عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-21, 09:21 PM   #201

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي


" هل هذا ابن عمي!؟"
قالتها سمر بينما تمشط شعرها أمام المرآة في حين عينيها تبدو شاردة!
عادت تهمس ومازالت تحرك المشط بين طيات شعرها في بطء:
" هل حقا كان يهتم بي كل هذا الاهتمام طوال خمسة أيام لم يفارقني لحظة دون أن أحس أنه شعر بملل!؟"
ابتسمت بينما تعود لتلك اللحظة حين استيقظت من نومها بأول يوم شعرت فيه بالألم، كان قد جهز لها حساء دافىء ومشروب يهدأ من ألمها، كان قلقا؛ طيبا؛ حنونا؛ عيناه تحمل ود لها لم تراه قبل!؛ وضعت المشط على طاولة الزينة ثم رفعت حاجبيها قبل أن تحدق في المرآة في دهشة وتقول:
"وهل رأيتِ ما تحمله عينيه قبل هذا يا سمر!؟، أنتِ دوما كنتِ تتلاشين النظر لهما!"
زمت شفتيها متعجبة من شرودها في أفكار لا تعلم من أين تغزو عقلها!؛ زفرت بعمق بينما تأخذ سلسالها تعلقه على صدرها! قبل أن تستدير عن المرآة وتتقدم إلى نافذة غرفتها تفتحها على مصراعيها.
سحبت نفسا عميقا محمل بنسمات الصباح المنعشة وهواء الخريف يلفح وجهها القمحي، أغمضت عينيها تستمتع بهذا الجو الهادئ الذي لا يقطعه سوى زقزقة العصافير، فتحت عينيها بتمهل ودارت بنظراتها بين أرجاء المكان قبالتها، الأشجار التي تتمايل بخفة ودلال كأنها تراقص هواء الخريف، بينما توجد في أحد أركان الحديقة أرجوحة تهتز كأن أحد يجلس عليها، اتسعت بسمتها فيما تتعلق بنظرها بتلك الأرجوحة التي وكأنها تلقي لها سلاما مع كل حركة منها بسبب الهواء فقالت بلهفة:
" كيف أشعر بالملل وكل هذا أمامي، يالي من بلهاء!"
صوت عمران وهو ينادي باسمها جعلها تعود من شرودها لتتحرك بخطوات واسعة وتفتح باب غرفتها كي تخرج.
للحظة كادت تعود أدراجها تحس بالخجل منه، لكن لم يعد طريق للعودة فهي أصبحت أمامه تماما لا يفصلهما سوى خطوتين، تصاعدت الدماء الحارة لوجنتيها، كلما تذكرت حالتها الأيام السابقة أمامه فتكاد تهرب تختبئ منه، كان عمران يتابعها ببسمة متسلية فيما يراها تتهرب من النظر في عينيه، بينما تدور عينيها في بهو البيت في محاولة للهروب حتى تعلقت بعمران!؛ وتجمدت نظراتها تجاهه بانشداه كان مختلفا بجلبابه الأسود الذي لم تراه عليه يوما، ولكنه رغم ذلك بدا أنيق مهندم، الجلباب بلونه هذا يليق على بشرته ورجولته، ابن عمها في كل لحظة تقترب منه تجد ما يفاجأها.
حدق فيها يراها شاردة فيه تتفحصه مما جعله يلقي بنظره على ملابسه ثم تنحنح بهدوء فأجفلت سمر تنتفض في وقفتها تقول بارتباك كي تخفي غبائها الذي لا تعلم من أين ابتليت به!:
" كنت تنادي!؟"
حك جانب وجهه فيما يرفع حاجبه قبل أن يقول بتردد:
" كنت أسأل اليوم على صحتك، لكنني أراكِ بخير!"
اتسعت حدقتاها وفغرت فاها فهي منذ خرجت من الغرفة وهي تحمل هم النظر في عينيه كي لا تتذكر!؛ فيسألها هو!؟؛ غمرت وجهها حمرة قانية جعلت قلبه ينتفض في مكانه قبل أن تقول بخفر:
"بخير!"
ثم ألقت بتوترها بعيدا وتابعت ببسمة رائقة:
"عمران"
همس في نفسه وهو يسمع اسمه منها بهذا الدفء الذي سار في أوصاله كالسحر يحيي أشواقه الهادرة لابنة عمه اللاجئة!( روح عمران) قبل أن يجيبها بصوته الرخيم باقتضاب "نعم"
ابتسمت في خفوت ولاحت في عينيها نظرة امتنان قبل أن تقول في بطء بينما تفرك أناملها المتشابكة:
" شكرا عمران… على كل شيء!"
كادت بسمة خفيفة تغادر شفتيه لكنه لم يسمح لها قبل أن يقول في هدوء:
" على ماذا تشكرينني سمر، أنتِ زوجتي وهذا أقل حق لكِ!"
وكأن الساعات والدقائق توقفت يعي زلته التي في خضم حديثه معها فلتت منه، أليست لاجئة منذ متى أصبحت زوجته ولها حقوق عليه!
فغرت سمر فاها للحظات ربما طالت كلمة زوجتي!؛ تلك الكلمة من بين شفتيه غريبة كأنها تطرق باب روحها، تحس بشيء غريب لم تعهده قبل!؛ أحست بجسدها يرتجف وكأنه ينتفض لتلك الكلمة ..
تعلق عمران بشفتيها المنفرجتين ببلاهة، هامسا في نفسه، أليست بالفعل زوجتك!؛ هل كنت قبل تستطيع التمعن في ملامحها هكذا؟، كنت تكتم شوقك وتداري خفقان قلبك وتخفي عنها حنين عينيك لاحتضان ملامحها، اليوم لا تحس بأي ذنب حتى لو لاجئة فهي زوجتك!!؛ حلالك الذي لن تناله!، أرخى عينيه عن شفتيها اللتين كانتا كربيع تفتح للتو يطالب بالتمتع به لكن ماذا إن جاء بغير أوانه؟!، اختفت حرارة جسده التي تصاعدت لرأسه وغزته برودة وكأن عاصفة ثلجية عصفت به..
زفر بخفوت يحاول الثبات بينما يعتصر قبضته قبل أن يقول لها:
" سأخرج الآن"
وما إن تحرك من مكانه حتى تحركت بسرعة قطعت طريقه قائلة بلهفة:
" إلى أين عمران!!"
( بلوة عمران لا تنطقي اسمي هكذا!!)
همس بها بينما يمسح وجهه براحة يده قبل أن يرد:
" سوف أذهب للأرض، منذ أيام لم أتابعها!"
قالت بلهفة:
" خذني معك!!"
قوس حاجبيه بعدم رضا قبل أن يقول:
" قلت لكِ سوف أذهب للأرض، ليست رحلة!"
عبست ملامحها فيما ترد عليه:
أعلم أنها ليست رحلة لكنها ملكك أي تستطيع ان تأخذني إليها ثم أنها تقابل البيت فليست بعيدة"
تخلل بأنامله في طيات شعره قبل أن يشبك يديه خلف ظهره بينما يمشطها بنظرة ذات معنى ثم قال:
" إن افترضنا أنني سآخذك معي، ستأتين هكذا!"
نظرت لنفسها بعدم فهم قبل أن تستوعب مقصده!.
تمتمت بكلمات غير مفهومة تحس بالخيبة، هز رأسه بقلة حيلة قبل أن يستدرك قائلا:
" سمر، الأرض بها رجال غريبة وليس من الطبيعي ببلد ريفي كهذا أخذك للأرض وبملابسك تلك وأعرضك أمامهم!!"
فغرت فاها تحس بأنه صفعها على وجهها ثم قالت باستنكار:
" تعرضني!"
أطبق على شفتيه يحاول كتم إنفعالاته، تلك البلهاء هل تظن بأنه يتحمل أن يخرجها هكذا وسط كل هؤلاء الرجال، ببلوزتها الضيقة، بنطالها الذي يلتصق بجسدها أم بشفتيها التي طلتهما بهذا اللون الذي يثير جنونه أم بشعرها المرسل على ظهرها غجري كما يحبه تماما هل تريد إصابته بنوبة قلبية!.
كان قبل ذلك ليس بيده شيء كان يغار في كتمان كما سيفعل الآن لكن ليس بمقدرته أن تخرج هكذا فهي اليوم زوجته ولو جاءت لاجئة!.
تنهد بخفوت يحس بشروده الطويل بينما يرى وجهها مكفهر فجز على أسنانه يعلم أحزنها لكن عليها أن تستفيق فهي زوجته أمام الناس وعليها احترام ذلك همس بصوت حاول أن يكون هاديء ولا يتأثر بملامحها بينما يخطو من أمامها:
" سأخرج الآن"
باغتته حين تحركت بسرعة تقف في طريقة تستند على باب البيت وصدرها يعلو ويهبط في سيمفونية مهلكة لما تبقى من أعصابه فأسبل أهدابه فيما هي قالت بصوت وكأنه لا يشبهها؛ ودود بطريقة مؤلمة لقلبه:
" هل هناك مشكلة لو جلست في الحديقة !؟"
ابتلع ريقه الجاف فيما ينتزع بسمة تخفي توتره ثم قال:
" مؤكد لا مشكلة!"
ثم تابع بينما يشير للباب الذي لا زالت ملتصقة به:
" هل ابتعدتي لأخرج؟"
ابتسمت برواق بينما تبتعد وتفتحه له بنفسها قبل أن تلتفت له قائلة:
" حفظك الله بن عمي، عد سالما"
اعتصر كفيه كي يمنعهما من احتضانها ويقول لها وسلمك الله لابن عمك فيما يهمس بخفوت لها :
" شكرا سمر"
تركها يخطو خارج المنزل وقبل أن يهبط كانت تجاوره تساءل بعينيه عما تريد فأجابت تساؤله الصامت بحماس :
" إلى الحديقة يا ابن عمي!"
كانت خاطفة لأنفاسه بدلالها الفطري الذي لم تنتبه له فهمس داخله فيما يتعلق بجانب وجهها وهما يهبطان سويا" كان الله بعون ابن عمك"
ثم قال يمنع استرسال حديثه مع نفسه الذي أصبح داء ملازم له منذ جاءت لاجئته:
" لكنك لم تفطري بعد!؟"
قالت بينما تنظر له فتتشابكت أعينيهما:
" شربت كوب الشيكولاتة الذي أعددته لي وسأنتظرك حتى نفطر سويا!"
قابل كلماتها بنظرة غامضة بينما هي تابعت متسائلة:
" هل ستتأخر!؟
هز رأسه بالنفي فيما يقول:
"ربما ساعة وأعود"
اتسعت بسمتها بينما يقفا بالأسفل ثم قالت:
" سأنتظرك!"
وبخطوات واسعة كانت تسير ناحية الأرجوحة تعتليها؛ توقف يتابعها للحظات لم يعدها بينما تتأرجح برواق وشعرها تغازله نسمات هواء الصباح!؛ تأوه بخفوت بينما يبتسم دون أن ينتبه هامسا :
" بيدي صنعت الأرجوحة لكِ! كان دبيب الأمل ينمو داخلي ويخبرني بأنكِ يوما ما ستكونين هنا!؛ وهي الآن كأنها كانت على موعد معكِ؛ لكن دوني يا ابنة عمي!"
وبخطوات مرتجفة رغم ثباته الظاهري كان يسير تجاه الباب الخارجي كي يذهب إلى الأرض!.
يتبع


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس