عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-21, 09:06 PM   #3

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

بعد عدة ساعات..
تقف أمامه والفرحة تملأ محياها، علي حبيبها وحلالها زوجها التي ستكون في بيته بعد أيام؛ فلقد تم تحديد موعد زفافهم أخيرا، وجهها يزداد احمرارا كلما شعرت بأنه يقرأ الآن أفكارها وأمنياتها بأن تجري تلك الأيام بسرعة وتصبح في بيته، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تشعر به يتأملها هكذا، جسدها أعلن حالة طوارئ، لا تدري أي المشاعر تطفو الآن فرحتها أم خجلها!، أخرجها من شرودها صوته الرخيم هامسا «مبروك حبيبتي، سوف أعد الأيام بل الساعات يا ندى حتى يجمعنا بيت واحد»
عضت على شفتها بخجل وأطرقت، تريد أن تهرب الآن من أمامه لكن كفيه الدافئين اللذان أحاطا وجهها أغرقاها بعالم لا تريد الخروج منه!. طبع قُبلة عميقة على جبهتها فارتعش على إثرها جسدها، تحاول الثبات ولا تفلح، أما هو فابتسم لها بينما يراها هكذا بكل تلك الروعة بخجلها وفرحها الذي تحاول مداراته عنه، وكيف لا يقرأها ويفهمها؟، هي ابنة عمه الذي غادر دنياهم سريعا بعد مولدها بينما أمها تزوجت بعده بفترة تاركة إياها برعاية عمها ولكنه هو أيضا لم يتركها، فقد كانت قطعة حمراء حملها بين يديه ، كبرت قربه حتى بعدما ترك عمه القرية وجاء إلى القاهرة لم يتركها علي؛ دائما كان يتحجج لزيارة عمه فقط لرؤيتها ذات العينين العسليتين والشعر البني كلون غروب الشمس، طفلته وحبيبته، يراها كزهرة ندية وهو ساقيها ومن سوف يرعاها طوال الحياة!
همس لها ولا زالت يديه تحاوط وجهها «ألن أسمع منك مبارك يا غالية؟»
ابتلعت ريقها وهي تشعر بدفء يديه يطمئنها وتعلقت بعينيه هامسة بصوت خافت بشفتيها الحمراوتين «مبارك لي يا علي».
صوت دقات خفيفة على الباب مع صوت رجولي يستأذن بالدخول، تبسم علي لها وهو يبتعد قليلا عنها يرحمها من خجلها الذي ازداد أكثر مع صوت القادم من خلف الباب، مد يده يأخذ طرحتها من على الأريكة جانبها بينما هي اتسعت بسمتها وهي تراه يضع عليها حجابها، يلفه حول وجهها القمري، نظرة راضية على محياه وهو يتأملها بعدما ضبط حجابها ببراعة قبل أن يأذن لأخيه بالدخول.
«مبارك لنا يا ندى، قريبا ستكونين ببيتنا هناك» قالها عمران ببشاشة وفرحة واضحة يدلف داخل الحجرة بخطوات متمهلة ليقف جوار أخيه، رفعت ندى وجهها له وقالت بخفوت «سلمت عمران» بينما الأخير فتح ذراعيه لأخيه وتوأمه وقال برحابة صدر«اقترب لهنا يا توأمي العزيز»
ارتمى علي بحضن عمران بفرحة عارمة بينما الأخير يربت على ظهره، يهنئه بصوته الوقور ثم ابتعد قليلا وهو يمسك بذراعي أخيه وقال«أخيرا سيكون لدينا عرس»
أطرقت ندى بوجهها أرضا حين قال علي برواق بعد تنهيدة عميقة تدل على مشاعره «وأخيرا أخي سوف يتحقق الحلم»
تخضب وجه ندى بحمرة واضحة وهي ترى علي يعلن هكذا عن حبه وفرحته، بينما هو تابع «كم كنت أتمنى أن يكون زفافك معي ياعمران!»
قهقه عمران وهو يضم علي تحت ذراعه ثم نظر لندى قائلا بمرح «زوجك تورط ويريد أن يورطني أنا الأخر»
عبست ملامحها وهي ترفع وجهها لعمران قائلة «سامحك الله يا عمران وهل أنا ورطة؟»
علت ضحكة عمران قبل أن يرد«لم أقصد المعنى الحرفي ندى، سامحك الله يا لساني سوف تجعل زوجة أخي تغضب مني قبل أن تأتي دارنا»
سارع علي يقف جوارها وقال وهو ينظر لأخيه بعتاب «لو كانت الورطات حلوة هكذا فيا مرحى!»
اتسعت عينا ندى وهي تتمنى لو يرحمها علي من هذا الخجل قليلا بينما عمران كان يتابعهما متسليا قبل أن يقاطعهما قائلا بمكر «تتغازلان علنا هكذا، وراحت الهيبة يا علي، ألم أقل لكِ يا ندى بأن هذا الحب ورطة!»
أرخت ندى عينيها بخجل بينما علي نظر لأخيه بعتاب فأطبق عمران على شفتيه، يكتم بسمته المتسلية.
«يا فرحة قلبي وسعده ياحبيبتي» قالها عمها صلاح وهو يدخل من باب الغرفة التي ضمت بعض الأرائك يتوسطها منضدة وستائر على نافذتي الغرفة بلون ما بين الأبيض والأزرق الفاتح.
ألقت ندى بنفسها في حضن عمها وهي ترد بخجل «سلمت لي عماه»
في خلال ذلك قاطعتهم سمر وهي تدخل الغرفة «هنيئا لكِ ندى » ثم نظرت لعلي متابعة «ومبارك لك علي»
لم تخفى عنها نظرة عمران الذي ما لبس أن رآها حتى أشاح بوجهه عنها، دائما لا يعجبه تصرفاتها ولا لبسها، سمر لا تشبه ندى بشيء، رغم أن عمه هو من ربى كلتيهما، لكن حينما يرى سمر يشعر بالخيبة، ربما أفرط عمه بدلالها، رفع حاجبيه بضيق ،كيف له بأن يشرد بحالها، فما الذي يشغله بها فهي لا تعنيه بشيء؟، لديها أب وخطيب يوما ما سيكون زوجها!.؛ وعند هذا الخاطر عادت عينيه تنظر لها وكأنها تعانده، عيناه التي تشبه عينيها بليلها الحالك وشعرها الأسود المموج الذي غابت روحه داخله لكن ابنة عمه اختارت الحياة هنا بأرض المدينة لذا لم يفكر يوما بأن يطلبها من أبيها كزوجة له لأنه يعلم جيدا بأن سمر لن توافق فطريقيهما لا يتقابلان أبدا.
صوتها الناعم أعاده من شروده بها وهي تقول له«العقبى لك عمران»
تبسم لها وقال«من بعدك ابنة عمي»
عبست ملامحها للحظة وحاولت مداراة ذلك لكن عينا عمران الفاحصة تنبهت لها جيدا بينما هي اغتصبت ابتسامة ولم ترد بل عادت تتحدث مع علي وندى، تحاول أن ترى في فرحتيهما أملا لفرح يأتيها يوما ما!.
جلست جانب أبيها فيما علي وندى على الأريكة المجاورة وعمران يجلس على الكرسي المقابل لها.
تعلقت عينا سمر بابنة عمها وزوجها تتأمل سعادة علي الواضحة التي لا يخفيها وحبه وولهه لندى، هل حقا يكفي لأن تنسى كل الناس وتذهب حيث قريتهم!، دائما ما تعجبت لحال ندى، مختلفة عنها كثيرا، راضية بكل شيء رغم أنها خسرت أهم شيء أب حنون وأم لا تراها سوى كل سنة عدة أيام وربما لا تراها! فهي كانت غريبة عنهم ، تزوجها عمها في سفر له بأحد الدول العربية وعاد بها لأرضهم لكنها ما لبث أن مات عمها حتى غادرتهم؛ تاركة شبيهه لها بالشكل فقط (ندى)رفيقتها وأختها وابنة عمها التي طالما كانت ملامحها تحمل بسمة، هل كان علي عوضا لها عن كل هذا!.
صوت أبيها أعادها لأرض الواقع لتتخبط بأفكارها وهو يقول «لمِ لم يأتي أحمد يا سمر؟،لقد دعوته للمجيء!»
تجهمت ملامحها فلو علم أبيها بأنها كانت السبب بعدم مجيئه فلن يمر الأمر على خير ومؤكد سيغضب والدها منها وهي لا تريد ذلك، فحاولت الهدوء قائلة «انشغل أبي وأعتذر لكني نسيت أن أخبرك»
هزت ندى رأسها بأسى على حال ابنة عمها التي تخطو بطريق لا يعلم نهايته إلا الله وليت وقتها تكون النهاية غير قاتلة لها.
تابع عمران الحديث بصمت، يرى ابنة عمه تخفي شيء لا يدري ما هو؟، يقرأها جيدا وهذا ما يضايقه؛ أنه يفهمها، ليته لا يفعل، ابتسم وهو يرى أخيه غارق بحديثه مع ندى وعينيه تلتهمها، بينما عمه قد ضم سمر يحدثها بود ويتمنى اليوم التي تكون فيه عروس لأحمد ولا يرى عبوس وجهها حينما أخبرها بذلك!، هز عمران وجهه بضيق ينفض أفكاره الغارقة بسمر وانحنى قليلا يمد يده يأخذ كوب من العصير عله ينسيه ما يجول في خاطره، لكن صوت عمه كان أقوى حين انتشله مما يفكر فيه وهو يقول له «أريد أن أفرح بك أنت الأخر عمران»
ارتشف عمران بعض من كوب العصير وتلاعب بخصلات شعره السوداء الكثيفة، ورسم ابتسامة باهتة على ملامحه السمراء قابضا على كوب العصير يخفي ما يعتمل داخل قلبه وقال «كل شيء بأوانه عماه وأنا لست في عجلة من أمري»
ضحك عمه وهو يضم سمر أكثر تحت كتفه وقال«كنت أتمنى أن تكون كأخيك، ألا تراه صمم على عقد قرانه أول خطبته من ندى ومنذ أيام يلح على تحديد موعد الزفاف»
احمرت وجنتا ندى بينما علي كان يتابعها بشغف في حين ذلك أجاب عمران عمه بعدما ألقى نظرة سريعة على أخيه وزوجته ثم قال «أخي تورط منذ زمن عماه وأعدك حين أتورط في حب كهذا لن أنتظر لحظة».
أرخى عينيه متعلقا بكوب العصير شاردا يلوم نفسه على هذا الوعد، أتراه يغالط نفسه؟!، ألم يتورط بالفعل منذ زمن!؟؛لمَ إذن إنتظر!؟.
يتبع...


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس