عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-21, 09:04 PM   #2

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي جئت إلى قلبك لاجئة

جئت إلى قلبك لاجئة.
--------
الفصل الأول
ولنا أحلامنا الصغرى، كأن نصحو من النوم معافين من الخيبة.. لم نحلم بأشياء عصية.. نحن أحياء وباقون، وللحلم بقية ( محمود درويش)
___________
تجلس حول منضدة مستديرة يعلوها مفرش أبيض فوقه مزهرية صغيرة تزينها زهرة بيضاء بدت ذابلة، بينما نسمات الخريف المحملة بعبق النيل المطل عليه المقهى تلفح وجهها القمري الأبيض، بأناملها الناعمة تضبط جانب طرحتها الفضية التي لم تكن بحاجة لهذا، بينما تنظر بطرف عينيها العسليتين بحنق إلى ابنة عمها وصديقتها الوحيدة والتي تجلس قبالتها شاردة بعالم آخر، تحدق بهاتفها وكأنه قد احتلها.
تراها تنحني برأسها متعلقة بشاشته بينما شعرها الأسود ينسدل حول وجهها فيداريه.
مطت شفتيها الحمراوتين دون زينة صناعية باستياء بينما ترتشف من فنجان قهوتها وتلقي بنظرها بعيدا عنها ربما هدأت ثورتها التي تكاد أن تعلنها.
زفرت بضيق تضع فنجان القهوة على المنضدة قبل أن تزيحه بعيدا عن يديها ،فأحدث صريرا مع بعض القطرات التي تناثرت منه حينما رأتها لا زالت غارقة في عالمها!، فرفعت صديقتها وجهها ، تنظر لها في دهشة ولا زال الهاتف في يدها ثم قالت
«ماذا بكِ ندى؟،هل أزعجك شيء؟»
رفعت ندى لها وجهها بحنق واستندت بيديها على المنضدة ثم قالت بينما تقرب وجهها منها بعدما أشارت للهاتف
«بل اسألي ما الذي لم يضايقني سمر .!؟»
تأففت سمر وهي تضع الهاتف على المنضدة وقالت في هدوء
«وها هو الهاتف الذي يثير حنقك يا ندى تركته من يدي !»
هزت ندى رأسها قبل أن تقول
«الهاتف لا يثير حنقي بل ما تفعلينه به !»
زفرت سمر بضيق وهي تستند على المنضدة لتتلاقى نظراتهما هي ببرودتها وندي بحنقها ثم قالت «وما الذي أفعله !؟»
لوت ندى شفتيها قليلا وهزت رأسها بيأس ثم قالت
«هذا الهاتف سوف يدمر حياتك، أنتِ تتحدثين مع رجل غريب غير خطيبك ..»
صمتت لحظة وهي تشعر بنار تحرق قلبها لأجل صديقتها وابنة عمها ثم تابعت بصوت مخنوق
«ماذا لو اكتشف خطيبك الأمر، بل ماذا لو علم أبيكِ، يا سمر هذه خيانة !؟»
أخذت سمر فنجان قهوتها واستندت على الكرسي في هدوء، ارتشفت القليل منه ثم قالت ببرود
«ليست خيانة، مجرد محادثات عادية !!»
هتفت بها ندى بصوت مخنوق وهي تقترب
بوجهها منها
«بل ليست كذلك وأنت تعرفين !! أنتما تتغازلان يا سمر، تتغازلان، ويكتب لك كلمات حب !! وأنتِ ترديها بأكثر منها، صحيح؟!!»
تأففت سمر وهي تهز رأسها لتتراقص خصلات شعرها ثم قالت
«تفسرين ابتسامتي وسعادتي حين أتحدث معه بأنني أرسل له كلمات حب، لم يحدث صدقيني مجرد حديث عادي لكنه يسعدني ولا أعلم السبب.»
عضت ندى على شفتها ثم قالت
«إذن، ابتعدي عنه يا سمر!، لما نضع البنزين جانب النار وبعدها نشتكي لاندلاع الحريق!؟»
دست سمر خصلات شعرها خلف أذنها قبل أن تقول «ولمّ أبتعد؟، طالما لم يضايقني بشيء، وأنا أشعر بوجوده مريح لي، لا تكبري الأمر!؟».
زمت ندى شفتيها بضيق ثم قالت محاولة الهدوء «يا سمر، الأمر بالفعل كبير ليس بحاجة لي، ثم ما أدراكِ أن الحساب ليس زائف وأنه لا يتلاعب بك ويتسلى ألا ترين وتسمعين ما يحدث كل يوم عبر هذه الوسائل الإلكترونية؟».
صمتت لحظة وهي ترى البرود يرتسم على ملامح سمر ثم قالت
«.. يافتاة خطيبك رجل محترم الكثيرات تتمناه !!»
هزت سمر كتفها بلا اكتراث ثم قالت
«الحساب ليس وهمي ، هو شاب واضح معي وصوره الحقيقية على حسابه …»
قاطعتها ندى قائلة باستنكار
«لكنك تتحدثين معه بحساب زائف ..»
أجابتها سمر بنزق
«ابنة عمي العزيزة، هذا الحساب الزائف عليه صورتي، مجرد أنني لا أريد أحد به وأنتِ اهدئي قليلا ..»
أطبقت ندى على شفتيها ثم قالت هامسة
«خائفة عليكِ ، لا تنسي أننا مهما عشنا بالمدينة فأصلنا حيث أهل عائلتنا بتلك القرية يا سمر !!»
رفعت سمر وجهها لها وقالت بكبرياء
«لا تخافي علي، لا أعرف لم أنتِ جبانة هكذا !؟»
ابتسمت ندى بشحوب وقالت
«لست جبانة إنه الحرام والحلال ، وثقة أهلنا وثقة رجل أعطاك اسمه »
أجابتها بهدوء «لم أفعل شيء يا ندى، محادثتي كلها ليس بها شيء أخجل منه»
صمتت لحظة مفكرة ثم أضافت «لكن أتعلمين!؟، أنتظر لقائي بصديقي وإن كان هو من سيخرجني من كآبة علاقتي مع أحمد إذن فأصبح يقيني بأن علاقتنا باتت تحتاج لإنهائها !
هتفت بها ندى
«أنتِ مجنونة !! وما ذنب أحمد بما تفعلينه !!؟ ، الرجل لا يستحق سوى التقدير
هزت سمر كتفيها بلا اكتراث وقالت
«وأنا أحتاج لرجل يحبني وأحبه، علاقتنا أصبحت بلا هوية، وكلانا لم يحاول إيجاد السبب!.»
زفرت ندى بينما تستند على ظهر الكرسي تشرد بذهنها في ماء النيل التي تحتضنه لحظة غروب الشمس لا تدري ماذا تفعل، ابنة عمها تغالط نفسها، تلقي بروحها في التهلكة لو علم أبيها ستصير فاجعة!
هزت ندى رأسها بيأس بينما لا تجد إجابات لما يختلج قلبها في حين ابنة عمها عادت إلى هاتفها تحدق فيه وتبتسم كالبلهاء قبل أنت تقول بحنق «أنا سأعود للمنزل، علي سوف يأتي اليوم ليقابل أبيك كي يحدد زواجي !»
لوت سمر شفتيها بسخرية وقالت «لا أعلم كيف تتزوجين رجلا كعلي وتعودين حيث العائلة ؟، أتتركين القاهرة يا فتاة وتعودين لقريتنا !!»
ابتسمت لها ندى ببشاشة لمجرد ذكر اسم علي وقالت بمحبة واضحة في نبرات صوتها
«علي، هو الرجل الذي أحب، زوجي وحبيبي وقريبا سأكون ببيته، وأتمنى أن يكون اليوم قبل غد ..»
صمتت لحظة واستندت بخدها على قبضة يدها وعادت تقول
« صدقيني لا يهمني المكان لأنه سيحلو معه يا ابنة عمي .»
ثم قامت من مكانها، تأخذ حقيبتها تعلقها على كتفها قائلة
«سأعود للمنزل وأنتِ أعانك الله على حالك يا حبيبتي! وليكن لديكِ فكرة، علي لن يأتي وحده بل معه أخيه عمران !.»
وتركتها دون أن تسمع رد لما قالت بينما سمر عادت إلى هاتفها غير مكترثة بما قالت ندى.
لا زالت تائهة بهاتفها وتلك الرسائل التي تأتي عبر شات الفيسبوك لترد بلهفة واضحة، غائبة عن أي تعقل، صوت نغمة خصصتها فقط لصاحبها اخترقت انسجامها، تأففت بضيق وهي تنظر إلى اسمه وقد قطع اتصاله هذا الوقت الذي أصبح لها كفاصل عن تيهها ، وهي ليست على استعداد على لإنهاء وصلها لذا لم تهتم وعادت لرسائلها وكتبت وابتسامتها تتألق على وجهها (متى تعود من سفرك ؟)
لحظات قليلة وكان يأتيها الرد (قريبا؛ قريبا جدا سمر،انتظريني!)
(سأنتظرك!) كتبتها سمر بعد ثواني معدودة من وصول رسالته، وضغطت على الإرسال ثم استندت على الكرسي براحة وانتشاء،لا تعلم سر بسمتها للحديث معه، هناك شيء يجذبها له وإلى الآن لا تدري سره، لكن لا بأس يوما ما سوف تفسر ما تشعر به!!، عاد صوت الهاتف يصدح بذات النغمة فرفعته أمام عينيها، تنظر إلى شاشته التي يلمع بها اسم خطيبها، زمت شفتيها تداري ما يختلج روحها، أصبحت بين نارين، رجلا ظنت يوما ما أنها أحبته لكن لم يعد يجمعهما أي حديث إلا كلمات عابرة؛ باردة، ورجلا ترتاح لمجرد حديث فيسبوكي معه، تحكي وتتحدث دون ملل، قطعت شرودها بضغطة اصبع على شاشة الهاتف مجيبة إياه بنبرة هادئة لا توحي بالعاصفة داخلها «مرحبا أحمد»
صوته الوقور كان بالنسبة لها كعقاب بعد كل الاسترخاء الذي نالته منذ قليل!؛ راحة من ضيقها ومن التزامها لخطبة لا تريدها بالرغم من ظنونها السابقة بعكس ذلك، همسه باسمها جعلها تغمض عينيها وكأنها لن تسمع لكن هيهات فلقد اخترق ضميرها للحظة أما هي أغلقت هذا الباب بينما تخترع الحجج كي لا تقابله اليوم وهمست معتذرة «أبناء عمي جاءوا لزيارتنا وسوف ننشغل بهم»
ورغم علمها ويقينها بأن أبيها يريد وجوده في استقبال أبناء عمها لكنها ليست بحاجة لذلك فهي تريد أن تعيش هذه الأوقات دونه، لا تريد مشاركته في فرحتها ولا حزنها، هي ليست بحاجة له في أي شيء!.
_______________
يتبع


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس