عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-21, 04:16 PM   #43

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي

الـفصل 25 / أليكساندر

قطعت مسافة حديقة المنزل في خطوات واسعة ، فلاحظت أن الباب ليس مغلقا ،وقفت بهدوء خلفه ودفعته قليلا فسمعت صوت أرون من غرفة المعيشة يقول ( فلنفعل ماتراه أمي صائبا .. أتمنى لو أنه لم يأتي ، إنه أفضل حالا في لندن ، وأفضل حالا بدونناَ )

حبست أنفاسي غير مصدقا لماسمعته للتو ، وقربت وجهي أكثر عبر الفتحة الصغيرة لأسمع صوت ماكنزي الكئيب تقول معارضة ( لكنه أخوناَ الكبير وعليه أن يعرف لكي يصحح الأمور ..أمي خائفة جدا و لا تعرف ماهو الصواب بعد الأن )

تنهد أرون وكأنه يحاول بجهد يحثها على الإقتناع ( لا .. سنفعل ماتراه أمي صائباً، إتفقنا ؟ عديني الان ماكنزي ، وأنا ايضاً أخوك وعليكِ أن تنصتي جيدا لماأقوله لكِ، سنترك الامور مثلما هي، أليكس سعيد مع حبيبته ويجب أن نتركه يعتقد أن الأمور بخير )

( لعلك محق ) خرج صوتها مختنقا ، مكسورا ، مخذولا ( سنترك الأمور مثلما هي )

تراجعت خطوة للخلف حيث فجأة كل الأكسجين لم يكن كافيا لي ( أنتِ محقة ، هناك شيئ يخفونه عني) أخبرت تاماني وأنا أفتح أزرار قميصي العلوية ، شعرت أن فمي يلتوي من الغضب

فإلتفت مثل الإعصار ، دفعت الباب بقوة ودخلت متعمدا بوجه عابس

ظل وجه ماكنزي جامدا هادئا ، لم يرف لها جفن حتى ، هي فقط دحرجت عينيها نحوي بتمرد ومنحتني إبتسامة شبحية

عكس أرون الذي شحب وجهه في ثانية ، ثم إحمر بقوة في الثانية التالية ، تبعثرت أنفاسه وصار يتحرك عشوائيا ، وقف ونظر نحوي مبتلعا ريقه ، وعاد ليجلس مجددا بقلق شديد محركا شفتيه لكنه لا ينطق بحرف

صمتا فصمت أيضا و إدعيت بأنني لم أسمع شيئا ، أخواي وأعرفهما ..لن يقولا لي شيئاً وسينكران

جلست بجانب أرون الذي إزداد توترا ووضع يده أوتوماتيكيا خلف رأسه ، يمكنني سماع قلبه يضرب مثل الطبل ..عدت لأنظر إلى ماكنزي المستلقية على الأريكة تاركتا فيها مساحة كبيرة ، تسند رأسها فوق وسادة خفيفة، تأملتها قليلا محاولا أن أتبين ماتخفيه عني ، سأكتفي بنظرة مستغيثة ، سأكتفي بتكشيرة واحدة منها حتى ، لكنها ماكنزي ! تتحكم بمشاعرها بطريقة جبارة مخيفة ، نادرا ماألاحظ ماتشعر به بداخلها ينعكس على تعابير وجهها ، سوى إن كانت غاضبة ، لعل هذه الصفة الوحيدة فيها التي لا تستطيع السيطرة عليها ، غضبها سيئ جدا

أعمق وأقوى مماتستطيع كتمه ، والأن هي ليست غاضبة ، هي تكتفي بالنظر لي بطريقة هادئة كما لو تقبلت كلام أرون أن يبقياني خارج مايحدث

إنحنت إليها تاماني التي أعجبها الحال كثيراً هناَ عكس ماظننته ، وأعطتها تاج أزهار يملك وردة حمراء في منتصفه مثل ألماسة ، حيث تساقط شعرها الذهبي المجدول حول وجهها ( هذا لكِ ياأميرة )

فأمسكتها أختي هامسة ( شكراً ) نقلت بصرها فقط مدة إمساكها لتاج الأزهار التي بقيت تمسكه بدون حتى أن تضع فوق رأسها ، وعادت لتنظر لي بعيون مشتاقة ، وكأنها تريد حفظ تفاصيل وجهي لأخر مرة

( أين تاجي؟ ) تذمر أرون وهو يجدها فرصة لكي ينهض من جانبي ويغير مكانه بجانب ماكنزي فضحكت تاماني وقامت بضربه من خلف رأسه كما فعلت انا هذا الصباح

( أحضرت لكي شيئا أخر ياأختي الصغيرة ) أشرقت إبتسامتها الطفولية بتحمس وهي تخفي شيئا وراء ظهرها وهي تتمايل بحركات راقصة مرحة محاولة أن ترفع معنويات أختي قليلا

( ترآآآ !! ) رفعت فجأة الدمية التي جعلتني أمر بقشعريرة عاليا وراحت تميلها في الهواء لتدور بها على إيقاع نغمات كانت تدندنها بنفسها( أصبحت ملكك منذ الان ..إسمها تامي )

لم أرى إبتسامة ماكنزي ، لم أرى حماس تاماني المفرط ينتقل إليها كما إنتقل لي رغم أني لا أحب الدمى ،هي تصرفت وكان تاماني تجبرها على رفع عينيها عني لتنال إنتباهها ، وكأنها تقوم بالعد العكسي الأن ولا تريد أن تضيع أي ثانية عبر الإهتمام بأي شيئ غيري ، مع ذلك قالت بتهذيب ولباقة كما علمتها دائما ( هذا لطف منكِ ، أنا كبيرة على الدمى لكنني سأحتفظ بهاَ ، سأتذكرك كلما نظرت إليهاَ )

جلست تاماني ملتصقة بي بخفة جعلتني بشكل ما أنتعش ، أخفضت وجهي إليه فرأيت وجنتيها الحمرواين وعينيها المتلألأتان ، سألتها هامسا ( هل أنتِ متأكدة بانك تريدين هذا ؟ أنت تحبين هذه الدمية )

فاومأت وهي تشبك أصابعها بأصابع يدي ( بفضل والدتي إنفصلت عن تامي قبل وقت طويل ..أشعر أن ماكنزي تحتاجها أكثر مني الأن ، حين كنت صغيرة ، لطالما ردد جدي على مسامعي أن أبقي دميتي دوما معي لأنها ستنقذ حياتي ذات يوم ، لتبقى بجانب ماكنزي إذا )

ضغطت على يدها بإمتتان ، همست وانا أضمها لي بذراعي اليمني ( شكرا لك ) وقبلتها من زاوية جبينها ممتنا لأنها أصرت أن ترافقني ، هي تمنحني القوة بوجودها بجانبي

إلتفت نحو أخواي فرأيت أرون يرفع حاجبيه لماكنزي وكأنه أثبت وجهة نظره لها ، و بشكل ما أشاحت بوجهها بعيدا عني نحو اللوحة المعلقة وكأنه قتل أخر أمل لها بأمر متعلق بي ، ضغطت بعنف على تلك الدمية ، لكنها سرعان ماأفلتتها لأن ذلك ماإمتلكت من قوة جسدية ،وسمحت ليدها أن تتدلى على الأرض

إعتراني السخط إتجاه أرون ، إلتفت إليه وعيناي تتأججان غضبا ( أرون .. هل صحيح أن امي تعمل عند بيت عمكَ ؟) سألته على غفلة فتسمر فوق الاريكة

توتر وجهه وتجعد جبينه ( نعمْ لكن كيف عرفت ؟ ) ضغط على يديه بقوة مصدوما من معرفتي للأمر الذي يشكل سرا من الأسرار التي يخفيها عني

( لا يهم كيف ولا أستطيع إرغام نفسي على تصديق ذلك ، المهم أن أمي يجب ان تترك العمل عندهم حالاً ) لاحظت كيف حاول إخفاء إضطرابه عليا ، ومن الناحية الأخرى ماكنزي ماتزال تتجاهل كليا النظر لي

بعد صراع بينه وبين نفسه لينظم جملة يقنعني بها قال ( لن تستقيل .. لا أحد يرغب بتوظيفها غير لينداَ ) فهمت أنه تنبيه غير مباشر لي لكي لا أتدخل

هزيت رأسي بسخط وأشرت نحو المساحة الفارغة أمام غرفة ماكنزي ( ماذا عن أعمال الخياطة ؟ أين هي ماكينة الخياطة الخاصة بها ؟ )

لم أرها في الصالة فذهبت لغرفة ولكن الباب كان موصداً ( منذ متى أمي كانت توصد باب غرفتها؟)

فتح عينيه بإتساع ، وراح يدلك خلفية عنقه بإرتباك لأنه لا يعرف ماذا سيقول لي ، تلون وجهه وهو يسحب نفسا جافا وقال متظاهرا بالعفوية ( آآه ذاك .. لابد وأنها أغلقته بدون قصد )

وقف بعدها متجنبا النظر لي كماكنزي وإتجه نحو الباب ( سأقطع بعض الحطب .. نار المدفأة على وشك ان تخمد)

طيب أرون .. طيب ، فلنرى إلى متى ستصمد أمامي ، تركت تاماني برفقة ماكنزي وخرجت خلفه ، نزعت الفأس من يده ودفعته برفق نحو إحدى الصخور الكبيرة ( إجلس أرون ..أنا سأقوم بذلكَ )

كنا في الباحة الخلفية للمنزل ، فبدأت أقطع أغصان الأشجار والحطب ( كيف يعاملكم إيمانويل في غيابي ؟ ) قسمت أول حطبة بعنف بمجرد أن نطقت إسم إيمانويل

إستدار نحو الأشجار الفارعة ونظر بعيدا ( يـتصـصرف ممثلل العاااددة !! ) إنه يعرف أنني أعرف بانه يكذب ومع ذلك هو يستمر في ذلك

( هل لديك أية فكرة لماذا يريد عمك التحدث معي عن ماكنزي ؟ ) ضربت الحطب بالفأس بقوة جعلت الأجزاء تطير في الهواء

وضع عينيه بعيني لاول مرة بصدق متسائلا بدوره ( حقا ؟ لا أعرف ، ربما أنبه ضميره فجأة ويريد أن يساعدها )

( قلبي ليس مرتاحا قطْ ، أتعرف ماذا سأذهب بعد أن أنتهي لأحضر أمي ..يكفي ذلا ، ليندا إمراة مصنوعة من السم ..أعرف أنها تهينها وتذلها هناك كل يوم)

حرك وجهه معارضا بشدة ( أمي لن تعود معك .. ألم أقل لك أن لا أحد يريد توظيفها غير ليندا )

ثارت ثائرتي فصرخت بقسوة عليه ( أغيب لبضعة أشهر فاعود وأجدك تركت المدرسة وأجد ماكنزي تحتضر وأمي تعمل كخادمة عند ليندا التي تعاملها كعبدة )

طأطأ رأسه هامسا ( أوكي ) توقفت للحظة احاول أن أستوعب أوكي خاصته ، نظرت إليه بتكشيرة حادة مستمرة عمدا وسببت له عدم الراحة لأنه يعترف تحت الضغط ، لكن على غير العادة مصر على التكتم ، إنه مصمم على أن لا يخبرني أياكان مايحدث خلف ظهري

أعرف أنه لا يتحمل رؤيتي غاضبا منه ، لذا إستمررت بعبوسي لعله يغير رأيه ، مارست عليه ضغطا هائلا ، أصبحت راحة يديه تتعرقان وإنكمش فوق تلك الصخرة ، يكاد يفقد الوعي من التوتر لكنه لا يبوح بماحدث ، تحت شعار إنكار حتى الموت

لم يكن هناك أي حواجز بيني وبينه ، إعتاد أن يشاركني كل تفاصيل يومه ، والأن بنى سياجا بيننا

لقد عزلني عنه تماما ، وهذا جعلني أشك أنه غاضب مني ربما ، وضع تلك الأشهر كجدار بيننا وفصلني عن حياته لغيابي الطويل .. ربما هذه هي طريقته في عتابي ولهذا يخفي عني مايخفي

نظرت إليه مجددا فكان ذلك كفيلا بأن يحبس أنفاسه ( أشعر أن ماكنزي تريد أن تخبرني بمايحدث لكن تم إسكاتها )

إبتسم محاولا عبثا أن يتحايل عليا (لا أحد يملك سلطة كهذه على ماكنزي ، إن لم تخبرك شيئا فلأنه ليس هناك ما يقال )

( ماذا عنكَ ؟ وجهك يخبرني أشياءا لم تنطقها ) رفعت الفأس عاليا حيث لمعت نهايته وأنزلته مثل السوط فوق الحطب ، ثم رفعت عيني إليه حين إكتفى بالصمت

هو فقد تنهد ونظر لي بمرارة ، أردت بشدة أن أعانقه وأربت على ظهره لكني سيطرت على شعوري الأبوي إتجاهه ، وبقيت محتفظا بعبوسي

( لماذا تركت المدرسة ؟ ) نظرت إليه بإستفسار ، ولم أعي كم أصبحت نبرة حادة وصارمة

أصبح وجهه مثقلا بالذنب ( للضرورة )

سألته بحزم ( ماهذه الضرورة ؟ لماذا لم تخبرني حين تحدثت معي أخر مرة ؟ )

هبت رياح قوية تلاعبت بشعري ، وبقميصه الأصفر الذي كان على مقاسه تماما قبل أشهر ،والان أصبح فائضا عليه ، قال بإضطراب وقد إحمر خجلا ( لم أرد أن أزعجكَ ، لديك حياتك الخاصة ويكفيك مايشغل بالكَ هناك )

( لا يوجد غيركم في بالي ، لماذا تحادثني وكأني غريب عنكَ ، حقا أرون هل أنت غاضب مني لأني تأخرت في العودة ؟ )

أملت من قلبي أن يقول نعم ، عوضا عن ذلك نظر لي مجددا ببؤس ( لقد فعلت الكثير من أجلنا ، لديك كل الحق بأن تحظى بحياتك الخاصة بعيدا عنا وبعيدا من هنا ، لا تؤاخذ ماكنزي فهي ستفهم عاجلا أم أجلا أنك لست ملزم بنا ، نحن مدينون لك بالكثير حتى الأن ولن نطلب المزيد ، أنت تستحق فرصة أن تستقر وتعيش حياتك ، دوري أنا سأهتم بأمي وماكنزي ) أخفض عينيه بعد أن صمت لكي لا أرى دموعه التي يكبتها بصعوبة

رميت الفأس وقد تلبسني غضب شديد لماسمعته للتو ( ماهذا الكلام الفـارغ الذي تقوله لي ؟لا تقل مجددا هذا الكلام ) صرخت عليه غير مصدق أنه يتحدث معي وكأنني فاعل خير وحرص أن يشكرني كأنه لن يراني مجددا

أرغمت نفسي على الهدوء وسألته ( لماذا تتحدث وكأنني تخليت عنكم ؟ ماذا تقصد بأن أعيش حياتي الخاصة بعيدا عنكم ؟ أنت تعرف أن سبب مغادرتي كان من أجل وظيفة )

( فهمتُ ) مرر يده عبر شعره المحلوق ، حق شعره الذي كان كثيفا ومجعدا ، كان يحب شعره جدا

( لم تفهم غالبا ، مازلت أخوك الكبير ، مازلت المسؤول عنك ، وسأبقى كذلك حتى أموت ، إبتعادي لا يعني أني تخليت عنكم ، أنا لم أنساكم ، أفعل كل ماأفعله من أجلكم )

حرك رأسه مثل الألة هامسا ( طبعا )

( أرون لا تسايرني ، قل مافي بالكَ ، من فضلك أخي ، أخبرني مالذي حدث في غيابي
أخبرني لكي أعرف كيف أصلحه ، يجب أن أعود إلى لندن مساء الأحد ، أخبرني الأن لأفكر بحل )

إنكمش وجهه بتردد ( لا يوجد شيئ تقلق بشأنه أليكس ، إذهب مطمئنا ) دمعت عينيه مجددا لأنه هو الأخر مثل ماكنزي ، يحاول إرسالي من هنا ، حتى لو فطر ذلك قلبه

( لعلمك ، أيا كان ماتخفيه ، أنت تساهم في رمي أختك لحتفها ، هذا بالضبط ماتفعلانه أنت وأمي ، تركتماها بدون علاج ، تركتماها في تلك الغرفة لتموت ) فقدت السيطرة على نبرتي المعاتبة ، إتسعت عينيه بقوة فوقف مصدوما بإعترافي

هاجمته عدة مشاعر بوقت واحد بحيث لم تعد الدنيا تسعه هذه الثانية ، فصرخ بيأس ( ليس كأننا نملك الخيار وبقينا نتفرج عليها ، نحن نحــاول مابوسعنا ، لكن الأمر صعب ..إنني أبذل كل جهدي لكنني لست مثلك )

إقتربت منه وأمسكته من كتفيه متوسلا ( ماذا تقصد ؟ تحدث بوضوح ..ماذا تحاول القول أرون ؟)

تراجع بخطوة ومسح دموعه ، وراح ليجمع الحطب المكسور على الأرض ( إنها أوقات صعبة وسنتجاوزها ، ليس عليك أن تقلق بشأننا ، سوف نتعود على غيابك كما تعودنا على غياب أبي
قد لا أستطيع أن أحل محلك أو محله ، لكني ساكون هنا بجانبهماَ وسأعمل ليلا نهارا كما كنت تفعل أنت )

( أنت تفقدني صوابي الأن أرون ، ماذا يعني أن تتعودو على غيابي ؟ ماذا يعني أن تعمل ليلا نهارا أريدكَ أن تدرس فحسبْ ..ماذا تظنني أفعل في لندن ؟ لماذا تتصرفون كأنني ساترككم ، أو لماذا تريدونني أن أترككم ، إفهم أن ظروفي من أجبرتني أن أطيل غيابي .. ) صمت حين إنقطعت أنفاسي ، يؤلمني رؤيتي أخي الصغيرة مكسور هكذا ، ثلاثتهم يعتقدون أنني تخليت عنهم أو أنني ساتخلى

الأمر لن يتم هكذا ، سوف أجمع ثلاثتهم وأواجههم

حملت ماإستطعت من الحطب المتبقى ووضعت بعضه داخل المدفأة فإشتعلت النيران وشعرت كأنها مشتعلة بصدري ، رفضت أختي تناول أدويتها رغم محاولاتي أنا وتاماني ..وكل مافعلته هو معانقة تلك الدمية والإستلقاء هناك منتظرة موتهاَ

( من الواضح انك تغمرها بحبك وحنانك لدرجة أن محاولاتك لإجبارها لا تؤثر عليها البتة ) أخبرتني تاماني وكانت محقة تماما ..ماكنزي تعرف جيدا أنني مهما صرخت وعصبت فإنني لن استطيع إجبارها على شيئ .. لن أستطيع إرغامها لأنني لن أستطيع رؤيتها تبكي

دموعها تنزل مثل السوط على قلبي .. إنها الأمانة التي تركها لي أبي لأحبها وأهتم بهاَ ، إنها الوحيدة الذي كرر إسمها كثيرا قبل أن يموت ، وهاهي الأن تظنني سأتخلى عنها ، تظن أنها تراني لأخر مرة

( أرون .. لم أرك تحمل كتبك منذ أتيتْ ، لا تظن أنك حقا تركت المدرسة بشكل كلي ، سوف أتحدث غدا مع المدير وستعود ) حين قلت هذا بدأ يضحكْ بعيون دامعة

عانقني بقوة هامسا ( لقد إشتقت إليك حقا ياأخي ، نحن مثل الغرباء في هذا المنزل بدونكَ )

( لماذا تقول هذا ؟ هذا منزلكم ، سواء كنت موجود او لا فأنتم لستم بغرباء هناَ ، ولاتغير الموضوع ..أود أن أراك تدرس ، على الأقل فليحقق واحد منا حلم والدي بالدخول للجامعة ) وضعت يدي حول ظهره فشعرت بعظام عموده الفقري بارزة بحدة مما أثار الذعر في قلبي ، يكاد يصبح مثل ماكنزي ، كأنه يعاني من سوء تعذية ، فقد وزنا أكثر مما يجب

قال بشرود ( أحيانا تحصل أمور ..تغير كل شيئْ )

( أمور مثل ماذا ؟ )

( فقط أقول .. أووه أنا عطشان جداً ) ذهب للمطبخ هاربا مني .. وأنا لاحظت بان الوقت مر بسرعة وسيحل الظلام سريعا

أمسكت تاماني امام الباب وسرقت منها عناق صغيرا لأستمد بعد القوة ( أنا ذاهب لبيت عمي ، هل تبقين هنا أو ترافقينني ؟ )

قالت بغيرة شديدة ( لأرى إبنة عمك تتغزل بك ، لا شكرا سأبقى برفقة ماكنزي، لا أريد أن أقتل أحدا اليوم )

( حسنا ، أمل أن لا أفعل ذلك أيضا ..ساعود بسرعة ، إهتمي بنفسك وبأختك الصغرى )

لم أرد إثارة المزيد من الشكوك فذهبت سيراً، كنت أمشي بخطوات واسعة سريعة متجاوزا مسافات طويلة ، إنطلقت أفكاري الوسواسية إلى مكان لم أستطع العودة منه ، كرهت كل خطوة قمت بها في ملكية لست موضع ترحيب فيها ، أخر مرة أتيت هنا كانت برفقة أبي ، كنا مفعمين بالأمل والتفائل ، وعمي ردنا خائبان .. أغمضت عيني فرأيت وجه أبي المليئ بالذنب يقول أخر كلماته لي ، يخبرني أسف ياإبني .. في طريق عودتنا إنهار أبي عى الأرض ، قلبه لم يتحمل قهر أخيه ، لم يتحمل إنطفاء أخر أمل له في إنقاذ ماكنزي ، لا أصدق أن أمي جعلتني أعود إلى هنا مجددا

قرعت الجرس ففتحت لي وهي تحمل منشفة مسح غبار بيدها بدت الصدمة جلية بعيونهاَ لرؤيتي ( سنتحدث بشأن هذا لاحقا أمي ) كنت أنظر لأبعد منها نحو أندرو

إستقبلني بلباقة وأخذني لغرفة الجلوس التي تغير ديكورها من الصفر ، توجد ثرايا كبيرة مشتعلة في عز ضوء النهار ، وستائر من الحرير تخفي معظم الجدار ، وأثاث فخم جديد ، رأيت بقية العائلة مجتمعين وامي جائت معي خائفة من رد فعلي

رأيت عمي يجلس على كنبة بيضاء مريحة ، مرتديا سترة قطنية دافئة رغم أن الطقس حار جدا بسبب الفرن الكهربائي ويحمل بيده غليونا ، نظر لي بنفور وكأنه يرى أخوه يقف أمامه ، لم يلقي عليا التحية ولم يسأل عن حالي ، لم يطلب مني الجلوس حتى ، بقيت أقف مثل الغريب مثلما أقف في غرفة جلوس آل فيفر

باشرت ليندا تسألني بفضول ( اوه مؤسف لم تحضر معك ميمي هاميلتون .. لقد كان لقبها مألوف جدا لي ، ثم تذكرت ريتشارد هاميلتون القاضي الشهير .. إن منزله يقع قرب محطة الوقود)

( مجرد تشابه في الألقاب ) نفيت ذلك ببرودة ، لم تصدقني طبعا لكنها تركت هذا الموضوع

رأيت إمارات الإحتقار على وجهها حين نظرت لأمي ( هل إنتهيت من تنظيف الحمام ؟ )

أخذت نفس ثقيلا بداخلي ووضعت يدي بقوة فوق كتف أمي التي فكرت بالتوجه حقا لتنظف لها حمامها وسحبتها لتقف بجانبي

أحسست بغضب شديد ، لكني تركت وجهي هادئا

قال عمي فجأة وهو ينظر لي بطرف عينيه ( هناك موضوع مهم أريد أن أحدثك بشأنه كونك الإبن الاكبر ) أرى بوضوح كم تواجدي هنا ثقيل عليه

قلت بثقل ( أنا أستمع ) أريته أنني لست راضيا بدوري لحضوري لمنزله ، ورؤيته بالأخص

فقالت ليندا وهي تمط شفتيها بإمتعاض ( إنه بخصوص ماكنزي ) نطقت إسمها بإستهزاء بالغ

نطقت إسمها بإحتقار كأنها قطعة من الزبالة

رفعت حاجبي بقلة صبر ( ماذا بخصوص ماكنزي ؟ )

قالت ليندا مجددا بنفس النبرة المتطاولة ( جميعنا إتفقنا على ان الحياة في ذلك البيت المتصدع والفقر المدقع لا يناسب فتاة مريضة مثلهاَ)

( المعذرة ؟ ) رغم محاولتي للحفاظ على هدوئي فإن صوتي لم يسعفني

قالت دارلا وهي تمضغ العلكة بسخرية وتنظر لهاتفها الكبير ( أجل أجل ..قريبتي الصغيرة تموت الموتة البطيئة وجميعكم تتفرجون عليهاَ ) اشعل وميضه فجأة إتجاهي فلم أرد أن أفكر أنها تلتقط صورا لي

( هل لي أن أعرف ماهو سبب إهتمامكم المفاجئ بأختي ؟ ) تسائلت بدون أن أنظر لأحد منهم فمؤخرا صرت أفقد أعصابي بسهولة ، ولا أريد أن يحدث ذلك هنا

قالت ليندا وهي بالكاد ترفع رموشها الإصطناعية من التغطرس ( طبعاً، كوني سيدة طيبة وأحب فعل الخير فكرت بعرض سيناسب الطرفين، أتعرف إبني أندور هو الذي كان يتحمل مسؤولية علاجها رغم انه ليس مجبر على ذلكَ )

هل قالت أنه يتحمل مسؤولية علاجها ؟ ألم يأخذ مني النقود ؟؟ عجيب حقا

تابعت كلامها وهي ترفع شفتيها بتكلف ( ولان الحياة غير عادلة ، فرغم كل البناات الراقيات الجميلات المتعلمات اللاتي عرفته عليهن فهو إختار تلك الفتاة النصف ميتة .. مع الأسف لكي يعجب بهاَ )

( المعذرة !! ؟؟ ) إلتفت لأندرو وسألته بدون إستيعاب ( ماذا تقصد أمك ؟ ..هلا شرحت لي ؟ )

إقترب ليقف أمامي و بتفائل وتحمس أخبرني ( أليكساندر .. إيرين لطالما كانت تسيطر عليا قوى غريب بخصوص ماكنزي ..وبعد رحلة الامس للندن .. توضحت مشاعري تجاهها ، أنا احبهاَ وأريد ان أتزوجها .. والسن والوضع الإجتماعي ليسا بمشكلة البتة)

حاولت ربط كلماته مجددا في عقلي لأستوعبها لكني لم أفهم ، ربما لم أرد أن أفهم هذا الهراء الذي تفوه به لتو

إنفجرت أصرخ عليه بقوة ( أيها الوغد إن إكتشفت بانك لمست ولو شعرة منها سوف أقتلكَ )

أمسكتني والدتي لكي لا أهشم وجهه ..وهم جميعا قاموا حيث تراجع أندرو إلى والده الذي قطب جبينه بغضب فوري نحوي ، كان بذلك القرب ليطردني لكنه تمالك نفسه بصعوبة

برر لي أندرو بسرعة ( طبعا لا ..أقسم انني لم أفعل شيئا لهاَ ، أقسم على روحي )

قالت دارلا بسخرية وهي تقلب عينيها ( بحقكَ تلك الهيكل العظمي .. لا أعرفه مايجذبه فيها أصلا ) وعمتني مجددا بوميض هاتفها ، أدركت أنها تتكلم فقط لتنال انتباهي من أجل الصورة

( أنتِ فلتخرسي! وأنتَ يااندرو ..لقد ظننتك مختلف ظننتك تريد حقا مساعدتي ..لكن انظر لنفسك ..أنت كنت تفعل ذلك لأسباب أخرى ،هذا هراء ..امي قولي شيئاً )

أنا على وشك الجنون ، امسكت أمي يدي حيث كانت ترتعش ، وجهها أصبح قاتما ومصدوما ( إبنتي صغيرة على الزواج..أتمنى أن تجد فتاة أخرى مناسبة لك ياأندور )

فقالت ليندا بإحتقار ( ومريضة ! ..هي مريضة جدا ولا مستقبل لها ، فكرو مجدداً ..في الحقيقة لا يعجبني أن أحضر زوجة تحتضر لإبني الطبيب النبيل ، خصوصا وهي إبنتكِ ..وأختكَ ..لكن لابأس ، زوجي سيشرف على علاجها وسيرسلها لأفضل المستشفيات ..ستحضى بحياة)

( قراري النهائي هو مستحيـل .. هيا لنذهب ياأمي ) بمجرد أن تقدمت خطوة حتى اوقفني صوت عمي

قال بنبرة مستفزة وهو يرفع غليونه ( عرفت بأن قرارك سيكون الرفض لذلك إتصلت بصديق لي و احزر ماذا .. هو يعمل في مركز خدمات حماية الطفل وأخبرته عن ماكنزي ..وقال لا مشكلة وضعكم لا يسمح لتلك الفتاة القاصر والتي تعاني من مرض مزمن بان تتعرض للإعتداء والتعنيف ، سيجدون لها منزلا مناسبا .. وأنا سيسرني بان أستقبلها في منزلي كوني عمها والوصي الجديد عليها )

تجمدت مكاني أحدق إليه بعيون مذعورتين بينما رسم إبتسامة بغيضة على شفتيه ( لا يمكنك أن تفعل ذلك ، لا احد منا يسيئ معاملة ماكنزي ..لن اسمح لك )

أنا أشعر بأنه سيغمى عليا الأن

قال واثقا ( لا أحد ؟ أأنت متأكد أليكساندر ؟ )

صارت هنا غشاوة على عيني تمنعني من الرؤية بوضوح ( لو كنت تفكر حقا بمساعدة أختي ، لكنت فعلت ذلك بدون هذه المسرحية قبل أعوام ، فقط أتركنا بحالنا ، أخرج من حياتنا الى الأبد )

بسط ذراعيه في الهواء ليقول بإصرار ( إبني أرادها .. وإنه إبني الوحيد ولا يمكنني أن أرفض له طلب )

إنه يتحدث كأنه سيحضر سيارة .. أو دراجة نارية

( أندور ..قل ان هذه مزحة ، أنت في الثلاثين وهي فقط في السابعة عشر )

قطب جبينه غير متفهما كليا ( السن لا يهم ياأليكساندر ، لقد ظننت ستفرح وستوافق ، لقد كنت صريحا معك وساعدتك طوال المدة الماضية في علاجها ، كنت أنا الوحيد الذي وقف بجانبك )

( وأنا لا انكر ذلك ..لكنك تطلب أمر لا يتقبله العقل )

إنقلب أندرو عليا فقال بنبرة لا تخلو من التهديد ( ياأليكساندر ..ماكنزي سينتهي بها الامر هنا سواء أردت ذلك او لا .. أنت لا تملك خيار ، بيدك فقط عشرة أيام ، إن لم تحضرها بنفسك ، الخدمات الإجتماعية والشرطة سيفعلون )

لم يعد ينفع الكلام معهم ، أمسكت بيدي أمي ومشيت ، حين وصلنا للباب قالت ليندا آمرة

( إيرين ..تعالي باكرا في الغد ، فأنا سأغير ترتيب غرفة نومي )

إلتفت لأخر مرة لأرى وجهها الخبيث وقلت ( إعتمدي على نفسك فأمي إستقالت للتو ! )

أغلقت الباب وشعرت بالدنيا تدور حولي ، لم أستطع التفكير بشيئ عدا .. ماكنزي ..سيأخذونها مناَ

ولا يسعني فعل شيئ حيال ذلك لأنها تحت السن القانونية ..هي لا تستطيع ان تقرر أين ستبقى

أدركت أني أمشي بإستعجال مثل المجنون تاركا أمي خلفي بمسافة كبيرة

فتوقفت ورأيتها تحاول الركض خلفي ، تكدر وجهها حين وصلت لي ، فهزت رأسها بدون كلام واضعة يدها على صدري وعينيها تدمعان

( حتى لو وافقت أنتِ ..أنا مستحيل ان أوافق ، ولو عنى الأمر ان أخفيهاَ حيث لن يجدها أحد )

ربتت على شعري باكية ( مستحيل ان أوافق ..إنها إبنتي ماخطبك انتَ ؟ كيف تظنني سأعطيها لليندا ؟)

رغم أن كل المنافذ سدت في وجهي فأنا سأتفائل ( لنعد للبيت ولنفكر بالامر..حتما سنجد حلاً) الله لن يتركني ، لن أفقد الامل ، مثل كل مرة ..الله سيساعدني وسينقذ أختي

( إذن ماقصة تلك الفتاة من لندن ؟ )

سألتني عن تاماني فجأة محاولة أن تهدئني ( من الواضح أنها بنت لطيفة جداً وحساسة .. هل انت واثق مما تفعله ؟ )

( أجل أمي ..ماكنت لاحضر فتاة لا أتخيل مستقبل معها إلى منزلي ) قلت بإختصار وعقلي يفكر كيف سأنقذ أختي الصغيرة

إبتسمت سعيدة من اجلي ، يفترض أنني من يخفف عليها قساوة الحياة ، وضعت ذراعي حول كتفها بإشتياق ( أتعلمين ياأمي .. لا يوجد أفضل من العودة للمنزل )

حين وصلنا ..سمعت صراخْ آتي من الداخل

( أليكساندر ..أرجوك أضبط أعصابك ) امسكتني بقوة فسحبت يدي وركضت مسافة الحديقة لأفتح الباب ورأيت إيمانويل يصرخ بقسوة

( أنتِ السبب ، لولا مرضك اللعين ، لولا نفقات علاجك الكبيرة ، لكنا نعيش أفضل ! ماكنزي انتِ عبئ كبير علينا جميعاً ) وفي نفس الوقت يشد أرون بعنف من قميصه وكأنه يجعله ينتظر دوره

ذهلت لدرجة لم أصدق عيناي ، نظرت لجانبه فرأيت شخص لم اتوقع رؤيته أبدا في هذا المنزل

جيسيكاَ ؟

جيسيكا التي قالت بنفس النبرة القاسية ( أتفهمين ذلك ؟ أنت أصلا ميتة وتكملين الأيام المتبقية لك وحسب ، إذا إفعلي ذلك بصمت او موتي الان وأريحي الجميع منكِ ..بالإضافة لماذا غرفتي ليست مرتبة كما طلبت منك ..هل تظنين أنني أسمح لك بالبقاء هنا مجانا وفوق ذلك تحضرين ضيوف بدون إذني)

وفي هذه اللحظة نظرت لأختي الصغيرة تقف بكل شجاعة في وجههما وتاماني تقف مذهولة خلفها ،واضعة يدها فوق صدرها وفمها نصف مفتوح يمكنني أن أتخيل كل السيناريوهات التي تخطر على بالها الان بإنهاء جيسيكا

نظرت لأختي مجددا ..رغم أن جسدها خذلها إلا أنها حافظت على وقفتها الدفاعية المائلة ، ونظرتها الحادة الجسارة

ثم رأتني

أعتقد أن رؤيتها لي جعلت أوجاع التي كظمتها خلال كل تلك الأيام التي لم أكن فيها بجانبها لأحميها تستشيط بداخلها فإنفجرت باكية بدموع معبرة عما حل بها من ظلم وقهر في غيابي ، هي لا تتحمل أن تتعرض للظلم من أيا كان ، تتعامل مع ذلك بشكل شخصي لأني ربيتها لتكون نفسها عزيزة عليها ،وكرامتها قبل كل شيئ ، علمتها أن لا تسمح لأحد أن يتنمر عليها حتى لو كان أنا وأن تقاتل لأخر نفس دفاعا على كرامتها وكبريائها

( أخي ) مدت يدها نحوي فدخلت وعانقتها لصدري وربت على شعرها برفق ( لابأس ..أنا هناَ الان)

نظرت لأرون الذي أفلته ودفعه عنه بقوة قائلا ( أووه ..أنظرو من شرفنا .. إنه الإبن الأكبر المثالي أنظر لنفسك كيف واتتك لندن ..واضح من ملابسك أنك لم تعد تنتمي هنا ، لماذا لا تسدينا معروفا وتغرب من هنا )

أشرت لهذه المرأة وصرخت بكل حبالي الصوتية ( ماذا تفعل هذه البائسة هنا في منزلي ؟ وتحدث اختي بهذه الطريقة الفظيعة ؟)

( أنا أعيش هنا ) أجابتني بكل تحدي، شبكت ذراعيها بنظرة مستفزة ووقفت أمام إيمانويل الذي وضع يده حول خصرها

( ماذا ؟ ) ماذا قالت هذه البائسة

رفع إيمانويل ذراعه ليعانق ظهرها لصدرها قائلا ( هذا صحيح .. جيسيكا وأنا تزوجناَ )

كنت مستعدا الان لأفعل مالم أفكر بفعله طوال حياتي ... كسر عظامه داخل جسده ، قتله

لكن ماكنزي رفضت تركي أتحرك فسألته بإنكار ( كيف تسمح لنفسك ولها بالتحدث مع ماكنزي بهذه الطريقة ؟)

قال بقلب متحجر ( أولسنا محقان ؟ في النهاية جميعنا نعاني من اجل سبب واحد ، وهو مرضها وديون علاجها وفوق ذلك هي لا يعجبها الحال )

( إيمانويل هل أنت بوعيك ؟ كيف تستطيع أن تحدث أختك هكذا ؟ ) اخيرا تكلمت أمي

( ماكنزي تعرف أنها في عداد الموتى أصلا ) لا يزال يردد هذه العبارة

عانقت أختي بقوة لاغمرها بحبي خوفا عليها من التأثر بكلامه ( لا اصدق ماأسمع منك بالذات ، لا أصدق انك عديم الضمير لهذا الحد ، ألهذا لم تكن تأخذها للعلاج ، و أخبرت أندرو بانها هي التي رفضت الذهاب ، لقد كنت أرسل إليك مبلغا محترما كل شهر من أجلها ، لقد وثقت بك رغم كل شيئ فانت كنت تحب اختك الصغرى )

( أتعرف ماذا أليكساندر ، والدكَ ماتْ ، وكذلك ستموت ماكنزي ..فلمالا تستسلم وتتركها ترتاح كما تريد ..لاتعذبها أكثر ..دعها تموت بسلام)

( سوف أقاتل من أجلها وستعيشْ رغما عنك وعن جميع من ينتظر موتها )

قالت أمي مصدومة وقد خاب ظنها كثيرا( حتى الان لقد كنت أحميكَ ، لقد تقبلت امر زواجك من هذه المرأة ..لكنك تخطيت حدودك كلها ياإيمانويل، قلت لنا أن أليكس لم يرسل لك المال سوى مرتين ..وكان مبلغا ضئيلا ، لقد قلت أن أخباره إنقطعت وأخر ماقاله أنه سيستقر في لندن مع حبيبته ، الان فهمت ..الزفاف وشهر العسل والملابس وكل شيئ كان كله مال أليكس المخصص لعلاج أختكِ ! كيف فعلت بها ؟ )

( ماذااا ؟ قمت بحشو كل هذه الاكاذيب عني في رؤوسهم ؟) سأفقد عقلي ، تغلغل الغضب بداخلي مثل النار ، أمسكت رأسي ومشيت نحو الباب خوفا أن أرتكب فيه جريمة

سمعته يقول ببوردة كانه يملك حجرة مكان قلب ( لماذا سأصرف الاموال على فتاة ميتة بالأصل )

بعد هذا الإعتراف صفعته أمي بقوة فامسك خده بغضب شديد ، إحمر خجلا أمام زوجته

كأنها أفسدت هيبته أمامها ( لم أسرق ماله ، أنا فقط أخذت حقي ..لا تنسي أنه حرفيا باع كل شيئ كان لدينا من أجل علاجها ، أنظري حولك ماتزال فقط الجدران لم يقم ببيعها )

وضعت أمي يدها فوق قلبها وصرخت مجروحة ( إخرج ..إخرج حالا من منزلي وخذ هذه البائسة معك ، انت لا تستحق أن تكون إبني )

إبتسم بتسلية ( هل تطردينني يا أمي ؟ ) كأنه يعتبر جل الامر لعبة

قالت أمي مكسورة القلب ( أنت لم تترك لي أي خيار .. غادر من هناَ )

وقف في وجهها وقال بنبرة حادة لم يخجل من أن يستعملها أمام المراة التي أنجبته ( فلتعلمي إذن ..هذا المنزل لم يعد ملك لكي أو لأبي .. إنه منزلي الأن )

( ماذا تقول ياإيمانويل ؟) إستند أرون على الجدار لأنه لم يتحمل مايجري الأن ، إنه ليس قويا مثل ماكنزي ، إنه أكثر مثل تاماني قلبه رهيف وحساس

( هذا صحيح .. لقد رهنته من أجل مبلغ من المال بعد مغادرة أليكس ، ثم دفعت قسطه وسجلته على إسمي وإسم جيسيكاَ)

لا أعرف وصلت إليه لأمسكه من قميصه ورفعته لمستواي ( أيها الحقير كيف سمح لك قلبك ، كيف تجرأتَ أن تفعل ذلك بنا ؟ )

قال مبتسما ببغض ( أليكساندر أفضل شيئ قد تفعله الان ، هو أن تنقلع من هنا ، أنت وحبيبتكَ هذه ، أنا لا اريد رؤيتك مجدداً هنا ، اغرب عن وجهي ولا تعد أبداً )

( لا يمكنك أن تطرده من منزل والده) قال أرون وهو على وشك الإنهيار ، شحب وجهه كثيرا ، أما ماكنزي فهي تجمدت مكانها وهي تحرك وجهها معارضة وتاماني تعانقها بصمت ، وأمي تبكي بصمت غير قادرة على تصديق أن الشخص الذي يفعل هذا يكون إبنها ..يكون أخي من لحمي ودمي

إنتفض جسد أرون بقوة فوقف بجانبي وحدث إيمانويل بحدة وهو يرتعش ( لقد أذيتنا بمافيه الكفاية ، لن أسمح لك أن تؤذي أليكس أيضا ، لن أسمح لك أن تطرده من منزله ) ضغطت على كتفه لأهدئه وأطمأنه أني لن أذهب لأي مكان

( إستيقظ ايها الابله ..هذا لم يعد منزل والدكم ، هذا منزلي ومنزل جيسيكاَ .. على كل حال .. ربما عليك أن تغادر معه ..ساحتاج لبعض المساحة فحماتي قادمة لتعيش هنا برفقتنا )

( هل تستقبل حماتك وتطرد أخوك ؟؟ ) نظرت أمي في عينيه متعجبة ، لقد خشيت أن يرافع ضغطها

قالت وهي تقف بين وبين أرون ( أنا لن أسمح لك بطرد ولداي ياإيمانويل )

( راقبيني ، أولا الغرباء ) كان سيمسك تاماني ليلقيها خارجا فوقف ارون في وجهه

( لا تفعل هذاَ ) قال مستعملا جسده كحاجز فدفعه بقوة نحو الباب ( كما قلت ..انت أيضا ستذهب معهما)

( إيمانويـــــل ، عد لرشدك الان ) صرخت عليه أمي مجددا فقال بعصبية ( ياأماه ..أنت تستطيعين البقاء لتعتني بماكنزي فرغم كل شيئ أنا لن أطردها للشارع ، سارحمها بسبب مرضها ..على كل حال ، لدي مشروع جميل يخصها مع أندرو )

( أنت لست ولدي الذي إنجبته ) إنفجرت امي بالبكاء فجاء صوت إمراة من خلفنا جميعاً

تقول ( لا تقلقي ..أنتِ أنجبته ..وانا ربيته ) فنظرنا جميعا للخلف لنرى والدة جيسيكا ومعها حقائبهاَ

( الان اصبح الامر منطقي ) همست تاماني فإتجهت انظار إيمانويل نحوها مجدداً وأعتقد ان ماكنزي عرفت بما كان يفكر فقامت بعانقهاَ ..وحمايتهاَ

( أنا هي سيدة المنزل الان ) نظرت حولها ببعض الإزدراء ( كان يمكن أن يكون أسوء ..لكن بعض الإصلاحات ستفي بالغرض ، إنها منطقة جميلة وقد لطالما كان يملك روبرت ذوقا جميلا ..عدى في إختياره للنساء ! )

ركضت جيسيكا لها وعانقها ( أرأيت ياأمي ..قلت لكي بأن إيمانويل سيوفر لنا مكانا نعيش فيه)

إقترب من حماته المهووسة بأبي حتى وهو ميت وإنحنى ليقبل يدها مكرا بأمي ، ثم فتح لنا الباب على مصراعيه وقال بنبرة مجردة من العاطفة وعينيه تتوهجان كرها ( أخرجو جميعكم من منزلي حالا ..أو ساتصل بالشرطة )

أتقف معه في هذه النقطة ، يكفي حتى الأان ..يكفـــي ، هذا كثيرا على مشاعرهم المجروحة حملت أختي بين ذراعي وقلت ( هيا أمي ..أرون لنذهب )

كانت تاماني تمسك ذراعي محاولة أن تدعمني عاطفيا ، بينما سألتني أمي مرتبكة ( أين ستأخذناَ ؟ ليس لديك مكان لتأخذنا إليه أليكس ، هذا هو منزلنا فكيف سنتركه ؟ )

( أنا لن أدعكم هنا تحت رحمة هاؤلاء السفلة ، هيا إجمعوا أغراضكم )

وقف إيمانويل في طريقي ومد يده نحو ماكنزي التي ترتجف بين ذراعي ( ماكنزي لن تذهب لأي مكان معكَ ..دعهاَ )

نسيت بانه أخي وضربته برأسي فسقط على الأرض لتطرش دماء أنفه ملابسه

( إن كنت تظن انني ساتركها هنا لكي تعطيها لأندور مقابل مبلغ من المال ..فأعد التفكير مجدداً، للأسف مشروعك لن يتم ، عليكم اللعنة جميعاً )

صرنا في الخارج وهو ظل يقف أمام الباب ، شاهدنا برضا جميعا نقف خارج منزلنا وراح يبتسم كأننا أعدائه ثم صفع الباب في أوجهنا تاركا أمه وأخويه متشردين


اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس