عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-21, 12:01 AM   #16

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثالث والأخير من الفصل الأول
***
انهمك رمزي مع عمه في لعبة الشطرنج التي يجيدها كلاهما بغرفة الاستقبال، فانتحى مصطفى بيُسْر في الشرفة، وبينما يراقبان ظلام الليل بشرود بادرها قائلًا:
_أتعلمين أنني أحسب الأيام حتى تُصبحين كنتي؟
زفرت يُسْر بضيق لا إراديًا، ثم افتعلت ابتسامة وهي تحيط عمها بإحدى ذراعيها قائلة:
_أنت غريب حقًا عمي، أنا في الأصل ابنة أخيك، ألم تمل مني بعد؟ ربما ستندم لاحقًا عندما تراني دومًا ليلًا نهارًا.
رَبَّت عليها مصطفى بحنان وهو يضحك هاتفًا بِمرح:
_أنا لا أمل منكِ مُطلَقًا، أنتِ ابنتي أكثر من كمال نفسه.
ابتسمت وهي تخفي ضيقًا واضحًا فتابع عمها بارتباك:
_رمزي يحبك جدًا يُسْر.
أومأت برأسها بهدوء ولم ترد، وبلهجته الحنونة تابع مؤكدًا:
_سيحافظ عليكِ وسيُسعدِك.
ابتسمت باصطناع وهي تقول:
_أعلم.
ضحك بصوت عالِ فنظرت له مُتعجِّبة وهو يستكمل:
_هو يتلهف لموعد الزفاف بشدة، حتى أنه ينوي أن تبتاعا كل الأثاث بالأسبوع القادم كي لا يتأخر زواجكما يومًا واحدًا.
عندئذٍ شردت والتوتر يغزو ملامحها فاقترب منها عمها مُتحدثًا بتوسُل حاول إخفاءه، لكنها أدركته:
_أوصيكِ به يُسْر، رمزي يحبك جدًا و يثق بكِ، أنا أثق بكِ، لا تخذلينا، عندما تعيشين معه ستعلمين كم هو حنون وطيب ومسالم، لن يزعجك مطلقًا.
ثم أردف مازحًا:
_مثل أبيه بالطبع.
والابتسامة التي انتظرها منها لم يجدها وهي تغرق تمامًا في شرودها حتى التفت الاثنان على عبارة رمزي المُبتهِجة:
_أيمكنني الانفراد بخطيبتي قليلًا؟ أنت تتحدث معها أكثر مني أبي!
عقد مصطفى حاجبيه بدهشة مُفتعلة وهو يهتف به مُغيظًا إياه بوضوح:
_وما ذنبي أنا إن كنت ساحرًا للجميلات؟، أنت من لم تتعلم مني شيئًا!
نظر له رمزي بإشارة إلى رغبته في الانفراد بها وهو يقول:
_عمي كمال يريد أن يهزمك في جولة أخرى، تستطيع الذهاب إليه وتتركني أحاول الاقتداء بك.
ضحك مصطفى باستمتاع وهو يخرج من الشُرفة فأدارت هي رأسها تتظاهر بتأمل الشارع، وقف بجوارها رامِقًا إياها بتفحُص ثم حدثها بنبرة خافتة:
_شهران فقط يُسْر، شهران فقط وتصيرين زوجتي.
تململت بوقفتها بضيق واضح ولم تعطه أي رد.. وكعادته لم يندهش!
تأمل جانب وجهها كما اعتاد أن يفعل تلقائيًا؛
ليست باهرة الحُسْن، ولا فائقة الجمال؛
ربما ملامحها جامدة، لكنه يأمل أن تتحرك من أجله يومًا؛
يعلم أن مشاعرها راكدة، لكنه سيحاول أن يجعلها تفور له يومًا؛
متيقن أن لا أحد استطاع هدم أسوارها، لكنه سيحمل كل الفؤوس وسيهدمها سورًا.. سورًا!
اقترب منها بضعة سنتيمترات وهو يُتابع:
_ أنا أحبك يُسْر، أحبك وأتمنى أن تتوقف الأيام عن المرور ببطء كي تكوني لي.
تجلى الرفض واضحًا على ملامحها؛
لا تريد هذا؛
لا تقتنع بهذا؛
الحب لم يكن يومًا هدفها.. لكنها الآن تمقته!
العشق لم يكن مُطلقًا مأربها.. لكنها في هذه الحال تنفر منه!
تتقبل أي شخص سواه؛
ترضى بالاقتران بأي رجل.. إلاه!
أغمضت عينيها بقوة، ثم ابتعدت إلى الخلف مُسرعة، أولته ظهرها وهي تقول بتوتر:
_لقد.. لقد أُرهَقت جدًا اليوم رمزي، سأخلد إلى النوم، تصبح على خير.
ولم تنتظر منه ردًا بالفعل وهي تهرب إلى غُرفتها ليبقى هو مُحدِّقًا في إثرها بشرود.
**********
"لقد توقعت ألا تأتي اليوم بعد وليمة أمس!"
التفتت رَغَد إلى الخلف بمجرد أن هبطت من سيارتها لِتجد زيدان أيضًا يصُف سيارته بمرآب الشركة فضحكت بمرح ثم أجابته:
_يا بني من أخبرك أنها وليمة؟ لقد كانت دعوة بسيطة لشقيقك ولم يحضر، انتهى الأمر!
ومن باب سيارة زيدان الجانبي خرج باسل حانقًا وهو يهتف بها:
_ولماذا لم تستبدلوه بي؟ هل رفضت أي دعوة من قبل؟ ألا تعلمين أنني أعيش بمفردي ولا أتناول إلا الأطعمة السريعة؟!
أغلق زيدان باب سيارته وهو يتقدمهما هاتفًا بنزق:
_تستطيع أن تتزوج فتجد الطعام البيتي الذي تعشقه، ونستريح نحن من تذمرك اللامتناهي بذلك الشأن.
سار باسل بجوار رَغَد يتبعانه باتجاه البوابة الضخمة للشركة، قائلًا باستنكار:
_أتمزح معي زيدان؟ هل أنا أحمق كي أُقدم على تلك الفِعلة المجنونة؟ الأطعمة السريعة ليست بذلك الضرر.
التفت زيدان إليه قائلًا بسخرية:
_لن ينفعك إضرابك عن الزواج عندما تمتد بطنك أمامك كالمرأة الحامل بشهورها الأخيرة!
تعالت ضحكات رَغَد حينما وقف باسل متخصرًا ينظر له بغيظ ولا يعثر على رد مناسب، لكن زيدان ابتسم بحنان مُردفًا:
_كما أنها ليست فعلة مجنونة تمامًا، لا يوجد ما هو أسمى من الحب، فقط أحسن الاختيار، تستطيع الاقتداء بي، أنا لم أندم يومًا على حُبي لشيرين.
زفر باسل بغيظ يرمقه شزرًا، ثم هتف باعتراض:
_وإن أطعتك وتزوجت لأكتشف أنها لا تُجيد طهي الطعام، ماذا أفعل حينئذٍ؟! هل سنعيش كلانا على الأطعمة السريعة؟! لِمَ التبذير إذن؟!
هنا قالت رَغَد ضاحكة:
_إذن هي نتيجة أفعالك باسل!
شاركها زيدان الضحك وهم يدخلون ثلاثتهم من الباب الرئيسي للشركة فهتف باسل حانقًا:
_أنتما تتمازحان لأنكما لديكما نفس النظرة السخيفة الحالمة، لكنني على النقيض منكما تمامًا، لن أفكر بتلك الطريقة، لن أتخلَّى عن حُريتي الحبيبة، ولن أتزوج مطلقًا!
وعندما وجد أن ضحكاتهما الساخرة قد تعالت صاح بحنق أشد:
_وكي تعلما إن فقدت عقلي وفعلتها يومًا يجب أن تكون طاهية ماهرة! وسأتأكد من ذلك قبل أي شيء.
ثم شرد بابتسامة واسعة قائلًا:
_ربما سأطلب منها في المقابلة الأولى مائدة تتكون من البط والحمام المشوي، والكثير من "محشو ورق العنب" وصحنًا من "الملوخية"!
ولم يلاحظ نظرات الاستهجان من كليهما وهو يردف متسائلًا باهتمام:
_متى ستعد والدة أحدكما بعضًا من "الملوخية"؟!
التفت زيدان إليه وهو يغمز لِرَغَد قائلًا له بلهجة ذات مغزى:
_أنا لا أعلم، لكنني أعتقد أنني قد وجدت حلًا لمُعضِلتك، يمكنك الزواج من رَغَد، لا أمهر منها بالطهي وأنت تعرف هذا جيدًا.
"مهندس زيدان! سيدة رِهام تريد مُقابلتك."
وعبارة السكرتيرة أنقذت رَغَد من رد لم تُرِد أن تحصُل عليه ففضلت التهرب أيضًا وهي تعتذر منهما بتمتمة خافتة.
ليهتف باسل بزيدان مُغتاظًا:
_ما هذا الغباء الذي تفوهت به زيدان؟ لقد أحرجتها.
ابتسم زيدان بمكر وهو يُجيبه باستفزاز:
_ارفع عنها الحرج إذن وتحرك قبل أن يسبقك إليها غيرك فتندم.
وقبل أن يصيح باسل بالرفض الدائم المُعتاد كلما حثه زيدان على أخذ تلك الخطوة تراجع بسرعة قائلًا:
_يبدو أن رِهام ستطلب مني التدخل لحل شجارًا ما بينها وبين أخي المفتري، بالإذن منك!
وانطلق زيدان مُتهربًا من تعنيفه بينما ظل هو مكانه ينفث زفيرًا مُغتاظًا..
**********
فتحت سُهيلة عينيها بصعوبة شاعرة بألم شديد يجتاح رأسها، تطلعت حولها برؤية مُشوشة لتقابلها الجدران البيضاء، أغمضت عينيها مرة أخرى وهي تمد إحدى يديها مُتلمسة الضمادة التي تُحيط بجبهتها ثم زفرت بألم مسترجعة ما حدث خلال الساعات الفائتة..
لقد استيقظت لتجد أنها مُلقاة أرضًا والدماء المُتجلطة تلتصق برأسها فتحاملت على نفسها لتصل إلى هاتفها وتتصل بجارتها، والتي أسرعت إليها ونقلتها مع ابنتها الشابة إلى المشفى بعد هروب.. زوجها!
والابتسامة الساخرة كانت موجهة إلى شخصها أكثر منه هو..
لقد خذلها!
لقد خذلها بكل الطرق!
ضربها وأسال دمها ثم هرب!
كيف لم تر تلك النذالة من قبل؟
كيف لم تتوقع خِسته؟
كيف استمرت معه لعامين كاملين منذ الخطبة وحتى اليوم تجبر نفسها على الشعور بأمان زائف بينما افتقر هو لأدنى سمات الرجولة؟!
وتوالت دمعاتها ترثي حالها وأمانها وثقتها...
حتى دخلت إحدى المُمرضات تحاول تهدئتها..
وبعد لحظات رددت سُهَيْلَة بنبرة مُتحشرِجة:
_أريد استدعاء الشرطة لو سمحت!
نظرت لها الممرضة بدهشة تتأكد من جدية كلماتها، ثم عَقَّبَت بفضول:
_الشرطة؟! ألم تُزَل قدماك وسقطتي؟!
فأجابتها سُهَيْلَة بصوت اختلط فيه الإصرار بالألم:
_لم أسقط، زوجي هو من دفعني وهرب بعد أن قام بسرقة مصوغاتي!
ونظرة المرأة المصعوقة كانت أبلغ من أي رد وهي تُهروِل إلى الخارج بحماس شديد لتُخبر الطبيب بما هو على وشك الحدوث!
**********
جلست رِهام في غرفة مكتب السكرتيرة مُنتظرة خروجها من مكتبه كي تسمح لها بالدخول بينما أخذت تُردد على عقلها ما ستقوله له بعد أن اشتكت لأخيه منذ دقائق..
هل وصل به إهماله لها إلى الحد الذي يجعله يضعها في موقف حرِج بالأمس أمام أهلها؟!
لقد تحمَّلت لثلاثة أعوام..
ثلاثة أعوام من الإهمال والبرود والتجاهل..
ثلاثة أعوام من الحقد والازدراء والإهانات المبطنة..
ثلاثة أعوام من القسوة والجفاء الذين لا ينافسه بهما أحد..
إلى متى ستتحمل؟!
إلى متى ستُطأطئ رأسها لسطوته؟!
إلى متى ستظل صامتة طاعةً لوالدها الذي يأمرها الصبر؟!
متى ستنتفض وتتركه؟!
متى ستنتقم لمعاملته إياها باحتقار؟!
أهذا عقابها لأنها لم تكن قوية كفاية لِصد الحُب؟!
أجفلت وهي ترى السكرتيرة تقف أمامها مُحدِّقة بها بِدهشة، ويبدو أنها تُحدِّثها منذ فترة.
_هل أنتِ بخير سيدة رِهام؟
حمحمت بحرج ثم وقفت مُبتسِمة برسمية، عَلَّقت حقيبة يدها الأنيقة على كتفها ثم قالت:
_هل أدخل الآن؟
نظرت إليها السكرتيرة بتوتر ثم قالت:
_أعتذر، كنت أخبرك أن ثائر بك غير مُتفرغ الآن.
فغرت فاها دهشة وهي ترمقها باستنكار متسائلة بنبرة ضعيفة:
_هل يرفض مُقابلتي؟
تهربت السكرتيرة بعينيها منها بِحَرج وهي ترد بنبرة مُشفِقة:
_آسفة، إنه مشغول قليلًا.
أومأت رِهام برأسها وهي تثبت حقيبتها شاعرة بالحنق يُسيطر عليها، بينما لم تستطع السكرتيرة منع النظرات المُشفِقة التي ترميها بها وهي تستغرب قسوة رئيسها..
من يستطيع التسبب في الحزن لهذه المرأة؟!
تنتمي إلى عائلة رفيعة المقام وأبوها يمتلك خُمْس الأسهم بالشركة..
تتمتع بجمال رائع وملامح بريئة تجعل كل من يراها فورًا يحبها..
هادئة..لبِقة..ناعمة؛
تستغرب حقًا كيف تزوجت من مثلها بذلك القاسي الصارم الجاف على الدوام!
خرجت رِهام وهي تحاول السيطرة على غضبها وحرجها..
هي تعلم أنه ليس مُنشغلًا، فزيدان أكد لها أنه بمفرده لِمدة ساعة قادمة على الأقل..
والآن زوجها العزيز أحرجها أمام سكرتيرته، ولا تستبعد أنه الآن يشعر باستمتاع شديد شامتًا بها!
استقلت المصعد وهي تتنفس بغضب شابه الألم، والرغبة بالصراخ معترضة على كل ما تتعرض له، ثم انفلتت منها دمعاتها المقهورة فأخذت تمسحها بسُرعة كي لا يراها أحد.
الجميع هنا يعلم أنها زوجة أحد أصحاب الشركة وزوجة شقيق الثاني وابنة الثالث، يجب أن تحافظ على مظهرها أمامهم حتى وإن كانت تموت كمدًا بداخلها، حتى وإن تسبب تصرفه في زعزعة تلك القوة الظاهرية.
وعندما وصلت إلى الطابق الأرضي وفُتِح باب المصعد حدَّقت في الواقف أمامها بصدمة بادلها إياها بقوة!
**********
أنهت يُسْر تحرير المقال الذي تُدقق به منذ ساعة وقامت بإرساله إلى مدير الجريدة التي تعمل بها عبر البريد الإلكتروني.
تمطت بِكسل ثم ارتدت ملابس الخروج وهي تستعد للذهاب إلى محل الأدوات المكتبية الذي تولت مسئوليته بعد تقاعد أبيها منذ عامين، حينما وصل إلى أذنيها صوت رسالة نصية، انطلقت إلى هاتفها لتُحدق في الكلمات التي استقبلها بضيق:
"ستون يومًا يُسْر، لا أُطيق صبرًا حتى تُصبحي زوجتي."
وبكل غيظ ألقت هاتفها على الفراش دون أن تكلف نفسها عناء الرد عليه رغم علمها بأن رمزي ينتظر، ثم ألقت جسدها بجوار الهاتف، لكنها ما لبثت أن انتفضت وهي تجذبه مرة أخرى ثم عبثت بشاشته قليلًا ووضعته على أذنها بترقب واضح..
وبعد لحظات جاءها الصوت الرجولي الماكر:
_ما هذا الصباح الجميل؟
لكنها تغاضت عن مزاجه الرائق وقالت بحنق شديد:
_أنا في ورطة!
والقلق بنبرة مُحدثها حل محل المكر ليسألها بسرعة:
_ما الذي حدث يُسْر؟ أين أنتِ؟
تهدلت كتفاها وهي تُجيب:
_أنا بالبيت، لكن..
لم تعلم كيف تستكمل عبارتها، لم تعلم ماذا يجب عليها أن تقول، هو الوحيد باستثناء الآخرين الذي يشعر بما يجيش بصدرها حقًا، لِذا فَلم يُفاجئها حينما عقَّب بـ:
_رمزي؟
هنا زفرت باستسلام وهي تهمس بغضب خشية أن يسمعها أحد والديها:
_لا أريد الزواج به، لا أستطيع!
لم يأتها الرد لِثوان ضاقت أنفاسها خلالها، حتى جَزَّ على أسنانه بغيظ وهو يهتف بها:
_أعلم أنني لا يجب أن أقول ذلك، لكنني حذرتكِ، حذرتكِ كثيرًا يُسْر، أتركيه!
تقبلت الغضب بكلماته باستسلام على غير عادتها، لكنها عندما تحدثت فضح التوسل ضياعها وهي تسأله:
_وما العمل؟ ماذا أفعل الآن؟ كلما اقترب الموعد أشعر باختناق أكثر، لا أستطيع تَحَمُّل أنه سيكون زوجي.
وصلها صوت زفيره الذي سبق سكوتًا طال بعض الشيء، لكن عاد المكر بصوته وهو يقترح:
_أستطيع منع كل شيء إن أردتِ، أستطيع إثارة المشاكل حتى يفسد الزفاف قبل أن يحين موعده، ربما أنجح هذه المرة، ما رأيك؟
ابتسمت بشرود وهي تهمس:
_ليتك تفعل!
حمحم بارتباك وصلها كاملًا وهو يرد:
_يُسْر أنا.. أنا كنت أمزح، لا أستطيع أن أتدخل الآن، تعلمين أن وضعي حَرِج للغاية و..
قاطعته بِحَسرة واضحة توميء برأسها رغم أنه لا يراها، ثم قالت بخفوت:
_أعلم، لا تُزعِج نفسك ولا تحمل هَمًَّا، رُبما هذا الزواج أفضل للجميع.
ثم زفرت بضيق مُردِفة:
_سأنهي المُكالمة حتى لا أتأخر، إلى اللقاء.
وأنهت المُكالمة ناقِمة قبل أن يصِلها ردُّه، مُتمتِمة لنفسها:
"تحملي نتيجة قراراتك يُسْر!"
**********
جرجرت حقيبتها الوحيدة التي وضعت بها أهم أغراضها ثم اتجهت إلى بوابة الوصول، وقفت لدقائق تتطلع حولها بشرود تستعيد ذكرياتها في هذا المكان بالتحديد منذ عام واحد مضى...
لقد كانت هنا بفستان عرسها الأبيض وحجابها الأبيض؛
كانت تتهيأ للحصول على بعض الأمان والسكينة معه؛
كانت تتأبط ذراعه متقبلة وعده لها بسلام أبدي؛
والآن..
في نفس المكان بدون فستان عرسها؛
في نفس المكان بدون حجابها المُزيَّن؛
في نفس المكان وأزاحت حسرتها سكينتها جانبًا؛
في نفس المكان بمفردها تمامًا وبدلًا من كونها العروس أصبحت الآن.. مُطلَّقة!
فبعد أن تم القبض عليه ساومته على التنازل عن اتهامها إياه مقابل تطليقها؛
وبدون تردد طلَّقها!
بمنتهى البساطة ألقى كل كلماته ووعوده خلف ظهره لامُباليًا؛
وتركها هي تتجرع مرارة الندم والخذلان بلا ارتواء..
مسحت دمعات لم تعلم متى انحدرت على وجنتيها وهي تتجه إلى أول سيارة أجرة مُنطلِقة إلى بيت أهلها.
....
وأمام الباب وقفت مُطأطئة رأسها منتظرة إجابة الجرس لتفتح شقيقتها الصغرى الباب هاتفة بذهول:
_سُهَيْلَة! متى أتيتِ؟ وما بها رأسك؟!
وكما عادتها ألقت نفسها بأحضانها صائحة ببكاء:
_باهر طلقني يا يُسْر!
*****نهاية الفصل الأول*****

في انتظار آرائكم وتعليقاتكم


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس