عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-20, 07:32 PM   #30

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع والعشرون

المرأة في عالم الرجل حكاية تشبه رشفة من القهوة
البعض يحب حلاوتها
والبعض الآخر لمرارتها!
وغيرهم يتظاهرون بالحيرة ليركن في النهاية أوسطها!
وبالرغم من هذا كله البعد عنها مصيبة.. والقرب منها إدمان.
وفي قاموسه المرأة أداة لنزواته ، وعاء لتفريغ شهوته ما أن ينتهي لا يلتفت إليها.

الحب.. كلمة مكونة من حرفين ليس لها معنى عنده بل تثير سخريته وضحكاته!
حتى أتت وقلبت موازين حياته ، غيّرت قوانين دستوره الثابت طوال سنوات عمره دون أي تدخل منها!
رحّال في دروب الحياة يعيش كما يحب ويفعل ما يريد بدون قواعد ولا حدود ، لتظهر في طريقه كنبع ماء بارد ترطب رحلته المتعبة!
وللعجب كانت من تبادر بالهرب ليقطع طريقها ويعيدها إلى حدود دولته.
هو الحاكم الآمر في مملكته وإن كانت تسير بقوانينها دون إرادة منه ، لكن طالما دخلتها فلن تخرج سوى بإرادته!

أنين طفيف وزمجرة خافتة تشبه قطة تتلوى في بداية استيقاظها بدلال ، تفرك عينها بقبضتها الصغيرة وهي تستقيم جالسة على الفراش ثم رفعت أنامل يدها اليمنى تعيد غرتها الشاردة على جبهتها ويدها الأخرى تضعها على ثغرها المتثاوب.
تشعر بتيبس عضلاتها من طيلة الوقت الذي استغرقته في النوم فتلوت في جلستها تحاول انعاش نفسها واستفاقتها.
دارت برأسها تتأمل المكان من حولها عاقدة حاجبيها بتعجب من تغير شكل الغرفة الموجودة فيها ، آخر ما تتذكره الكوخ وسط الأرض الزراعية عندما دخلته تتفحصه ثم أعطاها كوب من العصير تشربه وبعدها لم تشعر إلا بجسدها يتثاقل ورغبة النوم تجذبها بقوة حتى سقطت تلبيها بعمق.
لكن تلك لم تكن نفسها الغرفة التي دخلتها!
حكت جبهتها ونظراتها زائغة في الفراغ تحاول تذكر ماذا حدث؟
اقنعت ذاتها أنه ربما نقلها إلى غرفة أخرى فذلك هو التفسير الوحيد!
خاب ظنها عندما لاحت نسمة رياح قوية حركت الستار الموجود أمام الشرفة وصوت هدير شلال ما يصلها بقوة!
اتسعت حدقتيها وتجعدت جبهتها بصدمة قبل أن تزيح الغطاء بقوة عن جسدها وانتفضت واقفة تهرول نحو الشرفة ليصفعها المشهد أمامها..!
على يمينها غابة واسعة مليئة بالأشجار الشاهقة ممتدة على مرمى بصرها يغطيها الثلوج كما تغطي قمة الجبل الشامخ خلفها.. ويسارها شلال ينهمر من ذلك التل العالي على جدول يسير بالأسفل على الصخور!
رفعت رأسها تتطلع للسماء المليئة بالغيوم تخفي أشعة الشمس خلفها فينتشر اللون الرمادي حولها.
هذه ليست أجواء مصر!
مناخها لم يكن أبدًا هكذا!
انتفضت خطوة للخلف وقد لكمتها حقيقة أنها خارج حدود بلدها!
اختطفها!
كيف حدث هذا لا تفهم؟
ظلت تعود للخلف ونظراتها تحوم بجنون للخارج والمكان حولها حتى اصطدمت بالباب ففتحته وهرولت للخارج ، سارت في الممر الصغير حتى وجدت درج خشبي يشرف على باقي المنزل.
تمسكت بحافته تتطلع حولها لتجد أن المنزل بأكمله محاط بزجاج شفاف ينقل المشهد بالخارج للجالس بالداخل ، رأت أريكتين أمامهما طاولة زجاجية صغيرة ، وتلفاز يأخذ مساحة كبيرة من الحائط أمامهما ، وبركن صغير مدفأة حطب مشتعلة.
حالت بنظرها لليسار وجدت مطبخ على النظام الأمريكي مفتوح على باقي المنزل وهو بالداخل يوليها ظهره يُحرك مقلاة الطعام بسلاسة على اللهب وشفاهه تتحرك كأنه يتحدث مع شخص ما!
كزت على أسنانها بشراسة وانتشر الاشتعال في حدقتيها ضاغطة على الحافة بقوة حتى كانت مفاصلها أن تنكسر ، ثم التفتت تهبط إليه باندفاع.

مندمج في تقليب شرائح اللحم ، مستمر في حديثه غير واعٍ إلى القنبلة الموقوتة التي تتقدم نحوه إلا عندما اصطدمت ركبتها بالطاولة الصغيرة زحزحتها قليلًا عن موضعها.
أغلق اللهب ووقف يناظرها بحاجب مرتفع وبسمة جانبية مستمتعة ، يعلم ردة فعلها التي توشك على الظهور وسيكون هو ضحيتها لا محالة!
يقسم أنه يشعر بذرات الغضب والشراسة تلتف فوق رأسها وستُصب فوق رأسه فليتأهب.
نظرات الانفعال الملتهبة الصادرة من مقلتيها لو كانت تحرق لكان في عداد الموتى الآن وستقف تشاهده بتشفي.
كلما اقتربت اتضح صوت تنفسها العالي من فرط ثورتها ، حمحم قليلًا يجلي حنجرته وصاح بنبرة مرحة يمتص غضبها:
-"إيه الكسل ده
كل ده نوم!"
مجنون إن ظن أنها ستجيبه هادئةً!
ملعون إن تأمل أنها ستبدي رد فعل كما يتوقعها!
بسرعة بديهة انخفض بجسده في أقل من ثانية يتحاشى السكريّة التي قذفته بها لتصطدم بالحائط خلفه فتتهشم لفُتات ويتناثر السكر على الطاولة الرخامية وكتفيه.
نفض الحبيبات عن ثيابه السوداء وقهقهة عالية مرحة صدحت منه هاتفًا من بينها :
"صباح النور يا روحي"-
كلما تحدث يزيد الأمر سوءً ، فها هي تكاد النيران تخرج من أذنها ورأسها من شدة الغضب فالتفتت تبحث عن شيء ما حتى وجدت غايتها.. سكين جذبها لمعة نصله أسفل ضوء المطبخ فالتقطته وبداخلها يقسم أنها ستقتله بدم بارد.
اقتربت منه هاتفة بغيظ :
"ده أنا اللي هتطلع روحك ، ممكن تقولي أنا فين؟"
رفع حاجبيه باستمتاع وقد تركها تفعل ما تشاء ، فلتلعب الصغيرة كما تريد لكن النتيجة ستكون لصالحه.. دار برأسه بدهشة مصطنعة يجيبها ببراءة :
-"أنتِ معايا ، مش اتفقنا نقضي فترة إجازة مع بعض!"
ضغطت على أسنانها بقوة ورغبة خنقه تتمكن منها بشدة ، فدفعته على غفلة ليتقهقر للخلف حتى اصطدم بالطاولة الرخامية تحت دهشته الحقيقية ، كاد أن يعتدل فوضعت نصل السكين على رقبته وبقبضتها الأخرى أمسكت بتلابيب ثيابه.
وجهها يبعد عن وجهه بضعة إنشات..
فجذبه بريق مقلتيها الأسود من شدة الانفعال ، اللون الأحمر انتشر في وجنتيها البيضاء وخصلاتها تغطي نصف وجهها.
همست بحدة من بين أسنانها وبصوت دلّ على نفاذ صبرها :
"رد عليا كويس يا كريم وقولي أنت جايبني فين؟"-
"روسيا"-
اتساع عينها مع رفع حاجبيها وتوقف أنفاسها للحظات كان رد فعلها على كلمته.
اقتربت برأسها منه تسأل بحذر وقبضتها تشتد على صدره تضغط عليه وقد تلبسها شياطين الجن بأكملهم :
"وجيت روسيا إزاي يا كريم؟"-
مال برأسه عليها ولم يأبه لضغط السكين على رقبته هامسًا بلامبالاة وهدوء :
"بالطيارة"-
جزء من الثانية تتحرك فيه يدها نحو اليمين وستصعد روحه إلى بارئها وتتخلص منه ، لن تستطيع وصف شعور الراحة والهدوء حينها!
لاحظ توسع فتحتي أنفها وتنفسها السريع الغاضب!
البروز الطفيف لعظمتي فكها بسبب شدة ضغطها على أسنانها بغيظ!
هتفت بكامل غيظها :
-"أنت بأي حق تعمل كده؟
بأي حق تخطفني وتجيبني هنا بدون علمي؟"
حال الصمت بينهما للحظات يتأملان بعضهما بمشاعر متباينة.. أسئلتها هو نفسه لا يعلم إجابتها ولا تفسيرها!
معها حق لماذا جاء بها إلى هنا؟
يقنع ذاته أنها وافقت فما أهمية المكان بالنسبة لها؟
لم تتلقَ إجابة وفي ذلك الوقت لا تستطيع تحديد مشاعرها جيدًا.. غضب أم ثورة!؟
سخرية أم غيظ!؟
كل ما تعرفه أنها إن لم تذهب من أمامه فلن تكون مسئولة عن أي ردة فعل تصدر منها.
ذمت شفتيها بشدة ورفعت السكين عن عنقه تضعه بعنف على الطاولة خلفه ثم ابتعدت عنه بضعة خطوات ، وألقت نظرة أسفل قدمها قبل أن ترفع رأسها له تعيد غرتها خلف أذنها وقالت :
-"هو أنا بسأل مين أساسًا؟
متوقعة إيه منك يعني؟
بضيع وقتي في كلام ملوش أي لازمة ، اتفضل دلوقتي حالًا ترجعني مصر"
ثم رفعت سبابتها إليه تهزها بتهديد وتخصرت باليد الأخرى مع رفعة حاجبها الأيسر ونظرات التصميم في عينها :
"ولو شوفتك في حياتي تاني يا كريم هسجنك أو أقتلك"-
رفعت حاجبيها بتعجب عندما رأت الابتسامة ترسم خطًا مستقيمًا على شفتيه وهمسه الساخر وصل لمسامعها واضعًا يده في جيب بنطاله الأسود يشد جسده في وقفته حتى برزت عضلات جسده أسفل قميصه ويده الأخرى فوق قلبه بدرامية :
-"جرحتِ قلبي بكلامك يا ياسمينة!
بعد ده كله تقتليني؟"
"ده أقل واجب"-
أجابته بسخرية وعينيها تحيد لأعلى ، تهز رأسها بلا فائدة وخطت خطواتها للخلف عازمة أمرها على الابتعاد من أمامه ، لكن ولسوء حظها تعثرت قدميها أسفلها وسقطت.. بدلًا من أن تسقط على الأرض السيراميكية ، سقطت بين يديه واصطدم ظهرها بصدره الذي لا يختلف عن صلابتها في شيء.
تلقفها بين يديه بابتسامة فهد حصل على غزالة بين براثنه ، سيكون غبيًا في كتب الرجال إن لم ينتهز الفرصة!
أحاطها بذراعيه ودفن أنفه في عنقها يستنشقه في حركة بدت لها تلقائية ولم تنتبه له في ظل صدمتها من تعثرها ، تستند بكفيها فوق ساعديه ، فرفع شفتيه لأذنها هامسًا بنبرة متريثة وأنفاس ثقيلة :
-"تعرفي..!"
انتبهت له كافة حواسها ونظرت بجانب عينيها ، فعمق نظراته داخل حدقتيها حتى كاد يرى انعكاس وجهه فيهما وهمس :
-"ليه أنتِ بالذات مش عارف؟
كل اللي أعرفه إن الزمان والمكان مش مهمين طالما المبدأ موجود وأنتِ وافقتِ تديني الفرصة ونكون سوا ، وأنا وعدتك مش هأذيكِ مش هقدر"
شعر بتصلب جسدها بين يديه ، وتشدد كفيها فوق ذراعيه ولم يرَ عينيها التي ابتعدت بها عن مرمى نظراته وتوسعت بصدمة من جملته ، فحاولت دفعه قائلة بصوت متقطع من انفعالاتها بسبب التصاقه وكأنها انتبهت الآن أنها قابعة في أحضانه :
-"ابعد يا كريم ، كل كلامك ده خليه ليك أنا عاوزة أرجع مصر دلوقتي"
أدارها بين ذراعيه مشددًا واحدًا حول خصرها ، وثبت رأسها أمام وجهه بكف يده الأخرى لتتوقف أنفاسها للحظة أمام نظراته ، فانتشرت نظراته على وجهها وعقد حاجبيه قائلًا :
-"رجوع مصر مش هيحصل غير لما انا أقرر ، حاولي تتأقلمي على الوضع لأن المدة ممكن تطول.. علشان نقدر نتعايش سوا"
اقترب أكثر منها فأصبحت تتنفس أنفاسه الحارة..
فابتلعت ريقها بتوتر لكن نظراتها ثابتة قوية بطريقة أعجبته فهمس بتلاعب محبب بلكنة روسية بارعة :
-"عناقك كالخطيئة المشروعة!
فكيف لكِ أن تكوني بكل هذا الجحود لتمنعيني من فعلها؟"
فهمته جيدًا لتبتسم ساخرة من طريقته عندما يود أن يتواقح يغير لكنته وكأنه يجملّها!
دفعته للخلف بعنفوان يتركها بمليء إرادته مبتسمًا يعُض على شفتيه السفلية بمكر وتسلية يرفع حاجبه ويميل برأسه للجانب يتأهب لسماعها عندما وجدها تكاد تهم بالحديث ، لكنها تنفست بعمق وأزاحت خصلاتها للخلف بعنف ترمقه بغموض من أعلى لأسفل وقد أقسم بداخله أنها تخطط لشيء!
لم تجبه ولم تنبس بنبت شفة لتتركه وتتجه نحو الدرج بهدوء وتمهل أجبرت نفسها على التحلي به.
★★★★★
أن تفقد أباك معناه أنك تخسر الجدار الذي تستند إليه ويجعلك في مهب ريح قد لا ترحم من هم أمثالك..
تفقد السماء التي تجود بنبع الحب والحنان..
تفقد المَظلة التي تحميك من الشرور وتجعلك وحيداً في مُواجهة العالم..
فقدانه ليس معناه اليتم فقط ، بل يعرف من يتعامل معك أنك وحيدًا أمامه وربما أمام طموحه ومطامعه.
تشعر أن الدنيا تطيح بك شرقًا وغربًا تقذفك بعنف ، تشعر أنها تتضاحك بشدة أنك لن تستطيع مجابهتها فتتيقن أنك على شفا حفرة من اليأس والاستسلام.
ومن وسط الظلام قبس من نور يتهادى من بعيد ينير حياتك الكاحلة
إشارة من الله أنه يراك ويسمعك..
أخذ منك سندك لكنك لم تفقد سنده هو

جالسة بجوار والدته في الحديقة تستمتعان بشرب القهوة في يوم مشمس يسري دفئه في المكان ، ينغمسان في الحديث وعيناها تتابع الاثنان اللذان نسيا العالم من حولهما وانغمسا في لعب الكرة!
تضحك وهي ترى مصطفى يزفر بنزق عندما يتمكن منه التعب من فشله في قطع الكرة من براثن مازن ليشيح بيده في الهواء بغيظ فيرق قلبه ويعطيها له.
ابتسمت بحنان وسعادة عندما وصل غضب الصغير إلى آخره فحمل الكرة وركض بها هاتفًا بحنق أنه سيلعب بمفرده بما أن الكبير لا يراعي كونه صغيرًا قصيرًا لا يقدر على مجابهته ، فيركض مازن خلفه يحمله بخفة ويدور به وضحكاتهما تتعالى حولهما تنشر السعادة بالمكان.
انتبهت لوالدته التي قالت ترفع كوبها ترتشف القليل منه وعيناها عليهما بابتسامة حنونة :
-"مصطفى من ساعة ما جه وتحسي إن السعادة جت معاه والفضل ده كله يرجع ليكي ، رجعتي لي ابني من تاني"
أحاطت هدير ذراعها تضمه إلى أحضانها وابتسمت قائلة تتطلع إليهما :
-"مين قالك أنه كان مهاجر يا ماما؟
مازن مفقدش أي جزء من شخصيته ، اللي يشوف تعامله مع أسماء ومعاكي تعرفي أنه مليان حنان الدنيا"
تطلعت لها تضم نفسها إليها أكثر وقالت :
-"فاكرة كلامك ليا يوم كتب الكتاب ، إن كل ده بسبب موت باباه -الله يرحمه-"
تنهدت ميرفت بحنين وشوق لزوجها وترحمت بخفوت عليه ثم ربتت على رأسها بحب :
-"مازن هيبقى أب حنين ، واللي متأكدة منه أنكم مش هتظلموا مصطفى"
وضعت هدير كفها على بطنها الحاملة لنطفة لم تُكمل الثلاثة أشهر بداخلها لكن السعادة التي تشعر بها لا توصف ، وعيناها متعلقة بزوجها النائم على العشب يضع كفه أسفل رأسه وذراعه الآخر يضم به الصغير لأحضانه يتحدثان بخفوت لا يصلهما وقالت :
-"مصطفى ابني الأول ، والطفل اللي جاي هيبقى أخوه مش هفرق بينهم مهما حصل على قد ما أقدر ، وواثقة أن مازن هيعمل كده قبل مني"
ربتت الأخرى على قدمها بحنان هامسة بدعاء :
"ربنا يكمل حملك على خير يا حبيبتي"-
قابلت دعائها بابتسامة هادئة وقلبها يؤمّن خلفها ، ثم استقامت تقترب منهما تنحني نصف انحناءة مستندة على ركبتيها هاتفة بمرح :
-"لعبتوا وكسلتوا"
وجهت حديثها إلى الصغير :
"يلا حبيبي روح لدادة علشان تآخد حمام وتغير هدومك"-
استقام مستجيبًا لأمرها بطاعة وسعادة يقترب طابعًا قبلة على وجنتها ثم هرول إلى الداخل ينادي على المربية ، تتابعه ببسمة قبل أن تعاود النظر لذلك الذي استقام يقف خلفها ينحني قليلًا نحو أذنها يهمس بوقاحة :
"طب مصطفى دادة هتساعده ، أنا مين يساعدني؟"-
ضيقت عينها والتفتت له متخصرة تناظره برفعة حاجب محببة لتقول بخبث تتلاعب بمقدمة ملابسه ترسم خطوط واهية على كنزته الرمادية :
-"يا سلام.. هيكون مين يعني اللي له الحق يساعدك"
ابتسم بخفة ومال برأسه عليها يغمز لها بمكر وحدثه يخبره أنها تشاكسه كالعادة :
"تفتكري مين؟"-
ربتت على صدره ورأى نظرة التلاعب في حدقتيها :
-"جهز فوطتك واستنى دورك بعد مصطفى ، دادة نفسها اللي كانت بتجهزك وأنت صغير"
ضحك بقوة حتى دمعت عيناه ليحيط خصرها مقربًا إياها منه تشاركه الضحك ، ولم يستطع قول شيئًا سوى طباعة قبلة حنونة فوق خصلاتها تقبلتها مغمضة العين تدس نفسها في أحضانه أكثر.
خضع لها في الحب من بعد عزته..
وكل محب لمحبوبه خاضعٌ.
★★★★★
الغضب.. ريح تهب فتُطفئ سراج العقل
يشل التفكير ويجعلك تتصرف بعشوائية
فتكون فرصة وقوعك في الأخطاء كبيرة
وحينها ستفقد حقك بالكامل

واقفة أمام الشرفة تكتف ذراعيها تقبض على كميّها حتى كادت أظافرها أن تخرقها من غيظها ، تهز قدمها بقوة وعقلها يفكر مما أوقعها حظها فيه!
لملمت خصلاتها بمشبك أعلى رأسها وظلت تدور حول نفسها تفكر حتى تصل لحل!
لكن كيف ستجده وهي برفقته؟
بل وإن وجدته كيف ستنفذه وقد أغلق في وجهها كافة السبل؟
منزل منعزل وسط غابة واسعة وأشجار وشلالات ، توجد في دولة تقع في النصف الآخر من الكرة الأرضية بعيدًا عن وطنها ، بيتها ، عائلتها!
حتى لو تمركزت عائلتها في "أسرة مازن" فقط لكنه يظل العائلة التي عرفتها دومًا!
انتفضت في وقفتها حتى تذكرت مازن وقد لاح بداخلها شعاع من الأمل أنه سيجدها لكنه انطفئ بيأس وتهدلت أكتافها عندما تذكرت أنه أعطاها إجازة طويلة بعد مشكلة رامز خاصةً أنه مرّ الكثير لم ترتاح فيه!
امتعضت وتغضن جبينها تسب نفسها.. أكان من الضروري أخذ إجازة في هذا الوقت؟
منذ متى تشتكي من العمل؟
لتشارك ذلك القابع بالأسفل في سبابها تلعنه وتلعن الساعة التي رأته فيها!
لم تنتبه لمن فتح الباب ودلف يتأمل حيرتها وقلة حيلتها باستمتاع ، يقر في نفسه أن هذه الأيام لن تكون كشاكلة الذين مضوا ، يشعر أنه سيكون شخصًا مختلفًا معها هو نفسه سيتعرف عليه لأول مرة!
لينتظر ويرى ماذا ستفعل به تلك اللوزية!؟
اقترب منها بخفة يضرب على كتفها مرتين بسبابته ، فانتفضت تبتعد عنه خطوتين باضطراب قبل أن تستوعب وجوده لتهتف به :
"أفندم عايز إيه؟"-
قطع الخطوتين في واحدة حتى كاد يلتصق بها فلم تتحرك من مكانها ولم تظهر أي توتر بل وقفت تناظره بقوة أعجبته فهمس أمام وجهها :
-"هتفضلي متعصبة كده كتير!
أنا معنديش أي مانع بالعكس وشك الأحمر ، وعيونك اللي بتلمع ، جسمك اللي بيتنفض من نفسك السريع.. كل دول بيخلوني...."
قطع حديثه ضاغطًا على شفته السفلى بخبث وإيحاء بتخيلات منحرفة اتسعت لها عينها بقوة والتفتت تبحث عن أي شيء تدق به عنقه.
قرأ رغبتها فأحاط خصرها على غفلةٍ منها يثبتها بين ذراعه لتنصدم من فعلته وكادت أن تصرخ به معنفة لكنه وضع سبابته على فمها يضغط بقوة كي لا تتحدث ، فرأت نظراته تحتد ، ملامحه العابثة تحولت للجدية وقال بنبرة لا جدال فيها :
-"حاولي تهدي عشان محدش هيتعب غيرك من الغضب والعصبية دي ، بكل الأحوال هنفضل مع بعض مفيش خروج من هنا"
تسارعت دقات قلبها تردد صداها في صدره ، وارتفعت وتيرة أنفاسها تستمع للهاتف الذي صدح بعقلها أن هناك معنى آخر خلف كلماته لا يقتصر على تلك الإجازة الذي طلبها!
يسخر منها أنه حذرها ألا تسير مع طياره وتهرب وها هي عالقة بين براثينه كالفأر في المصيدة!
هربت الكلمات من جوفها وظلت تنظر له بدهشة ولاح التوتر بداخلها من ضمته ، تركها قبل أن تقوم بدفعه وقال يوليها ظهره :
"يلا علشان تاكلي"-
"مش عاوزة أكل"-
هتفت بها بغيظ تشيح بوجهها عنه ، ليقف يحك أسفل شفتيه بصمت ثم استدار لها يراقب وقفتها الطفولية.. متخصرة تهز قدمها بتوتر مشيحة بوجهها للجانب.
رفع كتفيه بلامبالاة واقترب منها منحنيًا أمامها جعلها تعقد حاجبيها بدهشة قبل أن تصرخ شاهقة عندما استقام حاملًا إياها فوق كتفه ملقيًا رأسها للخلف ودار مرة أخرى يخرج هابطًا لأسفل.
يصفّر براحة غير عابئ لصراخها أن يتركها ، ولا ضربات قبضتيها الصغيرة على ظهره.
*******
الحب جحيم يُطاق ، والحياة بدونه نعيم لا يُطاق!
جملة قرأتها منذ فترة حينها ابتسمت ساخرة ، لكنها الآن تُجزم أنها كانت غبية عندما لم تفطن لعشقه طوال هذه السنوات!
تعترف الآن بقيمة الحب ، أنه خيط رفيع يربط أنسجة الساعات ويضم ستائر الليل ، يسكن موجات الشمس ليجمع نبضاتهما ويشعر قلبها بما يمر به حتى لو لم يكن أمام عينها!

تقف بجوار أمه في المزرعة تراقب الحديقة التي انتهى تزيينها للتو ، طاولة كبيرة مستطيلة وفروع ضوء ملونة معلقة بغصون الأشجار تهبط بسلاسة.. البلونات البيضاء والسوداء والزرقاء أُلقيت في المسبح وعُلقت بأعمدة حول الطاولة.
التفتت إلى والدته تضم كتفيها وتضع رأسها على خاصتها قائلة :
"كده كل حاجة بقت تمام يا ماما"-
ربتت على ساعدها بسعادة وامتنان :
-"نادر هيفرح قوي بالمفاجأة دي ، هو تعب قوي الفترة اللي فاتت"
شددت من ضمها وعينها تراقب مصطفى يتقافز بسعادة حول صندوق أرنبها الصغير يلاعبه ويلقي له بقطع الجزر.
دلفوا للداخل فانضمت والدته إلى سهام وميرفت وناهد يتناولون القهوة ، ودلفت منار إلى المطبخ حيث أسماء وهدير المتوليتان عمل الطعام والعصائر ، فشرعت تبدأ في تجهيز الحلوى البارعة فيها.
ابتسمت أسماء بسعادة تقف بجانبها :
-"نادر محظوظ بيكي يا بنتي والله ، والنهاردة هيفرح جدًا بالحفلة دي"
بادلتها الابتسامة بأخرى حالمة والتمعت بندقيتها :
-"أنا اللي محظوظة بيه يا أسماء.. نادر زي القمر اللي جه نور حياتي"
صدح صوت هدير الجالسة خلف الطاولة تقطع الخضراوات بصوت شجّي متلاعب بخبث تغني :
-"ياما القمر ع الباب ، نور قناديله
يما أرد الباب ولا أنادي له
أنادي له يما.. أما"
اتسعت نظرات منار بدهشة ممزوجة بخجل لتصيح بها بغيظ :
-"هدير.."
رفعت الأخيرة نظراتها التي اتسعت كالجرو الصغير ببراءة لكنها تستطيع قراءة المكر فيهما بوضوح :
"الله بغني يا منار"-
لم تلتفت لصراخها وأمسكت ببندورة تقطعها وتكمل غنائها تنظر لها من أسفل أهدابها بابتسامة تخفيها بالكاد:
-"يما القمر سهران مسكين بقى له زمان
عينه على بيتنا باين عليه عطشان
وحد م الجيران وصف له قلتنا
أسقيه ينولنا ثواب ولا أرد الباب
يماا.. أما"
قذفتها منار بالقفاز الذي جذبته من يدي أسماء التي لم تستطع السيطرة على ضحكاتها تهز رأسها بيأس من مشاكستهما التي لا نهاية لها.
مر الكثير من الوقت حلّ فيه الليل وأضيئت الحديقة
الطاولة رُصت بكافة الأطعمة والفتيات تقفن بجانب بعضهما ينتظرن حضورهم ، ولما لبس أن انتبه الجميع لسيارتين دلفتا من البوابة ، واحدة هبط منها نادر والأخرى مازن ورامز يقتربون منهن كلٌ عينيه تتعلق بحبيبتها.
مازن قبّل جبين زوجته
رامز احتضن أسماء مقبلًا وجنتها
ونادر رفع كفي منار مقبلًا ظاهرهما بحب ، والتف حوله يتأمل الروعة المحيطة به ، يعلم بأمر العزيمة لكن لمسة خطيبته على الحديقة جعلتها فائقة الجمال.
نظر لها بحب هامسًا :
"أنتِ اللي عملتِ كل ده؟"-
أومأت بسعادة وحماس فشبك أنامله معها يرفع كفها يقبل باطنه بحنان ولم يقطع التواصل البصري معها ، فابتسمت بخجل وأسدلت أهدابها بخجل جعل الدم يتصاعد لوجنتيها ، ضحك بخفة عليها وكاد أن يتحدث فصدح صوت رامز المرح الذي جلس بين زوجته ومازن :
-"مش وقته يا نادر ، مش وقت حب يا حبيبي ده وقت أكل"
تناول الجميع العشاء وسط الضحكات والسعادة ، مشاكسة هدير لهما وإثارة غيظ منار يدافع عنها نادر أن تنتبه لزوجها وطعامها ولا تقترب من خطيبته.
بعد الطعام دلفت منار للداخل ، وفجأة عمّ الظلام في الأرجاء فتعالت الهمهمات عن السبب إلا هدير التي تعلم ما تنتويه صديقتها.
كاد نادر أن يتحرك يرى ما الأمر لكنه تسمر عندما وجدها تقترب منه حاملة كعكة كبيرة تحيطها الشموع والشرارات بابتسامة جميلة عاشقة ، وتصاعد التصفيق من خلفه وصوتهم بغناء أغنية عيد الميلاد بسعادة.
وقفت أمامه تشاركهم بصوتها وعيناها لم تهبط من عليه ، تبثه حبها وعشقها بنظرات أبلغ من كم الكلمات التي يمكن إخراجها من أحرف الأبجدية.
رفعت الكعكة أمامه فرأى صورته تتوسطها وقالت بهمس عندما صمت الجميع والتفوا حولهما :
"اتمنى أمنية قبل ما تطفي الشمع"-
ابتسم لها واقترب برأسه منها وبصوت مليء بالعشق الذي فاض بقلبه ودون خجل أفصح عما يتمناه :
"أمنيتي من الدنيا دي أنتِ وبس"-


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس