عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-21, 07:47 PM   #45

اوديفالا
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية اوديفالا

? العضوٌ??? » 481181
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » اوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond reputeاوديفالا has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل 27





بروح تائهة
بعقل متعب
وجسد مهلك
لم يرو الراحة منذ أمد
ولم يشعرو بالحياة منذ أدركوا معناها بفترة مريرة
أنا أضيع في كل شيئ
ولا أفهم أي شيئ
حصرتني الفترة والأيام
تعبت وماعدت أقدر على هم الزمان وثقل الايام

أليست الحياة غريبة .. بعد هذه السنوات التي عشتها وسط عائلتي ، أشخاص أتقاسهم معهم نفس الدماء ، أحبهم فطريا ، ألفتهم ، ضحكت معهم، وبكيت على أكتافهم ..

كل ماتطلبه الأمر كان خربشة صغيرة تدعى توقيعا ، ليرتبط مصيري بمصير شخص غريب ، ليأخذني لحياة جديدة لا أعرف عنها شيئا

خربشة خالية من الإحساس حكمت عليا أن أصبح سجينته ، وملزمة بالعيش تحت قوانين ليست بالقوانين التي نشأت عليها ، وأخضع لقرارات لست أنا من يتخذها

أن أستيقظ في الصباح وأرى وجه رجل لا أعرفه بدلا من وجه أمي البهيج ، وإخوتي المحبين

الحيــاة حقا غريبة .. أصبحت ذلك الفرد من العائلة الذي لن يعيش مع عائلته مجددا

لا استطيع تصديق كم أصبح رباط مقدسا كالزواج سطحيا يبدأ وينتهي بلطخة حبر

كان الرحيل صعب بالنسبة لي ، وجدت نفسي أغوص في بحر غير البحر الذي إعتدت عليه
لكنني تحديت البداية الصعبة بعقلي المتعب وجسدي المهلك وروحي التائهة

لأنني فتاة قوية بقلب شجاع ، لا شيئ يخيفني في هذه الحياة مهما بلغت غرابتها

الفصل 27 / قراءة ممتـعة



أجبر قدماي على الإستمرار بحملي في هذا المكان البارد ، أرى نهر وقوارب وجسر ، أرى الغيوم الرمادية تحجب السماء ، وأراه يتحدث في الهاتف منذ ساعة تقريباً ..هو يدور في حلقات وقد شتم كثيراً، بعضهم أغلقوا الخط في وجهه وبعضهم أغلق هو الخط في وجوههم

بعد أن وقعنا على أوراق الزواج ، عثر أندرو علينا في منزل كورتيس فهرب بي هذا الرجل وكأنه يخطفني ، ولم أستطع حتى توديع أليكس أو توديع أمي وأرون

ربما جزء كبير مني رفض ذلك ، لم أستطع تلك اللحظة مواجهة إحتمال أنها قد تكون أخر مرة أراهم فيها ، لم أودعهم فأنا لست قوية عندما يتعلق الامر بأعز الناس على قلبي ..

لم أقبل الزواج من هذا الرجل لأنه مؤقت ، بل لأني رأيت أخي القوي على وشك الإنهيار ، حتى لو أخفى ذلك عن الجميع ، أردت فقط أن أخلصه من مشكلتي التي أثقلت كاهله لدرجة يديه اللتان لطالما أمسكتاني ورفعتاني بشجاعة و مدتاني بالأمل .. كانتا ترتجفان

لطالما أردت أن أريحه من حملي الثقيل ، لكن ليس بهذه الطريقة ، ليس عبر وضعه على عاتق شخص أخر

نظرت مجددا نحو دوغلاس الذي أغلق هاتفه و إقترب مني حتى صار يقف أمامي ، من اللحظة الاولى التي بقيت بمفردي مع هذا الرجل، عرفت في قرارة نفسي أني سأهرب منه ..عاجلا أو أجلا

منذ اللحظة الأولى وأنا بإنتظاره أن يضع إصبعا عليا ..لأفتح عليه باب الجحيم بمصراعيه

إنه أطول مني ، متين الجسم ، عضلات ذراعيه بارزة مثل عضلات حاملي الأثقال ، عيونه بنية فاتحة جدا تحيط بهما أهداب ملتوية للأعلى ، لديه ندبة شاحبة في الجانب الأيمن من وجهه الأسمر ..معجب جدا بنفسه

( هل نحن متشردان ؟ ) لقد وفرت عليه شرح الامر وسهلت مهمته بقول إما نعم أو لا

( الرجل الذي إتفقت معه أن يؤجر لي بيت ، لن يفعل ذلك حتى الغد ، لقد خرجت الامور عن نصابها لأننا لم نتوقع أن يجدنا أندرو بهذه السرعة ) شعرت أنه صوته غاضبا ، ووجهه كان عابسا

كررت مؤكدة بتهكم ( إذا نحن متشردان )

( لا ) نفى بنبرة هادئة ، وشفتيه ترسمان إبتسامة مغرورة ( دبرت مكانا أخر ) أجفلت إزاء لهجته الساخرة ، وتراجعت خطوة للجسر حين شعرت بيده تتمد نحوي

إبتعدت أكثر لكن يده الطويلة إستطاعت الوصول لتستقر على كتفي ، حركته الصغيرة هي ماكنت أنتظرها فصرخت ( بمجرد أنني بمفردي، لايعني أنني لن أستطيع رميك من أعلى الجسر ) وأشرت بسبابتي نحو الجسر والنهر البارد

جرأة مني أن أفكر مجرد التفكير أنني بجسدي الهزيل الضعيف هذا قادرة على إخافته ، والأغبى أنني أتوقع منه أن يخاف ، لكنني فتاة وأستطيع أن أجمع عليه الناس بصرخة واحدة

أشعر بالكره نحوه ، لأنه شارك في هذه المهزلة التي تدعى زواجا مؤقتاً

عوضا أن يفهم نفسه ويحتفظ بحدوده ، هو شعر بالإهانة ، سحب يده مني مشيرا بها إلى الطريق بهدوء ( أردت أن أريك الطريق ، علينا الذهاب ..من هذا الإتجاه )

بدأت أمشي بسرعة بأنفس متقطعة متوسلة جسدي للمقاومة ، أسمع خطواته المتوازنة خلفي ، ثم صوته ( من هذا الإتجاه ) إلتفت لأجده فعلا توقف وهو يشير نحو اليمين ، فتنهدت بداخلي وبدأت أمشي مجددا مسرعة قبله بخطوات عنيفة ، فقط فكرة أنني ذاهبة برفقته تقهرني حتى النخاع

توقف صوت خطواته مجددا ، فتوقفت وإلتفت ، فاضت الحيرة في وجهه من تصرفي ، إختار الصمت وإنحنى جسده قليلا بمأساوية ، أشار بيده كأنه على مسرح ليريني الإتجاه مجددا ، بعصبية مكتومة كأنه يتسائل ماخطبي أتصرف بشكل أرعن ، شبكت ذراعي لصدري وتركته هذه المرة يسبقني ، قبل أن أرميه حقا من الجسر أو ارمي نفسي ، فإختار أن يمشي بجانبي رغم أني كنت أتعمد أن أتأخر عليه بخطوة

كان علينا أن نصعد في الحافلة ، وكانت مكتظة ممايعني أنني سأضطر للوقوف ولا أعرف إن كنت سأصمد حتى أصل لوجهتي المجهولة

إكتفيت بإسناد ظهري على أحد الحدائد ، فجعل جسده كحاجز لكي يمنع الناس من لمسي أيضا ، أشعر بقوة نظراته لي تخترقني مثل شعاع الليزر ، أعرف أنه ينتظر سقوطي ، ولهذا يده متأهبة لإلتقاطي

خيبت ظنه لأني كنت متوازنة أكثر منه ، نزلنا من الحافلة التي وضعتنا في شارع ضيق مؤدي للأسفل كأننا فوق تل ، المنازل ملتصقة ببعضها البعض مسببة لي ضيقا في التنفس وإنتهى بنا الامر في زقاق حزين ومظلم

قال متصنعا إبتسامة ( وصلناَ ) لم أرد ان نصل ، لم أرد أن نتوقف هنا حيث المنازل معتصرة ومتكئة فوق بعضها لتتسع في هذه المساحة الضيقة

( الباب الزرقاء ) همس وهو يبحث عنها وحين وجدها ، أخرج المفتاح الذي كان تحت السجاد المهترئ و فتح الباب ، دخل وأنا تجمدت امام العتبة أسمعه يصرخ ( إبن الحرام ..الحقير خدعني .. لقد اعطيته المال ليجد لي مكانا أفضل من هذاَ.. النصابْ اللعين )

ثم هدأ ، قال وهو يقابلني بظهره العريض ( تعالي ماكنزي )

لم أجبه ولم أتحرك فرفع صوته ( أدخلي ، المكان ليس بذلك السوء ..إنه أفضل من الشارع على كل حالْ)

( هل تراهن ؟ ) تمتمت فإلتفت لي وكأنه سمع ولم يسمع

( أدخلي قبل أن يراكِ أحد ) قال بنبرة باردة فدخلت وأغلقت الباب الحديدي البارد من خلفي ، كانت غرفة معيشة ضيقة ومظلمة فيها مدفأة حجرية صغيرة وكنبة خضراء قديمة ..والكثير من الصور بالأبيض والأسود لأشخاص مريبين

( هنا ستبقين حتى نتأكد أن أندرو لم يعد يبحث عنكِ )

رفعت عيني للسقف المهترئ الذي تتوسطه فتحات صغيرة مظلمة ، وأنزلتهما على الأرضية الخشنة المعفنة بإشمئزاز

لعله لاحظ ردة فعلي فجال بعنيه مثلي حول المكان بسرعة وتوقف عند الشباك الخشبي المفتوح قائلا ( هذا هو البيت الوحيد الذي إستطعت توفيره حاليا ، لكن أنظري للجانب الإيجابي ..هناك غرفة لكِ ..ولدينا موقد لذلك لن تشعري بالبرد و .. نعم سأخرج وأشتري لك شيئا لتأكلي .. أعلم بأنك جائعة)

( لست جائعة ) قطبت جبيني بحدة ، ومشيت نحو تلك الغرفة أجبر نفسي على بضعة خطوات شجاعة

دحرجت عيني حول المكان الصغير لأرى أين سأقضي أخر أيام حياتي ، إنها مدهونة بطلاء أبيض بشع ومقشر ، والسقف منخفض جداً ومصنوع من حطب صار لونه أخضر من التعفن ،زواياه مليئة ببيوت العناكب ، السرير أخذ معظم المساحة ،سرعان ماأغلقت على نفسي داخل هاته الحفرة الشبيهة بقبر دنيوي

الامر يشبه حين يأخذونني للغسيل الكلوي ويضعونني فوق تلك الطاولة مجبرة .. هكذا أشعر الان

ماذا أفعل؟ أسهل طريقة للتكيف هي تقبل الأمر الواقع كماهو .. بدون " يالـيت " ، بدون " أتمنى "

فقط ليكن كماشاء القدر

أحضرت محفضتي كما هي معي، ماتزال الدمية بداخلها ، وعلكة منسية و الملقط الذي أعطته لي تاماني قائلة بأنه سلاح فتاك ويخيف الشبان ، لم أحتج أبدا لسلاح لأجعل ولد يخافني

وجهي اللئيم كان يكفي

إستلقيت على حافة السرير ،أغمضت عيني وسمحت لروحي أن تطفو ، لا أفكار ، لا تخيلات ، لا ندم ، لا غضب ، لا مشـاعر على الإطلاق ، فقط هـدوء وسكـيـنة ، هكذا أنقطع عن الواقع .. في حالة من الصفــاء والسلام الداخلـي

( ماكنزي ) جعلني صوته أسقط في الواقع ، أبقيت عيني مغمضة ، منزعجة من تعكيره لحظة سلامي وسرعان مادخل الغرفة وصعد للسرير بكل جرأة

همس ( هل حقا نمتِ ؟ هكذا لن نتفق .. يجب أن لا تنامي حتى تأكلي شيئا وتتناولي دوائكِ )

وضع يده على ذراعي ليحركني ( أعرف أنكِ لست نائمة .. ماكنزي لو سمحتِ )

شعرت بأنفاسه الدافئة على وجهي بعد صمته ، ففكرت أن أحمل الملقط فقط تحسبا ، وجهي اللئيم لم يرتقي لمستوى كافي ليخيف رجل العصابات هذا

( ماكنزي ! سأعتني بكِ مثلما كان يفعل أليكس او حتى أكثر .. لن أدع مكروها يصيبك فدعي ذلك الشيئ جانبا )

كل مافعلته هو الإستمرار بالتظاهر أنني جثة هامدة ، وهو لم يجادلني أكثر بشأن الاكل

شعرت بجانب السرير يرتفع حين نزل منه ، أعتقد أنه خرج من الغرفة ، لقد ترك وظيفته من أجلي أيضاً، لأن أندرو يعرف أنه يعمل هناكْ

لم تمر بضعة دقائق حتى صار جسدي يطفو فعلا في الهواء ، فتحت عيني شاهقة ، أشعر بيديه تحملانني بسهولة وكأنه يحمل دمية ، كانت مجرد خطوات قصيرة من الغرفة للمطبخ ليضعني فوق كرسي خشبي متشقق

في أبشع طاولة رأيتها في حياتي ، قذرة جدا وأطرافها سوداء، وقد وضع عليها الهمبرغر والعصير

جلس مقابلا لي وكأنه يجلس على الشوك ، بهذا القدر هو ليس مرتاحا بجانبي ( أشربي العصير ) قال آمرا ، شعرت أن ماحدث قبل الأمس سيتكرر ، وكم كنت لطيفة معه تلك اللحظة ، وعادة لست لطيفة لتلك الدرجة ..ولست مطلقا الان ..

فتح أصابعه لثانية ليطبقهما مجددا على ذقنه محتارا ( لم تأكلي شيئ منذ الأمس ..ألست جائعة ؟ )

( لستُ ) ضغطت على أسناني بإستياء ، عيناي تراقبان بدون رمش كل حركة تنتج منه سواء كانت متعمدة أو عفوية وعقلي يترجمها كلها كمحاولة إستفزاز

لا أصدق أنه نجح في إستفزازي ..أنا ذات الأعصاب الباردة .. بهذه البساطة

خلى وجهه من الإهتمام ليردد ( رغم ذلك ، ستشربين هذا العصير لتتناولي أدويتكِ )

( لا رغبة لي بذلك ) أمسكت الملقط بقوة تحت الطاولة وغرزته في راحة يدي لأفرغ غضبي عبره ، حين دفع كأس العصير اتجاهي.

أدار وجهه نحو الحوض المصدي بقلة صبر ( أشربي ماكنزي )

حركت رأسي رافضة بينما إعتدل في جلوسه وزرع إبتسامة باهتة على وجهه راغما نفسه عليها

( حسنا ، سأسايرك قليلا ، سأتوسلك الان .. أرجوك .. أنا أتوسلك من كل قلبي أن تشربي هذا العصير وتأكلي القليل من هذا الهمبرغر ، وإن كنت تعبة ..يسعدني أن أطعمك بنفسي )

( سيسعدني أن تعاملني كراشدة ) أبعدت عني كأس العصير بعنف وعدائية ، رائحته تشعرني بالغثيان

( أتسائل متى سيأتي أخي ) فكرت بصوت عال

( لن يأتي ) أجابني بدون تفكير ، قال برتابة ( والأن يكفي ممطالة ، كـلي )

لاادري كم من الوقت بقيت احملق فيه وأنا أحاول إستيعاب حياتي الجديدة وكذلك هو بقي يحدق فيا بعينيه الخطيرتان بحدة محاولا جعلي انفذ كلامه

شعرت أن الزمن تجمد ، مجرد ان بدأت عيناي تمتلأن بالدموع وأصبح ذلك واضحا حتى زيف

إبتسامة أخرى ( أنا سأخذك إليه )

قمت بدون تفكير وإتجهت للباب ، كانت سرعتي متوسطة لأنني أتألم حين أقوم بنشاط زائد واليوم بذلت مجهودا أكثر مماأستطيع ودفعت نفسي إلى الحدود

فتحت الباب و ركضت ..ركضت بأقصى ماإستطعت في هذا الحي المختنق ، لا اعرف أين انا ذاهبة .. لكنني أعرف أنني لا أريد إمضاء أخر أيامي وكأنني في معتقل ، يتم إجباري على أشياء تزيد في عذابي

وضعت يدي خلف ظهري، وضغطت بقوة فوق كليتي التي شعرت كأن مسمارا يتم تثبيته بداخلها بمطرقة ، وكأن يدا خفية قامت بعصرها ، الالم كان أقوى اعلى ظهري وداخل أضلعي ، إنقطعت أنفاسي من شدته وإنهرت أرضا

قدماي إستسلمتا و تخلتا عني .. جسدي خسر أخر قواه فإنطفأ مثل الألة ، شعري في فوضى عارمة ، عقد منه إلتصقت بوجهي المبلل بالدموع ..لأن صحتي خانتني وأنا في أمس الحاجة إليها

مزق أفكاري بظهوره ، إقترب يسير بخطوات رشيقة مشاغبة ، إنحنى لي وحملني عاليا ، قوة قبضته كانت تفوق قدرتي على التخلص منه

قال وهو ينظر مباشرة في عيني بصرامة ( هذا تصرف راشد جدا منك ياماكنزي )

توجه للبيت وأنا لم أستطع فعل شيئ لانني مقيدة إلى صدره بإحكام ، دخل ودفع الباب بقدمه ليغلق بقوة هزت النوافذ ، إتجه مجددا لتلك الطاولة الخضراء البشعة ووضعني على الكرسي الخشبي القذر

جلس مقابلا لي وشبك يديه فرأيت حروف موشمة على كل اصابعه الخمسة

تغاضى عن محاولة هروبي و، قال بكلل ( أنت لم تنهي عصيرك بعد )

كنت وسط ألم فضيع لأجادله فشربته دفعة واحد لكي أعود لغرفتي ، هو فقط نزل إلى معدتي مثل الحامض وجعلني أغثو

حنجرتي صارت تؤلمني من الألم

( فتاة مطيعة ) خصني بنظرة طريفة كانني مجرد طفلة تحتاج للرعاية ثم أمسكني من يدي متجاهلا نفوري منه ليأخذني للغرفة فإستلقيت وهو جلس بحافة السرير وظل يحدق بآسى على الحال الذي أمسيت إليهـ

( هل تتألميـن ؟ ) تأملني بسكون ، فتسائلت كيف عرف

( أنا بخير ) نكرت ذلك بشجاعة تامة ، أخفيت بإحترافية ألمي عنه كما كنت أخفيه عن أليكس ،لكنه بشكل ما تردد في تصديقي

أزاح شعري عن وجهي فلاحظ الدموع التي أكبتها على حافة عيني ( عليكِ ان تفهمي أنني أخر شخص قد يؤذيكِ ، إنها الحقيقة ، أليكساندر قد يكون مراقب الان لكن حين تتحسن الأمور سيتصل بي وسأخذك لترينه ، ليس عليك أن تقلقي أبدا .. أنا سأهتم بك )

( أريد النوم ..لو سمحت ) بصعوبة تحدثت بدون ان اتأوه واصرخ ، يظنني هربت من أجل ذلك ، والحقيقة أني لا اتخيل أن أقضي بقية أيامي كلها مجبرة على الاكل والدواء وجلسات العلاج

( طبعا .. سأضع الغطاء عليك لكي لا تبردي )

أمسكت يده التي مدها نحوي في الهواء ورميتها له بطريقة جعلته يشعر بالإهانة مرة أخرى

( سأكون في الصالة ) تجاهلته لأن كل تركيزي كان إلى متى سأحصر الألم بداخلي ، فأردف وكأنه مجبر ( إن إحتجتني نادتني .. لا تترددي )

حين أغلق الباب سمحت لألمي بالظهور ، ضغطت على خلفية ظهري بقوة متمنية لو كان الضغط ينفع ، أشعر بعروقي تدق ألما تحت جلدي الشفاف ، أقطع أنفاسي بقدر ماأستطيع ثم ألهث مثل الكلب ..لا يختلف حالي عن المرأة التي تعاني من المخاض ، أشعر البرودة فتبدأ أطرافي بالإرتعاش باحثة عن الدفئ ، أتلوى وأتجمد ..

أنا في ألم شديد ..إنه يؤلم ياربي ..إنه يؤلم

إنحنيت على ركبتاي وضعت رأسي على الأرض أكافح لأتنفس، أمسكت قلبي الذي صرت أسمع ضرباته تتزايد ، واشعر به يتضخم في صدري ، أشعر أن أحدهم ينحت بداخلي ، وكأن هناك وتد مغروس في ظهري ، إنه مؤلم بحيث صارت قدماي تتخبطان وكأنني بين أمواج هائجة أغرق في عمق المحيط

ياربي ساعدني .. ياربي .. ساعدني أرجوك

القوة تركت جسدي ، فقدت حواسي .. لم أعد أسمع ..وتضببت الرؤية كليا ، لا أستطيع التنفس لأن ذلك يزيدني عذابا .. الألم كان الوحيد الذي لازمني معلنا أن جسدي مايزال متشبثا بالحياة ، وروحي تصعد وتنزل عالقة بينه وبين الموت ..

أنا أعيش مع موتي منذ سنوات ، وعدوي الوحيد أصبح الوقت ..والسؤال المطروح هو متى ؟

متى ستتحرر روحي فعلا ؟ أن ينقطع أخر خيط يربطها بهذا الجسد الذي تآكله المرض وبدأ يتحلل قبل أن يصل إلى تحت الأرض

أغمضت عيني وتقبلت الأمر الواقع ، سأتألم حتى أفقد وعيي ولن أصرخ ولن أبكي ، لاأعرف كم من الوقت مر ، لا أعرف ماإن كنت نمت أو فقدت الوعيي ، لكن الألم قد خف وعاد تنفسي لإيقاعه الطبيعي

جلست ببطئ فلاحظت قدماي المنتفختان مثل بالونة ، لم تعد جواربي تخفي ذلك التورم ، بدأ التورم يتسرب ليدي اليسرى ..توقفت عن محاولة إمساك الاشياء بيدي اليسرى فمفاصل أصابعي تؤلمني حين أطويها ..وأحرص أن أخفيها داخل كم قميصي طوال الوقت

سرت بخطوات صامتة وألقيت نظرة على الصالة الضيقة فرأيته جالس على الكنبة يكتنفه الظلام

توجهت بهمس إلى المطبخ وهو لم يشعر بي بعد ، فتحت الحنفية بهدوء شديد ووضعت الكأس ليمتلأ بالماء ..ثم أغلقتهاَ وشربته كله

أردت المزيد فملأت الكأس مجدداً وبمجرد أن إلتفت حتى وجدته يقف هناك يضع يديه في جيوب سرواله بتسلية

( هل أصبحتِ هادئة مؤخرا ؟ أو فقط تحاولين تجنبي ؟ )

إحتفظ وجهي بجموده مثل الجندي ، وضعت كأس الماء على الطاولة وتوجهت للصالة متجاهلة إياه

غيرت قناة التلفاز إلى أحد الأفلام ورحت أتفرجْ وكأنه ليس هناَ

( هل أنتِ بخير ؟ ) أراد أن يطمئن ملاحظا حالتي المثيرة للشفقة ، إن شعري في فوضى عارمةوهذه السترة الصفراء الباهتة تشجع على إظهار شحوب وجهي ، والسواد المحيط حول عيني ، ابدو كأنني هربت من إحدى أفلام تيم بورتون

فقلت بإستخفاف ( عدى الجزء الذي أحتضر فيه .. أنا أعيش الحـلم ! )

رقق صوته ليجعله مأساويا ( هذه أول مرة تنفصلين عن عائلتك ، حدث الامر بسرعة وبشكل مفاجئ لك ..لا تحزني ، قد تشعرين بالتعاسة وبوحشة في يومك الأول ، لكن بعد مرور أيام قليلة ستتعودين هنا ..)

صمت حين قمت بتفجير بالونة العلكة في فمي أدرك أنه يتحدث مع الجدران ،وراقبني أقلب محطات التلفاز خلال الإشهار لأرى مايعرضون في القنوات الأخرى ، امدد ساقاي فوق المائدة الخشبية الداكنة القديمة ، ليس وقاحة مني لكن لأن ركبتاي تؤلمانني حين أطويهما ، أتلاعب بخصلات شعري العابث

( أرى أنكِ تعودت فعلا ) ردد بحيرة فأدرت وجهي اليه وكأنه هو الضيف الذي يشعر بالتعاسة والانكار ، توقفت عن مضغ العلكة ورأيت الاستغراب في نظراته لأنني لم أصب بإنهيار بعد ولست أبكي امام عتبة الباب مطالبة منه إرجاعي لعائلتي

رفعت حاجباي بإستخفاف نحوه ورمقته بنظرة ساخرة ( جديا يارجل؟ ) تقلبت عيناي بعدها بسئم مجددا نحو التلفاز

وضع يده على خده وراح يحدق لي طوال عشرة دقائق، لم ينزع عيونه عني ولو لثانية ظنا منه اني لا اراه ، فتسائلت في قرارة نفسي إن كان قد أدرك أخيرا الامر الذي ورط نفسه به ..

بعد ربع ساعة صار الأمر يزعجني، أجد صعوبة في التركيز على أحداث الفيلم ، لذلك أخفيت جانب وجهي بشعري الأشعث ، ورأيته من زاوية عيني يخفض عينيه بضيق كأنه كان شارد طوال المدة الوقت والان استفاق من كابوس

( رافقيني للمطبخ ..حان وقت العشاء )

بقيت جالسة مكاني أتجاهل وجوده بالكامل فهمس ( حسنا ..سأحضره لك هناَ )

عاد بسرعة ووضع لي فوق المائدة لحم وعصير وتفاح ، في صينية صغيرة ، شعرت بالخجل الشديد لأني أكلفه ماله ، بالإضافة لوقته وجهده

( أشكرك لكن هذا كثير ..لست جائعة ) تنهدت بداخلي محاولة ان اجعل صوتي لطيفا بقدر ماأستطيع

( قولي ذلك لأليكساندر وليس لي ) حمل الشوكة والسكين وراح يقطع اللحم لقطع صغيرة ثم وجه لي الشوكة لفمي ( إنه لذيذ .. ثقي بي)

ليت الامر كان يتعلق بالمذاق !

بقيت أغلق فمي وهو لم ينزل الشوكة وراح يقوم بحركات دائرية بهلوانية بها أمام وجهي ليشعرني مجددا أنني طفلة

( هيا كلي .. يجب أن تتناولي كل شيئ فلا يعقل أن أرمي كل هذا ، لاأحب التبذير )

فتحت فمي لأخذ نفسا فأقحم الشوكة بسرعة قبل أخذ النفس اللعين وحمل قطعة أخرى قبل أن امضغ التي بفمي

أجبرني على الاكل وأنا لا استطيع فشعرت بموجة غضب نحوه ، أمسكت تلك الشوكة ورميتها في الأرض ثم دفعته بقوة بقدمي التي سمعتها تصدر صوت طقطقة

( أف ، أساسا أجلس هنا على أعصابي داخل قبو القتلة المتسلسلين ، ستكون أيام طوال عليا وعليك فلا تضغط عليا ودعني أحظ بالسلام او سوف ازعجك )

إستجمعت انفاسي وسمعته يهددني بحدة خافتة ( إياك أيتها المشاغبة الصغيرة أن ترفعي صوتك عليا مجدداً أو قدمكِ .. إياكِ ، وهذا المكان البائس هو كل مالديك الأن ، فلا تتصرفي وكأنه لك خيارات أخرى متـاحة )

أمسك يدي بقوة وسحبني لأجلس بجانبه ثم حمل قطعة اللحم بالشوكة ووجها لفمي لكني كنت أخف منه فخطفت تلك الشوكة بسهولة ووجهتها لوجهه مستعدة لأنحت له ندبة جديدة لن تاتيه لا على بال ولا على خاطر

( لا تـضغط عليا أيها المزعج ..لا تضغـط ) رميت له يده متعمدة أن أتظاهر بالإشمئزاز ( هل تنحصر شجاعتك بإرغامي على الأكل ؟ هنا تنتهي جرأتك ؟ لمن أقول هذا على كل حال .. فقط دعني أتناول أدويتي اللعينة وأذهب للغرفة البائسة )

أعطاني الدواء مندهشا من طريقة صراخي عليه وتلميحاتي الغامضة ،فتناولته وركضت للغرفة وهو لحقني بعد لحظات

سألني بنبرة ثقيلة ( إذن ماكنزي هل تريدينني أن انام هنا بجانبك؟ أو فوق الكنبة ؟ )

( نم في الجحـيـم ) قلت بعصبية وانا اخفي وجهي تحت الوسادة

ارتفع حاجبيه للاعلى بعصبية ، قال على النقيض بنبرة هادئة ( الكنبة إذا ..إن إحتجت لشيئ ناديني .. لاتخافي من الظلام فأنا قريب منكِ ..ليلة سعيدة )

رفعت وجهي الغاضب وقلت بشراسة ( أساسا من أخبرك أنني أخاف من الظلام .. ماذا أبدو لك هنا طفلة خوافة ، سأجن حقا ! )

أشتعلت بالغضب فصرخت بقوة ( أخررررررج )

حين وصل للباب تركه مفتوحا مثلما كان يفعل أليكس .. ظنا منه انني اخاف من الظلام رغم انه لم المح له باي شكل من الاشكال بذلك

إستلقيت في منتصف السرير ورحت أحدق في السقف بشرود حتى لو كان هناك ضوء فهو خفيف جدا والظلام هو المسيطر

لقد إشتقت لعائلتي

في هذا الوقت إعتاد أرون ان ياتي ليستلقي بجانبي ويحكي لي ماذا حدث خلال اليوم

يحدثني عن أصدقائي الذين لم أرهم مجددا منذ تم فصلي ، وعن أساتذتي المفضلين ، كان يحكي لي حتى عن أساتذتي المستفزين ذو المزاج الغاضب ، وكذلك عن صديقتي ماري ، أحببت أن أسمع أخبارها رغم إنقطاع صداقتنا

كان يحكي لي أيضا عن مايحدث خارج المدرسة ، أي شيئ كان يقوله كان ينال إهتمامي ..حتى عن رامزي البقال ، أكثر عجوز ثرثار في قريتنا ، يملك متجر قديم متواجد هناك منذ أجيال ، عبارة عن غرفة تشبه هذه ، مكدسة بكل ماقد يحتاجه شخص مقيم في الريف من مستلزمات ، ويبيع بأرخص الأسعار ، رامزي ومتجره جزء من حياة الجميع ، ندخل إليه في الأيام الحارة ، والأيام الممطرة وحتى في الثلج ، هو دوما مفتوح من اجلنا ، يعتبره السكان كفرد من العائلة ، كلنا نعرفه من الصغير للكبير ، وهو يعرفنا جميعا ، رامزي لا يفعل أي شيئ سوى الجلوس خارج متجره طوال اليوم ويتبادل أطراف الحديث مع أي أحد يمر على طريقه ، كنت أمر عليه كل يوم لأشتري العلكة فأجده جالسا في الخارج وسط ذروة نقاشه عن موضوع ما ، فيطلب مني أن أخدم نفسي ، أدخل المتجر وأحمل العلكة وأترك النقود ، وأحيانا يكون بمفرده فيحجز لي المقعد الذي بجانبه مصرا عليا أن اجلس واشاركه فنجان شاي، لأجد نفسي أستمع لدوامات ودوامات من الشكاوي المتكررة حول ذهاب زبائنه الغدارين للتسوق من بقالية خصمه لاري ، الذي فتح متجرا راقيا واسعا بسبعة رفوف مليئة بمنتجات من كل الأنواع وبأسعار نارية وكاميرة مراقبة ، وذلك أكثر رجل سمج ، ذات مرة دخلت إليه ماري بنية شراء الشوكولاطة ، فخرجت بعلبة باستا ومكنسة وحفاضات رضع وهي في الرابعة عشر فحسب ، إنه أيضا ماكر جدا في حساب النقود لانه يخاف أن يخطأ ويعيد لك ولو جنيه إضافي، لكنه لا يكترث أبدا حين لا يملك الفكة فيحتفظ بالباقي لنفسه قائلا أنه سيعيدهم لاحقا ، ولاحقا ينكر أنه مدين لأحد !

البقال لاري سرق معظم مصروفي والبقال رامزي سرق وقتي حيث كنت أدخل متأخرة للحصة ، ثم المرض سرق صحتي فلم أرهما منذ سنتين ..

كنت أحب سماع أخبار الجميع حتى المملة منها ، حتى لو كانت نفسها تتكرر كل يوم

احيانا كان أرون يغفو بمنتصف الحديث من التعب

الأن إنتهى بي الامر وحدي .. مع أصوات مريبة تصدر من الخارج ..مثل ..صرخات إمرأة مكتومة ،بكاء أطفال ، غناء الأشخاص السكارى ..ونباح الكلاب الهائج

انا حتما في زقاق القتلة المتسلسلين

مرت أربعة أيام فعلا بدون أن أرى عائلتي ، كل ماحدث لي أنني تعرضت للتعذيب حين أخذني رغما عني للمستشفى وتركني تحت قسوة تلك الالات ، حيث ينخفض ضغط دمي ، أشعر بالغثيان والصداع ، وتشجنات مزعجة ، وأرى أوردتي المتضخمة تظهر بشكل بارز على جلدي ، لأني قمت بعملية جراحية في يدي لأحصل على ناسور لتسهيل غسيل الكلى ، أتجنب النظر ليدي بقدر المستطاع ، واتجنب لمسها لأني أستطيع سماع هرير الدماء ينتقل من الشريان إلى الوريد وذلك يجعلني أقشعر ، لكنه أفضل من تلك المرة التي ركبو قسطرة في عنقي ، كان عذابا لا أتمناه لأحد

ثم يعيدني للمنزل ويتركني في تلك الغرفة حيث أبقى طوال الوقت بمفردي ويخرج

و اجل ..يجبرني على الأكل .. او هذا مايعتقده هو

لقد كرهته لأربعة أيـام وجعلت حياته جحيما حيا والأن أنا راضية على النتائج ، حان الوقت لأرفع حصار غضبي عليه

أعرف أنني أخطأت في حقه ، هو وعدني عدة مرات أنه سيعتني بي وسيحميني

ظنا منه أني أحتاج لشخص ليحميني !

مع ذلك عاملته كأنه خاطف ورجل سيئ ، حتى أنني جعلته يكره هذا المكان لأنني أصرخ وأتذمر طوال الوقت ، وهو سئم ولم يعد يكترث بشأني ولم يعد يحدثني البتة سوى ليخبرني بأن أتناول أدويتي

نهضت باكرا جداً وإتجهت للكنبة حيث ينام هو الان

كم يبدو متمردا حتى حين ينام ، كل هذه الأوشام والندوب على وجهه وذراعيه تخبرانني أنه لم يخسر أبدا قتالا

لقد فكرت كثيرا بشأن إيقاظه ..ثم إنتظرت فحسب هنا حتى فتح عينيه البنيتين وقد فتحهما عليا مباشرة فجلس متوقعا مني نوبة غضب أخرى

( أريد أن أعتذر لأنني صرخت عليك ، دفعتك وركلتك وهددتك ، لا أكرهك و لا أريدك أن تبقى مستاءا مني رغم أنني تعمدت أن أعاملك بطريقة فظة طوال الأربعة أيام الماضية، ماحدث هو جزء مني أراد لومك على هذا الزواج الغير منطقي ،لكنني تجاوزت غضبي الأن وأدرك كليا أنك فقط فاعل خير ، أعني أنت لست مجبر على تحملي حتى ، وأنا أعرف أيضا أن التواجد هنا هو خياري الوحيد المتاح وأعتذر إن جعلتك تظن أنني أطالب بمكان أفضل ، أنا ممتنة جدا لك على كل ماتفعله لي )

فتح ذراعيه هامسا بنبرة ناعسة ( لابأس ) منتظرا مني أن أرتمي في حضنه ، عينيه كانتا شبه مغمضتان ، وأهدابه متلاصقة

شعرت بالإستياء فإرتفع صوتي بدون سيطرة ( لا يعقل ياإلهي ..انا احاول التصالح معك وانت تحاول إستغلال الفرصة )

( إستغلال الفرصة؟! ) كرر بدهشة وكانني اهنته ،فتح عينيه عليا بشدة ليقذفني بنظرة هائجة من الغضب ، شعرت أنه تمثال زيوس بصلابة جسده وقوته
كرهت كم هو قوي وكم انا ضعيفة ..كم يجعلني مجرد وقوفه بقربي ابدو ضعيفة مثل الاوبوسوم

لا أعرف كيف لكن نبرته المستاءة صارت حنونة بكل لا يوصف وهو يقول بصوت خافت ( أنا أفهم أن ماحدث لك غير عادل ، لكن أنت تلقين بكل اللوم عليا كأنني أنا الذي أذيتكِ في حين أنني أرغب بمساعدتك فقط)

( أنت كررت ماقلته لك للتو ) إحتفظت بهدوئي حين وضع أصابعه فوق وجهي ويده الأخرى فوق كتفي

إزدادت قبضته على كتفي ، وراح يداعب وجهي فزدادت خفقات قلبي معلنة حالة طوارئ

قال بإهتمام غريب ( حسنا لم يحدث شيئ ..لا تبكي .. هيا دعيني أرى إبتسامتكِ الجميلة )

جعل غضبي يغلي فقلت بتهكم ( أبكي !! هل أبدو لك مثل طفلة بكاية )

فجأة عادت ملامحه المتمردة لتسيطر على وجهه المغرور (هل تبحثين عن هذا الشيئ ؟ )

رفع ملقطي في الهواء بتحاذق فتراجعت للخلف ووقفت بطريقة دفاعية

صرخت أعلى لدرجة صوتي خدش حلقي ( إن كنت تعتقد الان أني بقيت بدون دفاع عن النفس فأنت مخطأ يارجل .. أقسم بالرب ، سأضربك بشدة لدرجة أوشامك ستختلط ببعضها ..لا تستهن بي ، لدي قبضة حديدية ..سألكمك بقوة على وجهك بحيث ستظن أنني فعلت ذاك بفأس )

عوضا أن يتراجع لمعت عينيه بمتعة ( متوحشتي ) إبتسم بإعجاب لم اجد تفسير له ، ام أنه يسخر مني

لأني تجرأت مجددا على تهديده ، ولأنني أحتفظ بملقط أسوء ماقد أصيبه به هو جرح ورقة

لا أستطيع التصديق أنه يسخر مني

طغى التمرد على وجهه فجأة ( لابأس ..ان كان هذا الشيئ يجعلك تشعرين بالأمان مني ..خذيه )

أمسكت الملقط فأدركت كم كان تافها امام جسده الجبار ، فرميته بعيدا بسخط ( لا أحتاجه لأسقطك أرضا .. أحاول مصالحتك فماخطبك ؟)

( أنت محقة ..أنا أعتذر منك )

أومات بثقل فوضع يده خلف ظهري ودفعني برفق الى المطبخ لأقوم بأول خطوة ، فشعرت به يمشي خلفي بكاريزما طاغية

وبمجرد دخلت حتى قام بإمساك يدي مجددا و جعلني اجلس على هذا الكرسي اللعين كأنها أول مرة أجلس

يا إلهي إمنحني الصبر

حين رأيت العصير والحساء أخبرته بهدوء مزيف ( تصالحنا للتو ، لكن طبعا كان عليك أن تفسد ذلك بنفس الموضوع الذي سنفتح به شجارا جديد أليس كذلك ؟ )

كم يبدو ضخما في هذا المطبخ الصغير ، وضع يده فوق خصره وفتح عينيه بإتسعاه حيث إلتصقت أهدابه بحاجبه ( كيف ستتناولين دوائك ومعدتك فارغة ؟ )

( نصفه فقط ) فاوضته لاني لم اعد في مزاج للمزيد من الشجار .. اشعر بالتعب ، وبنقرات الألم خلف ظهري فخفت من نوبة أخرى

( حسناً ..نصفه إذن ) وافق ولم يضغط عليا مثل العادة .. هو إكتفى بالجلوس بصمت غامض

أخفضت رأسي بإكراه نحو الصحن المليئ بالأرز ورحت أمضع لوقت طويل بدون أن أبتلع ، حين طال صمته أرغمت على إستراق نظرة نحوه لارى فيما هو شارد ، إنه ينظر لي ! .. شعرت بالحر يتصاعد لوجنتاي رغم برودة المطبخ فسحبت شعري على وجهي

أرى الإمتعاض في عينيه ، إنه ينظر لي كأنني من أحضرته هنا وأجبره على أمور معينة لا يريدها

رأيت عينيه تستقران على يدي اليسرى المخبئة داخل كم قميصي فأخفضتها تحت الطاولة ، تعابير وجهه لم تكن مقروءة الأن، رغم ان هذه الطاولة التي تفصلنا إلا أنه غفلني حين وقف وإنحنى لي ، نظر عن قرب لعنقي، ثواني حتى شعرت بأصابعه تمر على جلدي

( أصبتِ بطفح جلدي ) إرتفع حاجبيه بقلق ، تنهدت بداخلي بقوة ( يا رجل العصابات )

( نعم ) رد بعفوية ثم هز وجهه بتفطن متأخر ( ماذا قلتِ ؟)
هزيت وجهي بمأساوية ، ففهم أني إنزعجت من قربه ولمسه لعنقي ، تراجع ليجلس مكانه بوجه لا يخلو من القلق

( إنها لدغة باعوضة غالبا ) كذبت فهز وجهه غير مصدقا ، وهذا أيضا لم يخدعه ، باغتني فامسك بيدي اليسرى ورفع كم قميصي

فذعرت حين قارنها مع يدي اليمنى فكان الفرق واضح جدا ،والإحمرار منتشر على كليهما ، رفع عينيه لي بغضب ( آه منكِ ياماكنزي آآه )

(حسنا ، جسدي يتأكلني ، ليست لدغة باعوضة، هذه طفوح جلدية بسبب مرضي ، وهي منتشرة في يدي ، ظهري وبطني وقريبا ستنتشر في بقية وجهي ايضا )

مسح وجهه بعدم تصديق، هز رأسه بخفة بتعاطف ( آسف جدا ..أنت تعانين بصمت بمفردكِ ) تراجع بالكرسي للخلف كأنه لم يستطع التنفس حزن جدا من أجلي

( لا تشعر بالأسى من أجلي ، أنا لست معارضة على مرضي ، لم أقل أبدا " لماذا أنا" ، لم أشكو أبدا منه ، لا يمكن أن أكون منافقة مع أحد ، فكيف مع الله ، هل لابأس أن يعطيني عيون لأرى بهما ، وساقان لأمشي ، لكن ليس مرض ولا ألم ؟ هذه هي الحياة ، لست أول فتاة ستنتهي حياتها في هذا الوقت المبكر وبهذه الطريقة ، على العكس أنا ممتنة له كثيرا ، أعطاني فرصة لأكون جزء من هذه الدنيا ، ووضعني وسط عائلة محبة ، ومنزل جميل ، أعطاني أخ حارب كثيرا من أجلي ، ليس الجميع محظوظ مثلي ، أعطاني الحب مجانا وإن أراد أن يأخذني ..فلابأس )

أخفض رأسه كليا للأرض ، وقدمه لم تتوقف عن الإهتزاز تحت الطاولة ( أنتِ تحزنينني ) رفع عينيه الحمراوين بحدة ( سوف تعيشين حتى تصبحين مسنة مزعجة )

إبتسمت لأخفف عنه حزنه ، وبعد أن أنهيت نصف الصحن خرجت من المطبخ متجهة الى الغرفة ..فأوقفني صوته قبل أن أدخل

( أنت تحبـسين نفسك طوال اليوم في تلك الغرفة ، تعالي وإجلسي معي ، يعرضون فيلما جميلا الليلة )

لم أرفض الدعوة لأني ضجرت فعلا ، جلست في حافة الكنبة وإغتنمت الفرصة لأسأله ( ألم يتصل بك أخي بعد ؟ )

( لا )

ترى هل هو يقول الحقيقة ( غريب )

( أجل ..وهذا لا يعني أنه نسيك ، إنه يعتمد عليا ويثق بي تماما كما أريدك أن تفعلي )

إقترب مني حتى قطعت أنفاسي ، ولم أستطع التحرك، إلتصقت بظهر الكنبة بينما صار صدره ملتصقا بي ، وذراعه تلتف حول خصري ، شل جسدي عن الحركة فحذرته ( إبتعد عني حالا أو سوف أضربك بقوة بحيث ستخرج يدي من خلفية رأسك ..لا تغامر بوجهك )

إبتعد لا إراديا عني وكانه حقا تلقى الضربة ( أكلتني وبلعتني ، أبحث عن جهاز التحكم فحسب ولا أنوي شيئا مما في بالكِ )

مددت يدي خلفي فوجدت جهاز التحكم فعلا ، هو لم يكن يكذب ، شعرت بالحر مجددا يتصاعد لوجهي ( أريد النوم ) أعطيته الجهاز ووقفت مرتبكة

قال بعصبية ( أنتِ تنامين كثيراً )

( ماذا تريدني أن أفعل مثلا ؟ أغطس في جاكوزي وأغني الراب .. كأنك لا تعرف أنه من تأثير الدواء )

( أعرف .. أسف ) فجأة حدثني بحنان خبيث ( هل تريدين ان أرافقكِ ؟ )

( مثلا إلى اين ؟ المريخ ؟ كلها خطوتان ) كنت وصلت للغرفة حين أنهيت جملتي لأثبت وجهة نظري

ولكنه لحقني .. تسارعت نبضات قلبي حين وقف عند الباب قائلا ( لقد مللت بمفردي ، أرجوك ماكنزي ..تعالي وإجلسي معي)

إقترب و حاول أن يمسك يدي ( مارأيك ان نبقى معا في الصالة..ونتحدث ؟ )

تذمرت بضجر ( نتحدث عن ماذا ؟ )

( عنكِ ..هيا تعالي ) جعلني أقوم بدون أن يبذل أي مجهود وفي الصالة ظل كل شيئ مغلق وحتى التلفاز مطفأ

( أنت تعرف كل شيئ عن حياتي المتواضعة )

( أحقا!؟ ) إبتسم بتمرد أو أيا كان ذلك التعبير الشقي الملتصق دوما بوجهه والذي جعل ماري تعشقه من أول نظرة ( ليس كل شيئ ..أنا لا أعرف بعد ماهي هوايتك المفضلة بالإضافة للنوم )

تخيلت عن حذري وشرعت أحك عنقي بهوس ( أخبرتك أنني أنام بشكل متواصل بسبب تأثيرات الجانبية للادوية التي ترغمني على أخذها )

شرحت له فاومأ متفهما ( نعم ياعزيزتي .. أعرف ذلك ) ونظر مجددا بأسى لعنقي وكيف أكاد أقتلع جلده لانني اكشطه ، أمسك بيدي برفق وأبعدها عن عنقي، ثم إنتبه لقدمي التي احاول حكها على حافة الكنبة بهوس ، خفت أن يرى التورم البارز من خلال جوربي أيضا ،قد يتغاضى عن طفح جلدي لكن تورم في يدي وفي قدمي ، كل مافكرت به هو أنه سيخبر أليكس ، أخر شيئ اريده هو ان يعرف اخي ان جسدي بدأ يمتلأ بالسموم..فشتت تركيزه بصراخي ( من مات وجعلني عزيزتك )

( أأنتِ خجلة مني؟ ) إبتسم بخبث وهو يمرر أنامله فوق عنقي محاولا أن يفرك برقة فوق طفحي الجلدي ، وكأنه يمرر قطنا مكان الحكة وأنا أحتاج لشوكة حادة أو مخالب ذئب.. لكمته على صدره لكمة جعلته ينحني
أخذ نفسا عميقا حيث إبتعد عني ليجلس فوق الكنبة ، لكي لا يؤذيني وبقي يضع يده فوق صدره اين لكمته ..

ليس ذنبي ..أخبرته اني املك قبضة حديدية

هو الذي سأل على ذلك

( إسمعني جيدا ، لا تضغط عليا ولا تلمسني ، أو أقسم أنني سأهرب ولن تجدني أبداً)

فضحك بسخرية ( أود رؤيتك تحاولين)

فتحت عيناي بإتساع غير مصدقة أنه يستهين بي ( جديا .. )

قال بعدما أدرك أنني لست أضحك معه ( إياك ..إن هربت ساجدك بسهولة وسأعاقبكِ )

( تعاقبني أنا !! .. خفت كثيرا .. أود رؤية ماذا ستمنع عني مثلا ، أيها المزعج ) حملت الوسادة الخفيفة ورميتها على وجهه

( مجنون ، مختـــال ، ثعبان أسمر متغطرس ) حملت وسادة أخرى وضربته بها بعنف لأنها ثقيلة وكأن فيها أحجار ( أنت حاول وسترى كيف سأجرك من شعرك مثل الممسحة أمام كل هذا الحي )

( كان لدي هيبة فيما مضى ) تمتم وهو يهز وجهه بإحمرار فضيع من عدد الإهانات التي يتلقاها مني

قلت مهددة ( لست جبانة لأهرب ، ببساطة سوف أطعنك في عينيك )

( كوني فتاة مطيعة وسيكون كل شيئ على مايرام )

لم تمر ثانية حتى مد اصابعه مجددا محاولا ان يمسك بيدي التي اخفيتها داخل كم هذه البلوزة تحسبا ، فعنفته ( قلت لك لا تلمسني ..جديا يارجل ..لا تلمسني )

قال ببؤس كأنه يتصارع مع نفسه ( أنت تعذبينني ماكنزي ..هل تعرفين ذلك حتى ؟ )

( أنا لست أسفة على ذلك ، قلت لك لا تتزوجني ..إنه خطؤك كان يجب أن تتركني عند أخي ..والان تعذب بي )

زم شفتيه ونظر لي بطريقة ساخرة ثم نهض هامسا ( انتِ ليس لديك اي فكرة لعينة عما أتحدث ، وقت الدواء )

( أنت تذمرت للتو بسبب نومي طوال الوقت ..إن أردتني أن أبقى معك فعليك أن تلغي الدواء .. )

راوغته فأمسك بعلبة دوائي قائلا ( هذه تبدو فكرة مغرية ..لكنني أفضل صحتك على كل شيئ أخر ، تفضلي )

تناولت دوائي وأنا أحاول كبت دموعي لانني دوما مرغمة على أشياء لا أريدها .. لطالما أرغمني أليكس بحجة أنني طفلة ولا اعرف مصلحتي والان دوغلاس يواصل مشواره ، حقا جزء مني ممتن له ، جزء مني يرغب بلكمه على كل وجهه

أمسكت بجهاز التحكم وقمت بتشغيل التلفاز ، بقيت أضغط على الزر الاحمر لكنه بقي مطفأ ( لااا ) خفت جدا ان يكون قد احترق نظرا لشكله العتيق

( لاتقلقي ، لعلها الخيوط ، سأتحقق من الكابل ) وقف بجسده المتين أمام الموقد ، وراح يتفقد الخيوط في الخلف ، يبدو لون شعره البني فاتحا وضوء المصباح ينعكس عليه ، رائحته التي مثل نسيم يوم مشمش جميل منعش تستحوذ على حواسي ، وحركاته العصبية تعجبني

فجلست بحذر على حافة الكنبة ، وإغتنمت فرصة أنه يلتفت للتلفاز لأنظر إليه ، إنه كمـا هو ..راكب الدراجة المتمرد الذي عشقته كل فتاة في مدرستي بدون علمه

مازلت اتذكر كل لقب حاز عليه من طرف بنات القرية ، مثل : المتمرد الوسيم ، راكب الدراجة المثير ، الولد السيئ ، آسر القلوب

إعتاد أن يأتي بدراجته النارية التي نسمع صوتها المشاغب قبل وصولها ، فيركضن البنات نحو النوافذ ليراقبنه

وأنا أيضا كنت أسترق النظر إليه كنوع من الفضـول ، كانت عيونه مثيرة مصممة على النظر بشراسة ، تخطف أنفاس البنات ، يتحرك بطريقة متغطرسة وكأنه يعرف أن جسده يربك نبضات البنات ويفقد ثقة الشبان حوله ، كن يتغزلن به بأجمل الكلمات وأكثرها جرأة فيمابينهن ، في الأروقة يحاولن بكل الطرق نيل إنتباهه عن بعد ، حتى أن صديقتي ماري كانت تأتي بتنورة قصيرة يوم الأربعاء وتضع أحمر شفاه فاضح وفي يدها رسالة غرام

لكنه لم يكن يرفع عينه لهن قطْ ، كان يملك هيبة مخيفة لدرجة لا واحدة منهن تجرأت أن تعترف لـه

كان يوم الأربعاء غريبا لي ، لأنه صديق أخي المقرب ، ولم يكن منطقيا لي أن أتغزل به مثلهن، كنت أراه مثل أخي ، وقد كان يعتريني سؤال واحد فحسب ، مالجحيم الذي كان يفعله هناك كل أربعاء

ماري حتما ستموت من الغيرة إن عرفت أني أصبحت زوجة راكب الدراجة المتمرد المثير ، سوف تكتئب

( كنت تتردد إلى مدرستي كل أربعاء ) قلت فدحرج عينيه نحوي غير متأكد أنه سمع صوتي أو تخيله

همس ( صحيح ) وإرتبك بشكل واضح

( هل كنت تترصدني ؟ ) وضعت كلتا قدماي فوق الطاولة بسخرية ، رفع رأسه بحدة ( لا ) وإزداد إرتباكه بغموض

( ماذا كنت تفعل هناك عدى محاولة رؤيتي ؟ ) تفطن أخيرا للسخرية في صوتي ووجهي فشعر بالإستياء ( إلى ماذا تلمحين ؟) سالني بعدائية بريئة

( أنت أدرى ) لم أدرك حتى الان أن ماري كانت محقة حين وصفته ، إنه مثير جدا لدرجة حبس الأنفاس

قال بسلاسة ( كنت أقدم خدمة لقريبي بإيصال الأوراق والحبر ، لم أرك قط هناك )

( رأيتك كل أربعاء ) توترت حين تسمرت عيني على عينيه ولم أستطع النظر لمكان أخر

( لم تأتي أبدا لتلقي التحية ) توقف عن التحرك منتظرا مني جوابا

( لم أجد الفرصة ) كذبت ، كان يتجاهلني مثل الجحيم في كل مكان ، فأريته مستوى جديد من التجاهل ، حتى تلك المرة ..التي تركت في بالي سؤالا لم أجد له جواب بعد

لم أرد مواصلة التحدث في هذا الموضوع فتسللت إلى الغرفة لأتمدد ، لاحقا تلك الليلة كدت أن أغفو حتى سمعته يتحدث على الهاتف

سرت بهمس حتى وصلت للباب ووقفت بهدوء لأسمعه يقول على الهاتف ( ليتك أخبرتها بالحقيقة ياأليكس ، لقد جعلت حياتي صعبة الان )

وبمجرد أن سمعت إسم أخي حتى خرجت إليه ، أحرقني إشياقي لعائلتي ولأخي ،خطفت الهاتف منه بعنف فتسببت بخدشه ، أردت فقط سماع صوت أخي لكنني تجمدت من نظرته الخطيرة حيث وضع أصابعه فوق عنقه ورأى الدماء

حرفيا تجمدت مكاني وبدأت أجراس الحذر تدق في أذني

( دوغلاس هل تسمعني ؟ ) تجاهل الرد على أخي وتقدم لي وهو يقطب جبينه بعنف فسقط الهاتف من يدي

أخذت بضعة خطوات إى الخلف حتى إصطدم ظهري بالجدار ، وإستعدت للقتال

حمل الهاتف وتقدم نحوي حتى حشرني في زاوية الجدار ، عيناه تشتعلان غضبا الان

( أتصل بك في وقت أخر أليكس)أغلق الخط وألقاه على الكنبة وقبل ان يحاول لمسي إتخذت وضعية قتال

( إن لمستني تموت )

لكم الجدار بقوة حيث أحدث فيه ثقباً فشعرت بالألم مكانه ، دموعي كانت تنزل مثل الامطار ليس لأنني سمعت صوت أخي ..بل لأني لست معه الان

( حسنا لا تبكي ) مسح لي دموعي متجاهلا تهديدي كالعادة فضربت يده ودفعته بجسدي

شد قبضته بعنف في الهواء ثم إلتفت وضغط على كتفي برفق ليمنعني من العودة إلى الغرفة ( ظننتك نائمة ولهذا لم أشأ إيقاظكِ .. لاتظني أنني لم أردك أن تكلمي أليكساندر )

( لا تلمسني ) منعته فمسح دموعي ضاربا تحذيري في الجدار( هل تفعل هذا عمدا لتستفزني او انك مجرد غبي ولا تفهم .. إبتعد عني ولا تـ لـ مـ سـ ني )

جعلته يغضب مجددا لحد الإرتعاد فإبتعد عني نحو الكنبة وبقي يدور في حلقات محاولا أن يسيطر على غضبه ، لكن عينه لم تفارقاني ، أرى أسرار تطفو فيهما ، يحاول دفعهم لأعماقه ليخفيهم عن الجميع ، أسرار يجعلونه يشرد طوال الوقت ، هناك مؤامرة تحدث خلف ظهري بينه وبين أخي ، لن يكون إسم ماكنزي إن لم أجعله يعترف الأن

شبكت ذراعي لصدري بتغطرس ، وجهت إليه نظرة مستفزة ( منذ وصولنا هنا ، شعرت أنك تخفي عني سرا ..وتتشوق لتخبرني )

( هل ترغبين أن تعرفي حقا ؟ ) رأيت عيناه تحمران ، إتجه لي كمستذئب هائج ، وأنا كنت مثل القمر المكتمل الذي أصابه بالجنون ، دس أصابعه يده داخل شعري المبعثر، ورفع وجهه له بعنف ، خشيت جدا أن يقول أن أليكس كذب عليا وأن هذا الزواج حقيقي ، سوف أنهار أمامه إن كان أخي حقا تخلى عني في أخر أيام حياتي

ظهر خط صارم بين حاجيه ، وحرارة كبيرة تتصاعد من جسده ، وأصابعه تشد شعري بقوة وتكاد ترفعني أكثر لوجهه

(واضح أنك تحبس أنفاسك شوقا لتخـبرني ) حرضته بطريقة مستفزة ( إعتــرف .. أخـبــرني )

مال بوجهه لليمين فإختفت نصف تقاسيم وجهه في الظلام ، بقي يحدق فيا بعيونه البنية الفاتحة بلون غروب الشمس الدافئ اللتان تهمسان بالكثير من الكلمات

صرخت ( إعــترف )

قضم شفته السفلى بلهفة ودفعني إلى الجدار، بدون أن يفلتني ، ضاقت عينيه كما لو كان يتألم ، وقال ( أحبكِ )

شدني إليه بضعف راغبا أن يضمني ، لكنه تراجع في أخر لحظة فدفعني إلى الجدار مجددا صارخا بإحتراق ( أنا أحبكِ ، اللعنة ! )




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 24-02-21 الساعة 08:29 PM
اوديفالا غير متواجد حالياً  
التوقيع
“I stretch truths where I see fit. I’m a writer”
رد مع اقتباس