عرض مشاركة واحدة
قديم 29-06-21, 02:14 PM   #9

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

[b][/b



الجزأ الأول من المقدمة

المقدمة

خاطرة:-

كنت فُتات تفتت وتاه وأضحى العدم
رُفاة بلا هوية نُقصانها لن يخلّ بالعدد
وجودي صفر على الشمالِ
سيظل بلا قيمة للأبد
وغيابي يعني.. لا شيء
في الحقيقةِ لن يبالِ بي أحد
إذا ضحكت.. إذا بكيت
إذا بوحت أو كتمت
لن أُسمَع فالكل يحسبني سيدة العُقَد
تعلمت أن أُخَبئ في جوفي انكساراتي
أُداوي نفسي بلا شكوى للأطباءِ
وانتظر بصبرٍ ميلاد اشراقي
فرغم كل خساراتي وانهزاماتي
لا زلت أؤمن بأن الفرجَ آتٍ مهما طالت وحشة الظلام
ويومًا سيُشار إليَّ بالبنانِ حين يعلمون بأن الأبيّة قد أشرقت الشمس بعينيها
وما عاد لليأسِ في عالمِها مكان.

بقلم :_ هند فايد

توتره بلغ أوجه في انتظار عودة شهاب من عند حسن القصاص
أو بالأحرى من عند ابنه « آسر الجوهري» !!!
ابنه الذي انتقمت منه زوجته فيه هو !
لما كانت بهذة القسوة ؟! لما لم تحرمه منه فقط لكن كان يكفيه أن نفسه بالحياة
ضربة أن ابنه قضى ستة وعشرون عاماً من حياته كلقيط لا أصل له كانت قاصمة
آه متوجعة خرجت منه وهو يفك أزرار قميصه مريحاً ظهره على حافة الأريكة مغمضاً عينيه بحزن
عذاب ،، عذاب … ما يشعر به هو عذاب لا مُسمى آخر له !
انتفض واقفاً وجرس الشقة التى يقطُن بها يرن
نهض يفتح الباب بتهالُك فوجده زوج ابنته البشوش شهاب البُرعي
أشار له بالدخول وعينيه ترمش إلى الخارج في أمل مُثير للشفقة أن يكون أتى معه
أغلق الباب ودعاه للجلوس دون أن يقوى على السؤال فقط يجلس مُطرقاً برأسه وسبابته تتحرك على حافة الطاولة أمامه دون وعي وأخيراً همس بتحشرج :_
"قُل ما عندك يا بني أنا متوقع "
مسح شهاب وجهه بكفيه وهو يشرد فيما حدث قبل ساعات !!

حسنا هو الطبيب النفسي لم يسبق أن اهتز لأحد بتلك القوة كما أهتز لتصدُع حسن أمامه
حسن الذي فور أن أخبره اهتز جسده برعدة قاتله
ينظر له بذهول محاولا ً أن يبتسم وهو يقول بإرتجاف:_
"ماذا تقول يا شهاب هل تمزح معي"
نظر له شهاب بإشفاق وهو يهز رأسه نفيا قائلا بأسف:_
"لا يا حسن هذة الحقيقة "
وجهه الشاحب استحال إلى قطعة من الرخام عينيه الداكنتين ساكنتين وكأن لا حياة فيهم
اقترب منه شهاب هامساً بإسمه لكنه انتفض محاولاً الوقوف
ويبدو أن الوجع كان أكبر من الإحتمال وقدماه تخذلانُه فوقع أرضاً
جثى شهاب أمامه على ركبتيه يربت على كتفيه قائلا ً:_
"حسن هون على نفسك "
رفع وجهة الذاهل إليه قائلا ً:_
"أهوّن على نفسي هل حقا تقولها ؟
هل تستمع لنفسك وما قلته لي للتو يا شهاب ؟
هل تراني طفل كي تسخر مني هكذا ؟"

تنهد شهاب متحلياً بالصبر وهو يقول بهدوء:_
"ولما سأسخر منك يا حسن لقد جئت كي أخبرك بالحقيقة التي أراها كالمعجزة "
"لالالالالا"
صرخته الغاضبة جلبت زوجته تدخل عليهم بذعر متسائلة :_
"حسن ما بك؟"
التفتت إلى شهاب الذي ينظر لها بقلق تسأله بخوف :_
"دكتور شهاب حسن ما به؟!"
لكن حسن يبدو أنه لم يكن معهم بتلك المطارق الحديدية التي تطرق برأسه ووجهه الذي أصبح شديد الإحمرار
يمسك برأسه بكفيه من الجانبين مُغمضاً عينيه بقوة صارخا ً بحُرقة :_
"لا يا شهاب ،، لا يا شهاب هذا ليس بصحيح ،، أنا لقيط ،، أنا حسن القصاص اللقيط "
بكت وهي تقترب منه فمنعها شهاب وهو يخرج الحقنة المهدأة من حقيبته يحقنه بها مضطراً من كثرة صراخه وهو يسيطر عليه بذراعيه دون أن يبالي ببكاء ملك المذعور حتى هدأ ومدده على الأريكة ثم التفت إليها مهدئاً بحزم:_
"ملك إهدأي"
"أهدأ ؟! ما به زوجي يا دكتور ؟"

أخرج شهاب جهاز قياس الضغط يربطه على ذراعه وهو يشرح لها مختصراً الأمر ويبدوا أن الصدمة أخرستها فصمتت وهي تتهالك جالسة على المقعد ورائها
استقام شهاب واقفاً وهو يقول بهدوء:_

"أنا سأذهب الآن وسأتي له من الصباح بأمر الله وهو أيضا ً لن يستيقظ إلا بالصباح لا تقلقي هو بخير "

تركها في ذهولها وخرج فلا يصح وجوده أكثر من ذلك وزوجها نائم ويحمدالله أنه توقع حدوث إنهيار لحسن أو ما شابه فأتى بحقيبته الطبية معه...

ابتسم شهاب بإهتزاز وهو يفتح كفيه بلا حيلة قائلا :_

"سيد ياسر بالطبع الأمر ليس هين على أي أحد فيجب أن تصبر حتى يفيق من الصدمة"

مسح ياسر وجهة المتوتر بكفيه وهو يسأله بتحشرج متقطع:_

"هل رفضني... يعني ....هل الأمر صدمُه لدرجة كبيرة ...هل هو بخير يا بني؟"

الضعف الذي تخلل نبرته في الحديث جعل شهاب ينتقل جواره يربت علي كتفه قائلاً بحنان :_

"هوّن على نفسك يا عمي هو سيكون بخير وأنا لن أتركه "

هز ياسر رأسه بلا معنى وهو يشعر أن أطنان من الألم موضوعة فوق كاهلة فقط لو يُقدّر أنه لم يكن يعرف عنه شئ ؟
لو يقدر أنه كان يظنه تحت التراب ، لو يعرف أنه لا يتمنى شئ الآن أكثر من أن يشُم رائحته
لو يُقدّر أن قلبه انفتح من جديد فور أن علم به بعد أن كان مجرد مضخة تضخ الدم عبر عروقه فقط كي يعيش ... أضحى يشعر به حى يزغرد من الفرحة بين جنباته في انتظاره
ألم مريع يشق صدره مما جعل ملامحه تتغضن بشكل ملحوظ جعل شهاب ينتفض بقلق يسأله عما به
تجرع ياسر كأس الماء الموضوع أمامه وابتسم محاولا ً أن يتحلى بالقوة قائلاً بصمود:_
"اذهب أنت يا بني لا تقلق علي لقد دقت الطبول على الرأس كثيراً"
======================

دخل من باب الشقة فوجد الظلام يعمها سوى بصيص من نور يأتي من الغرفة
وضع متعلقاته على طاولة السفرة بتعب متوجهاً للغرفة
ابتسم بحنان وهو ينظر لها ترتدي فستان منزلي قطنى باللون الكحلي نائمة على ظهرها تفتح ذراعيها وساقيها كلٍ في ناحيه ترفع رأسها على وسادتين وتغط في نوم عميق

بعد دقائق طويلة كان قد أخذ حماما بدل ملابسه وأدى صلاته ثم أخذ مكانه جوارها بعد أن عدل من وضعيتها
شبك كفيه خلف رأسه مستنداً على حائط الفراش وهو يفكر في المعضلة الأكبر في الأمر وهي إخبارها
كيف ستتقبل الخبر بحق ؟! هل يؤجل الأمر حتى ولادتها أم يجازف ويفعلها الآن
لا هو لا يقدر أن يفعلها الآن أبدا ً لو كانت حياتها عادية لم يكن ليقلق هكذا
لكن بظروف حياة رنا يأتي بين يوم وليلة ويقول لها أنتِ لكِ أخ من أباكِ يكبرك بعامين وأحذري أيضا ً أنتِ عمة لطفلين حضرت ولادتهما بنفسي !!
"شهاب متى أتيت ؟"
همستها المبحوحة جعلته يلتفت إليها مبتسما وهو يقول :_
"منذ أقل من ساعة"
ضمت حاجبيها قائلة بنصف وعي ومازالت آثار النوم عالقه بها :_
"ولما مازلت مستيقظ هل أنت بخير؟، هل أنت جائع أحضر لك الطعام!"
ابتسم وهو يلتفت إليها على جانبه وقد اتكأ برأسه على كفه المضمومة ينظر لها خلال نور القمر القادم من الشرفة وقد ذهبت في النوم مرة أخرى
ملامحها الناعمة التي يحبها ، وجنتيها مكتنزتان إثر الحمل ، أنفها زاد حجمه قليلاً وشفتيها منتفختان منفرجتان يخرج من بينهم صفير نفس خافت
اقترب قليلاً مملساً على نعومة وجنتها المخملية بحنان
كم هي ضعيفة وهشة تجعل قلبه لا يتحمل الهفوة عليها
يحبها ،يعشقها ويخاف عليها ويظن أن هذا لن ينضب أبدا ً بل يزيد..
رفعها قليلاً وقد دبت به حرارة الحب يُيقظها بعبث رجولي يُميزه
فتحت عينيها تنظر له بدهشة هامسة بفزع طفيف مضحك :_
"شهاب ماذا حدث؟!"
غمغم بعتاب كي تفيق :_
"أنا غاضب منكِ"
حركت رأسها قليلا ً تسأله بحيرة وحزن :_
"أنا يا حبيبي ولما ؟"
وآه من حبيبي هذة ،تنطقها بتملك يستفز كل مشاعره ناحيتها
ابتسم هامساً بعتاب:_
"لقد أصبحت ِ تهمليني كثيرا يا صغيرة ألا يجلبك اشتياقك مرة؟!"
لم تركز كثيراً في مغزى كلامه وهي ترمش بعينيها هامسة بحزن :_
"معك حق أنا آسفة يا شهاب بالتأكيد أنت جائع سأحضر لك الطعام "
ابتسم رافعاً حاحبيه من براءتها وعزة نفسها الكبيرة
من يقول أن رنا الفتاة التى كانت تتعالج عنده بكل تلك البراءة ، براءة قرأها في عينيها من أول نظرة بينهم هناك في المركز
عزة نفسها تمنعها من التعبير عن اشتياقها له وحتى أحياناً عن تصديق اشتياقه وحبه
انتبه على محاولاتها تخليص نفسها منه فسألها بجدية:_
"إلى أين ؟"
"سأحضر لك الطعام "
احتواها بين ذراعيه قائلاً:_
"حبيبتي أنا لست جائع "
قطبت بحيرة فداعب أرنبة أنفها بخاصته هامساً بعذوبة استشعرتها كل خليه منها :_
"ربما جائع لكن لحُبك يا صغيرة ،أنا مشتاااااق ، مشتاااااق"
ذابت به كحلوى الكراميل الشهية التى كلما تذوقت منها ،أردت تناول المزيد ، طعم حبهم حلو لذيذ تماماً كسكاكر الغزل الملونة..
=====================

قبل ساعات
جلست ملك بجانبه بتهالك بعد خروج شهاب
جاحظة العينين غير قادرة على التركيز بل غير مُصدقة وصدى حديث شهاب يتردد في أذنيها مُسبباً الضجيج برأسها
يا إلهي
يا إلهي
حسن ليس بلقيط؟
حسن له عائلة !
تتمتمها بذهول وهي تخبط بكفها على وجهها في حركة بطيئة غير مُصدِقة
تلتفت بوجهها إليه بسرعة وكأنها انتبهت للتو لما أصابه فاقتربت منه وقلبها ينكأها حزناً عليه
جلست جواره ترفع وجهه المتغضن على وجهها ، تخلل أصابعها في شعره بحركة متتابعة مشفقة وقد دمعت عينيها إشفاقاً عليه
أحنت رأسها تُقبل جبهته بحنان وهي تفك بكفها الآخر تقطيبة جبينه
دمعت عينيها رغماً عنها وهي تضمه لها بقوة بعاطفة أمومية وكأنها تريد أن تبعد الألم عنه
أن تقتلع الوجع من صدره وتبقيه حبيساً صدرها العاشق له
إلى أي حد كانت تحبه هكذا !!
ثورة عنيفة من المشاعر بداخلها تجعلها رغماً عنها تتمنى بلا عقل لو ظل هكذا ولما تعرض لهذة الصدمة أبدا
أن تبقى طوال حياتك بلا هوية وفجأة ييقظوك بين يوم وليلة صادمينك أنك أصبحت ذا أصل ربما تكون للبعض غنيمة الحياة لكنها لشخص كحسن فهي فاجعة...

بعد مرور فترة قصيرة من الوقت قامت فيها عدة مرات لإرضاع الصغار ورعايتهم وبعد كل مرة تعود له سريعاً خشية أن يستيقظ في أي وقت دون وجودها
جالسة جواره تحتوي رأسه بين أحضانها ومازالت الصدمة مؤثرة عليها حتى أنه لو كان شخص آخر غير شهاب هو من أخبرها لما صدقت أبدا
تململ رأسه بين ذراعيها أنبأها ببوادر استيقاظه فتعالى هدير قلبها برعب كاد يصم أذنيها
بللت شفتيها بطرف لسانها وهي تناظره بحذر يضم حاجبيه بقوة ضاغطاً عينيه بأصابعه وأخيراً فتحهم ووقع قلبها وهو يعتدل في جلسته مستندا بكفيه على الأريكة منكساً رأسه
نظر لها بحيرة وكأنه لم يستعيد وعيه بعد ثم أطرق برأسه مرة أخرى
ومضات لمشاهد غريبة تُضئ في عقله بوجود شهاب ..شجارهم أو جدال عنيف بينهم ربما ..سقوطه أرضا حتى فتح عينيه على اتساعهم ينظر لها بتيه
وكأنه يرجوها أن تكذب ما تُلح عليه به ذاكرته الآن ..
مما جعل الدموع تطفُر في عينيها شفقةً عليه خاصةً مع شحوب وجهه واختلاج عينيه ..
حركة تفاحة آدم خاصته وهو يبتلع ريقه بصعوبة وأخيراً فتحه لفمه محركاً شفتيه الجافتين لأعلى وأسفل دون رجى محاولاً الحديث عدة مرات لكنه يعجز
أطبقهم بقوة مرة أخرى وقد لسعت الدموع عينيه فأطرق برأسه لدقائق ثم أخيراً استعاد صوته فسألها بتهدج ونبرة مُختنقة بالبكاء:_
"هل شهاب كان هنا يا ملك ؟
هل ما يتردد على أُذُنيّ الآن حقيقة؟"
صمت دقائق أخرى ثم همس مرة أخرى بمرارة جعلتها تشهق باكية رغماً عنها:_
"هل قال أن لي أب وجدني صدفةً أم هي إحدى كوابيسي المثيرة للشفقة "
صوت شهقات بكاؤها الذي لم تستطع السيطرة عليه جعله يضحك بآسى وهو يسألها بذات النبرة وقد انفتحت منابع الدمع في عينيه فلا قدرة له على إيقافه وهو يجري على وجنتيه بانهمار :_
"لما تبكِ
الأحرى لكِ أنتِ أن تفرحي
أما أنا ؟
ماذا حدث يعني .. عشت عمري بلا هوية ...لقيط مهما تربى على الرفاهية أظل لقيط أُعاير بين الجميع
لقيط إذا رأى أحدهم هويتي يلقيها في وجهي باصقاً عليِ كالحشرة
لقيط يحمد ربه على اللقمة التي تدخل جوفه وإن كانت حطباً يصمت ولا يسمح لنفسه أن تتمنى حتى أن تهفو لشئ آخر

لقيط لا يصادفه أحد سوى ذويه ومن هم على شاكلته أو ربما هذا الذي يشفق عليه
لقيط لا يحق له أن يحب أخرى من صاحبي الهوية والمكانة المرموقة لأنه لا يرقى لها
لقيط تشفق عليه زوجته وهي لا ترتضيه بعُقر نفسها يا ملك وإن ادعت العكس "
وبين كل جملة وأخرى كان صوته يرتفع رويدا حتى أنهاه صارخاً وقد أحمر وجهه وبرزت عروقه بطريقة أرعبتها خاصة مع دموعه المنهمرة التي لا يبالي بها
هزت رأسها نفيا تنفي فكرته عنها بقوة ودموعها تزداد هي الأخرى .. تشهق بحزن
اقتربت ملك منه وهي تحاول أن تهدأه غير مبالية بكلماته الجارحه لها لكنه دفع كفها مردفا بمرارة مؤلمة :_
"وبالأخير ... احذري أنا لي أب وابن شرعي "
ضحك بلا معنى ثم أردف بسخرية وهو يمسح عينيه :_
"أو ربما لا أكون شرعي ..إلى الآن لا أعلم "
جذبت رأسه لصدرها بقوة رغماً عنه وهي تُمسد على ظهره بحنان هامسة بتحشرج:_
"يكفي يا حسن ....ارحم حالك...يكفي حبيبي "
بقلب مكلوم استسلم لحضنها وهو يدفن وجهه فيه شاهقاً شهقات رجولية توجع صدرها فتضمه لها أكثر تحاول تهدأته إلا أن جرس الباب قاطع خلوتهم الحزينة ولم يكن الطارق سوى خالد الذي أتى إليه فور أن أخبره شهاب..
=================

بعد مرور عدة أيام

"بما إنك عندنا اليوم يا غدي ما رأيِك في الذهاب لنشاهد سباق الخيل بنادي ...."

قالتها سنا وهي تقترب من غدي صديقتها الجالسة على فراشها تناولها كوب كبيرة من القهوة الكريمية (نسكافية )
تناولت غدي منها الكوب ترتشف منه ثم قالت :_

"نحن لم ننم منذ الأمس سوى ساعتين يا سنا هل تريدين مني القيام وارتداء ملابسي ومن ثم تسوقين إلى النادي ؟
أنت ِ واهمة"
تذمرت سنا وهي تجلس جوارها ترتشف من كوبها هي الأخرى وقالت :_
"غدي لا تستفزيني أنا لم أراكِ منذ عام تقريبا ومنذ أن أتيتِ وأنتِ كالبطة تأكلين وتشربين وتنامين لم نخرج ساعتين حتى "
شهقت غدي بشر قائلة :_
"أنا كالبطة يا عود القصب أنتِ؟!"
ضحكت سنا وهي تلعب حاجبيها بشقاوة وهي تُناظرها بعبث قائلة :_
"إن جئتِ للحق يا غدي ..البطة لا تأتي جوارك شئ .. أنتِ مُفرقعة يا فتاة لا أعلم من أين جائت بكِ خالتي "

ضحكت غدي قائلة بمرح ذات مغزى :_

صباح (الرينبو) قوس قزح ...تحشمي وإلا شككت في ميولك هذة الأيام أصبحت غير مضمونة "
ابتسمت سنا ترتشف من مشروبها قائلة :_

"ذكرتيني بقوس قزح كنت أنوي أن أكتب مقالة عن الموضوع لكني كنت أنتظر هدوء الجو المحيط "

غمزتها غدي قائلة :_
"خبيثة لصديقتك وتضربين من أسفل الحزام "

وكزتها سنا تعود لموضوعها الأساسي وهي تقول بملل :_

"غدي هيا نجهز أنا أريد حضور السباق "

زفرت غدي ثم أخيرا قالت برضوخ :_
"حسنا يا زنانة هيا بنا "

بعد فترة
كانت غدي تقف أمام المرأة بفستانها الحريري(التايجر)الذي يشبه في نقشته جلد النمر يحتضن جسدها من الأعلى مبرزا مدى جماله وتناسقه يضيق من الخصر الذي لفت عليه حزام جلدي باللون الجملي ثم ينزل باتساع حتى كاحليها
ترتدي في قدميها حذاء رياضي باللون الأبيض
أنهت وضع أدوات التجميل البسيطة التي لا تحتاجها حتى كملمع الشفاة والكحل ثم تناولت حجابها بعدما لفت شعرها الطويل جيداً وارتدته بتلك الطريقة العصرية التي تظهر رقبتها من الأمام
صفير عالي أطلقته سنا وهي تدخل عليها تسألها بمزاح :_

"أليس أنا فتاة يا غدي ؟"

ناظرتها غدي بامتعاض في سروالها الجينز الأسود الذي الذي يحتضن ساقيها الرفيعتان وذلك القميص الذي يصل إلى أول فخذيها بحجابها ذو اللفة التقليدية ووجهها الأسمر الجميل الخالي من مساحيق الزينة وقالت :_
"أرى أمامي رجل بحجاب "
ضربتها سنا في كتفها قائلة :_
"غليظة يعجبني نفسي هكذا لا تحاولي "
رمتها غدي بنظرة مغتاظة وهي ترش من عطرها فواصلت سنا مزاحها السابق قائلة :_
"أنا صحيح فتاة لكن بجمالك هذا أشك أن أُفتن بكِ يوما ً ..أنتِ من المفترض ترتدين نقاب"
ضحكت غدي وهي تغلق حقيبتها أخيرا ثم قالت :_
"حسناً لا تبالغي ... أنا فقط أحب الاهتمام بنفسي كثيراً"

"أعلم أعلم لكن أدعي ألا نقابل الشيخ سعد في طريق نزولنا "

قالتها سنا بضحك وهي تتجه معها نحو الخارج قاصدة جارهم الشاب الذي يقطن نفس العمارة فابتسمت غدي قائلة:_

"أرى مقاطعه على اليوتيوب أحيانا هداه الله هل أصبح شيخ "

أغلقت سنا باب شقتهم ورائهم وأجابتها وهم يدخلان المصعد :_
"ليس شيخ بالمعنى الحرفي هو كما هو فقط ذقنه النابتة يتركها لكنه لم يُطلِق لحيته"
سألتها غدي بثرثرة :_
"لما؟ بما أنه اتخذ طريق الدعوة "
أومأت سنا برأسها وهي تقول:_
"بالضبط كما قلتِ الدعوة ... هو يقول أنا داعية ولست شيخ "

===================

بالنادي
تأففت غدي بغيظ من ابنة خالتها النذلة التي تركتها منذ نصف ساعة تذهب مع أحد أصدقائها التي قابلوها صدفة وهاهي الخمس دقائق الذي استأذنتها فيهم انقلبوا لنصف ساعة
تقسم ستسبها بأبشع الألفاظ فقط لتأتي
نهضت من مكانها وهي تسير بلا هدف حتى تسمرت على المنظر أمامها
يجثو على ركبتيه وأمامه طفل جميل من ذوي الاحتياجات الخاصة أصحاب حالة داون يبدو عليه الغضب وهو يعقد ذراعيه مطرقا رأسه غير مُستجيباً لمحاولاته مما جلب الإبتسامة لشفتيها رغماً عنها وكأن جمال الطفل أنساها صاحبه فتقدمت منهم بلا وعي
على بعد أمتار قليلة
كان يجثوا على ركبتيه أمام عَلِيٌ الغاضب يقول بمهادنة :_

"هل ستظل غاضباً مني هكذا؟.. ترى أنا اعتذرت منك "

رمقه عَلِيٌ بنصف عين ثم عاد بعينيه سريعاً للأسفل مرة أخرى ومازال على تقطيبته الحزينة فتنهد أكمل شارحاً بصبر:_
"ألا تحب أن تراني وأنا أركض على الخيل ...ألم نتفق بالأمس أنك ستجلس مع العم سراج حتى ينتهي السباق؟"

هز عَلِيٌ رأسه نفياً بقوة وهو يقول بتعنت يشبهه :_

"عَلِيٌ يركب مع أكمل ...لن أجلس مع سراج "

زفر أكمل ببوادر ضيق وهو ينظر في ساعته ثم أردف بمحاولة :_
"حبيبي لا ينفع ماذا لو وقعت مني ..هل تريد أن أكمل لا يرى عَلِيٌ مرة أخرى؟"
رفع عَلِيٌ رأسه إليه بخوف محاولاً فهم الكلام ثم نظر للناحية الأخرى وكأنه يفكر
ابتسم أكمل بحنان مربتاً على رأسه ..عَلِيٌ يقلده في كل شئ أكثر ما يميز هؤلاء الأطفال أمثال عَلِيُ أنهم يسيروا وراء قلوبهم مقلدين من يحبونه في كل شئ وهذا سهل عليه الكثير في التعامل معه ...
ضحكة عَلِيٌ وكأنه يناغش أحدهم مع رائحة عطر نسائي قوي أثارت انتباهه فالتفت حيث نظر عَلِيٌ وتسمر
هل غدي البرعي هي من تقف أمامه الآن؟؟ على بعد خطوات منه تبتسم لطفله الذي أسرع سائراً نحوها وهو يقول بطريقة جلبت الابتسام العابث لشفتيه :_
"جميلة ...أنتِ جميلة"
استقام واقفاً وهو يحك ذقنه بطرف إبهامه مقتربا منها لاحقاً بطفله وقال بضحكة مستفزة جعلت عفاريت العالم تتقافز أمام وجهها:_
" هلا بالأستاذة
اشتقنا والله ... رب صدفة خير من ألف تدبير "

صوته المستفز لحواسها جعلها تنسى الطفل الجميل الذي يلعب بطرف فستانها والذي جذبها من البداية مُلتفتة له قائلة من بين أسنانها:_
"لو شككت فقط واحد بالمائة في وجودك بالنادي لم أكن لآتي أبداً ولو على جثتي "
نظرتها النارية ورائحة عطرها القوي الذي يغزو أنفه جعله يتوه لدقائق في عسلها ورغبة مُميتة ترنو للضياع فيها وبها
دقات قلبه تتقافز كالمفرقعات تريد اختراق صدره مُفجرة قلبها الصلد الذي يجافيه
اشتياق هادر يلعب بروحه يريد أن يرنو جوار أنفاسها
استدار جانباً واضعاً كفيه في جيبي سرواله وهو يزفر بقوة غير عابئاً بهمهات علي حتى التفت الثلاثة على صوت أحدهم يقترب منه قائلاً:_
"سيد أكمل ألن تتجهز للسباق ..لم يتبقى الكثير"

استعاد فوراً وجهته الباردة وهو يهز رأسه ثم نظر لعَلِيٌ بتساؤل وهو يقول بحنان جعلها تلوي شفتيها مستنكرة وكأنها لا تصدقه:_
"عَلِيٌ هل أذهب ؟
هل ستجلس مع العم سراج ؟"
قلّب عَلِيٌ عينيه يناظرها بخجل ثم قال :_
"عَلِيٌ يجلس مع الجميلة "
شهقت دون صوت وهي تنظر له بفزع وكأنها لا تصدق طلب الطفل فتقهقرت خطوة للوراء قائلة:_
"أنا سأذهب"
بوادر الحزن التي بدأت بالظهور على وجه عَلِيٌ جعلته يحمله من أسفل ذراعيه من الخلف ويضعه أمامها قائلاً بسماجة مغيظه:_
"والله لن أردك يا فتى لك ما تريد ... أنت ستظل مع الأستاذة غدي وهي لن تمانع "
رمته بنظرة نارية لو كانت تحرق لحرقته حياً لكن قبل أن يتحدث جلجلت ضحكاته على صوت تصفيقة عَلِيٌ وهو يضع سبابته في فمه قائلاً:_
"عَلِيٌ ...يجلس...مع غدوة "
بعد أن تركها مسمرة مكانها أمام الطفل أقبلت عليها سنا قائلة :_
"أين أنتِ يا غدي لقد لففت عليكِ النادي كله تقريبا "

لم تكد سنا تنهي حديثها وهي تبصر الطفل الواقف جوارها فبرقت عينيها قائلة بصدمة مصطنعة :_
" يخرب عقلك يا غدي ..أتركك وحدك دقائق ..أعود لأجدك بطفل"
ضربتها غدي بحقيبتها قائلة بغيظ من بين أسنانها:_

"أنتِ تخرسي نهائي ..كله منكِ"

بعد ساعة تقريبا كانت تجلس هي وسنا متجاورتين على المقاعد لمشاهدة السباق وبين أحضانها يقبع علي هانئاً بتدلل وهو يصفق
فور أن دق الجرس استعداداً للسباق وتعالت التصفيرات بظهور المتسابقين
كان بمكانه محاولاً البحث عن عَلِيٌ بين الصفوف حتى اصطدم بعينيها
عينيها البعيدتان كانتا لقلبه كشعاع شمسٍ طل على سماء غائمة فأربكها
دقيقة وأخرى ركز على خيله وهو يربت عليه بكفه ودق الجرس مرة أخرى لبدأ السباق

دقات قلبها كانت صخبها متعالي وهي تتفاعل مع المتسابقين
عينيها رغما عنها ترنو إليه في كل مرة يتخطى بها الحواجز سابقاً الجميع حتى انتهى أخيراً بالفوز لصالحه
لا تعلم ما تلك الرغبة الطفولية التي أصابتها بالإحباط فور فوزه وكأنها كانت تتمنى العكس ...
بعد فترة كان يقف أمامها ولم يبدل ثياب السباق بعد
يأخذ عَلِىٌ النائم منها شاكراً بإنهاك لكنه لم يستطع تلجيم ذاته في رغبة استفزازها فقال :_
"شكراً يا أستاذة يبدو أن ابن أبيه علم بأي صدر يجد الأمان فنام "
لم ينل سوى نظرة مُزدرية كان يتوقعها لكنها ضايقته خاصةً مع قولها القاسي:_
" لا أعلم كيف هذا الملاك ابنك صدقاً يا بدوي لكني أشفق عليه من نشأته في كنفك ..
أنت لا تستحق أجر كأجر هذا الطفل "

بقسوة كان يجز على أسنانه مضيقاً عينيه هامسا بتساؤل :_
"ومن أنتِ لتعرفيني"
أصدرت صوت مستنكر وهي تهز كتفيها قائلة باستهانة آلمته :_
"من يعني ؟
ابن مدلل لعائلة ثرية ربما.. يظن أن الدنيا ملكه فيدهس من يشاء من أجل المال والشهرة ولا يُبالي"

فور أن سمع كلماتها الجارحة اعتدل في وقفته وهو يعدل من وضعية علي
يميل برأسه قليلا ً فتدلت بعض خصلاته الناعمة
يعقد حاجبيه ينظر إلى الحشائش أسفل قدميه بتركيز
جفنيه المسبلين يستفزان في صدرها رغبةً غريبة ومجنونة لرؤية عينيه الآن
وفور أن رفع عينيه تمنت لو ما فعل أبدا
عينيه مضرمتين بنار الغضب متقدتين بمرارة عجيبة لا تعلم كيف وصلتها صادقة بهذا الحد
وأخيراً همس من بين فكيه المطبقين ببرود يحسد عليه قبل أن يتركها ويغادر:_

"تعلمي أبداً ألا تحكمي على أحد من زاوية واحدة
أبداً لا تفعليها يا أستاذة مادمتِ لستِ مكان غيرك "

====================
«ولادة رنا»
"أنا خائفة" همستها رنا بضعف وهي تجاوره في السيارة وهم في طريقهم إلى المشفى التي ستضع بها
تناول كفها طابعاً قبلة حنونه على باطنه ثم صف سيارته جانباً والتفت إليها قائلا ً بحنانه المعهود:_
"لما يا حبيبتي ألم تطمئنك الطبيبة أن الأمر سهل "
ارتجفت شفتيها ببوادر بكاء وهمست :_
"أخاف يا شهاب ، خائفة ألا أخرج لكم "
ضمها شهاب إليه بحنان عل دفء جسده الآمن لها يطمئنها هامساً بخشونه وهو يحتضن جانب وجهها بكفه:_
"بل سنخرج معاً"
رفعت رأسها إليه في تساؤل فاعتدل في جلسته أمام المقود مرة أخرى دون أن يفلت كفها وقال:_
"سأدخل معك بالطبع وسأكون جوارك حتى تتم الولادة على ألف خير"
بالمشفى

أمام الغرفة التي يتم تجهيزها بها حتى يتم أخذها إلى غرفة العمليات
يقف الجد ونعمات ونهى
أما بركن جانبي يتناقر الاثنان همساً خفيه عن الأخرين
جز حمزة على أسنانه هامسا بتعنت:_
"أنا سأدخل معها يا شهاب يكفي أني رضخت لعدم متابعتها معي"
استغفر شهاب بصبر فيكفيه توتره الداخلى على كل حال وكتف ذراعيه قائلاً بخفوت:_

"أنت يجب أن تتفهم وجهة نظري لما تأخذ الأمر على أعصابك هكذا يا حمزة كيف يعني تدخل معها غرفة العمليات وهي تلد"
رباه لو قتل هذا الرجل الآن لا يلومه أحد يتحدث عنها وكأنها غريبة وليس أخته وصغيرته
استند على الحائط بذراعه ،عينيه تلمعان بالشرر وهو يرمق والده ثم عاد بنظره لشهاب وقال بتشديد أو ربما تحذير مجنون:_
"لو تعنت بدخولي معها يا شهاب لن تدخل من الأساس وأرني كيف ستتم هذة الولادة "
رفع شهاب حاجبيه بذهول هامساً بحدة:_
"بما تهذي أنت ، هل تمزح؟"
مط حمزة شفتيه قائلاً ببرود سَمِج :_
"فلتجربني "
"بما تتناقرا أنتم الإثنين"
قالها عبدالحميد وهو يقترب منهم ملتقطاً شحنات التوتر الخارجة منهم فالتفتوا إليه قائلين بنفسٍ واحد :_

"لن يجبرني على دخوله مع زوجتي وهي تلد"

"يظن أنه سيمنعني عن دخول الولادة مع رنا"

تدلى فك الرجل في بلاهة وكأنه ينظر إلى مجانين فضم حاجبيه قائلاً بتعنيف:_
"هل حقاً تستمعان لأنفسكم ، الفتاة تتجهز بالداخل كي تلد وأنتم هنا تتناقران من سيدخل معها!!"

تنهد شهاب قائلاً بخشونة رجولية يمتاز بها:_
"يا عم أرجو أن تحترموا غيرتي على زوجتي "

"تغار عليها مني انا لقد كنت أغير لها الحفاض بحق الله "
قالها حمزة بغباء دون أن يدري أنه يزد الطين بلة فوكزه والده ثم نظر إلى شهاب الممتعض قائلاً بهدوء:_
"إنه خالها وأخيها الكبير يا شهاب "
قبل أن يرد كانت رنا تخرج لهم على السرير الطبي المتحرك ترتدي زي المشفى دامعة العينين فاتجهوا نحوها
احتوى شهاب كفها قائلا بحنان دون أن يبالي بجدها وخالها:_
"لا تخافي يا صغيرتي سأدخل معك "
"سندخل"
قالها حمزة كعفريت العُلبة بتعنت فنظرت لشهاب بتوسل ولم يقوى على الرفض ..

لم يستطع شهاب أمام نظرة عينيها الضعيفة الرفض فاتجه مباشرة جهة غرفة التعقيم حتى يتجهز ويدخل معها مما جعل حمزة يلعب حاجبيه بشماتة وهو يقذف لها قُبلة في الهواء قبل أن يذهب وراءه مما أضحك نعمات ناظره لنهى وهي تقول:_
"لا يكبر أبدا أقسم أنه طفل"
بعد نصف ساعة كانت هدأت قليلاً من انقباض قلبها فور دخولها غرفة العمليات المُقبضة لتجهيزها
ذاك السقف الذي لا تعلم لما ذكرها بالمشرحة أو شئ أشبه بذلك
الهدوء المفزع وجو الغرفة البارد ...رائحة المعقمات الكريهه
ملست على بطنها دون وعي فاقتربت طبيبتها منها مبتسمة وهي تقول بحنان بعدما اطمأنوا على مؤشراتها الحيوية :_

"ستأتي بألف خير لا تقلقي ..كنت اتمنى لو قمت بتوليدك يا رنا لكني لم أستطع أن أرد دكتور حمزة لكن أيضا سأحضرها معك للنهاية لا تخافي "
ابتسمت رنا بامتنان ثم اقتربت منها إحدى الممرضات بإشراف طبيبتها وأمسكت ذراعها تضع به مسار وريدي في أحد أوردة المعصم ..
ربتت على كتفها الطبيبة باطمئنان فابتسمت
ونظرها يرنو جهة الباب حتى دخل أخيراً عينيه متصلتان بعينيها مباشرة مرسلتان أشعه من الدفء تربت على قلبها المرتجف خوفاً
ثانية واتبعه حمزة المبتسم وهو يغمزها بشقاوة يقترب منها هامسا بطفولية وهو يستغل انشغال شهاب بالحديث مع طبيب التخدير:_
"سأنتقم منه اليوم شر انتقام "
"حرام عليك يا حمزة " قالتها مبتسمة فقلدها عاوجاً شفتيه مما أضحكها وبدد من خوفها قليلاً
حط بكفه على جبهتها قارئاً آية الكرسي ثم مسح على وجنتيها بحنان قائلاً قبل أن يستقيم :_
"لا تخافي حبيبتي الأمر سهل ...أنتِ في يد حمزة بعد الله "

صوت نحنحة طبيب التخدير يقترب منها مبتسما وهو يقول ببشاشة:_
"كيف حالك مدام رنا ...هل أنتِ مستعدة "
أومأت برأسها وقلبها يطمأن حين وقف شهاب جوارها محتضناً أحد كفيها بحنان
ابتسم الطبيب وقال بعملية :_
"جيد ... لقد طلب دكتور حمزة ودكتور شهاب أن تأخذي مخدر نصفي وليس كُلي لذا استعدي ستأخذيها الآن وهي بسيطة لن تشعري بشئ لأني سأضع لكِ مخدر موضعي قبلاً"

أومأت برأسها فاقترب منها شهاب يعدل من وضعيتها حتى يحقنها الطبيب الذي جهز الحقنة وشرع بإعطائها لها في نقطة أسفل الحبل الشوكي
قبضة على سترة شهاب بقوة في خوف ودمعت عينيها فهدهدها كصغيرته معدلاً من وضعيتها مرة أخرى حتى تبدأ عملية الولادة
استغل حمزة الفترة القصيرة لبدأ مفعول البنج في الحديث معهم عن الطفلة حتى يلهيها ويلهي الآخر المتوتر على عكس طبيعته ..
وأخيراً قاموا بإسدال ستار أبيض يحجب بينها وبين الفريق الطبي الذي يترأسه حمزة
شهاب يقف في المنتصف محافظا على كفها بين كفيه وبنفس الوقت يشاهد خطوات خروج صغيرته للدنيا ...
حمزة متوتر ودقات قلبه متعاليه على غير العادة ...سم الله ثم تناول المشرط الطبي يشق أسفل بطنها شق صغير أفقي فوق عظمة العانة ..قام بتوسيعه حتى يستطيع إخراج الطفل

اذدرد شهاب ريقه بتوتر لاهجاً ببعض الآيات القرآنيه ينظر لها يطمأنها وهي تبدو شاحبه خائفة لا تفهم شئ
ابتسم حمزة وهو يرفع له رأسه قائلا بمشاكسة :_
"اجهز يا دكتور "
قام بإخراج رأس الصغيرة بسلاسة وحرفية حتى أخرجها وقطع الحبل السري..وصدح بكاؤها يبدد برودة الغرفة
ضحكة شهاب المنبهرة حينها كانت توثق في أحد أكبر الأحداث السعيدة على الإطلاق
خاصة حين قلبها حمزة ماسكها من ساقيها الملطختين وهو يقترب من رنا بعد أن خبط على ظهرها بلطف قائلا بابتهاج وهو يجعلها تراها:_
"مبارك يا ماما رنا ...لقد أنارت حياتنا الصغيرة الحياة "

سلم الصغيرة لطبيب الأطفال وعاد هو لمتابعة عمله بإخراج المشيمة ثم القيام بالخياطة التجميلية عالما أنها متعبة الآن وإن كان المخدر يجعلها لا تشعر بشئ
في تلك الأثناء كان هو في وادٍ آخر ... لقد أصبح أب وهو في الخامسة والثلاثون تقريبا
صغيرته أنجبت له قطعة صغيرة منها ...الشعور في قلبه لا يوصف
عينيه الدامعتين حمداً نظرتا لها في صلة حب وثيقة ستخلد إلى الممات مُقبلاً جبهتها غير عابئاً بالوجود في بادرة لم تحدث ..

بعد مرور عدة ساعات
يلتفون حولها في غرفة المشفى الكبيرة
شهاب جالساً جوارها على الفراش يلف ذراعيه حول كتفيها دون أن يلمسهم
حمزة يقبض على الفتاة بين أحضانه وكأنها ابنته هو ..نُهى بجواره تقبلها كل عدة دقائق غير عابئة بتحذير نعمات أن لا تقبيل ..
الجد ونعمات يجلسان متجاورين على مقاعد أمام فراشها يربتون عليها بين الفنية والأخرى فرحين بالحفيدة الصغيرة

لكن ما جعل عينيها تدمعان هو عندما انحنى جدها عليها يفاجأها وهو يقبل ظاهر كف يدها بحنان
حاولت رنا سحب كفها منه وهي تقول بوهن :_
"جدي ماذا تفعل !!"
ابتسم عبدالحميد دامع العينين وهو يربت على كفها القابع قائلاً بحنان :_
"أتستكبرين على نفسك أن أقبل يدك يا فتاة !!
ألا تعلمين قيمة نفسك يا حبيبة جدك ...أنتِ قطعة من قلبي يا رنا ...طرفة عينيكِ تؤلمني ...وهذة الصغيرة احذري ستزاحم مكانتك عندي ..ألا يقولون أعز من الولد ولد الولد "

"لا حرمني الله منك يا حبيبي"
همستها بمحبة وروحها المنكسرة لعدم حضور والدتها تنجبر قليلاً ..فوالدها قد أتى بعد خروجها من غرفة العمليات أعقبه عمار مباشرةً مما خيب أملها لكن روحها تعود وتتفتح إثر حديث جدها
جدها لم يكن يلقي على مسامعها كلام لقد كان يحقن مسامها بمغذيات روحيه تروي ذبول روحها ..
صوت حمزة المشاكس وهو يقترب منهم بعد أن سلم صغيرتها لنعمات بدد أفكارها
خاصة وهو يقترب من شهاب قائلا باستفزاز :_

"لما لا تترك لي مكان "
رفع شهاب حاجبيه يسأله بعدم فهم:_
"أي مكان"
مط حمزة شفتيه قائلاً ببرود وهو يشير لها بعينيه:_

"هذة...هذة..التي ترابض جوارها منذ الصباح تكون أختي بالمناسبة وأريد أن أحظى بدعمها مثلك...يعني قم وأجلسني مكانك قليلاً"
"عيب عليك من ولد"
قالتها والدته باستنكار وهي تنظر لتصرفاته الطفوليه..مما أحرج شهاب وأفسح المكان له لكنه لم يعبأ بهم وهو يجلس جوار رنا يحتويها بأحد ذراعيه بين أحضانه مقبلا رأسها هامسا ً بحنان :_
" حبيبتي هل أنتِ بخير ...هل تشعرين بأي ألم أوصيهم أن يزودا لكِ المسكن "
هزت رنا رأسها نفياً وعينيها تعود لشهاب الجالس برزانة يحتضن طفلتهم بين ذراعيه يلثمها بين الفنية والأخرى فيلوع قلبها هي تغبط صغيرتها الحلوة على أب مثله

ليلاً
"أخيراً اختليت بكِ يا قلب الماما "
همستها رنا بحنان وهي تقبل صغيرتها على وجهها بوله قُبل صغيرة متناثرة حلوة..جميلة و لذيذة المذاق ..
عينيها الصغيرتان تنظرانها باستغراب وهي تمؤ بفمها مناغية بأصوات تسكب على صحراء القلبها الجرداء أنهاراً من عسل ٍ مصفىٰ
تتغضن ملامحها الحمراء الصغيرة وهي تبدأ بصفير بكاء حزين يسلب القلب فأخرجت لها نهدها الذي حاولت مراراً وهي تائهة بفمها الصغير الذي خُلِق للقُبل كي تلتهمه وأخيراً عثرت عليه فتناولته مغمضة العينين هانئه
لم تشعر رنا ببكاؤها الا حين سقطت دمعه على كفها وهي تتناول كفها الصغير تطبع عليه عدة قُبل وهي تقربها أكثر من حضنها متسائلة:_
"تُرى كيف هانت على والدتها كل هذا العمر ؟..إن صغيرتها لم تواصل عدة ساعات على وجه الدنيا وتشعر وكأنها التحمت بقلبها التحاماً أبدي"
"لا حرمني الله من رؤيتكم هكذا "
قالها شهاب وهو يدخل الغرفة لكن سرعان ما عقد حاجبيه وهو يلحظ آثار البكاء على وجهها فجلس جوارها هامساً باهتمام :_
"ما بكِ صغيرتي ؟ هل تتألمين "
هزت رأسها نفياً هامسة وهي تربت على طفلتها :_
"لا فقط أنا أحبها يا شهاب ...أحبها "
تجلت معالم الفهم على وجهه وقد أدرك ما يعتريها فاقترب منها يلثم حياته الصغيرة بحنان ثم فعل المثل معها محاولا تبديد أفكارها وهمس:_
"هل أنتِ سعيدة بتسميتها حياة "
أومأت رنا مبتسمة وهي تنظر للصغيرة بحب قائلة:_
"نعم جدا يا شهاب ...لأنها حياة ..حياتي الصغيرة "

بعد مرور عدة أيام

أغلق باب الشقة خلف آخر مجموعة من أهله أتت للمباركة ريم وعبد الرحمن وخالد وغدي الذين استأذنوا مبكرا للذهاب للتسوق في المجمع التجاري
قبل أن يتحرك كان صوت الجرس يدق مرة أخرى فتنهد بإرهاق وهو يفتح الباب متفاجئا قليلاً من وجود والدتها وأختها وعمار أمامه ..
كادت ابتسامة سخرية تشق شفتيه لكنه كبحها بقوة ونفسه تهمس رغما عنه أنها أخيراً تذكرت وأتت لكنه لم يُظهر شئ وهو يرحب بهم بلباقة يدعوهم للدخول إلى غرفة الضيوف حتى يخبر رنا بدخولهم عليها
دخل عليها الغرفة مبتسما وهو يراها تنحني علي الصغيرة النائمة جوارها تقبلها كما تفعل دوما خلال الأيام الماضية
اقترب منها مقبلا رأسها وهو يحتوي صدغيها بين كفيه في دعم معنوي وهمس بحذر:_
"لقد أتت والدتك وإخوتك يا رنا "
انطفاء وجهها جعل نار حارقة تنشب في صدره من أجلها ورغبة بدائية عنيفة تجعله يريد أن يخرج لهم معتذرا عن دخولهم متعللاً بأي شئ ..
لكن صوت عمار القريب من غرفتهم ينادي بمشاكسة عليهم بدد أفكاره :_

"حياة حبيبة خالو ...يا دكتور أين أنت"

قبلها رابتاًح على وجهها هامسا قبل أن يخرج :_

"ستمر لا تقلقي"
بعد دقائق كانوا جميعا بالغرفة في صمت بارد يخيم عليهم سوى مناغاة الصغيرة التي صدحت عليهم جاعلة عمار يتلفقها بين ذراعيه وهو يهدهدها مقتربا بها من أمه يقول :_

"أنظري يا أمي حياة الصغيرة يبدو أنها ستشبهك كثيراً"

تشنج وجه المرأة لم يخفى على عيني شهاب الثاقبتين لها خاصة وهي تنحني مقبلة لها في صمت دون أن ترد على عمار

هذة المرأة تحيره تُثير نفوره الشخصي وشفقته الطبية إن صدق ظنه بأسبابها في البعد هكذا عن ابنتها

صوت نور الصامت من بداية الجلسة أخرجه من أفكاره وهي تلتفت لوالدتها قائلة بنزق :_
"أمي ألن نذهب ونتركها لترتاح "

حسناً هو لا يلوم نور فمن أي جهة ستنمو عندها عاطفة جهة أختها ...صحيح فطريا هي موجودة وظهرت خلال تقبيلها للصغيرة وفرحها الملحوظ بها لكنها تبقى مكبوتة لا تعلم السبيل للظهور
دقائق وكان يغلق ورائهم الباب ...مستلاً هاتفه من جيب سرواله ليطمأن على حسن قبل أن يدخل إليها ..
وبمكانها كانت تضجع على فراشها حزينة ...قلبها ظمآن لبادرة عطف أمومي من والدتها يبدو أنها لن تحدث أبدا..
هي لم تحظى منها سوى
بتمتمة عاجلة بالشفاء وقبلة باردة علي الجبين ، اتبعتها بالمثل مع صغيرتها ثم جلست في صمت
لم تلحظ دخول شهاب عليها الذي شعر بحاجتها إليه فجلس جوارها يحيطها بذراعيه ويدعمها ومجرد ان فعل،دفنت وجهها بجانبة لتنام فشدد من احتضانها لكنه تجمد حين شعر ببلل الدموع علي قميصه...!!!
احتياج ....نقص.... ألم ....طفولة مبتورة... وصرخة احتياج مكتومة لن يستطع أحد تعويضها أبدا مهما فعل ...كل ذلك وصله عبر ارتجافها الطفيف وبلل دموعها علي قميصه
تأوه دون صوت يشاركها ألمها ...رفعها بحِرص يكبلها بين ذراعيه ،مغمضة عينيها وآثار الدموع عالقة علي وجنتيها ،مسح دموعها برفق هامساً بحنان:_
"حين نصبح معاً لا تغمضي عينيكِ أبدا ً ،لا تُخفي ألمك عني بل أبكِ بعيناي إن استطعت ِ"
همست بألم وفتور روحها يجعلها ترفض الحديث :_
"أريد النوم "
قبل شهاب رأسها وعدل من وضعيتها على صدره حتى احتواها كليا وهمس بعاطفة:_
"نامي حبيبتي وحين تستيقظي ،ستشرق شمس عيناكِ في سماء صدري"

==================

بالمجمع التجاري
"آه لقد تعبت حقاً يا ريم
اجلسي اجلسي دعينا نرتاح حتى يأتوا إلينا "

قالتها غدي بإرهاق وهي تجلس على أول طاولة قابلتها في أحد (الكافيهات) بالمجمع التجاري
عقدت ريم حاجبيها تستند لحافة أحد كراسي الطاولة التي جلست عليها غدي وقالت :_
"غدي كفى كسلاً هيا قومي خالد وعبدالرحمن ينتظرانا بالأعلى"

اتسعت عينيها وهي تقول بتصميم وقد فتحت زجاجة المياة أمامها تتجرعها بنهم:_
"ألا تتعبين يا امرأة بطنك أمامك مترين ومنذ الصباح وأنتِ تلفين معنا في المجمع التجاري"
ضحكت ريم وهي تفرد كفها في وجهها قائلة وهي تتناول حقيبتها مرة أخرى:_
"الله أكبر في عينك يا غدي
المشي صحة للمرأة الحامل "
"حسنا يا مرأة يا حامل اذهبي لتمشي من أجل صحتك " قالتها غدي بسخرية وهي تشاور للنادل تطلب مياة غازية

فابتسمت ريم وهي تتجه خارجة من الباب الآخر قائلة بمشاكسة :_

"العقبى لگِ يا أستاذة نشمت بگِ لتكوني مثلي"

أثناء حديثها كادت أن تصطدم بأحدهم يدخل من الباب حاملاً طفل أثناء خروجه فاعتذرت وخرجت...

أحدهم التقطت أذنه اللقب الذي تفوهت به "أستاذة"
فانتبهت جميع حواسه
ربما لكثرة مرور اللقب عليه بطبيعة عمله
وربما أو الأكيد
لأذن قلبه المرهفة لأي شاردة تذكره بها
بسمة ساخرة ناوشت شفتيه وهو ينقل عَلِيٌ النائم على ذراعه الآخر
فمنذ متى وهو ينساها بالأساس ليتذكرها تلك النارية المستفزة

ولحظه الأسعد على الإطلاق وحظها هي الأسود كان يلتفت لاختيار طاولة فارغة فوجدها ورائه مباشرةً ظهرها كان مقابلاً لظهره
تعالى وجيب قلبه البائس بنغز مثير كطفل ٍ يُهلل بفرح حين رؤية أمه
منذ متى لم يزر الشغف قلبه بهذا الشكل؟؟
شغف مؤلم لكنه لذيذ!
رؤيته لها تجعل وريقات خافقه الصلب تتفتح الواحدة تلو الأخرى بلا مقدمات
سمح لعينيه تتأملانها باشتياق من وراء نظارته الشمسية من تلك الزاوية الجانبية وهو يعتدل قليلا
حجابها المستفز الذي يُظهر جمال عنُقها

ترتدي قميص قطني باللون الوردي منقوش بالورود النبيذية
أمال رأسه قليلاً يضيق عينيه بشر يمط شفتيه بعدم رضا وهو يُنزل كف عَلِيٌ الذي ارتفع بغتةً من أمام وجهه ينظر إلى أول ساعديها الظاهرين
الأستاذة المبجلة تُثني كُمّي قميصها
الوقحة تظن نفسها شاب ثلاثيني يجلس على القهوة !!
مهلاً .... مهلاً
ولما جائت على نفسها هكذا وارتدت القميص لأول فخذيها على هذا السروال الذي يلتصق بهم مُظهرا مدى تناسقهم

الأحرى كانت قصرته أكثر ليهنأ الشعب في تأمل جمال ابنة البرعي الفاتنة
غيظه منها بدد كل ذرة رقة انتابته فور رؤيتها فأسدل ستار بروده الثلجي وهو يقترب منها قائلاً وهو ينظر إلى عَلِيٌ النائم ببرود يعلم كم يستفزها

"مرحى مرحى أنظر من هنا يا ولد ، يبدو أن حظك في قدميك كما أقول لك دوماً "

جحظت عينيها وكادت أن تبصق المشروب من فمها فور أن وجدته يقف أمامها مبتسماً ابتسامته السمجة تلك
وعلى ذراعه ذاك الطفل الجميل الذي صادفته معه قبلا في النادي

لا تعلم حقاً كيف يكون هذا الملاك من ذاك الشيطان !!

اتكأ بكفه على حافة الطاولة المستديرة وهو يسند إحدى قدميه في الحذاء الجلدي ذو الرقبة القصيرة باللون الجملي على ساقه الأخرى قائلا ببرود:_
"ابتلعي... ابتلعي حتى لا تغُصين "
مط شفتيه رافعا حاجبيه وأردف هامساً بوقاحة قصدها كي يستفزها :_
"وحقيقةً أنا لا أضمن لگِ رد فعلي حينها"

امتعضت غدي بوجهها بعدما ابتلعت أخيرا مشروبها وعينيها الناريتين تضويان ضوياً لوى قلبه بين ضلوعه خاصةً وهي تقول بصوت خافت من بين فكيها المطبقين
"إياك والتطاول معي يا أكمل يا بدوي"

رماها بنظرة نارية أجفلتها وقد أظهرت حركتها مدى إلتصاق ملابسها بجسدها فأشاح بوجهه جانباً وهو يداعب شعر علي على كتفه إلا أنه بالأخير لم يستطع أن يتجاوز غيظه كلياً وهو يلتفت إليها هامساً بخشونة صارمة :_

"ألا تستطيعين توسيع ملابسك المستفزة هذة قليلاً !!"

كلامه أشعل مراجل جنونها فانتفضت من مكانها تبرق بعينيها المُكحلتان هامسة بحدة :_
"ومالك أنت !!
هل جُننت؟"
وهو غير عابئ بكلامها هو واقع في غرام عينيها ولا مجال للإنكار
عينيها المحددتان بالكحل الأسود فازدانتا جمالاً
الكحل صنع لأجل عينيها تلك الفاتنة ولمن غيرها يصنع !!
تركيزه الشديد مع عينيها أجفلها وهي تبتلع ريقها هامسة بخفوت مستنكر :_
"أنت يا هذا لما تنظر هكذا "
أنقذه من ورطة رده عليها صوت عَلِيٌ الناعس وهو يناظرها قائلاً بفرح :_
"الجميلة ....غدوة أتت ...أكمل "

ابتسم بعبث وهو يقول بهدوء مغيظ :_

"ألم أقل لك حظك في قدميك يا ولد "
نظرات عَلِيٌ المتعلقه بها أضعفتها فنظرت إليه بتساؤل جعله يقول بنعومة ببراءة مزيفة أقرب إلى الوقاحة :_

"هو يريد من الجميلة قُبلة على وجنته أليس هكذا يا علي "

أومأ عَلِيٌ برأسه فرحاً مصفقاً وحين اندلعت الشرارت من عينيها هز كتفيه قائلاً بجرأة قاصداً إرباكها :_

"ومالي أنا الولد يحذو حِذو قلب أبيه "
ونال ما أراد وهي تزم فمها الشهي بقوة عاقدة حاجبيها تلتقط حقيبتها تاركه له المكان بأكمله بعد أن رمته بنظرة نارية للعجب أرضته ..
===================

يتبع بالجزأ التاني





[font][/font][size][/size][color][/color]


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس