عرض مشاركة واحدة
قديم 26-11-20, 06:40 PM   #6

noor1984

مشرفة منتدى قلوب احلام وأقسام الروايات الرومانسية المترجمةوقصر الكتابة الخياليّةوكاتبة،مصممة متألقة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية noor1984

? العضوٌ??? » 309884
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 23,038
?  نُقآطِيْ » noor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond reputenoor1984 has a reputation beyond repute
افتراضي




وعلى بعد عدة كيلو مترات..
موسيقى هادئة كلاسيكية تتسلل بسلاسة إلى مسامع الجالسين في هذا المقهى الذي أصبح ملتقاهم في الفترة الأخيرة ، لقائهما هنا منذ ثلاثة أشهر مضت تقلصت المسافة بينهما فأصبحا أصدقاء.
لكن اليوم تشعر أن المشاعر بينهما بعيدة عن الصداقة كثيرًا
الأصدقاء لا يخرجون في هذه الأماكن الهادئة
لا يجلسون في أجواء رومانسية
لا يرتدون حُلة رسمية في اللقاء
لا يستغرقون الساعات أمام المرآة يتأنقون
لا يفعل ذلك إلا الأحبة!!
لكن هل تكفي بضعة أشهر كي تزرع بذور الحب والثقة في القلوب؟
هل تكفي كي تجعل الغريب قريب؟
هي لا تعلم..!!
لا تعلم إجابة كل تلك الأسئلة والاندهاشات ، كل ما تعلمه أنها تجلس أمامه بردائها الأسود الذي يصل إلى ركبتيها ، ترفع خصلاتها لأعلى برقة تاركة غرتها تغطي جبهتها بحرية.
يغلفها الخجل ، التوتر ، هاربة من نظراته التي لا ترحمها ، تتبعها في كل حركة ، يراقب خجلها بهدوء يزيده تعلقًا بها ، جالسًا أمامها وقد تخلى عن سترته وبقى بقميصه الأسود محررًا أولى أزراره كاشفًا عن عنقه الأسمر المشدود.
اقترب بجسده إلى الطاولة يقترب من وجهها تستند على ظاهر كفيها يفصل بينهما شمعة موضوعة في كأس زجاجي ينعكس ضوؤها عليهما فتبرق بركتي القهوة في مقلتيها أمام سواد حدقتيه اللامع ، فهمس قائلًا :
-"أشعر بقلقك ساندرا ، لماذا كل هذا التوتر؟
هل أنتِ غير راضية عن هذا اللقاء؟"
ابتسمت بخجل وهزت رأسها نفيًا ، ترفع أناملها تعيد خصلة شاردة خلف أذنها تجيبه بصوت محشرج :
-"لا قيس الأمر ليس هكذا ، كل ما في الأمر أشعر أن تلك الليلة مختلفة عن كل مرة تقابلنا بها ، ليست كالمرات السابقة"
صمتت متنهدة تمسح على جبينها قبل أن تضع ذراعيها فوق بعضهما على الطاولة تكمل بقلة حيلة :
-"لا أعلم كيف أشرح لك!!"
جابهها بنظراته ، هالته المحيطة به.. صدمها بكلمات تُعبر عن كل ما تود قوله :
-"هذا لأن ما بيننا خرج عن طور الصداقة ليبدأ طور جديد ، طور له لذة خاصة ومشاعره المميزة له وحده ، طور لا يمت للصداقة بـِصلة ساندرا"
فركت كفيها بتوتر ، تهز قدمها بحركات انفعالية وقلبها تكاد تقسم أنه يسمع دَويه من مجلسه..
أخرجت حبوبها المهدئة تأخذ بعضها برشفة ماء كي تقلل حجم التوتر الذي تملك منها ، ثم التفتت تنظر إلى الثنائيات الراقصة بعشق تشعر بذبذباته حولهما.
انتفضت على ملمس أنامله تتحرك على ساعدها يبتسم ابتسامة في نظرها لم تفهمها ، فعقدت حاجبيها بتساؤل أجاب عنه :
-"ما رأيك أن نكمل السهرة في مكان آخر؟!
مكان خاص.. خاص جدًا"
رمشت أهدابها أكثر من مرة بتوتر خاصةً عندما نهض يحمل سترته يرتديها ووقف أمامها يشهر كفه لها بانتظار إجابتها!!
لحظات لا تعرف كيف مضت!!
لا تعرف بماذا أجابت!!
كل ما تفكر به أنها الآن بجانبه ، في سيارته ، يتجهان إلى حيث لا تدري!!
وقفت السيارة فالتفتت تتأمل المكان من حولها..
فيلا صغيرة يحفها الظلام من كل الجهات ، لا يوجد ما يكسره غير مصباحين ضوئهما خافت للغاية ، بثت الخوف والقلق في أعماقها وصوت يخبرها ألا تخطو لها مهما كلفها الأمر!!
شيء ينبئها أن الأسوأ قادم!!
لا تنخدع بالمظاهر فهي خدّاعة!!
التفتت له تهز رأسها بعدم فهم تسأله :
-"ما الذي نفعله هنا قيس؟"
ارتعدت من نظراته في تلك اللحظة ، غامضة.. سوداء.. مرعبة!!
ابتسامته التي اسقطتها عاشقة ، اسقطتها رعبًا هذه المرة!!
دقات قلبها تردد صداها في رأسها يكاد يخرج من صدرها من قوتها عندما اقترب من وجهها يهمس بأنفاس ساخنة :
-"هنا سأخبرك مسمى ما وصلنا له حلوتي ، أخبرتك أنه مكان خاص جدًا والآن سأعرفك عليه"
تسمرت مكانها لا تعي ما يقول!!
لا تفهم ماذا يعني بحديثه تشعر به يخفي أمرًا لا تتوقعه!!
رفع أنامله يعيد خصلة خلف أذنها ، ثم تسلل يتلمس خلف عنقها يقربها منه ببطء مميت زاد من وتيرة أنفاسها الخائفة ، فازدادت بالمقابل ابتسامته المستمتعة يتلمس وجنتها الحارة بشفتيه حتى اقترب من أذنها ، هنا شعرت بيده تقسو على عنقها لكن لم ترَ عينيه التي وازت الجحيم ظلامًا ورعبًا وهمس :
-"دعيني أكمل تعريف نفسي لكِ.. تعرفين قيس النجار الطبيب المسئول عن التحقيق في الحوادث الواقعة في المدينة!!
فدعيني أعرفك على قيس الطبيب المرتكب لهذه الجرائم يا صغيرة"
شهقتها وصلت لجوفها ولم تخرج للعنان لسقوطها مغشيًا عليها على صدره جراء ضغطه على منطقة ما في عنقها ، لتتسع ابتسامته أكثر يحملها ويدلف بها إلى مصيرها الذي سطره بيده لها.
لم تعد ترى للكون أي ألوان!!
لا تسمع أصواتًا سوى نبضات قلبها المتسارعة التي تهمس باسمه في كل دقة ليس حبًا بل رعبًا ورغبةً في الخلاص!!
نائمة تراه هناك ينتظرها لكن ليس ببسمته البشوشة التي عشقتها بل أخرى غامضة.. ساخرة.. تسقط قلبها أرضًا!!
فتحت عيناها لتجده أمامها واقف يوليها ظهره وقد استحال قميصه الأسود إلى آخر أبيض ، تستمع له يعبث بأشياء لا ترى ماهيتها!!
أنين خافت صدر منها تحرك رأسها ببطء بعدما فاقت من إغمائها ، ملامحها منكمشة تحاول العودة لكامل وعيها ، تشعر بالدوار فكادت أن ترفع أناملها تدلك رأسها لكن لا تستطيع تحريكها!!
حاولت وحاولت لكن لا تستطيع!!
عقدت حاجبيها وقد بدأ ما حدث يتدفق رويدًا رويدًا إلى عقلها تتذكر أنها الآن واقعة بين براثين المجرم الذي اشتكت خوفها منه له!!
انتفضت مكانها لكنها لم تقف فانتبهت لحالها لتشهق مما هي فيه!
جالسة مقيدة على كرسي حديدي ، يدها وقدمها مقيدون بالحبال!!
حاولت الحركة برعب وانفعال فتحرك الكرسي من موضعه وصرير احتكاكه بالأرض الخرسانية جذب انتباهه فصدح صوته دون الالتفات لها :
-"نومًا هنيئًا عزيزتي!"
اتسعت ابتسامته عندما سمع شهقتها الخائفة ، وضع ما بيده والتفت لها يستند على الطاولة خلفه يكتف ذراعيه أمام صدره يتأملها ، خوفها ينشيه.. دموعها تغسله.. حالها لا يجذب ترفقه قيد أنملة!!
تهتز أمامه بعنف وشراسة ، نظراتها تحول بين يدها تحاول فك قيدهما ، تتشبث بآخر نفس في الحرية والمقاومة تهمس بجنون :
-"أيها المختل.. ما الذي تفعله؟
ماذا تريد مني؟"
-"قلبك..!!"
سكنت تطالعه بصدمة لما نطق به بنبرة باردة ، يريد قلبها!!
لو كان نطق بها قبل ساعة من هذه اللحظة لكانت قدمته له على طبق من ذهب ، لكن الآن هي أمام مجرم ، مرتكب تلك الجرائم البشعة التي آرقت نومها أيام.. هزت رأسها برفض لك هذا وازدادت وتيرة اهتزازها حتى كادت تسقط هاتفة بهستيرية :
-"أنت مختل.. مجنون.. شيطان لم تترقَ حتى لقيمة إنسان ، فلا يوجد إنسان يفعل ما تفعله"
توقفت فجأة عندما وجدته أمامها كالشبح لم تعِ لتحركه نحوها يقبض على رسغيها بقوة وجبهته تكاد تلامس خاصتها ، حدقتيه تحول بين عينيها بهوس خافت منه أكثر هامسًا :
-"ومتى أخبرتك أنني إنسانًا؟
نعم أنا شيطان ، شيطان متعطش لقلوبكن أنتن ليس حبًا بل انتقامًا ، أخذ حق مما فعلتموه بي"
-"أيها المعتوه ماذا فعلت لك؟!
كانت المرة الأولى التي أراك فيها في ذلك اليوم المشئوم في المقهى"
تقلبت معدتها اشمئزازًا من ضحكته وأنفاسه التي صفعتها هامسًا :
-"ومن أخبركِ عزيزتي أنها المرة الأولى!!
يبدو أن ذاكرتك كالسمك تنسين سريعًا ، لكنني أبدًا لا أنسى من مروا في حياتي يومًا!!"
صرخت فجأة بصدمة عندما أدار الكرسي غفلةً لتجد أمامها ستار أبيض يغطي شيئًا ما خلفه ، انتفضت عندما قبض على كتفيها من خلفها هامسًا بسخرية :
-"من سبقوكِ لم يعرفن السبب الذي أعاقبهن عليه ، لكن سأجعلكِ استثناء عنهن بما أنكِ الأخيرة"
تركها واقترب يزيح الستار عن الأرفف الحاملة للعلب الزجاجية الحافظة للقلوب ، ووقف يستند على حافتها بكتفه يكتف ذراعيه ويعكس قدمه أمام الأخرى ، بابتسامته الجانبية يراقب صدمتها وشحوب وجهها ، نظراتها الغير مستوعبة لما تراه..!!
أشار للعلبة الأولى تحمل اسم "منى معلمة اللغة العربية" وقال بأعين سوداء ونبرة ساخرة :
-"دعيني أعرفك على مربية الأجيال والفضيلة!!
من يجب أن تزرع الأخلاق والقيم في النفس ، كانت لا تحمل من معانيهم شيئًا.. من تأخذ الضرب والسب والإهانة وسيلة من وجهة نظرها للتعلم ، غافلة أن اللين والرحمة أسهل وأسرع سبيل"
هتفت بهوس من جنونه :
-"أهذا سبب يستحق أن تقتلها من أجله؟"
-"نعم.. من تُفقد طفلًا ثقته في نفسه ، تجعله قابع في خوف من الجميع ، مقيد في تحركاته مرتعبًا من العقاب!!
نعم تستحق ، تستحق أن تعيش السادية والخوف كما كانت تملأ قلوبنا به"
هزت رأسها بعدم وعي لما يقوله ، دموعها تهبط شلالات على وجنتيها حتى أصبح لا يكاد يرى حدقتيها ، فلم يهتم وأشار لعلبة أخرى تحمل رقم سبعة تحمل اسم "لين جارته" قائلًا :
-"وتلك التي أردت الزواج بها ، لكنها هربت قبل الزفاف بعدة أيام مع آخر"
ضحك بسخرية والتفت لها يطالع تسارع أنفاسها وانتفاضة جسدها بخوف مكملًا :
-"لكن قبل زفافها منه تركها من أجل أخرى لتعود إليّ نادمة على ما ارتكبته"
-"لقد أخذت عقابها أضعافًا ، تركها من تركتك من أجله ، لم يكن من الداعي قتلها ، تركها كان عقاب وافِ"
صرخت برعب وأنفاسها سُجنت في حلقها لم تستطع إخراجها عندما جذب خصلاتها للخلف ، رمقته من الجانب تطالع عيناه الجاحظة مع ابتسامته الواسعة فكان كالمجنون الذي تلبسه مارد ، كاد قلبها ينخلع من بين أضلعها من شدة الخوف ليصرخ بها :
"لا.. ليس بالعقاب الوافي ، الخيانة عقابها الموت ، لا تستحق الخائنة العيش!
أتعلمين لو أنها أخبرتني أنها لا تريد تلك الزيجة كنت تركتها ، فلا رجل يقبل على نفسه الزواج من امرأة لا تحبه"
أغمضت عينيها بقوة لا تريد رؤية وجهه ، لا تريد الشعور بأنفاسه وقربه ، تتمنى أن يزهق الله روحها الآن قبل أن يفعل بها مثلهن!
وقف خلفها يمد كفه ويضعه أسفل ذقنها يرفعه نحو العلب ، وهمس في أذنها بفحيح خافت ونبرة ساخرة :
"لا تبكي عزيزتي ، أعدك أنني لن أؤلمك.."
صمت للحظات وعيناه تقع على العلبة الحاملة لقلب زوجة أبيه يرمقها بحقد دفين كأنه لم يكتفِ بما فعله بها :
-"لأخبرك بقصة العلبة الأخيرة للزوجة العظيمة وزوجة الأب الحنونة السيدة " انتصار" ، من ضحت بشبابها كي لا تقع فريسة لألسنة المجتمع تحت مسمى العانس ، تزوجت برجل عمره ضعف عمرها مرتين"
سألته بتيه وقد بدأ العالم من حولها يدور من كثرة البكاء وضربات قلبها السريعة :
"لا أفهم وما الخطأ في ذلك؟
هل كانت تعاملك بعنف واضطهاد كحال زوجات الأب في كثير من الأوقات؟"
كم من عبرةٍ في الروح لا تعلم بها الأهداب!!
كم من جروح في القلب لا يشعر بها الثغر المبتسم دائمًا!!
قهقهة خافتة ساخرة تسللت من فمه إلى أذنها الملتصقة بها ، فانكمشت بعيدًا عنه برأسها لكن يده الممسكة بذقنها لم تعطها الفرصة فشدد ضغطه عليها قائلًا :
"لا.. بل تزوجت الأب كي تصل إلى الابن ، تزوجت أبي عندما علمت عدم قدرته على إتمام العلاقة الزوجية في هذه السن فكانت هي الرابحة الوحيدة.."
تركها واقترب من الرف يلتقط العلبة يهز بها القلب بلامبالاة ، منتشيًا بما فعله كلما نظر إليه.. لا يعلم لماذا يراه أسود!!
هل هو تأثير فراغه من الدماء أم هذا لونه الأصلي؟!
اقترب يدور حولها يقف خلفها كما كان بعد أن وضع القلب على قدمها فانتفض جسدها وارتعش رعبًا كمن مسّها جان ، فاكمل لم يعرْ لخوفها اهتمامًا بل استمتع بقوة به :
-"تتزوج الرجل فتظل كما هي عذراء ، لتظن بهذا أنها فرصة لتقترب من الابن ، فأجدها في كثير من الليالي تدلف إلى غرفتي بثياب لا تترك للمخيلة شيئًا ، تتحرش وتتمسح بي كالقطة وكنت أرفضها في كل مرة"
صمت قليلًا وقبضته تشتد على فكها يجبرها على النظر إلى القلب تقسم أنه سيخرج في يده ، تهز رأسها كي تتحرر منه لكن لا فائدة..
شعرت به يتركها فجأة للحظات كانت كالجحيم لها ويبتعد عنها ليكمل بصوت بعيد حاقد :
"لم يكن الحظ يومًا حليفي ، ليأتي أبي في يوم ويجدها في غرفتي بهذا الشكل فتسمر في مكانه ، حينها أخرجت ثعابينها السامة وأظهرت نفسها مظلومة وأنا من أراودها عن نفسها في غيابه ، كما أنها ليست المرة الأولى فكان مصيري الطرد من بيته والتبري من أبوته لي..
لهذا كان عليها الموت هي أيضًا ، دخلت حياتنا دمرتها وعاثت فيها فسادًا ، فلا تستحق العيش"
نطق آخر كلماته بجنون تلبسه ، ومع كل كلمة كان صوته يعلو فيعلو معه رعبها وشهقاتها الباكية..
اهتزت في جلستها ، تحرك يديها بحركات دائرية عسى الحبال تنزلق فتتحرر ، تصرخ بهستيريا وجنون اشتعل برأسها كأنها أخذت العدوى منه :
"أيها المعتوه لم أرَ في جنونك أحدًا من قبل ، لم تفكر في عائلاتهن ولا أطفالهن لتنتقم بهذه الطريقة التي تشبهك!!"
ضحكات عالية أتت من خلفها أثارت ريبتها ورعبها فاق حدود السماء ، تكاد تقسم أنها ستصاب بجلطة دماغية بسبب قوة النبض الصادح به الذي ازداد وهي تشعر بخطواته تقترب منها من جديد حتى وقف أمامها يجلس القرفصاء يناظرها بأعين ناعسة ، غامضة.. يعقد حاجبيه بتفكير مصطنع قائلًا :
-"المثير في الأمر أن جميع هؤلاء لم يتزوجن ، لا أعلم أقرر القدر أخيرًا أن يحذو في صفي!!
لا يهم فأنا شاكر له هذا الأمر فقد ساعدني في تحقيق انتقامي"
اتسعت حدقتيها بقوة حتى كادت أن تخرج من محجريها عندما رفع أمامها المحقن المعبأ بذلك السائل الأبيض المعتاد ، يبتسم بسعادة ونشوة فها قد جاء الجزء المفضل هذه الليلة!!
ازدادت وتيرة اهتزاز جسدها كأنها تصعق بكهرباء ، تريد معجزة من السماء تحررها أو صاعقة تُلقى فوق رأسه تنقذها منه.. لكن لم يحدث كل هذا!!
قطع كم فستانها وبسلاسة لم يعر لحالتها اهتمامًا حقن السائل في وريدها ليتسرب بهدوء داخله وما هي إلا دقائق حتى يسري في سائر جسدها يعطيه متعته الخاصة التي تُنشيه!!
خوفها يمتعه.. نظراتها ورعبها كالمسكّر لقلبه يعطيه نشوة خاصة وحالة من الهيام كي يتوصل لما يريده!!
انتبه على سؤالها بين التيه والوعي ، خرجت الكلمات من فمها ثقيلة فعلم أن المفعول بدأ الآن فابتسم واستمع لها :
-''ما ذنبي أنا قيس؟!
أقسم أنني لم أعرفك من قبل!!"
رأت شبح ابتسامة ساخرة وهو ينهض يفك وثاقها ، يحرر جسدها من القيود وحملها بخفة يسير بها نحو الفراش الحديدي لتبدأ مهمته ومددها عليه بخفة..
استند بكفيه إلى جانب رأسها يشرف عليها من علوّ يراقب حركة عينها الوحيدة برجاء له بالرحمة ليبتسم بتهكم :
-"بل تعرفيني ساندرا.. تعرفين الرجل الذي رفضتيه عندما اعترف لكِ بحبه!!
لا تعرفين قيس النجار ، لكن أظنك تعرفين جيدًا ساجد الوكيل!!"
ارتفعت وتيرة أنفاسها بقوة والاسم لكمها بقوة كصفعة حامية أشعلت النار في قلبها ، لم يرحمها عندما أكمل :
-"الرجل الذي وقفتِ أمامه تنعتينه بالفقير ، الخسيس ، الذي لم ولن يرتقي لمكانة الأغنياء!!
أمرتيه بالابتعاد عنك لأنه لن يرقى لكِ ، لن يستطيع إسعادك ولا الانفاق عليك ، فمرتبه الشهري لا يكفي يومًا واحدًا من أيام معيشتك!!"
اتسعت عيناها تدقق النظر جيدًا في ملامحه ، وذكرى اللقاء منذ عشرة سنوات تتدفق كالشلال في عقلها وملامح ذلك الشاب هناك تختلف عنه كليًا..
عينه كانت رمادية ، خصلاته قصيرة ، جسده نحيف غير مليء بالعضلات كما هو الآن!!
قرأ عدم الفهم في نظراتها ، فضحك بسخرية ويده تمتد لنزع العدسات اللاصقة التي أصبحت ترافقه منذ سنوات ، تظهر رمادية عيناه كالسماء في صباح أكثر أيام الشتاء برودة ، فتحولت الدهشة والتساؤل إلى فزع ورهبة ، تشعر بالشلل في جميع أجزاء جسدها لا تقدر على الحركة خاصةً عندما أكمل :
-"أخبرتني أن أذهب وأجد واحدة من نفس المستوى كي تتقبلني.. أتتذكرين كل هذا يا ابنة الأكابر؟!
نظراتك تتساءل كيف لم تتعرفي عليّ.. صحيح؟!"
اللهفة التي رآها في نظراتها رفعت من وتيرة ضحكاته المجنونة :
-"في ذلك اليوم تعرضت لحادث شنيع شوه صفحة وجهي بالكامل فاضطررت إلى الخضوع لعمليات تجميل مكثفة لتتحول حياتي حينها بالكامل إلى النقيض"
قرأ الرفض والصدمة جليًا في نظراتها فقد أبدع في قراءة النظرات وتفصيلها ، ليضع كفه فوق خصلاتها يلتمسها بحنان مزيف بعيد كل البعد عن نظرة الانتقام والكره الذي يرمقها بها ، واقترب بوجهها منها حتى صارت تتنفس أنفاسه المطعمة برائحة السجائر وهمس :
"أخبرتك أنه اقترب موعد الانتهاء من كل تلك الحوادث ، لكنني لم أخبرك كيف!!
ستنتهي بكِ أنتِ عزيزتي ، بموتك سأكون حققت وعدي لنفسي وانتقمت مِن كل مَن قام بأذيتي ، ستبرد نيران قلبي وأعود لأعيش حياتي من جديد كأن شيء لم يكن"
هز رأسه بنفي مبهم لم تفهمه ، تشعر بضربات قلبها صارت أبطأ من السلحفاة وأنفاسها المتسارعة أصبحت بالكاد تلتقطها تسمعه يكمل :
-"لا كل التغيير الذي سيحدث هو أن المدينة ستتخلص من أمثالكن ، سيُرحم أُناس كُثُر من حقد قلوبكن وسوادها"
شرع يفعل ما يُبرع فيه ، يده تمسك بالمشرط الصغير تعرف طريقها جيدًا وسط صدرها كمن سبقوها ، عيناها تجمعت بها كل تعبيرات الألم العاصف ، لا تجد شيء آخر تعبر به عما تشعر به!!
لا تعلم هل شعور الألم من مرور النصل في جلدها!!
أم شعور بالندم على خطأ فعلته في فترة مراهقتها لم تكن تعي فيها شيئًا تدفع ثمنه الآن!!
أم شعور بالقهر والحسرة أن قدرها العسر أوقعها مع مريض نفسي ، مجنون لا يرحم!!
تيبست نظراتها واحتدت ، جحظت حدقتيها بقوة عندما سمعت تكسير في عظام صدرها.. حينها أغمضت عينيها ونامت في سلام تاركة مجنون يبتسم ابتسامته الواسعة المهووسة وقد ظهر قلبها أمامه..!!
وضعه في علبته ودون رقمها فوقه.. الضحية العشرون!!
مر الكثير من الوقت كان قد تخلص من جثتها كالسابقات بأن ألقى بها في مكان خالٍ ، والآن يقف أمام صورتها المعلقة يبتسم بانتصار وراحة فقد اكتمل انتقامه..
بردت نيران قلبه..
وصل إلى هدفه..
أمسك سكين صغير يجرح به راحته وبسبابة اليد الأخرى أخذ دمه وطبع فوقها علامته المعتادة
"x"
أمسك علبة سجائره يشعل واحدة واقترب من النافذة في تلك الليلة الشتوية الهادئة!!
يشعر الآن أن الحياة مازالت مستمرة أنه عاد كما السابق!!
يتابع تلك القطرات تنهمر وتطرق نافذته بلطف يتأملها عن قرب واقفًا أمام النافذة يراقب جمال المطر فيرسم بسمة غامضة منتصرة!!
يشعر بالحنين إلى كل شيء
إلى طفولته وإلى تلك السنوات التي مَضت مِن عمره..!!
يحن إلى قلوب افتقدها وأحاسيس نسيّها..!!
أغمض عينه يسترجع شريط أحلامه الضائعة..!!
يتنفس الهواء المحمل برائحة الطمي يملأ رئتيه بالراحة والسكون الباحث عنهما طوال العشرة سنوات الماضية وأخيرًا وجدها.
انتبه على صوت الهاتف فابتسم يعلم المتصل من قبل أن يراه ، فكان هشام.
قَبٍل الاتصال يستمع له جملته المعتادة بعد إلقاء السلام :
-"نريدك الآن قيس ، فقد وقعت جريمة أخرى كاللاتي سبقوها"
ابتسم بسخرية وشر ، عيناه ضاقت بغموض يضع كفه بجيب بنطاله يرفع رأسه للسماء التي انقلع ماؤها وابتعدت سحُبها ليظهر القمر بدرًا من خلفهن ، فأجابه بثقته المعتادة :
-"أرسل لي العنوان وسأوافيك إلى هناك على الفور"




noor1984 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس