عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-21, 04:38 PM   #2

غِيْــمّ ~
 
الصورة الرمزية غِيْــمّ ~

? العضوٌ??? » 486022
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » غِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond reputeغِيْــمّ ~ has a reputation beyond repute
افتراضي

.
.
.
.
.
التفتُ لهن ، جميعهن عقولهن مشغولة بشيء ، أعلم .. دينا تفكر في وليد وكيف تستطيع الوصول اليه والاطمئنان ، إسراء تراقب الجميع وتخمن ما يجري في عقولهم ، مروةصغيرتي قلبها وعقلها في والدايّ المختفيان أما دانة .. هذه المجنونة الغامضة لا اعلم فيما تفكر ولكن أشعر بأنها تخفي سرًا كبيرًا .. آآه إنها تقترب لتصبح التاسعة ، عليناالرجوع للمنزل لنرى الأخبار ، ربما هناك خبرًا عن الطائرة تلك
وقفت ليقفن من بعدي ، بطّات سلطان .. ابتسمت على لقبنـا الذي نحبه جميعًا .. توجهت لجدي لأخبره بأننا ذاهبات
قال بصوته الحنون : تبون أجي وياكن ؟
دانة بلطافتها المعتادة : يا ريت جدي
قرص خدها بلطف : من عيوني ، قولي لمارين تجيب الشنطة
إسراء تخصرت لتمازحه : جاهز نصور هاا
ضحك جدي في وجهها : ايه ناوي وخالص إني ما أخليكن لحالكن
ساعدته على الوقوف : طيب جدي أمشي معاي ودينا ودانة يجيبن شنطتك
اعترضت إسراء: أنا ودانة بنجيبها روحوا أنتوا
لم أستطع التحرك .. يأجوج ومأجوج سيأتين بالشنطة ؟ لااا وقطعًا لا ، هناك معركة ستحدث هنا ، سحبتها من طرف بلوزتها : تمشين معي أنتِ ودينا تجيب الشنط يلااا
ضحكت دانة بخفوت وذاك أكد لي بأن الاثنتين قد نوتا على شر ، وشرٍ كبير أيضًا .. آآهه لأعترف .. ترويض هاتين الاثنتين أشبه بترويض جملٍ عنيد ، ترويضهن صعبجدًا لا أدري كيف لنظره من روز تجعلهن يبدين كحملٍ وديع وهن كأنهن لبوات وجدن فريستهن ..
مشيت وأنا أجر إسراء معي ، وكانت تنطق بكلمات جعلتني أضحك بشدة ،، لا أغتر بنفسي ولكن وجهي يزداد جمالًا حينما أضحك .. اختفت ضحكتي وأنا أرى هانييدخل بيت جدي بيده نوارته .. اسماها باسمي وأضاف تاء بنهايته ليصبح اسمها نوارة هاني .. لست خاصته صدقوني ولا أتلذذ بذلك ، فقط اشفق على الحرباء بل لأقولثريا ..
وقف هاني المتلهف لرؤيتي لأني اتجاهله بمقر عملنا بل وطلبت بأن يتم نقلي لفرعٍ آخر ، قال بلهفة وضحت على صوته : هلا نوار
خجلت .. القى تحيته بجانب جدي وعمّار ابن عمي المتغطرس كما اتفقن أخواتي .. شعرت وكأن عمار وجد ثغره لعيايرني بها ليقول ابنة الفرنسية فعلت ..
رد جدي الذي انقذني : أهلين هاني طليقتك داخل وأبوها موجود كان ودك تحط بنتك ، وادخل يضيفوك العيال بس ادخل المجلس على طول لأن بنياتي بيطلعن ..
طبعت قُبلة على رأس ناصر هذا ، لأنه ألجم عمار وهاني .. كان عمار على استعداد للسخرية مني ولكن كلمات جدي الطويلة جعلته يصمت ، أما هاني فقد شعر بالحياءأعلم ذلك قد وضح على ملامحه .. قد أكون في الماضي معجبةٌ بأخلاق هاني واسعدني أن أكون شريكة حياته ولكن بعد الأحداث المفعمة بالدراما ، غابت رغبتي تلك ، فأناأيضًا ابنة روز التي كانت احدى قواعدها ( الوقوع بالحب مع رجلٍ متزوج ممنوع ) وطبعًا الممنوعات لها عواقب وعاقبة هذا الممنوع هو وصول الخبر لسلطان .. ومن مناترغب بمواجهة سلطان ؟ لا أحد
مشيت ويدا إسراء تحتضنني ، إسراء بارعة جدًا في امتصاص الغضب والحزن مني ، لا أعلم ماذا ثرثرت أو كيف واستني ولكن أشعر الآن وكأنني لم التقِ هاني ولم يمربجانبي
أخذت مقعد السائق هذه المره وجدي بجانبي لتجلس دانة بالخلف بينهم ، فأنا أكثر منها وزنًا ولا نستطيع الجلوس أنا وهن بالمرتبة الخلفية بينما دانة تستطيع .. وصلناللبيت برفقة جدي ، كلنا متحمسات للجلسة معه ، فحكايات قديم الزمان لجدي ممتعه جدًا
طبعًا أخبار التاسعه كالعادة لم تطمئنا بل زادت حزن مدللتي مروة ، مروة التي فقدت والداي وهي في عمر الـ ١١ ..
سافر كلاهما لتلقي والدتي للعلاج ، نجح علاجها واستغرق سنة كاملة ، وعند رجوعهم سقطت الطائرة ومنذ ذاك اليوم ليومكم هذا ونحن بانتظار أن يدق أحدهم البابلنفتحه ونجد والدانا أمامنا ..
لأسترجع معكم أحداث يومٍ ماطر حزين !
كان المطر شديد جدًا وكنا في وحده خائفين ، لم يستطع ناصر الحبيب القدوم إلينا بسبب قوة المطر ولكن وعدنا بأنه آتٍ .. سمعنا دقًا قويًا ، الجرس رن ورفض السكوت ، لاأعلم لما هتفت مروة بسعادة : أكيد ماما وبابا
نحن دائمًا نصدق احساس مروة ، ستعلمون لاحقًا لما .. ركضنا بلهفة لذلك الباب وفتحناه ، لم يكن هناك أحد ، بكينا مع تساقط المطر بكاءً شديدًا ، السبب في الرنالمتواصل للجرس كان عطل ، أصلحه لنا جارنا ولكن نمنا على خيبة أمل في ذاك اليوم .. نمنا على سرير والدانا الذي كان يحمل رائحتهم
.
.
.
نواري !
رفعت رأسي لها ، اصبعها الحنون تسلل لعيني ليمسح دمعتي المتمردة ، جلست أمامي .. المجنونة المفعمة بالحب والحنان .. همست برقة تناسب ملامحها لا تصرفاتها : ايش فيك ؟
ولأول مرة أصارح أحدى أخواتي : محتاجة أمي وأبوي يا دانة
احتضنتني بجسمها النحيل .. لا أدري يا دانة ، من منا يحتوي الآخر .. بقيت في حضنها الدافئ لفترة من الوقت لأبتعد بعدها وابعد شعرها الغجري
همست لها وأنا ارتب شعرها على اكتافها : متى موعدك ؟
عبست وجهها : بعد بكرة
مسحت على وجنتيها : والجامعه ؟
همست بغيض وهي تشيح بوجهها : طز فيها
لطالما أحبت دانة جامعتها وتخصصها الذي أصرت بل وعاندت لتدرسه ولكن ما حصل معها ، جعلها هكذا .. وضعت يداي على كتفاها ، أوقفتها وجعلتها تجلس بجانبي ،فاتنتي المجنونة ، رفعت رأسها وأنا أضع سبابتي أسفل ذقنها : يا الخبلة .. عشان حادث من شخص ما أقدر أوصفه بأشبع الكلمات لأنها ما توفيه حقه تفقدين شغفك
قالت بنبرة أقرب للبكاء : خسرت سنتين من عمري ، رجلي أعرج بها وأيدي هذا حالها
احتضنتها ، صدقوني هي لم تيأس ولكن يحدث للإنسان يتعب من المُثابرة ويستسلم ، هذا ما وصلت له ولكن هل أجعلها تستسلم وأنا متكتفة ؟ أبدًا .. سمحت لها بالبكاء ،واسيتها كثيرًا بمسحي على ظهرها ولم أنطق بحرف ..
رفعت جسدها الصغير عني وابتسمت بوجهي ، أخذت امسح بقايا دموعها عن وجهها وهمست لها : أوعديني تكملي علاجك وتنتبهي لدراستك
قالت بتحدي : بوعدك بعد ما توعديني إن ما عاد تفكري في التافهه هاني
ضحكت لها بشدة ، دانة كانت من الذين فرحوا بعدم ارتباطي بهاني وكانت تقول ( ما يناسبك ) ، وكذلك أمي .. كانت من المعارضين وكانت تقول بأن اسمه لا يعجبها ،بذكري أمي .. كنت قد حدثتها ذات ليلة بأنه يعجبني وكان عقابي بأنها لم تحدثني لمده أسبوع بعد أن نهرتني قائلة ( ما أرسلتك تشتغلي عشان تصيعي يا الكبيرة ياالعاقل ) ، ومن يومها كبحت اعجابي بهاني ، فأمي أهم من ارتباطي به
فقت من سرحاني على صوت ( طقطقة أصابع دانة ) قلت وأنا ارفع حاجباي للأعلى : خير أختي وش تقولي ؟
قالت دانة بروقان فاجئني وبصوتها العذب بعد ان اطلقت تنهيدة : أهواك يا ناعس الطرفين وغيرك من الناس مالي به
فتحت عيناي بوسعهما و : هههههههههههههه اااخخخ يا دانة
رمت نفسها باحضاني وقالت بحالمية شديدة : والله ودي اتزوج واحد عيونه ناعسه وكذا له نظره تخليني اتأتأ اذا طالعني
داهمتها دينا وهي تشدها من طرف قميصها : أقول توكلي نامي يلا يلا .. التفتت لي لتقول برفعة حاجب : أنتِ بعد يلا
ضحكت وأنا أرى بأن الصالة السُفلية أصبحت مظلمة ، الساعة تشير إلى الـ حادية عشر والنصف .. في نظام روز ؛ في هذا الوقت الجميع يتسلل لغرفة نومه .. ونظام روزقائم حتى وهي غائبة
.
.
.
.
.
التفتت لي وهي ترتدي قميص بجامتها : بسم الله ايش تبغي ؟
أغلقت الباب : طلب بسيييييييط
رمت بجسدها على السرير وهي تشير لي بالجلوس أمامها : خير أخت دينا
ضربتها على رأسها بخفة ، أسلوبها وترني : بروح معاك موعدك
رفعت حاجبها وتكتفت ، يا إلهي هذه الشيطانة فهمتني .. كشفت نواياي ..
سمعتها تقول بنبرة حادة ورثتها من والدي ، يتحدث بها عندما يعطينا أوامر بعد غضبه من أفعالنا .. دانة بحدة : إذا بتروحي عشان تشوفي وليد أو تطلي عليه لا
قلت برجاء : دانة بلييييييز
جلست بجانبي وهي تحتضن كفي : أنتِ اللي بليز واحترمي مشاعرك تكفين لا عاد تهينيها ، ارحمي نفسك وعزي شأنك .. أمه ما تبيك لولدها ليش تنزلي نفسك لمستوى مومستواك ، ليش تصيرين ذليلة دينا ليش ! ليش ؟ خليه يولي يبقى بحضن أمه .. سكتت لتكمل وتجرح قلبي : بسألك سؤال ، صار له من صحى أسبوع ، قد في يوم كلمتيرغد وقالت لك سأل عنك ؟ جاوبيني تكفين !
لم أستطع إعطائها إجابة ، فخلال حديثي مع رغد لم تذكر لي قط أنه ذكر اسمي ، ربما فقد ذاكرته لحظيًا ! وكأنها المشعوذة قرأت أفكاري لتنقرني على رأسي وتقول : عشتي معاه طفولتك يعني لو فقد ذاكرته جزئيًا بيتذكرك بيتذكرنا كلنا ، بس ما ذكرك وهو ذاكر أهله، دينا خلك واقعيه وعقلانيه العاطفة ما تفيدك أبد ..
أنا أفهمها هذه الأخت ، إنها تردد كلامًا هي بحاجته ، رمقتها بنظره جعلتها تتوتر وتشيح بنظرها .. قلت لها بخبث : حبيبي !
رفستني بقدمها المعاقة ( فقط أمزح ولا أعني ذلك إطلاقًا فهي أختي المجنونة الحنونة المشعوذة المتمردة جامعة كل الصفات ) ضربتها في قدمها السليمة لأقول : غردي يانظر عيني
ضحكت لتحتضنني ونسقط سويًا على وسائدها الكثير .. تحدثت وهي متوترة بشدة : في شخص صار له سنتين يرسل لي ويحط لي رسائل ورقية في باب السيارة ، وكلهاغزل
ضربت صدري وأنا أشهق : واخزياه !
رمقتني بسخرية ، غالبًا ما تقول أنني أصبح عجوز في مثل هذه المواقف ، تجاهلت نظرتها لأقول : ومن هذا قليل الخاتمة !
أطلقت ضحكه صداها تردد في غرفتها : ديينا اطلقي العنان للشابة اللي داخلك وقفلي على العجوز
عندما قالت عجوز تذكرت شيئًا، أقسمت أن أشاركها به ، وضعت كلتا يدي تحت رأسي لأقول بنبرة هادئة : طنشيه هذا وركزي معاي .. تدرين وش سمعت اليوم ؟
جلست ،، طوت ذراعيها بحذر أسفلها ، أطلت النظر لها وأنا أراقب حركتها ، أجزم بأنها إن أكملت علاجها الفيزيائي ستستطيع التحرك بقدمها بحرية ، لم أعلق وأكملتحديثي بعدما لاحظت الاهتمام للاستماع إليّ ظاهرًا في عينيها .. أردفت وأنا بنفس وضعيتي : سمعت حريم أعمامي يتكلمن عن سيطرتهن على عقل جدتي .. أم الحرباءقالت أحس إن قلبها يحن عليهن ، وأم قليلين الخاتمه قالت إن هي بتضغط عليها عشان موضوع خطبتك لوافي وبرفضك راح تكرهنا زيادة .. يعني تحسي إن جدتي تحبناوبسببهن هن حاقده علينا وعلى أمي ؟
كان صمتها موترًا لي ، لطالما سكوت المجانين مثيرًا للتوتر .. رفعت عينيها لتلتقي بعيناي .. لأصف لكم عيناها بكلمه واحدة ! كالغزال .. هي من تغنوا بعينيها قائلين ( جمعت حلو المحاسن فيك القمر والغزال ) فوجهها كالبدر وعيناها كالغزال .. ألم تقل إسراء ؟ يحق لنا الغزل في بعضنا ! نعم فذلك صحيح ..
سمعتها تقول : شوفي للآن مو فاهمه شيء.. هم اللي حثّوا بابا يتزوج بعد زواجه الأول ويختار وحده من خارج العائلة ..
قاطعتها بضحكة ، هذا موضوع مضحك ، لأحدثكم قليلًا عن تمرد والدي .. كان يُحب والدتي التي ألتقى بها وهو سائح في فرنسا ، أحبها ولكن قواعد عائلته الغبية جعلتهلا يصرح بما في قلبه عاد أدراجه ليتفاجئ بأن عقده سيكون بعد أسبوعين من ابنة عمه ، وياللصدفة تكون خالة الحرباء .. اجبر نفسه على القبول ولكن في يوم الملكة رفضالحضور ، ما فعله تنطبق عليه كلمة ( فضيحة ) لأنها ابنة عمه ولكن جدي تدارك الوضع وأصبحت هي زوجة أخيه ( أم قليلين الخاتمة ) أما سُلطاننا العاشق فكان يبحثعن روز في باريس إلى أن التقاها وتزوجها هناك وأتى بها ليصدم أهله بعد سنة من زواجه وبطنها يكاد يصل أنفها وهي حامل ببطتها الأولى ( نوار ) ، بالتأكيد جدي قبلبها لأنها حامل بحفيدته بل لأنه يُحب ابنه سلطان كثيرًا .. كمعلومه ، جدي مغرمٌ بالبنات ، أكثر من حاملي اسمه .. ويُقال بأن جدتي تقبلت وجود والدتي قليلًا ولكن بناتأعمام والدي كالأفاعي .. لا داعي للإكمال ' فـ أفعالهن تتحدث



يوم الأحد .. السادسة والنصف

استيقضت صباحًا على صوت إزعاج دينا ، آههه نبرتها المزعجة تطن في رأسي ، لا أريد الاستيقاظ للذهاب للمدرسة .. ارتديت لباس المدرسة ، وقفت لأمشط شعري الذيوسوست لي الشيطان أن أقصه ، تعلمون من هي الشيطان صحيح ! نعم هي بذاتها دانة ، ولكنه يعجبني .. قد أعطاني هاله طفلة ، بعكس الشعر الطويل ، لا عليكم أكرهالمدرسة لأنني بنفس المدرسة التي بها زوجات أعمامي مُدرسات .. ينعتنني ببنت الفرنسية ، يشرفني ذلك ويسعدني ف الفرنسية تلك ، أجمل وأرقى وأفضل مُعيدة فيالجامعة ، ولكنهن يحرجنني بكلمات جارحة أمام زميلاتهن ، وذلك يجعلني أرغب بشتمهن .. ما يردعني عن ذلك هو أن الشتم من الممنوعات والأهم من ذلك أعلم بأن ريةوسكينة سيلزقن ذلك بوالدتي التي أهدرت عمرًا في تربيتنا أنا وأخواتي ..
تحركت بسرعه عندما انعكس وجه دينا الغاضب على مرآتي .. مشيت ناحيتها وأنا أهمس : آسفة جايه
احتضنتني تلك الرقيقة دينا صاحبة العينين الجاحظتين .. تشبه جحوظ عينا والدي ، أحب تأملهما لأنها تذكرني بوالدي .. جلست بالمقعد بجانبها وأنا آخذ قطعة الخبز منيدها وكأس الحليب من يد نوار .. سألتها بصوت خافت : دينا ، أوصفي بابا
أشعر وكأن سؤالي فاجئها ، قلت بخجل وحزن حاولت أخفاؤه : أحس إني نسيت وجهه
احتضنتني أختي الرقيقة ، حاولت إخفاء دموعي ولكني لم استطع ، شعرت بأنني بللت قميصها بدموعي .. وهي أيضًا ، شعرت بانسكاب دموعها على عنقي ، إن اللهيختبر صبرنا بإخفاء والدينا عنا لمدة ٣ سنوات .. ونحن نسري في سنتنا الرابعة الآن .. شعرت بقدوم نوار ، يكفيها حمل مآسينا ابتعدت بسرعه وانا أمسح دمعاتي ،لوجهي خاصية مميزة .. لا يُظهر أنني قد بكيت لمجرد مسحي لدموعي .. ولكن قمت برفع يدي وضربت عين دينا كخدعه وغمزت لها ، مُضحكٌ جدًا بأنها شكرتني وجلستتتوعدني .. لحسن الحظ لم تلاحظ نوار ذلك ، أستطيع أن أجزم أنها لاحظت ولكنها تتظاهر بعدم ذلك
سمعت دينا تتساءل : نوار ، بتروحي مع دانة ؟
أومأت رأسها بلا : لازم أروح أنقل للفرع الجديد
قالت لها دينا بلهفة : أروح معاها ؟
شعرت وكأن دينا حزنت عندما قالت نوار : لا بتروح معاها عهد ومن هناك بيروحن للجامعة سوا
أنا ودينا لا نحب عهد تلك ، إنها صديقة دانة التي خرجت فجأة لا نعلم من أين ، قلت بانزعاج ولكن باحترام : وليش تروح هي ؟ ليش إسراء ما تغيب عن الجامعه وتروحمعاها ؟
نوار رفعت عينيها لي ، أدرت رأسي خجلًا من المناقشة .. لا أعلم لماذا أشعر بتوتر كبير عندما أناقشها ، هل لأن عيناها تشابه والدتي ؟ الآن ألاحظ بأن الاثنتين قد ورثتاعينان والدي ووالدتي ..
سمعتها تقول بهدوء : ليش ما تحبينها مرّوش ؟
رفعت عيناي لها لا يوجد سبب لذلك ولكنه إحساسي يا أختي وتذكري ذلك جيدًا.. رفعت كتفايّ للأعلى ثم أهبطتهم ..
انقذتني نوار من التساؤلات لتقف وتقول : يلا أمشي لا تتأخري
وقفت خلفها متوجهه للمغاسل ، نظرت لنفسي في المرآة.. ااااهه كم أُحبني .. ضحكت بخفوت لنرجسيتي العالية ، انتبهت لنظرات السخرية من عينا دينا ، أرسلت لها قُبلةوأنا أضحك .. سمعتها تضحك وهي تقول لي: الحقيني بسرعه لا اسحب عليك وتنكتبي غياب
قبل أن أجيبها سمعت ناصرًا يقول مازحًا : تخسين تهددي بنيتي مروة وأنا موجود
بفرحة احتضنته وقبلت خده وقلت بدلع : معليه جدي ديون غاليه وتمون
ضربني بخفه بعصاته : مو كفو
ضحكت دينا وهي تسحبني من جدي : يوه عاد جدي إلا مروشتنا ما تنضرب
وقف ليقول لها مازحًا : والله ما عرفنالكن يا بنات سُلطان كل ما فزعت لوحده دافعت عن الثانيه
احتضنته نوار لتقول له : جدي حنّا انخلقنا كذا
نعم يا جدي ، خُلقنا هكذا لأجل بعضنا ، لنكمل بعض ونتكاتف لأيام صعابٍ كهذه ، جلست بالمقعد بجانب دينا بعدما وضعت حزام الأمان سألتها سؤالًا آخر يصدمها : تبي تروحي مع دانة عشان تشوفي وليد ؟
رفعت نظرها لي .. أردفت لأقول : ترا وليد ما يستاهلك مثل ما هاني ما يستاهل نوار والله أبعدهم عنكم
فتحت عينها وهي تقول ببطء : مروة !
أشحت نظري عنها بتوتر .. رفعت أكتافي لأقول لها وأنا أهبطهن : أحس كذا ..
لاحظت أنها ابتسمت لي ، تؤمن بإحساسي أعلم ذلك ، لا أستطيع أن أقول لها بأن وليد مغازلجي .. قبل نومه الطويل كان يأتي لمدرستي ليُغازل فتياتٍ بعمري ، قاصراتفي ذاك الزمان وإلى الآن .. دينا أنتِ أختي الرقيقة ، لا يحق لوليد أن يكسركِ ، يستحقك من هو أفضل من وليد ، يستحقك من يُداري رقّة قلبك يا حبيبة القلب ..
توقفت أمام المدرسة ، كان بيننا حديث جميل شيق ، تحدثنا في مختلف المواضيع ونحن نناقش أيضًا بعض مما سمعناه في الراديو .. تمسكت بي قبل النزول لتسألني : معاك فلوس ؟
رددت بهدوء : أيوه
همست لي لتعزز ثقتي : لا تنسي أنتِ بنت الفرنسية اللي هي الآن مُعيدة بجامعة أوك ؟
ابتسمت بوجهها .. أكلمت لتزيد من ثقتي : أنتِ أكبر من إن كلام رية وسكينة يأثر فيك تمام ! الفرنسية أشرف منهن ومو من مستوى بناتها يردن عليهن بنفس كلامهن أوك
ابتسمت ، إذًا دينا تعلم بما يدور هنا ! حسنًا هذا يكفيني .. قبّلت خدي قبلة طويلة ، ابتعدتها وأنا منزعجة : شفطتي خدي
قالت مازحة مزحة ثقيلة : لا تحاتي لين تزوجتي في حق زوجك
أحمر خداي وهبطت بسرعه : وسخه
أطلقت ضحكتها المجنونة وذهبت .. استودعتها الله وأنا أدخل باب المدرسة واستودعت كل أخواتي ورجوت الله أن يبعد عهد عن أختي المجنونة تلك ، فإحساسي لا يخيب
.
.
.
.
.
خرجت من الطبيب ، اسعدتني كلمات المعالجة الفيزيائية وهي تخبره بأن قدمي في تحسن ، وأن يدي بدأت تلتأم بعد عملية الأعصاب التي لجأت لها قبل فترة .. صادفتفي وجهي رغد التي احتضنتني بلهفه ، همست لي : لا تخلي أمي تشوفك
آلمني قلبي بشدة ، كُنا جيرانًا .. لعبنا معًا ، رغد كانت أختًا سادسة لنا ووليد ! يا له من وليد ، كان مغرمًا وبشدة بدينا .. لا ننسى بعد إنهاءه لدراسته ركض مسرعًا لأبيليخبره أنه انتهى وأنه على استعدادٍ تام بالزواج من دينا ليضحك أبي ويخبره بأنه عليه الحصول على وظيفة أولًا ، لا أنسى عندما قام عمّي المتغطرس بخطبة دينا لابنهالمغفل الأمير وليام ( على غفلة ) ، عندما علم وليد إنهار ولكن كلمات أبي أمام وليد اسعدته .. لا أنسى صوته الجهوري الذي وصل لمسامعي وإسراء عندما كنا نتنصت منخلف الباب وهو يقول ( أنا أعطيت بنتي لوليد يا أبو عمّار ) فرح وليد ذاك اليوم وتلقيت إسراء وأنا عقابًا من روز لاختراقنا إحدى قوانينها وهو التنصت الذي كان ممنوعًاعلينا .. ولكن مروة ، نعم مروة أخبرتني عن ( مغازلاته ) للقاصرات ، رأيته يومًا ولكن لم أصدق عيناي فوليد مُغرمٌ حد الثمالة بدينا كيف يفعل ذلك ؟ اسميتها ( مراهقة ) ،وبأنه سيعقل ولكن لم أكن أريد لأختي أن تبدو كالمغفلة ، سعدت جدًا بعدما رفضت والدته تزويجه لأختي ، لذلك أسعى بأن أجعلها تخرج من حزنها لأن ما رأته مروةتجعلني أتفق معها تمامًا بأن قلبها الرقيق يستحقه من هو أفضل بكثير من المعازلجي وليد .. مشيت بعدما جرحتني كلمات رغد حيث أنها لا تريد من والدتها أن تراني .. رأيتُ المدعو وليد في إحدى غُرف العلاج الفيزيائي، وقفت .. كانت الغرفة زجاجية أستطيع أن أرى ما يحدث .. كان المغوار يتودد للممرضة الأجنبية أمام عيناي ، رفعتهاتفي وقمت بتوثيق ما رأيت ، قد يجرح قلبك يا رقيقة ولكن سيفتح عيناكِ ، بعض الآلام مفيدة .. نحن بجانب بعضنا وسأعالج جرح قلبك
سمعت عهد تهتف بعدما جاءت من دورات المياه ( مُكرمين ) : نمشي !
همست لها : يلا
أرسلت ما شاهدته لنوار ، لأستشيرها قبل أن أدع دينا ترا ما رأيت .. لقيت توبيخًا يكفيني لمئة عام .. بأن التجسس والتلصص ممنوع ، نسيت أن نوار ، روز صغيرة ..
لم أعر توبيخها أي اهتمام وقمت بارسال الفيديو لإسراء التي كان ردها دعاوي شر للمدعو وليد ومن بينها ( عساه ما يشفى ) ، ضحكت قليلًا وبعدها استغفرت ربي .. وجهتها ، لكم أن تتخيلوا بأن الشيطان يوجه الناس للطريق الصحيح ، طلبت مشورتها تلك التي لا عقل لها ، لتقول لي( وريه لدينا خليها تفتح عيونها ) ، إسراء واقعية .. مثلي بالضبط فنحن الاثنتان بعيدتان عن العاطفة .. وما يحدث مع الرسائل التي نتلقاها يثبت ذلك ( إنها سخرية ) ..
رفعت رأسي لأرى أني وعهد ندخل منزلًا لا الجامعه : وين الجامعه ؟
ضحكت عهد وهي تقول : حسيت إني جوعانه فقلت نجي البيت نتغدى ومنها أعرفك على أمي
لم يعجبني ذلك : لو إنك شاورتيني
هتفت : كنتِ مشغولة بتلفونك ، ما راح نتأخر صدقيني وبنروح للجامعه
زفرت بضيق ، لم أكن أريد ذلك .. محاضراتي لهذا اليوم برفقة إحدى صديقات روز ، متأكدة بأنها ستخبر نوار بذلك وكيف لي أن أُبرر ! انقذت نفسي وقمت بارسال تقريرلنوار عما حدث .. حمدًا لله لم اتلقى خطابًا تأديبيًا فقد كانت لطيفة لتقول ( الله يحفظك ، طمنيني عنك ) ، أحبها أُمنا الصغيرة ..
ترجلت من سيارة عهد ببطء فآثار العلاج لا زالت .. انتبهت بأن عهد تسكن في قصر ، ليس فيلا كالتي أعيش فيها أنا ، لا تقلقوا فتلك الفيلا تكفيني لأعيش بأمان ، لو كانمكان سكني فقط حضن سُلطان الدافئ لكفاني ذلك ، نعم قنوعه يكفيني أن أكون مع والداي وشقيقاتي الأربع ..
دخلت خلفها وأنا أشعر بتوتر وخجل ، القيت السلام البارد على والدتها التي لم تلقنا بال واستأذنت بخروجها لإحدى الاجتماعات ، فوالدتها رائدة أعمال
قالت قبل خروجها : عهد ، عادل في البيت نبهيه ..
قالت عهد وهي تلف لوالدتها : وعبدالعزيز ؟
رفعت يدها بلا مبالاه : في شغله هذا يعبد الشغل
ضحكت عهد ومشت أمامي لتقول : يلا نجلس هنا
كانت تشير لجلسة جميلة بالخارج .. قالت لي : خذي راحتك دندون
شددت على حجابي : لا ماله داعي أخوك هنا ، يلا نخلص ونطلع
استأذنت مني لتذهب وترى الغداء ، كانت دقات قلبي متسارعه ، خائفة ومتوترة .. لا أعلم لما .. تأخرت عهد ، مرّت ربع ساعه .. تليها الثلث وبعدها النصف ، سمعت صوتسيارة تدخل لمواقف السيارات ، توترت لربما أخيها المدعو ب عبدالعزيز ، كثيرًا ما تذمه عهد أمامها وتصفه بالـ جاد ، وتقول بأنه يهجر المنزل لأسابيع وشهور ولكنه يأتِ بينالحين والآخر ..
دخلت للداخل باحثه عن عهد ، وتفاجأت بأحدهم يسد طريقها ، ذئب بشري .. توترت وكان ذلك يتضح جدًا على وجهي ، دقات قلبي تتسارع ، همست بتردد : وين عهد ؟
اقترب مني ، احتضن خصري .. قرّبني له حتى اصطدم صدري بصدره ، إحدى يداي لا تسعفني ماذا أفعل ؟ حاولت ابعاده وهو بدأ يوزع قُبلاته بشكل عشوائي علىوجهي ، حاولت ابعاده ولكنه أقوى مني وكما ذكرت مُسبقًا .. إحدى يداي لا تسعفانني ، صرخت مرارًا وأنا أنادي عهد ..
كانت يتلفظ بكلماتٍ قذرة ، أستطعت أسمع من بينها بأنني ابنة الفرنسية ، وأن ما يحدث الآن يجب أن أكون معتادةٌ عليه ! رفعت يدي السليمة ، وتركت أثرًا جميلًا في وجهه، أتت قوتي من وجه أبي الذي رأيته هنا ، خياله وطيفه معي ولو كان بعيدًا ، كانت حقيبتي معي ، رفعتها وضربته على وجهه مره أخرى ومشيت سريعًا بعرجٍ واضح ، كانيتبعني مسرعًا .. وعيناي معه حتى أقيس المسافة بيننا حتى اصدمت بشخص أمسكني بشدة ، رفعت رأسي له ..
كانت نظرته حائرة ، ودعت حياتي في تلك اللحظة .. مرت أيامي الجميلة مع أخواتي أمام عيناي ، هنا أنا بين ذئبين بشريين .. ولكن بأمل متجدد همست مُتعبه : تكفى لاتسوي لي شيء
كُنت مجهدة ، شفتاي تنزف دمًا بسبب ذلك الذئب البشري الذي لم يرحمها ، لأقول .. إن خرجت من هنا بخير فأنا أكره دانة التي لم تستطع الدفاع عن نفسها وحمايتها ..
سألني الذي أنا بين يديه : ايش تسوي هنا ؟
كدت أسقط ولكنه تمسك بي جيدًا ، همست : أنا صديقة عهد
همس : اخخخ من عهد
التفتت لأرى الذئب البشري يقول بضحكة : عزوز زين مسكتها ، وش رأيك نتقاسمها فيما بيننا ؟
رفعت نظري لعزوز ذاك ، رأيت بعينيه ذات النظرة للذئب الذي حررت نفسي منه .. هل الاثنان لهما نفس الطباع ؟ هل هم ذئاب ! لماذا شعرت بأنه محترم ؟ شعرت بيدهتتحسس جسدي ، ألم أقل ! أنا أكره دانه المستسلمة ، يتم التحرش بها علنًا من قِبل رجلين وهي مستسلمة !
رفعت قدمي وركلته ، من أين أتتني القوة ؟ ليس طيف والدي ولم تزرني روز .. بل نوار الواقفة خلف عزوز مباشرةً
سقط لتلقفني نوار والآخر هرب خائفًا أن أركله كما فعلت بأخيه ، يبدو إن ضحية أخرى تنتظره ..
لم أستطع مساعدة نوار على حملي ، فلقد أصبحت الدنيا سوداء أمامي وأنا أهوي بين يديها ، سمعتها تنادي اسمي ولكنني لم استطع الرد عليها ..
.
.
.
.
.
كانت الصرخات تتردد بكثرة ، إسراء مزعجة تهدد بأنها ستقتلع رأس عهد من مكانه وأنا لا شعور لدي ، أشكر ضُحى تلك .. التي كانت تُعرفني على الفرع الجديد، تلقيترسالة دانة وأنا أردد بهمس ( الله يهديك يا دانة ) سمعتني ضحى وضحكت بخفوت وهي تعرفني على المكان حتى وصلنا بقرب مكتب المدير ليخرج منه المدعو عبدالعزيز،سحبتني ضُحى جانبًا لتهمس : شايفه هذا ؟ تحذري منه ألف مره
عقدت حاجباي باستغراب : ليش ؟
سحبتني مُجددًا لنخرج ونكمل جولتنا وهي تتحدث : هذا عبدالعزيز موظف هنا وهو يد المدير اليمنى ، من ناحية مجتهد مجتهد ويشتغل بضمير بس .. صمتت
أدرت عيناي لها ، أحثها على الإكمال ، همست وهي تقول : أنا ما أحب أتكلم في عرض الناس بس عشان أحذرك والله ، لا تغرك هيبته وشكله المحترم تراه من جنبها ..
استطعت أفهم المعلومة التي تريد ايصالها لي ، أكملت والحمدلله أنها أكلمت : عنده أخت الله يهديها تصادق البنات وتبين محترمة وتعزمهن لبيتهم وينقضوا عليهن الأخوين
شهقت : ما تخاف بكره تدور فيها الدنيا ؟
لتضحك ضحى قائلة : مين ؟ عهد ؟ تخاف ! اااهه شقول لك حتى أمهم مشتركة وياهم
دق قلبي وأنا أتذكر احساس مروة ، واسم عهد الآن ورسالة دانة وهي تقول بأنها في بيت عهد ! نظرت لها بقلق : ايش اسمهم بالكامل
قالت ضحى وهي تحتسي الماء بعدما صبته لنفسها من الثلاجة المجاورة : امممم اتوقع اسمه عبدالعزيز الـ ****
شهقت بقوة وأنا ارتجف : أخخختتتيييي ، دانة .. دانة
تمسكت بي ضُحى واجلستني بعيدًا عن الأعين لأن صوتي كان عاليًا .. سألتني بقلق : نوار حبيبتي ايش فيك ؟
بكيت بجانبها وأنا أخبرها بأن دانة ضحية هذا اليوم ، أسرعت للغرفة لتجلب حقائبنا وساعدتني على الوقوف ، خرجنا معًا وقادتني لهناك حتى أنقذ أختي من الذئاب ..
سقطت على يدي وهي تهمس : نوار أنا أكره دانة اللي جوَا
والآن ! دانة مستلقية هنا وإسراء تُهدد ، بانتظار دينا ومروة ، ضحى ! ضُحى هنا لم تتركني ..
جلست بجانبها : مشكورة
لاحظتها تمسح دمعتها : أفا عليك
وضعت يدي على كفها ، أنزلت رأسها لتقول : نوار أنا ضحية عبدالعزيز ما ودي أحد غيري بعد ، الله يستر على الجميع ويحفظ لكم أختكم
لا أعلم كيف أواسيها ، ولكن حمدًا لله الذي أرسلها لي لتكون سببًا للحفاظ على دانة التي لا أعلم إن كانت دانة الشيطانة أم ستتحول لدانة أخرى بعد كلماتها تلك ..
.
.
.
.
.
الأستاذ قاسم طالبك بمكتبه
كانت تلك كلمات سكرتير مدير فرع البنك الذي أعمل به ، نطق بها بعدما سمحت له بالدخول ، مشيت خلفه وأنا متوجهه لمكتب المدير .. وعيون الموظفين المنتشرين ترافقنيباستحقار ؛ لأنني ابنة الفرنسية التي يطلبها المدير بكثره ولكم أن تتخيلوا ماذا يجول في عقولهم ، لا أستطيع أن أذكر أفكارهم المنحطة أخلاقيًا ..
دخلت بعدما أذن لي وفي وجهي ابتسامة جميلة لذلك الرجل الكبير الجالس على كرسيه باحترام ووقار ، فالأستاذ قاسم ونِعم الرجل ، مليئٌ بالاحترام ويعاملني وكأننيطفلته التي لم ينجبها ، يعاملني وكأنني ابنة خرجت من صلبه ، فربه لم يرزقه بأطفال وقال لي ذات يوم ( أنتِ يا بنتي تحسسيني بمشاعر الأبوه دائمًا ) وعرفت بعدها بأنهلم ينجب ..
طلب مني الجلوس أمام الشاب اليافع ليقول : دينا يا بنتي الشاب الناجح هذا عنده مشروع ومحتاج موظف يساعده ، وأنا اخترتك أنتِ ، منها تجربة تنضاف لملفك ومنهابتحكمين عليه حكم صادق وبتنفعيه بعد ، خصوصي وإنك صبورة وش رأيك ؟
ابتسمت ، أطرى عليّ العمّ قاسم الآن اطراء رائع ، وفعلًا هنا تجربة ناجحة تُضاف لملفي الوظيفي.. ولكن هذا آخر ترم لي في دراستي هل سأستطيع ، التفتت له : شكرًاأستاذ قاسم بس أنت عارف أنا هذا آخر فصل لي وعندي ارتباط ب ٣ مواد
هزّ رأسه ليقول لي : لو وافقتي تساعديه أقدر أسوي لك تأجيل وكل شيء يمشي زين
التفتت للشاب لأسئلة : ممكن تشرح لي بالتفصيل ؟
أعتدل بجلسته ليشرح لي تفاصيل مشروعه ، لم أستطع رفض طلبه .. قررت تحدي نفسي بأن أأودي وظيفتي وأهتم بموادي الثلاث ومساعدة الطالب الذكي الذي يجلسأمامي ، ابتسمت بوجهه المدير : خلاص تمام أستاذ قاسم ، موضوعه عندي وإن شاء الله نستفيد من بعض
قال بابتسامه وراحة : كنت عارف ما راح تخذليني ، أأجل لك اختباراتك ؟
ابتسمت بوجهه : لا يا أستاذ إن شاء الله الموضوع سهل .. التفتت للذي أمامي : ما قلت لي بأي كورس أنت ؟ تفاصيلك يعني
تحدث إليّ باحترام ، لأقسم بأنه أول شاب يتحدث لي بهذا الاحترام : خليني أبدأ من اسمي ، أنا أُسامة ، وهذا آخر كورس لي .. والمشروع اللي اشتغل عليه مشروعتخرجي وغير كذا عندي مواد عشان أخلصها ، عادي اسألك انتِ وش تدرسي ؟
زاد أعجابي بهذا الشاب الصغير الذي أمامي : ما شاء الله ، الله يوفقك .. أنا ادرس كورس acca
رفع حاجبيه ليقول : مخلصه بكالوريوس يعني
قلت له بضحكة : ايوووا من ٣ سنوات أو ٤
قال باحراج وهو يخفي ضحكته : يوه شكلك صغير
ضحكت وضحك معي الأستاذ قاسم .. وقفت لأقول له : لا يا أخوي مو للدرجة هذه .. بعدها أردفت بجدية : ممكن تعطيني ملفك عشان أشوف شغلك وأرتب لك جدول ؟وتقول لي جدولك الجامعي !
وقف معي ليقول معتذرًا : الأوراق أحتاجها بطلع انسخهم لك
قاطعته معتذرة : المعذرة معليش انسخهم عندي .. تعال معاي
أتدرون ما الذي زاد أعجابي بتربيته ؟ مشى أمامي ، فتح الباب لي ثم قال : بمشي قدامك ودليني مكتبك ..
أتعلمون قصة سيدنا موسى مع بناتيّ سيدنا شعيب ! حصلت لي مع الشاب الصغير أُسامة .. لم يرفع عينيه ليتفحصني بعبائتي الفصفاضه كما يفعل زملاء عملي، أناجدًا مُعجبك بتربية تلك الأم لهذا الشاب ..
أخذت أوراقه وجدول جامعته لأرتب جدول له معي ، همس ليقول : كيف توصليه لي ؟ الجدول أقصد
رفعت إحدى البطاقات : هذا رقم الواتس اب لمكتبي ، ارسل لي الآن وأنا بسجل رقمك فيه ونتواصل بإذن الله
رفع رأسه لي ليقول : طيب مشكورة أستاذة دينا
ابتسمت في وجهه لأقول له : بس دينا
رفع كتفيه واهبطهمها بابتسامه عذبة : حاضر ، مع السلامة
قلت له مودعه في ذات الوقت الذي رن فيه هاتفي : الله يحفظك ..
خرج لألتقط هاتفي وأرد في آخر لحظة : هلا بنواري
جائني صوتها المُتعب : هلا دينا ، بشغلك ؟
لم أستطع الإجابة على سؤالها لأطرح سؤالي بقلق : ايش فيك ؟ ليش صوتك كذا قلبي ؟
قالت بإرهاق: دانة تعبت جبتها المستشفى ، تعالي تكفين
لم أستطع أن اسمع ما تبقى ، فـ دانة قلبي مُتعبة .. خرجت مسرعه لأطلب إذنًا من العم قاسم الذي أذن لي وطلب من السائق أن يوصله من خلفي ليطمئن علي فلحق بي ،فأنا ابنته كما يقول .. ركضت لأخواتي مُتناسيه مروة التي ستنتظرني بعد نص ساعة ..
رأيت إسراء الغاضبة : سروي وين دانة ؟
اندفعت لتروي لي ما حصل بكل غضب واندفاع وعيناها مليئة بدموع تكبحها ، لم أستطع استيعاب ما حصل لحبيبة قلبي الشيطانة المتمردة ، دانة ! تعيش هذا الحدثالصعب !
جلست بقربها ، سمعت صوته الحنون فوق رأسي : دينا أبوي
رفعت رأسي له ، لا أعلم ما أقول ، هل أوبخه على ما يفعلونه بني جنسه ! أم أبقى صامته ولا أعيره أي اهتمام ! فمشاعري الان لا تسمح لي بالرد عليه باحترام .. اعلم بانهذا العم لا ذنب له ولكنها مشاعري لا استطيع التحكم بها
رفعت رأسي لإسراء : يا بنت نسينا مروة
وقفت إسراء ، كانت أكثرنا تماسكًا : بروح أجيبها
لفت لها نوار التي تحدثت أخيرًا : انتبهي وعلى طول هنا
تذكرت أحدهم لأسأل نوار بعدما غابت إسراء : جدي بالبيت ؟
أجابت نوار باختصار شديد : رجعته لبيته قبل أروح لدوامي
التفتُ للعم قاسم ، وجدته جالسًا على إحدى كراسي الانتظار برفقتي ، وبعد دقائق رأيتُ امرأةً ترافقه وكانا يتهامسا حتى اقتربت الإمرأة ناحيتي ، لم تستطع الحديثمعي لأن دكتورة دانة قد خرجت من الغرفة لتقول : أنتوا قرايبها صح ؟
اقتربت بشكل اسرع من نوار لأتحدث بلهفه : ايه شلونها هي !
قالت الدكتورة بعدما تنهدت : عندها إنهيار عصبي عطيناها ابرة منومة ، هي منهارة مره ، حاولت أكثر من مره تقاوم لأنها تفوق من إغمائها ، الحمدلله ما عندها جروح ولافيها شيء ، يعني تقدروا تخرجوها اليوم بعد ما يخلص المغذي .. الله يعطيها القوة
نوار همست : امين
قد ضايقني أمرًا إلى أن عادت الدكتورة لتقول : يكون في علمكم طلبت شرطة المشفى للتحقيق لأن اللي صاير لها تحرش
ابتسمت بفرحة : مشكورة زين سويتي وأكيد بنشتكي
ابتسمت الدكتورة لتذهب ، لاحظت ذبول نوار لأسرع واجلسها على الكرسي ، اقتربت الإمرأة لتمد كأسًا وتقول : اعطي الماء لأختك
ثم صوت آخر : هي مو ماكله شيء ، خليها تاكل
أخذت من أيديهم وأجبرت العزيزة نوار الأكل والشرب .. رافقني العم قاسم وزوجته إلى أن أخرجنا دانة الصامته التي كانت تحتضنها مروة بقلق كبير .. وتلك المدعوةضُحى سارت معنا إلى المنزل ، حاولت إجبارها بالبقاء ولكنها رفضت خجلى .. أما زوجة عمّي العزيز قاسم ، وعدتني بعودتها وأعتذرت منها ومن العم قاسم على وقاحتي.. وقد عذراني ، لم أنسى أسامة ، كان عليّ ترتيب جدوله
عُدت لمقر عملي ، جلست لمدة ساعتين أرتب له جدولًا لأرسله له .. الشاب لا أريد اضاعة وقته ، أعتذرت منه بأني لا استطيع العمل معه من الغد لنبدأ اليوم الذي يليه وعبر عنفرحته بذلك لأنه لن يستطيع القدوم غدًا ، إذًا الاتفاق كان سهل ..


غِيْــمّ ~ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس