تحب
وعين ملأها دمع الحنين لمن تحب
وأخرى تظن أنها برفقة من تحب


في فيلته الخاصة بعيدً عن منزله برفقة أسرته
جالسًا برفقة نادين زوجته بعقد زواج عرفي بينهما لا يعلم أحد عنه شيئًا سوى رامز.
فتاة أهم ما يعنيها في الحياة ثلاثة أشياء..
المظاهر
الموضة
والمال
وجدت في مازن الفتى الوسيم الثري الذي تحلم به جميع فتيات جيلها.
صداقة شملت الآباء
وعمل جمع الأبناء
جذبتها رجولته و وسامته
فقررت الفوز به حتى لو قبلت أن تصبح زوجته في الخفاء!
وهو كان أكثر من مرحب بالعرض!
هو عاشق الجمال ومعشوق الفتيات كيف يرفض فتاة مثل نادين جاءته بنفسها دون مجهود منه؟!
كانت تتحدث له لكنها وجدته شاردًا يفكر في الفتاة التي رآها صباحًا ، توقفت عندما انتبهت أنه لا يعيرها انتباهه فاقتربت منه حتى التصقت به تتلاعب بياقته وأناملها تلامس صدره الظاهر من أسفل قميصه عندما حرر أعلى أزراره ، تهمس بغنج :
-"مازن أنت مش معايا خالص ، معقولة تبقى معايا وتسرح!"
طالعها ببرود يدخن سيجاره ثم نظر لأعلى نافثًا دخانها وقال بجمود:
-"معلش يا نادين مرهق شوية ، وفيه حاجات كتير شاغلة تفكيري"
-"لا لالا وأنا ميرضنيش إني أسيبك كده.. تعالى معايا وأنا هروق بالك خالص"
همست له بمجون ويدها ترتفع لعنقه تمسده برفق قبل أن تنهض باسطة كفها أمامه حتى ينهض معها ، فنظر لها نظرة متفحصة وعلى شفتيه ابتسامة مكر :
-"ويا ترى هتعملي إيه عشان تروقي بالي؟"
جذبته من يده واتجهت نحو الغرفة في إغراء :
-"أنا مش بقول أنا بعمل على طول"
حملها فجأة على ذراعيه لتطلق ضحكة ماجنة فهمس لها غامزًا بعينه :
-"هنشوف"

ظلمة الليل تُخفي الكثير من الأسرار
لكن ليس هناك من ينجو من آثاره
سواء منجية أم مخربة


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس