عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-21, 09:59 PM   #83

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر.............
سار لداخل المنزل بهدوء وهو يكمل طريقه باتجاه السلالم قبل ان يوقفه الصوت الصارم من خلفه وهو يقول بقوة ملئ سكون البهو الواسع
"احمد تعال لمكتبي ، اريد التكلم معك قليلا"

تصلبت ملامحه بجمود وهو يلتفت برأسه بهدوء نحو والده ، ليرفع عندها حاجبيه بحيرة وهو ينظر للوجوم والذي كان يحيط ملامح والده العابسة بتجهم واضح وهو يضيق عينيه الرماديتين بتغضن متصلب يعلم خفاياه جيدا وما ينتظره منه ؟ وقبل ان ينطق بأي كلمة سبقه والده بالكلام وهو يستدير بعيدا عنه قائلا بصرامة اشد
"الآن يا احمد"

حرك رأسه باتجاه مسار مغادرة والده وهو يتابع اختفاءه عند نهاية البهو بدون ان يظهر اي تعبير على ملامحه ، ليتنهد بعدها بهدوء وهو يحك ذقنه بحنق مفكرا بما ينتظره الآن من كلام لن يسره ابدا وخاصة بأن والده قد اصبح نادرا ما يتكلم معه ومعظم احاديثهما دائما ما تتمحور حول العمل بعد كل ما حدث قبل شهر من عقد قرانه بابنة عمته لعصيان اوامره ؟ لتصبح علاقته بوالده منذ ذاك الوقت باردة يطغى عليها الرسمية دائما .

تحرك بعدها بلحظات باتجاه المسار والذي سلكه والده بخطوات متمهلة ، ليصل لمكتبه بثواني بنهاية الرواق قبل ان يفتح الباب بدون استئذان وهو ينظر للجالس خلف المكتب بشموخ قائلا بهدوء آمر بدون ان يبعد نظراته الجامدة عنه
"هيا ادخل ، هل تنتظر الدعوة لدخول مكتب والدك"

تغضن جبينه بتصلب وهو يقفل الباب من خلفه بهدوء قبل ان يتقدم باتجاه المقعد امامه عدة خطوات ليجلس من فوقه باتزان صامت ، وعندما طال الصمت اكثر وهو يشعر بوشك انهيار اعصابه من الذي ينتظره منه ليقول بالنهاية بانفعال خافت
"ماذا هناك يا أبي ، عن ماذا تريد التكلم معي"

عقد (محراب) حاجبيه ببطء شديد للحظات قبل ان يقول بابتسامة متصلبة بسخرية
"لما تتكلم معي بكل هذا الجفاء وكأني عدوك ولست والدك ، ألهذه الدرجة تكنُ لي كل هذه الكراهية بقلبك يا احمد بعد كل ما فعلته من اجلك والحرص منذ ان شبت عن الطوق لتصبح مدير شركات العائلة من بعدي"

رفع رأسه بسرعة لوالده وهو يقول باستنكار حاد
"هذا الكلام غير صحيح يا أبي ، فأنا لم افعل اي شيء ينكر محبتي واحترامي لك ، ولكنك انت من بدأت بلعبة الجفاء بيننا يا أبي"

تغضن جبينه بلحظة بغضب مكتوم وهو يشدد من القبض على كفيه معا بتصلب ، وقد كان على حق بكلامه فهو الذي بدأ بالجفاء بينهما اولاً بعد فعلته الأخيرة وهو الذي لم يستطع للآن تحمل فكرة بأن ابنه الكبير قد عصي اوامره لأول مرة بحياته وتزوج من ابنة عمته رغما عن الجميع وكل هذا من اجل ان يحميها من العالم من حولها وكأنهم اغراب عنها وليس اقاربها وعائلتها الباقية لها ! ومع ذلك ما يزال يثق بابنه ويعلم صدق نواياه جيدا نحو هذا الزواج وهدفه منه وهو متأكد بأنه سيفعل كل ما بوسعه ليحمي بنات عمته ويؤمن لهما كل ما يحتاجانه بهذه الحياة بينما هو لم يستطع فعل شيء لهما ليعوض ابنه عن وجوده بحياتهما ، وما يريحه اكثر من هذا ويطمئنه بأن هذا الأمر لم يؤثر ولو قليلا على زواجه الأول او على علاقته بعائلتها وما يزال مستمر بتلك الشراكة كما هو وكأن شيء لم يكن ، بالرغم من المشاكل والثرثرة المزعجة والتي اصبحت تحوم بمكان العمل وبكل مكان يتواجد به ما ان انتشر خبر زواجه الثاني ، ولكنه بخلال هذا الشهر استطاع اخماد هذه الثرثرة نهائيا وللأبد .

قال بعدها بلحظات صمت مشحونة بالجمود المترقب وهو يزيد من الضغط على قبضتيه معا
"وهذا كله أليس بسببك انت ، لو انك لم تفعل كل هذا لما وصلنا لهذا الانحدار بعلاقتنا واضطررنا للتعرض لكل هذه المشاكل"

زفر انفاسه بتصلب وهو يهمس بوجوم حانق
"ولكني اخبرتك من قبل بالسبب يا أبي ، وصدقني لم يكن اي شيء يستطيع ان يمنعني بفعل ما كنت افكر به"

ردّ عليه من فوره بهدوء صارم
"وماذا عن زوجتك الأولى والموجودة بغرفتك"

اخفض وجهه بعيدا عن والده وهو يتمتم باقتضاب
"ما بها لا شيء ، أنها بأحسن حال ولم تعد تخرج من المنزل او تطلب الطلاق مني ، أليس هذا ما كنت تريده"

عقد حاجبيه بحدة وهو يضرب على سطح مكتبه بكفه بقوة ليقول عندها بتجهم
"كفى سخافة يا احمد ، انا قصدت بكلامي عن علاقتكما المتدهورة ، وقد اصبحتُ نادرا ما اراكما معا على مائدة الطعام وكلما تجتمعان سويا تبدأ اصواتكما بالارتفاع امام الخدم وكل ساكني المنزل"

تنهد بهدوء وهو يهمس بخفوت ساخر
"هل شكت لك كل ما يحدث بيننا ، وهذا المتوقع منها تلك الثرثارة والتي لا تعرف اي شيء عن الذوق والأدب...."

قاطعه والده بقوة اشد وهو ما يزال يضرب على سطح المكتب بصلابة
"اخرس يا احمد ولا تجعلني اغضب عليك الآن ، فهي تبقى زوجتك الأولى والأصلية ولا اريد ان اسمعك تتكلم عنها هكذا مجددا امامي ، وبدلا من هذا الكلام فكر بطريقة تحل به الخصام بينكما والذي طال كثيرا"

اشاح بوجهه بعيدا عنه وهو يهمس ببرود متجمد
"قُل هذا الكلام لها فلست انا من يبدأ بالشجار معها والصراخ والتذمر يوميا"

رفع قبضته بتغضن ليحك بها على جبينه بتعب قبل ان يخفض قبضته وهو يسند ذراعيه فوق سطح المكتب بثبات ، ليقول بعدها ببرهة بصوت جهوري حازم
"حسنا سنتكلم عن هذا الموضوع فيما بعد ، فليس هذا ما اتيت بك لنتكلم عنه"

ادار وجهه باتجاه والده ببطء وهو يعقد حاجبيه بغموض وترقب ، ليتابع بعدها والده كلامه وهو يرتدي قناع البرود الجاد
"اريد منك ان تحضر بنات عمتك ليعودوا للسكن معنا بالمنزل ، فليس من اللائق ان تبقى زوجتك وشقيقتها خارج المنزل ومشردات بالشقق ، لذا اعدهما لمكانهما الصحيح بالمنزل ، وانا اعتمدك عليك بهذا"

اتسعت احداقه الرمادية برهبة وهو يستمع لوالده بانتباه حذر مع ابتسامة صغيرة بدأت بالحفر على شفتيه بتصلب متشنج حتى شملت وجهه بأكمله باتزان ، ليفيق بعدها بلحظة من صدمته وهو يقول بهدوء متوجس
"هل هذا يعني بأنهما مرحب بهما بالمنزل بأي وقت ، ولن تمانع سكنهما معنا مجددا بالمنزل ، ولم تعد غاضب منهما على فعلتهما الأخيرة بالهروب من المنزل بدون علم احد"

اومأ والده برأسه باتزان متصلب وهو يضيق عينيه بغموض بارد ناظرا لفرحة ابنه بتناقض عن حالته السابقة ، ليقول بعدها بهدوء جاد وهو يدير عينيه بعيدا عنه
"صحيح بأنني سأستقبلهما مرة أخرى بالمنزل ، ولكن إياك وان اكتشف بحدوث اي مشاكل بينهما وبين سلوى ، فلا ينقصني المزيد من وجع الرأس لأني اكتفيت منه حقا"

اندفع واقفا عن مقعده بثبات وهو يقول بابتسامة هادئة بثقة
"اعدك يا أبي ، كل شيء سيكون تحت السيطرة ، فقط انت ارح نفسك واترك كل شيء عليّ وانا اعدك من هذه اللحظة بأني لن اخذلك هذه المرة"

اومأ والده برأسه بجمود بدون كلام وهو ينظر له بنفس قوته الصارمة ، ليتحرك بعدها الذي استدار بعيدا عنه باتجاه باب المكتب ، ليتوقف عندها بمكانه للحظات وهو يعطيه ظهره قبل ان يهمس بامتنان
"شكرا لك على تفهمك يا أبي"

كان والده ينظر له بتصلب بدون اي تعبير وهو يخرج من غرفة المكتب امامه بصمت ، ليزفر بعدها انفاسه بتحشرج التعب وهو يرفع نظراته والتي يحيط بها التجاعيد بشرود مفكرا بما فعله وقرره الآن من امور قد تسبب بحروب طاحنة ستشعل المنزل بأكمله بنيران الحقد والكراهية والتي لن تخمد ابدا بهذا المنزل .

______________________________
طرقت على باب الغرفة قبل ان تدخل لها بهدوء ليطل عليها سرير شقيقتها والجالسة من فوقه وهي تنظر لها تمسك بدفتر شبيه بمفكرة صغيرة لتكتب عليه بهدوء بدون ان تهتم لوجودها ، تقدمت بعيدا عن باب الغرفة لتقف بجانب سريرها وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها بقوة قائلة بخفوت صارم
"اريد ان اعرف الآن اين ذهبتِ بعد الجامعة"

ردت عليها ببرود بدون ان ترفع نظراتها لها وهي تعلم جيدا كيف ستكون هيئتها الآن
"لقد ارسلت لكِ رسالة اخبركِ بها قبل مغادرتي من الجامعة بأنني سأذهب لوجهة معينة سأقضي بها حاجة تخصني وحدي ، ألم يكفي هذا الكلام لتريحي نفسكِ من التفكير بالسبب والذي جعلني اتأخر بالعودة"

زمت الواقفة بجانبها شفتيها بعبوس متجهم وهي تهمس بامتعاض خافت
"لا هذا لا يكفيني ، لقد ناقشنا بهذا الموضوع مسبقا ، واتفقنا بأنكِ ستخبرينني عن وجهتكِ ومكانكِ وبالوقت الذي تتأخرين به عن المنزل"

اغلقت المفكرة بحجرها بجمود وهي تتمتم ببرود ساخر
"ألا ترين بأنكِ تبالغين كثيرا بدور الأم معي ، فهذا لا يناسبني ابدا ولا يروقني ، لذا ابحثي عن شخص آخر تبثين به امومتك ، وربما يكون احمد مناسبا....."

قاطعتها بانفعال حانق وهي تشير لها بأصبعها بتحذير
"إياكِ وان تدخلي احمد مرة أخرى بأي موضوع تتكلمين عنه ، وتوقفي عن قول التفاهات دائما والسخرية بحضور احمد ، وألا لن ارحمكِ مرة أخرى إذا حاولتِ التقليل من شأن احمد مجددا امامي"

اومأت برأسها ببرود وهي تقول بخفوت مغيظ
"حاضر امرك ، هل من اوامر أخرى"

عضت على طرف شفتيها بغضب مكتوم وقد انستها السبب والذي جعلها تأتي لغرفتها بهذا الوقت من الليل وهي تشدد من القبض بكفيها على ذراعيها المتكتفين فوق صدرها بجمود ، لترخي بعدها قبضتيها وهي تهمس من بين اسنانها باقتضاب
"كفى يا ماسة وتكلمي معي بجدية ، اين ذهبتِ بعد الجامعة ، وتوقفي عن مراوغتك المعتادة معي لأني افهمها جيدا واحفظها ، لذا اصدقي بالقول واجيبِ على سؤالي الآن"

اشاحت بوجهها بعيدا عنها وهي تتأفف هامسة بوجوم
"هل انا مجبرة على الإجابة"

بقيت (روميساء) على وقوفها بتصلب وكأنها عامود إنارة مبنى فوق رأسها بدون ان يتركها وشأنها ، وهذه هي شقيقتها لن ترحل قبل ان تحصل على الاجابة الشافية لقلبها وحتى لو كلفها هذا الأمر ان تستمر طول اليوم فوق رأسها بدون ان تشعر بأي ملل او يأس فهاذين غير متواجدين بقاموسها .

قالت بعدها بلحظات بخفوت باهت بدون ان تنظر لها
"لقد بدأت بالعمل بشركة للتصميم ، وانا اعمل بمكان سكرتيرة رئيس القسم بالشركة ، وقد كان هذا اليوم هو يومي الأول بالعمل"

اخفضت ذراعيها على جانبيها وهي تتنهد بإنهاك لترفع عندها قبضتها وهي تحك بها على جبينها بصداع اجتاحها فجأة ، لتقول بعدها وهي تعيد نظراتها لشقيقتها ببطء جاد
"ولما العمل الآن يا ماسة ، ألم نقل من قبل بأنه ليس هناك عمل قبل ان تتخرجي من الجامعة ، وغير هذا انا اعمل بالفعل ونستطيع تدبير امورنا ومصاريف معيشتنا بعملي وحده ، لما تحبين ان تجلبي لنفسك التعب"

ردت عليها (ماسة) بلا مبالاة وهي تسند ذقنها لقبضتها بشرود
"هذا قراري الجديد يا روميساء ، وليس هناك احد له علاقة به ، فأنا افعل ما اشاء بحياتي وليس لدى احد الحق بالتدخل بها"

زفرت انفاسها بكبت وهي تضيق عينيها الخضراء الشاحبة بحزن بدون ان تفهم طبيعة تفكيرها حقا وكأنها ليست شقيقتها الصغرى والتي تربت معها منذ الصغر حتى اصبحت تعرف عنها كل شيء اكثر من نفسها ؟ فهل العيب بها لأنها لم تستطع التقرب منها بما فيه الكفاية كاسرة الحاجز الوهمي والذي تبنيه بينهما بدون ان تعلم سببه ؟

تنهدت بهدوء وهي تتقدم عدة خطوات لتجلس فوق طرف السرير بسكون قبل ان تلتفت بوجهها نحوها وهي تمسك بكتفها بقوة قائلة بخفوت حزين
"اخبريني يا ماسة بما يضايقكِ حقا ، ولما غيرتي رأيكِ هكذا بعد ان كنا قد اتفقنا بأنكِ لن تعملي بأي وظيفة ما دمت اعمل بوظيفة المعلمة والتي توفر لنا راتبا شهريا وفيرا سيغطي علينا كل مستلزماتنا واحتياجاتنا اليومية ، وعندها لن نحتاج لعمل اي احد او مساعدة احد من اجل رأس مال آخر"

مرت لحظات جامدة بسكون الأجواء من حولهما قبل ان يلتفت الوجه الجامد مثل صاحبته ببطء وهي تهمس بتصلب مشتد
"هذا الكلام كان سابقا يا روميساء ، ولكن الآن انتِ لم تعودي حرة او جزء من عائلتي لتضطري لتهتمي بمسؤولية مصاريفي ومعيشتي ، بل انتِ امرأة متزوجة ولديها مسؤوليات أخرى اهم مني وهذا المال والذي تريدين تبذيره عليّ فهو يكون احق لأولادكِ ولزوجكِ ، واما انا فقد حان الوقت لأجد ضالتي وحياتي المستقلة بعيدا عن حياتكما الزوجية والتي اصبحت مجرد عائق بها"

ارتفع حاجبيها بصدمة للحظات وهي تخفض يدها عن كتفها قبل ان تعبس وهي تعود لتمسك بكتفيها لتديرها نحوها قائلة بذهول مستنكر
"ما هذه السخافات والتي تتكلمين بها يا ماسة ، أتظنين بأنني حقا سأتخلى عنكِ بهذه البساطة فقط لأنني تزوجت من ابن خالنا ونعيش بشقته ، انتِ ستبقين دائما مسؤوليتي فوق عاتقي حتى الممات ، وزواجي لن يغير شيء من مخططاتنا والتي كنا نبنيها معا منذ سنوات ، لذا توقفي عن قول مثل هذه الترهات مرة أخرى"

اندفعت (ماسة) بوجهها نحوها وهي تهمس بانفعال حاد
"حسنا ، وماذا سيحدث عندما تمتلئ هذه الشقة بالأطفال بعد شهر او شهرين ، او عندما يشعر احمد بالضيق مني ومن وجودي وانا ما أزال ثقل على كليكما ، انا حتى اشعر بنظراته مسلطة نحوي باستنكار بوجودي بينكما بدون ان ينطق بشيء ، اعلم بأن هذه شقته وانتِ امرأته وهذا يعني بأنني انا الغير مرغوب بها هنا"

انفرجت شفتيها بانشداه لوهلة وهي تحرك رأسها بالنفي قبل ان تهمس بحدة مستنكرة
"غير صحيح ، كل هذا لم يحدث ، لما تستبقين الأحداث دائما وتنسجين بمخيلتك ما سيحدث بالمستقبل ، صدقيني كل شيء سيكون تحت السيطرة وانتِ ستبقين معي اعجبه هذا ام لا ، واحمد لا يفكر بهذه الطريقة"

ابعدت يديها عن كتفيها لتتراجع بجلوسها على ظهر السرير قائلة بخفوت بارد
"ولكنه سيحدث بالنهاية يوما ما ليس ببعيد ، وانا لا اريد ان اسبب لكِ اي مشاكل بحياتكِ الزوجية وهي ما تزال ببداية طريقها ، لذا ارجوكِ اتركيني افعل ما اريد وما اراه مناسبا لحياتي"

ردت عليها بعبوس صارم
"ولكن يا ماسة انتِ....."

قاطعتها وهي تزفر انفاسها بنفاذ صبر
"لا تقلقي عليّ يا روميساء ، فأنا لن اغادر من الشقة وسأبقى معكما لأنه ليس لدي سكن آخر اذهب إليه ، انا فقط سأعمل بوظيفة تؤمن لي مستقبلي إذا حدث امر سيء وشيك فيما بعد ، وايضا انا سأعمل مع ابن خالنا شادي يعني ليس هناك داعي للقلق عليّ من طبيعة الوظيفة ومكانها"

عقدت حاجبيها بتركيز وهي تتمتم بوجوم
"شادي"

ردت عليها التي لوحت بذراعها جانبا قائلة ببساطة بالغة
"اجل الابن الثاني بعائلة خالنا ، وهو الذي عرض عليّ العمل معه لأكون سكرتيرته ، وانا قد وافقت فقد وجدت بأن هذه الوظيفة تروقني كثيرا"

زمت شفتيها بتفكير وهي تتذكر ذلك الشاب المتناقض تماما عن شقيقه الكبير ولكنها لا تنكر بأنه قد ساعدها كثيرا بحادثة اختطافي شقيقتها ولكنها مع ذلك لم ترتح لتصرفاته ولحركاته الساخرة وعبثه بموقف يحتاج لكل الجدية وبالرغم من ذلك فقد انقذهم جميعا مما كان سيحول لهم بسبب ذلك المجنون (مازن) ، وما تزال تذكر قوته والتي اظهرها امام ذلك المجنون حتى كاد يقتله بين يديه وهو يعرض حياته للخطر فقط من اجل شقيقتها !

تنهدت بهدوء وهي تنهض عن طرف السرير لتقول بعدها بلحظات بابتسامة هادئة بشحوب
"حسنا يا ماسة ، ولكن عليكِ ان تعلمي امرا مهما وهو بأن الهدف من زواجي كان من اجل ان نؤمن سكن وحياة مستقرة لنا بدون ان نتعرض للمزيد من الذل والهوان ، فهو مجرد زواج مصلحة وليس كما تظنين وقد ينتهي كل هذا يوما ما"

سارت بعيدا عنها بهدوء لتتوقف بمكانها للحظات بتجمد ما ان سمعت صوت شقيقتها من خلفها وهي تهمس بجمود خافت جمد الأجواء من حولهما
"هذا سيحدث إذا لم تنفذي شرط الزواج يا روميساء ، فأنتِ قد تأخرتِ كثيرا وهذا لن يكون بصالحك ابدا ، فكل شيء بالحياة له ثمن ونحن علينا بدفعه قبل ان يدفعنا بعيدا عنه"

مرت لحظات ساكنة عليهما ألا من صوت انفاسهما والتي ملئت الغرفة بغمامة باردة بقسوة ، لتلتفت بعدها (روميساء) برأسها نحو شقيقتها وهي تبتسم لها بهدوء معتادة على مقابلته امام العالم بكل المواقف مخفية الألم المحفور بداخلها خلف واجهتها المبتسمة باتزان .

عادت للسير بعيدا عنها لخارج الغرفة بصمت ساد بكل إنحاء الشقة فقط انفاس الجالسة على السرير هي من كانت تخترق غمامة الصمت من حولهم بابتسامة باردة حفرت على زاوية شفتيها بحزن على حياة قاسية سرقت منهما كل مباهج الحياة والتي كان عليهم فقط دفع ثمنها .

_______________________________
كانت تنزل السلالم على عجلة وهي تحتضن مذاكراتها بذراعيها على صوت والدتها وهي تصرخ من خلفها بصرامة حادة
"على مهلكِ يا بلهاء فلن يهرب الاستاذ منكِ"

وصلت لنهاية السلم لتقفز آخر درجة بحماس وهي تلوح لوالدتها بيدها قائلة بلا مبالاة
"لا بأس انا بخير"

حركت والدتها رأسها بيأس قبل ان تغادر بعيدا عن السلالم وهي تتمتم بكلمات غاضبة لم تستطع تبينها بسبب بعد المسافة بينهما ! لتكمل بعدها خطواتها باتجاه الممر المؤدي لغرفة الجلوس والتي يتواجد بها استاذها الجديد والمختص بمواد قسمها بعد ان اخبرها والدها بأنه قد اجرى تغيير بتقسيم اساتذتها ليحل مكانهم استاذ واحد فقط هو من سيهتم بكل مواد قسمها وهو لديه خبرة واسعة بكل شيء يتعلق بمجال التخصص والذي تدرسه وهو قسم الأدب والنثر بدلا من توظيف عدد كبير من اساتذة الجامعة ليهتموا بإكمال تعليمها بالمنزل .

امسكت بمقبض الباب وهي تتنفس بقوة معطية نفسها الدفعة للاستمرار للأمام فهذه هي الحياة ستستمر للنهاية معك او بدونك ، لتفتح بعدها باب الغرفة بلحظة باندفاع وهي تخفض رأسها للأسفل بارتجاف احتل كل إنحاء جسدها ومعها يدها الممسكة بمقبض الباب وهي تهمس بخفوت متأسف
"اعتذر على التأخر بالحضور يا استاذ ، فقط لم اكن اتوقع زيارتك المبكرة للمنزل قبل موعد المحاضرة ، فهي من المفروض ان تبدأ على الساعة التاسعة وانت اتيت على الساعة الثامنة صباحا"

اتسعت عينيها بوجل ما ان سمعت الصوت المألوف وهو يقول بثبات مبتسم
"أتقصدين بكلامكِ بأنه غير مرحب بي بالمنزل الآن لأنني قد اتيت قبل موعد محاضرتك بساعة ، اعتذر حقا على عدم دقة مواعيدي"

رفعت رأسها بسرعة نحوه وهي تخفض كفها بعيدا عن مقبض الباب بارتعاش لتصطدم بنظراته الواثقة والموجهة نحو وجهها تحديدا ، لتهمس بعدها بانشداه متوجس
"استاذ هشام ، انت من سيكون الاستاذ الخاص بمحاضراتي حقا"

تقدم (هشام) باتجاهها عدة خطوات قبل ان يقف امامها مباشرة وهو يقول بابتسامة واثقة ناظرا لحدقتيها المتسعتين باخضرار
"اجل أليس هذا واضحاً امامكِ ، ام لم يعجبكِ معرفة بأنكِ ستعودين طالبتي كما كنتِ بوقت دوامكِ بالجامعة ولكن الفرق بأنكِ ستكونين طالبتي الوحيدة هنا"

افاقت من صدمة رؤيته له وهي تنفض كل الأفكار المشوشة عن رأسها وصورته امامها بهدوء والتي اجتاحتها على حين غرة منها ، قالت بعدها بلحظات بابتسامة متسعة بابتهاج عادت للظهور بوجهها
"لا ابدا ليس هذا ما كنتُ اقصده بكلامي ، وانت دائما مرحب بك بأي وقت تريده يكفي بأنك اتعبت نفسك واتيت لتهتم بتدريس محاضراتي بالمنزل ، ولكنك فاجأتني حقا بعض الشيء بحضورك وبموعد مبكر جدا"

كان يدس كفيه بجيبي معطفه وهو يميل بجسده امامها قائلا بجدية هادئة
"الحقيقة لقد قررت المجيئ بوقت مبكر قبل موعد المحاضرة من اجل ان نؤخذ وقتنا بالتكلم عن التعليمات والقوانين والوسائل والتي سنستخدمها معكِ بإكمال تعليمكِ بالمنزل على أكمل وجه ، ولم اكن اعلم بأن سيادتكِ ليس لديها وقت من اجل استاذها والذي يفكر بمصلحتها اولاً واخيراً ، وأراهن بأنني قد قاطعتُ عليكِ نومكِ بهذه الزيارة"

انفرجت شفتيها بارتعاش محرج وهي تحرك رأسها تلقائيا بالنفي قبل ان تهمس بوجوم مرتبك
"لا يا استاذ انا حقا لم اكن اعلم بزيارتك المبكرة للمنزل ، وألا كنتُ قد استيقظتُ بوقت ابكر من هذا واستعددتُ اكثر لقدومك....."

قاطعها (هشام) وهو يحرك رأسه للخلف بهدوء قائلا باتزان مبتسم
"لا عليكِ يا غزل ، ومرة أخرى سأعلمكِ بموعد زيارتي قبلها بيوم"

تنهدت براحة وهي تدس خصلات شعرها القصيرة لخلف اذنيها بتورد ما يزال يحتل وجهها ، ليعود بعدها للكلام وهو يعود لجديته الواثقة والتي يستخدمها بكل لقاءاته بداخل قاعات المحاضرة
"إذاً ألا استحق استقبال لطيف بعد كل هذا الهدر من الأسئلة واللوم والذي امطرتني به بمحاضرتكِ الأولى بالمنزل"

زمت شفتيها بامتقاع مما سببته لنفسها بأول محاضرة مع استاذها والذي تصادف بأنه نفسه من يعرضها دائما للإحراج الشديد ومن انقذها من ذلك الموقف المخزي ، لترفع بعدها كفها بسرعة نحوه وهي تقول بابتسامة صغيرة بمودة
"صباح النور يا استاذ هشام ، نورت منزلي بزيارتك بمحاضرتك الأولى"

نظر لكفها الممدودة للحظات قبل ان يصافحها بقوة وهو يشدد على كفها الصغيرة بابتسامة جانبية بهدوء ، ليشعر بعدها بانسحاب كفها ببطء غير ملحوظ ليضطر عندها لترك يدها على مضض وهو ينظر لاحمرارها المتورد بإحراج .

رفع نظراته بعيدا عن وجهها ما ان قالت بتفكير حائر
"ولكن يا استاذ هشام ، كيف ستعمل على إكمال تعليمي بالمنزل وبنفس الوقت لديك محاضرات بالجامعة عليك تقديمها ، هل ستستطيع موازنة كل هذا معا بدون ان يؤثر على سير حياتك"

اعاد نظراته لها وهو يقول بهدوء متزن
"لا داعي لتفكري بهذا الشأن ، فقد استطعت تعديل برنامج محاضراتي بالجامعة بشكل يساعدني على موازنة وقتي هنا وهناك ، وانا معتاد على مثل هذا الأمر فقد كنتُ اقدم فيما مضى دروس خصوصية لطلاب الثانوية وبنفس الوقت اعمل بالجامعة"

اومأت برأسها وهي تعقد حاجبيها بتفكير متوجس من السبب والذي يدفعه ليُقدم على قبول مثل هذه المهمة المتعبة بإكمال تعليمها بالمنزل واستلام كل مساقات مجال دراستها ؟ فهل يكون السبب محبة بتقديم المساعدة لطالبة من طالباته تعاني بمرض بالقلب ام انه ما دفعه سبب آخر لا تعلم عنه ؟

انتفضت بمكانها ما ان قال بجدية عملية وهو يسير باتجاه الأريكة ليجلس من فوقها بهدوء
"هيا ماذا تنتظرين ، لا نريد ان نضيع المزيد من وقت المحاضرة ، فهل انتِ مستعدة لنبدأ معكِ بأول محاضرة لكِ بالمنزل"

كانت تراقبه وهو يخرج بعض الكتب من حقيبته السوداء والتي رأتها من قبل بحوزته بزيارته السابقة لها ، لتشدد عندها من تطويق مذاكراتها بذراعيها بتشبث وهي تدعوّ بقلبها بأن يحدث معه اي شيء أياً كان يدفعه ليترك هذه الوظيفة والتي ستجعلها ملازمة له يوميا متحملة كل المواقف المخزية والتي مرت عليها بآخر ايامها بالجامعة والتي كان هو شاهدا عليها .

يتبع...............


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس