عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-21, 09:01 PM   #152

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

جلست سمر على حافة السرير المتوسط غرفة النوم تتمسك بشراشفه النظيفة التي وكأنها فرشت اليوم وربما هذا سحر السيدة هنية كما توقعت!.
حدقت بخزانة الملابس المقابلة وتبسمت بشحوب وهي تتذكره يغلقها بالمفتاح!؛ كأنه يخاف أن تفتش فيها، شعرت بالمرار يملأ حلقها، ألم يقل لها بأنها غريبة والغريب يجب أن يحرص منه!.
رفعت يدها تنزع عنها الطرحة ناسية أنها مثبتة جيدا لتجذب خصلات شعرها معها وتحس بالألم إثر ذلك، تأوهت بخفوت قبل أن تكتم شهقتها والتي ربما تحتاج لكتمانها الأيام القادمة كثيرا!.
التفتت تحدق في صورته الموضوعة على الكومود المجاور للسرير، كانت شفتيه كأنها تبتسم لها!؛ عيناه كأنها تحاورها بحديث طويل، مدت يدها تأخذ الصورة تقربها منها، تتأملها بتمعن علها أسبرت أغواره، بسمة ساخرة لاحت على وجهها بينما تعيد الصورة لمكانها تهمس داخلها{لم تفهميه يوما، هل ستفهميه عبر صورة!؟}
دقات خفيفة على باب الغرفة انتزعتها من شرودها بينما صوت عمران يصاحبها قائلا بهدوء:
«الطعام سوف يبرد»
حدقت في باب الغرفة المغلق للحظات دون أن ترد جعلت عمران يظن بأنها لم تسمع فأعاد كلامه لترد هي بصوت بدت فيه العصبية واضحة:
«لست جائعة»
وقف للحظة تائها بماذا يرد فقلبه متحير يخبره أن يعيد طلبه وعقله يناديه بالامبالاة! ؛ فأوقف هذا الصراع قائلا لها من خلف الباب:
«الطعام على الطاولة حينما تشعرين بالجوع ستجدينه، تصبحي على خير»
أغمضت عينيها تحاول أن لا تتوتر وفتحتهما بتمهل تتذكر غضبه منذ لحظات عليها وهمست بخفوت:
« هل أخطأت ! هل أرشدني عقلي للطريق الخطأ؟!»
انحنت بعصبية تخلع حذائها العالي قبل أن تلقيه بعيدا ليرتطم بالأرض محدثا صوت وصل لعمران الذي كان قد ألقى بجسده على الأريكة يستند برأسه على ذراعيه، لاحت على ثغره بسمة زافرا بحرارة بينما يهمس:
« من الواضح بأنكِ لن تجعليني أنسى لحظة بأنكِ هناك بغرفتي يا ابنة عمي»
قبل أن يتنفض من مكانه يتحسس جبينه المتعرق ويضيف بتأفف:
«ما بالك يا عمران!؛ انسى بأنها هنا"
صمت لحظة قبل أن يتابع بعدما زفر طويلا وهو يحدق في باب غرفته المغلق:
" قم خذ دش بارد لعل حرارة جسدك تهدأ!».
أما هي فقد ألقت بجسدها المنهك على السرير بفستانها الأبيض الذي لم تفكر في خلعه تحاول أن تغمض عينيها التي فارقها النوم الأيام السابقة، تتقلب يمينا ويسارا ولا تجد للنوم سبيل، أخذت المخدة تضعها على رأسها تعتصر عينيها بقوة ربما أراحتهما بعد تعبهما من قلة النوم، زفرت بصوت عالي قبل أن تنتبه لرائحة العطر الرجولية التي اخترقت أنفها بل وجدت طريقها لرئتيها!، ابتلعت ريقها بوجل بينما تستنشق المخدة بعمق لتتنبه أنها بالفعل تنام على سرير عمران!، في غرفته وكأنها فهمت هذا للتو!، اعتدلت بجلستها بينما تأخذ المخدة الصغيرة تقربها من أنفها تستنشقها هامسة بغرابة:
« لأول مرة أشم عبير عطرك ابن عمي، هل هذا العطر تستخدمه لأول مرة أم أنني التي انتبهت لتوي!»
ضيقت عينها بدهشة مما تقول وألقت برأسها على السرير شاخصة في السقف هامسة: «نامي يا ابنة الجبالي»

★★★
في أحد الدول العربية.
___________
تقف أمام الصورة التي تتوسط الحائط وتحتل جزء كبير منه، ترتسم على ملامحها البريئة بسمة شاحبة بينما تمرر أناملها على الصورة، تحس وكأنها تلامس الواقع وبأن تلك الملامح البشوش تخصها فقط بتلك البسمة، ابتلعت ريقها فيما تهمس بألم:
" لا زلت تذكرني!؛ هل حفرت ملامحي في قلبك كما فعلت أنت معي!؟"
تنهدت بخفوت بينما تضيف بذات الوجع:
" أنا كبرت، لم أعد تلك الصغيرة، وظللت أنتظرك كي تأتي لكنك لم تفعل"
دمعة انحدرت من عينيها السوداء لاقت طريقها على بشرتها السمراء فمسحتها بكف يدها قبل أن تتابع وهي تتعلق بالصورة:
أنت أيضا كبرت أبيه أحمد!؛ لكنني لم أقف عند تلك اللحظة وأنا طفلة بل احتفظت بك بكل مراحلك"
زفرت بخفوت وعادت تمد يدها تلامس ملامح أحمد بالصورة قبل أن تتابع:
" متأكدة بأنك لست شرير أو بلا قلب، أنا لدي يقين بأنك تملك قلبا يسع العالم أجمع وكلي يقين بأنك ستضمني له أخي"
انفرطت دموعها من عينيها تنحدر كحبات اللؤلؤ فيما تضيف:
" أخي، أتمنى لو أقولها وأنا قربك، أراك حقيقة وليست مجرد صورة وأسمع أختي منك فهل ستردني أبيه!؟"
سحبت كرسي وجلست عليه تدس خصلات شعرها المجعدة خلف أذنها بينما تهمس بصوت متهدج:
"كبرت على أمل لقياك ولن أيأس بأن يصبح حقيقة، الطفلة كبرت وتريدك بحياتها"
ضحكت بخفوت وقالت وكأنه سيسمعها:
" أتعلم!؛ أحيانا أغار من صديقاتي التي تملك أخ وتناديه وتشاكسه، وأريد أن أخبرهم بأن لدي أخ وسيم كنجوم السينما ستتمنون لو تحدثتم معه!"
تنهدت طويلا تحس بالألم يسري في أوصالها قبل أن تضيف:
"أتساءل لو كنت قربي ماذا كنت سأحس!!؛ لكن ما أنا متأكدة منه أبيه أحمد أنني أحبك "
مسحت دموعها المنهمرة براحتي يدها ثم قالت بابتسامة شاحبة:
" قلبي لم يكذب علي يوما وأعلم بأنك تنتظرني فقط الظروف تمنعك!؛ صحيح أبيه!؟"
استندت بذقنها على قبضة يديها التي ارتاحت على ساقيها وقالت:
" لم تحفر في قلبي لحظة غضبك على أمي لأنني أعلم بأن هناك ما كان يحزنك بل حفرت في روحي نظرتك الحنون التي خصصتها لي وأنا قلبي لا ينسى من يحنو عليه!"
وقفت من مكانها تقترب مرة أخرى من صورته تتعلق به كأنها ستصبح جزء من تلك الصورة، تحرك أناملها عليها بخفة بينما صورة الشاب ذو السابعة عشر عاما، تعود لها بكل تفاصيلها، شاب غاصب حانق من كل شيء، لكنه هدأ في لحظة لأجل تلك الطفلة الصغيرة التي تمسكت بيده ونادته بأن لا يحزن أمها، زفرت طويلا بينما تتابع:
" أبيه، امي تخبرني بأنك لن تتقبلني، صارحتني بهذا، ربما لأنني ابنة رجل غير أبيك ؟؛ ربما بسبب ما يوجد بينك وبين أمي و لا أعرفه، ربما لأنك لا تحب أبي!؛ لكني أقسم لك أبي رجلا حنون ستحبه كثيرا وأمي قطعة من الجنة بقلبها الحنون!"
لملمت خصلات شعرها المجعد بأناملها بينما تضعهم على أحد كتفيها ثم قالت ببسمة واثقة:
" لن أيأس أبيه حتى تجمعنا أرض واحدة ولن أتراجع إلا وأنا في قلبك".
★★★
(دبي)
" أخفضي صوت التلفاز قليلا سارة لدي عمل أريد إنجازه قبل السفر"
قالها خالد بينما يتابع شيء ما على حاسوبه الذي يقبع على ساقه..
دست سارة في فمها قطعة بيتزا تلتهمها برواق فيما كان شعرها الأشقر ينسدل على وجهها بينما خالد يرمقها بطرف عينه وهي تضغط على زر تعلية الصوت في الريموت وكأنه لم يحدثها.
هتف بها بينما يعتدل في جلسته:
" سارة لدي عمل، ما بالك!!"
ثم قوس حاجبيه الأشقرين قبل أن يقول متعجبا:
" ما تلك البلوزة الحمراء؟!"
رفعت أحد حاجبيها وناظرته بدهشة ثم قالت باستنكار بينما تلتفت له:
" ليست بلوزة إنه تيشرت النادي الأهلي، لا أعلم كيف لرجل أن لا يعشق الكرة!؟"
نظر لها وقال باستنكار :
ولم ترتدين تشيرت النادي الأهلي بالبيت سارة !؟"
ضحكت برواق فيما تمد يدها له بقطعة بيتزا ليأخذها منها بينما هي أجابته وهي تنظر لشاشة التلفاز:
"لأن المباراة ستبدأ خلال ثواني وأحب أن أحضر بالزي الخاص بفريقي !"
هز رأسه بيأس قبل أن يعود للحاسوب ويقول:
" حسنا دعيني أعمل واصمتي أنتِ وتلفازك"
ضحكت برواق وقالت كأنها لم تسمعه بينما تصفق بيديها:
" هاااااا قد بدأت المباراة"
عاد يعمل ولا يهتم بصياحها وتفاعلها مع أحداث الماتش، صوت الهاتف انتزعه مما كان يفعل، أخذه من جيب بنطاله ثم نظر لشاشته ليرى الإسم الذي يتراءى له، قام من مكانه بعدما ضغط على زر الرد قائلا ببشاشة:
" مرحبا صديقي العزيز اشتقنا"
ضحكة رائقة على الجانب الآخر بينما يرد"
"لم أترك دبي منذ وقت طويل خالد، أنت مجامل"
" بالعكس هذه الحقيقة، ألم تفتقد جلستنا يا رجل!؟"
قالها خالد بينما يتوجه إلى المطبخ المفتوح على بهو البيت الذي يوحي فيه كل شيء بالترف، يعد فنجان من القهوة..
أجابه جلال بعد تنهيدة طويلة:
" بلى اشتقت، بل إنني حقا أكاد أعود لدبي فقط لرؤيتك"
صب خالد القهوة في فنجانه وارتشف القليل بينما يخرج من المطبخ ثم قال:
" لا حاجة لك بذلك فقريبا جدا سأكون عندك!"
صمت جلال للحظات يتساءل داخله هل حقا رجلا كخالد قد يكون شفاء لنورا أم أن وجوده سيزيد الأمر سوء وربما رفضت أخته مقابلته، ماذا سيقول له حينها!.
انتزعه من شروده صوت خالد الذي قال بدهشة فيما يعود لمكانه مرة أخرى جانب سارة:
" ما هذا الصمت جلال!؟؛ لم أعتقد أن مجيئي سيجعلك تحزن هكذا!؟"
رد الأخير بلهفة:
" بالطبع يارجل لم أقصد هذا بالعكس سأنتظرك من الآن!"
" كيف حال نورا!"
قالها خالد بخفوت وتردد بالسؤال لكنه لم يستطع منع نفسه، فيما كانت سارة أخفضت صوت التلفاز تسترق السمع؛ أما جلال على الجانب الآخر أحس بأنه يدور في دائرة مغلقة يتساءل هل عليه أن يخبر خالد عن حال أخته الحقيقي أم يترك الأمر للنصيب، قطع شروده بينما يقول" بخير خالد"
ابتلع الأخير ريقه بتردد وقال:
" أخبرتها بطلبي.."
صمت رهيب أجابه على الجانب الآخر لم يقطعه سوى صوت أنثوي به بحة مميزة وصقفة عالية تصاحب كلمة:
" جووووووووون"
أجفل خالد لصوت أخته وجنونها ببنما جلال انتبه من غرقه بسؤال صديقه على هذا الصوت الأبح المجنون وخالد الذي صدح صوته قائلا يحدث سارة:
" أعانني الله لي أخت مجنونة"
رمقته الأخيرة بنظرة مصطنعة اللامبالاة فيما تلتهم البيتزا برواق وملامحها البشوشة تتابع الماتش بسعادة مفرطة.
بينما جلال همس في نفسه" وأعانني الله فلي أخت أتمنى سماع ضحكتها التي أفتقدها"

يتبع💜💜💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس