عرض مشاركة واحدة
قديم 16-11-20, 09:32 PM   #10

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع

النساء من السهل أن تكتسبها ببضع كلمات معسولة
بوردة
بحلوى
بقبلة على ظاهر يدها بنوع من التقدير
لكن شرط أن تكون تبادلك الشعور ذاته
فإن كانت لا تحمل لك أي شعور بالارتياح أو الحب
فاحذر إعصارها

جبل الجليد مهما اشتدت صلابته وقوته
تتخلله التشققات من الصدمات القوية
يتصدع ويتصدع حتى ينهار
وانهياره يأتي بسيول جليدية تخلف الخراب
برودها وإن اشتد جليده يخفي نيران هوجاء
نتنظر الافراج عنها حتى تثبت للجميع
أن الجليد ما هو إلا رحم للبركان


رفع عينه يرى من تجرأ وأقتحم مكتبه بهذا الشكل الذي في نظره نوع من الهمجية وقلة الذوق؟!
هو الذي اذا أردت مقابلته لابد من تحديد موعد قبلها بشهور.. لكن كل هذا تلاشى عندما وجدها أمامه بملابسها الرياضية المكونة من بنطال قماشي أسود فوقه كنزة بيضاء بأكمام قصيرة مكتوب كلمة رياضة باللغة الإنجليزية.
شعرها المتطاير من الغضب وتعابير وجهها المحتقن لا تنم عن خير أخبرته أنها علمت بطلبه للزواج منها.
ألتفت إلى ياسمين التي دلفت خلفها تمنعها من الدخول بتلك الطريقة ، وأشار لها بسبابته قائلًا :
-"خلاص روحي أنتِ يا ياسمين ، ومتدخليش حد"
تركته مع الشعلة التي ترمقه بعنفوان والتي ما إن خرجت حتى هتفت وقد وصل غضبها لأقصى درجاته :
-"ممكن تفهمني إيه المهزلة اللي بتحصل دي؟"
ابتسم بخبث يتحرك بكرسيه مشيرًا إلى الكرسي أمام مكتبه وبنظرة متلاعبة قال :
-"اقعدي بس واهدي كده ، مش حلوة العصبية في أول مرة تجيلي الشركة"
بدأت العد من واحد لعشرة كي تهدأ من غضبها مغمضة العين ، ثم فتحتها ناظرة إليه قائلة بهدوء :
-"إيه لعبتك الجديدة يا مازن؟
تقصد إيه بطلبك من بابا إنك تتجوزني وأنت عارف مش هوافق؟"
عقدت حاجبيها بتفكير مصطنع ، تكتف ذراعيها أمامها تميل برأسها إلى الجانب قليلًا :
-"ولا أنت بتستغل الأزمة عشان تضغط عليه يوافق؟"
مازال علي وضعه وازدادت ابتسامته عبثًا ، وفي يده قلم يتلاعب به فقال يغمز بعينيه يعض على شفته :
-"ليه كده بس؟
مش يمكن قررت أستقر وأسس أسرة ، واختارتك للمهمة دي"
مهمة!
يصف زواجه بها بالمهمة!
ويا للمرح اختارها للقيام بها فيجب عليها أن تحفر الأرض فرحًا.. أليس كذلك؟!
طرقت بقوة على سطح مكتبه وقد نجح في إبادة هدوءها التي حاولت التحلي به ، وباليد الأخرى تشهر سبابتها أمامه بتهديد هاتفة :
-"اسمعني يا بن السيوفي.. جواز منك لا ، عاوز تتجوز روح أتجوز بعيد عني.. لكن أنا لا يا مازن"
ألقت كلماتها بثورة وكادت أن تخرج ولم تعطه أي فرصة للرد ، لكن قبل أن تصل للباب وجدت من يجذبها من ذراعها مرتطمة بصدره وطوله المهيب.
لا تملك سوى الرفض ردًا
ولن يقبل غير الموافقة بديل
تلاقت الأعين وصمت رهيب حل بالمكان إلى أن قطعه ممسكًا بعضديها بقوة يهبط إلى أُذنها هامسًا :
-"كلمة لا مبحبهاش ، وابن السيوفي لما يعوز حاجة بياخدها ، وأنا قولت هتجوزك ده قرار مش اقتراح ، الأحسن تتقبليه بسرعة عشان نقدر نتأقلم عليه"
دفعته بعنف ناظرة له بتحدي ورفض رافعة سبابتها محاذاة مع رفعة حاجبها أمامه :
-"نجوم السما أقرب ليك مني"
نظر لها بغموض وابتسامة خبث على جانب فكه ، قائلًا ببروده المعتاد :
-"احسبيها بالعقل وفكري ، سمعة أبوكِ بين أيديكِ دلوقتي ، ليكِ حرية الاختيار إنك ترفضي أو توافقي..
بس لو رفضتي مفيش حد في مصر كلها هيقبل يتعامل معاه بعد ما يعرفوا إنه رفض شراكتي"
اقتربت منه تنظر له بأعين لامعة للحظة تاه فيهما وهمست بجمود أمام وجهه :
-"وطبعًا شراكتك معتمدة على موافقتي مش كده؟"
أومأ برأسه ومازالت ابتسامة الخبث مرتسمة على وجهه فتابعت قائلة :
-"يبقى فين حرية الاختيار اللي بتتكلم عنها؟
بتديني حرية مشروطة ، وافقي أو ارفضي بس لو رفضتِ أبوكِ هيتأذي.. طب إزاي؟!"
لم تأخذ منه إجابة سوى أنه رفع كتفيه بلامبالاة واضعًا كفيه في جيب بنطاله ، فزفرت بقوة وصمتت متخصرة تذم شفتيها وتنحني برأسها لأسفل مفكرة قليلًا قبل أن تسأله فجأة بنظرات غامضة :
-"عاوز تتجوزني ليه يا مازن؟"
نظر لها من أعلى شعرها الذي يهبط بتموجات رائعة ، إلى عينها المحددتين بالكحل ، نزولًا لشفتيها باللون الوردي ، لم تكن تضع أي من مساحيق التجميل فهي ليست بحاجة لهم ، ظل يهبط بنظره إلى باقي جسدها كمن يدرسها ، إلى أن قال :
-"عجباني ، كل حاجة فيكِ عجباني ، بصراحة مجربتش الشراسة قبل كده كل اللي كنت بطلبه بلاقيه من غير تعب أو عنفوان ، ومتأكد إني هشوف إثارة كبيرة معاكِ"
قالها يعض على شفاهه السفلى ، فازداد لمعان عينيها كقطة شرسة من وقاحته ، وكادت أن ترفع يدها تصفعه ، سبقها وأمسك بيدها يلف جسدها حتى ألتصق ظهرها بصدره ، مكتفًا يدها بيده.
المعنى الأمثل لوضعها أنها كانت بين أحضانه بالفعل.
هبط يهمس في أذنها :
-"المرة اللي فاتت عديتها بمزاجي يا هدير ، ولو إني لسه محاسبتكيش عليها ، بس انسي إنك تفكري تكرريها"
تسارعت أنفاسها وضربات قلبها من القرب الشديد ، فتلك المرة الأولى التي تكون فيها بذلك القرب من رجل ، توترت وتحركت بين يده للإفلات من حصاره :
-"مازن سيبني"
أدارها بسرعة وألصقها بالحائط خلفها ناظرًا لها بتحدي وقال بنبرة واثقة :
-"توافقي على الجواز يا هدير ، برضاكِ أو غصب عنك هتجوزك"
- "مستحيل يا مازن ، لو السما انطبقت علي الأرض مش هتجوزك"
وقبل أن تكمل جذب رأسها إليه ، ضاغطًا بكفه الآخر على ذراعها.. اقترب إلى أن لفحت أنفاسه بشرتها و بأنفاسها الحارة على وجهه ، شعر بشيء غريب من نظرة عينيها ومن القرب.
أما هي ظلت ثوان متسمرة لا تدري ما حدث للتو؟
بدأت تشعر بالدوار وكادت تفقد التركيز لما حولها ، ولكنها أفاقت في آخر لحظة وقبل أن يقوم بأي شيء دفعته مستغلة شروده الواضح فيها تطالعه بعينين زائغتين مضطربتين قبل أن تفر من بين يديه كمن يهرب من الجحيم.
خرجت مسرعة من المكتب ومن الشركة بأكملها بعد أن رمقته بنظرة غامضة تحتوي على كم من الشراسة والتحدي المشوب بالغيظ لأنها لم تأخذ منه أي حق.
ظل ينظر في أثرها لحظات بعد خروجها.
يتساءل عن ماهية الإحساس الذي شعر به؟
لديه علاقات كثيرة مع النساء ، ولكن لم يشعر بذلك من قبل!
قرر التغاضي عنه وأقسم أن يجعلها ملكه وفي أقرب وقت.
* * * * *
خذلوني الذين ظننت الحياة معهم ستكون أفضل
ليتهم اصطفوا ضدي ولم يصطفوا خلفي
يتقاسمون ظهري بخناجر غدرهم المسمومة
تركت لهم ظلي ورحلت
لا أحمل رغبة الانتقام من أحد
والأيام كفيلة برد اعتباري

أخذت سيارتها وانطلقت إلى مكانها المفضل على النيل.
ما أطيب هواء النيل!
تشعر عندما تستنشق هواه أنها نقية وذهنها صافي ، أما الآن فهي تغلي من الغضب.
لأول مرة توضع في هذا الموقف.
أبيها أم حريتها ؟!
قلبها يختار أبيها ، ويحدثها أن توافق حفاظًا على سمعته ، فهل ستقبل أن تنهار مكانته واحترامه وهي بيدها إنقاذه؟!
وعقلها يحثها على الرفض ، ستفقد حريتها وترتبط بإنسان وقح ، حقير ، استغل أزمة أبيها لأغراضه الخاصة.
تعلم أنه لم يهتم بالشراكة بقدر اهتمامه بإخضاعها..
ولكن هيهات ستذيقه الأمرين قبل أن يمس شعرة منها.
وقفت أمام النيل تشتعل بالغضب تمسك رأسها وتصرخ :
-"أنا السافل يعمل فيا كده ، آه
والله لأوريك يا مازن ، لأندمك على اليوم الأسود اللي فكرت تتجوزني فيه"
أثناء ثورتها أفاقت على رنين هاتفه لتجدها منار فأجابت بصوت يشوبه الغضب :
-"ألو"
هتفت بها الأخرى بغضب بسبب قلقها عليها :
-"إيه يا هدير أنتِ فين؟
مامتك بتتصل بيكِ مش بتردي وقلقانة عليكِ ، إيه اللي حصل؟
قالت لي إنك خرجتِ من البيت متعصبة"
أخبرتها بما حدث وما أخبرها به والدها ، وذهابها لمكتب مازن.
الى أن صرحت قائلة :
-"أنا هتجوز مازن يا منار"
- "هدير فكري كويس ، القرار اللي هتاخديه مش هينفع تتراجعي فيه"
ضحكت بصوت عالٍ أثار حفيظة التي تستمع لها بوجل خوفًا أن يحدث لها شيئًا جراء كل تلك الانفعالات ، لتسمعها تقول بسخرية:
-"أفكر!!
هو سابلي فرصة أفكر يا منار ، متشيليش هم أنا عارفة أنا بعمل إيه.. المهم دلوقتي أنا هقفل"
غادرت هدير وما آن وصلت إلى البيت وجدت أمها وأبيها جالسين بانتظارها واللذان نهضا ما أن رأوها ، فقالت بدون مقدمات وهي ترى والدها يهم بالحديث :
-"أنا موافقة"
هبت أمها نحوها وتقدمت منها قائلة :
-"هدير فكري كويس ، أنتِ مش مضطرة إنك توافقي عشان أي حاجة أو أي حد ، بلاش يا بنتي لو مش مقتنعة وأنا معاكِ.. بس بالله بلاش تسرع"
هدر سالم مقاطعًا لها قبل أن يؤثر حديثها على قرارها والذي يعلم تمام العلم أنها لم تتخذه بسهولة :
-"عين العقل يا هدير ، هبلغ مازن بموافقتك و أحدد معاه ميعاد يجي هو ووالدته"
تقدمت منه ونظرت له نظرة خالية لا تعبر عن أي مشاعر ، بل نظرة يشوبها الغموض :
-"أنا وافقت وعملت اللي أنت عاوزه ، بس ده آخر تنازل أنا هقدمه ، أظن مفيش أغلى من حريتي وسعادتي اللي أنا ضحيت بيهم ، مبقاش عندي حاجة أقدمها تاني يا سالم بيه"
طال النظرات ببنهما.. الغامضة الجامدة من ناحيتها ، والغاضبة الهادرة من والدها الذي هتف بها :
-"هدير قبل ما تنطقي بأي كلمة متنسيش أني أبوكِ"
ابتسمت ابتسامة جانبية واقتربت منه حتى باتت على بعد خطوة واحدة لتهمس بجمود :
-"يا ريتك أنت اللي تفتكر إني بنتك"
تركتهم وذهبت لغرفتها ، أغلقت الباب وجلست على الأرض ساندة ظهرها للباب وتركت العنان لدموعها.
بكت بحرقة لإحساسها أنه أعتبرها سلعة ، كل ما فكر فيه مصلحته فقط!!
مجنون من يرفض شراكة مازن السيوفي.. لكن أين هي من حياته؟
أين غيرته عليها كأب وحمايته لها؟!
نهضت من موضعها ودخلت إلى المرحاض ، غسلت وجهها ونظرت لانعكاسها في المرآة شعرت أنها تحدثها ساخرة :
-"من امتى ودموعك بتنزل ، ومن امتى وأنتِ ضعيفة؟!"
أجابت بيأس ودموع غزيرة :
-"ايوه مش ضعيفة ، لكن إحساس القهر والظلم صعب"
شعرت أن انعكاسها يبتسم بسخرية لها مجيبًا :
-"هي دي أول مرة تعرفي فيها أبوكِ؟"
-"لكن أنا فين من حياته؟
فين حميته على بنته؟"
صرخ بها الصوت بقوة كي تستعيد قوتها من جديد :
-"فوقي يا هدير ، أنتِ أكتر واحدة عارفاه ، لما كنتِ صغيرة وكل اهتمامه الشغل وبس ، والدتك هي اللي تولت تربيتك"
ليأخذها عقلها في ذكرى تناستها ووأدتها في طياته بعيًدا حتى لا تنمو عندها عقدة نفسية نحو والدها ، لكن عقلها لم يرأف بها ليقفز بها إليها..
-"بابا.. ماما.. دادة تعالوا أنا نجحت"
تعالى صياحها السعيد بعد أن هبطت من السيارة المخصصة لها لإيصالها إلى مدرستها والإتيان بها ، تتقافز في كل خطوة حاملة شهادة النجاح الخاصة بها في الصف السادس الابتدائي.
تجمع الجميع في بهو المنزل مبتسمين ، تستقبلها والدتها بأحضانها وضحكة فخورة بها قائلة ، تربت على ظهرها مقبلة وجنتيها :
-"بنوتي أنا عارفة إنها ممتازة وكنت متوقعة النجاح ده"
تساءلت عن والدها لتخبرها أنه بالمكتب ، هرولت إليه فوجدته يتحدث بالهاتف.. وقفت أمامه تربت على ذراعه حتى تجذب انتباهه مما أضطره أن يقطع اتصاله ناظرًا إليها بغضب طفيف :
-"فيه إيه يا هدير مش شيفاني بتكلم في التليفون؟!"
لم تنتبه لنبرته المؤنبة في خوض سعادتها ولوحت بورقة نجاحها أمام عينيه هاتفة بمرح طفولي :
-"بابا أنا نجحت وطلعت الأولى على المدرسة كلها"
ابتسامة سعادة ونظرة فخر يليهم حضن أبوي وكلمات تنم عن التشجيع هي كل ما تأملته منه في تلك اللحظة.
لكن لا!!
عبوس وانعقاد غاضب ، نظرة مؤنبة على ذنب لم تفهمه ، وبديل العناق والكلمات كان صراخ باسم والدتها أن تأتي ، هتاف جعلها تنتفض وتعود خطوة للخلف حتى اصطدمت بوالدتها التي أتت مهرولة :
-"فيه إيه يا سالم؟"
-"مش قولت لك إني معايا اتصال لشغل مهم جدًا مستنيه بقالي فترة ومش عاوز حد يقاطعني؟!"
نظرت لابنتها التي تقوست لأحضانها أكثر بدهشة ثم إليه مرة أخرى قائلة :
-"وهو إيه اللي قاطعك؟!
البنت نجحت وفرحانة وجت تفرحك إيه المشكلة؟!"
نظر لهما شذرًا وهتف بسخرية :
-"دي نجحت في الابتدائية مش ثانوية عامة ولا حاجة مهمة ، خدي هدير واطلعِ وأخر مرة حد يقاطعني وأنا بشتغل"
جذبت ابنتها لأحضانها أكثر تمسد على خصلاتها لتهدأ بعد أن هبطت دموعها من صراخ والدها ، لتهتف به بشراسة :
-"لا اسمعني أنت يا سالم ، شغلك لو هيبقى سبب إن دمعة تنزل من عيون بنتي يبقى في ستين داهية ، يولع الشغل"
لتشهر سبابتها في وجهه بطريقة ذهل منها لأنها المرة الأولى التي تحاكيه بهذه الطريقة :
-"ودي آخر مرة يا سالم تتصرف بالطريقة دي مع هدير لأي سبب كان طالما مغلطتش ، وآخر مرة تتعصب على حد بسبب شغلك.. أنت فاهم"
حملت ابنتها وخرجت بخطوات غاضبة تاركة إياه ينظر في أثرهما بدهشة وشعور طفيف من تأنيب الضمير.
* * * * *
ليذهب بها إلى ذكرى أخرى لكن عندما لاقى أول مقال لها نجاح ساحق نالت به ثقة الجميع ووضع بصمتها بين كبار الصحفيين.
تركض بنفس طفولتها تشاركهم نجاحها.. فلم تتلقَ منه إلى تربيتة على وجنتها وابتسامة لا تحمل أي شعور ، ثم تركها ليلحق باجتماعه الذي تأخر عليه.
أفاقت من شرودها على دقات الباب ، فجففت وجهها وفتحت فوجدتها والدتها التي ما أن رأتها حتى أرتمت في حضنها تبكي.
تحتاج إلى الهدوء
ففي داخلها ضجيج مدينة من الحنين
وفي قلبها أشلاء حكاية ممزقة
وفي عينيها ملح بكاء ألف ليلة وليلة
ظلت تربت على ظهرها بصمت تقرأ لها قرآن حتى هدأت ونامت في حضنها من التعب.
* * * * *
أخبر سالم مازن بموافقة هدير على الزواج ، وحدد معه ميعاد في الغد ليأتي مع والدته يتقدم رسميًا لطلب يدها.. سرعان ما ارتسمت على شفتيه ابتسامة نصر هامسًا لنفسه :
-"أهو كده بدأنا اللعب الصح"
هبط يخبر والدته ، وجدها جالسة في الشرفة تشرب قهوتها ، قبل رأسها وجلس على الكرسي أمامها وقال :
-"صباح الخير يا ست الكل ، قاعدة لوحدك ليه؟"
-"صباح النور يا حبيبي ، أخليهم يجهزوا ليك قهوتك"
هز رأسه بالنفي ، يتخذ بالكرسي المقابل لها مجلسًا له :
-"لا أنا جاي أتكلم معاكِ في موضوع مهم ، أنا قررت أتجوز"
هتفت والدته بفرح فها هي أمنيتها تتحقق وسيتزوج :
-"بجد يا مازن ، ومين بقى اللي قدرت تغير رأيك وتخليك تتجوزها؟"
نظر لها نظرة ذات معنى منتظرًا ردة فعلها :
-"هدير سالم"
عقدت حاجبيها بذهول لما سمعته تهمس مستفسرة أن ما فهمته صحيح :
-"هدير سالم.. تقصد سالم خطاب؟!"
أومأ برأسه بإيجاب دون صوت ، فنظرت له دون أن تجيب نظرات غامضة تعادل غموض ابنها الذي ورثه منها فتابع :
-"أنا حددت ميعاد مع أبوها بكرة الساعة 8 عشان نتقدم لها رسمي"
كاد أن يذهب فأوقفه صوتها تهتف :
-"واشمعنا هدير يا مازن؟"
ابتسم قبل أن يستدير وقد كان يعلم أن هذا السؤال آتي لا محالة ، فاستدار لها وقال بهدوء متلاعب :
-"مالها هدير يا ماما؟
أنتِ مش كنتِ تتمني اليوم اللي هتجوز فيه ، وهدير مفيهاش عيب ، عيلة ومركز ومكانة في المجتمع وصحفية كبيرة كمان وليها مكانها وتأثيرها ، يعني سوبر..
يبقى إيه المشكلة؟"
اقتربت منه تنظر في عينه بتحدي كمن تخبره وتذكره أنه ابنها فلا يمارس ألاعيبه عليها :
-"أنا عارفة كل ده ، أنا بسألك ليه هدير سالم يا مازن؟
لو على المكانة والمركز في بنات كتير ، بس أنا بسأل على اللي في دماغك يا بن عز"
ظل ينظر لها وبدأ حديث العيون بينهم ، وكأنها فهمته وما يدور في خلده لتتنهد بعمق وقالت :
-"تمام يا مازن هنروح بكرة نخطبها"
وتقدمت منه واضعة كفها على وجهه وقالت :
-"بس خد بالك من حاجة ، الست لو اتظلمت صدقني مش هتستحمل غضبها ، وهدير على قد اللي عرفته عنها مش البنت السهلة إنها تتروض ، حكم ده"
أشارت لقلبه :
"قبل ده"
أشارت لعقله ثم تركته وذهبت تفكر :
-"ربنا يهديك يا مازن ويبعد عنك شيطانك ، وهدير تقدر تنسيك اللي حصل زمان"
ظل واقفًا مكانه يفكر في كلامها ، إلى أن أفاقه صوت هاتفه كاد أن يتجاهله ظنًا منه أنها نادين كعادتها تلك الأيام لكنه كان رامز فأجاب :
-"ألو أيوه يا رامز صباح الخير"
نظر الآخر إلى الهاتف بدهشة من الرد غير المعتاد وهتف قائلًا:
-"صباح الخير!!
من امتى وأنت محترم؟"
بدأ مازن في الغضب من استفزاز صديقه ، فهو الوحيد القادر على جعله يخرج عن طوره وبروده :
-"انجز مش ناقص استظراف"
قهقه الآخر مشاكسًا :
-"إيه يا عريس في حد يبقي مضايق وهو هيتجوز ، بس بصراحة ضربة في الجون ، البت قمر"
صرخ به بعنفوان لم يحدد سببه من ذلك الغزل :
-"ما تحترم نفسك بدل ما تقع تحت إيدي"
وصله صوت العابث :
-"إيه ده متقولش إن دي بداية غيرة!
هي الصنارة غمزت ولا إيه.. ألو ألو"
أغلق الخط في وجهه بضيق يتوعد له ، ولسانه يسبه بحنق.
أما علي الجهة الأخرى فكان رامز جالسًا في ملعب التنس في النادي يكاد يختنق من الضحك فجاءت نادين من خلفه وجلست بجانبه دون استئذان تقول بفضول :
-"ما تضحكني معاك"
نظر لها وانفجر بالضحك أكثر فلم يقدر على النطق ، ففغرت فاها باستغراب من حالته وقالت :
-"في إيه يا رامز إيه الضحك ده كله؟!"
وضع يده على فمه يحاول السيطرة على سيل ضحكاته يقول من بينهم :
-"تعرفي يا نودي أنتِ اللي صعبانة عليا"
عقدت حاجبيها بتعجب :
-"صعبانة عليك ليه؟"
-"أصل مازن لسه مكلمني وقالي إنه بكرة رايح يخطب ، تخيلي مازن هيتجوز!"
تسمرت في موضعها لبعض الوقت غير واعية لما قاله لتوه!!
بالتأكيد هو يمزح !
فكيف سيتزوج مازن بعد كل هذا؟!
نظرت له علها تجد أي بادرة للمرح لكن ملامحه ونظراته الثابتة بالرغم من ضحكه أثبتت لها أنه سيفعلها لتنتفض من مكانها تصرخ :
-"هيتجوز يعني إيه هو أتجنن؟
استحالة مازن يعمل كده"
وقف يضع كفيه بجيوب بنطاله كأنه لم يستمع لصراخها وقال بتسلية :
-"لا أومال لما تعرفي بقى هيتجوز مين؟!"
-"مين!"
سألته بحذر وأعين مترقبة الاسم الذي أختار صاحبته تحمل اسمه العتيد ليأتيها الرد :
-"هدير سالم"
فصرخت أكثر وشعرت أن هذا أكبر من أن تتحمله :
-"مــين ، هدير!!
حتة الصحفية دي!!
على جثتي لو الجوازة دي تمت"
انصرفت كأن الشياطين تلاحقها ، عازمة أمرها أن تخرب هذا الزفاف.. فمازن لها فقط.
هاتفته على عجالة وطلبت منه رؤيته للتحدث في أمر هام وأنها ستسبقه إلى بيتهم..
ذهب إليها وجدها واقفة أمامه تقطع الساحة ذهابًا وجيئة بخطوات ساخطة ، فرفع حاجبه الأيسر باستنكار وهتف ينبهها بوصوله قائلًا:
-"مالك يا نادين طلبتِ تقابليني بالسرعة دي ليه؟"
التفتت تنظر له بغضب فجعلت خصلاتها تغطي نصف وجهها وقالت تتقدم نحوه :
-"أهلًا مازن بيه ، أتمنى مكنش أزعجتك يا عريس ، أه صحيح مبروك"
ذم شفتيه قبل أن يبتسم بسخرية ، يخرج سيجارته المعتادة يشعلها بهدوء مهيب ، ثم أجابها ينفث دخانها عاليًا :
-"كويس أنك عرفتِ ، بصراحة رامز طول عمره فاهمني ، وفر عليا الوقت ووصلك الخبر ، الله يبارك فيكِ يا بيبي"
احتقن وجهها بالدماء ، وظهر عليه ملامح الغضب والثورة ، فتقدمت منه بخطوات واسعة تمسكه من تلابيب سترته هاتفة بقوة ، فليس بعد ما قدمته تأتي تلك الفتاة وتأخذه منها بهذه البساطة :
-"أنت بتهزر يا مازن صح؟
قول إن كل ده مقلب معمول فيا منك أنت و رامز ، أنت مش هتتجوز؟
أنا مراتك ومفيش غيري هتكون مراتك"
وكأنه لم يستمع لهتافها وثورتها ، يبتسم ابتسامته الجانبية يمد كفه يمسك يدها وقبّلها على ظاهرها ، ثم نظر لها نظرته التي تعشقها :
-"طبعًا يا بيبي أنتِ مراتي وهو أنا قولت غير كده ، بس الغلط في كلامك إن ده مش هزار لا مني ولا من رامز"
راقبته بدهشة تعقد بين حاجبيها تحاول فهم حديثه فقالت :
-"مش فاهمة يعني إيه؟
عاوز تفهمني إن مازن عز الدين اللي مبيكرهش في حياته حاجة قد الجواز يبقى على ذمته اتنين!"
ابتعد عنها يقهقه برتابة خافتة أثارت ريبتها وهي تراه يدور حولها هامسًا :
-"أنتِ صح.. طبعًا مش هيكون على ذمتي اتنين ، وكده هبقى مضطر أختار واحدة بس بينك وبين هدير"
- "وأنت أخترت مين؟"
قالتها بترقب ليجذبها إليه من ذراعها ، واضعًا يده خلف عنقها يقربها منه ببطء ، يضع شفتيه فوق خاصتها يقبلها قبلة متمرسة متمهلة كأنه يريد منها أن تشتعل ، في حين حاوطت عنقه بذراعيها وبادلته بخبرة وفرحة ظنًا أنه بفعلته يخبرها أنه أختارها هي وأن كل ما سمعته هراء!
ابتعد عنها وجدها مغمضة العين ، فابتسم بمكر واقترب من أذنها هامسًا :
-"أنتِ طالق"
تركها مصدومة مما سمعته.. لقد طلقها!
بعد كل هذا يطلقها مفضلًا تلك الفتاة عليها؟!
تعالت أنفاسها ، توسعت عينها ، وتسمرت مكانها لم تتحرك غير مصدقة لما تفوه به!
أقسمت أنها لن تجعله يهنأ معها ، ستنتقم منه على الأيام التي قضاها معها وتركه لها بهذه الطريقة!
ستنتقم منه على ما قدمته له بطيب خاطر!
ستنتقم منها ظنًا منها أنها السبب في إبعاد مازن عنها.
لكنها تناست أنه لا خير في ود امرئ متملق
حلو اللسان وقلبه يلتهب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروع منك كما يروع الثعلب.
* * * * *
جاء المساء وارتدت أسماء ثوبًا من اللون الأسود بأكمام طويلة من الدانتيل ، يضيق حتى خصرها ويهبط باتساع حتى كاحلها ، تاركة العنان لشعرها يزينه دبوسًا على هيئة فراشة رقيقة ، ولم تضع على وجهها أي نوع من المساحيق.
انتهت وذهبت لغرفة أخيها لتجده أتم ارتداء بذلته الرمادية وقميص باللون الأسود ورابطة العنق بلون البذلة ، ويضع عطره المميز.
ابتسمت له واقتربت منه قائلة :
-"مبروك يا مازن"
نظر لانعكاسها بالمرآة مبتسمًا يجيبها بمشاكسة :
-"أخيرًا حملة الاعتراض اللي كنتِ عملاها عليا خلصت ورضيتِ عني وعن قرار جوازي؟!"
تخصرت بغيظ ، تهز قدمها برتابة تناظره بشذر ، ثم هتفت من بين أسنانها :
-"بلاش تفكرني وخليني ناسية أحسن يا حبيب أختك"
ضحك بقوة من ردود أفعال صغيرته..
فهي منذ أن أخبرهم بقراره قاطعت الحديث معه وإن فعلت تحدثه ببرود ، فالتفت لها وأحاطها بذراعه بقوة يملأها الحنان :
-"الله يبارك فيكِ يا سمسمة ، عقبالك يا حبيبتي"
لتهتف باستنكار :
-"أنت عايز تخلص مني ، أنا لسه صغيرة"
ضحك مليء شدقيه ، يحيط كتفيها قائلًا بمشاغبة :
-"أنت تقعد في المكان اللي يعجبك.. المهم يلا بينا ، ماما فين؟"
-"مستنية تحت يلا ننزل"
هبطا سويًا متعانقان الأذرع فوجدا أمهم في انتظارهم ببذلتها الكلاسيكية الأنيقة التي أعطتها وقار ورهبة تليق بها لينطلق الجميع إلى فيلا سالم.
* * * * *
في الجانب الآخر هناك معركة قائمة بين سهام والعنيدة التي ترفض ارتداء ثوبًا لاستقبال الضيوف ، وتصر على ارتداء ملابس رياضية مكونة من بنطال جينز و كنزة رياضية ، تكاد أمها اقتلاع شعرها من جنانها وهي تجلس على الفراش في برود
لتقول بحنان حاولت التحلي به حتى تقنعها :
-"يا بنتي استهدي بالله وقومي البسي فستان شيك.. الضيوف خلاص على وصول ، الساعة قربت على 8"
-"ماما يا حبيبتي ريحي نفسك لأني مش هلبس فساتين ، لما أبقى أوافق برضايا هبقى ألبس اللي أنتِ تحبيه"
تنهدت بيأس وكادت أن تتكلم حتى وجدت منار تدخل الغرفة فقالت كمن وجدت طوق نجاة :
-"كويس إنك جيتِ يا منار ، تعالِ شوفي المجنونة دي"
عقدت حاجبيها بدهشة تضع حقيبتها على الطاولة :
-"في إيه طنط؟
وأنتِ يا هدير كل ده لسه مجهزتيش!"
قالت هدير ببرود تكتف ذراعيها تستند على ظهر فراشها :
-"ما أنا جاهزة أهو"
اتسعت عيني منار وصرخت بها بغيظ :
-"عايزة تقابلي الناس بجينز يا هدير!
أتجننتِ رسمي خلاص ، قومِ يا بت ألبسي الفستان وإلا قسمًا بالله أعورك"
كادت أن تعترض فوجدت الاثنتان تسحبانها ويجبراها على ارتداء ذلك الثوب البغيض في نظرها.
كان ثوب فضي بأكمام قصيرة من الستان ينزل بطول جسدها ، يزينه حزام أبيض مرصع باللؤلؤ في منطقة الصدر ، ووضعت شعرها على الجانب الأيسر ولم تضع مساحيق تجميل ، فغضبها كان له ميزة وأعطاها حمرة زينت وجهها وزادته جمالًا.
وصل مازن وكان سالم في استقبالهم الذي رحب به وبأسرته ، جاءت سهام ورحبت بهم بشدة ، احتضنت ميرفت حيث كانوا أصدقاء منذ الصغر ولكن فرقهم الزواج وسفر سهام مع زوجها في بداية مشوار حياته.
جلسوا يتحدثون إلى أن دخلت هدير بجمالها تصاحبها منار ، تعلق نظر مازن بها منذ دخولها ، بثوبها الذي لعبت الصدفة به ليكون بلون بذلته فابتسم ابتسامة لم تظهر ، وأمه التي فرحت بها وشهدت بجمالها وقالت :
-"بسم الله ما شاء الله يا هدير ، أجمل بكتير من الصور"
-"ميرسي يا طنط ربنا يخليكِ"
همست أسماء الجالسة بجانبها بمرح تميل على أذنها :
-"إيه ده أنتِ فضي وهو رمادي ، أنتو متفقين مع بعض ولا إيه؟"
نظرت لها بغضب ولكزتها في ذراعها مما جعلها تتأوه :
-"اتلمِ يا أسماء و بلاش أقلب عليكِ"
لكن الأخرى لم تكف عن عبثها وأكملت تتصنع الجدية :
-"عيب يا هدير أنا أخت خطيبك وجوزك مستقبلًا ، يعني قولي لي يا طنط"
ضحكت منار التي كانت تجلس بينهما بخفوت وهمست لأسماء :
-"سيبيها دلوقتي أصل عفاريتها حاضرة ، دي لبست الفستان بالعافية ، تصوري كانت عايزة تنزل ببنطلون وبلوزة"
فغرت أسماء فاها بذهول وعدم تصديق مرددة :
-"بنطلون وبلوزة!
دي ميرفت هانم كانت أقامت عليها الحد ، آه ماما طيبة وكل حاجة بس في الإتيكيت متعرفش عزيز"
قطع حديثهم صوت مازن ، يلتفت لسالم :
-"سالم بيه ، ندخل في الموضوع على طول ، أنا بطلب منك أيد الآنسة هدير''
-"وأنا يشرفني يا مازن بيه ، أنا مش هلاقي لهدير شخص أحسن منك"
-"ده أسوأ شخص على وجه الأرض يا بابا"
رددت هدير الكلمات في نفسها ، تستمع إلى والدته التي أكملت الحوار :
-"وأنا مش هلاقي أفضل من هدير لمازن ، أنا أول ما شوفتها حبتها..
والظاهر إننا هننسجم مع بعض كتير ، فأنا بقول نقرأ الفاتحة دلوقتي ، والخميس الجاي زي النهاردة نعمل خطوبة كبيرة"
اتسعت حدقتيها من السرعة ورددت مرة أخرى :
-"يا شيخة خطوبة إيه!
أنا لو عليا أقوم أجري وأجيب ناس تجري معايا ومرجعش إلا إما ابنك يختفي خالص"
قالت سهام بحنان :
-"ربنا يخليكِ يا ميرفت ، وأنا مطمنة طالما هدير هتبقى معاكِ"
نظر سالم لأبنته وقال متسائلًا :
-"إيه رأيك يا هدير؟
موافقة الخطوبة تبقى الخميس الجاي!"
تلاقت أعينها بأعين مازن الذي نظر لها بتحدي أن ترفض وكأنه يقول لها :
-"اعمليها وارفضي"
فردت له النظرة بمثيلتها :
-"أنت عارف إني مش هقدر أرفض ، بس والله لأكرهك في اليوم اللي وافقت فيه"
قطعت نظرتها معه والتفتت لأبيها تتصنع البراءة على وجهها ، وبنظرة خجل اتسعت لها أعين أسماء ومنار ، يسمعونها تهمس بلطف غريب عليها :
-"اللي حضرتك تشوفه يا بابا"
تمت قراءة الفاتحة وأتفق الجميع على أن تقام الخطبة الخميس القادم في فيلا سالم ، بحضور عدد كبير من الصحافة والإعلام ورجال الأعمال ، وأتفق مازن معه على إمضاء عقود الشراكة يوم الخطوبة.
* * * * *
عملها يشبه الرواية
فصولها أيامها فيه
وأحداثها تسردها بخط يدها
بدأت منذ أن اتخذت قرارها في خوض هذا المجال
وسيكون لها استمرار بعد الموت
وفي داخل أحداثها يصبح للعذاب معنى
كانت بالأمس عمياء
تسير في نور النهار
فأصبحت مبصرة
تسير في ظلمة الليل
مكان منعزل إلا من مقهى صغير به القليل من الأشخاص
أربعة سيارات كل اثنتين في مقابل الأخرى
اثنان من رجال الأعمال ذوو المكانة المرموقة في سوق الاقتصاد يقفان يتحدثان ويتبادلان حقيبة أموال صغيرة
وعلى مناسبة تقف بكاميرتها تلتقط الصور كي ترافق بهم مقالها القادم بعنوان
"أكبر عملية رشوة في الموسم"
رآها أحد الرجلين ، فأمر حراسه أن يحضروها قبل أن تهرب ، وعندما وجدتهم انتبهوا لها أسرعت راكضة تهرب منهم ، فإذا أمسكوا بها ستكون في خبر كان.
ظلت تركض بأقصى سرعة ، كاد أحدهم أن يمسكها فضربته بالكاميرا على رأسه وركضت ، إلى أن وجدت سيارة تقف أمامها يهبط منها رجلان لا يختلفان في جسدهما عن الحائط ، طلبوا منها ركوب السيارة فرفضت خوفًا أن يكونا من طرف هؤلاء الأشخاص.
أمام رفضها اضطر واحد منهم أن يمسكها من رأسها وأرجع رأسه للخلف وضربها على جبهتها فسقطت فاقدة وعيها ، ثم حملها الرجل للسيارة وانطلق.
بعد مرور ساعتين
تأوهات متألمة صدرت منها ، تحاول أن تستقيم لكن جسدها يخونها حتى استطاعت بالأخير أن تجلس تضع يدها على جبينها من شدة ما تشعر به من ألم برأسها ، حاولت فتح عينيها فلم ترَ شيئًا في البداية فأغلقتها وفتحتها لترى ظلًا واقفًا أمامها وضعت يدها على عينيها تتحقق منه ، فما كان إلا مازن!
إفاقة مفاجئة ضربتها فاتسعت عيناها بدهشة ، ونظرت حولها لتجد نفسها في مكتبه بشركته ، وهو أمامها ينظر إليها بتعابير لا تعرف هل تنم عن الغموض أم الغضب أم ماذا؟
انتفضت واقفة ولكنها شعرت بدوار ، كادت أن تسقط لولا يده التي سندتها وأجلسها قائلًا بعتاب :
-"اقعدِ أنتِ لسه دايخة"
وضعت رأسها بين يدها بتعب من كثرة الصداع تتساءل بدهشة:
-"أنا جيت هنا أزاي؟
آخر حاجة فكراها كنت بجري ، وفجأة لقيت اتنين وقفوا قدامي ومصممين إني أركب معاهم ، ولما رفضت واحد فيهم ضربني بدماغه وبعدها معرفش أي حاجة"
تأوهت بألم تدلك جبهتها الملتفة بضمادة لا تعلم متى وُضِعت ، ثم نظرت له بتيه قائلة :
-"ممكن تفهمني إيه اللي حصل؟"
نظر لها مازن ، يجلس أمامها على الطاولة وشرع يسرد عليها ما حدث بالتفصيل..

واقفة على مقربة من الرجلين اللذان تمت بينهما عملية الرشوة ، وعلى مقربة منها سيارة بها رجلين مكلفين من قبله بمراقبتها إذا حدث لها مكروه ينقذونها..
وجدوها تركض وهؤلاء الرجال يهرولون خلفها ، فانطلقت السيارة وقطعت عليها الطريق ، رفضت الركوب فاضطر واحد منهما أن يضربها لتفقد وعيها ليستطيعوا إنقاذها.
بعدما حملها الرجل إلى السيارة وانطلق ، أتصل بمازن يخبره ما حدث ، ولكن لم يخبره أنها فقدت الوعي خوفًا من غضبه ، فطلب منهم أن يحضروها إلى الشركة.
بعد نصف ساعة كان يقف في مدخل الشركة مع رامز ، فوجد رجاله يدخلون يحملونها ، اتسعت عينيه بذهول وصرخ بهم يتقدم نحوهم قائلًا :
-"إيه ده.. أنتو عملتوا فيها إيه؟!"
ارتبك الرجل وقال :
-"يا باشا كانت رافضة إنها تركب معانا ، مكنش قدامنا حل غير إننا نخليها يغمي عليها"
أخذها من بين يدهم وحملها بحرص وهتف بهم غاضبًا :
-"حسابكم معايا بعدين ، غوروا من وشي"
ثم ألتفت لرامز هاتفًا :
-"اطلب الدكتور بسرعة"
سار بها لمكتبه يمددها على الأريكة ثم جلس مقابلها ينظر إليها..
شعرها يغطي وجهها كستائر سوداء تتوارى خلفها خجلًا فمد يده يبعده خلف أذنها ، فظهرت ملامحها هادئة جميلة..
حاجبيها غير معقودان ، جبهتها مسترخية غير معتاد عليهما هكذا دائمًا يراها غاضبة ، جادة ، فمها الصغير وشفتيها المضمومتان التي يظن أنها عندما تبتسم ستظهر عظمة صاحبتها وجمالها.
تمنى لو الوقت توقف هنا يطيل النظر لها.
دقة!
دقة قلب شعر بها تبعتها الأخرى ، وجرس إنذار يدق في عقله ينبهه إلى شعور على وشك أن يدخل إليه ، ليهز رأسه نافضًا ذلك الشعور ونهض من أمامها يطالع السيارات أسفل شركته!
فتاة تحمل لسانًا يملك من الدهاء والعمق الكثير!
عينين ذات بريق تخترق أشعته حجب الخيال تارة ، ويتلقى إيحاءات الخلود المنتظرة تارة أخرى!
وقف يدخن سيجارته حتى دخل رامز وياسمين خلفهما الطبيب.
فحصها وأعطاها إبرة كي تفيق ، فطلب من رامز أن يرأس الاجتماع ، وجلس على الكرسي أمامها حتى تفيق.
أنهى سرده لتنظر له بذهول وقد نسيت ألم رأسها وانتفضت تصرخ:
-"يعني دول رجالتك أنت!
أنت ممشي ناس ورايا تراقبني يا مازن؟"
وضع ساق فوق الأخرى ونظر لها من موضعه باسترخاء كأنه سلطان على عرش ملكه يجيبها بهدوء مميت :
-''أيوه باعت ناس وراكِ بس مش عشان أراقبك ، عشان أحميكِ..
تقدري تقولي لي لولا الناس دي كنتِ هتهربي أزاي من اللي كانوا وراكِ؟"
نهض من موضعه يتقدم منها مطالعًا إياها من أعلاه واضعًا يده في خصره هامسًا ينحني نحوها :
-"ثم ممكن تقولي لي إيه اللي يوديكِ مكان مقطوع زي ده؟"
بادلت نظراته بمثيلتها بل كادت تفوقها قوة ، حدقتيها تهتز من الغضب لكن برودها استحضرته في نبرتها التي همست بها رافعة أنفها أمامه مزامنة مع حاجبها الأيمن :
-"شغل"
صرخ بها فجأة وبشراسة جعلها تعود خطوة للخلف وعيناها تتسع من هتافه وغضبه :
-"شغل!
وشغلك كان يفيد بإيه لو كان حصلك حاجة!
لو كانوا لحقوكِ تخيلي كانوا هيعملوا فيكِ إيه؟"
ارتبكت من ثورته ، على الرغم من كل شيء تغضب من أن يصيح أحد عليها.
طالعت نظرته لها تحللها أخوف أم اهتمام؟!
تقسم أنها رأيت لمحة من الخوف والقلق ، لكن عقلها لا يريد أن يصدق ، فكيف لشخص مثله أن يمتلك مشاعر؟!
قالت بصوت مرتبك ونظراتها تحوم في المكان حولها :
-"كانوا هيعملوا إيه يعني؟
يقتلوني!"
أمسكها من ذراعيها يضغط عليه بقوة لم يقصدها حتى ظهر الألم على وجهها وصرخ بها :
-"تفتكري هما أغبية إنهم يسيبوا من أيديهم واحدة زيك من غير ما........."
ترك كلماته معلقة يدقق النظر لها ، فانتبهت للمعنى المبطن لكلماته ، واتسعت عيناها وفمها من صراحته ، فحاولت تغيير الموضوع لتقول بشراسة مصطنعة :
-"سيب دراعي يا مازن ، وبعدين ده ميدكش أي حق إنك تراقبني.. ثم بأي حق راجلك يضربني؟"
خفف من قبضته على ذراعيها لكنه لم يتركها بل قربها منه أكثر ، وقال بشراسة وغضب من تصرفاتها :
-"أولًا.. سيبك من حتة أراقبك دي ، سواء عجبك أو لا أنا هعمل اللي أنا شايف إنه صح خصوصًا بعد اللي حصل النهاردة.
ثانيًا.. ضربة الراجل أنا هحاسبه عليها ، ولو إني عاذره لأن دي الطريقة الوحيدة اللي تنفع معاكِ"
نظرت له بشذر وكتفيها تتحرك بين كفيه حتى أفلتت ذراعيها من قبضته ، وتحركت من أمامه تحوم حول نفسها هاتفة :
-"أنا عاوزة أمشي من هنا"
ثم صرخت فجأة جعلته ينظر لها بدهشة وإحدى حاجبيه يرتفع ، يقول في قرارة نفسه :
-"الظاهر الضربة خليتها تتجنن أكتر!"
- "فين الكاميرا وفين شنطتي؟"
أشار لها إلى الطاولة حيث حقيبتها وأغراضها موضوعة ، فذهبت تتحقق أنها لم ينقص منها شيئًا تحت أنظاره فأراد مشاكستها قائلًا بوقاحة تسمر لها جسدها :
-"بس حلو الفستان عليكِ ، لو كان أقصر شوية كان هيبقى أوه"
استدارت له بذهول وشعرها يتطاير حوالها
ألم يكف عن وقاحته!
لم يبالِ بنظراتها بل كان متشوقًا ليراها ، فأردف يتقدم منها بنظرات متلاعبة وبسمة جانبية عابثة :
-"أظن إنك لسه تعبانة ، تعالِ أشيلك لحد العربية أنا بحب أساعد الحلوين"
خطواته تقترب منها على أمل أن يحملها لكنه انحنى فجأة عندما أخذت مزهرية صغيرة كانت موضوعة على طاولة خلفها وقذفته بها تصرخ بجنون حانق :
-"هتفضل قليل الأدب ، عمرك ما هتتعدل أبدًا"
أخذت أغراضها وخرجت بغضب من المكتب ، أما هو ظل يضحك على مظهرها وتبعها قبل أن تغلق المصعد ، وعندما وصلوا إلى باب الشركة وجدت الرجل الذي ضربها ، فذهبت باتجاهه وضربته بحقيبتها على ذراعه هاتفة :
-"دي عشان تبقى تلمسني تاني ، عارفة إنها مش هتأثر فيك بس بدل ما يحصل ليا حاجة"
التفتت لتجد مازن ينظر لها بتسلية بجانب سيارته فكادت أن تذهب من جواره لكنه أمسكها يفتح الباب الأمامي وقال :
-"اركبي"
لتجيبه بسخرية ممزوجة بغضب تبتسم بغيظ تهز كتفها بحركة أظهرت دلالها الفطري :
-"لا هاخد تاكسي ، متشكرة على خدماتك"
تنهد بصبر ينظر لها هامسًا بهدوء :
-"اركبي يا هدير بدل ما أشيلك وأحطك في العربية بالعافية"
نظرت له بتحدي ولاح في عقلها رغبة في عناده مكتفة ذراعيها أمام صدرها تهز قدمها بانفعال :
-"قولت مش هركب معاك يا مازن و.........."
لم تكمل عبارتها ووجدته ينحني أمامها فجأة ، نظرت له بدهشة متسائلة عما يفعله ، فآتتها الإجابة عندما نفسها تحلق عاليًا على ذراعيه يحملها كرجل الكهف ، ووضعها في السيارة ثم ألتفت يركب بجانبها وانطلق ، كل هذا تحت أنظارها المليئة بالدهشة.
آثرت الصمت حتى نهاية الطريق ، فلو تحدثت سيتم القبض عليها بتهمة قتله.. أوصلها إلى منزلها وكادت أن تنزل وجدته يقول :
-"المرة دي عدت على خير ، المرة الجاية صدقيني مش هعديها بالساهل ، مفهوم؟!"
ضغطت على المقبض بقوة تنفس عن غضبها ، تضغط على أسنانها بقوة قبل أن تستدير إليه ببرود وأنف مرتفع :
-"والمرة دي سبتك تدخل في اللي أعمله واللي معملوش ، المرة الجاية مش هعديها بالساهل ، مفهوم؟!"
* * * * *
جاء يوم الخميس بسرعة لم ينتبه لها أحد
الجميع بحديقة منزلها على قدم وساق حتى يتم الانتهاء من جميع التجهيزات قبل أن يحل الموعد.
وصلت منار إلى المنزل ، ففتحت لها كريمة التي رحبت بها وأدخلتها لتهتف بمرح وهي تقبلها :
-"هدير صحيت يا دادة ولا لسه؟"
تنهدت كريمة بيأس تهز رأسها بقلة حيلة :
-"اطلعي يا بنتي صحيها.. غلبت معاها أنا وسهام هانم"
صعدت وسارت باتجاه غرفتها ، إلى أن قابلت سهام في طريقها تتحدث مع نفسها فعقدت حاجبيها وقالت :
- "مالك يا طنط في إيه؟"
صرخت بعصبية أعادت منار خطواتها للخلف في حركة دفاعية:
-"هتموتني ناقصة عمر ، نايمة ولا أكنها عروسة ، كل ما أدخل أصحيها تقولي طيب وتكمل نوم عادي"
أحاطتها منار بذراعيها وقبلت وجنتيها هاتفة بابتسامة :
-"اهدي يا طنط عشان تبقي قمر بالليل ، ولو على المجنونة دي أنا عارفة أصحيها أزاي ، أنتِ بس اعملي لينا سندويتشات بإيدك الحلوة دي لحد ما تجهز"
تنهدت سهام بصبر وأومأت بموافقة وهي ترى منار تكشف عن ساعديها ودلفت للغرفة ، وما كادت تخطو خطوة واحدة حتى صدع صوت ابنتها المفزع :
-"إيه في إيه!
في حد عاقل يصحي حد بالمنظر ده ، والله ما هسيبك"
كانت قد أمسكت دلو الماء الموضوع على الطاولة بجانبها ، وألقته فوق النائمة في سكون ، مما أفزعها وجعلها تنتفض شاهقة من البرودة.
نظرت لها الأخرى ببرود وهي تضع الدلو من يدها ، وقالت بنبرة قوية :
-"في واحدة شكلك خطوبتها النهاردة لسه نايمة لحد دلوقتي؟!
يلا عشان تجهزي ، أسماء كلمتني جاية في الطريق"
وصلت أسماء ومعها ثوبها وثوب هدير ، صعدت لهم وجدتهم يتناولون فطورهم ، أجبرتها الفتاتان على تناول الفطور معهم.
وصلت العاملات من مركز التجميل ، فأعطتها أسماء الثوب التي سترتديه من اللون القرمزي الضيق حتى ركبتها ثم ينزل باتساع بطبقات من الشيفون ، ذات أكمام تصل أسفل مرفقها من الدانتيل المزين بورود صغيرة حمراء ، بخطوط فضية أسفل الصدر إلى خصرها.
كانت مثيرة!
رفعت شعرها بشكل رقيق ومجموعة من الخصلات تمردت على وجهها ، وضعت مستحضرات تجميلها بشكل بسيط بعد معركة مع أسماء ومنار.
ارتدت أسماء ثوبًا ورديًا هادئًا يصل لبعد ركبتيها.
ومنار آخر من اللون الابيض ذو حمالة واحدة يهبط باتساع لكاحلها.
صعد سالم ليأتي بها وهبط إلى الحديقة التي زينت بديكور رقيق هادئ ، فالإضاءة جميلة راقية ، والبالونات رصت على طول الممر التي ستسير فيه العروس.
ألقت مجموعة من البالونات في حوض السباحة مع عقود من الإضاءة الجميلة وضعت حوله تنعكس أنوارها الملونة تعطيه منظر خلاب ، وهناك عدد كبير من الصحفيين ورجال الأعمال والمهندسين وسيدات المجتمع.
غربت الشمس واحتل الليل السماء
ذهبت تاركة منظرًا ترق به المشاعر وتلين
منظرًا رائعًا سحر أعين الجميع
وكأنها وضعت سر جمالها في أميرة كالفجر
تتهادى بشموخ وكبرياء
كخيوط النور تهوى سارقة الأنفاس
تقترب منه تناظره بقوة وجمود يقف آخر الممر بحلتّه السوداء ورابطة عنقه الفضية يضع كفيه فوق بعضهما أمامه.
ابتسامته تشبه ابتسامة مفترس أوقع بفريسته
نظراته أشبه بنمر أصابته التخمة بعد وجبة دسمة أرضته
قرر ، خطط ، وسار على خطى رسمها بنفسه
فكانت النهاية مرضية لأهدافه
أخذها من والدها يضع يدها في يده بتملك وصحبها إلى المكان المخصص لهم تتبعهم عيون الحاضرين.
سواء عيون الشباب الذين يحسدون مازن على امتلاك هالة الجمال.
أو عيون الغيرة والحقد لهدير من الفتيات اللائي كانوا يحاولن لفت أنظار مازن بكافة الطرق.
جلسا على المقعد المخصص لهما ثم ألتفت لها قائلًا بسخرية :
-"اضحكي ليقولوا غاصبها على الخطوبة"
نظرت له ببرود وهمست قائلة تقترب بوجهها منه :
-"والله أنا كده ربنا خلقني مكشرة ، مش عاجبك قوم امشي"
هز رأسه بمعنى بلا يردف هامسًا بابتسامة تثير سخطها :
-"ودي تيجي بردو ، مش قبل ما أوريكِ المفاجأة اللي أنا عاملها ليكِ"
عقدت حاجبيها بتساؤل عن معزى حديثه ، فابتسم بغموض ثم وقف واتجه إلى منسق الصوت يأخذ الميكروفون مستديرًا إلى الجميع الذين صمتوا ما أن رأوا مبادرته على الحديث ، فقال بصوت رخيم:
-"مساء الخير ، أولًا أحب أرحب بالكل..
ثانيًا.. أحب أعبر عن امتناني وسعادتي بشراكة سالم بيه بداية على الشغل الكبير بينا..
ثالثًا وده الأهم.. المفروض أن النهاردة خطوبتي أنا وهدير ، بس في مفاجأة أنا محضرها ليها"
تقدم من الواقفة تتابع حديثه بحاجبين معقودين بتساؤل وحيرة ، قلبها يحدثها أن ما سينطق به لن يعجبها ، لتشهق عندما تفاجئت به يحيط خصرها بذراعه يقربها منه ، يتابع اتساع عينيها من حركته يقول ناظرًا لعينيها :
-"مفيش خطوبة ، ولا ارتباط بينا!"


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس