عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-21, 09:30 PM   #57

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

امسك بمقبض الباب بحذر وهو يتنفس بهدوء منقبض محتد قبل ان يدفع الباب للأمام ببطء لينظر عندها للمشهد المتوقع لزوجته المشتعلة والتي تبدو بأبشع حالاتها من العصبية والتي لا تصل لحدها الاقصى ألا إذا اخطأ احدهم بحقها بصورة شنيعة غير قابلة للغفران ، لتتحول بعدها لامرأة اخرى من شعلة متقدة من العصبية وكأنها قد فقدت السيطرة على نفسها تماما ، وهو يعلم جيدا بأنه ليس من الحكمة التكلم معها الآن ولكن كلام والده والذنب والذي ينهشه اتجاهها بهذه اللحظة لن يسمح له بتركها بهذه الحالة المخزية والتي قد تدفعها لترتكب جريمة بنفسها او بمن حولها .

كان ينظر لها وهي تفتح الخزائن لتمسك بكومة من ملابسها قبل ان تلقي بها بداخل حقيبتها بإهمال بدون ان تهتم بترتيبها ، لتعود بعدها لنفس الكرة وهي تمسح معها عينيها الحمراوين من البكاء بمنديلها بتوتر وهو يستمع لتمتمات خافتة تخرج من شفتيها بعصبية بالغة ويبدو عليها كسيل من الشتائم بدون ان يعلم لمن موجهة ؟

تنحنح وهو يبادر بالكلام قائلا بصوت بارد بارتباك
"بماذا تهمسين"

توقفت قليلا عن الحركة امام الخزانة للحظات قبل ان تعود للنبش بين الملابس قائلة بغضب ناري
"اشتم حظي العثر والذي اوقعني بعائلتك وبهذا الزواج ، واشتمك انت وحبيبتك اللعينة والتي اوقعتك بشباكها بسهولة ، بينما انا ملقاة على الزاوية بين اشيائك القديمة والتي ذقت ذرعا منها"

تنفس (احمد) بضيق وهو يشعر بالهواء قد فرغ من الغرفة بسبب انفاسها المشتعلة والتي ملئت الاجواء من حولها بشرارات خانقة ، ليعبس بعدها بصرامة وهو يرتدي قناع الهدوء الجاد والذي اعتاد على استخدامه بكل مواقفه المستعصية والتي ليس لها حل بحياته .

عادت (سلوى) لدس الملابس بفوضة فوق بعضها البعض وهي تنشج بأنفاس حادة مرتفعة ، ليندفع بعدها الساكن بمكانه نحوها وهو يمسك بذراعها بقوة ليديرها نحوه وشعرها الاسود الطويل المتشابك يدور من حولها بهمجية وهو يوجه كلامه لها بصرامة قاطعة
"قبل ان تفتعلي اي مصيبة قد تندمين عليها ، اسمعي اولاً ما سأقوله لكِ والسبب والذي دفعني لفعل كل هذا ، وبعدها يمكنكِ فعل ما تشائين بحياتك ولو رميتي نفسكِ من على السطح"

تجهمت ملامح (سلوى) بارتجاف وهي تتنفس بحدة قبل ان تعود لشراستها وهي تضربه على صدره بقبضتيها قائلة ببكاء حاد
"وماذا تريد ان تقول لي اكثر مما علمت ، لو اني لم اعلم بالصدفة عند غرفة والدك لبقيت تخفي عني امر زواجك منها طول العمر ، وقد بقيت ايضا تقضي شهر عسلك عندها طول الأيام القادمة وانا انتظر عودتك بالمنزل منذ يومين كالبلهاء ، بحجة بأنك مشغول بالعمل و....."

قاطعها (احمد) بانفعال وهو يمسك مرفقيها على صدره بقسوة
"اخرسي يا سلوى ، وتوقفي عن هذه الاحتمالات الفارغة والتي لا وجود لها بالواقع ، وليكن بعلمك بأنني كنت اريد اخباركِ بالأمر بعد ان اخبر والدي ، يعني لم اكن اريد ان اخفي عنكِ الأمر فقط انتظرت الوقت المناسب"

كانت (سلوى) تشهق بعنف ودموعها ما تزال تغرق وجهها بأكمله بغزارة لتمسح مساحيق التجميل عنه ، لتهمس بعدها بشراسة وبعبوس مهتز
"يعني انت تعترف بأنك كنت تجهز للأمر لتخبرني بزواجك عليّ ببساطة ، وماذا سأستفيد مثلاً بكلامك وتبريرك ما دمت عقدت قرانك بها وانتهى الأمر واصبحت زوجتك رسمياً ، بينما زوجتك الأولى والأصلية جالسة بالمنزل وكأنها مجرد اثاث مهترئ بغرفتك ليس لها الحق بمعرفة ان زوجها قد خانها وتزوج عليها"

تنفست بعدها بسرعة وهي تحاول اخذ انفاسها بصعوبة من بين شهقاتها الباكية وبحدة بالغة ، بينما افلت (احمد) مرفقيها بوجوم وتردد وهو يقبض على كفيه بقوة حتى ابيضت مفاصل اصابعهما بدون ان يعلم الطريقة الصحيحة بمواساتها وهو يراها تكاد تغص بشهقات بكائها الحادة والسريعة بشكل مفرط ؟

رفع (احمد) كفه وهو يمسد على جبينه بغضب وما ان كان على وشك الكلام حتى سبقته من رفعت وجهها نحوه بقوة وهي تقول ببكاء منتحب
"لما اخترتها هي تحديدا يا احمد ، من بين كل الفتيات اخترت تلك الشاذة ابنة الفاجرة لتتزوجها عليّ ، اكل هذا لأنها تبدو اجمل مني ام لأنها قريبتك الجميلة ، كنت اعرف بأنك ستفعل هذا يوما ما لأني لم احقق لك كل مطالبك كاملة ومنها طفل يحمل اسمك واسم العائلة....."

قاطعها (احمد) وهو ينقض عليها ليقبض على ذراعيها بقوة قائلا بنفاذ صبر
"كفى يا سلوى فقد اكتفيتُ من كل هذه الاتهامات المجحفة بحقي وبحق ابنة عمتي ، ولا اسمح لكِ مرة أخرى بإهانة ابنة عمتي والتي اصبحت زوجتي الآن ، وكل الكلام والذي قلته عن تحقيق مطالبي والسبب بزواجي غير صحيح"

فتحت شفتيها وهي على وشك العودة للكلام ليسبقها (احمد) وهو يقول بصرامة حادة بعد ان اختفى الهدوء من ملامحه
"اصمتِ يا سلوى واسمعي ما سأقوله ، زواجي من ابنة عمتي هو فقط لأساعدها للحصول على حقوقها والتي حرمت منها منذ سنوات ، وايضا نحن نتحمل ملامة ما حدث معها هي وشقيقتها وكل معاناة مرت عليهما بالماضي ، لذا انا سأعوضها عن كل ما فات واكون افضل من الجميع واردّ لها حقها بالحياة المرفهة وكل شيء تحتاجه من حماية وامان حرمت منهما ، وزواجي منها سيسمح لي بأن احقق لها كل الحماية المطلوبة وكل شيء تحتاج إليه ، وسامحيني لأني تأخرت بقول هذا الكلام لكِ فقد حدث كل شيء بسرعة بدون ان افكر بردة فعلك"

انفرجت شفتيها بارتعاش قبل ان تتحول لابتسامة ساخرة وهي تهمس بقتامة وحقد
"ولما انت الذي عليك ان تلعب دور البطل وتحمي اميرتك ، لست الملام الوحيد على الذي حدث لهما بالماضي بل والدك هو الذي عليه كل اللوم وهو الذي لديه الحق بفعل ما تبرعت انت بفعله بكل شهامة ، وهي ايضا ليست طفلة حتى لا تستطيع حماية نفسها وحماية شقيقتها الأخرى الفاجرة معها بل هما اكثر من قادرتين على استعادة حقوقهما لوحدهما بدون مساعدتك كما كانوا استطاعوا العيش بالماضي مع زوج والدتهما ، ولكن يبدو بأنك انت الذي لا ترى امامك سوى ما تريد ان تراه وتوهم نفسك به يا سيد احمد"

امتقعت ملامحه بغموض وهو يشدد من الإمساك على ذراعيها بقوة قبل ان يرخيهما وهو يفلت ذراعيها بهدوء ، ليستدير بعدها بعيدا عنها وهو يتنفس بتشنج من كل هذا الضغط والذي يواجهه منذ الصباح وكأنه ارتكب جريمة شنعاء بزواجه الثاني والذي يراه بالنسبة له عين العقل وحق من حقوق بنات عمته عليه فهو بحياته لم يحب الظلم ومرتكبيه والذي كانوا يمارسونه على بنات عمته بالماضي بسبب خطأ ليس لهما اصلا ذنب فيه .

قال بعدها بلحظات بصرامة حادة عادت لاحتلال ملامحه بقوة
"لقد اخبرتكِ بما لدي يا سلوى ، وانتِ افعلي ما تريدين والقرار بين يديكِ ، ولكن اعلمي بأن زواجي من ابنة عمتي سيبقى كما هو ولن يتغير ، وعليكِ ان تفهمي ايضا بأنها قد اصبحت زوجتي وهذا يعني بأن عليها حقوق عليّ مثل حقوقكِ تماما"

زمت شفتيها بانفعال والدموع قد عادت للتجمع بمقلتيها بقوة قبل ان تتسرب على وجنتيها المحمرتين بشدة من البكاء ، لتهمس بعدها بقوة رغم ارتجاف صوتها بمرارة
"حسنا يا احمد ، انت من اخترت هذا ، ولا تنسى بأن هذا سيكلفك كثيرا ، وتوقع بأي لحظة بأن تصلك رسالة طلاقي منك ، فأنا من المستحيل ان اجتمع مع فتاة ليست من مستواي لتشاركني بزوجي والذي تبين بأنه مفتون بسحرها دون غيرها"

عادت (سلوى) للالتفات لحقيبتها وهي تنشج بارتجاف اثر على يديها والتي كانت تحاول اغلاق حقيبتها بإحكام ، وما ان انتهت وبعض من قماش الملابس بقيّ عالقا خارج الحقيبة بدون ان تدخله جيدا حتى انزلت الحقيبة للأرض بقوة ، لتمسك بعدها بمقبضها وهي تجرها من خلفها بهدوء ودموعها تنزل بنشيج حاد وشهيق بدون ان توقفه .

بينما تنهد (احمد) بهدوء ما ان اغلقت الباب من خلفها بقوة رجت معها جدران الغرفة بأكملها ، وهو يتمنى من كل قلبه ان تمر هذه الليلة على خير بدون اي مشاكل على الأقل قبل سفره للبدء بالصفقة الجديدة والتي ستؤخذ منه كل وقته بعيدا عن كل هذه الأحداث والتي سببت لرأسه ضجة صاخبة غير معتاد عليها بحياته الرتيبة .

_____________________________
كانت تنظر امامها بجمود وهي تشدد من معانقة ساقيها بذراعيها بقوة وحدقتيها باردتين بدون اي حياة وهي تجلس على طرف سرير كبير نسبيا بغرفة لا تحتوي على اي اثاث سوى على نافذة مفتوحة بدون حماية ومع زجاج محطم الجانبين وبعض منه ما يزال سليم وهو عالق بإطار النافذة بشموخ ، وهذا حالها منذ ساعتين تقريبا وهي تحدق بالنافذة بدون اي تعبير بل منذ خُدعت بكل دناءة ووصلت لهذا المكان الموبوء والذي لا تعلم شيئاً عنه وما صلته بذلك الحقير والذي استطاع ان يضحك عليها بسهولة ليحبسها بهذه الغرفة القميئة بدون اي مهرب او سلاح ؟ فقد انتشل منها حتى هاتفها وسكينها ما ان حاولت مهاجمته بسكينها ليتصدى لها قبل ان تفكر بفعلها وكأنه يحفظ كل حركاتها وما يصدر منها بدون ان يتكلف اي عناء ، فهذه هي اللعبة والتي لطالما كانوا يفعلونها بكل مواجهة تحدث بينهما بطفولتهما المتهورة وبكل سنوات حياتهما حتى حفظ كل شيء عنها واصبح من السهولة توقع حركاتها .

ولكن اللوم ليس عليه وحده بكل هذا بل على الحمقاء والتي ذهبت معه بإرادتها الحرة وهي تعلم جيدا بنواياه ودناءته والتي لن تتغير ابدا وهي بغبائها قد قدمت له كل ما كان يريده ويحلم به على طبق من فضة بدون اي ذرة تفكير ، فيبدو بأن ذكائها الحاد وغريزتها الحذرة والتي تشعر بما حولها قد خذلتها هذه المرة ولأول مرة بحياتها .

تنهدت بهدوء متصلب ما ان شعرت بصوت خطوات مقتربة من باب الغرفة ، ليتبعها بعدها صوت فتح القفل بالمفتاح قبل ان يدخل للغرفة ببساطة وهو يغلق الباب من خلفه بهدوء ، تقدم باتجاهها بخطوات متباطئة وهو ينظر لاستكانتها بابتسامة مستفزة ، ليقف بعدها فوق رأسها وهي ما تزال لا تعيره اي انتباه .

قال بعدها بلحظات بخفوت متسلي مبتسم وهو ينظر لرأسها الجامد
"كيف حالكِ ، هل تشعرين بالجوع او بالبرد لأن الجو بهذا المنزل بارد بعض الشيء"

مرت لحظات باردة كبرودة الهواء بالخارج قبل ان تهمس الساكنة بمكانها بتصلب خافت بدون ان تنظر له
"هل انتهيت من التهريج ، لأني اريد ان اسألك الآن لما خدعتني ولم تفعل كما اخبرتني ، ام انك كنت تتسلى بغبائي لا اكثر"

ضحك (مازن) بدون مرح قبل ان ينحني امامها وهو يقابل وجهه امام وجهها مستندا بكفيه على ركبتيه ليهمس عندها بغموض مبتسم
"لا تقولي مثل هذا الكلام المهين عن نفسكِ فهو لم يعجبني ، وبخصوص خداعك انتِ من اتيتِ معي بملء إرادتكِ يا جميلة....."

قاطعته (ماسة) بانقباض وهي تهمس امام وجهه بحدة
"انت من ارغمني على المجيئ معك ، ومن اوهمني بأنك ستتكلم معي فقط وبعدها تتركني وشأني ، ولكني نسيت بأنك شخص لا يفي بوعوده ابدا وحقير مثل المجرمين السابقين من اشباهه ومن ألقوا بالقبض عليهم....."

قاطعها (مازن) بتصلب وهو يرفع يده لوجهها حتى كاد يصفعها قائلا باشتعال
"اصمتِ يا ماسة والتزمي حدودكِ معي ، فلا تنسي بأنكِ الآن قد اصبحتِ تحت رحمتي ، وقد تقضين على حياتكِ بسبب كلمة طائشة منكِ غير محسوبة العواقب"

تجمدت (ماسة) ببرود للحظات قبل ان تعتلي ملامحها ابتسامة ساخرة فوق شفتيها الحمراوين وهي تهمس باستهانة
"ما بك ، لما توقفت بآخر لحظة ، ام تريد ان تثبت لي بأنك ما تزال تتحملني ولن تمسني بسوء لتشعرني بالامتنان نحوك ، صدقني هذه الأمور لم تعد تؤثر بي بالنسبة لشخص عاش طول حياته مذلول يتجرع ألم اسوء من الصفع ، لذا كلامك التافه وتهديدك لي لا يؤثران بي ولو قليلا"

تصلبت ملامحه وكفه ما تزال بقرب خدها قبل ان يربت عليها بهدوء وهو يقول ببساطة بالغة
"ومن اخبركِ بأنني ارغب بصفعكِ او تهديدك ، بل انا كل ما ارغب به هو امتلاككِ انتِ لتكوني شريكة حياتي ودميتي لي وحدي ، وكل شيء فيكِ من شراستكِ وتمردكِ سيكونان من الآن طوع امري"

كانت (ماسة) تنظر له بجمود صخري بدون ان تتحرك اي عضلة بوجهها فقط انفاسها تخرج بحدة متهدجة لتدل على انها ما تزال موجودة معه ، قالت بعدها بلحظات بخفوت قاطعة الجمود والذي لفهم معا
"ماذا تريد مني ، ولما احضرتني لهذا المكان ، ولمن هذا المكان اصلا"

تراجع (مازن) بوجهه بعيدا عنها وهو يتنفس بهدوء قائلا بابتسامة جانبية بتفكير
"اولاً اخبرتكِ بما اريد وما اسعى إليه منذ سنوات ، وثانياً هذا منزل صديقي القديم والذي ذهبتُ إليه بالأمس وعلى اساس بأني قد نمت عنده تلك الليلة ، ولكن المخطط قد تغير قليلا وجعلته يعيرني منزله هذا والذي لم يعد يسكن به احد وفقط ليوم واحد ، وهذا كل ما حدث"

رفعت نظراتها نحوه بتجهم وهي تفكر بكل ما قاله والذي يظهر بوضوح بأنه كان يخطط لفعل كل هذا معها منذ الأمس ؟ وهي قد ساعدته بتنفيذ مخططه بذهابها معه بغباء يظهر عليها لأول مرة ، لتقول بعدها بدون ان تمنع نفسها باستياء
"ولما فعلت معي كل هذا بعد ان استمعت إليك وعدتُ لمنزل قيس كما كنت تريد ، ام انه كان جزء من الخطة ايضا"

ردّ عليها ببساطة وهو يستقيم بوقوفه قائلا بثقة
"عودتك لمنزل قيس كان سيحدث عاجلاً ام آجلاً ولم يكن له علاقة بالخطة ، ولكني قد فكرت بأنكِ الآن قد اصبحتِ ضعيفة ومشوشة بعد ان تخلى عنكِ الجميع وحتى شقيقتك ، لذا اردتُ ان استغل هذا الأمر لصالحي لأصوب ضربتي واحقق كل ما احلم به منذ سنوات ، وبدون ان يقف امامي اي عائق ، فأنا قد مللت كثيرا من لعبة المطاردة معكِ وقد حان الوقت الآن ليصبح الكلام واقع ملموس اخيرا"

زمت (ماسة) شفتيها بارتجاف جامد من كلامه وهو يذكرها بأنها قد اصبحت حقا وحيدة ولم يعد لديها احد بعد ان خرجت شقيقتها من حياتها ببساطة ، وهل كان لديها احد من قبل ام كانوا مجرد سراب بحياتها ؟

اخفضت نظراتها بعيدا عنه بدون اي تعبير ما ان قال بابتسامة مفترسة بخبث وهو يعود ليربت على خدها الثلجي بهدوء
"لا تفكري بشيء يا ماسة ولا بأي احد ، فأنتِ ستبقين دائما الفتاة الوحيدة والفريدة عن الجميع والتي لا تستطيع التآلف مع احد ألا مع اشباهها ، ومن تستطيع ان تصل لمعلومات وآفاق لم يصل لها احد من قبلها ولن يصل ، وصدقيني افضل شيء تفعلينه هو التعاون مع شخص يشبهكِ بنفس الماضي ويعلم كل اسراركِ الخطيرة والتي ستبقى دائما بأمان مع الشخص الصحيح"

تنفست (ماسة) فجأة باضطراب وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه بصمت وبعيدا عن مرمى كفه بجمود ، ليخفض بعدها كفه وهو يستقيم بجسده باتزان ليضع عندها كفيه بجيبيّ بنطاله بكسل هامسا بهدوء بالغ
"لا بأس يا دميتي ، خذي وقتكِ بالتفكير ، ولكن لا تنسي بأنه عليكِ ان تستعدي جيدا بمساء اليوم ، فنحن سنتزوج بهذا اليوم تحديدا ، ولا تقلقي من التجهيزات فأنا سأحضر لكِ كل شيء تحتاجينه وينقصك"

سار بعدها لخارج الغرفة بخطوات متمهلة كما دخل ليغلق بعدها الباب من خلفه بالمفتاح بإحكام ، بينما عادت (ماسة) للشرود بالنافذة المحطمة بالغرفة والشبيهة بروحها والتي انتهكوها بعد ان حطموها ليتركوها هكذا معلقة بمصيرها المحتوم بدون ان تحدد الهدف من حياتها ومن وجودها بهذا العالم بدون ان تفيد او تستفيد ؟

___________________________
كانت تصعد السلم امام مدخل المنزل بعجلة وهي تلهث بتعب مجهد من سيرها الطويل منذ بداية النهار وهي تنتقل من مكان لآخر حتى غابت جزء من الشمس بوقت الظهيرة بدون ان تجد لها أي اثر ، وهي تصل لآخر مكان بقائمة بحثها تتوقع وجودها به رغم يقينها الكبير بعدم مجيئها إليه ولكن لا بأس من المحاولة بما انها قد اصبحت قريبة من المكان ، وقد ضاقت ايضا دائرة بحثها حتى لم يعد هناك اماكن لم تذهب إليها بهذه الأرض الواسعة وكأنها تبحث عن إبرة بكومة قش .

وقفت بعدها بلحظات امام باب المنزل وهي تتنفس بإنهاك لتقرع بعدها على الجرس عدة مرات بتوتر احتل كل اطرافها ، وما أن فُتح باب المنزل وظهرت الخادمة من خلفه حتى اندفعت بسرعة باتجاهها وهي تقول باحترام مرتبك
"لو سمحتِ اريد ان اسألكِ ، هل جاءت شقيقتي ماسة لمنزلكم او مرت من هنا"

حركت الخادمة رأسها بالنفي وهي تبتعد قليلا عن الباب قائلة بتهذيب
"لا اعلم ولم ارها تأتي لهنا ، لكن يمكنكِ الدخول يا آنسة روميساء وسؤال افراد العائلة عنها"

كانت تريد الرفض بإحراج بعد ما سببته من مشاكل لهذه العائلة وبعد رحيلها عن منزلهم بدون إخبار احد متسللين مثل اللصوص الهاربين ، ولكن ما منعها بآخر لحظة هو خوفها الشديد على شقيقتها والتي اختفت بدون ان يظهر لها اي أثر وافراد العائلة هم افضل الموجودين ليساعدوها على إيجادها ، بالرغم من انها تشك بأن يهتموا بأمرها وبما يحدث لهما بعد ان نبذوهما لسنوات وتقبلهم لهما مؤخرا مجرد فترة مؤقتة فقط كما قالت (ماسة) .

قالت بعدها بلحظات بسرعة ما أن طرأت على بالها فكرة بأمل
"هل احمد موجود بالمنزل ، لأني اريد مقابلته بموضوع مهم"

حركت رأسها بابتسامة هادئة وهي تقول بأسف
"اعتذر يا آنسة روميساء ، ولكن لدي عمل الآن عليّ الذهاب لإكماله ، لذا يمكنكِ الدخول والبحث عنه او سؤال الخدم الآخرين عنه"

انفرجت شفتيها بصدمة وهي تنظر للخادمة ببلاهة والتي ابتعدت من امامها لتسير بعيدا عنها بلا مبالاة ، وهي تفكر بأن هذا ليس غريبا عنها فقد اعتادت مثل هذه المعاملة الفظة من الآخرين ، ولكن ما جعلها تعبس بتجهم هو تجاهلها لطلبها والذي لم يكن بالصعب عليها تنفيذه وكأنها تعمل عند سيادتها .

سارت (روميساء) للداخل بخطوات مترددة وكأنها تدخل للمنزل لأول مرة وهي تتنقل بنظراتها الخضراء المتسعة بزوايا المنزل الفارغ بعبوس ، وما ان لمحت خادمة تخرج من غرف بهو المنزل الواسع وهي تمسك بعدد من الأغطية المرتبة بين ذراعيها حتى اسرعت بخطواتها نحوها قبل ان تقف امامها مباشرة وهي تقول بإحراج خافت
"لو سمحتِ ، اريد ان اعلم اين اجد السيد احمد"

حركت كتفيها بلا مبالاة وهي تقول ببرود
"غير موجود فقد غادر المنزل منذ الصباح الباكر للشركة"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تعود للكلام بعبوس متوجس
"ومتى يعود من العمل ، هل تعلمين"

عقدت الخادمة حاجبيها بتفكير قبل ان تقول بابتسامة صغيرة بثرثرة
"اعتقد بأنه لن يعود للمنزل قبل يومين ، لأنه قد استلم صفقة مهمة بمنطقة بعيدة جدا ، وهو بكل مرة عندما يستلم مثل هذه الصفقات لا يعود للمنزل قبل انهاءها واحيانا تؤخذ منه ايام"

اتسعت عينيّ (روميساء) بجزع وهي تتلقى الخبر القنبلة والذي ضرب عقلها عن التفكير تماما وهي تخسر املها الوحيد بمساعدتها بما هي فيه الآن ، وبخضم ما حدث نسيت بأنه قد اخبرها بالفعل عن صفقة العمل والتي دفعته ليعجل من عقد قرانهما قبل سفره للبدء بصفقته ليضمن عندها حمايتها وتحقيق مطالبها وعدم افساد اي احد مخططهم بالزواج .

عادت بالنظر للخادمة بتوجس ما ان قالت المقابلة لها بابتسامة خبيثة بمشاكسة
"وايضا لقد رأيتُ زوجته وهي تخرج من المنزل غاضبة وقد كان يبدو من حالتها المخزية بأنه قد تقاتل معها بشدة ودفعها للبكاء ، لتغادر من المنزل مع حقيبتها ، واتمنى حقا ان لا تعود هذه المرة لبعد سنة واكثر من اجل ان نرتاح من تصرفاتها المتعالية علينا والتي لا تطاق ابدا....."

قاطعتها الصرخة الصارمة من بعيد والقادمة من جهة الرواق
"سندس توقفي عن الثرثرة ، وتعالي إلى هنا ، فلدينا عمل كثير علينا انهاءه"

شهقت المدعوة (سندس) بهلع لتتمسك بعدها بالأغطية بين ذراعيها قبل ان تسير بسرعة باتزان بعيدا عن الجامدة بمكانها وقد ذهبت بتفكيرها المعذب بعيدا عنها منذ بداية كلامها والذي ضربها بمقتل ، لتشعر بعدها بنخزة ندم بزاوية قلبها المظلمة عما سببته من دمار بالعائلة بسبب خبر عقد قرانها من ابن خالها والمتزوج من قبلها ، ولكن ما دخلها هي بكل هذا وهو الذي عرض عليها الزواج منذ البداية بدون اي ضغوط او ارغام من احد وهو يقنعها بعروضه المغرية والتي دفعتها للموافقة على طلبه بدون ادنى تفكير ، إذاً ماذا تغير الآن لتفكر بهذه الطريقة والتي اتعبت عقلها المجهد بالفعل ؟

افاقت من افكارها على صوت خطوات من خلفها وصاحبها يدندن بغناء خافت غير مفهوم على عقلها المشوش ، لتلتفت بعدها بسرعة نحو مصدر الصوت وصاحبه يتوقف امامها فجأة وهو يرفع حاجبيه ببطء ودهشة قبل ان ينطق وهو يقول بتعجب
"مرحبا بعودة ابنة عمتي روميساء ام اقول زوجة شقيقي"

عضت على طرف شفتيها بابتسامة مرتبكة قبل ان تهمس بترحيب خافت وهي تلوح بكفها بحركة غير ملحوظة
"مرحبا بك يا شادي ، الحقيقة لقد اتيتُ للسؤال عن احمد ولكن للأسف لم اجده هنا"

ابتسم (شادي) بهدوء وهو يقول بجدية خافتة بمرح
"اعتذر على ما سأقوله يا روميساء ، ولكن يبدو بأن كل من بالمنزل الآن مرتبك ومشغول بقصة عقد قرانكِ مع احمد ، والذي كان قنبلة مدوية بالنسبة للعائلة ، لذا خذي مني هذه النصيحة ولا تحاولي الاقتراب من احد بالعائلة بهذه الفترة حتى ينسوا ما حدث تماما وقصة زواجكِ كاملة"

ابتلعت ريقها بتشنج وهي تقبض على كفيها بقوة مؤلمة والندم قد عاد لينهش احشاءها بدون رحمة وكأنه ينقصها الآن مثل هذه المشاعر والتي اتعبت جسدها وروحها بإنهاك سيطر عليها تماما ، قاطع شرودها صوت (شادي) وهو يقول بتفكير حائر
"صحيح لما تركتِ انتِ وشقيقتك المنزل ، وبالمناسبة اين هي ماسة فأنا لم ارها منذ ايام ، هل تستطيعين اخبارها بأنني اريد رؤيتها والتكلم معها"

رفعت نظراتها نحوه بضعف وهي تعود مرة أخرى للتفكير بشقيقتها المفقودة والتي لم تجد لها اي اثر للآن ، وما تزال لا تعرف اي شيء عنها واين هي اراضيها الآن ؟ لتقول بعدها بدون ان تمنع نفسها بحزن وحدقتيها تلمعان بدموع العجز
"لا اعرف ، فقد بحثتُ عنها بكل مكان ولم اجدها ، وكأنها قد اختفت عن العالم بأكمله"

ارتفع حاجبيّ (شادي) وهو يحاول ان يتتبع كلماتها الخافتة بتقطع وكأنها تكلم نفسها ، ليقول بعدها وهو يحاول استيعاب فحوى كلامها
"انتِ تتكلمين عن ماسة صحيح ، وهي التي بحثتِ عنها بكل مكان بدون ان تجدي لها اثر"

اومأت برأسها بالإيجاب باهتزاز بدون ان تجد القدرة على الكلام اكثر بعد ان تعبت من المحاولة ، ليقول بعدها بلحظات وهو يبتسم بلا مبالاة
"لا تقلقي عليها فهي ليست طفلة لتخافي عليها بهذه الطريقة ، وايضا إذا كنتِ قلقة من ان يتعرض لها احد فهي الاقدر على حماية نفسها وقد جربتُ هذا بنفسي"

عقدت حاجبيها بشحوب حائر بدون ان تفهم مغزى كلامه وإلى ماذا يلمح ؟ بينما شرد (شادي) بأفكاره لأول لقاء بينهما والذي جعله يتعرف على تركيبة شخصيتها الغريبة وبأنها ليست مثل الفتيات الأخريات بل هي مختلفة عنهم جميعا وبشخصية مميزة لم يرى لها مثيل وقد اثبتت هذا له بكل مرة يتقابل فيها معها .
قالت (روميساء) بعدها بلحظات بجدية عابسة
"هل تريد مني الاطمئنان عليها من كلامك وعدم البحث عنها ، وهي مختفية منذ الصباح بدون ان ترد على اتصالاتها وبدون ان تذهب لجامعتها كما تفعل عادة ، ليكن بعلمك بأن هذه شقيقتي المختفية وانا لن اطمئن قبل ان اجدها سالمة امامي ، فلا احد يشعر بالألم والخوف على المقربين منهم سوى من يحبك حقا ويهتم لأمرك"

عض على طرف شفتيه بعبث وهو يرفع ذراعيه قائلا بتمهل وجدية
"اهدئي يا فتاة فهذا الاندفاع لن يساعدكِ ابدا لتجدي شقيقتك ، وبما ان الأمر خطير لهذه الدرجة فأنا سأساعدكِ بالبحث عنها ، ما رأيك"

اختفى العبوس عن وجهها ليحل مكانه الانشداه وهي تهمس بتلعثم
"هل ستساعدني حقا بالبحث عنها"

ردّ عليها (شادي) ببساطة وهو يدس كفيه بجيبي بنطاله
"اجل لا امانع فهي تبقى ابنة عمتي وامرها يهمني ايضا"

اتسعت ابتسامتها بسعادة وكأنه قد عاد املها لينمو بداخلها من جديد وهي تضم قبضتها عند صدرها براحة ، بينما حرك (شادي) عينيه بعيدا عنها بملل وهو يسير باتجاه البهو الواسع قائلا ببرود
"هيا لنتحرك لنجد شقيقتك الضائعة ، ألا إذا كنتِ قد غيرتِ رأيكِ"

تنهدت (روميساء) براحة وهي تدعوّ من كل قلبها ان تجد شقيقتها بالقريب العاجل فهي ليست مطمئنة ابدا لاختفائها الغريب هذا والذي يحدث لأول مرة بحياتها .

_______________________________
كانت تحرك ساقيها بعصبية وهي تمسد على جانب صدغها بأصابعها بألم وصوت شقيقتها المرتفع والمترافق مع بكاءها الحاد يخترق اذنها بإزعاج غير محتمل ، فهي منذ وصول شقيقتها للمنزل بالصباح الباكر وبعد دخولها لغرفتها وهي لا تتوقف عن البكاء والهذيان مع نفسها وكأنها بحالة هستيرية غريبة عجزوا الاطباء عن وصفها ، ولأول مرة تصل حالتها لهذه الدرجة من البلوغ فهي بكل مرات انهيارها كانت مقتصرة فقط على البكاء والشكوى ولكن هذه المرة لم تتكلم ولم تشكي فقط تبكي وتصرخ وكأنها وحش كاسر قد تحرر من داخلها ليعيث الدمار والفوضى بكل من حوله ، وحتى والدتها قد عجزت ايضا عن فهمها وهي لا تستطيع اختراق غمامة انهيارها لتستطيع معرفة المشكلة واين مكمنها ؟

انتفضت من مكانها وهي تتحامل على نفسها لتخرج من الغرفة بتعب ، لتجتاز بعدها بثواني الرواق والذي يفصل بينها وبين غرفتها قبل ان تدخل لها وهي تنظر لوالدتها والواقفة فوق رأس شقيقتها والتي كانت جالسة بطرف السرير تنتحب بمكانها بمعنى الكلمة ، وقد بدأت والدتها تستوعب على هذيانها وتتفاعل معها بالكلام بعد انهيار دام لساعات فقدت بهما حاستيّ السمع والنطق
"انتِ تقصدين بأن احمد قد تزوج عليكِ ، ومن تزوجها تكون ابنة عمته ذات العينان الخضراء ، صحيح"

توقفت (سلوى) عن البكاء قليلا وهي تنشج بعنف ودموعها ما تزال تنزل بغزارة على وجنتيها حتى غرقت وجهها بالكامل ، لتعود بعدها للهذيان بارتجاف وهي تصرخ بتقطع حاد
"اجل يا امي لقد فعلها كما اخبرتكِ ، ولا اعلم ما نوع السحر والذي ألقطه تلك الفاجرة على زوجي ليوافق على عقد قرانه بها بدون ان يخبر احد ، حتى انه لم يكن يريد ان يخبرني الآن بل انا من عرفتُ بالصدفة وهو يخبر والده ، يعني لقد كان يخدعني طول اليومين السابقين بدون ان يخبرني عن وجهته الحقيقية والتي اكيد كانت عند ابنة عمته السارقة ، الحقيرة ، المجرمة......"

قطعت (سلوى) كلامها وهي تكمل بكاءها الحاد مخفية وجهها بين كفيها بارتجاف متشنج احتل جسدها ليتحول لانتفاضات عنيفة ، بينما تنهدت (غزل) بحزن على حال شقيقتها وما وصل له زواجها والذي كان دائما مرهون بالفشل منذ بدايته ، ولكن هذه المرة شعرت حقا بالحزن عليها ينخز قلبها فقد كان انهيارها هذه المرة صادقا بدون اي تزييف او تصنع من عندها كما اعتادت منها بالمرات السابقة .

قطعت (جويرية) انهيارها وهي تصرخ فوق بكاءها بصرامة
"يكفي بكاء ، فهذا الذي تفعلينه بنفسكِ لن يجدي نفعا ابدا يا بلهاء ، فقط سيحولكِ لمجرد طفلة مثيرة للشفقة لن تفيده بشيء ، أتظنين بأنكِ بهذا البكاء والدموع والتي تهدرينها بلا فائدة ستعيدينه لكِ ، اصلا بسبب هذه التصرفات قد فكر بالزواج عليكِ"

توقفت عن البكاء للحظات وهي تشهق بصدمة مبعدة كفيها عن وجهها بحالة ذهول وسكون تام ، لتهمس بعدها ببحة بكاء متحشرجة
"ولكني لم اعد اهتم ، فأنا اريد الطلاق منه يا أمي ، وهو فليمرح بالفتاة الأخرى بما انها افضل مني...."

تأوهت بألم ما ان قبضت والدتها على ذراعها بقوة وهي تصرخ بها بتحذير صارم
"هل جننتِ ام فقدتِ عقلكِ ، تريدين الطلاق منه وحمل لقب مطلقة فقط لأنه تزوج عليكِ ، هناك الكثير من الرجال والذين يتزوجون الأولى والثانية والثالثة ولا تدمر حياتهم ، وهو رجل غني من عائلة كبيرة لا يعيبه شيء لكي لا يتزوج عليكِ ، فقط انتِ تفكيركِ محدود ولا تفكرين بمصلحة نفسكِ ابدا"

رفعت (سلوى) نظراتها المجروحة لوالدتها وهي تهمس بحزن مشوش
"هل تقصدين بأنكِ لا تمانعين زواجه من اخرى ، وحتى لو كانت فتاة وضيعة ابنة مجرم"

نفضت ذراع ابنتها بعيدا عنها وهي تضع كفيها على خصرها قائلة بقسوة
"ليس هذا ما كنتُ اقصده يا بلهاء ، ولكن بما انكِ لم تستطيعي المحافظة عليه وجعلته يتزوج عليكِ بدون علم احد ، فلا بأس سنجد لكِ حل آخر لتحافظي به على زوجك لوحدكِ فقط بعيدا عن ترك الأخرى تستولي عليه بالكامل لتؤخذ مكانكِ عنده ، فأنتِ الآن كل ما عليكِ فعله هو ان تحمي مكانكِ بحياته كما هو بدون ان يمسه احد ، سمعتي"

زمت شفتيها بتفكير مرتجف وهي تتمتم بعبوس محبط
"ولكن ماذا لو حملت له طفل ، ستؤخذ عندها مكان بالعائلة لن استطيع الوصول له ابدا"

زفرت (جويرية) انفاسها بحنق وهي تقول بانفعال حاد
"حقا انتِ بلا عقل ، لما تستبقين الأمور وتفكرين بأشياء قد لا تحدث ، وإذا حدثت حقا فسنفكر عندها بحل سريع لها ، لذا لا تقلقي من كل هذا وركزي فقط على زوجك"

اخفضت نظراتها بانكسار وهي تهمس بدموع عادت لتسقي وجنتيها المحمرتين بشدة
"ولكن ماذا لو...."

قاطعتها (جويرية) بنفاذ صبر وهي تلوح بيديها بعصبية
"توقفي عن تكرار نفس الكلمة مثل الاطفال ، وكأنني ربيتُ طفلة وليس امرأة متزوجة من ابن عائلة كبيرة واشهر رجال الأعمال بالمجتمع ، اخبريني الآن من هي المتزوجة من ابن تلك العائلة منذ خمس سنوات ، ومن التي حصلت على دعم حوت الفكهاني بهذا الزواج ، ومن التي تزوجت على العلن وامام العالم بأكمله وبأكبر حفلة زفاف بتاريخ الحفلات ما يزالون يتكلمون عنها للآن ، وكل هذا وتريدينه ان يُفضل تلك النكرة والتي تزوجها بالسر وبدون موافقة والده عليكِ"

رفعت (سلوى) وجهها ببطء نحو والدتها وقد بدأت ملامحها تعود لإشراقها بعد ان اقتنعت اخيرا من كلام والدتها والذي اراحها كثيرا من الوجع والذي كان يحرق جسدها على نار هادئة اتلفت اعصابها ، بينما كانت (غزل) ماتزال تراقب المسرحية امامها بحاجبين مرفوعين بتعجب فقد تفوقت والدتها هذه المرة على نفسها واستطاعت ضبط جموح ابنتها الكبرى واخراسها وكأنها دمية صغيرة تتحكم بها كما تشاء بدون اعطاءها الحق بالتصرف لوحدها واتخاذ القرار بنفسها وهي واثقة بأن هذا الأمر سيدمر حياة ابنتها يوما ما والتي لا تجيد فعل شيء سوى الشكوى والبكاء ، لتتنفس بعدها بملل قبل ان تغادر بعيدا عن الغرفة بهدوء فأهم شيء عندها الآن بأن صوت العويل قد توقف اخيرا ويمكنها الآن ان تركز بدراستها جيدا بعيدا عنهما .

رفعت (سلوى) كفها وهي تمسح خديها قائلة بخفوت عابس
"وماذا افعل الآن يا امي ، انا خائفة من ان يحضرها معه لتسكن معنا بالمنزل ، لاضطر عندها لرؤيتها يوميا امامي وهو يدللها اكثر مني"

ردت عليها بتمهل وهي تربت على شعرها المجعد بهدوء قائلة
"لن يحدث هذا يا عزيزتي فمن خبرتي بزوجك فهو لن يصل به الدناءة ليجمع بينكما بمنزل واحد ، ولن يسمح له اصلا سيد المنزل بعد فعلته الأخيرة وزواجه بدون علمه وبدون اخذ موافقته ، لذا ارتاحي من هذه الناحية"

زفرت انفاسها بنحيب وببعض البكاء والذي لم يجف بعد عن وجهها ، لتقول بعدها (جويرية) بقوة وجبروت وهي تنظر لرأس ابنتها بتركيز
"اسمعي جيدا يا سلوى ، إياكِ وان تفكري مرة أخرى بالتكلم امامي عن الانفصال عن زوجكِ او الطلاق منه ، فقد حصلتِ على مرتبة زوجة ابن حوت الفكهاني الكبير بعد عناء طويل ، ولا احد اصلا استطاع ان يصل للمكان والذي وصلته انتِ ، لذا لا تهدمي كل مخططاتنا بالحصول على السلطة بالعائلة بعد ان يموت كبير العائلة وتفرغ الساحة لكِ ، وزواجه من ابنة عمته لن يغير شيء من مخططاتنا والتي نسعى للوصول لها ، وابعادها عن طريقكِ لن يكون بالشيء الصعب علينا ابدا"

ابتلعت (سلوى) ريقها بارتباك وهي تومأ برأسها بالإيجاب بطاعة تامة ، وتعلم جيدا إلى ماذا تريد والدتها ان تصل بكلامها فهي ما تزال تحلم بأن تصبح ابنتها المالكة الشرعية لكل شركات عائلة الفكهاني بعد ان تصبح كل الاملاك بيدِ زوجها والمدير المُرتقب لكل شركات العائلة .

نهاية الفصل وبانتظار آرائكم بفارغ الصبر...............


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس