عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-21, 12:00 AM   #68

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,605
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع الفصل الخامس:
***
"هيا سيلا، سنلعب تلك اللُعبة الآن كما نفعل دائمًا، وفي الغد سأصطحبك في نزهة حيثما تريدين."
نطقت بها رَغَد برجاء أمام الجهاز اللوحي وهي تنظر إلى صورة ابنة شقيقتها على الجهة الأخرى حيث اعتادت أن تهاتفها عن طريق المكالمات المرئية، لكن الطفلة لم يبد عليها الاهتمام المُتوقع مثل كل مرة فتابعت رَغَد:
_حبيبتي، هيا ابتسمي من أجلي.
هزَّت الطفلة كتِفيها رفضًا قائلة:
_لا أريد رَغَد، لا أريد الخروج، أفضل النوم.
ردَّت رَغَد بصبر مشوب بالحنان:
_لا يصح أن تظلي نائمة طوال الوقت، من سيستمتع بكل ألعابك إذن؟
أشاحت الطفلة بنظراتها عن عيني خالتها وهي تُصمم بحزن:
_لا أريد تلك الألعاب أيضًا.
زفرت رَغَد بإشفاق وهي تسألها:
_أخبريني سيلا ماذا تريدين وسأحضره إليكِ في التو.
أجابت الطفلة بشرود بدا غريبًا على سنها الصغير:
_أريد أبي!
أغمضت رَغَد عينيها ألمًا ثم فتحتهما تُخاطِبها بحُنُو:
_أنتِ تعلمين أنه منشغل بعمله حبيبتي، وأنتِ يجب عليكِ النوم مُبكرًا حتى تظلَّي فتاة جميلة.
ثم أردفت بمزاح:
_مثلي!
لكن الطفلة لم تستجب وهي تهز كتفيها رفضًا مرة ثانية قائلة:
_لكنني لا أريد أن أظل فتاة جميلة، أريد أبي فقط!
ابتسمت لها رَغَد برقة تخفي حُزنًا مرددة بوعد لا تثق به:
_قريبًا حبيبتي ستجدين أبيكِ وأمكِ معك.
نظرت إليها سيلا أخيرًا عاقدة حاجبيها برفض واضح، هاتفة بحنق:
_لا أريد أمي! أبي فقط من أريده، بالتأكيد أنا قمت بشيء خاطيء لهذا لم يأتِ بالليلة السابقة ليقبلني ويحكي لي قصة أثناء نومي كما يفعل دومًا، أريده أن يحضر مُبكرًا لأعتذر له.
لم تأبه رَغَد ببقية العبارة وهي تحاول استيعاب الجزء الأول منها، وظهر الذهول على وجهها وهي تُعقِّب متسائلة:
_كيف لا تريدين أمك سيلا، إنها....
قاطعتها سيلا بحزم جعلها أشبه بأبيها بالفعل، شَكلًا وطِباعًا:
_هي لا تحبني، وأنا أيضًا لم أعد أحبها.
لكن رَغَد سارعت إلى الهتاف بها بصرامة :
_لا تتفوهي بهذا الكلام مرة أخرى سيلا، لا توجد أم لا تحب ابنتها.
لكن الطفلة دمعت عيناها على الفور قبل أن تصيح بها:
_هي من قالت لي ذلك، قالت أنها لا تحب أبي ولا تحبني لأنني أشبهه، ونحن أيضًا لا نحبها ولا نريدها معنا.
وقبل أن تتخلص رَغَد من ذهولها أنهت الطفلة المكالمة لتشعر الأولى بالصدمة، ثم ما لبثت أن انتفضت مُتجهة إلى الأعلى للبحث عن شقيقتها مُجردة مشاعر الأمومة، لِتجدها جالِسة أرضًا تبكي بِشدة، ورغمًا عنها دفعتها مشاعر الأخوة تجاهها وهي تسألها بِجَزع:
_ماذا حدث رِهام؟ لِمَ تبكين؟
رَفَعت رِهام عينيها المُتورمتين إلى أختها قائلة:
_لقد علِم! لقد علِم كل شيء وسيؤذيه!
جلست رَغَد بجوارها وهي ترمُقها بدهشة مُتسائلة:
_من علِم بِمَ؟ لا أفهم! عن أي أذى تتحدثين؟
انتحبت رِهام قليلًا ثم تحدثت من بين شهقاتها المكتومة:
_ثائر علِم أن رمزي من سَرَق الملف، والآن سيُودِعه السِجن، لن نُصبِح معًا ثانية، أنا السبب، لقد دمَّرت مُستقبله مثلما دمَّرت حُبنا من قبل!
فغرت رَغَد فاها بذهول ثم نفضت رأسها وكأنها تطرد هذه الفكرة التي أضاءت بعقلها مُتسائلة:
_رِهام! عن أي ملف تتحدثين؟
ولم يبد على رِهام أنها تُدرِك فداحة ما حدث فَرَدَّت مُوضِحة بشرود:
_ذلك الملف الخاص بالمشفى!
ازدردت رَغَد لُعابها والفكرة تعود جريًا إليها مُستفهِمة بأنفاس سريعة:
_وكيف تعلمين أنتِ بأمره؟
تعالت شهقات رِهام الباكية فتابعت رَغَد بنبرة بان التوسُل بها:
_رِهام هل لذلك القذر علاقة بسرقة الملف؟
خبأت رِهام وجهها بين كفيها وهي تغرق في بكاء مرير فتراجعت رَغَد إلى الخلف ثم وقفت ببطء مُرددة بذهول:
_يا إلهي! خائن ولِص!
اندفعت رِهام واقفة وهي تهتف بحنق:
_لا تقولي عنه ذلك، أنا من دفعته لأن يقُم بهذا الأمر، هو لم يكن يعلم بشأنه من الأساس!
عقدت رَغَد حاجبيها بتساؤل ترفض إجابته قبل أن تصلها:
_وكيف علِم إذن؟
اجتاح التردد صوت رِهام وهي تُجيبها ببطء:
_أنا من أخبرته، لقد.. لقد سمعتك تتحدثين بخصوصه مع أبي، ففكرت أنني يمكنني استغلال ذلك الأمر كي أحصل على طلاقي بعد أن أساومه على بيع بعض الأسهم لأبي.
والصمت الذي ساد اقترن بصدمة واضحة كنور الشمس..
وملامح رَغَد المُتخشبة أنبأت بقُرب تعرُضها لفقدان وعي من الهول الذي تتعرض له الآن على يد شقيقتها؛
وبكل صدمتها وخيبتها رددت:
_سرقة، وخيانة، ومساومة، وطفلة لا تلقين لها بالًا، ماذا تخفين أيضًا خلف مظهرك المُستكين رِهام؟
أشاحت رِهام بوجهها بنزق هاتفة:
_رَغَد أرجوكِ لا تبدئي بـــ...
لتقاطعها رَغَد بصرخة مُعذَّبة:
_أرجوكِ أنتِ أخبرينني أنني أعيش كابوسًا، أخبريني أن أختي ليست لصة خائنة لزوجها ولأهلها ولابنتها، أخبريني أنكِ لم تصلي إلى تلك المرحلة المُتردية رِهام!
هنا عادت رِهام تنظر لاختها بألم قائلة من بين شهقات بكائها:
_أحبه رَغَد، أحبه ولا أقوى على الابتعاد أكثر.
فعلَّقت رَغَد بسؤال خشيت من إجابته:
_وسيلا!
والرد كان حاضرًا دون تردد بسيط:
_سيأخذها أبوها، لكن سأضمن حياتي مع رمزي أولًا بعيدًا عنه.
تراجعت رَغَد خطوات إلى الخلف والازدراء تتشبع به ملامحها مع صوتها هامسة بلا تصديق:
_كانت مُحقة إذن! المسكينة كانت مُحقة عندما قالت أنكِ لا تُحبينها.
وعِوضًا عن الندم المُتوقع في هذه الحالة، تحدثت رِهام بندم من نوع آخر مُتحسِّرة:
_كان من المفترض أن أكون أمًا لأولاد رمزي، لو كانت ابنته لأحببتها، لو كانت تحمل ملامحه لأحببتها!
صاحت بها رَغَد باحتقار شديد:
_لم تكوني لتفعلي رِهام، لأنكِ أنانية لا تُحبين سوى نفسك.
ولم تكلف رِهام نفسها عناء الرد وهي تعود إلى شرودها فتابعت رَغَد بوعيد قوي:
_كما تشائين، لكنني لن أبقى ساكنة، وذلك القذر سيتلقى عقابه، وأنا سأفضحه بين كل زملائه.
انتفضت رِهام إليها مُتوسلة:
_أرجوكِ رَغَد لا تفعلي، أرجوكِ يكفي أن ثائر قد علِم ويُهدده.
والحِقد صرخ بصوتها وهي تهتف:
_عسى أن يسحقه ثائر يا رِهام، عسى أن يريحنا من أمثاله وأمثالِك معدومي الضمير!
**********
كانت تسير على مهل بعدما تركته وانصرفت تحاول تحليل مشاعرها التي تلقت ارتباكًا قويًا؛
فقد قضت أيامها الفائتة تُهيىء نفسها لتقبُل رمزي كزوج بالرغم من تناقض شخصيتيهما الواضح، وقد أجبرت عقلها على تولي زمام الأمور كعادته مُقتنِعة أن رمزي مُناسِبًا لها بجميع النواحي مُتجاهِلة نصائح أمها وتميم وسهيلة وفيروز لها بالتراجع عن ذلك الأمر.
وللسخرية أن يتراجع رمزي بنفسه عن الزواج بعد أن كان مُتمسكًا بها بكل إصرار متجاهلًا عدم اهتمامها به!
لقد علِمت منذ سنوات بحبه الجارف لإحداهُن، علِمت أنه يتجهز كي يتزوجها بمُجرد تحسُن أوضاعه المادية، ثم علِمت أنهما انفصلا وأنها تزوجت بآخر!
وما أثار دهشتها هو رؤيتها لصورة تلك الفتاة بحافظته ذات يوم بعد مرور خمسة سنوات على انفصالهما بينما كانت هي تحاول التقرب منه بحثًا عن ذلك الحب الذي تصرخ به عينا تميم كلما استمع لاسم سُهيلة، أو تردده فيروز في دعواتها متمنية العثور عليه، لتُصدم بأن رمزي لايزال مُخلِصًا لتلك الأخرى بالرغم من أنه كان في ذلك الوقت.. خطيبها هي!
وقتها انطلقت إلى ملاذها الآمن، إلى تميم تسأله مشورته لينصحها بلا تردد أن تتركه وتولّي هَرَبًا من علاقة لن تُجلِب عليها إلا وَبال الألم وانعدام الثقة.
عندئذٍ نحَّت كل نواياها بتجربة تلك المشاعر جانبًا وأخذت تُحلل الأمر بعقلها، ذلك الذي لم يخذلها يومًا، لتقرر على الفور أنها لن تخسر شيئًا فرمزي هو ابن عمها وسيصونها وبالتأكيد ذلك الحب هو لا يستطيع التخلص منه وبالتأكيد هو لا يستمتع بتعذيب نفسه كما يفعل تميم!
لِذا لا يجب عليها أن تتحلَّى بأنانية، وكما لم يتردد عمها قديمًا في مُساعدتهم لن تفعل هي الآن!
لكن ما يُثير دهشتها وأحيانًا ازدراءها هو الضعف الذي يتمكن من البعض عندما يستسلمون لتلك المشاعر التي يلهثون خلفها، ما الذي يدفع بهم إلى ذلك الطريق مُضبب الملامح؟!
يبدو أن الطريقة التي اعتمدتها في الابتعاد عن تلك المشاعر الضعيفة هي الصحيحة بآخر الأمر؛
فها هو تميم يتعذب؛
وها هي سهيلة تتعذب؛
ورمزي أيضًا يتعذب..
ربما ينعتونها بالجامدة أو معدومة المشاعر، لكنها تحتمي خلف قلاع عقلها من أي هجمات لن يكون القلب كفئًا لصدها!
فحمدًا لله أنها لم تقع في الحب يومًا، ولن تفعل إلى الأبد!
**********
نظرت ألفت إلى زوجها شاحب الوجه منذ دقائق وهو يُحدِّق في هاتفه بذهول، وكلما حاولت التحدث أوقفها بإشارة صارمة من كفه المُرتجِفة، قلبها يُنبئها أن هناك كارثة ما قد وقعت، ويُنبئها أيضًا أنها تتعلق بوحيدها، فلا شيء يملك هذا التأثير على مصطفى سوى رمزي!
وصوت المفتاح بالباب هو ما جعله يرفع عينيه المُحتقنتين بالدماء عن هاتفه، لتجد ابنها يدخل ناقلًا نظراته بينهما بتوجس مُلقِيًا تحيته بصوت خافت.. متوتر!
وبدلًا من رد التحية هبَّ مُصطفى فجأة واقفًا واتجه إليه وبكل قوته .. صفعه!
والصفعة ارتد لها جسد رمزي إلى الخلف بينما صرخت أُلفت بصدمة:
_مصطفى! ماذا تفعل؟!
ثم حشرت جسدها بينهما عندما أدركت بنية زوجها لتكرار الأمر وهو ينظر إلى رمزي بصدمة وعينين دامعتين!
_ماذا حدث مصطفى؟ ماذا بك؟
وكان رده أن أشهر هاتفه أمامهما وعيناه مُتسمرتان على وحيدهما قائلًا بخفوت:
_اسألي ابنك، سيخبرك وسيخبرني بخيبتنا به.
صمت لوهلة ثم تابع بألم:
_سيخبرنا بضياع عمرنا هباءًا في تربية لم يعمل بها.
وارتسمت الحسرة بعينيه وهو يُردِف:
_سيخبرنا أن ابننا الوحيد قد نشأ في صورة الشاب المُحترم رفيع الأخلاق المُهذب، بينما هو في الواقع يخفي بداخله لِصًا حقيرًا يعتدي على المكان الذي يحصل على رزقه عن طريقه!
تراجعت أُلفت للخلف وهي تنقل نظراتها بينهما بعدم فَهم مُتسائلة:
_ماذا تقصد مصطفى؟
واتجهت بأبصارها إلى ابنها الذي أخفض رأسه خِزيًا لتسأله:
_ماذا يعني أبوك رمزي؟
سحب مصطفى كفها ووضع هاتفه به ثم قام بتشغيل المقطع المرئي الذي وصله من رقم مجهول والذي يوضح أن ابنه يقوم بسرقة أحد الملفات والرُعب واضح عليه بينما يتلفت حوله كل لحظة خشية أن يراه أحد، والمقطع مُرفَق برسالة تراقص التهديد بها مُغيظًا:
"الأستاذ رمزي المُحاسِب بشركتي قد قام بسرِقة أحد الملفات الهامة إليّ بعد أن قام بمحو تفاصيلها، لِذا سأضطر إلى تقديم هذا المقطع إلى الشُرطة أستاذ مُصطفى!"
لطمت أُلفت خدها بصدمة بعدما أنهت مشاهدة المقطع وقرأت الرسالة لتلتفت إلى ابنها صارخة:
_لِص يا رمزي؟! أأصبحت لِصًا؟!
دافع رمزي عن نفسه بنبرة ضعيفة:
_أنا.. أنا لم أهدف إلى سرقة أموال و....
قاطعه أبوه صارخًا بذهول:
_وهل السرقة أموال فقط؟! لقد سلبت حقًا من حقوق أصحاب الشركة التي تعمل بها!
ليصيح رمزي بدوره والغِل بعينيه مُهَيمِنًا:
_هو من سلبني حقي أولًا!
زوجين من العيون يحدقان به؛
أنفاس لاهثة مُتلاحقة من ثلاثتهم؛
والصمت ساد موقفهم حتى قطعه رمزي بنبرة يقفز الحقد مُقترنًا بالكراهية منها:
_هو من سلبني حبيبتي منذ سنوات، كانت حقي أنا، كانت ستصير زوجتي أنا وأم أولادي أنا، لكنه سرقها مني عُنوة ليعذبها ويؤلمها ويكدر حياتها، لو بيدي لم أكن لأتوقف عند تعطيل أعماله، لو بيدي لقتلته عقابًا له على كل ما فعله بي وبها!
حاول مصطفى فهم ما يرمي إليه ابنه، لكنه كان تائهًا في نظرات لم يرها على وجهه إلا منذ...
هز رأسه ليطرد الفكرة المجنونة، ليسأله بعد لحظات بخفوت ذاهل:
_عم تتحدث؟ أي حبيبة تلك؟
دمعت عينا رمزي والقهر مُرتسِمًا بعينيه قبل صوته:
_رِهام يا أبي! رِهام هي زوجته التعيسة التي تعيش مع ذلك الظالم منذ سنوات، وأنا الآن سآخذ حقي وحقها منه!
وأمه أيضًا تذكرتها على الفور، فتلك الأيام لم تكن له سيرة إلا البكاء على رحيلها!
لتضرب صدرها وهي تهتف بابنها:
_يا ويلتي! أنت تتحدث عن تلك الفتاة التي تركتك منذ سنوات وتزوجت؟ تلك الفتاة التي ألقتك خلفها دون ندم وانطلقت إلى من هو أكثر منك ثراءًا؟
لكن أبوه أزاحها جانبًا وهو يتقدم من ابنه مُتسائلًا بصوت مُتحشرج والصدمة تصدح به:
_أنت على علاقة بامرأة متزوجة؟ أنت على علاقة بزوجة رئيسك؟!
هزَّ رمزي رأسه نفيًا للتهمة ورفضًا للحقيقة قائلًا:
_لست على علاقة بها، هي ستتطلق منه وسنتزوج!
تسارع تنفس مُصطفى وهو يُعقِّب بكلمة واحدة:
_ويُسْر؟!
أشاح رمزي بعينيه بعيدًا وهو يُردد بِحَرَج:
_لا نحب بعضنا، وقد أخبرتها برغبتي بالانفصال وانتهى الأمر بيننا!
والصفعة الثانية حان وقتها لا مُحالة، وأتبعها مصطفى بدفعات متلاحقة إلى الخارج وهو يصرخ به:
_لا أريد أن أرى وجهك ثانية، لا أريد النظر إلى مصيبتي وخيبتي، اخرج يا حقير ولا تعُد إلى هنا ثانية! لن أتحمَّل وجود لِص خائن معي ببيتي!
وتقهقر رمزي إلى الخلف والألم ينخر بعظامه لكن حِقده كان غالِبًا!
بينما وقف مصطفى مكانه للحظات يشعر بتشوش رؤيته، والاختناق يسيطر على صدره، ثم دارت عيناه في محجريهما وهو يضع يده فوق قلبه مُطالِبًا بأنفاسًا بدت في هذه اللحظة.. بعيدة المنال!
**********
"لا أعلم فيروز، لستُ حزينة بهذا المعنى، أنا فقط أشعر بغضب، أشعر وكأنه قام باستغلالي فترة طويلة، وبالرغم من ذلك أشعر براحة غريبة حتى أنني لا أصدق حتى الآن أنني لن أتزوجه!"
قالتها يُسْر بالهاتف بحيرة واضحة فقامت صديقتها بإطلاق زغرودة طويلة، ثم هتفت والسعادة تصدح بصوتها:
_لا يهُم ذلك يا يُسْر، لم تكونا متناسبين بالأصل، مُبارك يا فتاة لقد تخلصتِ من زيجة غير مُناسِبة على الإطلاق.
ابتسمت يُسْر براحة وهي تعي أنها على حق ثم أنهت المُكالمة معها والتفتت إلى هذا الجارور الذي يأبى أن ينفتح، إنها إحدى مكائد تميم تعلم ذلك، يعتقد أنه هكذا يُغيظ سُهيلة ويُكدر مزاجها.
مالها هي وتلك الأفعال الطفولية بينهما؟!
إلى متى ستظل في منتصف ساحة حربهما بينما يتراشقان الأسهم فوق رأسها؟!
وبأقصى قوتها جذبت الجارور إلى الخارج فانفتح، لكن ذلك المُسمار الحديدي البارز خدش أحد أصابعها، عضَّت على شِفتها بألم ثم اتجهت إلى الغرفة الخلفية الصغيرة لتغسل الدماء عنه، عادت مرة أخرى وانحنت باحثة في إحدى الخزائن عن علبة المحارم الورقية بينما رَفَعت إصبعها إلى الأعلى حيث انسابت قطرات دماؤه كي لا يُلطخ الدفاتر.
وأثناء انهماكها في البحث اقتحمت حاسة شمها رائحة عطر رجولي شرقي قوي.. عقدت حاجبيها بدهشة وانتبهت من خلف زجاج الخزانة إلى ساقين طويلتين! استقامت على الفور لِتُحدِّق في الرجل الواقف أمامها...
بِزَّة باهِظة الثمن؛
حذاء فَخم بطريقة مُبالَغ بها؛
لِحية خفيفة؛
وعينين عسليتين بارِدتين!
والجمود المُقترن بالغرور يصدح من كل خلاياه..
وقبل أن تنطق بكلِمة امتدت إحدى يديه إليها..بِمحرمة ورقية!
أخذتها مُبتسِمة بِشُكر خافت، وبينما تمسح قطرات الدماء سألته بتهذيب:
_أهلًا! بِم أخدمك؟
انحدرت عيناه إلى بنصرها الدامي والذي تلتف حوله مَحرَمته فوق حلَقَة ذهبية..
وبكل هدوء أجاب سؤالها بسؤال:
_هل أنتِ خطيبة رمزي؟
ردَّت بتلقائية استدركتها سريعًا:
_لا.. بل نعم، من تكون حضرتك؟
وبمنتهى الفخر؛
وبنبرة قوية؛
مُحمَّلة بلهجة ساخرة؛
_أنا ثائر الجوهري، رب عمله!
*****نهاية الفصل الخامس*****


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس