عرض مشاركة واحدة
قديم 20-02-21, 11:59 PM   #67

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع الفصل الخامس:
***
ألقى زيدان حقيبته الصغيرة بجانب باب القصر الداخلي وهو يُسرع إلى أبيه هاتفًا بقلق:
_ما بها سيلا يا أبي؟ أخبرتني أمي أنها مريضة.
نظر له أبوه بحزن ثم أشار إليه بالجلوس ففعل مُتسائلًا مرة أخرى:
_ماذا بها سيلا؟
زفر أبوه بقلة حيلة مُرددًا بحسرة:
_لا أعلم زيدان، الطفلة لا تكاد تتوقف عن المرض، طوال الوقت نائمة أو مُنفرِدة بنفسها، والطبيب أخبرنا اليوم أنه ربما السبب نفسيًا وليس عُضويًا.
هبَّ زيدان واقفًا وهو يصيح بغضب:
_وأين والداها أبي من كل ما يحدث؟ لماذا يُنجبانها إذن طالما سيتركانها بالبيت بلا اهتمام؟
رد أبوه بحنق واضح:
_ثائر لا يعود من الشركة سوى بمنتصف الليل لأنك أنت ترفض مشاركته العبء وتتعامل بشركتك كأنك موظفًا بها ولست صاحبها، أما رِهام فهي لدى أهلها بسبب مرض أمها.
لكن زيدان هتف بغيظ لم يخل من الاعتراض الواضح وهو يتجاهل لوم والده المبطن بِعناد:
_ألا يستطيع ثائر العودة مبكرًا قليلًا كي يرى ابنته؟! ألا تستطيع رِهام اصطحاب ابنتها معها؟! أي والدين هما؟!
لم يرد أبوه عليه يائسًا من تخطي مشاعر ضيقه من شقيقه، ليتابع زيدان بلهجة مُتوعِدة:
_أتعلم أبي، لن يفيق أحدهما إلا إذا حدث شيئ سيئ لسيلا، أوتعلم أيضًا؟! لو الأمر بيدي لأخذتها منهما ولم أسمح لأحدهما بالتطلع إلى وجهها!
بدى الشرود على وجه محمد وهو يُتمتم بخفوت:
_لا تُطلِق أحكامك جُزافًا زيدان، لا أحد يرى ما خلف السُطور!
فيهتف زيدان بإصرار:
_لا مُبرر أبي لجحود طفلتهما بهذه القسوة، لا انشغال ثائر يشفع له ولا كراهية رِهام لزوجها تشفع لها، الطفلة تحتاج أم وأب، وكلاهما لا يفكران بها.
حدَّق والده به لوهلة في صمت، ثم تمتم بحزن:
_ستبقى إلى الأبد تفكر بالأمور من وجهة نظرك وحدك، ستبقى إلى الأبد منغلقًا، متأكدًا من صحة آرائك، غاضًَّا بصرك عما يحدث أمامك.. مُتعمِدًا!
وأردف بنفس النبرة:
_لا تلُم الآخرين على عدم مشاركتك مشاعرك بالطريقة التي تريدها طالما أنت لم تحاول مشاركتهم معاناتهم بأبسط الطرق!
ذنب..؛
الآن يشعر بالذنب؛
لماذا؟ لا يعلم؟
لكنه نفض رأسه مستجلبًا يقينًا دائمًا أنه لم يظلم، ولم يُخطىء، ولم يُهمِل!
وبِعَرجه البسيط صعد إلى الأعلى طاردًا كل هذه الأفكار غير المرغوب بها، ثم التقط هاتفه عابثًا به قليلًا حتى جاءه صوتها الـ.. باكي، فهتف بذعر:
_ماذا بكِ رَغَد؟ هل والدتك بخير؟
حاولت التحكم في ارتجافة صوتها لِترد بنبرة ضعيفة:
_نعم زيدان أصبحت حالتها أفضل.
جلس على فراشه ثم سألها بِقلَق:
_لِمَ تبكين إذن؟
مَسَحت دمعاتها ثم ردَّت بصوت مُتحشرِج قليلًا:
_لا شيء، أخبرني هل تحدث معك باسل؟
ظهر على وجهه علامات التفكير ثم الاستغراب قائلًا:
_لا لم يحدثني اليوم إطلاقًا، وهذا أمر غريب حقًا!
بعدها استدرك بحَذر:
_لماذا؟ هل أزعجك؟
أسرعت هي بصوت مكتوم مُوَضِحة:
_لا لا، لكن.. لقد حدثت كارثة بالشركة.
عاد القلق إليه أقوى وهو يسألها:
_أي كارثة رَغَد؟
اجتذبت شهيقًا عميقًا ثم تحدثت قائلة بحيرة:
_تلك المناقصة المُتعلِّقة بالمشفى الجديد، لقد اختفى الملف الخاص بها وانمحت تفاصيلها من حاسب باسل، وإن لم نجده حتى موعد الاجتماع ستضيع منا تمامًا!
عقد حاجبيه بدهشة وهو لا يستوعب معنى عبارتها مُستفهِمًا:
_ماذا تعنين أن الملف اختفى؟ ربما وضعه باسل بمكان ما ونسى، ألم يُراجعوا آلات التصوير؟
استطاع سماع الحيرة أشد بصوتها وهي تُجيبه:
_أنت تعلم أن باسل دقيق جدًا بهكذا أمور، وقد راجعوا الآلات بالطبع ليكتشفوا أنه تم تعطيلها عن قصد بوقت السرقة! وباسل أخبرني بذلك عندما كان يُحدثني للتو، و...
استوقفها بضيق هاتفًا:
_لحظة! أتبكين بسبب ذلك؟ هل عنفِّك باسل؟ هل جُن؟!!
أسرعت بنفي تحول إلى حزن شديد لَمَسه في نبرتها الرقيقة.. الضائعة:
_لا بالطبع.. لكن.. أنا مُرهَقة جدًا زيدان، أشعر بتعب وضياع وصدمة، المصائب تتلاحق على رأسي وأشعر أنها لن تنتهي.
ثم أردفت بحزن أكبر:
_كما أنني كنت أحدث سيدة ابتسام وأخبرتني بحالة سيلا.
وتابعت بصوت دامع مُتحسِّرة:
_زيدان أكاد أموت قهرًا على حالتها، لماذا يحدث كل ذلك؟ لماذا كل هذا العذاب لها بلا ذنب؟ إنها طفلة!
التزم التعقُّل وهو يحاول تخفيف الأمر الذي يثير غضبه هو شخصيًا قائلًا بحِكمة:
_رَغَد! اهدئي قليلًا، يبدو أن المشاكل أثرت بكِ بِشدة، بالنسبة لسيلا أنا سأتحدث مع ثائر بشأنها وأنتِ أيضًا يجب عليكِ تنبيه رِهام لما يحدث لِطفلتها.
لم يستطع بالطبع رؤية ابتسامتها الساخِرة التي اختلطت بالحسرة وهو يُردِف:
_وبالنسبة لذلك الملف لا أعتقد أن ثائر وباسل سيكتفيان بالمشاهدة والتسليم.
ثم تابع مازحًا كي يُغير مزاجها:
_أنا الآن أشعر بالشفقة على اللص عندما يتم كشفه، سيجعله ثائر يكره اليوم الذي وُلِد به.
وعندما لم تستجب لِمزاحه استكمل بهدوءه المُحبب:
_لا تجزعي رَغَد، إن شاء الله ستُحل جميع الأمور!
همهمت بشرود فاكتنفه شعور عارم بالضيق؛
فبالإضافة إلى انزعاجه بسبب السرقة، وحالة ابنة شقيقه، أدرك أنه لا يحتمل بكاءها.. بكاء رَغَد!
جميلة، مرحة، دائمة الابتسامة؛
حنونة، مُهتمة، مرهفة الحِس؛
ولا يحق لها الحزن!
وعندما انتبه إلى مسار أفكاره الغريب واحتلته رغبة في إطالة المكالمة اكتشف أنها قد أنهتها منذ آخر عبارة ألقتها بالفعل!
**********
"أريدك أن تتأكد من أخلاقها جيدًا، ويجب أن تمتلك خبرة سابقة بالتعامل مع الأطفال، ولتُشدد على أنها ستصطحب سيلا إلى تدريبات السباحة بالنادي كل أسبوع، أعطها عنوان الشركة وأخبرني بالموعد لأقابلها بنفسي!"
أنهى ثائر مكالمته مع سُليمان سائق العائلة وهو يشعر بقلق شديد جراء إقدامه على هكذا خطوة قام بتاخيرها كثيرًا كي لا يثير انتباه أفراد عائلته..
لكنه اليوم لم يعد بحاجة للانتظار؛
فها هي الأمور تسير حيث أراد أخيرًا؛
وها هي الخائنة قد منحته حضانة ابنته على طبق من فضة!
لقد قَامَرَت على حبه لابنته لسنوات وابتزته بها؛
حان دوره الآن ليراهن على مدى حبها لذلك اللص!
أطلق زفيرًا طويلًا؛
مرتاحًا كما لم يكن منذ سنوات؛
وأعاد تشغيل المقطع..!
هذا المقطع الذي يراه الآن ككأس من الذهب على صبره؛
يراه كجائزة لا أحق بها سواه!
عندما وجد الصورة أدرك أن ذلك الموظف ما هو إلا حبيب زوجته الغائب الحاضر قام على الفور باتخاذ خطوة احتياطية سابقة؛
توفيق من ربه أن سارع بنصب الشباك له!
كان يتوقع أنه سيستمع إلى سباب لا ينتهي عنه بين ذلك الموظف وبين زملائه فيمنحه سببًا لأن يطرده من الشركة دون أن يراه الجميع بصورة رب العمل المفتري!
لكنه كان على موعد مع مفاجأة أقوى؛
وهدية هي الأثمن على الإطلاق!
ضاعت مناقصة المشفى.. لكنه فاز بطفلته؛
وطفلته لا يعادلها الشركة بما فيها!
أغلق هاتفه بسرعة مع اندفاع باسل المستشيط غضبًا منذ الصباح، والذي صرخ بجنون:
_أكاد أن أُجن ثائر، الملف وضعته بنفسي على مكتبي وفجأة اختفى، وآلة التصوير اختارت ذلك الوقت بالذات لتتعطل!
ثم أخذ يدور بلا هدف أمام مكتب ثائر الذي يجلس بهدوء في مقعده يُشعل قداحته كي يُدخن إحدى سجائره في صمت خانق واستمتاع فائق، ثم التفت إليه صائحًا بحنق:
_ألم يكن المهندس هنا للصيانة منذ أيام يا ثائر؟ ما هذا الإهمال؟!
وتابع هادرًا:
_من يمتلك من الجرأة على أن يلج إلى مكتبي ويسرق هذا الملف بالذات ثم يمحو البيانات المتعلقة به عن آخرها؟!
وأردف هائجًا:
_من يعلم بكلمة السر الخاصة بي في الأصل؟!
وببروده المُثير للأعصاب ظل ثائر صامتًا بعض الوقت ساحبًا شهيقًا معبئًا بالتبغ..
بِروية؛
ببطء؛
وعلى مهل؛
وعندما أوشك باسل على طرق رأسه بالحائط غيظًا وكمدًا، ردَّ ثائر أخيرًا وكأن الأمر لا يعنيه على الإطلاق:
_اهدأ باسل، إنها ليست المناقصة الأخيرة بالعالم ، لا تنزعج!
مال باسل على مكتبه هاتفًا بغيظ وعيناه من خلف عدستي نظاراته مُحمرتين غضبًا:
_أقسم ثائر إن تعرضت لجلطة ستكون بسبب برودك ولامبالاتك أنت وشقيقك الذي لا يلقي بالًا لهذا المكان، لدينا لص بالشركة وضاعت منا مناقصة بهذه الأهمية وزيدان بك عاد إلى القصر بدلًا من أن يشاركنا هذه المصيبة بينما أنت لا تُبدي أي اهتمام!
نفخ ثائر دخان سيجارته في وجهه بتمهل قائلًا:
_ماذا تريد مني أن أفعل باسل؟ زيدان قاد السيارة لساعات ويجب أن يرتاح قليلًا، كما أنك تصرخ وتصيح منذ ساعات، هل استطعت العثور على الملف؟!
استقام باسل وهو ينظر له بذهول جاذبًا شعره بقهر صائحًا:
_يا إلهي! كيف أتحملك؟! كيف أتحمل هذا الصقيع المُحيط بِك؟
ثم أردف بتوعُّد :
_أتعلم؟! ربما أنا سأقدم استقالتي وأسافر إلى والديّ مُحتفظًا بالبقية الباقية من عقلي!
وما إن أنهى باسل عبارته حتى اندفع إلى الخارج صافعًا الباب بعنف بالغ كاد أن يتسبب في سقوط إحدى اللوحات المُعلَّقة على الجدار!
وبالطبع لم يهتم ثائر الذي شرد للحظات ثم التقط هاتفه من فوق سطح المكتب وعبث بشاشته قليلًا قبل أن يضعه على إحدى أذنيه، وعندما أجاب الطرف الآخر رد ثائر بكل هدوء:
_كيف حالك أستاذ رمزي؟ لِمَ لم تأتِ إلى العمل اليوم؟
والاستغراب بنبرة رمزي كان واضِحًا وهو يسأله:
_من يتحدث معي؟
ابتسم ثائر بسُخرية مُستفهِمًا باستنكار مُفتَعَل:
_هل نسيتني؟! ألم أخصم منك يومًا لهذا الشهر؟! ألا تتعرف صوت رب عملك يا رجل؟!
وبلحظة مَحَى ابتسامته وهو يُتابع بنبرة مُتعجرِفة اتسمت بنذير مُرعِب:
_أنا ثائر الجوهري أستاذ رمزي، وأنت قد أخذت شيئًا يخصني دون إذني.
ثم أردف بسُخرية:
_ وأنا الآن_حقًَّا_ منزعج!
والطرف الآخر تباطأت دقات قلبه بالرعب المُتوقع..
هل علِم؟
هل علِم بعلاقته المُرتَقَبة مع زوجته؟
هل رآهما سويًا؟
هل أخبرته شقيقتها؟
وعندما عثر على صوته سأله بنبرة مذعورة:
_مـ..ماذا تقصد؟
وثائر كان يُدرِك تمامًا فن التلاعُب بالألفاظ والإيحاءات، وكان يتسلَّى الآن بالتخبط الذي يفضح صوت رمزي..
لِذا فقد تابع ببرود:
_ذلك الملف الذي تجاسرت وقمت بسرقته بعد أن محوت نسخته الإلكترونية من حاسب أستاذ باسل، أنت تعلم بمدى أهميته لنا هذه الأيام بالذات أليس كذلك؟! بالتأكيد تعلم، فراتِبك تتسلمه من نفس الشركة التي تسرِق منها وتفشي أسرارها!
لم يعلم إذن بشأن رِهام!
لكنه علِم بشأن الملف..
والثقة في صوته تبدو واضحة!
ليختار رمزي اصطناع عدم الفَهم وهو يُعقِّب:
_أنا لا أفهم عن أي ملف تتـ...
قاطعه ثائر بلهجة من أوشك على نفاد صبره بالفعل:
_أحقًا ستفعل هذا؟! ستُهدر وقتك ووقتي في هُراء؟ لنختصر الحديث إذن!
والبرود ولَّى بعيدًا وهو يتحدث بقوة أثارت هلع رمزي بينما تابع:
_أنت تلاعبت واثِقًا بذكائك وقمت بسرقة الملف من مكتب باسل اعتمادًا على تعطل آلات التصوير"بالصدفة" في نفس الوقت.
والابتسامة الساخرة لم تكن لتخفى عليه وثائر يستكمل بنفس اللهجة المُريبة:
_لكنني كنتُ أكثر ذكاءًا منك واحتطت بآلات تصوير سرية بالشركة كلها منذ يومين و لا يعلم بشأنها سواي.
ثم أردف بمغزى واضح:
_فقد علمتني التجارب ألا أثق بأحد مُطلقًا مهما بانت البراءة على ملامحه، ألا تشاركني رأيي؟!
صاح به رمزي والرعب يبدو جليًا بصوته:
_هل تُهددني؟
وببطء أجابه ثائر قائلًا:
_التهديد للضعفاء رمزي، وأنا لستُ بضعيف، وكي أبرهن لك على صدقي تستطيع الآن أن تذهب إلى والدك وترى رد فِعله بعدما اكتشف أن ابنه لِص!
هتف به رمزي بصوت مُتحشرِج:
_أنت لن تفعل ذلك!
والضحكة الطويلة هذه المرة جعلت وجه رمزي يشحب وجسده يرتجف في وجل، ثم وصل إليه صوت ثائر صارِخًا بالحقد رغم خفوت نبرته:
_بالطبع لن أفعل!
واتسعت الابتسامة مُردِفًا بتمهُّل:
_فقد سبَق وفَعَلت!
**********


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس