عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-21, 11:41 PM   #61

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الرابع
*ما وراء الحَكَايا..!*
كان ياما كان.. في سالف الأوان
فازت رغبة طمع .. والمَيْل للرئاسة
والروح لآخر تهفو.. فَوقَعَت بالتعاسة
وها هي البريئة.. تُساق إلى النخاسة
والشهم حان دوره.. وتَصدى للحراسة
خانعة أو وفية.. للاستضعاف ضحية
كالركن الثابت صارت.. تتعذب بالكِياسة
وفتاة بالحقد ضَلَّت.. ولِوهم كاذب وَلَّت
ومحاولة تلو أخرى.. فَتظفُر الانتكاسة
ولأجل القربى تدفع.. وبكل قوة تقنع
تتغاضى عن خيانة.. ولا تنقُصها الفِراسة
***

عيناه في عينيها تغرق..
وقلبه كما قلبها يرقص طربًا؛
نفسه تهفو إليها بلهفة..
ونفسها تشتاق إليه بتحسُّر؛
اقتربت منه برقتها المعهودة وعينيها السوداوتين اللامعتين قائلة باشتياق:
_كيف حالك رمزي؟
لم يستطع الحصول على رد مُناسِب سوى النَهل من ملامحها التي اشتاق إليها..
بالرغم من عدم مُفارقتها إياه؛
فصورتها لا تبرح حافِظته، لا يستطيع نومًا إلا بعد الشبع من ملامحها.
_ألن ترد عليّ حتى؟
أغمض عينيه يبغي ارتواءًا من صوتها الذي حُرِم منه منذ ستة سنوات..
حتى عندما رآها داخل مصعد الشركة منذ بضعة أيام تهرَّب مُسرِعًا قبل أن تتهرَّب هي منه!
_أعلم أنك غاضب مني.
"مُتزوِجة!"
فتح عينيه يؤكد لها صحة تخمينها، والغضب ينضح من ملامحه..
_آسفة رمزي.
"لديها طفلة!"
_أتعذَّب رمزي.
"زوجة ذلك القميء الذي يعمل هو تحت إمرته"!
_ماذا تريدين مني رِهام؟
والصيحة التي أطلقها جعلتها ترتد إلى الخلف على الفور وبلحظة اجتاحه الندم..
إلا هي!
إلا رِهام!
لا يستطيع إخافتها؛
لا يستطيع رؤية حُزنها..
حتى بعدما غدَرَت به وبحبهما منذ أعوام كي تتزوج ذلك الثري الذي يُكافِئها ماديًا واجتماعيًا؛
بِعكسُه هو..
كان لايزال حديث التخرُّج يلهث هنا وهُناك من أجل وظيفة براتب لا يكاد يكفي شيئًا..
وهي أعطته وعودها!
"سأتحمَّل يا رمزي."
"سأصبر حتى تصير مُستعدًا."
"سأنتظر حتى نجتمع سويًا."
"لن أكون يومًا لغيرك رمزي."
"لن يتملك قلبي سواك."
وفي يوم واحد ارتدت حلقة لا تحمل اسمه فَنَكَثَت عهودها جمعاء!
لم تتحمل ولم تصبر ولم تنتظر؛
أصبحت لثائر الجوهري قلبًا وقالبًا ليكون زوجها بدلًا منه!
يومها اجتاحته ثورة عارمة للمرة الأولى فكاد أن يقتحم فيلا أهلها، لولا أن تميم كان يتبعه فأنقذه من تهور كاد يودي بمستقبله، حتى أنه أوصد عليه باب غرفته وبات ليلته أمامها كي يتأكد من أنه لن يعيد الكَرَّة!
_أنا نادمة رمزي، أنا نادمة على هجرانك، أنا تعيسة ولا أستطيع تحمل الابتعاد عنك أكثر.
وتعالت دقات قلبه وهو يرى صدق اعترافها داخل عينيها، لكنه سخر منها معلقًا:
_زوجة ثائر بِك الجوهري تعيسة؟! يا للغرابة! هل فشلت أمواله ومكانته في إسعادِك؟ رِهام هانم!
غمغمت بِقهر دامعة العينين:
_أكرهه رمزي، أكرهه ولم أحبه يومًا واحدًا، لم أحب سواك مُطلقًا!
اتسعت عيناة في صدمة واضحة ثم سألها بذهول:
_هل تهذين يا رِهام؟ هل .....
قاطعته بسرعة تتوسله بعينيها قائلة:
_سأتطلق منه رمزي، سأتطلق منه وسنتزوج!
فغر فاهه دهشة وانتفض قلبه يرقص طربًا، حبيبته تُخبِره أنها ستُصبِح حرة وتتزوجه!
ازدرد لُعابه مُعقِّبًا بتساؤل:
_وابنتك؟!
وبلا لحظة تردد واحدة أجابت مُسرِعة:
_ سآخذها منه في البداية كي أعذبه، لكنني بالأصل لا أريدها! لا أريد أي شيء يُذكِّرني به وبالجحيم الذي أعيش به منذ سنوات.
انعقد حاجباه بدهشة وهو يسألها بخفوت:
_في البداية؟! أتعنين أنكِ ستتركينها له؟
هزت كتفيها وهي تهتف بنزق:
_هي ابنته أيضًا، والدته تهتم بها وتحبها وتحافظ عليها أكثر من أي شخص، لا أريد سواك رمزي، أنا أكره نفسي بسبب ابتعادنا، أكره حياتي التي خلت منك، أريد نسيان كل ما حدث دونك، هذا الفراق يقتلني رمزي.
حدَّق بها بصدمة وهو يتساءل بلا تصديق هل ستترك كل شيء خلفها من أجله تلك المرة؟
المستوى الرفيع، السُلطة، الأموال الوفيرة؛
والطفلة الوحيدة!
وبوادر تمرد جمحت تهوره الذي يندفع تجاهها خلف قلبه اللاهث من أجلها وحدها، ليرسم بُرودًا زائفًا بعينيه وهو يُعلِّق بقسوة:
_أنتِ لا تعلمين أنني سأتزوج بعد أقل من شهرين رِهام؟
والملامح البريئة ذهبت؛
والنظرة الحالمة وَلَّت؛
والتحدي ظهر مُشوبًا بالثِقة.. وأنانية مُتخابِثة!
لتقترب منه قائلة دون مراعاة لوقوفهما بمكان عام وعلى بُعد مسافة قليلة من مقر عمل.. زوجها!
_أنتَ لا تستطيع حب غيري رمزي، قلبك هذا يخصني وحدي.
والتحدي لم يكن ينقصه أيضًا وهو يُردد بتشديد لا ينفي حبها:
_وبالرغم من ذلك سأتزوج من أخرى رِهام، سأتزوج من أخرى أثق بها وأعلم أنها لن تتركني يومًا، وأعلم أنها أقوى من كل المغريات، والانبهارات!
والنظرات التحمت لثوان عاد بها الإثنان سويًا إلى ذكريات بعيدة..
حيث بدأت القصة كلها.. بنظرة!
في الجامعة كان هو الوسيم اللبق الذكي؛
وكانت هي الجميلة المُذهِلة ابنة الثري؛
حُلم كل شاب كانت..
لكنها لم تحلم إلا به هو!
وتقرَّبت منه بحجة واهية..
مُحاضرات مفقودة وذاكرة دراسية ضعيفة..
فعرض عليها بشهامة مُساعدة نالت استحسانها؛
والمُساعدة أصبحت دائمة؛
في الجامعة، في الهاتف، وفي مطعم هادىء بعيدًا عن زملائهما!
لتعترف هي بحُب ظنه مُستحيل..
ثم أَطلَقت العهود!
كانت أيام سعيدة برغم ضعف حالته المادية..
لكنها لم تسعد يومًا سِوى معه!
حتى أُزيحت الغشاوة و بدأت تزِن الأمور بطريقة أكثر عقلانية.. وأقل عاطفة!
ثم شرعت بالابتعاد فجاءها أبوها بالبشرى:
"ثائر الجوهري يريد الزواج مِنك!"
وكانت الصدمة!
واستحال انبهارها إلى سقطة!
ثائر الجوهري!!
خليفة أبيه بالشركة، وابن صديق والدها!
الثري، الوسيم، القوي؛
اختارها هي؟!
لتُنحِّي رمزي جانِبًا قليلًا وتقبل بالتعرف على ثائر..
وتوغَّلَت بالسقطة!
وراقها الأمر!
فزادت في الابتعاد وهو لا يدري بِم أخطأ، حتى قابلته يومًا بالعبارة الشهيرة:
"أبي أجبرني أن أتزوج ابن شَريكه وأنا لا أستطيع الرفض، اعذرني رمزي وسامحني!"
وغرقت بالسقطة!
وعلِم وقتها أنها كاذبة!
فرِهام كانت تتفاخر دومًا بأنها مُدللة أبيها، وطالما أخبرته أنه لا يُجبرها على أي شيء بعكس شقيقتها!
وصور عُرسهما التي انتشرت على شبكة "الإنترنت" تفضح فرحتها.. أثبتت له كذِبَها!
أيام حزينة، وصدمة لا يصدقها؛
والداه يراقبانه بحسرة وعجز وهو يُعاني حِرمانه منها بينما تنهل هي من سعادتها مع ابن الأثرياء؛
وبعد عام علِم أنها أنجبت!
وبعد ثلاثة أعوام جاءته فرصة عمل بالشركة عبر البريد الإلكتروني، ليكتشف بعد أسبوع أنها تخُص غريمه، فيضطر إلى مُراقبته بِحِقد يوميًا وهو يعلم أنه سيعود لتستقبله حبيبته هو!
وعاد من ذكرياته لِيُطالِع دمعاتها المُترَجِية..
وبامتعاض أصرَّ على التمسُك به حدَّق بها قائلًا:
_لا تأتِ إلى هنا مرة أخرى، أنتِ لا تريدين المُخاطرة برؤية زوجك لنا معًا، وأنا أيضًا لا أريد المجازفة بوظيفتي، فكما تعلمين أحتاج لراتبي كي أتزوج.
وببرود برع حقًا في التظاهر به تجاوزها وانصرف، فانسابت دمعاتها قهرًا وحسرة وندمًا، وقلبه هو لا يتوقف عن الارتجاف.
**********
"افتحي الباب سُهيلة!"
صاحت بها عبلة وهي تعد الطعام بالمطبخ، فارتدت سُهيلة إسدالها وقامت بِلَف حجابها حول رأسها بعشوائية أثناء انطلاقها إلى الباب الذي لم يتوقف جرسه عن الرنين...
فتحت الباب لتتسمر مكانها ويشحب وجهها، بينما لم يبد على الزائر أي تأثر وهو يرمقها بهدوء لم يستطع منع الغضب به.
نفس الامتعاض، نفس الحِقد؛
نفس السُخرية المُقيتة؛
وكان هو يرمُقها بدوره، ليُطالع..
نفس الغرور، نفس البرود؛
ويُقسم أنه يكاد يرى حِدَّة لسانها!
ازدردت لُعابها والتوتر يتمكن منها، يدها لاتزال على المقبض ولم تتفوه بحرف، وهو يقف بمنتهى "التهذيب" مُنتظرًا!
"من بالباب يا سُهيلة؟"
هتفت أمها بالعبارة وهي تخرج من المطبخ لِترى ابنتها مُتخشبة أمام الباب، تطلعت من خلفها بفضول ثم ارتخت ملامحها فجأة هاتفة بترحيب:
_تميم!
لكنها عادت بنظرات متوجسة إلى ابنتها وهي تشعر بالقلق ينتشر في الهواء المُحيط بِهما لتدعو سِرًا أن يمر اليوم على خير..
وانمحى هدوؤه المُبالَغ به وذهب الاشمئزاز بعيدًا وهو يبتسم بسماحته المعهودة قائلًا:
_مرحبًا أم سُهيلة!
واسمها الذي انطلق من بين شفتيه أخرجها من جمودها ليثير بلحظة غضبها..
رَحَبت به عبلة بابتسامة بشوشة وهي تدعوه إلى الدخول قائلة:
_تفضل تميم، كمال نائم سأوقِظه.
أسرع تميم قائلًا :
_لا، لا توقظيه، لقد أصلحت الحاسب الآلي، سأقوم بتركيبه وسأنصرف.
هزَّت عبلة رأسها برفض وبان التصميم على ملامحها وهي تُشدد:
_لا يا تميم، ستتناول طعام الغداء معنا.
ثم أشارت إلى ابنتها قبل أن يكرر رفضه قائلة:
_هيا سُهيلة ساعديه حتى تصل يُسْر.
بان الرفض عليها لكنها تمسكت ببعض التهذيب مُشيرة بكفها إلى إحدى الغرف ضاغطة على حروف كلماتها الساخرة:
_تفضل "عمي" تميم!
انمحت سماحته على الفور لينظر إليها بحنق مُختلِط بالحقد وهو يتقدمها حاملًا الحاسب الآلي فتتبعه هي صاغرة.. مغتاظة.. متجاهلة دقات قلبها المتوترة!
**********
بخطوات مُتثَاقِلة صَعَدت رِهام إلى جناحها بعدما تجاهلت توبيخ حماتها المُعتاد بشأن إهمالها لابنتها.. لابنة سجانها!
سجانها الذي استبدلت به حبيبها فلم تذُق طعم العِشق بعده مُطلقًا..
حبيبها الذي يكسر قلبها الآن وهو يُخبرها أنه سيكون لِغيرها؛
ستتجرع كئوس الألم التي تجرعها هو؛
ستُمزق نياط قلبها الغيرة مثلما فَعَلَت به هو؛
ستتخيله مع أخرى ستصير من حقه بعدما حرمته من حقه بها!
ألا يأتيها الموت الآن ليُريحها من عذابها؟
ألا تنتهي حياتها فينتهي معها بؤسها؟
وعلى ذِكر العذاب والبؤس انطلق السؤال من أحد أركان غرفة الاستقبال الفخمة بالجناح ما إن فتحت الباب وولجت:
_أين كنتِ زوجتي؟
أجفلت وسلسلة مفاتيحها تسقط من يدها بارتباك لحِق بنظراتها فاختلط بالدهشة وهي تسأله:
_ثائر؟! لِمَ عُدت بهذا الوقت؟
ونظرته الجامدة المُدققة زادت في توترها وهو يُنزِل إحدى ساقيه من فوق الأخرى ويستقيم ببطء مُتجهًا إليها..
وقف أمامها فتهرَّبت بعينيها منه وهي تشعر أنها أمامه مفضوحة!
تشعر أنه يرى ما وراء خوفها؛
ما وراء حكايتها!
_هل عليّ أن أُبرر لكِ عودتي إلى بيتي في الوقت الذي أرغب؟ أو عليّ أن أُبرر سبب حضوري دون إخبارك؟
وازدردت لُعابها وهي تنظر له أخيرًا بتردد فتابع بخفوت يُخيفها أكثر من ثورته:
_أم هل عليكِ أن تُخبريني أين كنتِ دون عِلمي وسبب صرفِك السائق؟
وبصوتها الهادىء الذي أصبح في تلك اللحظة مُرتعِبًا أجابته بتردد:
_لقد.. لقد شعرت بالملل ورغبت بالتمشية وحدي قليلًا.
حدَّق بعينيه العسليتين في عينيها بنظرة ميتة مُعقِّبًا:
_فقط؟
أومأت برأسها إيجابًا بسرعة مُرددة:
_فقط!
تراجع إلى الخلف ينظر إليها ببرود وهو يضع يديه في جيوب بنطاله مُتسائلًا:
_وما سبب شعورك بالملل رِهام؟ هل وسائل الترفيه هنا غير كافية؟
هزَّت رأسها نفيًا ثم بحثت عن عُذر واهِ قائلة:
_لا.. لكن..
فقاطعها بهدوء هاتفًا:
_لقد عرضت عليكِ مِرارًا أن تعملي بالشركة، أبوكِ له نصيبًا بها على أية حال، أم أن هناك ما يمنعك من العمل معي بنفس المكان؟
ومالت شفتاه في شبه ابتسامة ساخرة مُردِفًا:
_يا زوجتي!
أشاحت بوجهها بعيدًا ثم قالت ببرود:
_أنا.. أنا لا أحب فكرة العمل بالشركة.
ارتفعت ضحكة نادرة منه ثم سألها بسُخرية:
_وما هي الأفكار التي تحبينها رِهام؟ هل تحبين الاهتمام بابنتك مثلًا؟ هل تحبين السؤال عن يومها؟ هل تحبين معرفة تطورها دراسيًا ونفسيًا؟
هنا انفجرت أخيرًا وهي تنظر له بِغِل بدى مُتناقضًا مع ملامح وجهها التي تعطي انطباعًا بالبراءة..
لكنه وحده من يعلم أنها.. مُزيفة!
وحده يعلم أن هناك رِهام آخرى تخفي الكثير والكثير مما لا يتخيله أحد!
_وهل تعرف أنت؟! لا تحاول اتهامي بالإهمال ثائر، لأنك في ذلك الجزء أكثر مني مهارة.
مط شِفتيه ببرود وهو لا يُنكر_متعمدًا_ اتهامًا وجهته إليه ثم تحدث بهدوء:
_أنا أسافر معظم الوقت، وعندما أعود أغرق بين أعمالي، ولا أجد وقتًا لالتقاط أنفاسي.
ثم اقترب منها ثانيًا مُتسائلًا بخفوت:
_ أخبريني أنتِ ماذا تفعلين طوال اليوم سوى التحسُّر على الماضي الرائع المفقود والشكوى من الزوج الظالم الذي بُليتِ به؟
ابتسمت بسُخرية مُتسائلة وهي تُحدِّق بعينيه:
_وهل تجدني مُخطئة؟
منحها اشمئزاز ًا لطالما رافق نظرته إليها في السنوات الثلاث الأخيرة، ثم قال:
_لقد عرضت عليكِ الخلاص كثيرًا فرفضتِ، أتُحبين أن أُعيد ذلك العرض ثانية؟
رَفَع أحد حاجبيه وهو يُشدد على كل كلمة ببطءه المثير للأعصاب:
_حسنًا رِهام هانم! أنا على استعداد أن أطلقك في الحال وسأعطيكِ كافة حقوقك وأكثر، سأعطيكِ كل ما تطلبينه، بشرط أن تتنازلي عن حضانة ابنتي.
زفرت وهي تضحك بسُخرِية قائلة:
_ما هذا الحنان الأبوي ثائر؟! لا يليق بك على الإطلاق!
ويبدو أنها تمادت قليلًا حيث انمحت ملامحه الهادئة لتحُل الأخرى
المُرعبة.. المُرهِبة؛
والتي أثبتت لها يومًا مدى استحقاقه لاسمه؛
فإن كان يعتمِر قُبَّعة البرود.. تعلم هي أنها تخفي تحتها غضبًا حارِقًا..
وإن كان يرفع لوحة "لا أبالي" .. تعلم هي أن الثورة بداخله.. جارِفة!
_التزمي بالتهذيب رِهام ولا تتجاوزي حدودك معي، أم أنكِ اشتقتِ إلى وجهي الآخر؟!
فشلت في إخفاء قلقها من انقلاب ملامحه جيدًا، وبخوف واضح ألقت عليه كلماتها التي درستها كثيرًا:
_أنت تعلم أن أبي لن يوافق على الطلاق، والحل بيدك وحدك.
ابتسامة بسيطة تخللت عينيه وهو يدرك فحوى القادم كما خطوط كفه، لكنه تظاهر بالاهتمام قائلًا باقتضاب:
_اطربيني!
_باستطاعتك إقناع زيدان بأن يبيع بعضًا من أسهمه لأبي، فشقيقك لا يهتم بالشركة على أي حال، إن زادت نسبة أبي بالشركة وتأكد أنك لن تستطيع إقصاءه يومًا حينها لن يهتم بطلاقنا، وتستطيع حينها الاحتفاظ بابنتك كما تشاء.
أنهت كلماتها وانتظرت؛
وزم هو شفتيه متظاهرًا بالتفكير؛
انتعش الأمل بداخلها حتى نطق بجمود:
_ألا ترين أنكِ تتبجحين بعض الشيء حينما تطلبين مني أن أخدع أخي حتى يرضى أبوكِ؟
توترت ملامحها بينما تابع هو بلهجة بان بها الازدراء واضحًا:
_ألا ترين أنكِ تخرفين كثيرًا عندما تعتقدين أنني سأقبل بأن يفقد زيدان حقًا من حقوقه لأنكما تستغلان ظروفه النفسية السيئة بعد وفاة خطيبته؟
وارتسمت الابتسامة على شفتيه وهو يقول بخفوت، وبلهجة مُنذرة مشددة:
_عار عليّ رهام! عار عليّ إن سمحت لكِ أنتِ أو والدك بأن تطالان سهمًا واحدًا يملكه أخي دون رضاه!
تراجعت إلى الخلف بذعر ما لبثت أن نحته جانِبًا وهي تُقرر الاقتداء به هو..
لن تظل ساكنة؛
ستثور عليه وعلى والدها وعلى حياتها،
وبكل الغِل هتفت به:
_إذن سأتطلق منك ثائر، وابنتك سآخذها معي!
وبِوعيد تابعت:
_ليس لأنني أريدها بل أنا حتى لا أتحمل النظر إلى ملامحك بوجهها، لكن كي أحرق قلبك عليها، سأستمتع بغضبك وعجزك عن أن تُجبرني على إعطائك إياها، حتى زياراتك الليلية التي تقوم بها في الخفاء معتذرًا لها ستفقدها، سأنتقم منك بها ثائر.
خفقات قلبه تباطأت؛
شعور الخزي عاد أقوى؛
هذا السر على الأخص لا يحب انكشافه؛
هذا الضعف تجاه طفلته الذي تستغله هي منذ ثلاث سنوات لا يجب عليه أن يسمح لها باستغلالها إياه أكثر!
وبدون أن يُرفرِف أحدهما بأهدابه، وبدون أن يظهر عليه التأثر أو الهزيمة التي تمنتها، تابَعت بابتسامة متشفية:
_ لِذا أنت مُضطر لتحمُل زواجك مني حتى أُبدل أنا رأيي، ولا أعدك أن ذلك سيحدُث قريبًا.
لِماذا تستفزه؟! هي لا تريده!
هي تريد حبيبها.. حبيبها الذي ردَّها خائبة!
لهذا يجب عليها أن تتعلم من خطئها السابق..
لقد تركت رمزي وهرعت إلى ثائر منذ سنوات مُتوقعة الجنة ونعيمها؛
لتجد الجحيم المُستعِر مُرحِبًا بها..
ولن تكرر نفس الخطأ ثانية!
يجب عليها التأكد من وجود مرفأ آمن تقفز إليه أولًا بدلًا من أن تجد نفسها فجأة غارِقة..
ولهذا لا يجب عليها التخلي عن ثائر حتى تضمن عودة رمزي!
لكن خِصمها لم يكن هينًا وهي خير من يُدرك ذلك..
قابلتها عيناه الساخرتان وهو يُخاطِبها بخفوت أثار التوتر بجسدها:
_لا ترهقي نفسك! فقد بدلتُ أنا رأيي ولم أعد أريد تطليقك، مُبارك! لقد علِقت معي إلى الأبد!
وانصرف إلى الخارج لتظل هي مُحدِّقة بالباب مذعورة!
**********


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس