عرض مشاركة واحدة
قديم 18-01-21, 07:07 PM   #9

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثالث

"ما بعد البداية"

الفصل الثالث

على قدر ما كان حلم رغد فى الليلة التى سبقت حفل خطوبة سارة وأمير بشعا .. على قدر ما جاءت احداث الحفل قريبة من احداث حلم رغد وإن اختلفت الاسباب .. فرغد لم تكن سببا فى اغماءة سارة التى بالفعل غابت عن الوعى لسبب لم يعلمه أحد .. ولا حتى سارة .. فبعد وصولهما الى مكان الحفل شعرت سارة فجأة بدوار شديد غابت على اثره عن وعيها .. لذا إلتف الجميع حول أمير الذى كان ملتقطا سارة بين ذراعيه يحاول إفاقتها .. فى حين اقتربت خالتها جميلة وأمينة منهما وهما يطلبان من الجمع الابتعاد عنها حتى يتسنى لها ان تجد من الهواء ما تتنفسه ..

اقترب شاب ثلاثينى من الجمع .. قد ساقه فضوله لمعرفة سبب هذا التجمع .. وعندما علم ان هناك حالة اغماء سارع نحو الجمع وهو يقول : من فضلكم .. لو سمحتم يا جماعة وسعوا شوية .. أنا دكتور ..

ابتعد الجمع نسبيا .. يفسحون له الطريق الى مكان سارة وأمير ولكن على مضض .. فكل منهم يقتله فضوله لمعرفة ما حدث وما سيحدث .. وما سبب ما حدث ..
اقترب الطبيب من سارة وأمسك بيدها يستشف النبض .. ثم قال بعد لحظات : اطمنوا يا جماعة .. الآنسة بخير .. نبضها كويس .. لو فيه حد معاه برفان قوى من فضلكم ..

أسرعت رغد وأخرجت من حقيبتها زجاجة البرفان خاصتها .. وحين حاولت الاقتراب من سارة وقفت جميلة فى وجهها ونزعت الزجاجة من يدها الممدودة وهى تنظر اليها نظرة ذات مغزى ثم ناولتها للطبيب الذى كان يضغط على انف سارة بحركة طبية لتستعيد وعيها .. لتمر لحظات بعد ان وضع القليل من البرفان بيده ثم وضعها على انفها لتفيق سارة وتستعيد وعيها وهى تنظر لجميع من حولها غير مدركة ماحدث .. ثم لم تلبث ان قالت بخفوت والجمع يبدو لها كخيالات : هو فيه ايه ؟ .. ايه اللى حصل ..؟
أمير وهو مازال ممسكا بها بين ذراعيه وهى مستندة برأسها فوق صدره : حمد الله على السلامة يا حبيبتى .. خضتينى عليكى ..

كانت سارة تنظر اليه وهى لاتزال غير مدركة ما حدث .. ولكن كانت هناك عيونا أخرى بالقرب منها تتلصص اليها ويدور بخلدها اسئلة كثيرة .. فى حين كانت هناك عيونا أخرى تنظر لكل من سارة وأمير بارتياب وخوف .. وقد اختلطت احداث حلمها بالحقيقة .. تلوم نفسها على ما فعلت ..
عاد أمير مرة أخرى يسأل سارة : سارة حبيبتى .. انتى كويسة .. ؟

أومئت سارة برأسها بالإيجاب .. فتوجه أمير الى الطبيب الذى مازال ينظر الى سارة نظرة لم يلتفت لها أمير كثيرا : شكرا يا دكتور .. تعبناك معانا ..
الطبيب وهو ينظر نظرة خاطفة لأمير .. ثم يعاود النظر لسارة : مفيش داعى للشكر يا ...
رد أمير : أمير .. اسمى أمير ..

مد له الطبيب يده ليلتقط يده المحاوطة لرقبة سارة : عمر .. اطمن الآنسة بخير مفيش داعى للقلق .. كل العرايس فى اليوم ده بينسوا ياكلوا كويس .. علشان كده حصل لها الاغماءة دى .. عموما .. أنا أفضل لو انها تمر على بكرة بالمستشفى نعمل شوية تحاليل بسيطة علشان نطمن اكتر ..

نظرت له سارة نظرة خاطفة وهى تقول : لا .. شكرا .. مفيش داعى .. أنا فعلا مأكلتش حاجة من الصبح .. اكيد ده سبب الاغماءة ..
أمير : مش حنخسر حاجة يا حبيبتى لو عملنا التحاليل واطمنا .. ثم توجه لعمر يسأله : حضرتك فى مستشفى ايه .. ونيجى الساعة كام ؟
عمر وهو يبتسم ابتسامة الفائز : فى المستشفى الميرى .. وتشرفونى من عشرة لاتنين .. حكون فى انتظاركم ..

اسرعت جميلة لتنهى هذا الموقف : طيب يا جماعة .. أنا حستأذنكم آخد منكم سارة عشر دقايق مش اكتر ..

تنحى جانبا كل من عمر ورغد التى كانت لا تزال واقفة تنظر الى ما كان يحدث وهى تشك بعد ان اختلطت احداث الحلم بما حدث بانها هى السبب فيما حدث لسارة ..

مرت سارة مستندة الى كتف أمير وبجوارها جميلة وأمينة والجميع ينظر اليهم والهمهمات تخترق اذن البعض .. لتتلاقى عين سارة بعين رغد .. وبالرغم من النظرة العادية التى نظرت بها سارة لرغد الا انها شعرت بانها نظرة قاسية فيها الكثير من العتاب واللوم الذى ارعب رغد وجعلها ترتجف من داخلها .. فهى كانت لاتزال متأثرة بحلمها ..

وصلت سارة الى غرفة قد خصصتها ادارة النادى لها هذا اليوم .. فقالت جميلة : أمير .. ممكن تسيبنا شوية .. هى محتاجة تريح دقايق وتعدل مكياجها ..

نظر اليها أمير .. ثم نظر الى امه وسارة وقبل ان يتكلم بادرت أمينة تقول : حبيبى .. اطمن .. سارة بخير .. أنا وطنط جميلة حنأكلها حاجة وحتظبط مكياجها ونرجع لكم فورا .. الافضل انك تروح انت للضيوف علشان ميقلقوش ..

لم يهتم امير لما قالت جميلة أو أمه فتوجه بعينيه الى سارة .. فربت على كف سارة بحنان لا تنكر سارة حينها انه اذابها .. وهو يقول : حبيبتى .. انتى كويسة ؟ .. تحبى افضل معاكى ؟
ردت سارة بخفوت وشيء ما بداخلها يرفض النظر اليه : مفيش داعى .. أنا بقيت كويسة .. حظبت مكياجى وشعرى وآجى على طول ..

لم يجد امير بدا غير ان يذعن لرغبة السيدات وقد اجتمعوا على رأى واحد .. فعاد الى الحفل وهو يفكر فيما حدث .. فشعر فى تلك اللحظات التى استغرقها من حجرة سارة الى مكان الحفل انه السبب فيما حدث لسارة .. كان فى حالة غضب من نفسه ومن رغد .. تمنى لو انها لم تحضر الحفل .. تمنى لو انه لم يصارح سارة بمن هى التى احبها من قبلها .. تمنى انها لو لم تكن مرت بحياته .. شعر بمدى ضعفه وتسرعه بل وضغطه عليها لاتمام الخطبة .. وقد تكون فى حاجة لمزيد من الوقت يثبت لها فيه انه لا يوجد سواها فى حياته .. وان حبه لرغد من طرف واحد لم يكن سوى وهم عاشه مع نفسه وذكى هذا الشعور عنده وحدته بقترة التجنيد .. كما انه كان مخطئا عندما اقحم سارة عن علاقة رغد وايمن فى الفترة الأخيرة .. أفاق على انه قد استثار غيرتها .. فربما ظنت ان رغد حاولت تسترده منها بعد ان فشلت قصتها مع ايمن .. فقد كانت تصله بعض الأخبار من غادة وأحيانا من أشرف عن توتر العلاقة بين رغد وأيمن .. كان أحيانا يسمع أيمن وهو يشكو رغد لأمينة ورنيم عندما كان يأتى بأحفاد الشيخ لرؤية أمينة التى قد تعلقت بالطفلين كثيرا .. كان موقنا أن احساسه نحو رغد قد انتهى بالفعل .. ولكنه فى نفس الوقت لا يعلم سببا لما جال بخاطره اليوم عندما اقتربت منه وكانت تلاطفه هو وسارة وهى تقوم بتهنئتهم فى بداية الحفل .. فربماهى التى اثارت مشاعر سارة وانتهى بها الأمر لاغماءة ربما اصابتها لتهرب من موقف تشكل خطئا فى مخيلتها .. بالرغم من ان رغد لم تتعدى حدودها وهى تهنئهم بالخطوبة ..
مر امير فى عودته للحفل برغد التى كانت تقف بمفردها تشعر ان الجميع ينظر اليها وكأنها تقف فى مهب الريح .. نظر اليها نفس النظرة التى رمقتها جميلة بها .. ثم عاد ولام نفسه سريعا .. فتجمدت رغد فى مكانها ورغبت ان تهرب من انظار من حولها ..

جلست سارة واجمة بعد أن خرج أمير .. ثم فجأة انهارت فى نوبة من البكاء .. فاقتربت منها أمينة تضمها اليها وتسألها : مالك يا حبيبتى .. فيه ايه يا سارة .. ؟

لم ترد سارة وظلت على حالها تبكى وهى فى حضن أمينة .. فنظرت أمينة الى جميلة التى كانت واقفة على بعد خطوتين تنظر الى سارة .. فقالت لها أمينة : هو فيه ايه يا جميلة .. البنت مالها .. دى عين وصابتها ياقلبى ولا ايه .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
جميلة فى توتر : ولا عين وصابتها ولا حاجة يا امينة هانم .. الله يجازى ولاد الحرام اللى مبيسبوش الناس فى حالها ..

هنا تدخلت سارة وقاطعت خالتها بحدة : طنط من فضلك ....
جميلة بعصبية : ما هو لازم نشوف حل للى احنا فيه ده .. أو نفضها سيرة ..
أمينة وقد فاض ما بها : جرى ايه يا جماعة .. هو فيه ايه بالظبط .. حد يفهمنى اللى بيجرى .. وسيرة ايه اللى عايزة تفضيها يا جميلة ..
جميلة : تتكلمى انتى ولا اتكلم أنا يا ست سارة ..؟
سارة بتلعثم : ممكن من فضلكم نأجل الكلام .. لا الوقت ولا المكان مناسب .. سكتت للحظة ثم اردفت : أنا محتاجة اظبط شعرى ومكياجى علشان نخرج للناس اللى زمانهم مستنينا .. أنا مش عايزة توتر اكتر من اللى حصل .. وعلشان تتطمنوا .. اللى حصل ده من قلة الأكل ..
توترت جميلة مما قالت سارة فوقفت بعصبية وهى تقول : لا بقى أنا اعصابى مش مستحملة اكتر من كده .. أنا خارجة للضيوف وياريت تحصلينى بسرعة علشان الموضوع مش مستحمل توتر أكتر من كده ..

خرجت جميلة وتركت سارة وامينة وهى تتذكر ذلك اليوم الذى طلبت فيه أمينة يد سارة لأمير ..
تتذكر حين استيقظت منتصف الليل فى ذلك اليوم لتذهب الى الحمام فوجدت سارة تجلس فى الضوء الخافت لصالة البيت وعندما اقتربت منها لاحظت انها كانت تبكى .. فسألتها عن سر جلوسها هكذا وسبب بكائها .. وهى من المفترض أن تكون سعيدة بطلب أمير ليدها .. وبعد محاولات مضنية اخبرتها سارة بما كان بينها وبين أمير وبقصة حبه لرغد وتخوفها من أن يكون أمير قد تسرع فى طلب يدها أو ان يكون مازال يحب رغد وان طلبه ليدها ليس الا مجرد محاولة للتخلص من حب رغد بداخله ..

تتذكر جميلة نصيحتها لسارة وقتها بأن لا تتسرع فى تفعيل أمر الخطوبة من أمير .. وان تعطى نفسها بعض الوقت حتى تتأكد من مشاعر أمير لها .. ولكن سارة لم تستمع الى نصيحة خالتها ورضخت الى رغبة أمير فى الاسراع بالخطبة ليحدث اليوم ما لا يحمد عقباه ..

على الجانب الآخر .. وداخل الحجرة بين سارة وأمينة .. طلبت أمينة من سارة أن تهدأ وتنسى أمر الحفل وضيوفها وان تستمع اليها جيدا فقالت أمينة بهدوء : اسمعى يا سارة .. أنا مش ححاول أضغط عليكى وأعرف ايه سبب اللى انتى فيه ده .. ولو انى حاسة انك كأنك رجعتى فى كلامك ومش عايزة ترتبطى بأمير .. لو الحكاية كده يا بنتى قوليها ومتخفيش من أى حاجة .. وأنا حرفع عنك الحرج وانهى الموضوع بطريقتى .. انفصالكم دلوقتى أهون عليكم بكتير من بعدين .. أوعى يا حبيبتى تغصبى على نفسك فى حاجة انتى مش حاسة انك مستريحة فيها ..

سارعت سارة بلهفة وخوف : لا يا طنط .. الموضوع مش كده خالص .. صدقينى ..
أمينة : طيب .. لو هو مش كده .. مش حسألك ليه اغمى عليكى .. لأن ده شيء ممكن يحصل لأى حد مننا .. وممكن فعلا يكون بسبب قلة اكلك النهاردة .. لكن اللى محيرنى .. ليه كنتى بتبكى بالشكل ده ..
سارة فى خجل : سامحينى يا طنط أمينة .. بس أنا دلوقتى مش عايزة اتكلم فى الموضوع ده .. وعلشان اريحك .. أنا ححكى لك على كل حاجة .. بس مش دلوقتى .. لانى حاسة انى متوترة جدا .. ومش حعرف اتكلم على راحتى ولا اوصلك اللى أنا عايزة اقوله .. فارجوكى .. ومن فضلك سامحينى .. أنا ......

تفهمت أمينة لموقف سارة واحترمت رغبتها فقاطعتها وهى تقول بابتسامة وهدوء : سارة حبيبتى .. خليكى على راحتك .. ولو مش عايزة تحكى لى خالص .. مفيش مشكلة .. أنا حسيبك دلوقتى تاخدى راحتك .. ولو حبيتى تتكلمى معايا فى اى يوم من الأيام حتلاقينى مستنياكى ياحبيبتى .. ثم اقتربت منها وضمتها الى صدرها بحنان للحظات ثم تركتها وخرجت من الحجرة بهدوء ..

جلست سارة وحيدة بعد خروج امينة .. تنظر الى نفسها فى نفس المرآة التى كانت تجلس امامها منذ ساعات قليلة قبل بدء الحفل تضع مكياجها وتنسق شعرها وهى فى اسعد لحظات حياتها .. والآن هى فى توتر وتعاسة بسبب اغماءة لا تعرف لها سببا سوى الضغط العصبى الوقع عليها بسبب ان يكون أمير لا يزال يشعر بعاطفة تجاه رغد .. أو ربما عاد له الأمل فيها بعد ان فشلت علاقة رغد وأيمن .. فمنذ ان علمت بهذا الأمر وهى تهرب من مواجهة نفسها باحتمال كهذا .. وبالتأكيد هذا ما سبب لها الاغماء كنوع من الهرب من واقع لا تحتمله .. أو ربما يكون هناك سبب آخر يروادها حتى من قبل ان تتعرف الى امير او رغد .. سبب كلما تذكرته او مر بخيالها ارتعبت .. وقد زاد ارتعابها منه منذ ان تعرفت الى امير واحبته كل هذا الحب ..

انهت سارة تجديد مكياجها وتصفيف شعرها وخرجت من الحجرة لتجد أمير خارج الحجرة على وشك أن يطرق الباب .. فزعت لبرهة .. فأقترب منها فى حنان : سارة .. حبيبتى .. انتى كويسة ..؟

لم تنظر اليه سارة .. او قد قررت ان لا تحاول على الأقل اليوم مخافة ان ترى بعينيه صورة رغد من جديد .. خافت ان لا تجد سارة التى امطرها فى الأيام القليلة الماضية بوابل من كلمات الحب والوعود الجميلة .. فأومئت برأسها وهى تقول بابتسامة مهزوزة : أنا كويسة .. آسفة على اللى حصل ..

أمير وهو يمسك بيديها المثلجتين : حبيبتى .. متتأسفيش .. مفيش حاجة حصلت .. ايديكى ساقعة أوى .. الأفضل تشربى أى عصير يديكى شوية طاقة ..
سارة : متقلقش يا أمير .. أنا حبقى كويسة ..

دخلت سارة الى مكان الحفل .. تتأبط ذراع امير من جديد .. فصفق لهما جميع الحضور مرة أخرى .. لتبتسم سارة وهى تخفى خلف ابتسامتها المهزوزة نظراتها الباحثة عن رغد .. ولكنها لم تجدها بين الحضور .. حاولت مرة ثم مرات ان تجدها .. ولكن يبدو ان رغد قد غادرت ..

-------------------------------------------------------

مر اليوم الذى كان مقررا فيه حفل زفاف أمجد ونهلة .. مر على أمجد كأنه كابوس بشع .. فقد توجه الى قسم الشرطة وأخبرهم باختفاء خطيبته يوم زفافهما .. فأخبره ظابط الشرطة ان عليه ان ينتظر اربعة وعشرين ساعة .. وحينها يمكنه عمل بلاغ عن اختفاءها ..

عاد الى بيته ينتظر وهو لا ييأس من محاولات الاتصال على تليفونها المحمول لعله يسمع له جرسا .. ولكن فى كل مرة يزداد يأسه ليغلبه النوم قبل بزوغ الفجر بقليل .. قضى الليل بمفرده بين ظنونه وأفكارا سوداء قد سيطرت عليه .. فتارة يعتقد انها قد غيرت رأيها وقررت عدم الارتباط به .. وتارة أخرى يفكر فى انها قد اصابها مكروه وسوف يصله خبر سيء عنها بين دقيقة وأخرى ..
استيقظ أمجد على قرابة العاشرة صباحا .. لم يحاول ان يهاتف خالد فى الليلة السابقة .. فهو يعلم انه كان مشغولا بخطوبة أمير .. لذا آثر عدم ازعاجه .. كان عليه أن ينتظر الى السابعة مساءا حتى يتوجه مرة أخرى الى قسم الشرطة ويحرر بلاغا باختفاءها .. كان يعتصره الألم أنه لم يحاول التعرف على اى من ذويها .. ولكن كيف كان ليفعل وهى لم تخبره عن اى منهم .. وهو أيضا لم يفعل بدوره .. وكأنما قد خلقا فى هذه الدنيا بدون اقارب ..

قاربت الساعة من الحادية عشر .. فأمسك بتليفونه واجرى محاولة أخرى لعلها قد عادت من المكان الذى قد اختفت به ليلة أمس .. هو لا يريد سوى ان يطمئن عليها .. وعندما لم يرن جرس تليفونها .. شرع فى ان يطلب خالد .. ولكنه قبل أن يفعل رن جرس تليفونه .. لينظر الى رقم الطالب ويعرف انها نيفين .. تردد فى البداية أن يرد عليها وهو فى هذا الموقف .. ولكنه وجد نفسه فى النهاية يرد عليها : ألو ..
نيفين : ألو .. ازيك يا أمجد ..
أمجد بتلعثم واضطراب : أهلا يا نيفين ..
نيفين : صوتك ماله .. انت كويس ..
أمجد محاولا ان يتدارك صوته الطبيعى : أيوة .. أنا بخير .. انتى كويسة ..
نيفين : لا يا امجد .. مش كويسة خالص .. وآسفة لو ازعجتك .. بس بصراحة ملقتش حد الجأ له غيرك ..
أمجد بتعجب : خير يا نيفين .. مالك فيه ايه ..
نيفين : أنا عرفت ان كمال ساب الشغل عندك من فترة .. وبصراحة محبتش ازعجك بمشاكلنا اكتر من كده .. أنا عارفة انك .. سكتت قليلا ثم اكملت .. يعنى داخل على مشروع جواز .. وفضلت انى ابعد .. واديك فرصة تبدأ حياتك بعيد عن ضغط اللى بينا .. علشان كده ما حاولتش اتصل بيك ولا اسألك عن كمال .. اصله بصراحة من يوم ما رجع من اسكندرية وهو احواله متغيرة .. وكل ما اسأله عن اللى حصل .. يقوللى مفيش حاجة .. وانه مكنش مستريح فى الشغل .. علشان كده قرر يسيبه .. بس أنا مكنتش بصدق اللى بيقوله .. كنت حاسة ان فيه سبب تانى كبير هو اللى خلاه يسيب الشغل لأنه كان مبسوط منه اوى فى البداية .. بس فجأة كل شيء اتغير .. ورجع يقعد فى البيت وما بيحاولش يخرج من اوضته .. وربى دقنه وشعره وكتير بيرفض الأكل لدرجة انه خس بدرجة كبيرة .. ومن يومين جهز شنطته وقاللى انه لقى شغل تانى وراجع اسكندرية ..

كان أمجد يستمع اليها وقد عادت له ذاكرته عن كمال وحبه الجنونى لنهلة .. فقال لها : طيب وهو مقلقيش الشغل الجديد ده فى انهى شركة ؟
نيفين : بصراحة أنا مسألتهوش .. أنا كل اللى كان يهمنى انه يخرج من اللى هو فيه ده .. وقلت ابقى اعرف منه بعدين .. بس أنا بقالى يومين بتصل بيه وهو مبيردش على ولا على اى حد من اخواته .. بصراحة انا قلقانه عليه اوى يا أمجد .. قلت اكلمك .. يمكن ألاقى عندك فكرة عن شغله الجديد ده ..

سكت امجد طويلا ولم يجيبها .. فقد كان يفكر فيما قالت .. يتساءل .. هل لكمال علاقة باختفاء نهلة ..؟

نيفين : أمجد .. أنت معايا ..
تنبه أمجد فرد بسرعة : أيوة .. معاكى يا نيفين ..
نيفين : طيب ليه مبتردش على ..
أمجد : بصراحة بفكر .. أصل .. أصل ..
نيفين : اصل ايه يا أمجد .. انت فيه حاجة عارفها عن كمال ومخبيها على ..

لم يرد امجد من جديد فبادرت نيفين : عموما يا أمجد أنا كنت مترددة انى اطلبك .. بس الظاهر انى غلطت انى طلبتك .. واضح انك قررت تبعد تماما بعد ما اتجوزت .. أنا آسفة انى طلبتك .. وقبل ان تغلق الخط .. سارع أمجد يقول : استنى يا نيفين متقفليش الخط ارجوكى ..

ساد الصمت بينهما قليلا .. ثم اردف أمجد يقول : انتى مسألتنيش ليه كمال ساب الشغل عندى فى الشركة ..
نيفين : أنا اكتفيت بالسبب اللى هو قاله .. وزى ما قلت لك حبيت اسيبك على راحتك لحياتك الجديدة ..
أمجد : طيب ملفتش نظرك الحالة بتاعته اللى حكيتهالى ..
نيفين : أنا قلت ان اللى بيمر بيه ده طبيعى لأى شاب بيسيب شغل وقاعد فى البيت .. بس انت عايز تقول ايه بالظبط ..؟
أمجد بتردد : بصراحة كمال ساب الشغل علشان سبب تانى .. ثم أخذ يقص عليها حبه وولعه بنهلة .. ومن هى .. ومن تكون نهلة التى احبها كمال ابنها ..

انهارت نيفين على المقعد بجوارها وهى تستمع الى قصة ابنها .. جلست وقد صدمت من تكرار قصتها هى وأمجد .. فها هو ابنها يعيد الكرة من جديد بحب مستحيل .. حبه لفتاه من طائفة أخرى غير طائفته .. بل وتكبره بتسع سنين .. يالها من مصيبة ..

أمجد وقد اختفى صوت نيفين تماما بعد أن انتهى من كلامه : نيفين .. انتى سامعانى ..
نيفين باضطراب وانزعاج شديدين : سمعاك يا أمجد .. سمعاك .. يادى المصيبة .. يادى المصيبة ..
أمجد : مش هى دى المصيبة يا نيفين .. المصيبة فى اللى أنا بفكر فيه .. وخايف منه ..
نيفين : وهو فيه مصايب تانية اكبر من كده ..؟
أمجد : امبارح كان المفروض زفافى انا ونهلة .. بس للأسف الزفاف متمش .. نهلة اختفت ومش لاقى لها أى اثر .. أنا خايف يكون كمال متورط فى موضوع اختفاءها ده ..
نيفين بانزعاج شديد وصراخ : انت بتقول ايه .. يعنى ايه متورط فى اختفاءها .. أفهم من كده انك بتفكر فى انه خطفها .. لا .. لا يا أمجد .. كمال ابنى مش ممكن يعمل حاجة زى كده ..
أمجد : اهدى يا نيفين .. انا مقصدش كده بالظبط .. بس انتى لو شوفتى اهتمامه بنهلة واصراره على انه يرتبط بيها حتفكرى نفس تفكيرى .. ده تقريبا مهووس بيها ..
نيفين : مش ممكن .. مش ممكن يا أمجد .. ابنى ميعملش كده ابدا ..
أمجد : عموما لازم نحط الاحتمال ده .. على الأقل علشان ننقذه من نفسه لو فعلا متورط فى حاجة زى دى ..
نيفين : طيب وايه العمل .. ايه العمل يا أمجد وهو مش بيرد على تليفوناتى ..
أمجد : حيرد .. حيرد يا نيفين .. هو معندوش سبب يخليه ميردش عليكى .. أنا كل اللى عايزه منك انه لما يرد عليكى تكونى هادية معاه وعلى طبيعتك .. علشان تديله الأمان .. كل اللى عايزه منك انك تعرفى مكانه مش اكتر .. وسيبى الباقى على ..
نيفين : امجد .. من فضلك .. أنا حعمل اللى بتطلبه . بس أوعدنى انك مش حتبلغ البوليس .. أنا لو ابنى متورط فى حاجة زى دى والبوليس اتدخل .. ابنى مستقبله حيروح .. أرجوك يا أمجد .. ارجوك ..
أمجد : اطمنى يا نيفين .. أنا مش ممكن أأذى كمال .. بالعكس أنا كل اللى أنا عايزه انه ميأذيش نهلة ويأذى نفسه .. عموما أنا حقفل دلوقتى علشان اديكى فرصة تطلبيه وتعرفى مكانه .. وأول ما توصلى لحاجة .. ارجوكى تبلغينى بيها فورا .. مع السلامة دلوقتى ..

عكفت نيفين على الاتصال بكمال عدة مرات ولكنه لم يجيب على اتصالاتها ..

جاوزت الساعة الواحدة ظهرا .. وعلى الجانب الآخر طلب أمجد خالد ليطلب مساعدته وحكى له ما حدث من اختفاء نهلة .. فسارع خالد اليه ..
خالد منزعجا : قلبى عندك يا أمجد .. ايه اللى حصل . احكى لى بالتفصيل ..

قص عليه أمجد ما حدث بالأمس .. ولكنه قص عليه أيضا ظنونه فى كمال ابن حبيبته السابقة نيفين ..
خالد : قوللى يا أمجد .. هو كمال اشتغل عندك اد ايه ..
أمجد : مكملش شهرين ..
خالد : طيب مين عندك فى الشركة كان قريب منه فى الفترة دى ؟
أمجد : اعتقد المهندس باسم .. أيوة باسم .. كان زعلان اوى لما كمال ساب الشركة .. وقاللى بالحرف الواحد .. خسارة .. الواد ده كان خامة كويسة ..
خالد : ممكن تطلب المهندس باسم وتخليه ييجى نقابله دلوقتى ..
أمجد : طبعا .. بس قوللى انت بتفكر فى ايه ..
خالد : أنا بدور على أى خيط يوصلنا لمكان كمال .. وباسم يمكن يقدر يساعدنا فى الوصول اليه ..
أمجد : ايوة .. بس معتقدش انه على اتصال بيه من ساعة ما ساب الشركة .. لان الحالة الى نيفين وصفتهالى عن كمال تقول انه كان داخل فى حالة اكتئاب .. يعنى مفتكرش انه كان بيكلم حد ..
خالد : بالعكس .. لو هو اللى خطف نهلة .. اكيد كان على اتصال بحد من الشركة علشان يعرف اخبار نهلة ..
أمجد : تفتكر يا خالد .. معقول الولد ده كان بيخطط لحاجة زى دى ..
خالد : مش حنخسر حاجة لو اتكلمنا مع باسم .. يمكن نقدر نوصل لخيط يوصلنا لكمال .. ولو هو اللى خاطف نهلة أكيد حنقدر ساعتها نوصل لها ..

طلب أمجد باسم الذى اتى الى منزل امجد فى غضون الساعة ..
باسم : خير يا باشمهندس .. قلقتنى .. هو مش حضرتك المفروض امبارح كان جوازك من المهندسة نهلة ..؟!!
أمجد : المفروض .. بس للأسف حصلت ظروف والجواز متمش ..
باسم : خير يا فندم ايه اللى حصل لا سمح الله .. ثم تدارك باسم نفسه واردف .. أنا آسف مقصدش ..

تدخل خالد بلباقة : اسمع يا باسم .. كان فيه معاكم فى الشركة مهندس خريج حديث .. اسمه كمال .. اكيد فاكره ..
باسم بتعجب : طبعا فاكره يا باشمهندس .. ده حتى لسة مكلمنى من كام يوم وقلت له على خبر جواز المهندس أمجد والمهندسة نهلة .. وفرح اوى ليهم وقالى ابلغهم انه بيبارك لهم ..

نظر خالد الى امجد ثم توجه بالسؤال الى باسم مرة أخرى .. تمام .. طيب انت متعرفش فين مكان كمال دلوقتى ؟
باسم : لا والله يا فندم .. هو لما طلبنى كان فى بيتهم بالصعيد .. هو حضراتكم عايزينه فى حاجة مهمة ؟
أمجد : بصراحة ايوة .. الست والدته اتصلت بى فاكراه انه رجع الشغل عندنا فى الشركة .. اصل هو ساب البيت من يومين على اساس انه نازل على شغل فى شركة هنا فى اسكندرية .. ووالدته بتتصل بيه بس هو مبيردش عليها .. علشان كده هى كلمتنى وكانت قلقانة عليه أوى .. فقلت انك كنت اقرب واحد له فى الفترة اللى اشتغل معنا فيها .. ويكمن يكون قالك على موضوع تعيينه فى شركة تانية هنا فى اسكندرية ..
باسم : بصراحة هو مكلمنيش فى حاجة زى دى .. ومعتقدش حعرف اساعدكم فى الموضوع ده .. عموما أنا ممكن اكلمه يمكن يرد على ..

اتصل باسم على تليفون كمال عدة مرات ولكنه وجده خارج الخدمة .. سكت قليلا ثم قال : بس أنا أعرف واحد صاحبه من أيام الجامعة يمكن يقدر يدلنا على مكانه ..

تنفس أمجد اصعداء بعد ان كاد يفقد الأمل وقال : مين هو صاحبه ده ..؟
باسم : متعب .. اسمه متعب .. هو من العرب فى منطقة برج العرب .. كان كمال عرفنى عليه وعزمنا عندهم مرة على الغدا .. أنا معايا تليفونه لو تحبوا اطلبه دلوقتى نسأله ..

سارع خالد يقول : لا .. لا .. بلاش تطلبه .. احنا نتحرك فورا ونروح له برج العرب ..
باسم بتوجس : هو ايه الحكاية يا باشمهندس .. انا ابتديت اقلق .. هو كمال عمل ايه بالظبط .. ؟
أمجد : لا أبدا .. ولا حاجة .. بس الظاهر انه متخانق مع والدته ومش عايز حد يعرف مكانه .. ولو عرف اننا بندور عليه علشان نطمنها حيتهرب مننا .. فهمت احنا ليه عايزين نفاجأه ..

رد خالد حتى يزيل اى شك من قلب باسم : اصل نيفين والدة كمال زميلة عزيزة علينا من أيام الجامعة وعلشان كده بنحاول نساعدها ..
تدخل أمجد : يا ريت يا باسم متجبلوش سيرة عن حكاية انها كانت زميلة لنا فى الجامعة .. انت عارف تفكير الجماعة الصعايدة ..
باسم : مفهوم .. مفهوم يا باشمهندس .. اطمن .. بس يا ريت يكون فعلا عند متعب ..
أمجد : يارب ..

مرت ساعة ونصف قبل ان يصل امجد وخالد وباسم الى نجع العرب الذى يقيم به متعب .. وبعد دقائق قليلة وصلوا الى بيت متعب .. فطرقوا الباب لتفتح لهم فتاة صغية لا تتعدى العاشرة من عمرها .. فتوجه باسم بسؤالها عن متعب .. فردت عليه الفتاة بانه فى بيت الضيوف مع صديقه وزوجته الذين حضروا بالأمس .. هنا نظر ثلاثتهم الى بعضهم البعض فاقترب خالد بحنان من الفتاة واخبرها انه والد زوجة صديق متعب .. وطلب منها ان تصحبهم الى بيت الضيوف هذا ..

تحركت معهم الفتاة وهم يتبعوها وقلب أمجد يكاد يخرج من بين ضلوعه من القلق الذى انتابه مما ذكرته الفتاة .. كان البيت يبعد خطوات قليلة .. فطرقت الفتاة باب البيت وفتح لها متعب الذى تسمر مكانه وامتقع لونه من هول المفاجأة .. فبالتأكيد هؤلاء الثلاثة الذين يقفون خلف الفتاة يهمهم أمر نهلة ..

لم ينتظر امجد اى رد فعل من متعب .. فقد سارع بدفعه الى الداخل وهو يصيح .. نهلة .. نهلة .. انتى فين يا حبيبتى ..

هنا سمع صوت نهلة يأتى من الداخل مستنجدة : أمجد .. الحقنى .. الحقنى يا امجد ثم اختفى الصوت .. فقد سارع كمال بوضع يده فوق فمها بشدة يمنعها من الكلام .. ولكن فى تلك اللحظة كان امجد وخالد وباسم ومعهم متعب والفتاة الصغيرة قد وصلوا الى الحجرة الى فيها نهلة وكمال ..

فسارع أمجد يهجم على كمال ويلكمه لكمة قوية اسقتطه على الأرض ويضم نهلة الى صدره وهو يقول : حبيبتى .. انتى بخير .. عمل فيكى حاجة المجرم ده .. ؟
انهارت نهلة فى البكاء وهى تقول : أنا بخير .. انا بخير يا امجد .. اطمن ..

امجد وهو يهجم مرة اخرى على كمال فيقف خالد بينهما وهو يقول : اهدى .. اهدى يا امجد .. الحمد لله اننا قدرنا نلاقيهم .. والحمد لله ان نهلة بخير ..
أمجد : الحمد لله .. الحمد لله يا خالد .. ثم توجه مرة أخرى الى كمال يقول بعنف : أنا حوريك يا كلب انت والمجرم ده اللى ساعدك فى خطفها .. أنا حوديكم فى داهية ..

تكلم متعب الذى كان يقف مرتعبا : أنا مش فاهم حاجة .. هو فيه ايه يا كمال .. ؟ متفهمنى ..
وقف كمال محاولا أن يسترد نفسه من شدة المفاجأة ومن قوة اللكمة التى تلقاها من أمجد .. مفيش .. مفيش يا متعب .. زى ما انت شايف .. كل شيء انكشف .. وقدروا يوصلولنا ..

نظرت اليه نهلة باشمئزاز وهى تقول : سافل .. مجرم ..
كمال : ارجوكى يا نهلة .. أنا بحبك ..
امجد : اخرس .. اخرس يا كلب .. متنطقش اسمها على لسانك القذر ده .. والله لولا انى وعدت والدتك انى مش حاذيك ولا اضيع مستقبلك .. كان زمانك انت والحقير اللى ساعدك ده فى السجن ..

جحظت عيناى كمال وهو ينظر الي امجد وهو يقول : أمى .. ايه اللى عرف امى بالموضوع ده .. وكلمتها امتى وازاى ..؟
أمجد : مش مهم تعرف .. اللى زيك ما يستهلش يكون له أم زيها .. ثم توجه الى نهلة وهو يسألها للمرة الثانية : متأكدة انك بخير .. وان الحيوان ده ملمسكيش ..
نهلة وهى ما زالت تنشج من البكاء : أنا كويسة يا حبيبى .. الحمد لله انك وصلت فى الوقت المناسب .. الله اعلم كان حيحصلى ايه ..
امجد متنهدا : الحمد لله يا حبيبتى .. الحمد لله .. البركة فى خالد وباسم .. لولا مساعدتهم لى مكنتش عرفت اوصلك ..

فوجئ الجميع برجل كبير فى السن يدخل عليهم وهو يتوجه الى متعب ويصفعه صفهة قوية على وجهه وهو ينهره بشدة : الله يلعنك يا كلب جلبت لنا العار لحد عندينا .. ثم صفعه مرة أخرى ..

كانت الفتاة الصغير قد تسللت وسارعت الى والدها ووالد اخيها متعب وحكت له ما كان يدور فى بيت الضيافة .. وقد وصل وسمع جزءا مما دار بين أمجد ونهلة وكمال .. وعلم أن نهلة ليست زوجة كمال كما أخبرهم متعب .. فقام بصفعه بتلك الطريقة .. ثم توجه الى أمجد وخالد يقول : أنا ابو هادا الكلب .. متعب .. وبجدم اعتذارى ليكم وللست .. والله ما كنا نعلم الا انها زوجة الكلب الثانى اللى المفروض انه صديجه .. ارجوكم سامحونا .. واقبلوا دعوتى ليكم على الغدا .. بس ده مش حيمنع انكم تاخدوا اى اجراء قانونى يرضيكم ..
خالد : واضح يا شيخ العرب انكم انخدعتم .. وللأسف ابنك هو اللى خدعك .. بس الحمد لله اننا قدرنا نوصل فى الوقت الماسب قبل ما كان يحصل لا قدر الله اى شيئ سيئ للمهندسة نهلة خطيبة المهندس امجد .. وبصراحة لولا المهندس باسم جه هنا قبل كدا مكناش حنعرف نوصل للأخ كمال والمهندسة نهلة ..
رد كمال بتبجح : بس أنا عمرى ما كنت حأذيكى يا نهلة .. لازم تعرفى ده كويس ..

هنا توجه والد متعب بصفعة قوية بخلف كفه على وجه كمال وهو ينهره : انت تخرس يا كلب وتحمد ربنا على انك وجعت مع الناس الأكارم دول .. حد غيرهم كان سفك دمك فى الحال .. وبعد اليوم مش عايز اشوف خلجتك هنا مرة تانية ..
أمجد : اسمح لنا يا شيخ العرب بالانصراف .. وشكرا على دعوتك لينا على الغدا .. بس سامحنا احنا مش حنقدر نستنى هنا اكتر من كده ..
خالد : اعذرنا يا شيخ العرب .. اصل امبارح كان المفروض كان زفاف المهندس امجد والمهندسة نهلة .. ولولا عملة المجرمين دول كان زمان النهاردة صبحياتهم ..

جن حنون الرجل وانهال على ابنه وصديقه بعصا كانت فى يديه وهو يصيح : كلاب .. مجرمين .. فتدخل خالد وباسم ليبعدوه عنهم خوفا من ان يودى بحياتهم .. فجلس الرجل على اريكة بجواره وهو يردد : يا العار .. يا العار .. اللى جلبتهولنا يا متعب ..
اقترب متعب من قدم ابيه وهو ينزف دما من راسه ووجهه وهو يقول .. سامحتى يا بوى .. سامحنى ..
رفق أمجد بالرجل فقال له : اهدى يا شيخ العرب الموضوع انتهى خلاص .. وانت عطيتهم عقابهم ..
والد متعب : وهو واضع كفيه فوق رأسه : انتم ليكم عندنا حج عرب .. والله ما تمشوا الا لما تاخدوا واجبكم وتكونوا مرضيين ..
خالد : واحنا موافقين يا شيخ العرب ..

أمر والد متعب رجلين من رجاله بربط متعب وكمال فى الحجرة ثم توجه هو والجميع الى منزله وأمر بذبح الذبائح على شرف ضيوفه .. فذهبت نهلة الى مجلس النساء اللاتى قمن بتزينها بعد ان طلب والد متعب من زوجاته ان يجهزانها لتصبح عروسا بدوية .. وبعد الغداء أقاموا حفل صغير لهما ودخلت النساء يزفون نهلة بلباس العرس البدوى الجميل وهى فى غاية السعادة .. وكان الشيخ مصباح والد متعب قد ارسل الى احد القساوسة بالدير القريب من النجع ليحضر ويعقد قرانهما اذا وافق امجد ونهلة على ذلك .. وفى نفس الوقت اتصل خالد بأمينة واشرف وطلب من الجميع الحضور للنجع .. وتم اقامة عرس نهلة وامجد اللذين رحبوا كثيرا بفكرة العرس على الطريقة البدوية ..
كان الجميع فى سعادة بالغة لا يصدقون ان يكون العرس بهذا الجمال .. فقد كان العرس البدوى جديدا على الجميع ويرونه للمرة الأولى .. وخاصة نهلة التى اعجبت بالفكرة كثيرا لدرجة انها نسيت تماما ماحدث لها من خطف ورعب على يد كمال ..

استأذن أمجد من الجميع وسار بعيدا قليلا عن الحفل وطلب رقم نيفين .. لترد عليه بسرعة ولهفة وهى تسأله : أمجد .. لقيت كمال .. طمنى ارجوك ..
أمجد : أيوة يا نيفين .. لقيته .. ولقيت نهلة معاه .. زى ما توقعت .. كان خاطفها .. الحمد لله انه مأذهاش .. أنا حسيبه يرجع لك ومش حأذيه زى ما وعدتك .. بس أرجوكى يا نيفين تعقليه .. وتخليه يشيل نهلة من دماغة .. هى دلوقتى بقت مراتى ..
نيفين بحزن : خلاص .. اتجوزت يا أمجد ..
أمجد بنفس نبرة الحزن وهو يرى حب السنين ينتهى : أيوة يا نهلة اتجوزت .. سامحينى .. كان لازم ابتدى بداية جديدة .. أتأخرت سنين طويلة .. ارجوكى اعذرينى ..
نيفين : عذراك يا أمجد .. عذراك وبتمنى لك كل السعادة .. وآسفة على اللى حصل من ابنى فى حق مراتك .. والحمد لله انه مأذهاش ..
أمجد : أنا كنت متأكد انه مش حيأذيها يا نيفين .. لانه بيحبها بجد .. بس جوازهم كان مستحيل زى ما كان جوازنا مستحيل .. علشان كده أنا مسامحه .. لأنى جربت من قبله الحب اللى هو جربه .. وبسبب ظروف فرقت بينى وبين احب الناس لقلبى ..
نيفين : يعنى حتفضل تحبنى يا أمجد .. زى ما حفضل أنا احبك ..
أمجد وقد امتلئت مقلتيه بالدموع : طول ما هو مش بأيدى .. حفضل أحبك يا نيفين ..
نيفين والدموع تنهمر من مقلتيها : وأنا يا أمجد .. حفضل أحبك لآخر يوم فى عمرى .. مع السلامة يا حبيب عمرى ..
أمجد : مع السلامة يا حبيبتى ..

توجه امجد بعد مكالمته لنيفين وطلب من خالد ان يتكلم مع الشيخ مصباح ليفك أسر كمال حتى يعود الى والدته .. وان يطمئن أنه بالفعل قد غادر الى الصعيد ولن يعود لتصرفاته المتهورة من جديد ..

بعد الحفل توجه موكب العروسين الى فندق خمس نجوم يقع بين الاسكندرية وبرج العرب .. والذى حجز لهم فيه والد متعب لمدة اسبوع .. كى يرد لهم حق العرب .. واصبح الشيخ مصباح منذ ذلك اليوم صديق حميم لكل من امجد وخالد .. واصبحت نهلة صديقة لزوجاته وبناته ..
------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed متواجد حالياً   رد مع اقتباس