عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-21, 10:13 PM   #80

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت تمسك بالكتاب بيديها بقوة وهي تحاول التركيز بالكلمات المكتوبة امامها وعينيها العسلية تضيق بتفكير ارهق عقلها ونظرها وهي تشعر بالأحرف تتلاشى من دماغها كل ما حاولت قراءتها والتمعن بها اكثر وكأنها تحارب بمهمة مستحيلة مع عقلها الفارغ والمصر على عدم مساعدتها بالدراسة وهو مشغول بأفكار اخرى شتتت ذهنه عن العمل ! تنفست بعدها بحنق بالغ وهي تنفخ وجنتيها بعصبية تكاد تنفجر من فرط التفكير والقهر والذي تشعر به منذ الأمس وتحديدا منذ بداية عودتها للدراسة مجددا وقد بدأ الاساتذة يواظبون على الحضور لمنزلها بمواعيد محددة ليكملوا معها بمجال دراستها بدون الداعي للذهاب للجامعة ألا بموعد الاختبارات والتي ستقدمها مجبرة بقاعة الجامعة .

اخفضت الكتاب وهي تلقي به جانبا بعدم رغبة بالاستمرار اكثر وهي تشعر بانعدام الحياة بداخلها وكأنه قد توقف العالم وكل سبل النشاط عندها لتجتاحها نوبة من الإحباط والتي احتلت جسدها بخمول وتعب ، ولكن مع ذلك عليها الاستمرار للنهاية ليكون لديها وظيفة وهدف تعمل عليه بحياتها لتنفض الملل والحزن بعيدا عنها ويشغل تفكيرها عنه .

التفتت بوجهها بهدوء نحو الباب والذي فُتح فجأة لتظهر والدتها من خلفه وهي تنظر لها بتركيز مريب ، قطع صمت العيون بينهما من قالت بجدية صارمة وهي تمسك خصرها بيديها بقوة
"استاذكِ بالجامعة قد اتى لزيارتكِ ، وهو الآن ينتظركِ بغرفة الجلوس بالأسفل"

ابعدت رأسها عن ظهر السرير وهي تعقد حاجبيها بوجوم قائلة بخفوت بارد
"ولكني قد انهيتُ كل محاضراتي مع اساتذتي بالفعل ، وليس لدي محاضرة بهذا الوقت"

رفعت (جويرية) حاجبيها الرفيعين بحذر مريب وهي تدقق النظر بها جيدا بطريقة بعثت الرعشة بدواخل ابنتها ، لتبتسم بعدها بعملية جادة وهي تهمس ببساطة بالغة
"انه نفس الاستاذ والذي اتى لمنزلنا بالأمس ليطمئن على حالتكِ ، وهو ليس من ضمن محاضراتك ، لذا عليكِ النزول له بسرعة لأنه ليس من اللائق تركه ينتظركِ كل هذا الوقت بعد ان قطع كل هذه المسافة من جامعتكِ لمنزلنا ليقابلكِ تحديدا"

اتسعت عينيها العسلية باخضرار شاحب وهي تفغر شفتيها المتكورتين بصدمة ما ان تذكرت زيارته لها بالأمس والتي كانت عبارة عن ترحيب وسلام واطمئنان على صحتها بعد ان انقذها من ذلك الموقف المخزي والذي يجعلها تكاد تدفن نفسها بعيدا عن نظراته بدون ان تتجرأ على مواجهة عينيه والتي كانت تعريها من الحقيقة وتساؤلات كثيرة تدور برأسه عن سبب تواجدها بالمختبر بوقت الحادثة ليحدث ما حدث ! ولكن ما صدمها اكثر هو كلام والدتها المبتهج عن استاذها وهي تبدو تعلم كل شيء عنه حتى بموضوع قدومه لزيارتها بعد ان قطع مسافة طويلة من الجامعة لهنا .

عبست ملامحها فجأة وهي تهمس بشحوب منقبض
"كيف علمتِ بأنه قد جاء من الجامعة وقطع مسافة ليصل لهنا"

ابتسمت بثقة معتادة عليها وهي تلوح بيدها بجدية
"هذا واضح من ملابسه وهيئته المنمقة والتي تدل على المكان القادم منه ، وغير هذا الحقيبة والتي كان يحملها بيده والكتب والتي كانت ظاهرة من داخلها"

ارتفع حاجبيها الرقيقين برهبة وهي تهمس باستنكار منذهل
"هل كنتِ تراقبينه يا امي ، هل تجسستِ عليه من باب غرفة الجلوس"

امتقعت ملامح والدتها بحدة وهي تعود لهيئتها الشرسة المدافعة والتي تكاد تنقض عليها لتقول عندها بانفعال حاد وهو تلوح بيديها بعصبية
"كيف تقولين مثل هذا الكلام الوقح عني يا غزل ، انا فقط لمحته وهو يدخل لغرفة الجلوس مع الخادمة ، لذا لا تنسجي كلام من عقلك الفارغ وتلقيه عليّ"

ادارت (غزل) نظراتها بعيدا عن والدتها وهي تتنفس بملل ، لتسمع بعدها صوت والدتها وهي تقول بخفوت شارد بعد ان هدأت من ثورتها
"ولكني ارى بأنه يهتم بكِ اكثر من كونك مجرد طالبة عنده ، لذا كنت افكر...."

اندفعت بوجهها نحو والدتها بصدمة وهي تقول بعبوس محتد
"لا يا امي ، لا تفكري بهذا الأمر ولو قليلا"

زفرت انفاسها بحدة وهي تهمس بتفكير عميق متجاهلة اعتراض ابنتها الأخير
"وما لمشكلة به وهو يبدو بنظري الشخص المثالي والمناسب لكِ ولعائلتنا ، وغير هذا مثقف ووسيم وليس كبير بالعمر كثيرا ، وهناك توافق كبير جدا بين مستوى ثقافتكما ومستوى عائلتكما....."

انتفضت (غزل) بعيدا عن الفراش وهي تقف قائلة بتصلب صارم
"كفى يا أمي ، ما هذا الكلام والذي تتفوهين به ، وقبل كل شيء عليكِ اولاً ان تفكري بموافقة السيد الذي يجلس بالخارج وقد يكون متزوج الآن وانتِ تبنين احلامكِ عليه"

ردت عليها والدتها بابتسامة واثقة
"غير صحيح فهو ليس متزوج ، ولا يرتدي اي خاتم زواج"

ارتفع حاجبيها بدهشة وهي تتنفس بذهول لم تستطع السيطرة عليه فيبدو بأن والدتها قد خططت للأمر جيدا ودرست الأمر من كل ابعاده قبل ان تفاتحها به ! لتحرك بعدها رأسها بقوة وهي تنفض كل الأفكار عنه قبل ان تتجه لخزانتها لتُخرج منها سترة جينز وردية وهي تتجاهل وجود والدتها تماما .

تجهمت ملامح والدتها وهي تقول بصرامة حادة ناظرة لابنتها والتي تعطيها ظهرها بتركيز
"اسمعي يا غزل ، هذه الفرصة لا تعوض ابدا وقد اتت بنفسها إليكِ على قدميها من شخص من بين مئة رجل لن تجدي له شبيه وبنفس المواصفات والتي كنتِ تتمنينها ، لذا لا ترفضيها كما تفعلين دائما وتوقفي عن التحامق......"

قاطعتها (غزل) وهي تغلق الخزانة امامها بقوة رجت جوانب الخزانة بأكملها بعد ان انتهت من ارتداء سترتها وهي تقول ببرود قاتل
"ارجوكِ يا امي ، لا اريد التكلم عن هذا الموضوع مرة أخرى"

تنفست (جويرية) بنفاذ صبر وهي تنظر لابنتها بعبوس حانق قبل ان تسير بعيدا عنها لخارج الغرفة بهدوء ، لتنظر بعدها لمسار خروج والدتها وهي تتنفس الصعداء براحة واضعة كفها على موضع الألم ومصدر النخزة والتي تشعر بها بهذه اللحظة تضرب صدرها بقوة .

نفضت ذراعيها للأسفل وهي تعدل من اكمام سترتها لتسير بسرعة لخارج الغرفة بخطوات خافتة بطيئة بدون ان ترتدي اي حذاء من احذيتها ذات الكعب العالي والتي دائما ما تكسر اقدامها الصغيرة بألم ، ولم تكن ترتديها سوى لتغيير مظهرها الحزين والمثير للشفقة كما يقولون لتحول نفسها لأخرى صاخبة متبرجة لم تناسبها يوما .

وصلت لغرفة الجلوس والتي ما ان دخلت من بابها المفتوح حتى قابلها الوجه المبتسم بهدوء وهو ينهض عن الأريكة الوثيرة والتي كان يجلس عليها ، ليقول عندها بابتسامة جانبية بغموض
"كيف هي احوالكِ يا غزل ، واعتذر على زيارتي المفاجئة بدون موعد مسبق ، ولكني اردت الاطمئنان عليكِ فأنتِ ما تزالين طالبة عندي وامركِ يهمني كثيرا"

اومأت برأسها بهدوء بابتسامة هادئة بدون كلام وهي تفكر بكلام والدتها والذي عاد ليخترق افكارها بخبث بخصوص معاملته الخاصة لها والتي تختلف عن كونها مجرد طالبة عنده ! لتنقل بعدها نظراتها بتوجس لهيئته المنمقة وقد اصابت والدتها بكلامها بصدق تعترف به لأول مرة فقد كان يبدو رجل متزن بوسامة محببة بحق من شعره البني المائل للعسلي الفاتح لتصل لملابسه المكونة من معطف جلد اسود يصل لركبتيه ومفتوح ليظهر من اسفله القميص الابيض مع بنطاله الاسود الطويل والذي يحدد جسده الفارع ، ولأول مرة لا تلوم والدتها على كلامها والذي خرج منها بانبهار مسحور من الذي رأته امامها ليُذهب عقلها وصرامتها معا .

لم تنتبه لنظرات المقابل لها وهو ينظر لها بنفس الطريقة وخاصة مع سترتها الجينز الوردية والتي اظهرت وجهها اكثر توردا وانتفاخا ومع عينيها المتحولتين كما يسميهما وهما تتلونان بلون عسلي مخضر ناسبها مع شحوب ملابسها ، ليرتفع بعدها حاجبيه ببطء متعجب مع ابتسامة صغيرة وهو يلاحظ لأول مرة عدم ارتدائها لأي احذية عالية الكعبين لتظهر قدميها الصغيرين البيضاوين والتي تشبه اقدام الاطفال بحجمها !

افاق من افكاره ما ان رفعت ذراعها نحوه وهي تشير للأريكة قائلة برقة
"تفضل يا استاذ هشام واجلس على الأريكة رجاءً"

شرد بها للحظات بنبرة صوتها والتي اشتاق لنغمتها الحزينة ولكن هل شعر ببعض الاهتزاز بصوتها ؟ ليحرك بعدها رأسه بالإيجاب وهو يعود للجلوس على الأريكة كما كان قبل مجيئها .

جلست (غزل) على الأريكة المقابلة له وهي تقول بابتسامة ممتنة بهدوء
"شكرا لك على السؤال والاهتمام بأمري ، ولكني حقا قد اصبحت بخير ولم يعد هناك داعي للقلق عليّ هكذا ، فقد كنتُ دائما اواجه مثل هذه الازمات كثيرا بالسابق ، لذا اعتدت على هذا الأمر حتى اصبح روتين بالنسبة لي"

اومأ برأسه بغموض وهو ينظر لها بعدم راحة متنقلا بها بتمهل بعينين خبيرة لا تخطئ ابدا ، فهو لن يكذب ما يراه امامه من تغير طفيف بان عليها استطاع لمحه بسهولة وهو ينظر لعينيها الذابلتين بإجهاد مفرط مع خديها المحمرين بانتفاخ محتقن بلون الدماء وهالة من الحزن تحيط بها لتزيد شحوب ملامحها اكثر !

تنحنح (هشام) وهو يعيد ضبط زمام الأمور والتخبط بداخله ليقول عندها بنفس اتزانه القوي
"حسنا بما انكِ قد اصبحتِ بخير ، كنتُ اتسائل متى ستعودين للدوام بالجامعة ، ام احببتِ هذه العطلة طويلة الأمد ووضعتِ مرضكِ حجة للتهرب من المحاضرات"

ارتفع حاجبيه بتجهم ما ان لمح الحزن يبرق بحدقتيها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه هامسة ببحة خافتة ببعض المرارة
"لقد قررت عدم العودة للدوام بالجامعة ، وهذا قرار نهائي"

تنفس (هشام) بقوة وهو يقول بجدية صارمة بعثت الرعب بأوصالها
"ما هذه الترهات والتي تتفوهين بها يا غزل ، من اجل مرضكِ ستوفقين كل احلامكِ ، لأنكِ اصبتِ ببعض الاحباط بسبب حادثة صغيرة بحياتكِ ، صدقيني لا احد سيهتم بمستقبلك ولا المسبب الرئيسي بحالتكِ سوى نفسكِ"

انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تحرك رأسها بالنفي هامسة بتبرير مرتبك
"لا لقد فهمتني خطأ يا استاذ هشام ، انا سأستمر بدراستي الجامعية ولكن بالمنزل كما كنتُ افعل بسنوات طفولتي بالمدرسة ، ولكني سأحضر للجامعة من اجل اختبارات نهاية الفصل"

عبست ملامحه باهتزاز وقد اختفت الصرامة عن وجهه وهو يرفع حاجبيه ببطء شديد بعد ان استوعب كلامها جيدا والذي اراحه كثيرا بدون ان يعلم السبب لذلك ؟ ولكن يبقى هناك شعور متناقض غاضب بكبت مما آلت له حالتها بسبب تلك المدللات واللواتي كانوا السبب الرئيسي بأغلاق باب المختبر عليها بكل حقارة وقلة تهذيب ، وكان بإمكانه عقابهما على فعلتهما الدنيئة ولكنه سينتظر الوقت المناسب والذي يتفرغ به لهما .

ادار عينيه نحوها بصدمة ما ان قالت بابتسامة متوجسة بحزن
"ماذا قصدت بالمسبب الرئيسي يا استاذ هشام"

ابتلع ريقه بارتباك ليسعل عندها قليلا بحشرجة قبل ان ينظر بعيدا عنها وهو يقول ببرود متعمد
"لا ليس كما تظنين فقد كان مجرد تعبير مجازي ، ومن فعل بكِ كل هذا سيكون من المؤكد سعيد بحالتكِ ، لذا قلت هذا الكلام لأعطيكِ الدفعة للأمام وعدم الاستسلام"

اخفضت نظراتها للأسفل بوجوم وهي تضم قبضتيها معا بحجرها بصمت ، ليحيد بعدها بنظراته نحوها وهو يفكر بأنه ليس من الجيد اخبارها الآن بالمسبب الرئيسي بحالتها هذه وما وصلت له فقد تزيد من احباطها اكثر مما هي عليه وكرهها لمن حولها ولكل من يبغضها وخاصة بأنها بلا صديقات وهذا ما لاحظه عليها بالجامعة بدون ان يفهم سبب وحدتها وكره تلك الفتيات لها ؟

وقف بعدها بلحظات عن الأريكة وهو يقول بابتسامة جانبية بلطف
"انا عليّ الذهاب الآن ، اهتمي بنفسكِ جيدا يا غزل ، وحاولي التفكير فقط بدراستكِ فلن ينفعكِ شيء غيرها ولن يفيدكِ احد بهذه الحياة غير مستقبلك"

تنهد بغضب مكتوم وهو ينظر لشرودها بدون اي تعبير ، ليحرك بعدها رأسه باتزان وهو يرفع ذراعه بتردد ليربت على رأسها بيده بصمت قبل ان يتراجع بسرعة وهو يسير لخارج الغرفة بأكملها ، بدون ان يرى المرأة والتي كانت واقفة عند بهو المنزل بعد ان تجاوزها بسرعة وهي تراقب خروجه بابتسامة متسعة بسعادة غامرة وقلبها يردد بلهفة بالغة بأن يكتب لابنتها الصغيرة التوفيق مع هذا الشاب والذي تراه افضل شريك قد تحظى به ابنتها ليجبر قلبها المريض والذي انكسر بسبب حب قديم لم يكن سوى عثرة بحياتها .

_____________________________
كانت تسير ببطء بممر الشركة وهي توزع نظراتها بكل زواياها وبديكورها البسيط الكلاسيكي فهي تبدو بالخارج شركة صغيرة ولكن بداخلها هناك عالم آخر يعيش فيها من ممراتها الطويلة وعدد غرفها لمساحة الأروقة بها بالرغم من انها تتشكل من طابقين لا اكثر ، وكل هذا بسبب كونها مبنية بمنطقة سكنية بسيطة ليس لها صلة بالمناطق ذات الشعبية والشهرة العالية والتي تحظى على كثير من إعجاب سكان المناطق الأخرى ، وقد استدلت على هذا المكان من رسالته الأخيرة لها والتي كتب بها العنوان مع كلمات كثيرة لم تقرأها ولم تهتم لقرائتها .

ابتسمت ببرود ما ان وقعت نظراتها على الواقف امام باب مكتبه وهو يمسك خصره بتحفز مشتعل ظاهر بملامح وجهه الجامدة والتي اصبحت بعيدة عن الهزل والمعتادة على رؤيتها به وكأن الحقائق قد تجردت امامها على وجهه بدون اي مواربة ، عضت بعدها على طرف شفتيها وهي تحاول التباطء بخطواتها بتعمد مستفز وهي تنظر له بتتبع لملامح وجهه والتي ازدادت عبوسا عن السابق منتظرة انفجاره بأية لحظة ولكنه كان يمسك نفسه بشق الأنفس وهذا هو المتأكدة منه امامها ، وهي ما تزال محتارة من طريقته بضبط اعصابه امامها بدون ان يفعل لها اي شيء للآن ؟

اتسعت ابتسامتها بجمود بارد ما ان وقفت امامه تماما وهي تنظر بترقب لتجهمه والذي يكاد يفتك به بدون ان تقابله بشيء سوى بالبرود والمعتادة على استخدامه كسلاح بمواجهة اي شيء يقع امامها مهما كان مدى سوئه وضرره عليها ، لتحاول بعدها التكلم بهدوء قبل ان تتأوه بألم ما ان غرز كفه بذراعها بقوة ليسحبها عندها من خلفه لداخل غرفة المكتب وهو يتجاهل اعتراضها وممانعتها الشديدة .

وصل امام المكتب لينفض ذراعها بعيدا عنه وهو يلتفت نحوها بتصلب قائلا بابتسامة مقتضبة
"لما تأخرتِ بالمجيئ لاستلام عملكِ الجديد كما اتفقنا بالأمس ، لا وتأتين الآن بعد مرور ساعة كاملة على اتفاقنا بكل ثقة ، وكأنني انا من كنت اتوسل لكِ لأحصل على الوظيفة بالشركة"

ضيقت عينيها الزرقاء بغضب وهي تدلك على ذراعها بموضع قبضته بيدها الأخرى بقوة ، لتقول بعدها بلحظات بتصلب بارد
"لم ابدأ بالعمل معك بعد واصبحت تعاملني بهذه الطريقة وكأنني خادمة عند حضرتك ، وايضا لم يرغمك احد على توظيفي لتحملني الذنب لأنك وافقت عليّ بهذه الوظيفة ، فهذه الطريقة لا يفعلها سوى من يعانون بنقص بعقولهم"

قبض على كفيه بجانبي جسده وهو يرفع حاجبيه بعدم تصديق لما يسمعه منها من كلام فوق خطئها وتأخرها عن العمل فهذه الفتاة يبدو تحضر لموتها على يديه ليتخلص عندها من برودها ووقاحتها والتي لم تعد تطاق ابدا ! وهذا ايضا بعد مسيرة القلق والتي ارسلتها بداخله منذ الصباح وهي مختفية بدون ان يظهر لها اي أثر .

رفع يده وهو يتخلل شعره بأصابعه بعنف مقتلعا خصلاته قبل ان يهمس من بين اسنانه بغيظ
"لم تخبريني للآن ، لما لم تأتي على الموعد ام انكِ قد نسيتِ الموعد بيننا وستكون عندها اسخف حجة سمعتها بحياتي"

كتفت (ماسة) ذراعيها فوق صدرها بجمود وهي تقول بابتسامة جادة تحمل السخرية والبرود معا
"لا ليس هذا ما حدث ، الحقيقة كان لدي محاضرات بالجامعة فأنا إذا كنت قد نسيت ما زلت طالبة بالجامعة وعليّ حضور محاضراتي بمواعيدها المحددة ، لذا انتظرت حتى انتهيت واتيت بعدها لشركتك"

اخفض يده عن رأسه وهو يعقد حاجبيه بوجوم بعد ان غفل عن موضوع جامعتها ودوامها بها وهي تخرج لها من الصباح الباكر ، ليقول بعدها بلحظات باقتضاب عابس
"ولما لم تخبريني بهذا الأمر مسبقا ، عندما تكلمت معكِ على الهاتف"

ردت عليه بسخرية وهي تحرك كتفيها باستخفاف
"لأنك ببساطة قد فصلت الخط بوجهي قبل ان تسمع اجابتي وتعليقي على كلامك بخصوص الوظيفة ، وانت تقرر كل شيء من رأسك بدون الرجوع لصاحبة الوظيفة"

تصلبت ملامحه بجمود وهو يقول باستياء ملوحا بذراعه جانبا بقوة
"ولكني قد اتصلت بكِ اكثر من مرة ، ولم يكن هناك من مجيب لنتفق على اساسيات الوظيفة واستمع لتعليقاتكِ والتي كنتِ تريدين قولها لي ، وانتِ تغلقين كل الطرق بوجهي بوقاحة لم ارى بحياتي مثيل لها"

حركت حدقتيها بعيدا عنه بضجر وهي تتمتم بامتعاض ساخر
"لقد كان لدي محاضرات وبالمقابل لم استطع الاجابة على اتصالاتك ، وايضا لا احب التكلم بالهاتف كثيرا فهو امر يضايقني ويجعلني ارغب بتحطيم الهاتف فوق رأس المتصل ، لذا اعذر شعوري المرهق وعدائي مع الهاتف"

تنهد بكبت وهو يحاول ضبط اعصابه النارية والتي حولتها بلحظات من البرود للاشتعال من كلماتها المستفزة والغير مبالية وهو يفكر ان يطردها من الشركة نهائياً وينسى موضوع توظيفها تماما والتي يبدو آخر ما تفكر به ! رفع قبضته وهو يحك جبينه بتفكير ونظراته معلقة بالأرض من اسفله ، ليسمع بعدها صوتها البارد وهي تهمس بخفوت اقرب للأمر الواقع
"إذاً هل ستوظفني ، ام اعود من حيث اتيت ، لأنك تبدو بحالة يرثى لها"

زفر انفاسه بتمهل وهو يرفع نظراته لها بتركيز قبل ان يخفض قبضته للأسفل وهو يتمتم باقتضاب
"يا لكِ من ظريفة حقا ، وجواب على سؤالكِ نعم سأوظفكِ عندي وامري لله ، فأنا اعلم جيدا بأنكِ كنتِ تتوقعين مني ان ارفض واثور عليكِ بعد كل التهريج والذي فعلته منذ الصباح والذي عليّ ان اعترف بأنكِ قد تجاوزتِ به كل حدود الوقاحة بالنسبة لي ، ولكن بما انني قد وعدتكِ بأن اوظفكِ فليس امامي خيار سوى القبول وتحمل هذه البلوة والتي هبطت على رأسي"

ارتفعت ابتسامتها ببرود مع حاجبيها السوداوين وهي تنظر له بإعجاب تعترف به بالنسبة لرجل يملك مدى تحمل خرافية غير موجودة بجنس الرجال امام نوع من الاستفزاز والذي تتقن تمثيله امامهم لتفقدهم عقولهم وتنفذ انتقامها منهم والذي يرضيها كثيرا ويشعرها بالنشوة ! ولكن هذا الرجل مصر على تحمل كل شيء تقدمه بصدر رحب وببرود غريب ستقضي عليه بفترة وجودها معه ، وسترى إلى اين سيصمد معها هذا الرجل الجليدي ؟

رفعت نظراتها له ما ان التقط الورقة من على سطح المكتب وهو يمدها امامها قائلا بعملية عادت لتغزو ملامحه
"خذي واملئي هذه الاستمارة لأستطيع توظيفكِ سكرتيرة عندي وننتهي من هذا"

اخفضت نظراتها للورقة بيده قبل ان تمسك بها وهي تسير باتجاه الأريكة لتجلس من فوقها وهي تضع الورقة فوق الطاولة امامها بصمت ، كان يتابع حركاتها بانتباه وهو يعض على طرف شفتيه بغيظ ناظرا لها وهي تلتقط القلم من داخل حقيبتها بهدوء متصلب ، ليدور بعدها بنظراته تلقائيا على ملابسها والتي تحدد دائما جسدها النحيف بتناسق رهيب والتي كانت عبارة عن بنطال جينز اسود مع قميص بزرقة عينيها يعلوها سترة جلدية بدون اكمام بنفس لون بنطالها الاسود الفاحم وهي تحني ظهرها امام الورقة باستقامة لتظهرها اكثر تناسق وكأنها تمثال حي يمثل الصلابة والقوة بداخل صاحبتها ! ليلمح عندها خصلات شعرها الطويلة المتحررة من عقدتها والتي كانت تنزل امام الورقة لتعيدها للخلف بالقلم بيدها برتابة .

افاق من افكاره بعبوس ما ان قالت بخفوت وهي مشغولة بالتدوين على الورقة
"لو سمحت هلا توقفت عن النظر لي هكذا ، فهذا يشتت تفكيري"

ابعد نظراته عنها بملل وهو يتنفس بتجهم من كل ما يحدث معه من كبت تسببه له وكأنه تحول لبركان خامد سينفجر بها بأي لحظة ، اعاد نظراته لها ما ان قالت بهدوء وهي ترفع الورقة نحوه
"لقد انتهيت"

تقدم نحوها عدة خطوات جامدة ليلتقط الورقة من يدها بقوة وبدون ان ينظر لها ألقى بها فوق سطح المكتب بجانبه بإهمال ، بينما كانت نظراتها تتابع مكان سقوط الورقة ببرود جامد ، لتعيد بعدها نظراتها نحوه ما ان قال بجدية صارمة
"حسنا لنتفق من الآن بأنكِ ستعملين معي سكرتيرتي ، وهذا يعني بأنكِ ستنفذين لي كل اوامري وكل شيء اقوله لكِ بالحرف الواحد وبدون اي اعتراض او تذمر ، واما الراتب فستحصلين عليه ما ان تثبتِ جدارتكِ وبغضون شهر ، مفهوم"

ارتفع حاجبيها بدهشة مصطنعة وهي تهمس باستهانة
"وماذا عن دوامي بالجامعة ، فأنا لن استطيع ان اتغيب عن محاضراتي لأحضر للعمل هنا"

تصلبت شفتيه وهو يهمس من بينهما بجمود مريب
"لا بأس لن احسب وقت محاضراتك بالجامعة من عملكِ هنا وسأدبر نفسي بهذا الوقت ، ولكن عملكِ هنا سيبدأ من الساعة الثانية ظهرا ولا استطيع ان اقبل بأي تأخير اكثر من هذا ولا اي حماقة كما فعلتِ اليوم"

انتفضت واقفة عن الأريكة بلحظة وهي تقول باستنكار حاد
"انتظر لحظة ، وكيف سأستطيع الوصول لك بهذه الساعة ومحاضراتي تنتهي بهذا الوقت تماما ام تظنني استطيع قطع المسافة بين شركتك وجامعتي بثواني معدودة"

اشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يقول بلا مبالاة
"كيف هي الطريقة لا اعلم ، كل ما اعلمه هو بأنه عليكِ الوصول بهذا الوقت تماما ، وتذكري بأنه بكل تأخير سيخصم من راتبك وسيكون نقطة سلبية بملف عملك"

زمت شفتيها بغضب ممزوج بالحنق الشديد وهي تشعر بأن طريقتها لمضايقته قد انقلبت ضدها ، لتهمس بعدها بلحظات بابتسامة غير معبرة سوى عن الغيظ
"وما هو العمل الموكل لي الآن يا سيدي المدير"

اعاد وجهه امامها وهو يعقد حاجبيه قائلا بتفكير
"اعتقد بأنني قد اخبرتكِ بتفاصيل عملكِ اليوم بالرسالة والتي بعثتها لكِ مع عنوان الشركة"

ردت عليه ببساطة وهي تحرك حاجبيها ببرود جليدي
"اعتذر ولكني لم اقرأ الرسالة كاملة ، لذا هلا اعدت عليّ مضمون الرسالة وما عليّ فعله الآن"

زم شفتيه بقوة وهو يحرك رأسه بتصلب ، ليزفر بعدها انفاسه بهدوء وهو يقول بجفاء بارد
"لا بأس سأريكِ الآن ما هو العمل والذي عليكِ فعله لأنكِ للأسف لم تستطيعي قراءة الرسالة بسبب عدائكِ مع الهاتف"

ابتسمت (ماسة) بهدوء مستفز بدون كلام ، بينما قابلها بابتسامة اكثر برودا وهو يلتفت جانبا ليجمع الملفات من فوق المكتب قبل ان يلقي بها فوق سطح الطاولة بعنف امام نظراتها المترقبة بعبوس ، ليستقيم بعدها بوقوفه امامها وهو يفرد ذراعيه قائلا ببساطة بالغة
"الحقيقة لقد تراكم العمل كثيرا عليّ منذ غياب سكرتيرتي الخاصة ، لذا اريد منكِ ان ترتبي هذه الملفات جميعها من الألف للياء وإياكِ وان ترتكبِ اي خطأ سيكلفكِ الكثير ، واما انا فسأذهب لأستريح قليلا من العمل واشرب كوب قهوة بمقهى الشركة ليعيد لي بعضا من نشاطي ، وبهذا الوقت اريدكِ ان تعملي بجد وبالتوفيق"

غادر بعدها من امام نظراتها المتسعة باستدارتها القاتمة وهو يكمل طريقه لخارج المكتب بدون ان يسمع رأيها قبل ان يلتفت نحوها برأسه لوهلة عند باب المكتب وهو يغمز لها بعينه اليمنى بإشارة مستفزة ، ليعض بعدها على طرف شفتيه بعبث متسلي ناظرا لعلامات الذهول الظاهرة على وجهها وهو يغلق باب المكتب من خلفه بهدوء ، لترتمي الواقفة بمكانها بتجمد على الأريكة من خلفها وهي تتنقل بنظراتها بكومة الملفات المتجمعة امامها وانفاسها تخرج بلهاث مذهول من شفتيها الحمراوين قبل ان تتحول بلحظة لأنفاس حادة تستطيع حرق من امامها بثواني معدودة .

_____________________________
كانت تدون بالقلم بيدها على الدفتر بكل ملف تنتهي منه وهي ترتبه مع الملفات الأخرى على الترتيب الأبجدي كما طلب منها ، لتسمع بعدها صوت دخول احدهم لغرفة المكتب بخطوات متمهلة تعلم جيدا صاحبها من رائحة القهوة والتي سبقت دخوله مع رائحة عطره الغريبة والقوية لتنفذ حواسها بقوة وإزعاج !

وقف بجانبها على بعد خطوات منها وهو يحمل كوب قهوته بيد ويدس يده الأخرى بجيب بنطاله بكسل ناظرا لرأسها المنحني امام الملفات بتركيز وخصلات كثيرة من شعرها كانت قد تحررت بفوضة من عقدتها لتنزل حول وجهها بدون ان تمنعها وهي تحرك القلم بين اصابعها بعصبية بالغة ظاهرة بحركات جسدها المنتفضة وهو يشعر ببعض الذبذبات والشرارات والتي بدأت تصل له منها كما حدث بأول لقاء بينهما ، ارجع بعدها رأسه للخلف وهو يحيد بنظراته لسترتها السوداء والملقاة على الأريكة بجانبها بعد ان خلعتها عنها لتستطيع التركيز بعملها كما يبدو له وهي تكاد تنقض على الملفات امامها لتمزقها فوق رأسه ربما !

اخفض نظراته فجأة للتي رفعت وجهها نحوه بلحظة بتصلب وهو ينظر لملامحها الرخامية بقوة تنضح بكل شيء فيها بدون ان يؤثر ضغط العمل عليها لترفع عندها حاجب واحد ببرود كحد السيف وهي تعض على طرف شفتيها الحمراوين بوعيد تخبئه له خلف واجهتها الهادئة ! رفع بعدها بلحظات كوب قهوته وهو يرتشف منه بصمت قبل ان يبعده وهو يرفعه امام وجهه قائلا بسذاجة
"هل تريدين بعضا من القهوة ، لقد نسيت ان احضر معي كوب آخر لكِ يا لقلة ذوقي ، ولكن يمكنني ان اقاسمكِ بكوبي فأنا لا امانع هذا"

تجمدت عينيها الزرقاء بتركيز قبل ان تنظر لكوب قهوته بيده وهي تتمتم بجمود خافت
"لا احب القهوة ، يمكنك الاحتفاظ بها لنفسك"

عبست ملامحه وهو يخفض نظره لكوب قهوته بتفكير دام للحظات ، ليعيد بعدها نظراته نحوها وهو يهمس بابتسامة متعجبة
"حقا غريب ، ظننت بأنكِ من نوع الفتيات والمحبات لكل شيء يتعلق بالرجال من نوع طعامهم المفضل وللفظاظة والتي يتحلون بها وحبهم للقهوة السوداء ، ولن انسى ايضا اهم شيء وهي الهيئة الفوضوية والبعيدة كل البعد عن الأنوثة والنعومة"

زمت شفتيها بحنق وهي ترفع حاجبيها بعدم تصديق من تحليله لشخصيتها وهو يسخر منها بوجهها ببساطة بدون اي مواربة او احساس بمشاعرها ، لتقول بعدها بغضب مكتوم وهي تشدد من إمساك القلم حتى كادت تكسره
"إلى ماذا تريد ان تصل بكلامك الساخر ، ومن الذي اخبرك بأنني طلبت منك ان تقيس انوثتي او ان تبدي رأيك بشخصيتي ، انشغل بقهوتك بعيدا عني"

اخفضت رأسها بقوة للدفتر امامها وهي تكتب عليه بالقلم بقوة حتى حفر على بياض صفحاته ، بينما حرك (شادي) رأسه بهدوء وهو يسير باتجاه الأريكة المقابلة لها ليجلس من فوقها بلحظات وهو ما يزال يرتشف من قهوته ، ليتمتم بعدها بخفوت وهو يراقب تشنجها والذي ازداد بحركات يديها من فوق حافة الكوب الخاص به
"ليس هناك داعي لكل هذه العصبية المفرطة ، لقد كان مجرد رأي واحببت ان اشارككِ به لا اكثر ، ولكن يبدو بأنكِ لستِ بمزاج جيد ليتقبل صراحتي وهذا ما يسمى بالتعنت على رأي الآخر"

ردت عليه بجمود مستهزئ وهي تحفر بمقدمة القلم على صفحة الورقة
"انسيت انا من نوع الفتيات المحبات لكل شيء يتعلق بالرجال من فظاظة والتعنت على رأي الآخر ، وهذا يعني بأنني انا رجل وانت انثى بغض النظر عن حبك للقهوة"

سعل فجأة بكوب القهوة لوهلة وهو يحاول تنظيم انفاسه بعد ان انسكبت بعض القطرات على مقدمة قميصه بسائل القهوة ، ليخفض بعدها الكوب فوق سطح الطاولة وهو يستمع لباقي كلامها بعبوس مستنكر
"ما بك لما انصدمت هكذا ، هل صُدمت من نعتي لك بالأنثى ام لأنني اكتشفت نوعك والذي يصنف من الرجال المحبين للأنوثة والنعومة....."

قاطعها من فوره وهو يرفع حاجبيه بدهشة حانقة
"كفى هذا ليس مضحكا ابدا ، وإياكِ وان تعيدي هذا الكلام امامي مرة أخرى والذي يتعلق بأنواع الرجال والإناث ، سمعتي"

امتعضت ملامحها وهي تكمل عملها بالملفات هامسة بجفاء
"انت الذي بدأت اولاً بالجدال بهذا الموضوع التافه يا سيد محب القهوة"

تنهد بكبت وهو يقف امام المكتب ليلتقط بعض المناديل من سطح المكتب قبل ان يمسح بها مقدمة قميصه بعنف ، لتعبس بعدها ملامحه وهو ينظر للبقع الملوثة بقميصه الجديد والباهض الثمن .

حاد بنظراته بغضب للتي اطلت عليه بوجهها بجانبه وهي تسند مرفقيها فوق سطح المكتب قائلة بأسف مزيف
"هذا امر سيئ للغاية ، لقد افسدت قميصك النظيف والذي كان يبدو غالي الثمن جدا ، كيف ستخرج الآن للعالم وامام الناس يا رئيس قسم التصميم"

عقد حاجبيه بحدة وهو ينتفض بعيدا عنها ليشير بذراعه للأريكة والتي كانت تجلس عليها قائلا بأمر حاد
"عودي لعملكِ فورا يا ماسة ، وألا بدأت ببرنامج خصم من راتبكِ على هذا الإهمال بالعمل"

ابتسمت ببرود وهي تستقيم بوقوفها امامه بدون ان تهتم لكلامه الأخير الفظ وهي تتمتم ببراءة مصطنعة
"استطيع مساعدتك ، فأنا املك بعض من المناديل المعطرة والتي تزيل كل انواع البقع ، ولكن بما انك غاضب مني الآن فلا بأس كما تريد وتأمر يا سيد شادي"

ولكن ما ان التفتت قليلا حتى امسك بسرعة بذراعها ليقول عندها بتحشرج متصلب
"لا بأس إذا اعرتني بعضا منها ، هل لديكِ منها حقا"

التفتت نحوه بلحظة وهي تومأ برأسها بالإيجاب قبل ان يفلت ذراعها لتتجه لحقيبتها وهي تُخرج منها بعض من المناديل المعطرة والتي ما ان مدتها باتجاهه حتى التقطها بسرعة ليمسح بها مقدمة قميصه برفق ، بينما ابتسمت بهدوء التي سارت بعيدا عنه باتجاه باب المكتب قبل ان تلتفت برأسها نحوه وهي تهمس ببرود جليدي مقلدة طريقته بالكلام
"سأذهب لأحضر لك كوب قهوة آخر بدل الذي انسكب عليك ، لأنني احمل نفسي الذنب لما حدث معك الآن ، ولكن لا تنسى بأن تضيف ثمنها على راتبي فأنا لستُ مضطرة لتحمل نفقات قهوتك"

ارتفع حاجبيه بدهشة واجمة وهو ينظر للباب والذي انغلق من خلفها ببساطة وهو يشعر بانقلاب الأدوار بينهما ليتحول من السيد والآمر لعامل مأمور عندها ينتظر القهوة والتي ستصله منها وهي تعيد نفس حركاته وكلامه والذي فعله معها قبل دقائق ! ليفكر عندها بأنها ليست بالفتاة السهلة والتي يستطيع المرء التسلية بها وهي تجعل دائما كل التسلية تنقلب ضد صاحبها لتضحك هي عليه بالنهاية بعد ان تجعل العالم يدور من حوله بدون ان يشعر بنفسه وهي تحصل على حقها منه بيديها الاثنتين بقوة وبدون اي رحمة .

اخفض نظراته لقميصه وقد بدأت البقع تختفي تدريجيا عنه بفعل المناديل المعطرة وهو يهمس من بين اسنانه بوجوم
"سحقا لكِ من بين انواع النساء"

نهاية الفصل ولا تنسوا تدعموني بتعليقاتكم وإعجاباتكم ❤❤


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس