عرض مشاركة واحدة
قديم 23-11-20, 03:13 PM   #17

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث عشر.

الشيء الوحيد الذي يقف عقبة في طريق تحقيق ما تريده
هو قصة وهمية اعتدت أن تسردها لنفسك وللآخرين كي تبرر عدم قدرتك على تحقيق هدفك.
فاترك الاعذار وأعمل على تحقيق ما تريد بكل قوتك

عادت إلى المنزل برفقته متصنعة اللامبالاة طوال الطريق ، تعبث بهاتفها متجاهلة نظراته إليها وما تظهرها من عشق وحب بعد اعترافه المفاجئ ، ولكنها في الحقيقة لم تفق إلى الآن مما حدث منذ قليل
أحقًا اعترف لها بحبه؟
بعد كل هذه السنوات تكون حبيبته!
أيمكن أن يتحقق حلمها بعد كل تلك الأيام من الحزن؟
لكن ليس بهذه السهولة ، ستعذبه بحق الفترة الماضية التي تعتمد استفزازها فيها.
ظل ينظر إليها طوال الطريق ، لم ينطق بكلمة مراعيًا صمتها وتفكيرها في اعترافه ، لكنه لم يمنع نفسه وعينيه من تأملها ، خصلاتها التي رفعتها أعلى رأسها تمرد بعضها هابطًا إلى جبهتها ، عينيها المتسعتين ، أنفها الصغير ، وفمها الصغير المرسوم بعناية تطل منه أجمل ابتسامة تدفعه يحارب الجميع من أجلها فقط.
على الرغم من غيرته الشديدة من عمر ألا أنه يلتمس له العذر.
فمن يراها ولم يقع في حبها!
وهذا ما يدفعه ليخفيها عن أعين الجميع.. قبل اليوم لم يكن لديه الحق ان يفعل شيئًا ، لكن بمجرد اعترافه لها بحبه في قانونه بمثابة صك ملكية.
هبطت من سيارته دون أن تهمس بأي كلمة ، حاملة حقيبتها بيدها متصنعة اللامبالاة ، ثم دلفت إلى المنزل وتركته خلفها متظاهرة بالتجاهل.
أما هو فقد صف سيارته وأسرع يلحق بها ، فلابد أن يظفر بجواب منها.. لا بل موافقتها فهو لن يقبل إلا بذلك.
دلف إلى المنزل وحال برأسه يبحث عنها ، فوجدها تخرج من المطبخ حاملة بيدها زجاجة من المياه تشرب منها ، فهتف باسمها قبل أن تصعد لغرفتها ، التفتت له تغلق زجاجتها وقالت بهدوء :
-"أيوه يا رامز"
اقترب ولم يحد بنظره عنها حتى وقف أمامها ينظر لها بقوة عازمًا على عدم التحرك من أمامها إلا عندما يظفر بما يبرد نيران قلبه "
-"مش هتردي على كلامي؟
ناوية على إيه يا بنت السيوفي؟"
-"كلام إيه؟
وناوية على إيه في إيه؟"
رفع حاجبها من تلاعبها وأحنى رأسه نحوها هامسًا بمشاعره قوية وعينيه تنطق بحبها :
-"أسماء بلاش تعملي نفسك مش واخدة بالك ، قولتها مرة فلو عايزة تسمعيها اطلبيها صريحة"
أرادت اللعب بأعصابه قليلاً فقالت بنيرة مصطنعة الأسى :
-"رامز أنت أخويا ، وإحنا أصدقاء وعمري ما فكرت إن ااا.. إن يعني تحبني وكده"
نظر لها بشذر لما تفوهت به ، واصطبغ وجهه باللون الاحمر هامسًا لنفسه من بين أسنانه يضغط على جفنيه يستمد الهدوء:
-"أخوات و أصدقاء في جملة واحدة؟"
ثم رفع نظراته إليها مرة أخرى قائلًا :
-"بقولك بحبك ، و مش حب أخوات و لا صحاب ، بحبك من ساعة ما شوفتك , تقولي أخوات؟
ولا شكل أستاذ عماد عاجبك؟"
تجاهلت كل ما قاله وقالت ببراءة عاقدة حاجبيها :
-"اسمه عمر على فكرة مش عماد"
هتف بنفس النبرة الغاضبة منها مقتربًا خطوة منها جعلتها تعود للخلف بارتباك :
-"عماد ، عمر ، عفريت أزرق.. بلاش تعصبيني"
رفعت حاجبها وهمست بمكر ونظراته لها متلاعبة :
-"أومال مش المدرب بتاعي!
وقلبي حاسس إنه احتمال يبقى في حاجة كمان و .."
قبل أن تكمل حديثها وجدته يضغط على ذراعيها بقبضتيه يجذبها نحوه ، عيونه حمراء من الغضب والغيرة من حديثها لمجرد التفكير أنها من الممكن أن تكون لغيره.
شهقت عندما ألمها ضغط يده ولفحت أنفاسه وجهها ، فعلمت أنها أوصلته لذروة غيرته وغضبه..
اقترب منها أكثر يهمس بفحيح غاضب :
-"أنا ممكن أسمح إنك تهزري في أي حاجة إلا دي ، فاهمة!
مين ده اللي بتفكري إن ممكن يكون في بينه وبينك حاجة؟"
حدجته بنظرات حانقة تفلت ذراعيها من براثين قبضته وقالت بغيظ :
-"أنا مش عارفة أنت بتكرهه ليه؟"
الغيرة كالخمر تشوش العقل وتمنعه من التفكير
ضغط على قبضته بقوة يرفعها أمام وجهها بغيظ وأسنانه تضغط على شفته السفلى باستفزاز :
-"و كمان بتسألي بكرهه ليه؟
طبعًا وأنتِ هتعرفي منين؟
مش بتشوفي نظرته ليكِ , نظرة ميعرفهاش إلا واحد بيحب زيه أو معجب"
تنفس بعمق قبل أن يكمل بهدوء :
-"عايزة تعرفي بكرهه ليه؟
عشان من بين كل البنات محبش إلا البنت اللي أنا حبتها واللي تخصني ، وأنا اللي يخصني خط أحمر مينفعش حد يتعداه"
-"رامز أنت عايز إيه؟"
همستها شاردة في نظراته إليها فأجابها بعاطفة تفوق الوصف ، واضعًا كفيه على كتفيها برفق وحدة نظراته تهدأ :
-"عايزك تعرفي إن أنا مليش غيرك ، إنك أنتِ روحي و حياتي وأمنيتي من زمان ، حلمي اللي كنت شايف نفسي مش جدير بيه.
تحسي بكل مرة بغصب نفسي منطقش بالكلمة دي..
تحسي و أنا بشوف عمر أو غيره بيبص عليكِ ازاي
و أنا مخنوق و مش قادر أقولك حاجة"
هناك شخص عندما يغيب عنك
تشعر بأنك فاقد وطن أكثر من كونك فاقد شخص
تشعر إنك غريب دون وجود بروتينك اليومي..
فكرت هل رامز يمثل لها هذا الوطن؟
وجوده يمثل فارق أم فقط اعتياد؟!
-"رامز "
همسة صغيرة خرجت منها بصوت متحشرج عبرت عن تأثيرها بكلامه لها ، تسأله بخجل و تتراجع خطوتين الى الخلف تحاول لملمة شتات نفسها ، وتبعد خصلة من شعرها خلف أذنها :
-"بس ده كله حصل امتى؟
أنت عمرك ما لمحتلي بحاجة!
كل اللي كنت بشوفه منك زي اللي بشوفه من مازن ، مشاعر أخ لأخته مش أكتر "
تنهد بعمق ثم زفر الهواء بقوة ، يضع يده في جيب بنطاله ونظراته لم تهبط من عينيها بصمت طال قليلًا كأنه يفكر في سبب سكوته هذا الوقت ، ليقول بنبرة حزينة :
- "مكنش ينفع ألمح ليكِ بحاجة ، أنتِ أخت صاحبي ، و أنا مكنتش حاسس إني جدير بيكِ وشايف إني مستاهلكيش .
أنتِ حاجة كبيرة قوي عليا ، حاجة أنا عمري ما تخيلت إنها ممكن تحبيني ، سكت عشان خاطر الست اللي فتحت لي بيتها و اعتبرتني ابنها ، و الصاحب اللي أمنّي على أخته و أمه و شغله..
سكت لحد ما تكبري و تستوعبي حبي ده..
لحد ما ألاقي الوقت المناسب اللي اعترف فيه"
وقبل أن يكمل حديثه وجدها تصرخ به مقاطعة إياه بحزم ، تلكمه بقبضتها الصغيرة في صدره :
-"بس أسكت.. حاجة كبيرة إيه؟!
كل اللي احنا فيه ده بسببك أنت ، لو مكنتش أنقذت مازن كنا ضعنا"
-"أنا معملتش حاجة"
زفر بقوة يمرر يده على رأسه بعصبية ويأس ، وينظر أسفل قدميه كمن يتلاعب بحجارة وهمية ملقاة على الأرض ، ثم أكمل قائلًا بصوت واهن ضعيف :
-"أسماء أنا تعبت.. روحي تعبت وقلبي تعب ، عقلي تعب ، كلي يا أسماء كلي تعب"
ركضت نحوه وأمسك ذراعيه بخوف وفزع ظنًا منها أن شيئًا في جسده يؤلمه :
-"مالك يا رامز؟
حاسس بإيه؟"
مرر أنامله بين خصلاته بعنف متطلعًا بالسقف عدة دقائق يطبق على فمه ببعض القوة ، ثم تطلع إليها من جديد هاتفًا بحزم :
-"أنا مش عارف أوصلها ليكِ ازاي؟
أنا بحبك ، عارفة ده معناه إيه؟"
أسدلت أهدابها ، تردف بخجل :
-"أيوه عارفة"
أفلت ذراعه من يدها يوليها ظهره قائلًا بإحباط :
-"لا يا أسماء عمرك ما هتحسي باللي جوايا طول ما أنتِ مقتنعة إني أخوكِ.. على العموم فكري براحتك والقرار اللي هتاخديه تأكدي إنه مش هيغير أي حاجة بينا"
تقدم ليذهب لكن أوقفه اسمه الذي هتفت بها ، مستمعًا خطواتها تقترب منه ووقفت خلفه على بعد خطوة واحدة :
-"لا عارفة يا رامز ، لأن محدش بيحس باللي جوه التاني إلا لو بيبادله نفس الشعور"
التفت لها ببطء عاقدًا حاجبيه بحذر وترقب هامسًا :
-"تقصدي إيه؟"
همست بخجل تهرب بعينها من محيط نظراته ، تضغط بأسنانها على شفتها السفلى :
-"أنا كمان زيك"
اقترب منها بروية مبتلعًا لعابه بحذر يخبرها :
-"قوليها يا أسماء وريحينا إحنا الاتنين..
انطقيها علشان تريحي ده من عذابه"
أمسك يدها ووضعها فوق قلبه ، فأغمضت عينيها وقالت بهمس ونبرة متأثرة من ملمس يده على كفها ، وشعورها بنبضات قلبه تحتها تهدر كمن ينتظر نتيجته :
-"أنا كمان بحبك"
تنهد براحة كمن بذل مجهود رهيب ، أو من تسلق جبل ، ابتسامة عشق وراحة ارتسمت على شفتيه ورأسه ينحني يسند جبينه على جبينها ، فأراد أن يثير غيظها فقال بتلاعب :
-"قوليها تاني"
وكما توقع ضربته بقبضتها مكان قلبه ، تصرخ بغيظ يخفي ذرات الخجل التي انتشرت في وجنتيها :
-"بس بقى أنت بقيت وقح من امتى؟
متقعدش مع مازن كتير يا رامز"
ارتفعت وتيرة ضحكاته وهو يراها عادت لشراستها وشقاوتها.. حاول كبح ضحكاته ، ينظر إليها يغمز لها قائلًا :
- "قوليلي بقى نكتب الكتاب إمتى؟"
نظرت له ببلاهة تحاول استيعاب ما قاله ثم اتسعت حدقتا عينيها بذهول ، وما لبست أن صرخت به بفزع وارتباك واضح عليها :
-"أنت بتقول إيه!
لا طبعًا مفيش الكلام ده"
-"وهو يعني مازن أحسن مني في إيه؟"
أردف بمرح متأملًا تعبيرات وجهها المرتبكة فلوت فمها باستنكار وقالت بنبرة سخرية :
- "مش لما يبقى مازن أصلًا يوافق على اللي أنت عايزه ده؟!
وبعدين ده مجنون طقت في دماغه مرة واحدة حكاية كتب الكتاب دي.. لكن أنت يا حبيبي عاقل
فاتفضل قولي هتقول لمازن إيه؟"
ضحك رامز لارتباكها ، واحترم رغبتها في تغيير الموضوع حتى لا يحرجها أكثر ثم قال بخبث :
-"ومين قالك إنه ميعرفش؟"
نظرت له بتعجب وتساءلت :
-"يعرف إزاي؟!"
***********
بعد الانتهاء من الاجتماع الذي تم بين نادين ومازن.. ثم اتصال أسماء له كي يقلهم بعد تعطل سيارتها ، عاد بعدها مرة أخرى الى الشركة ، ودلف إلى مكتب رامز يجده شارد الذهن ، ينظر إلى الفراغ أمامه حتى أنه لم ينتبه لدخوله..
عقد حاجبيه ؛ فهي ليست المرة الأولى التي يجد فيها صديقه على هذه الحال ، فمرات كثيرة يراه شاردًا ، وأحيانًا غاضب ولا يعلم لماذا؟
سعل كي ينتبه له الآخر فاقترب منه يقول بمرح وخبث :
-"طب ما تقولها وترتاح"
انتبه له رامقًا إياه بدهشة ظهرت في نبرته :
-"هي مين دي؟"
-"اللي شاغلة بالك ومخلياك سرحان كده"
قالها بخبث رافعًا حاجبه بمكر فأجابه الآخر بشيء من الحدة ينهض يقف أمام النافذة يشعل سيجارته واستنشقها بعصبية :
-"أنت مش هتبطل هزارك ده بقى؟"
نهض يقف خلف صديقه واضعًا كفه على كتفه ليديره له وقال بحيرة :
-"في إيه يا رامز أنا أول مرة أشوفك كده!
إيه شاغل بالك بالطريقة دي؟"
زفر الهواء بقوة ، تجاوز صديقه ليجلس على الأريكة الموضوعة في أقصى مكتبه ، ساندًا مرفقيه على فخذيه ورفع نظراته إلى ذلك الواقف يرمقه بغموض ، مفكرًا
هل يفصح عما يخفيه في طيات قلبه؟!
هل يخبره بسره دون خوف و دون التفكير بالعواقب؟!
هل سيتقبل مشاعره؟!
تنهد بعمق متخذًا قراره بشجاعة وقال بقلة حيلة :
-"عارف إحساس لما تبقى مهتم بحد و خايف عليه حتى من نفسك؟!
تحاول على قد ما تقدر تحميه من كل اللي حواليه حتى منك؟!
إحساس بنار لما تشوف حد بيبص ليه لمجرد أنه ابتسم ، لكن بتخفيه جواك لأنك ملكش أي حق أنك تظهره؟"
تابع بنظراته مازن الذي جلس قبالته ينظر له بعين الصقر ، يحاول أن يستشف المغزى وراء حديثه.. نظراته وهدوئه شجعته على الاستكمال..
-"لا أنت قادر تتكلم وتصارح ، ولا حتى قادر تكتم جواك..
حاسس لو اتكلمت هخسر الشخص ده .. كمان هخسر ناس كتير معاه... ناس هما اللي ليا في الوقت ده.
ولو فضلت ساكت هيضيع مني ، وأنا هضيع معاه"
صمت ،، صمت لا يعلم ماذا يقول أيضًا!
استند بظهره إلى الأريكة ونظراته لم تهبط من أعين صديقه الذي يرمقه بهدوء قبل أن يستند بمرفقيه إلى ركبتيه مائلًا بجسده للأمام :
-"من إمتى وأنت جبان بالطريقة دي؟
مش أنت اللي واجع دماغي طول الوقت إننا نحارب عشان اللي يخصنا!
جرب واتكلم ..."
ضحك بسخرية رافعًا رأسه لأعلى يهزها يمينًا ويسارًا وقال من بينهما :
-"الكلام سهل.. وصدقني كل ده هيتغير بمجرد ما تعرف مين هو الشخص ده"
أغمض عينيه بقوة وتحولت نبرته لخفوت يملئها القلق والخوف :
-"وده اللي قالقني"
طالعه مازن بدهشة من حالته ، فهذه المرة الأولى الذي يراه بهذا الشكل.. لم يره سابقًا بذلك التوتر والقلق!!
هتف بحيرة :
-"وأنا من إمتى بتغير معاك بسبب حد؟"
-"حتى لو كان الشخص ده هو أسماء.. أختك ؟"
قالها بدون تفكير ليحدق به مازن بدهشة وصمت يحاول استيعاب ما قاله وهمس :
-"إيه!!"
ابتسم بتهكم يحك جبهته بتوتر يعيد عليه ما قاله :
-"حتى لو كانت أسماء البنت اللي بحبها وعارف إنها حلم كبير وحاجة عمري ما هقدر أوصلها؟
في الأول لما عرفتها كانت بالنسبة ليا أختي وأخت صاحبي ، لكن لما مكانتها عندي تحولت لحب مقدرتش أتكلم..
مقدرتش أخون الراجل اللي اعتبرني أخوه وصاحبه ، وآمني على بيته وأخته وشغله!!
مقدرتش أخذل الست اللي اعتبرتني ابنها..
عارف إن نظرتك ليا هتتغير ، بس مكنتش قادر أخبي أكتر من كده ، و......."
قطعه صوت ضحك مازن المفاجئ!!
نظر له بذهول لردة فعله الغير متوقعة.. فهو يقول له أنه يحب أخته ، متوقعًا منه أن يثور فيه!!
لكن بدلًا عن ذلك يضحك حتى أوشكت عينيه على الدماع..
اغتاظ من ردة الفعل تلك فألقى بالوسادة في وجهه بغيظ ، فرفع كفيه باستسلام يحاول كبح ضحكاته التي أثارت حنق صديقه ثم قال :
-"تصدق أنك غبي!
وكنت ناوي تعترف امتى وتعرفني!
لما يجي واحد يآخدها منك!"
-"تقصد إيه؟!"
كان يمسح على وجهه بكفيه فـ تيبست يداه ثم أنزلها ينظر إليه بتيه قبل أن يهمس يطالعه بدهشة :
-"مش فاهم.. يعني أنت كنت عارف؟"
وضع يديه في جيب بنطاله ووقف بشموخ ينظر له بجمود وحدة من غباءه الذي لم يعهده مطلقًا وقال بثبات :
-"طبعًا كنت عارف ، من أول ما لاحظت اهتمامك بيها ، وغيرتك عليها واللي حصل في النادي قبل كده في المواقف مع المدرب بتاعها وخوفك اللي كان ظاهر في عنيك.
ولا أنت فاكر إني هستأمنك على بنتي من غير ما أكون متأكد من مشاعرك ، وعارف إنك مش هتخون ثقتي.. بس كنت مستني تتكلم وتتشجع ، بس طلعت جبان"
عش يومًا واحدًا كالأسد ، ولا تعش مائة عام كالنعامة
فمن لم يجد في نفسه الشجاعة الكافية للمخاطرة والبوح بما يعتمر القلب فلن يحقق شيئًا في حياته
بل لن يستحق العيش..!!
لم يكن خائفًا من الاعتراف بل من خسارة صديقه..
فإذا خسر الرجل صديقه من أجل امرأة ، فإنه يخسر المرأة والصديق معًا.
تفاجأ مازن باحتضان رامز له بقوة ، هاتفًا صوت أجش :
-"أنا كنت خلاص فقدت الأمل واستسلمت إني بس أكون صديق وأخ عشان مخسركش"
فابتسم له يبعده عنه بمرح يمسح على سترته قائلًا :
-"طب أوعى كده هتشبهنا"
لكمه بجانب وجهه بمرح وضحكات الصديقين تتعالى على مداعبتهم ، وراحة قلب سكنت الاثنين .
شخص اطمأن أن ابنته وأخته سيأخذها من يستحقها..
وشخص اطمأن أن حب حياته ستصير ملكه قريبًا.
★★★★
-"وبس يا ستي طلع أخوكِ ملاحظ كل حاجة وساكت ، دلوقتي بقي فين طنط عشان أبلغها؟"
كل هذا وهي تتطلع إليه ببلاهة ونظرة غباء تسكن في عينها ، التفتت على صوت أقدام تهبط الدرج ترى أمها تهبط من أعلى ، والتي ابتسمت عند رؤيتها له ، واستقبلته بحفاوة قائلة :
-"أهلًا يا رامز .. عامل إيه يا حبيبي؟"
-"الحمد لله يا ست الكل ، طمنيني عليكِ"
-"الحمد لله ، مالكم واقفين كده ليه؟"
نظر رامز لأسماء بنصف عين وقال :
-"تعالي يا طنط نقعد نتكلم على ما أسماء تعملنا عصير"
جلست ميرفت معه في الحديقة ، وأخبرها برغبته في الزواج من أسماء ومصارحته لمازن... والتي استقبلت الأمر بحبور وسعادة ، فهي تعلم حب ابنتها له ، وها قد استجاب الله لدعائها .
★★★★★
الحياة كأس شاي مر
مرارتها لاذعة والأشياء الجميلة هي مكعبات السكر
الملعقة بيدك أنت تضع بها ما تريد
مرارتها لك.. وحلاوتها لك أيضًا

يجلس في مكتبه يفكر بعدما علم بخروج سالم من السجن بكفالة مالية لحين انتهاء التحقيق.. يشعر أن هناك ثمة أمر ما فيما حدث؟!
كيف لهم أن يخرجوه وقد قُبض عليه متلبسًا؟!
بهذه السهولة ، ولم يمر يومًا واحدًا على القبض عليه!
ضرب بقبضتيه على سطح مكتبه بغضب ، يكاد يقتلع خصلات شعره ، يريد أن يعلم ما حدث!
لكن ظهوره في الصورة الآن سيثير خلفه التساؤلات ، فبالتأكيد سيكون هاتف سالم مراقب..
حقًا لقد طفح الكيل من كل شيء!
انتبه على صوت هاتفه المدوي ، فالتقطه يرى هوية المتصل ؛ ليجده "جورج" ، فكاد أن يعتصر الهاتف في يده ، ليس الوقت المناسب لمكالمته على الاطلاق ، يعلم أنه لابد منها ، لكن ليس الآن.
أجابه بهدوء مكتسب :
-"مرحبًا جورج ، كيف ...."
قاطعه بصوته الهادر بغضب :
-"ما الذي حدث؟
كيف علمت الشرطة بالأمر ؟!"
ضغط كريم على أسنانه بغضب ، معتصرًا قبضته يحاول بث الهدوء لذاته ، يضغط أعلى أنفه :
-"اهدأ جورج ، أنا نفسي لا أعلم أي شيء ، ومنذ قليل علمت أن سالم قد خرج بكفالة"
جاءه صوته هادئًا قليلًا ليقول :
-"خروج سالم في صالحنا كريم ، إن كان قال اسمك فستكون مشكلة كبيرة"
عقد حاجبيه بدهشة ، ليتساءل :
-"مشكلة !!
لماذا؟
هو لا يملك أي دليل ضدنا ، حتى الصفقة بينه وبين مدير أعمالي"
-"نعم لا يملك دليل ضدك ، لكن مجرد ذكر اسمك في الأمر سيجعل الأعين منتبهة لك ، متربصة لكل ما تفعله..
كريم ، عليك أن تكتشف لي ما حدث!!
كل ما حدث كريم ، و احذر في كل خطوة"
أومأ برأسه في حركة لم يرها جورج ليردف :
-"حسنًا ، إلى اللقاء"
أنهى حديثه معه ثم ألقى الهاتف بقوة على مكتبه ، وجلس على الكرسي بجانب المكتب واضعًا يده أسفل ذقنه مفكرًا فيما حدث ، ليجذبه من تفكيره دقات الباب ، ودلوف سكرتيرته تخبره بمن يريد مقابلته ، ليخبرها بقلة صبر مشيحًا بيده :
-"مش عايز أشوف حد دلوقتي ، خليه يجي وقت تاني"
لم يكد ينهي حديثه حتى وجد من يقتحم مكتبه ، جعلته يتطلع إليه بدهشة أقرب الى الذهول.. فهو آخر شخص يتوقع مجيئه إلى هنا..
بأعين متسعة ، وحاجبين مرتفعين ، وجسد متحفز هب واقفًا أمامه يهمس بصوت خافت :
- "مــازن"
يقف بهيبته الشامخة ، ينظر له بنظرات في ظاهرها سخرية ، تحمل خلفها الكثير من الغضب والسخط ، يضع يده في جيب بنطاله ، رافعًا رأسه إليه يوازيه طولا و جسمانًا.
ليردف بنبرته القوية ، يتتبع خروج سكرتيرته وغلقها للباب ، ثم جلس على الكرسي الثاني القابع أمام مكتبه يضع ساق فوق الأخرى :
-"مكنتش أعرف إني زيارتي تفاجئك كده ، افتكرت هتتوقعها"
جلس كريم أمامه وعلى وجهه ابتسامة جانبية ساخرة وقال :
-"يا ترى إيه اللي حصل في الدنيا يخلي مازن السيوفي بنفسه يشرفني في مكتبي المتواضع"
بادله الآخر نفس الابتسامة يستند بمرفقه على حافة الكرسي واضعًا يده أسفل ذقنه وقال :
-"أنا قولت أكيد زمانك هتموت من التفكير في اللي حصل ، قولت حرام أسيبك كده"
طالعه كريم بتساؤل ، وهمس لنفسه قائلًا :
- "اللي حصل!!"
ثم رفع نظره إليه بسرعة ، وأعين متسعة هاتفًا :
-"أنت!"
نظر له مازن بابتسامة خبيثة على محياه ، رافعًا حاجبه بمكر ، ينحني بجسده مواجهًا له يهمس بهدوء رتيب يخلفه حدة :
-"أومال أنت فاكر مين؟"
ثم اتسعت عيناه بتعجب مزيف و هز رأسه بدهشة مصطنعة :
- "لا لا متقوليش أنك بالغباء ده يا كريم ، معرفش عنك كده"
انحنى كريم بدوره يقترب بجبهته من جبهة مازن ، فظهرا في صورة أسدين يتحدان بعضهما.. حرب النظرات القائمة بينهما تكاد تفتك من يقترب منهم الآن .
لطالما كانا كذلك ، المنافسة بينهما غير شريفة يتخللها الخبث والمكر أجبره كريم على استعماله معه.. منافسة لن تنتهي إلا بسقوط أحدهما وهو ما لن يسمح به أيًا منهما.
قطع النظرات كريم بابتسامة مفاجأة يقول :
-"وماله خليها عليا المرة دي والمكسب ليك ، بصراحة أحييك"
ليصفق بعدها بيده ناهضًا من موضعه ، استقبلها مازن بتحية ساخرة عندما رفع كفه إلى جبينه ثم أشاحها في الهواء ، فأكمل :
-"لا سالم طلع ذكي و عرف يلعبها صح.. أمن مستقبل بنته لما أتجوزتها ، ومستقبله بالاتفاق معاك ومش بعيد كمان مع البوليس"
ليلتفت له مرة أخرى قائلًا بخبث يثير حنق ذلك المغوار :
-"و أنا أقول ذكاء هدير ده منين؟"
يعلم مازن أنه يحاول استفزازه بذكره هدير ، لذلك لم يعلق عليها واكتفى بقول :
-"اعتبرها شكة دبوس أو هدية صغيرة مني"
وقف فجأة يضع يداه في جيبه يتقدم نحوه ، واقترب يهمس له :
-"لم تعابينك يا كريم أنت و أبوك و جورج ، أحسن المرة الجاية هتبقى النهاية.. اللي رحمك مني أن مفيش عليك دليل ، بصراحة لعبتها صح ، بس المرة الجاية لا حكومة ولا مافيا ترحمك مني"
أدار له ظهره عازمًا على الخروج ، لكن أوقفه صوته الماكر يهتف من خلفه بتلاعب :
-"وأنا موافق ، بس حاجة مقابل حاجة"
نظر له بتساؤل ، ليتابع حديثه بخبث يتقدم منه خطوات :
-"مستعد اتخلى عن كل حاجة و أمشي في السليم وأختفي خالص ، بس بمقابل"
-"اللي هو ؟"
-"هدير"
قالها بهمسة شيطانية خبيثة ، مبتسمًا بمكر وتشويق لرؤية ردة فعله .
لتأتيه مثلما توقع ، لكمة قوية جعلته يترنح للخلف ، ممسكًا بصدغه ومازالت الابتسامة على وجهه ، بل تحولت لضحكة عالية أثارت غضب الثائر فجعلته أراد الفتك به .
لم يتوقف الآخر عن الحديث بل أكمل إثارة غضبه يقول :
-"بصراحة عاذرك ، هي فعلا حاجة متتسابش"
ناهيًا جملته يعض على شفته السفلى بخبث ، أثارت في نفس مازن غيرة حانقة على زوجته ، جعلته يوجه إليه لكمة أخرى ، أطاحت بجسده على الارض ، ليميل بجسده لأسفل يواجه وجهه ، وتبدو عليه كافة ملامح الغضب والشراسة ، يريد الفتك به..
همس له كازًا على أسنانه بقوة :
-"لآخر مرة هدير خط أحمر ، خليك راجل لمرة واحدة وألعب برجولة ، إلا و رحمة أبويا أنا اللي هعلمك معناها إيه!"
وبدون كلمة أخرى خرج من مكتبه بل من شركته بأكملها ، تاركًا خلفه كريم يستند إلى ظهر الأريكة يمسح خط الدماء السائل من فمه ، وهو يتوعد بالأسوأ مما حدث .
أما عن الآخر ..
فقد أنطلق بسيارته متوجهاً إلى الجريدة .. لا يعلم لمَ أراد رؤيتها وبالأخص بعد كلمات ذلك الحقير ؟!
لن يتردد لحظة عن إراقة دمه إن اقترب منها أو من شيء يخصه !
صف سيارته أمام الجريدة وخلفه سيارة الحراسة ، هبط منها برزانة ودلف لداخل الجريدة ، والذي بمجرد دخوله ساد الهرج في المكان.. فوجود شخص مثله في جريدتهم لا يحدث إلا نادرًا.
رآها تقف مع زميلها تناقش معه شيئًا ما خاص بالعمل ، كانت تنظر لبضعة أوراق في يدها ، مرتدية نظارتها وترفع شعرها بقلم كعادتها ، لتنتبه على صوت محمد يقول :
-"إيه ده ، مش ده مازن السيوفي؟"
نظرت فجأة إلى المكان الذي ينظر إليه ، لتصطدم عيناها بعينه ، فرفعت حاجبيها بدهشة عارمة.
ترى ما الذي أتى به الى هنا؟!
نبضات قلبها تتسارع ، ولسان حالها يتمنى ألا يكون قد حدث مكروهًا آخر .
كانت تتابع خطواته تقترب من الدرج المؤدي إليها ، فآتاها صوت محمد يقول بخبث :
-"طبعًا تلاقيكِ وحشتيه قال يجي يشوفك"
نظرت له بسخط وأعين ضيقة ، ترتسم على ملامحها علامات الإجرام ، تقول بحنق من بين أسنانها :
-"أنت مش واخد بالك كل ما أقف معاك يحصل كارثة ، مرة أمن الدولة ، ودلوقتي إنسان الغاب ده!"
كان قد وصل إليها يرفع نظارته عن عينيه ، ويقول بهدوء :
-"صباح الخير"
كان محمد أول من رد الصباح ، يمد يده إليه قائلًا بحبور :
-"أهلًا وسهلًا بإنسان الغاب بيه ، الجريدة نورت"
نظرت هدير بصدمة لرد فعل زميلها ، واتسعت عينيها بذهول ثم نظرت لمازن المندهش بجانب عينيها تهمس في نفسها :
-"الله يخرب بيت معرفتك يا محمد"
وضعت ما كان بيدها من أوراق بين يديه هاتفة بنبرة حازمة تنم على وعيد مبطن :
-"محمد ، خد الورق ده راجعه وسلمه لرئيس التحرير"
نظر لها الآخر بحنق ، وتمتم مغادرًا :
-"خليكِ قاتلة فرحتي يا هدير يا بنت سالم"
تابعت ذهابه بأعين جاحظة مندهشة ، ثم هزت رأسها بيأس منه ، أعادت نظراتها لمازن وابتسمت بارتباك تشير له للدلوف إلى مكتبها ، ليدخلا وتغلق الباب بعفوية منها.
جلست خلف مكتبها ، وهو أمامها يراقب توترها و ارتباكها باستمتاع ، تضغط بأسنانها على شفتيها في حركة تفعلها عندما ترتبك ، ليضع ساق فوق الأخرى هامسًا بخبث :
-"إنسان الغاب مش كده!"
ضربت على جبهتها بيأس ونظرت له ولم تجب ، ليضحك بدوره بصوت عالٍ ، فنظرت له بسخط طفولي وقالت بغضب :
-"إيه اللي جابك يا مازن؟!
مش بعادة تيجي الجريدة "
طالعها بنصف عين ، يريد إثارة استفزازها :
-"وحشتيني قولت أجي أشوفك"
ثم اقترب بوجهه منها يكمل بتلاعب :
-"أصل لما بقولها على التليفون مش بتصدقيني"
إذا قذفته بأي شيء زجاجي أو حديدي هل سيحدث شيء!
إذا مارست عليها إحدى فنون القتال هل سيؤثر به شيء؟!
بالطبع لا لن يتأثر ، صدقت عندما قلت عنه "إنسان الغاب"
حاولت التحلي بالصبر ورسمت ابتسامة صفراء على وجهها قائلة:
-"بطل الأسلوب ده وقولي في إيه؟!"
حاول التمسك بقوة كي لا يضحك ، ماذا يفعل؟!
يحبها مشاكسة ، ويحب استفزازها!
تلك الرزينة الهادئة التي رآها منذ قليل منهمكة بالعمل وتناقش زميلها بهدوء غير معتاد عليها.
عاد بظهره للخلف ويده تتلاعب بقطعة كريستال تزين مكتبها قائلًا بجد :
-"بحسبك اتجننتِ وروحتِ لكريم ، قولت أطمن"
ابتسمت بسخرية ثم نهضت تدور حول مكتبها ، تميل عليه بجسدها مستندة على المكتب بيد ، واليد الأخرى تضعها في خصرها ، مما جعله يتأملها في اعجاب وخبث لتهمس له :
-"قال يعني لو روحت ، جوز التيران اللي أنت موكلهم يراقبوني دول مش هيقولولك ، وفي ظرف خمس دقايق ألاقيك هاجم زي بوليس الآداب علينا"
هنا ولم يستطع تمالك نفسه من الضحك ، فقهقه عاليًا من كلماتها بصورة جعلتها تنظر ل له بحنق وغضب حقيقي ، كادت أن تذهب فجذبها من خصرها لتقع في أحضانه ، جالسة على قدميه تستند بظهرها على صدره ، وذراعيه يكبلان خصرها بإحكام..
كانت ترفرف بين يده ليفلتها ، لكنه شدد من إحكامه لها ، بل جذبها أكثر لصدره جعل رأسها يميل إلى كتفه ، ليهبط إلى أذنها هامسًا :
-"مش قولنا اسمها بيحموكِ ، و بعدين تيران إيه بس دول عصافير"
شهقت بذهول تتمتم متوقفة عن الحركة :
-"عصافير !!
دول ولا شبه الحيطان ، وأنت تقولي عصافير!"
أدار جسدها تواجهه ، ينظر إليها وفي لمح البصر جذب القلم الذي ترفع به خصلاتها لتنساب على طول ظهرها ووجهها ، ليقترب متأملًا عينيها :
-"كده شكله أحلى"
اتسعت عيناها من خلف عدسات نظارتها ، وبدأت مرة أخرى في دفعه في محاولة منها للهروب من محيط نظراته ، ومشاعره التي يحاول فرضها عليها ، فتوقفت فجأة هاتفة به :
-"سبني يا مازن أنت ماسكني زي اللي قفش حرامي غسيل كده ليه؟"
ليقهقه للمرة الثالثة بسبب حديثها العفوي ، كم أحب ذلك منها!
غمز بعينيه قائلًا :
-"هو في حرامي حلو كده!"
دفعته فجأة لتنهض من أحضانه ، واقفة تعدل خصلاتها الهائمة بتوتر ملحوظ ، لا تعلم ما به اليوم!
هو كالصمت تستعصى الألفاظ التعبير عنه
وكالبوح يحمل قواميس العالم بين يديه
شعرت به خلفها مباشرة يتحدث بجدية تعاكس مشاكسته منذ ثوانٍ :
-"أنا روحت لكريم"
استدارت له بصدمة لما سمعت ، لم تتوقع أن يذهب له بنفسه.
مازن بمواجهة كريم!
وبعد ما حدث؟!
تكاد تقسم بجميع الأيمان أن ذلك اللقاء لم يكن اعتيادي ، بل أسفر عنه حدة ومشاجرة.. مما جعلها تشمله بنظراتها باحثة عن أي أثر لضربات أو لكمات ، فكريم ليس بالضعيف وإن لكمه مازن فلن يهدأ حتى يردها ، لكن ما تراه أنه لا يوجد أي أثر عما يجيش في جوفها ، فاطمأنت ولم تتخل عن دهشتها ، لتترجم ذلك في تساؤلها :
-"روحت بنفسك.. طب ليه؟
وإيه اللي حصل؟"
تنفس بقوة عندما تذكر ما حدث ، وقال :
-"هدير.. كريم مش سهل زي ما أنتِ فاهمة ، زي ما قولت لك هو الدراع اليمين لرئيس أكبر عصابة للأعمال المشبوهة ، أكيد مافيا زي دي مش هتختار حد هين أو ضعيف ، عاوز اللعب معاه يبقى بعقل و ذكاء ، مش عصبية و تهور''
فركت كفيها بتوتر ، وتساءلت :
-"طب أنت هتواجهه ازاي مش فاهمة؟
وكمان كلمتك ليا قبل كده أنهم ميقدروش يأذوك معناها إيه؟ "
أمسك مرفقيها يقربها منه يعيد خصلاتها للخلف ، يملس على وجنتها بإبهامه وأردف بصوت هادئ ونبرة مطمئنة :
-"اللي أقدر أقوله ليكِ أن مفيش حد يقدر عليهم غيري ، اسمي هناك بيسبب قلق ، كل اللي بطلبه منك تبعدي خالص عن الموضوع ده عشان خاطري..
أنا الأول كنت بحاربهم من غير قلق لكن دلوقتي بحسب حساب كل خطوة عشان لا أنتِ ولا عيلتي تتأذوا.. أنا كفيل إني أنهي ده كله"
نظرت له مباشرة تجد الصدق في نظراته ، بل رأت مطالبته لها بوضع ثقتها به وتوكيل أمرها إليه بعد الله ، لتهز رأسها بموافقة وتأكيد قائلة :
-"حاضر يا مازن ، بس قولي قالك إيه؟"
تذكر حديثه عنها ومساومته عليها ، ليظهر على ملامحه الغضب ، التقطتها تلك الناظرة له بدهشة و قلق ألتقطه هو فربت على كتفها بطمأنينة وكاد أن يتحدث وجد هاتفه يصدع بنغمته وكان رامز المتصل ، أجابه برزانة :
-"أيوه يا رامز "
ليأتيه سؤال الآخر سريعًا :
-"أنا فين يامازن؟
أنت ناسي أن في اجتماع عشان الصفقة الجديدة!"
-"لا مش ناسي ، بس كان فيه مشوار مهم كان لازم أخلصه ، وخلاص أنا جاي في الطريق.. رتب كل حاجة على ما أجي"
تساءل رامز بدهشة :
-"مشوار إيه أنت مقولتليش أي حاجة"
أراد مازن إنهاء الحديث لكي يذهب :
-"لما أجي هحكيلك كل حاجة ، أنا نص ساعة وأبقى في الشركة.. يلا سلام"
أنهى الحديث وأغلق الهاتف ، ليلتفت إلى هدير قائلًا :
-"أنا لازم أمشي ورايا اجتماع مهم ، خلي بالك على نفسك"
ثم اقترب هامسًا بمرح :
-"ومتخافيش جوز التيران اللي تحت لحمايتك ، و بلاش تقفي مع رجالة كتير ماشي"
ليتركها بعدما رأى نظرات الحنق منها وخرج مبتسمًا ، لتجلس تفكر فيما حدث؟
لماذا ذهب إلى كريم بنفسه وفي شركته؟
فمازن هو من يأتيه الجميع ليس من يذهب ، وبالأخص إن كان شخصاً مثل كريم؟
أكثر ما يثير حنقها هو تعامله معها ، تشعر أنها محاطة به من جميع الجوانب ، بل وتلك التصرفات الجديدة وتلك المشاعر التي ظهرت من العدم تشعر بها تحاصرها لتجبرها على الرضوخ.
هي لا تكرهه ، بل لن تنكر أنها تثق به ، برغم كل شيء هي تثق به ، لا بل تشعر بالأمان معه أيضًا.
لكنها لا تريد تلك المشاعر الآن ، فهناك الكثير يقف عائق بينهما.
انتبهت على صوت دقات الباب ، و صوت محمد يريد الدخول ، لتهتف بقلة صبر :
-"تعالى يا آخر صبري ، ربنا يستر المرة دي"
لتنشغل في عملها ، متناسية ما كانت تفكر به منذ قليل .
*************
أنواع الناس ثلاثة
ناس كالهواء لا يمكن الاستغناء عنهم
وناس كالدواء نحتاج إليهم أحيانًا
وناس كالداء لا نرغب في وجودهم أبدًا

غارقة في سبات عميق في غرفتها ذات اللون النيلي الجميل ، لا تشعر بما حولها إلى أن دخلت والدتها عليها توقظها :
-"يلا يا منار أصحي بقى"
تمللت في نومها بسبب الضوء الموجه لعينيها ، وأمسكت طرف فراشها تغطي وجهها وتستكمل نومها وكأن شيء لم يحدث..
فأمسكت أمها الفراش تزيحه عن وجهها وقالت بمكر :
-"قومي نادر مستني بره"
انتفضت بفزع ، فلقد نسيت أنه أخبرها بزيارته لرؤية القاعة التي ستتم فيها الخطبة..
نهضت مسرعة إلى المرحاض ولسانها يأتي بجميع السباب التي توجهه إليه لأنه السبب في نومها متأخرة ، ارتدت ثياب بدلًا من ثياب نومها ، عبارة عن بنطال جينز وكنزة خضراء وحذاء رياضي ، لتخرج له فوجدته جالسًا في انتظارها والذي وقف عند رؤيتها يقول بمرح يغمز لها :
-"هو أنا هتجوز باندا!
كله نوم نوم"
لترد عليه بتذمر :
-"البركة فيك بسببك نمت بعد الفجر "
-"طب يلا عشان نفطر ، ونشوف هنعمل إيه طول اليوم"
أخذها يتناولان الفطور ، فجلسا على طاولة في مكان هادئ في مطعم يطل على النيل .
جاءهم النادل يرى طلبهم ، فطلب منه إحضار الفطور التي تحبه منار وكوبين من العصير ، وعندما غادر التفت لمحبوبته التي كانت تدور بعينها في أرجاء المكان هربًا من عينيه ، فقال بمرح :
-"تعرفي أنا حاسك واحدة تانية ، مش منار اللي أعرفها من صغري"
نظرت له بدهشة وتساءلت :
-"ازاي يعني مش فاهمة!"
-"يعني من ساعة ما اتقدمت ليكِ ، وفجأة ظهر الكسوف والخجل دول ، مش منار اللي متعود عليها"
قالها بنبرة من المرح والمزاح معها ، فرفعت حاجبها الأيسر دليل على تذمرها ، وكتفت ذراعيها وهمت بالرد عليه ، لكنها وجدت من تقدم نحوهم هاتفًا لها :
-"منار!!
مش معقول المفاجأة دي!"
رفعت نظرها وما لبست أن ابتسمت له تقف قائلة بدهشة :
-"خالد ازيك؟"
-"الحمد لله ، بصراحة مصدقتش نفسي خالص لما شوفتك ، قولت نو واي تكون هي"
قالها بنبرة مائعة مائلة للأنوثة ، ثم لاحظ نادر الذي كان يجلس متكئًا إلى الكرسي ، واضعًا يديه أسفل ذقنه يتابع ما يحدث وعينيه تطلق شذرًا ووجهه لا ينم على خير ، فأردف بنبرة منخفضة :
-"مش تعرفيني يا مون مون؟"
عضت منار على شفتها السفلى ، رافعة حاجبيها لأعلى تدور برأسها ؛ لتصدمها تعبيرات وجه نادر ..
وقبل أن تهم بالرد ، وجدته ينهض من مكانه ممسكًا بكف خالد يضغط عليه بقوة ، جعلت وجهه ينقلب للون الأحمر الشديد من الألم الذي عصف بكفه ، ليقول ضاغطًا على أسنانه :
-"نادر التهامي.. خطيب الأستاذة منار
وأنت مين؟"
قبل أن يتحدث خالد ، أسرعت منار بالنطق بارتباك وتوتر :
-"ده.. ده خالد ، جارنا من زمان ، بس هما نقلوا لحتة تانية"
أومأ نادر برأسه ينفض يده من يد خالد ، ثم أمسك بيد منار
يجرها خلفه بخطوات سريعة يدخلها سيارته وجلس بجانبها ثم انطلق بسرعة كشفت عن غضبه.
لم تستطع منار الصمت ، فهتفت فيه غاضبة من أسلوبه التي لا تعرف له مبرر من وجهة نظرها :
-"ممكن تفهمني إيه الطريقة اللي خرجنا بيها من المطعم دي؟
وبعدين إيه الأسلوب اللي اتكلمت بيه مع خالد ده؟"
أوقف سيارته فجأة ، جعلت جسدها يندفع للأمام لولا حزام الأمان الذي تلفه حولها هو من حماها..
دار بجسده إليها وقال بنبرة خافتة عكست كم الغضب الذي بداخله!
وكم الغيرة التي شعر بها عندما رآها تبتسم لغيره!
وتلمس غيره!
-"احمدي ربنا إني لحد دلوقتي متحكم في أعصابي يا منار "
لمعت عيناها من الغضب تلتفت له بنصف جسدها تهتف بحنق
-" هو الراجل كان عمل إيه يعني؟"
-" مش لو كان راجل أصلًا "
صرخ بها باهتياج فشهقت بدهشة على جملته ، وفغرت فاها باستهجان تنظر له بأعين متسعة..
فأردف ومازال على غضبه وثورته :
-"ده شبيه راجل.. بيتكلم بمياعة ، لا ولبسه.. بنطلون أخضر وقميص أحمر!!
وأنتِ بكل بساطة واقفة تسلمي وتضحكي ، ولا أكن في واحد قاعد معاكِ"
لمعت عيناها عند سماعها لحديثه..
هو يغار !
نعم يغار عليها ، فتلك النظرة و النبرة وذلك الغضب ، لن يخرجوا إلا من رجل يغار.
ترجمت أفكارها في همسة التقطتها أذنه تميل برأسها قليلًا تنظر إليه :
-" أنت بتغير؟ "
ضرب على عجلة القيادة ، في حركة للتنفيس عن غضبه واستند بمرفقه على النافذة صامتًا قليلًا ثم قال :
-" أيوه بغير.. بغير عليكِ من كل حاجة.
لما حد يبصلك ، من أن عن يسلم عليكِ ويلمس إيدك..
بغير من نظرة الناس ليكِ ، وابتسامتك اللي بتطلع لغيري حتى لو عفوية..
معرفش ازاي بس كل اللي أعرفه إني بحبك"
انتهى من حديثه ونظر لها ، وجدها تنظر له بأعين دامعة ، وعلى شفتيها أجمل ابتسامة يمكن أن يراها..
يا الله ماذا يفعل ؟!
هل يخبأها ولا يجعل أحد يراها لكي تكون تلك الابتسامة له فقط ولا يراها أحد!!
همست تقول بنبرة خافتة تحمل كثير من الفرح لكلماته ، وكثير من مشاعرها تجاهه :
-"وأنا كمان بحبك يا نادر"
أمسك بكفيها بين قبضتيه الغليظتين ، وقبلهما ينظر لعينيها بلونهما البني البراق ، ولم يتحدث مما جعل الدماء تتدفق إلى وجنتيها خجلًا من نظراته.
نظرت للجانب الآخر محاولة الهروب من محيط مشاعره ، فقالت بمرح :
-"اتفضل بقى فطرني بدل الفطار اللي راح عليا ده"
ضحك بقوة ثم أدار سيارته وينطلق بها قائلًا :
-"بس كده ، عيوني ليكِ"
متى دخلت الغيرة خرجت الحقيقة من الرأس
حقيقة الحب ، حقيقة الوله ، حقيقة العشق .
**********
جاء يوم خطبة نادر ومنار.. وقفت هدير بسيارتها أمام منزل منار وهبطت برفقة أسماء التي مرت بها تأخذها معها في طريقها ، رفعت أسماء رأسها تنظر للمبنى القانطة به منار وقالت :
-" أنا أول مرة أجي عند منار ،هي ساكنة في الدور الكام ؟ "
حكت هدير رأسها تعض على شفتها السفلى ، هامسة لنفسها بدون أن تسمعها أسماء ة
-"يا رب متكنش آخر مرة"
-"بتقولي إيه؟"
همست الأخرى بدهشة ، فتأبطت هدير ذراعيها تجذبها معها لتدلفا إلى مدخل العمارة ، تهتف بنبرة تعمدت فيها اللامبالاة:
-"تعالي تعالي ، فيه اسانسير"
وتمتمت في نفسها :
-"بس يا رب يكون شغال ، وميعملهاش فيا زي كل مرة"
أوقفتها أسماء قبل أن تمتد يدها تضغط على زر الهبوط قائلة:
-"ما تتصلي بيها تنزل بدل ما نطلع"
هتفت هدير بسعادة تخرج هاتفها تطلب رقم منار ، سعيدة لأنها سترحم من الصعود ستة طوابق على قدمها ، مرورًا ببيت المجانين في الطابق الخامس :
-"طلعتِ ذكية يا بنت ، إحنا ليه نطلع ست أدوار لما هي تنزل!"
اتصلت بها تخبرها أنهما بانتظارها في الأسفل لتهبط إليهم .
وقفتا تنتظراها قرابة النصف ساعة ، حتى كادت هدير أن تصعد تجرها من شعرها نزولًا على الدرج بسبب استفزازها ، لولا أسماء التي كانت تمنعها تضحك على مظهرها .
فمنار تعلم أن أكثر ما تكرهه هو التأخير ، وكثيرًا ما تفعل بها هذا الشيء إذ انتظرتها في الأسفل .
وجداها تقترب منهما بكل سلام نفسي تسير بغنج بجانبهما ثم دلفت إلى السيارة وجلست في الكرسي الخلفي ، تكاد تخفي ضحكاتها بصعوبة على مشهدهما تقفان فاغرتان فاهما بذهول ..
دلفتا إلى السيارة ، ونظرت هدير إليها تقول ضاغطة على أسنانها:
-"تعرفي يا منار ، لولا إني عاملة اعتبار لنادر .. مكنتش هخلي فيكِ حتة سليمة ، بس حرام الواد يحضر خطوبته مع واحدة مكسحة"
لتكمل أسماء بعدما انتقل غضب هدير وغيظها إليها :
-"والله معاها حق.. أنتِ لما هتتأخري مش بتقولي ليه؟"
تلاعبت منار بخصلة من شعرها تنظر لهم ببرود وقالت بغنج :
-"والله أنا عروسة فأعمل اللي أنا عايزاه النهاردة ، وبعدين يلا عشان تأخرنا "
كادت هدير أن تصرخ بها من الغيظ ، لولا يد أسماء التي انفجرت من الضحك من أسلوبها ، فاطنة أنها تتعمد استفزازها :
-"خلاص يا دودو اهدي.. هي بردو عروسة وبتدلع علينا"
لتعتدل هدير في جلستها تنظر لها من المرأة وقالت بغموض ومكر:
-"حقها طبعًا ، وبما أننا أصحاب العروسة لازم إحنا كمان ندلعها "
لم تسمع كلمة أخرى ، وانطلقت بسيارتها بسرعة رهيبة تكرهها منار غير عابئة بالصوتين اللذين يحثاها على خفض السرعة ، ولا أبواق السيارات في الطريق التي برعت في تفاديها ، حتى وصلت إلى مركز التجميل المخصص لهما .
صفت سيارتها ونظرت لمنار في المرأة قائلة بتشفي :
-" يلا يا عروسة وصلنا "
هتفت بها واضعة يدها على صدرها تحاول أخذ أنفاسها
-" يا شيخة يخرب بيت اللي يزعلك بعد كده..
إيه ده أنتِ طبيعية؟ "
لكمتها في كتفها من الخلف بغيظ وعنف صارخة :
-" قولت لك مية مرة سرعة بالطريقة دي لا "
شهقت أسماء تضع يدها على صدرها هي الأخرى تبث الهدوء لداخلها :
-" طب أنتو الاتنين مجانين ، أنا ذنبي إيه؟"
هبطت هدير غير مبالية بهم تقول بسخرية تطرق على سقف سيارتها :
-" اجمدي يا حبيبتي أنتِ وهي كده مالكم.. واحدة عاملة فيها سبع رجالة في بعض ، والتانية أخوها طرزان
يلا أنزلوا "
هبطت الفتيات ودلفوا إلى مركز التجميل للتجهيز للحفل .

جميلة تلك الدقائق التي نكون فيها برفقة من نحب
حين نكون كالأطفال في حديـثـنا وفـي ضـحكاتنا، لا يهمنا شـيء سوى سعادتنا ، كأننا خلقنا لها .
★★★★★★




تحت سماء لوثها الحقد ودخان الكراهية ، ما نوع المخلوقات التي يمكن أن تتنفس وتتكاثر؟
من باطن الخبث وجوف الخداع ، ما نوع النبتة التي يمكن أن تخرج وتترعرع ؟!
التقاء المكر والحقد ما النتاج عنه ؟!

يجلس في مكتبه يراجع بعض الملفات المهمة ، يصب كافة تركيزه على الأوراق التي أمامه حتى يعوض ما خسره الأيام الماضية .
تخلى عن سترته الزرقاء واضعًا إياها خلفه على كرسي مكتبه الضخم وبقى بقميصه الأبيض الناصع..
يفتح أزراره الثلاثة الأولى ليظهر عنقه الطويل يبرز منه عرقه النافر والنابض بقوة من تدفق الدماء به ، نزولًا لجزعه الأسمر بعضلاته المشتدة..
يرفع أكمامه حتى مرفقه ليلمع ساعده بشعيراته السوداء وعروقه البارزة .
ممسكًا بقلمه بين سبابته والوسطى يتلاعب به في الهواء ، وباليد الأخرى ممسكًا بملف صفقاته الجديدة ، وبين الحين والآخر يخطط بأوراقه بعض الأسطر المهمة التي ستفيده فيما بعد .
انتشله من تركيزه دق الباب مرتين ، فرفع رأسه وصوته يأمر الطارق بالدخول .
أسقط قلمه على مكتبه ، وعاد برأسه للخلف تغيم عيناه بنظرات عابثة رسمت ابتسامة تلاعب على ثغره ، يتابع دلوف سكرتيرته الخاصة بملابسها المثيرة ومستحضرات تجميلها التي تلون بها وجهها ، تمشي بخيلاء متعمدة .
فهو خير من يعرف ماذا تريد النساء؟
وحقًا حركاتها تروق له وتعزز من غروره!
أسندت كفيها إلى المكتب ، تنحني برأسها حتى ظهرت مفاتنها ، وقالت بنبرة مغرية :
-" كريم بيه.."
اتسعت ابتسامة عبثه وأنزل يده الممسكة بملفه والأخرى حك بها أسفل ذقنه وقال غامزًا :
-"أخيرًا العسل هلّ من الصبح.. يا نعم"
شعرت بانتشاء وابتسمت ببلاهة لم تعي أنها أمام غول عابث يتفهم حركات الإغراء والإغواء الظاهرة بوضوح أمامه :
-"فيه واحدة بره عايزة تقابل سعادتك "
تحرك بكرسيه يمينًا ويسارًا يمعن النظر بها ، ثم قال متلاعبًا:
-"حلوة ؟!"
أخفى ابتسامته عندما رأى تغير نظراتها للغضب الغير مبرر ، ثم اعتدلت مكتفة ذراعيها قائلة :
-" عادية يعني "
نهض من كرسيه يشد جسده لأعلى وكتفيه للجانبين يتخلى عن تشنج جسده من جلوسه مما جعل قميصه يشتد أكثر فوق عضلات صدره وذراعيه ظاهرًا جذعه أكثر .
التفت حول مكتبه يجلس على حافته أمامها مكتفًا ذراعيه أمام صدره هامسًا بغمزة عابثة :
-" وماله ، خليها تدخل "
خرجت أمامه بنفس طريقة دخولها ، وما هي إلا ثوان حتى دخلت تلك الفتاة..
ظل على حاله يتأملها بأعين ضيقة يحاول التعرف ما إن رآها مسبقًا؟!
عيناه شملتها من أسفل إلى أعلى ، مرتدية ثياب أقل ما يقال عنها أنها فاضحة ، تكشف أكثر مما تستر.. ثوب يجمع اللونين الأصفر والأسود يكشف عن ساقين طويلتين بيضاويتين ، تزين قدميها حذاء أسود مكشوف .
ارتفع بعينيه إلى جسدها الذي ينحته ثوبها الملتصق بقوة عليه جعله يميل برأسه للخلف قليلًا يتأمل تلك الأرداف المتناسقة والتي يبدو أنها نالت إعجابه من رفعة حاجبه.
وأخيرًا وصل إلى وجهها الأبيض عندما وقفت أمامه لا يعلم أهذا لونه الطبيعي أم بفعل مستحضرات التجميل التي تضعها؟
عينان واسعتان بحدقتي سوداويتين محددتان بذلك الكحل الأسود ، لكن بريق الخبث الذي التقطه منها كان يميزها أكثر.
يعلوها حاجبان منسقان.. أنف مستقيم أسفله شفتان مكتنزتان قليلًا يزينها أحمر شفاه قاني .
نظر إلى كفها بأناملها الطويلة المطلية بطلاء أسود تمده نحوه قائلة بغرور :
-"صباح الخير يا كريم بيه"
بادلها السلام بقوة قائلًا :
-"صباح النور ، اتفضلي"
أشار نحو الكرسي القابع أمام مكتبه ثم جلس بالمقابل لها ، فجلست بأريحية أظهرت جسدها العاجي ، وابتسامة خبيثة ارتسمت على ثغرها جعلته ينظر لها بقوة وغموض ثم أستند بمرفقه على مكتبه قائلًا :
-"تشربي إيه؟!"
وضعت حقيبتها السوداء على الطاولة التي تفصل بينهما ، وأناملها تتخلل خصلاتها السوداء تعيدها للخلف بغرور :
-"ممكن عصير "
طلب من سكرتيرته إحضار كأس من العصير لضيفته المجهولة وفنجان قهوة له.. أحضرت ما طلبه ليطلب منها عدم ازعاجه وألا تسمح لأي شخص من الدخول .
أمسك علبة سجائره يأخذ منها واحدة يشعلها ، ثم نفث دخانها في الهواء مكونة سحابة من الدخان حوله زادت من هالة غموضه وقوته ، ثم قال :
-"ممكن أعرف أنتِ مين؟!
وإيه سبب الزيارة دي؟!"
نظرت له بقوة وثقة قائلة بتعالي :
-"أنا واحدة عندي مصلحة مشتركة بيني وبينك!"
استنشق سيجارته مرة أخرى ونظر لها رافعًا حاجبه بدهشة ساخرة :
-"مش فاهم!"
وضعت ساق فوق الأخرى ليرتفع الرداء كاشفًا عن ساقيها أكثر ، مشبكة أصابعها على فخذيها ، وقالت بنبرة واثقة :
-"أنا عارفة العلاقة اللي بينك وبين مازن السيوفي ، وعارفة العلاقة اللي كانت بينك وبين الصحفية اللي اتجوزها"
انحنى قليلًا يدس المتبقي من سيجارته في المنفضة أمامه ، ينظر لها بسخرية يميل برأسه كمن يسألها.. وإذا!
الجميع يعلم كل هذه الأشياء فما الجديد لديكِ؟
مالت هي الأخرى للأمام قليلًا مشيرة بسبابتها عليها وعليه :
-"إحنا الاتنين مصلحتنا واحدة ، أنا أكتر واحدة تقدر تساعدك في اللي عايز توصله.. أنت محتاجني وأنا محتاجة ليك"
ارتكز بظهره إلى كرسيه يستند بمرفقه على المكتب واضعًا أنامله أسفل ذقنه ، ممسكًا بحافة الكرسي باليد الأخرى يمعن النظر لها بتركيز ، نظراته تحوم عليها من أعلى لأسفل ، وكلماتها تتقلب في رأسه يفكر بها بعمق ، ثم نظر لها بغموض قائلًا :
-"معرفتش بردو أنتِ مين؟"
انحنت أمام عينيه ، فتلحظ عيناه مسلطة على جسدها العاري ، لتقول بغنج وحاجب مرتفع بخبث قرأه بسهولة :
-"نادين.. نادين عاصم!"


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس