عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-21, 08:38 PM   #30

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت تسير بخطوات متمهلة بالرواق الطويل وهي تنظر للظلام الحالك من حولها والذي يسود بالمكان وهي تدس يديها بجيبي قميص بيجامتها القطنية بشرود ، لتتوقف بعدها بخطواتها وهي ترفع نظراتها الداكنة للصورة العملاقة والتي كانت تحتل الجدار اعلى السلم وقد كانت تحوي صورة رجل مسن وآثار الشيخوخة ظاهرة عليه بوضوح بدون ان تستطيع اخفاء قوته وسطوته والتي تنضح بملامحه وهو يبدو نسخة طبق الأصل عن خالها (محراب) والذي يكون ابنه ، توقفت بنظراتها على احداقه الزرقاء الداكنة تحيط بهما بعض التجاعيد والتي لا تخلو من القسوة وهو نفس اللون والذي ورثته والدتها لترثه ابنتها الصغرى بالمقابل ليكون اللون المشهور بسلالة عائلة الفكهاني ، وكم تكره هذا اللون وتمقته والذي جعلها تحصل على لقب (شبيهة والدتها) بين الناس وخاصة من زوج والدتها والذي لا يتوقف عن اطلاقه عليها وكأنه يزيد كرهها له بتلقيبها به .

ابعدت نظراتها بسرعة عن الصورة ما ان شعرت بحركة مريبة من خلفها ، لتلتفت بوجهها للخلف بهدوء وهي تنظر بتصلب لأرجاء المكان الفارغ ، كتفت بعدها ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بعصبية بالغة
"إذا كان هناك احد يختبئ هنا ، فليخرج امامي فورا فأنا لا احب هذه الألعاب"

زاد الصمت بالمكان حتى اصبح ثقيلاً على صدرها وكأنه حجر يجثم فوقه وهي تتنفس بقوة ناظرة للظلام والذي يكاد يبتلعها من سواده ، لتخفض بعدها جفنيها بهدوء على احداقها ما ان اجتاحتها ذكريات عن مكان مظلم بنفس سواد هذا المكان وهو يحوي جسد راقد على الأرض بدون اي حركة والضربات تتوالى عليه من كل صوب .

انتفضت بشهقة خافتة وهي تنظر بهلع نحو مصدر الصوت والذي خرج عنه ارتطام احدهم بطاولة ليؤدي عن وقوع المزهرية الصغيرة ارضا قبل ان تتحطم لشظايا ، لتتراجع بعدها للخلف عدة خطوات بتعثر وهي تبتلع ريقها بتصلب هامسة بارتعاش
"قيس"

صرخت بجزع ما ان اصطدمت بجسد احدهم من الخلف ، لتشعر بعدها بيدين تمسكان بكتفيها بقوة وهو يهمس بجانب اذنها بهدوء ساخر
"هل تخافين من الظلام لهذه الدرجة"

تشنجت ملامحها وهي ترجع مرفقها للخلف تلقائياً بعشوائية لتصدم وجهه بقوة ، تراجع بعدها للخلف بعيدا عنها بسرعة وهو يغطي انفه بكفه قائلا بتأوه خافت
"يا مجنونة ، لماذا فعلتي هذا بي ، لما كل هذا الحقد تحملينه نحوي"

استدارت بسرعة نحوه وهي تفغر شفتيها بأنفاس ذاهلة وهي ما تزال لا تصدق ما حدث للتو وما فعلته الآن باندفاع بدون ادنى تفكير ، لتدس بعدها كفيها بجيبي بنطال بيجامتها وهي تخرج هاتفها الصغير لتشعل الضوء باستخدامه وهي توجهه نحو الرجل الغريب ، اتسعت حدقتيها الزرقاء بتوجس وهي تنظر للشخص والذي تبين بأنه ابن خالها (شادي) وهو يمسك بأنفه النازف بملامح متشنجة بتألم واضح ، لتخفض بعدها الهاتف من امامه بارتجاف وهي تخرج من جيبها هذه المرة منديل نظيف قبل ان تسير نحوه ببطء وهي ترفع كفها باتجاه وجهه بحذر .

امسك (شادي) فجأة بذراعها المرتفع بقوة آلمتها وهو يغرز اصابعه بلحم ذراعها قائلا بتصلب
"لا اريد مساعدتكِ بشيء ، يكفي ما فعلته للآن يا ابنة المجرم"

عضت (ماسة) على طرف شفتيها بقوة قبل ان تنفض ذراعها بعيدا عنه هامسة بجمود بارد
"اصمت ولا تقاطع مساعدتي لك ، وتوقف عن المكابرة من اجل خدش بسيط فهذا لا يليق ابدا على رجل بعمرك"

ارتفع حاجبيه بصدمة وهو يقول باستنكار
"ماذا خدش بسيط ، لقد كدتِ تحطمين لي انفي لأعيش المتبقي من عمري بدون انف"

صرخ (شادي) فجأة بألم شديد ما ان امسكت فجأة بمقدمة انفه بالمنديل بأصابع صلبة لتحركه ببطء قبل ان تعيده لمساره الصحيح كما كان ، ليتراجع (شادي) بسرعة للخلف وهو يدفع ذراعها بعيدا عن انفه قائلا بوجوم
"ما لذي اصاب عقلكِ يا فتاة ، هل تريدين قتلي حيا وانا ما ازال بزهرة شبابي"

اخفضت كفها بالمنديل وهي تقول بابتسامة ساخرة بغيض
"قبل ان تنطق بأي كلمة ايها الطفل الكبير ، انظر لحال انفك كيف اصبح الآن"

تجهمت ملامحه وهو يرفع كفه ليتلمس انفه بحذر وهو يقول بغموض
"لقد اختفى الألم تماما مثل السحر ، ولكن ما لذي فعلته للتو"

تقدمت امامه عدة خطوات وهي تقول بثقة بالغة
"هذه تكون الحركة المرتدة مثل ردة الفعل ، انا من كسرت الانف وانا بالمقابل من اصلحته يعني هذه هي حركتي المرتدة ، هل اعجبتك"

ابتسم (شادي) باتساع منبهر وهو ما يزال يتلمس انفه ليقول بعدها بعبوس غاضب
"ولكن اصابعكِ مخيفة جدا فقد آلمتني كثيرا ، ألا تعرفين شيء عن الرقة واليد الخفيفة"

حركت (ماسة) عينيها جانبا بملل وهي تبتسم بسخرية قائلة باستهزاء
"غير صحيح انت فقط من تتصرف بدلال بالغ على رجل كبير مثلك عليه تحمل امور اخطر من كسر انف ، هل فهمت ايها الطفل الكبير"

تجهمت ملامحه وهو يتمتم باستياء حاد
"انا ابلغ من العمر ثمانية وعشرون عاما ، وانتِ من كل عقلك تناديني بالطفل الكبير"

نظرت له (ماسة) ببرود وهي تقول بابتسامة جانبية بخفوت
"بل انت طفل كبير ومغرور وتحتاج لمن يعلمك الاسلوب الصحيح بالحياة"

عبست زاوية من شفتيه المتصلبتين وهو يشعر بإهانة غير مباشرة موجهة نحوه ولكن ليس هذا ما جذب انتباهه بل كلامها الاخير فهذه العبارة لطالما سمعها ولكن ليس من عائلته بل من اغلى شخص بحياته وصوتها يرن بأذنيه بتأنيب خافت
(طفل كبير مشاكس وتحتاج لمن يعلمك الاسلوب الصحيح بالحياة)

حرك رأسه بقوة وهو ينفض الذكريات البعيدة عن رأسه ليجعلها كما هي طي النسيان ، لينظر بعدها للتي كانت تمد له بالمنديل والملطخ بدماء انفه وهي تهمس بابتسامة صغيرة
"استخدم هذا المنديل لتمسح به الدماء المتجمدة على انفك لكي لا تبقى بمكانها لليوم التالي"

رفع (شادي) كفه ليمسك بالمنديل ببطء شديد وهو ما يزال شارد بملامحها بغموض وبصمت دام للحظات ، لترفع بعدها الهاتف والذي ما يزال مفتوح على الاضاءة وهي تغلقه بهدوء ، بينما كان (شادي) يتابعها باهتمام وهي تستدير بعيدا عنه لتسير باتجاه الممر قبل ان يقول من خلفها بارتفاع
"انتظري يا الماسة..."

قاطعته (ماسة) بانفعال وهي تستدير نحوه بقوة لتلتف معها خصلات شعرها السوداء المجنونة من حولها
"ماسة ، وإياك وان تخطئ باسمي مرة اخرى"

ردّ عليها (شادي) بلا مبالاة
"غير مهم ، اردتُ ان اخبركِ فقط شكرا لكِ"

عبست ملامحها ببرود وهي لا تصدق البساطة والتي يتكلم بها معها وكأنه يتسلى باستفزازها ببساطته والتي تطغى على كل شيء يفعله ؟ لتعود للاستدارة للأمام وهي تسير بعيدا عنه ليقول مرة أخرى من خلفها بتذكر
"ولكن لم تخبريني ، ما لذي كنتِ تفعلينه خارج غرفتك بمنتصف الليل"

عبست ملامحه وهو ينظر لظلها والذي اختفى بعيدا بالظلام بدون ان تجيبه ، ليرفع بعدها نظراته بهدوء للصورة العملاقة والتي تحتل الجدار وهو يوجه كلامه لها بيأس
"أرأيت ما لذي فعلته بي حفيدتك يا جدي ، فقط اريد ان افهم ما هي تركيبة هذه الفتاة ، ولكني مع ذلك سأتحملها فقط من اجلك يا جدي ولأنها حفيدتك ، واعلم بأنك تحبها فهي قوية مثلك وفريدة من نوعها لأنها جزء منك وتشبهك كثيرا"

رفع (شادي) المنديل وهو يمسح به على اطراف انفه برفق وهو شارد بصورة جده والتي احتلت المنزل لسنوات طويلة بدون ان تتزحزح من مكانها ، ومن الذي سيتجرأ على ذلك ؟

_____________________________
كانت تمسك بالبطاطا بيد وهي تقشرها بنصل السكين الحاد بيدها الأخرى بحرص شديد ، لتنتفض بعدها وهي تنحرف بنصل السكين لتجرح طرف اصبعها ما ان سمعت صوت تصفير خافت يخرج من خلفها بمكر ، لتستدير عندها للخلف بغضب وهي تنظر للواقف عند باب المطبخ وهو ينظر لها بعينين عسليتين ناعستين وكأنه لم يفزعها بتصرفه للتو ، قال (مازن) بعدها بلحظات وهو يرفع حاجبيه لها بتعجب
"لا تنظري لي بهذه الطريقة فهي لا تخيفني ابدا ، وعودي لعملكِ قبل ان انتشل عينيكِ هاتين من مكانهما"

عضت (صفاء) على طرف شفتيها وهي تقول بغيض
"اخبرتك ان تتوقف عن لعبة افزاعي بهذه الطريقة عندما اكون شاردة ، فهذا يزعجني كثيرا"

ردّ عليها (مازن) بلا مبالاة وهو يسند كتفه بإطار الباب
"ماذا افعل معكِ إذا كنتِ تخافين من ظلكِ وتفزعين من اي شيء افعله ، وتماما مثل عندما كنتِ طفلة تختبئين تحت سريري بعد سرد قصة مرعبة قبل النوم ، ما رأيكِ ان نعيدها مجددا فأنتِ لم تكبري عليها بعد"

ضحك (مازن) بسخرية من بين كلامه امام نظراتها الحانقة باشتعال ، لتستدير بعدها بعيدا عنه وهي تتمتم بامتعاض
"سخيف"

شعرت بعدها بلحظات بخصلات شعرها المعقودة على هيئة ذيل حصان على وشك التقطع بفعل قبضته الممسكة بها من الخلف وهو يهمس بغضب مكتوم
"ماذا قلتِ الآن يا ام لسان طويل"

ردت عليه (صفاء) بألم شديد
"لم اقل شيئاً ، اترك شعري"

ترك شعرها اخيرا بعد ان افسد عقدته وهو يقول من خلفها بتحذير
"إذا حاولتِ التطاول معي بالكلام مرة أخرى يا صفاء ، فلا تلوم عندها سوى نفسك"

تبرمت شفتيها بغضب وهي تترك البطاطا والسكين من يديها لترفعهما لعقدة شعرها المتهدله وهي تحاول دس الخصلات البنية بقوة لداخل العقدة المرتخية ، بينما اتجه (مازن) نحو الثلاجة بزاوية المطبخ ليفتحها بيده وهو يخرج منها زجاجة العصير بيده الأخرى قبل ان يغلقها وهو يتمتم بهدوء حائر
"صحيح ما هي اخبار ماسة بمنزل خالها ، فقد تأخرت كثيرا بالمكوث هناك واكثر من الفترة المسموح بها"

عقدت حاجبيها بتجهم من كلامه الأخير وهي تخفض كفيها للأسفل هامسة بوجوم
"لا اعلم شيئاً عنها"

ردّ عليها (مازن) بخفوت خطير
"ماذا قلتِ لم اسمعكِ"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تهمس بانفعال بدون ان تنظر له
"لا تستطيع ارغامي على الكلام ، فأنا لا اعمل جاسوسة عندك من اجل ان تعرف اخبار صديقتي مني"

تجهمت ملامح (مازن) بجمود وهو يقول بصرامة
"صفاء...."

قاطعته (صفاء) وهي تلتفت برأسها نحوه قائلة بعبوس مرتجف
"وإياك وان تقترب مني مجددا وألا اخبرتُ والدي ليطردك من المنزل بأكمله"

عقد حاجبيه بوحشية ارعبتها وهي تلتصق بالمغسلة الرخامية من خلفها بكفيها بتشبث ، ليقول بعدها بهدوء خطير مشددا على حروفه بتصلب
"انا اريد فقط ان اعرف عن حالها وكيف هي الآن ، لذا لا داعي لتمثيل دور محامي الدفاع امامي وكأنني اريد قتلها والتهامها حية"

ابتلعت ريقها بارتباك وهي تهمس بخفوت متصلب
"ليس لدي ما اخبرك عنه سوى بأنها بخير وسعيدة بعائلة خالها وهناك حفلة سيقيمنها بالمنزل بنهاية الاسبوع...."

قاطعها (مازن) وهو يتمتم باهتمام
"هل ستحضر الحفلة"

زمت شفتيها وهي تنوي الكذب عليه لتقول بدلا عن ذلك بوجوم
"لا لن تحضر"

ابتسم (مازن) ببرود وهو يهمس بشرود متصلب
"جيد ، فهذا سيكون لصالحي"

ضيقت عينيها العسلية بتفكير وهي تحاول فهم كلامه الاخير وما هو الجيد بالموضوع ؟ ليقول بعدها (مازن) باستفزاز وهو يفتح زجاجة العصير بهدوء
"ماذا تفعلين ، هيا عودي لعملكِ ، ولا تفكري بشيء آخر لأن شقيقك يسيطر على زمام الأمور جيدا"

عبست ملامحها بغضب صامت وهي تعود للالتفات امامها لتمسك بالبطاطا والسكين بيديها وهي تكمل تقشيرها كما كانت تفعل قبل قليل ، لتشعر بعدها بحركة (مازن) وهو يخرج من المطبخ قبل ان يقول بفحيح ساخر
"انتبهي فقد تخرج لكِ اشباح المطبخ من الخزائن ، لذا احذري وانتِ تعملين لكي لا تثيري غضبها"

شهقت بوجل وهي تسمع ضحكته الساخرة وهي تتبعه لخارج المطبخ بعد ان دب الرعب بأوصالها ، لتجرح بعدها طرف اصبعها الثاني بنصل السكين وهي تشتمه بكل ما تحمله له من كره وحقد منذ طفولتها ، تلفتت من حولها وهي تنظر للخزائن المعلقة بالجدار بريبة وقلق زرعه بداخلها ، لتفكر بعدها بكلامه الأخير وإذا كانت قد اخطئت عندما اخبرته بالحفلة وعدم حضورها لها ؟ فكل ما يهمها هو ألا تتأذى صديقتها بسببها او بسبب شقيقها المجنون بأية طريقة .

_____________________________
كان يجلس امام مكتبه وهو يتلاعب بالقلم بين اصابعه مرجعا ظهره للخلف باسترخاء وهو يحرك رأسه بملل شارد ، ليقطع عليه شروده صوت الهاتف وهو يرن بصخب مزعج مخترقا غمامة شروده ، ليرفع بعدها يده وهو يلتقط سماعة الهاتف من على سطح المكتب ليضعها بجانب اذنه قائلا بملل
"نعم"

ردت عليه السكرتيرة بعملية جادة
"هناك زبونة تريد رؤيتك يا سيدي"

قال (شادي) بعدها بلحظات بتفكير
"هل حجزت موعد مسبق يا وفاء"

ردت عليه (وفاء) بتأكيد
"اجل يا سيدي وقد جاءت على الموعد تماما والذي حددته لها"

انتفض (شادي) وهو يعتدل بجلوسه قائلا بابتسامة جادة
"اجل يا وفاء اتركيها تدخل"

اقفل الخط وهو يعيد سماعة الهاتف لمكانها ، لينظر بعدها بتركيز لباب المكتب والذي فُتح ليتبعها دخول فتاة متبرجة وهي تبتسم له بنعومة بشفتيها المحمرتين بلون احمر قاني ، لينزل عندها لملابسها الانيقة والمكونة من كنزة صوفية طويلة بينما تركت ساقيها عاريين من تحت التنورة القصيرة والتي لا تصل لركبتيها وهو لا يفهم نظام الفصول عندها .

وقف (شادي) عن مقعده بهدوء وهو يبتسم باتساع قبل ان يمد كفه قائلا ببشاشة
"مرحبا بكِ يا آنسة بمكتب المهندس شادي ، شرفتي مكتبي المتواضع"

تقدمت الفتاة نحوه بخطوات متمايلة بتمهل قبل ان تصافحه بأطراف اصابعها قائلة بإيباء
"مرحبا بك"

اخفض (شادي) يده وهو يحرك كتفيه بلا مبالاة قبل ان يجلس امام المكتب وهو ما يزال يتلاعب بالقلم بأصابعه ، بينما جلست الفتاة على المقعد امامه بهدوء وهي تضع حقيبتها الصغيرة فوق الطاولة امامها بصمت ، قال (شادي) بعدها بلحظات بابتسامة هادئة بعملية وهو يطرق بالقلم على سطح المكتب برتابة
"إذاً ألن تخبرينا باسمكِ الكريم"

ردت عليه الفتاة بغرور وهي تضع ساق فوق الأخرى
"اسمي هو شروق الخطيب ، وقد اتيتُ على الموعد والذي حددته معك قبل ايام ، هل نسيت"

عقد حاجبيه بتفكير وهو يقول بابتسامة محرجة
"اعتذر فقد نسيتُ امر الموعد تماما ، فأنا ما افعله بالأمس لا اتذكره اليوم"

عبست ملامح (شادي) وهو ينظر لردة فعلها الباردة بدون ان تؤثر بها دعابته مثل ما تؤثر بالآخرين ، ليتنحنح بعدها بهدوء وهو يقول بجدية صارمة
"حسنا فلنتكلم عن المهم ، ما هو نوع التصميم والذي تودين منّا صنعه لكِ يا آنسة شروق ، واقصد بكلامي اي شيء فقط اخبرينا بمواصفاته وسيكون كما تريدين وتحلمين تماما"

حركت رأسها باتزان قبل ان تقول بابتسامة صغيرة بغرور
"الحقيقة لقد سمعتُ الكثير عن هذه الشركة وبأنكم تحققون كل مطالب زبائنها على اكمل وجه ، لذا قررتُ التوجه عندكم بطلب ما اريد وافكر به ، ولكن اتمنى حقا ان لا يحدث عكس ما اتيت من اجله"

ردّ عليها بثقة بالغة وهو يضرب بقبضته على صدره بقوة
"ثقي بنا يا آنسة ولا تفكري بشيء آخر ، فقد اتيتِ للمكان الصحيح وطلبكِ سيكون بأمان عندنا وبأيدي حريصة"

قالت فجأة بحيرة وهي تنظر له بتعجب
"اين هو خاتم زواجك ، ام انك لا تحب ارتدائه عادةً"

اخفض كفه لسطح المكتب بهدوء وهو يقول ببساطة بالغة
"لا يوجد خاتم زواج ، فأنا ما ازال عازب للآن ، أليس هذا واضحا عليّ"

ارتفع حاجبيها بدهشة وهي تقول بابتسامة مغرية بغموض
"ولما لم تتزوج للآن وانت تمتلك كل المؤهلات المطلوبة والتي تحتاجها للزواج ، ام انك مطلق او ارمل او عاشق تعرض للخيانة...."

قاطعها بسرعة وهو يرفع كفيه بوجل
"لا ليس لهذه الدرجة يا آنسة ، فقط لم اجد الفتاة المناسبة والتي ارغب بها زوجة لي ، هذا كل شيء"

عقدت حاجبيها بعدم اقتناع وما ان كانت ستعاود الكلام حتى سبقها (شادي) وهو يمسك بالقلم بيديه قائلا بجدية حادة
"هلا توقفنا عن التكلم عن حياتي ، وانتقلنا لموضوعكِ لنستطيع اختصار الوقت بشكل افضل ، ولكي لا نؤخركِ اكثر على مهامكِ يا آنسة"

ادارت عينيها بعيدا عنه بإيباء وبصمت وهي تهز ساقيها بعصبية واضحة ، بينما كان (شادي) يمزق ورقة من الدفتر امامه وهو يمسك بالقلم بيده الأخرى قبل ان يسند ذراعيه على سطح المكتب قائلا بابتسامة هادئة
"هلا اخبرتني عن مواصفات طلبكِ لأستطيع تدوينها ورسم التصميم كما تحبين وترغبين ، وماذا تريدين تحديدا بيت احلام او كوخ ريفي او غرفة اضافية بمنزلكِ الحالي...."

قاطعته (شروق) وهي تعود للنظر له بدلال ونعومة مصطنعة
"اريد منزل صغير ريفي يحيطه الاعشاب والاشجار بكل مكان ومعه مسبح كبير وحديقة مزهرة بسياج مرتفع ، واريد الوان السياج ان تكون مزيج بين الابيض والوردي ، وهناك ايضا شيء اريده منك ولن يكتمل منزلي بدونه"

كان (شادي) مشغول بتدوين طلباتها على صفحة الورقة ليتوقف بعدها وهو يتمتم بوجوم
"وماذا ايضا ، اخبريني عن الذي ينقصكِ وانا سأنفذه لكِ بمنزل احلامك"

اتسعت ابتسامتها بإغراء قبل ان تهمس بثقة وهي تحرك ساقها بدلال
"اريدك انت"

تصلبت ملامحه وهو يرفع نظراته بعيدا عن الورقة بحيرة قبل ان يتمتم ببلاهة مصطنعة
"اعتذر ولكني لم افهم مطلبكِ الأخير"

ردت عليه (شروق) وهي تتقدم بجلوسها امام المكتب قائلة بخفوت مغري
"بل انت تفهم جيدا ما اريد ، شاب عازب ووسيم مثلك دائما يكون محط انظار الفتيات الجميلات ، لذا ما رأيك ان اكون الفتاة المناسبة والتي تبحث عنها لتسعدك بحياتك ويكون المنزل الريفي والذي تصممه لنا هو منزل احلامنا الخاص والذي سنقضي به شهر عسلنا"

نظر لها (شادي) للحظات بجمود قبل ان تتسع ابتسامته ببرود وهو يقدم وجهه امامها قائلا باستهزاء واضح
"يبدو بأنكِ قد اتيتِ للمكان الخطأ فهذا المكان لطلب التصاميم والتي تخص منازل الاحلام وليس لطلب العرسان العازبين يا آنسة شروق"

عبست ملامحها بارتجاف للحظات قبل ان تنتفض واقفة عن المقعد وهي تقول بعصبية مهتزة
"كيف تتجرأ على قول مثل هذا الكلام لي ايها السخيف ، لن اسامحك ابدا على جرأتك هذه معي...."

قاطعها (شادي) وهو يرجع ظهره للمقعد قائلا بحزن تمثيلي
"لما كل هذا الغضب يا آنسة شروق ، أليس لديكِ حس بالفكاهة"

ازدادت ملامح (شروق) شراسة لتصبح عبارة عن مسخ مخيف مع مساحيق الوجه والتي كانت تلطخ وجهها بكثرة ، لتلتقط بعدها حقيبتها من على الطاولة بعنف قبل ان تستدير بعيدا عنه وهي تسير باتجاه باب الغرفة بغضب ناري ، ليقول من خلفها بمرح قبل ان تختفي عن نظره
"وداعا يا آنسة شروق ، فرصة سعيدة"

اخفض (شادي) نظره للورقة بيده والتي تحوي طلباتها قبل ان يجعدها بقبضته بقوة ، ليرفع بعدها قبضته عاليا وهو يصوبها باتجاه مكان السلة قبل ان يلقي بها لتصيب هدفها بنجاح ، اعاد نظره للأمام ما ان اجتاحت الغرفة فتاة اخرى وهي تقول بوجوم عابس
"ما لذي حدث يا شادي ، ومن تلك الفتاة والتي كانت متواجدة معك وغادرت غرفة المكتب وهي تبدو غاضبة"

وقف (شادي) عن مقعده وهو يقول بابتسامة جانبية ببرود
"لقد كانت فتاة مخطئة بعنوان المكان"

رفعت (لينا) حاجبيها الاشقرين بعدم رضا قبل ان يسبقها (شادي) بالكلام وهو يدور حول المكتب ليلتقط سترته من على الأريكة قائلا ببساطة
"أتعلمين بأنكِ قد اتيتِ بالوقت المناسب ، فأنا اشعر بالتعب من العمل الطويل واحتاج للترفيه عن نفسي قليلا ، لذا ما رأيكِ ان نذهب لنستمتع قليلا بوقتنا بمكان اجمل وبعيدا عن مكان العمل"

انفرجت شفتيها بانشداه قبل ان تتحول لابتسامة ناعمة وهي تهمس بتأكيد
"انا لا امانع هذا ، لأني دائما سأكون رهن إشارتك"

وقف (شادي) امامها بهدوء وهو يربت على كتفها بخفة قبل ان يتجاوزها بالخروج من المكتب بصمت وهو يضع السترة على كتفه من الخلف بإهمال ، وامام نظراتها الخضراء المتوهجة بكل انواع المشاعر وابتسامة صغيرة تحتل شفتيها بشرود بعيد كل البعد عن مجرد صداقة ودية تجمعهما فقط .

_____________________________
وقفت امام باب غرفتها ما ان لمحت صندوق كبير نسبيا مركون عند زاوية باب الغرفة ، لتتلفت بعدها من حولها بتوجس وهي تتأكد إذا كان قد نسيه احد هنا او كان يخص احدهم من افراد العائلة ؟ وعندما لم تجد اي احد بالجوار انحنت لتجثو على ركبتيها وهي تمسك بالصندوق من جانبيه بذراعيها ، لتستقيم بعدها بوقوفها وهي تفلت ذراع لتفتح باب الغرفة امامها قبل ان تكمل دفعه بقدمها لتدخل بالصندوق لداخل الغرفة ، اقفلت الباب من خلفها بنفس الطريقة بقدمها لتسير نحو السرير قبل ان تضعه من فوقه بحذر .

تنهدت بتعب وهي تمسح العرق عن جبينها بكفها لتنظر لشقيقتها والجالسة امام المكتبة بزاوية الغرفة مشغولة بمذاكراتها بدون ان تعيرها اي انتباه ، لتعود بعدها بنظرها للصندوق وهي تتمتم بحيرة
"لمن يكون هذا الصندوق يا ترى"

تنقلت بنظرها بزواياه بدون ان تتبين اسم المرسل او من اين اتى وعلى ماذا يحتوي ؟ لتعض بعدها على طرف شفتيها بفضول بدأ ينهش اطرافها وهي تتلمس بيدها غلافه المفتوح من فوقه بهدوء ، تنهدت بقوة وهي تتخذ قرارها لتفتح عندها الغلاف ببطء وحذر بدون ان تفسده او ان تمزق شيء منه حتى ظهرت امامها ورقة صغيرة بالمقدمة ما ان وصلت لداخل الصندوق ، لترفع بعدها يدها وهي تلتقط الورقة المطوية لتفتحها من فورها برهبة وهي تقرأ المكتوب بداخلها بانبهار مندهش

(إلى روميساء الفاروق ، لقد طلبتُ من الخدم ان يحضروا لكِ ثوب مناسب للحفلة وبعض التجهيزات الأخرى من اجلكِ ، فأنا قد وعدتكِ من قبل بأن اهتم بكل شيء ينقصكِ للحفلة ، وها أنا قد اوفيت بوعدي لكِ وجاء دوركِ الآن لتوفي انتِ بوعدكِ وتحضري الحفلة كما اتفقنا ، واتمنى ان تتقبلي هذه الهدية مني بدون ان ترفضيها او تعترضين عليها كعادتكِ فأنتِ بالنهاية جزء من هذه العائلة وفرد بها ، وإذا وجدتِ ان هناك اي شيء ينقصكِ للحفلة فأنا موجود ولا تترددي بطلبي مساعدتي متى ما شئتِ ، هنيئاً لكِ بالهدية)

كانت تتنفس من بين شفتيها المنفرجتين بانشداه وهي تنظر بعدم تصديق لما تراه امامها وهي تعلم جيدا من صاحب هذه الرسالة وهو نفسه من اهداها ذلك الكرت المزخرف والذي ما تزال تحتفظ به ولم تكن تتوقع ان يصل به الأمر لينفذ كلامه بحذافيره ويحضر لها كل ما ينقصها للحفلة والتي كانت قد رفضت حضورها من قبل ؟ وكل هذا لكي لا تبقى لها اي حجة لرفض الحضور وقد اغلق عليها جميع السبل للنجاة منه .

قطع عليها ذهولها بالرسالة صوت (ماسة) وهي تقول ببرود ساخر
"يبدو بأنه قد اصبح لكِ عشيق جديد بالعائلة يهتم لأمرك"

ردت عليها (روميساء) وهي تلتفت نحوها بحدة
"هذا ليس وقت مزاحكِ السخيف يا ماسة"

حركت (ماسة) رأسها ببرود بدون ان تعلق على كلامها وهي تعود للتركيز على المذاكرات امامها ، بينما وضعت (روميساء) الورقة جانبا وهي تعود بنظرها لما داخل الصندوق قبل ان تدس كفها بالداخل وهي تزيل الغطاء الشفاف والذي يفصلها عن محتوياته ، ابتلعت بعدها ريقها برهبة وهي تتلمس بكفها قماش شديد النعومة والذي اكيد سيكون يخص الثوب بلون ازرق مائي وهو يظهر عليه صناعته العريقة والتي لا تعود لأي صناعة عادية من التي تعرفها وتعاملت معها ، لتخرجه من فورها وهي تضعه على السرير بحرص شديد وكأنه شيء ثمين وقابل للتلف من النسيم لتعود بنظرها للصندوق وهي تنظر بصدمة لعدة علب حمراء مخملية اثنتان منهما صغيرتان وواحدة فقط كبيرة .

امسكت بالعلبة الكبيرة لتفتحها بحذر قبل ان تتسع حدقتيها الخضراء بانشداه وهي تنظر لعقد طويل من الألماس تتدلى منه جوهرة مستديرة زرقاء وعلى جانبيه حلقين من نفس نوع الألماس تتدلى منهما نفس الجوهرة ، لتغلق بعدها بسرعة العلبة وهي تنقل نظرها للعلب الصغيرة الأخرى وتفكر بما تحتويه ايضا من مفاجآت ستبهرها ؟

امسكت بعلبة منهما بارتجاف بعد ان اعادت العلبة الكبيرة لمكانها لتفتحها بحماس تشعر به لأول مرة باتجاه شيء ، لتصدم بخاتم ألماس يحمل نفس الجوهرة الزرقاء ولكن بشكل اصغر ، لتنتقل عندها للعلبة الصغيرة الثانية بوجل وهي تفتحها بنفس الحماس لتكتشف بأنها تحوي خاتم آخر ولكنه يحمل جوهرة بلون مختلف وهو اخضر فيروزي بنفس جمال الأول .

اغلقت العلبة الأخيرة بارتجاف لتبتسم بشرود ساحر وهي تجرب مشاعر جديدة دافئة بنعومة قماش الثوب الحريري ، لتتنقل بعدها بنظرها بالأغراض بسعادة متلهفة والتي اكيد ستساوي ثروة طائلة وهي تدخل لعالم جديد فاحش الثراء لم تكن تعلم عنه وعن مدى جماله وبريقه والذي يكاد يعميها مثل بريق عقد الألماس والذي رأته الآن واستطاعت لمسه لأول مرة وكأنها قد بدأت بلمس النجوم ؟

انتفضت بجزع ما ان اخترق صوت (ماسة) الحاد سعادتها الفريدة وهي تنظر لها بتفكير حائر
"روميساء اين شردتِ ، واين وصلتِ بأحلام يقظتك"

زفرت (روميساء) انفاسها بغضب وهي تعود للابتسام بجدية قائلة بقوة بدون ان تلتفت نحوها
"لا شيء فقط كنتُ افكر بأمور معقدة اخذتني بالتفكير بعيدا"

عقدت (ماسة) حاجبيها بتجهم وهي تهمس باستياء
"إذاً من يكون صاحب الرسالة ومن الذي ارسل لكِ كل هذه الاغراض"

ردت عليها (روميساء) ببساطة وهي تحرك كتفيها بشرود ناظرة للعلبة الصغيرة المخملية بكفها
"ربما عشيقي"

ارتفع حاجبي (ماسة) بصدمة وهي تهمس بغيض
"روميساء...."

قاطعتها (روميساء) وهي تلتفت نحوها قائلة بصرامة قاطعة
"هذا لا يعنيكِ يا ماسة فهذه امور تخصني وحدي وليس لكِ اي علاقة بها"

امتعضت ملامحها بعبوس قبل ان تلتفت بعيدا عنها امام مكتبتها ببرود وهي تكمل ما كانت تفعله ، بينما انشغلت (روميساء) بترتيب العلب بالصندوق بهدوء ليتبعها بوضع الثوب فوقها بحرص شديد لكي يبقى ناعما وجميلا كما هو ، لتغلق بعدها الصندوق بأكمله بصمت وابتسامة شاردة ما تزال تحتل محياها بهدوء .

ابتعدت عن الصندوق وهي تلتقط حقيبتها لتخرج منها هاتفها قبل ان تجلس على طرف السرير وهي تمسك بالورقة بيدها الأخرى بهدوء ، لتكتب بعدها رسالة قصيرة لرقم معين حصلت عليه من الرسالة وقد كتبه بزاوية الورقة ، لترسل الرسالة من فورها والتي كان محتواها مجرد كلمتين خجولتين
(شكرا لك)

اخفضت بعدها الهاتف وهي تنظر للورقة بابتسامة هادئة وتتمنى لو تستطيع حقا ردّ جميله عليها والذي زاد من رصيده عندها أضعاف حتى فاض .

نهاية الفصل يا حلوين ورمضان كريم وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، ونلتقي بفصل جديد بيوم السبت القادم..............
🌙🌙🌙❤❤❤


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس