الموضوع: كذبة أيار
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-21, 06:41 PM   #4

وجد الــ
 
الصورة الرمزية وجد الــ

? العضوٌ??? » 490179
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 130
?  نُقآطِيْ » وجد الــ is on a distinguished road
افتراضي



أشارت بعينها إلى الكاميرا ففهمت مقصدها على الفور.
اقترب بعض الشباب منا، وأمسكوا بالرجل وأدخلوه إلى السيارة.. صدقوها على الفور.
لأنه من قد يركض وراء رجل ما في مثل هذا الجو الحار ولمسافة طويلة سوى إمرأة خائفة على حياة شقيقها المجنون؟
شكرناهم أنا وأيار حتى ابتعدوا.
حينها فقط.. تنهدت أيار براحة ثم استقلت مقعد الراكب بجانبي، وركبتُ أنا بدوري مكان السائق.
التفتت أنظر إليها بشوق، وبرغبة بالإطمئنان عليها.
إلا انني آثرت الصمت حين رأيتها تغمض عيناها بتعب، ثم تستغرق في النوم على الفور!

_________


بعد مضي بعض الوقت.
كانت سيارة ( أيان ) تقف أسفل إحدى البنايات المهجورة، انتبهت من نومي فور إيقافها للسيارة.
لتنظر إليّ ثم تشير إلى الخلف برأسها.
زفرت أنفاسي بملل وقلة صبر ( هذا اللي كان ناقصني والله ).
سألتني أيان بفضول وهي تعدّل حجابها بعد أن ارتدت الكمامة وغطت نصف وجهها بها، والنصف الآخر بنظارتها الشمسية الكبير ( ما قلتِ لي وش مسوي؟ ).
نظرت إليه باشمئزاز من منظره المقرف بسبب لباسه المتسخ اثر سقوطه ( ايش تعتقدين؟ صورني وانا واقفة قدام المركز أنتظر أحد يجيني، عاد مصيبة لو صورني وأنا خارجة ).
صمتت للحظة وأنا أرفع حاجباي باستغراب ( ايش دراه اني كنت هناك واني بخرج اليوم؟ ماحد يدري بالسالفة غيركم انتوا ).
نظرت إليّ بغضب من خلف تلك النظارات الداكنة ( لا قولي اني احنا اللي علمناه ونشرنا الخبر للعالم! ).
هززت كتفاي دون أن أنظر إليها وأنا أمطّ شفتاي ( يجوز! ولا وش دراه؟ )

صرخت فجأة بغضب ( أيار يا زفت! ).
سكتت لثواني حين تحرك الشاب بالخلف لتشير إليه بغيظ ( اسأليه ).
كتفت ذراعاي حول صدري وأنا ألتف إليه بكامل جسدي حين رأيته يعود إليه وعيه شيئا فشيئا وبدأ يفتح عينيه ببطء.
قفز في مكانه جالسا حين تحدثت بصوت منخفض مخيف ( قوم يلا علمني مين أرسلك! ).
قهقهت أيان بصوت عالي ( ما شاء الله على اللي تحسب نفسها انجلينا جولي لدرجة أحد يرسل شخص يصورها بالدّس ).
ضيقت عيناي أنظر إليها بغيظ، ولم يترك لي الشاب فرصة الرد عليها حين سأل بريبة وهو ينظر إليّ تارة، وإلى أيان تارة ( مين انتوا؟ وين جبتوني؟ إيش سويتوا فيني؟ ).
تلفتت حولي أبحث عن أي شيء بداخل السيارة، قبل أن افتح الدرج الأمامي.. حتى وجدت سلك شاحن، رفعته ولوحت به للشاب الذي اتسعت عيناه بتعجب ( لو ما كنت تدري مين احنا ما جيت تصورني، علمني مين انت ووش دراك اني بكون هناك؟ عشان لا نسوي فيك شيء ).
ظلّ ينظر إلينا بريبة لبعض الوقت حتى تشجع وسأل ( قولي لي قبل مين هذي؟ وكيف صرتِ قدامي فجأة بعد ما كنت وراي؟ ).
أجبته بحدة ( ما لك شغل فيها، أما عن كيف صرت قدامك.. ما أقدر أعلمك هالسر، تكلم يلا جاوب على أسئلتي ).
أغمض عيناه بورطة وهو يرفع يده ويشد شعره، قبل أن يقول وهو يخرج بطاقة من جيبه ( أنا مالي شغل كنت قاعد أنفذ أوامر المدير بس، هو اللي علمني بالموعد وأعطاني العنوان ).
أخذتُ البطاقة أقلبها في يدي قبل أن ترتفع ضحكتي الساخرة، والتي جعلت أيان تسحبها مني ( ههههههههههههههههه آه من جدهم! هذي الصحيفة الحقيرة على مواقع التواصل تتجرأ ترسل موظفين تصور لهم؟ ما أصدق ).
وضعت أيان البطاقة جانبا قائلة ( خلاص ما دام الموضوع كذا خليه يحذف الصور ويمشي، بمووت من الحر ).
نظرت إليها وأنا اصغّر عيناي ( بس؟ الموضوع كذا بسيط؟ تتوقعين بخليه يطلع من هنا قطعة وحدة؟ إذا خايفة اطلعي من السيارة واتركيني لوحدي معاه ).
تأففت أيان وهي تضرب جبينها بينما الشاب في الخلف شهق بذعر واقترب من الباب محاولا فتحه للهروب.
تحدثت أيان وهي تتذمر ( أيار تكفين مانا ناقصين مشاكل، اتركيه وخلينا نرجع البيت، ولا ودك ترجعين للـ.... ).
صمتت تتأفف مجددا وهي تنظر للخلف.
لأتكتف وأقول بنبرة جادة ( بتركك تطلع من هنا وانت طيب وما فيك شيء بشرط واحد ).
عاد يجلس في المنتصف، يدخل رأسه بين مقعدينا بلهفة ( وشوو؟ بسوي أي شيء بس تكفين لا تأذيني، أنا عبد مأمور في الأخير ما بيدي شيء أسويه غير اني اطيع أوامر رئيسي ).
أخذت هاتف أيان ودفعت به رأسه بقوة حتى عاد إلى الخلف ( ويوم انك خايف مني لهالدرجة وشوو له تشتغل لمثل هالصحيفة؟ ).
ردّ بضعف ( لقمة العيش صعبة ).
كتمت ضحكتي من تعابير وجهه وقد أشفقت عليه، بدا لي أنه في بداية العشرينات أو ربما في منتصفها، ولكنه يصغرني كثيرا على ما أظن ( عطني رقم مديرك أو مشرفك أو أيا كان هذا اللي أرسلك، وهات الكاميرا ).
اتسعت عيناه بصدمة كأنه لم يكن متوقعا هذا الطلب على الإطلاق ( بس.. أنا خايف انه...... ).
مطيت شفتي وأنا انظر إليه عبر المرآة الأمامية وأقاطعه ( تفقد وظيفتك؟ ما عليك بدبر لك وظيفة أحسن منها، ولا حاب انت بعد ارفع عليك قضية تجسس وتصوير بدون اذن؟ لا تنسى اني محامية.. مو أي محامية، اقدر أوديك ورى الشمس وانت عارف إيش أقصد، هيا لا تضيع وقتي أكثر ).
ظهر التردد عليه مليا، وهو يرفع عيناه إلى المرآة تارة.. وإلى الهاتف بيده تارة.. بينما أيان تتذمر وتشتمني بداخلها دون صوت وتتأفف كل ثانية وأختها، حتى تحدث أخيرا وهو يملي عليّ رقما ما، سجلته بهاتفي فورا باسم ( رئيس السخيفة ).
مددت يدي إليه دون أن التفت، فوضع الكاميرا بها.. فتحتها فإذ بي أجد أكثر من صورة لي.
ظننت ان التصوير سيكون كارثيا في تلك الأجواء وتحت الشمس، في حالتي هذه، مع وجهي المتعرق، إلا انني اصبت بالدهشة والذهول.
كانت الصور رائعة للغاية، خاصة الأخيرة.. تلك التي ابتسمت لها وأشرت بيدي.
( حسافة الصور تجنن ).
حذفتها دون تردد وأعدت الكاميرا إليه، قبل ان تضغط أيان زر فتح الباب ( توكل الحين، إياك تصور الناس بدون علمهم، هذي المرة عديتها لك، لكن....... ).
قاطعتني أيان بضحكتها العالية الصادرة من أعماق قلبها، حين فتح الشاب الباب وفرّ هاربا قبل أن أكمل حديثي.
نظرت حيث كان يركض بغيظ وأنا أتوعده بداخلي، قبل ان التفت إلى أيان وأضربها على يدها بقوة، فتأوهت وهي غير قادرة على إيقاف ضحكها.


_______

الخامسة عصرا..

تقف سيارة أيان مجددا أمام إحدى المباني القديمة نوعا، المبنى الذي به شقة عائلتهما.
تترجل أيان أولا، تتبعها أيار.
كلتاهما منهكتان تماما، لا تقويان على الحركة أو السير.
لذا رفعتا رأسيهما بأسى، تنظران إلى أعلى المبنى.. حيث شقة العائلة!
ثم تتنهدان معا بتعب وتهزان رأسيهما سويا.
تقدمتا ناحية المدخل الرئيسي، قبل ان يوقفهما صوت أحدهم وهو يصرخ من بعيد باسم أيار ( أيار، وأخيرا رجعتِ من السفر؟ ).
أدارت عينيها بملل قبل أن ترسم على شفاهها ابتسامة مزيفة وهي تلتفت وتنظر إلى عمها حين اقترب ( إيه رجعت الحمد لله على سلامتي ).
اقترب منها وضمها بقوة، يكاد يعصرها بينما يشد عليها، لتبتعد بقوة وهي مشمئزة بعد أن أخبرها أنه مشتاق إليها بشدة، لتتذمر قائلة ( عمي! من جدك؟ أنا جاية ميتة تعب تجي انت تزود عليّ؟ تحضنني وانت بتغرق من العرق؟ ).
اقتربت منها أيان وقبّصت خاصرتها بقوة وهي تهمس ( تأدبي أيار ).
تأوهت أيار بوجع وهي تنظر إليها بغضب ( ليش؟).
عادت تنظر إلى عمها المنزعج من تصرفها ( عموما عمي، بطلع الحين ارتاح أحس جسمي متكسر، قول لجدتي إني بنزل لها أول ما أصحى من النوم، ماني مستعدة اسمع منها محاضرة طويلة عريضة ).
التفتت عنه بعد أن رمقته بحدة كما لو أنه أذنب بحقها، ثم صعدت السلم الطويل متجهة إلى منزلهم حيث الطابق الخامس.
ابتسمت أيان بإحراج وهي تقترب من العم ( معليش عمي، تعرف مزاجها لما تكون..... ).
قاطعها وهو يدخل إلى المبنى ( لا تشدين حيلك أعرفها أكثر منك، اطلعي ارتاحي انتِ بعد واضح بتطيحين من طولك من التعب ).
ابتسمت له بحب، لتسرع نحوه وتأخذ منه ما يحمل بيده ( هاتها أنا بطلعها لجدتي ).

________

( شام.. شام.. شاااااام ).
فزعت من نومها وجلست معتدلة على الأريكة على الفور.
اختفى الصوت، وعادت هي تستلقي بتعب بعد أن تمكن منها النوم مجددا.
ثانتين فقط، صرخت بعدها بألم حين شعرت بيد قوية تلسع ساق رجلها اليُمنى بسبب الضربة التي تلقتها ( آآخ يبه خلني أنام، في هالبيت الواحد ما يقدر يرتاح حتى بنومته؟).
قذف عليها حُسام مخدة صغيرة تلقفتها بمهارة بينما لا تزال مغمضة عينيها، لتغطي بها وجهها ( نوم بهالوقت يالظالمة؟ ما تدرين انه صلاة العصر فاتتك؟ ).
أبعدت المخدة عن وجهها واعتدلت جالسة من جديد ( يا ربي شفيني هالأيام بس أنام ).
هزّ رأسه بأسى حين ابتعدت متجهة إلى غرفتها، تحكّ شعرها القصير وظهرها، ليرفع صوته قائلا ( بعد الصلاة انزلي تحت نظفي المكان بسرعة قبل لا أفتحه ).
فتحت الباب بقوة لترفع صوتها معترضة ( ماني شغالتك، روح دور لك موظف ينظفه لك كل يوم ).
خرج من المنزل واقفل الباب خلفه وهو يضحك، متأكد تماما أنه حديث فارغ واعتراض لا فائدة منه.. لن يعود من المسجد قبل أن تنزل وتنظف المكان.

بعد نصف ساعة..
كانت تتذمر وتتحدث إلى نفسها، إلى كل ما حولها بغضب.. وهي تنظف المكان جيدا.
لا تعلم حتى متى سيظل والدها يعاملها بهذه الطريقة، ولا تعلم أيضا حتى متى ستظل عالة عليه كما يدّعي هو، بالرغم من انها تجني قوت يومها بالفعل وإن كان مرتبها شحيح للغاية.
ولكن ما تعرفه جيدا، انّ والدها لن يتركها حتى تصبح موظفة، بعقد.. ودوام كامل، وليس جزئيا، أو متدربة كما الآن.
فبنظره أن عليها دفع ثمن بقاءها في منزله حتى الآن، عليها دفع إيجار غرفتها، طعامها، ملابسها.. حتى النزهات القصيرة في الأحيان القليلة جدا.
إن لم تتمكن من إعطاءه المال، عليها دفع الأجر بجهدها وتعبها على الأقل.
استلقت بتعب وإنهاك على حلبة المصارعة، وهي تلهث وتمسح العرق عن جبينها.
رفعت معصمها لتنظر إلى الساعة، كانت تشير إلى الخامسة إلا ربعا.
جلست من فورها لتفتح قارورة الماء وتشرب ما بها دفعة واحدة.
ثم تخرج من هناك.. وتصعد إلى الطابق الأعلى، فالمكان سيمتليء بعد قليل، بالرياضيين الذين يتدربون لدى والدها، وبعض المراهقين الذين يعلمهم والدها أيضا، فنون الدفاع عن النفس.

السادسة مساء..
تقف أمام المرآة، تنظر إلى نفسها برضى.
بعد أن استحمت بماء بارد، ثم جففت شعرها القصير الذي لا يتعدى اذنها.. وارتدت لباسها.
بنطال واسع من الجينز، قميص واسع من الكاروهات.
لا يختلف عما ارتدته بالأمس، وقبله، وقبله...
ارتدت عبائتها أخيرا، لتأخذ حقيبتها ثم تنتعل حذاءها الرياضي وتخرج.
اتجهت إلى الصالة الرياضية ووقفت أمامها، تتصل بأبيها.. مرارا وتكرارا، حتى سئمت وتعبت من تجاهله.
اغمضت عيناها وعضّت شفتها بعجز وقلة حيلة وهي تفتح الباب الخارجي بتردد، تمر عبر الرواق الصغير، حتى تصل إلى الصالة الرئيسة.
كان والدها فوق الحلبة، يصارع أحدهم بكل تركيز، غائب عما حوله تماما.
مررت أنظارها أنحاء المكان ووجهها يحمرّ من الخجل والخوف، من أن يمسك بها أحد.
هذه الساعة هي وقت الذروة، حيث يحضر جميع من لديه حصص تدريبية، سواء مع والدها او المدربان الأخران اللذان يعملان لديه.
كانوا جميعهم منشغلين بتدربياتهم، نصفهم عراة الصدر.. ما جعلها تندم على دخولها بعد كل ذلك التردد والخوف، وتستدير لتعود حيث أتت منه.
لا بأس.. ستستقل سيارة أجرة.
كان ذلك خطؤها، انها لم تتذكر الأمر، ولم تأخذ المفتاح من والدها باكرا.
ما ان التفتت تنوي الهروب من المكان، حتى اصطدم رأسها بجسد قوي.. جعلها تنسى مكانها وتتأوه وهي تضع كلتا كفيها على رأسها، قبل أن ترفعه غاضبة، موبخة من أمامها: ( أعمى انت ما تشوف؟)
شهقت وهي تغطي فمها بكفيها حين استوعبت الوضع، وتذكرت أينها وما ذا يحصل.. لمّا سقطت عيناها على صدره العاري.
ردّ الآخر بحدة: ( والله الظاهر انتِ العميا مو أنا، مكتوب في اللوحة انه الصالة لتدريب الرجال وش جابك؟)
كانت عيناها متسعة وهي لا تزال تنظر إلى جسده، حتى احمرّ وجهه دونها وشعر بالإحراج.
و لعلّ عقلها تأخر مجددا في استيعاب الأمر، لتبعده عن طريقه وهي تدفعه بقوة ناحية الحائط، ثم تسرع خطواتها إلى الخارج وهي في غاية الإحراج والخجل!
















التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 03-07-22 الساعة 12:41 AM
وجد الــ غير متواجد حالياً