عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-21, 09:02 PM   #153

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

كان قد أخذ دش بارد رغم لطافة الجو لكنه لم يقاوم حاجته لذلك وقد طال الوقت وهو تحت رذاذ الماء دون أن يشعر حيث صورتها التي حاوطت مخيلته مانعة إياه أن يفكر في أي شيء سواها بفستانها الأبيض وجمالها المميز ورائحة الورد التي تغزو رئتيه، خجلها الأنثوي والعفوي جعلها كالحورية وهو البحار الغارق في بحورها، حوريته التي تركت أرضها وأصبحت ملكة في أرضه وبرضاها!!، أمنية السنين أصبحت واقع لكنه يجرحه كالأشواك، فلا منها ظلت بعيدة ليظل أسير شوقه ولا قربها نفعه بل زاده ألما وشوقا أكبر، تنهد بصوت عالي بينما ينشف شعره بالمنشفة ويجلس على الأريكة يتمنى أن تمر الأيام بينهما بخير فما أحسه الليلة أنه لا طاقة له لبعدها ولا طاقة له لكبت غضبه الذي يغافله، هو بحاجة لأضعاف طاقته كي يتزن في شعوره نحوها.
صوت همهمات خافتة تصل لأذنيه فأزاح الفوطة من على رأسه يتمعن السمع، يضيق عينيه بتساؤل قبل أن ينتبه بأن تلك الهمهمات صادرة من غرفته! وبحذر كان يتحرك من مكانه حيث أثر الصوت خائفا من أن يكون مجرد تخيل ويفزع ابنة عمه لكنه ما إن اقترب من الباب ووجد الصوت يخترق أذنيه، أحد ينازع شيء وما كانت سوى سمر ..
نادى بخفوت من خلف الباب دون أن يأتيه رد لكن صوت النشيج يأتيه واضحا مما جعل قلبه يتقافز داخله يطالبه بالاطمئنان على صاحبته وبيد مرتجفة كأنها غرفة غريب كان يمسك مقبض الباب يفتح بهدوء ليفاجئ بها نائمة لكنها كانت كمن يحارب شيء!.
اقترب بهدوء يراها تتمدد على سريرها بفستانها الذي لم تخلعه عنها تتمسك بالملاءة بقوة وكأنها تعتصرها، عيناها النائمة تبكي بكاء حار!، خصلات شعرها السوداء ثائرة مبعثرة على مخدته، اقترب أكثر يشعر بلكمات داخل صدره تكاد تودي بحياته، انحني قربها يهمس باسمها بينما يرى حبات العرق تتناثر على وجهها وتختلط مع دمعها؛ لم يأتيه رد سوى بكائها الخافت وأنينها واستغاثتها كمن يصارع وحش ضاري.
جلس جانبها على طرف السرير وبيد مرتعشة ربت على وجنتها يناديها بخفوت بينما يميل قربها:
«سمر، استيقظي إنه كابوس»
وبخفة وعفوية مع قلقه كان يمسح وجهها بيده هامسا لها بحنو كي تصحو، همهماتها تعلو وتختنق فيكاد يختنق معها!؛ ابتلع ريقه فيما يعيد همسه ويده تربت على وجنتها.
بلحظة كانت تنتفض من نومها بعينين متسعتين تقابل عينيه الفزعة لأجلها وبدون أي مقدمات كانت على صدره تتعلق بخصره؛ تشدد يديها حوله، ترتجف كريشة تتلاعب بها الرياح.
أجفل يبتلع ريقه يستوعب ما هو فيه تلك اللحظة، يشعر بأناملها تقبض على خصره تكاد تخترق قميصه القطني، يحس بها على جسده ناعمة رغم تشبثها القوي به، يختفي بكاؤها في صدره على قلبه!؛ زفر بحرارة يحاول استجماع شجاعته التي ظن بأنه يفقدها، وبيد مرتعشة مترددة ربت على ظهرها بخفة قائلا بصوته الدافئ المطمئن:
«مجرد كابوس يا سمر اهدئي»
لم يأتيه ردا منها سوى رجفتها الشديدة على صدره بينما هو ظل يحدق في الحائط خلفها يحاول اجتياز مشاعره بينما تعلقت عيناه للحظة خاطفة بهذا القميص الذي الملقى جانبها فانتزع نفسها سريعا كالمصعوق ليغرق في خصلات شعرها الثائرة يتنشقها يغمض عينيه بوله لا يستطيع نكرانه وهو يسحب نفسا عميقا كأنه يروي جسده كله برائحتها؛ يختزل رائحتها الوردية بكل خلاياه.
صوت نحيبها يعيده مما هو فيه ففتح عينيه يعود لواقعه فرفعها بخفة من على صدره قائلا بهدوء وهو يحتض ذراعيها بيديه وينظر لوجهها الباكي:
« اهدئي سمر لا خوف من حلم..»
قاطعته تهتف بصوت متقطع ترفع يديها تحدق فيهما بعينين زائغتين فيما تقول:
« ليس مجرد حلم، أنا قتلت أحدهم!»
نظرت له تفرد يديها أمامه بينما أنفاسه تتهدج لانهيارها الذي بدا له غريب من مجرد حلم لكنه كان كفيلا لاقتحام كل حصونه فيما تابعت وهي ترفع عينيها الباكية له لتتلاقى مع عينيه القلقة:
« أزح هذه الدماء عن يدي عمران، ليس كابوس لقد زارني هذا الغريب الذي تلطخت يدي بدمائه تلك الليلة المشؤومة»
علت أنفاسه بطريقة واضح يناظرها بدهشة يحاول فهم ما تقول بل يتعجب لما يصله من كلماتها فتابعت هي بينما تنظر ليدها قائلة بصوت متحشرج ونحيب:
«يومها رأيت دماء على يدي كانت يدي على قلبه تماما يهمس لي قتلتني يا سمر»
آهة عالية ودموعها تنهمر كالسيل الجارف بينما عمران يحدق فيهما مشدوها يشعر بجسده يئن بل كل خلاياه تتمزق فيما تتابع قائلة بصوت يختنق وهي تمد يدها له:
«من هذا الذي يهمس بأذني، دماء من تلك!؟»
ضغطت على أذنها تشعر بهمس كأنه يأتي من بعيد يخبرها تلك دمائي؛ صرخت تختبأ في عمران تتمرغ على صدره، ارتجف قلبه حينما عانق دقات قلبها الهادرة يضمها لا إراديا بين ذراعيه بقوة كأنه سيخفيها من ألمها، يعتصر عينيه وقلبه ينشطر أنصافا وأنصاف حتى كاد يتلاشى بينما هي تهتف بصوت مخنوق:
«أزح تلك الدماء عني يا ابن عمي»
تقهقر قلبه، يحس بألم في صدره و يتساءل داخله هل تتلاقى الأرواح بالفعل!؟، هل حلمه الذي زاره قد زار ابنة عمه بطريقة ما!، هل الحلم حينما تحول لكابوس كان من نصيبها حينها!؟، رفع رأسها من على صدره يمسح وجنتيها بيديه يتأمل وهنها الذي شق صدره بسكين قبل أن يمسك كفيها بحنان مفرط كأنها الورد ويخاف أن يضغط عليها وقال في حنو:
«لو كل الأحلام جعلتنا ننهار هكذا ما عشنا سمر، لا تخافي لم تقتلي أحد ويديك نظيفة من الدماء!»
هزت رأسها نافية قبل أن تقول بخفوت وكأن قوتها بدأت تخفت:
« فقط لو أعرف صوت من الذي يحدثني في الحلم!»
تأملها تائها غائبا في عيونها المليئة بدموعها يبتلع ريقه وتمسك بكفيها يشعر بهما أصبحا دافئتنين بعدما كانتا شديتين البرودة أما هي أضافت بألم:
«أشعر بأنفاسه تخترق أذني، صوته يعاتبني يشق صدري كما لو كان واقع يا عمران،خاااائفة»
قالت كلمتها الأخيرة وقد خارت قواها تشعر بأن جسدها لم يعد يحملها بينما عمران كان كالتائه المغيب لا يعلم ماذا يقول أو يفعل!! لكنه استجمع شجاعته أخيرا يمسك رأسها بيد والأخرى تسند ظهرها ويميل عليها قليلا تلفحها أنفاسه الساخنة وتلفحه أنفاسها الحارة تتعانق أعينهما بلقاء طويل ونبضات قلوبهما التي تطرق صدورهما، يراها تغلق عينيها بوهن فيغمض عينيه يحاول السيطرة على مشاعره التي لم يعد يعرف ما هيتها بينما يريحها على المخدة، هامسا لها بكلمات تهدهدها كالطفلة الصغيرة فيما بدأ يهدأ بكائها دثرها جيدا بالغطاء يمسح وجنتيها بيد مرتجفة يشعر بنبضات قلبه تصارعه أن لا يتركها أبدا تطالبه بعناق لا ينتهي!! ويخبرها تلك دمائي وذاك صوتي وهذا أنا! ولم أعلم يوما بأن الأرواح قد تتلاقى هكذا!.
اعتدل بجسده كي يغادر الغرفة بعدما أغلق الأبجورة جانبها لكن يد ناعمة مرتعشة تمسكت به قائلة بوهن:
« كن جانبي»
التفت عمران ليده المتمسكة بها سمر بضعف، ابنة عمه ما تفتأ إلا وتهدم حصونه، تزيحها حجرا حجر ولا زالا بأول ساعات لهما معا!.
ابتلع ريقه يجلس قربها يحتضن كفها الباردة المرتعشة بين يديه الدافئتين يتأمل عينيها الناعستين هامسا بصوت رخيم :
« أنا هنا لا تخافي!»
تأملها للحظات طوال، فقد هدأت أنفاسها وانتظمت أخيرا، وجهها هاديء رغم الألم المرتسم على ملامحها، مد يده بتردد يقربها من وجهها يمسح بخفة على وجنتها يزيل أثار دمعاتها هامسا داخله:
«يا ليت يدي التي تمسح الدموع من على وجهك تزيل الألم عنكِ يا روح عمران !!»
بأنامل مرتجفة متسللة لامس خصلات شعرها المتناثرة على مخدته ينحني بخفة يغمض عينيه ويتنشقها همس بخفوت بينما يعتدل بجلسته ( ليت هذا اليوم أتى دون وجع وكنتِ قربي وأنا قربك، ترتاحين على صدري وأدثرك بقلبي»
تأوه بخفوت يطبق على شفتيه بألم ويعتصر عينيه اللتين تهددانه بالانهيار!، قبل أن يفتحهما بمهل فيتبادل النظرات مع النائمة بثوب زفافها على سريره وقميص ناري أحمر ملقى جانبها!!، ازدرد ريقه الذي شعر به يجف وتلك الأفكار تنسل لقلبه، كيف كانت ستكون بهذا القميص وتلك الأشرطة الرفيعة كيف سيكون حاله لو كان يفكها الآن بأنامله؟!،تعلق بشفتيها المكتنزتين يلعق شفتيه هامسا كالمحموم «ما طعمهما؟، ربما فراولة كالحلم أو بالورد كرائحة عطرها!» زفر بحرارة يلتفت بمهل إلى عنقها الطويل يحبس أنفاسه بينما يتخيل قبلاته تداعب عنقها ويتذوقه على مهل مؤكد ستكون كقطعة الشيكولاتة الشهية تذوب في فمه ولا يشبع منها..
اتسعت عيناه يعي ما يفكر فيه بينما يرى أنامله كادت تلمس عنقها بالفعل، توقفت يده في الهواء قبل أن يقبضها له بسرعة خائبة فارغة إلا من ألمه!؛ تقهقر بجسده عنها فيما ينتقض من مكانه يهمس متألما' تستغل ابنة عمك!"
قبل أن يقف بسرعة خاطفة؛ يتحرك بظهره كالمصعوق؛ يلتفت إلى الباب،يفتحه بسرعة ويخرج.
تهاوى على الأريكة بأنفاس لاهثة يحدق في باب الغرفة الذي أغلقه للتو، شعر بأن قربه منها سيحبس أنفاسه بل يكاد يهلكه، أحنى جذعه يستند بيديه على ركبتيه ينظر ليديه فرفعهما لأنفه يستنشقها بعمق و يحس بلمستها لا زالت عليهما وعطرها الأنثوي اختلط مع عطره فكانا كأنهما في عناق طويل، همس بألم:
«حتى العطور تعانقت ونحن بيننا هوة تكاد لا تنتهي يا ابنة عمي»
صمت لحظة يرخي يديه مرة اخرى على ركبتيه ثم فكر قليلا قبل أن يهمس بخفوت وحديثها عن حلمها يرتسم في مخيلته :
«كيف لشخصين أن يأتيهما حلما متشابه كهذا!؟، كيف!؟»
صمت يفرك جبينه يستند على ظهر الأريكة ويتعلق بنظره في سقف البيت قبل أن يزفر طويلا ويتابع:
«ربما سمر لا تعلم هذا، لكن ما حكته يؤكد بأن ما لاقته بحلمها أنا، هذا هو حلمي الذي أرق مضجعي!!؛ أكاد أجن»
قال كلمته الأخيرة وهو ينتفض من جلسته يشعر بالبرودة تسري في جسده فتوجه تجاه المطبخ! .
وأمام غلاية الماء وقف ينتظرها يحدق في الجدار يرى صورة سمر الواهنة ورعشتها، يراها ترتمي على صدره، تتعلق به ويشعر بأناملها تخترق جسده فيكاد يمد يده يلامس الحائط لولا صوت الغلاية الذي أعلن عن الانتهاء ؛ بعد لحظات كان يحمل كوب الشاي بين يديه ويخرج من المطبخ بينما يرتشف منه القليل ربما عاد الدفء لجسده الذي أصبح كالثلج.
في غرفة مكتبه فتح شباكها المطل على الحديقة ووضع كوب الشاي على حاجز الشباك وسحب نفسا عميقا يتغلل داخله هواء الخريف وتساءل بينما يشخص بصره للسماء:
« هل سيأتي يوما وتسامحها يا عمران، بل هل سيأتي هذا اليوم الذي تسامح هي نفسها!!؟»
ارتشف من الكوب ثم مسح عينيه بتعب هامسا وهو يزفر طويلا:
«أشعر بأننا نسير في طريق طويل ، طويل جدا ولا أرى نهايته، والتي أخاف أن تكون مؤلمة لكلينا!!»
يتبع 💜💜💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس