عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-21, 09:08 PM   #141

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


كانت سمر قد أخذت دشا دافئا عله ينعشها قليلا، أو ربما حتى ساعدها على النوم، وقفت أمام المرآة تمشط شعرها المبلل، تحس ببرودة وكأن المياه الدافئة ذهب مفعولها؛ رعشة تهز جسدها بخفة فتنهدت طويلا علها تهدأ، ضيقت حاجبيها فيما تناظر انعكاسها بالمرآة ترفع يدها على صدرها تتحسس السلسلة الخاصة بها تحت البيجاما، دون أن تجدها، همست( الآن علمت سبب برودتي!) تابعت بضيق فيما تبعثر بمحتويات طاولة الزينة:
«أنا متأكدة تركتها هنا قبل الاستحمام»
يدها ظلت تبعثر هنا وتبحث هناك دون جدوى فيما تمسك عنقها، تحس بشيء ينقصها!؛ وبخطوات واسعة خرجت من الغرفة متوجهة إلى الحمام علها تجدها هناك، ظلت للحظات طوال تبعثر بكل المحتويات حتى بملابسها التي خلعتها.
«هل تبحثين عن تلك!؟»
هتفت بها ندى فيما تستند على باب الحمام ترفع السلسلة أمام سمر التي انتفضت في وقفتها تاركة الملابس التي كانت تبحث فيها، هاتفة وهي تمد يدها لتأخذها:
«تعبت وأنا أبحث عنها وهي معك»
قبضت ندى على السلسلة وهزت كتفيها متراجعة عن سمر فيما تقول:
«ومن قال سأعطيها لكِ ابنة عمي!؟»
اقتربت سمر من ندى تحاول أن تأخذها فيما تتملص الأخيرة من بين يديها رافضة إعطائها لها، فهتفت بها سمر:
«ما هذه الطفولة ندى، اعطني إياها»
تراقصت ندى بحاجبيها البنيين ثم رفعت السلسلة مرة أخرى أمام سمر قائلة بمكر:
«لن أعطها لكِ إلا إذا أخبرتني ما تحتويه تلك الدمعة!؟»
ضيقت سمر حاجبيها بضيق تحاول أن تخطف السلسلة من ندى فيما تقول بارتباك:
«ما الذي يشغلك بما تحتويه!؟»
قبضت ندى على الدمعة المدلاة التي تعلم جيدا بأنها نصفين ثم قالت:
«يشغلني بأنكِ كل ما فتحتها تبتسمين، أريد أن أعرف السبب وأنت تخفيه علي، إذن سأعرف بنفسي»
همت أن تفتحها فهتفت سمر قائلة برجاء رغم الغضب:
«لا تفعلي؛ ثم ألا تعلمين بأنك هكذا تقتحمين خصوصياتي»
قالت ندى مدعية عدم الاكتراث:
«لا بأس فنحن أخوات»
تخصرت سمر ترتسم على ملامحها الضيق فيما تقول:
« دعي السلسلة وهيا اذهبي مؤكد علي بانتظارك كي تخرجا»
غمزت ندى لها وقالت:
«ما رأيك لو أتيتي معنا أنتِ وعمران؟»
زمت سمر شفتيها قبل أن تقول بنفاذ صبر:
«ندى، لا أنا ولا عمران نريد الخروج»
ابتسمت لها ندى برواق ثم قالت ممازحة:
«هل أخبرك عمران بأنه لا يريد الخروج!؟»
هتفت سمر تشعر بأنها تكاد تفقد صبرها بالفعل فيما كانت ندى لا زالت تعاندها:
«السلسلة ندى، كفى»
تركتها الأخيرة فيما تسير للخارج قائلة برواق ومعاندة:
«هذه السلسلة أصبحت تخصني الآن، سأرتديها»
التفتت لها متابعة:
«ستكون رائعة علي»
« لا» قالتها سمر برفض واضح فيما تحاول أخذها وندى تسير للخارج بينما تقول:
«سأعلم ما بها وحدي»
قالت سمر وهي تلحق بها:
«إنها الأمانة ندى وأعلم بأنك لن تفتحيها»
وقفت ندى متخصرة:
«إذن أخبريني ما تحتويه السلسلة لأعلم ما الذي يرسم تلك البهجة عليكِ؟!»
«هل ستظلان تتناقران هكذا يا بنات، صوتكما يصدح بأنحاء البيت»
قالها صلاح فيما يرحب بعمران الجالس معه في بهو البيت.
تجمدت الفتاتان كتمثالين من الشمع، ظلت يد ندى معلقة بالسلسلة فيما كانت سمر فاغرة فاها كالبلهاء وهي تتبادل النظرات بين أبيها وعمران!.
ضيق الأخير حاجبيه، يتابع السلسلة التي تتمايل في يد ندى للحظات لم يحسبها فيما يهمس داخله وكأن السلسلة ستسمعه وتفهمه{ ياليتك تبوحي لي ما بينك وبينها، وتخبريني عن سرك الذي يرسم بسمتها، قولي لي ماذا تحمليه في دمعتك؟؛ لربما كنتِ شفاء لي ولها!}
زفر بخفوت ينفض أفكاره الغريبة! فيما تتعلق عيناه بالواقفة لا تتحرك ولا زالت ثابتة كأنها لا حياة فيها، لكن قطرات المياه التي تتساقط من شعرها؛ أنفاسها التي تعلو وتهبط؛ قدماها الحافيتين اللتين تلامس الأرض وبيجامتها الوردية التي كانت فيها كالطفلة البريئة كل هذا أخبره بأن سمر ليست تمثالا، بل بشرا من دم ولحم؛ ببشرة مخضبة الحمرة، بل إنها زوجته!؛ ازدرد ريقه يطرق برأسه قبل أن يسمع عمه يقول:
«يا فتيات ألم تملان من موضوع السلسلة فالجيران يوما ما سيسألوا هم الآخرين عنها بسبب صوتكما»
تلعثمت ندى فيما تضبط طرحتها وتقول:
«كنت أشاغب سمر عمي»
ثم نظرت لعمران قائلة:
«أين علي !؟»
قال ببسمة:
«يتأنق أمام المرآة منذ ساعة»
ضحك صلاح برواق وقال:
«حقه، ألن يتناول العشاء بالخارج، أما نحن سنأكل سلطة»
اتسعت عينا سمر لمقصد أبيها وكأنه بكلامه هذا استطاع سحبها من ذهولها، فربعت يدها على صدرها وقالت:
« ماذا تقصد أبي!؟»
ضحك صلاح برواق وقال غامزا لعمران
«هل ستجهزين لنا عشاء؟!؛ بالطبع لا، علاقتك مع المطبخ آخرها السلطة»
زمت سمر شفتيها بطفولة فيما كانت ندى تكتم ضحكتها بينما عمران تعلق بتلك الواقفة بحنق ووجهها وردي، دون زينة ولا طلاء للشفاه، كانت بريئة، جميلة فاتنة كما كانت بطفولتها؛ كما أحبها!.
انتزعه صوت سمر فيما تقول لأبيها:
« سنجهز أي شيء أبي حتى لو سلطة»
فزادت بسمة عمران فيما يستند على ظهر الكرسي ويده على ذراعه متسليا بعناد ندى وعمه مع سمر فيما هتفت الأخيرة في ندى:
«أعطني السلسلة قبل أن تذهبي»
مدت ندى لها يدها بها قائلة بمشاكسة:
«ظننتك نسيتي»
أخذتها سمر منها فيما ترفع يدها تزيح شعرها وترتديها بينما عينا عمران كانت متعلقة بها وكأنها مغناطيس تجذبه لها زفر بهدوء وهو يسمعها تقول:
«إياكِ وأخذها مرة أخرى ندى»
تدخل صلاح مداعبا ابنته:
«سمر، بدلي ملابسك ولا تتأخري لنجهز السلطة»
احمرت وجنتيها تنتبه أخيرا لما ترتدي، فتنحنحت تجلي صوتها فيما تنتزع عينيها من النظر لعمران قبل أن تقول:
«عليك التحمل أبي»
أجابها:
«لم يعد علي التحمل سمر بل زوجك الذي سيصبح نباتيا على يدك»
علت أنفاسها فيما تتلاعب بخصلات شعرها والكلمات تقف في حنجرتها لا تجد رد فتدخل عمران بعدما تنحنح بخفة:
«ما رأيك عمي لو قمنا وجهزنا العشاء بأنفسنا!»
«يا عمران، هكذا ستتدلل؛ دعنا نعلمها كيف تصنع طبق البيض»
شعرت سمر بالحنق وهي تحس بأنهما يتسليان بها فهتفت بصوت مخنوق:
«أبي.. أنت تعلم بأنني لا أحب المطبخ»
«أعلم حبيبتي، تعلمين أناغشك»
رد صلاح يتدارك الحديث حين أحس أنها ستبكي رغم أن هذا الأمر تكرر كثيرا لكن سمر كانت تستقبله بضحك ورواق ولا يهمها لا وجود عمران ولا غيره بل كانت تزيد دلال وتنتظر الطعام كي يأتيها أو فقط تجهز أشياء خفيفة مع ندى.
أحست سمر أنها ضايقت أبيها حينما لمحت في وجهه نظرة حزينة لم تتحملها فانتزعت ضحكة خفيفة قبل أن تقول:
«حسنا سأبدل ملابسي ، وانتظر السلطة أبي كي تجهز»
صمتت لحظة قبل أن تتابع محاولة الرواق:
« ولا تنسى أنني أحضر كيك لا مثيل له»
ضحك صلاح برواق فيما يراها بدت أقل ضيق وقال:
«إذن سنأكل أجمل كيك من يدك حبيبتي مع الشاي»
اتسعت بسمتها قبل أن تقول:
«لحظات وسأكون بالمطبخ»
وبخطوات سريعة كانت تتجه لغرفتها فيما
يتابع عمران ظهرها وهي تدخل للغرفة، ابنة عمها مرتبكة، متخبطة وهو أدرى الناس بها، ليس من عادتها الحزن من مزاح أبيها، حتى بمحاولاتها لرسم مزاحها الآن وتخطيها للموقف لكن ملامحها شفافة له، يشعر وكأنها مرآة!.
بعد وقت لم يطل كثيرا كانت ندى قد خرجت مع علي بينما سمر قد بدلت ملابسها وبخطوات متمهلة كانت تسير تجاه باب غرفتها، سحبت نفسا عميقا وانتزعت بسمة على شفتيها قبل أن تخرج وتتقابل عينيها مع زوجين من العيون، قالت بصوت حاولت أن يكون مرحا:
" سوف أجهز الكيك أبي، اليوم عشائك خفيف"
ضحك صلاح برواق فيما يفتح ذراعيه لها لتجري عليه ترتمي على صدره تحت أنظار عمران الذي يتابعهما صامتا بينما نبضات قلبه تتولى قيادة الحديث، قال صلاح وهو يمسد شعرها بحنو:
" هذا العشاء يشبعني باقي العمر يا قرة عيني أبيك، يكفي أنه بيديك"
" إذن لا تعترض مرة أخرى على السلطة الخاصة بي أبي"
قالتها سمر بدلال فيما يختفي وجهها في حضن أبيها.
اختنق صوت صلاح بينما يضمها أكثر وقال:
" سأشتاق لتلك السلطة و الكيك مع الشاي يا ابنة صلاح"
تأوهت بخفوت بينما يختنق صوتها وهي ترفع وجهها من على صدره وقالت :
" وأنا سأشتاق لك أبي"
جذبها لصدره يحس بقلبه يكاد يغادره فيما التفت عمران للجانب الآخر، يشعر بأن طاقته للتحمل تنفذ؛ بل ربما شاطرهم عناقهم هذا قبل أن يسمع صوت صلاح يعود لمرحه قائلا:
" هيا ياسمر، لا تتأخري علينا بالكيك، عصافير بطني تزقزق"
ضحكت برواق قبل أن تقوم من جانبه وتقول فيما تشير لعينيها :
" عيناي لك أبي ، لحظات ويصبح كل شيء جاهز"
بخطوات رائقة كتلك البسمة التي ارتسمت على وجهها بصدق كانت تتوجه إلى المطبخ وتبدأ في إعداد الكيك .
أما صلاح فقد تأمل ابن أخيه الجالس شاردا يحدق حيث اختفت سمر.
" عمران"
قالها صلاح بحنو فيما يربت على فخذ ابن أخيه، انتفض الأخير بجلسته في خفة وهو يرد على عمه بنعم..
فتنهد الأخير في هدوء وقال:
" اذهب لسمر في المطبخ"
ضيق عمران عينيه بتساؤل فاستدرك صلاح مفسرا:
" ابنة عمك ليس لها علاقة بالمطبخ وأنت ادرى الناس بهذا، أدركها بدلا من أن لا نجد عشاء"
ضحك عمران بخفوت فيما يتابع عمه بنبرة ذات مغزى وصلت لقلب وعقل عمران:
" ساعدها يا عمران"
خفق قلب الأخير بطريقة لا يعرف مغزاها فقام مرتبكا يهمس بالموافقة ليتبع سمر للمطبخ تحت نظرات عمه الذي ظل يتمتم بكلمات لا يسمعها عمران ولم تكن سوى دعواته لهما براحة لا تفارقهما…
وقف مستندا على باب المطبخ شاردا فيها، تنهد طويلا فيما يراها ترخي وجهها تنشغل فيما تعده، شعرها رفعته بعفوية غير متقنة فتحررت بعض خصلاته على وجنتيها وجبهتها، زينتها الخفيفة على غير عادتها لكنها كانت بريئة في عينيه لحظتها، تلك اللحظة الذي تمنى لو كانت بغير الوقت و بدون تلك الأحداث، زفر بعمق فيما يصدح برأسه صوت عمه" ساعدها ياعمران" فهمس بخفوت " ليتني أملك تلك القدرة عمي، ليتني انتزع نفسي من ألمي فأجذبها معي"
رفعت سمر وجهها مجفلة يصلها همس بصوت خشن، فضيقت حاجبيها فيما ترى عمران يعتدل في وقفته فقالت مضيقة حاجبيها:
"أنت هنا!"
ثم تابعت متسائلة
" قلت شيء!؟" أجابها بهدوء:
" أقول جئت للمساعدة"
أشارت للصينية برأسها وقالت:
"انتهيت من إعداد الكيك سوف أضعه فقط في الفرن"
أجابها فيما يتوغل للمطبخ:
" سنترك الكيك للتحلية، ونعد عشاء خفيف"
قالت بعفوية وكأنها تتحدث مع ندى بينما تضع الصينية بالفرن:
" ستعرف!؟، لأنني سأظل مشرفة "
اعتدلت بوقفتها تعي أنها تتحدث مع عمران فيما تمسد عنقها في ارتباك فقال الأخير معفيا إياهما من الجو المتوتر:
" أحيانا علينا ترك الإشراف والقبض على دفة القيادة!"
ابتلعت سمر ريقها تحس بجو المطبخ أصبح أكثر حرارة، تشعر بغموض كلماته ونظراته رغم جمودها وبرودتها تتحدث بالكثير، قبضت على سلسلتها فيما تجيبه وتنتزع نفسها من ارتباكها:
" سوف أجهز السلطة"
نظر لها لحظات ربما طالت قبل أن يستدير للثلاجة ويفتحها قائلا:
" وأنا سأعد الباقي"
كانت تنظر له بطرف عينيها وهو يجهز كل شيء بنظام، يد خبيرة اعتادت على ذلك بل وبتنميق واهتمام شديدين، استنتجت بأن هذا من وحدة ابن عمها أصبح بهذه المهارة.
يتبع 🥰💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس